أن نكون زهرةً في هذا المشرق

2016-08-19 05:48:13

أن نكون زهرةً في هذا المشرق
لراية مناع - خاصة بالمقالة

فاخترنا أن تكون المجلّة فلسطينية بالعموم، تلمّ بعض الشّتات الفلسطيني، من خارج الوطن وداخله، لتشكّل رأياً ثقافياً وسياسياً في ما يخص الفلسطينيين أينما كانوا، وفي كل ما يمسّهم. فتكون، لذلك، مجلّة كونيّة بقدر ما هي محليّة.

لأن الحديث عن أيٍّ من فلسطين وسوريا ولبنان اليوم يستحضر برأينا الحديث عن البلديْن الآخريْن، والحديث عن الثقافة في أي منهم يستحضر الحديث عن السياسة والاجتماع، اختارت "رمّان" أن ترى الثقافة كجزء أساسي من السياسة والاجتماع في المشرق العربي، واختارت أن ترى في البلدان الثلاثة حالة واحدة تجمع بينها: التّحرير في فلسطين والحرّية في سوريا، وتأثير كليْهما على لبنان، وذلك من رؤية فلسطينيّة.

ولأنّنا شباب من فلسطينيي سوريا، تشتّت في أكثر من بلد واستطاع أن يؤسس مشروعه المستقل: الموقع الإعلامي وهو "بوابة اللاجئين الفلسطينيين" والمجلة الثقافية "رمّان"، سنحاول أن يكون المشروع، المجلة فيه تحديداً، أشبه بحال الشّتات الفلسطيني، المتأثّر بشكل مباشر ومتراكم بمأساته الأولى، النّكبة، وبشكل مباشر وراهن بالمأساة السورية. فاخترنا أن تكون المجلّة فلسطينية بالعموم، تلمّ بعض الشّتات الفلسطيني، من خارج الوطن وداخله، لتشكّل رأياً ثقافياً وسياسياً في ما يخص الفلسطينيين أينما كانوا، وفي كل ما يمسّهم. فتكون، لذلك، مجلّة كونيّة بقدر ما هي محليّة.

لكن المجلة، وإن كانت بهويّة فلسطينية، هي كذلك مشرقيّة وعربية يساهم فيها كتّاب يحملون الأمل الذي عادت به "رمّان" إلى هذه البلاد، الأمل الذي انطلق في سوريا مع الثورة والذي حملناه كلاجئين فلسطينيين آنذاك في حقائبنا التي سنعود بها إلى قرانا ومدننا في الجليل وكل البلد.

تعود رمّان بعدما كانت محاولة محدودة ومتفائلة في ٢٠٠٩، اضطرّت للتوقّف بعد ١٢ عدد و ٣ ملاحق، في سنتين ساهمت فيهما في تقديم الثقافة الفلسطينية، تعود الآن مختلفة، مهنيّة، جماعيّة، إلكترونيّة، جديدة تماماً شكلاً ومضموناً، وتساهم أساساً لا في تقديم الثقافة الفلسطينية بل في تقديم رأي ثقافي وسياسي في ما يمكن أن يتعلّق بالفلسطينيين، رأي يقف مع حريات شعوبنا العربيّة أدبياً وفنياً واجتماعياً وسياسياً، حريتها في الخيال، بما في ذلك ما كتبه أطفال درعا قبل خمس سنين.

كي لا تبدو المجلة أقرب للسياسيّة منها للثقافيّة في هذه المقالة الافتتاحيّة، أقول أن ما سبق يخص برأينا، أساساً، الثقافة، كتقديمٍ للهويّة الثقافية/السياسية للمجلة. وصفحاتُها، كما هي ظاهرة أعلاه، ٩ صفحات واحدة منها تُخصّص للرأي السياسي، لكن من يضمن أن لا نجد عن الناس التي ثارت تطالب بحرّيتها، في مراجعة لفيلم أو كتاب أو في نصوص أدبيّة، أو أن لا نجد مادة فكريّة أو رسمة عن انتفاضة أو مجمل المقاومة في فلسطين؟

والمجلة ليست، بهذا المعنى، في وارد تجنّب مواد تتناول -مثلاً- مواضيع كالإلحاد والمثليّة، ولا في وارد تجنّب نشر نصوص إيروتيكيّة، على أن يكون معيار نشرها فقط جودتها. استقلاليّة "رمّان" عن أي جهة حكوميّة عربيّة وغير عربيّة تمنحها متن (وليس هامش) الحريّة الذي تحتاجه لتستحق أن تحكي عن الأمل والخيال لدى الفلسطينيين والسوريين وكل العرب.

حاولت بهذه الأسطر تقديم "رمّان" إلى قرّائها، أضيف إليها صفحة "المجلّة" التي تحوي تعريفاً مختصراً لها، لكن الأساس في ذلك يبقى لمحتواها، سنقدّم مادة أو اثنتين في اليوم، أو أكثر، من مقال الرأي إلى المراجعة إلى البحث إلى المقابلة إلى الرسم والنّص الأدبي.

سنصرّ على أنّ في مشرقنا العربي دائماً زهرة جديدة تتفتّح، سنحاول أن نكون مرّة، هذه الزّهرة.