قد أنسى.. ثيابي الملوَّنة فوق هذا القلب الأسود

2016-12-21 10:00:12

قد أنسى.. ثيابي الملوَّنة فوق هذا القلب الأسود
من مجموعة

قد أنسى

كثيراً ما أنسى

قلبي في تنور الأمهات

المتَّشحات السَّواد

يطهين بطحين القلب

خبز الحزنِ

السَّاخن للأبد...

***

قد أنسى

كثيراً ما أنسى

عينيّ 

في لحم البلاد التي

تُقَطَّعُ بالمناجل، والشَّفرات

بالمخالب، والأنياب

بالشَّوكة، والسِّكين

ومع ذلك، كلَّما مضغوها 

وجدوها قاسيّة...

***

قد أنسى

كثيراً ما أنسى

يديّ

في جيوب الفقراء

الّذين كلّما نفضتهم الحرب

طرفوا عيونها بقشور الفستق

المنسيّ في جيوبهم...

ولم يسقط منهم سوى قلوبهم

المسننّة بالقهر 

كليرةٍ سوريّة...

***

قد أنسى

كثيراً ما أنسى

صوتي

في حبالِ الغسيل 

التي تنادي أصحابها

كلّما أوجعتها الملاقط

أصحابها الذين، لولا رائحة غسيلهم

لما عرف أحدٌ "بعد المجزرة"

أنّهم كانوا عائلة...

***

قد أنسى

كثيراً ما أنسى

لكنّني أجلب دموعي معي

دائماً

إلى كلِّ مكان...

 

***

على غلاف كتابٍ أزرق

يسأل كيريلينكو وكورشونوفا:

"ما هي الفلسفة؟"

فتنهض من بحر السؤال امرأةٌ طحنت الأربعين بكعبيها

في طريقها للمعابد والقبور:

الفلسفة: "ثيابي الملوَّنة، فوق هذا

القلب الأسود"...

 

يتمطّى من غرقه رجلٌ، بظهرٍ محني وأكتافٍ ناقصة:

الفلسفة: " أن تلوك قسوة الحياة

ثم تبصق المرارة في وجهها

لتطعم لحمك الحلو لزوجةٍ طيّبة، وأبناءٍ من صلبها"...

 

يركض على شطّ السؤال أطفالٌ، يحفظون أسماء الحرب كاملة:

الفلسفة: "أن يغمض عينيه الموت، ونختبئ

واحد.. اثنان.. ثلاثة...

وحين يفتحهما

لا يموت أحد".

ستقولون:

الفلسفة أن ينتهي كلّ هذا الجنون

وأقول:

"هي أن يبدأ حقاً".