مهرجان الفيلم العربي في برلين: عن ماذا يتحدث الجيل الجديد من السينمائيّين؟

2018-04-14 12:00:00

مهرجان الفيلم العربي في برلين: عن ماذا يتحدث الجيل الجديد من السينمائيّين؟
من الفيلم الروائي القصير «بونبونة»

تأتي دورة المهرجان لهذا العام مع إحياء الذكرى السبعين لنكبة العام 1948، حيث ينظم المهرجان برنامجًا خاصًا بهذه المناسبة، يتضمن عروض ثلاثة أفلام، وهي؛ «المنام» لمحمد ملص، «السطح» لكمال الجعفري و«فلسطين في العين» لمصطفى أبو علي، بالإضافة إلى محاضرتيْن ضمن هذا السياق، الأولى لمهند يعقوبي بعنوان "سجل الاختفاء" والثانية لإيريت نايدهرت حول التعاون السينمائي بين منظمة التحرير الفلسطينية وألمانيا الشرقية في السابق.


انطلقت في 11 نيسان/ أبريل 2018، في برلين، الدورة التاسعة لمهرجان الفيلم العربي، الذي يخصص منصته منذ العام 2009 لعرض أفلام من المنطقة العربية بثقافاتها المتنوعة، كما سينما المهجر، من روائية وتسجيلية، قصيرة وطويلة، إلى الجمهور متنوع الثقافات واللغات في العاصمة الألمانية.

في البيان الصحفي للمهرجان، ذُكر أن البرنامج يضم: " أفلاماً تعرض للمرة الأولى في ألمانيا وتناقش مستجدات مجتمعية مثيرة في العالم العربي. أما البرنامج الفرعي "بقعة ضوء" الذي يتناوب سنويًا مع برنامج "النظرة الاسترجاعية" فموضوعه هذا العام هو "رؤى حول الذكورة العربية" والذي يناقش تغير المفاهيم والقضايا المرتبطة بفكرة الرجولة في الفيلم العربي منذ السبعينيات إلى اليوم. إضافة إلى العروض السينمائية، يضم البرنامج حلقة نقاش ومحاضرة مسموعة ومرئية لإتاحة الفرصة للتعمق في الموضوع والإلمام بأبعاد تطوره التاريخي في السينما العربية".

تأتي دورة المهرجان لهذا العام مع إحياء الذكرى السبعين لنكبة العام 1948، حيث ينظم المهرجان برنامجًا خاصًا بهذه المناسبة، يتضمن عروض ثلاثة أفلام، وهي؛ «المنام» لمحمد ملص، «السطح» لكمال الجعفري و«فلسطين في العين» لمصطفى أبو علي، بالإضافة إلى محاضرتيْن ضمن هذا السياق، الأولى لمهند يعقوبي بعنوان "سجل الاختفاء" والثانية لإيريت نايدهرت حول التعاون السينمائي بين منظمة التحرير الفلسطينية وألمانيا الشرقية في السابق.

يعتمد المهرجان على تقديم أفلام عربية من منظور "الداخل العربي"، بعيون وأصوات مخرجين/ات وصنّاع أفلام من المنطقة، على كافة تنوّع ثقافاتها، لغاتها ولهجاتها، الأمر الآخر الذي عمل ويعمل عليه المهرجان منذ 9 سنوات، هو أن يقدّم الثقافة العربية من خلال السينما وقصصها كما يريد أصحابها أن تقدّم، بأصواتهم وعيونهم. الأمر الإضافي الذي يميّز المهرجان، وبالإضافة إلى تقديم أفلام عربية مهمة وناجحة عربيًا وعالميًا، هو تسليط الضوء على أعمال سينمائية جديدة لمخرجين وصنّاع أفلام من العالم العربي، وفي هذه السنة، يستضيف المهرجان أفلام عديدة لمخرجين/ات بمثابة أفلامهم/ن الأولى.
 

فيروز سرحال: "لدينا قصص عديدة لنحكيها إلى العالم"

تقول المخرجة اللبنانية فيروز سرحال، والتي سيُعرض فيلمها الروائي الأوّل «تشويش» (2017، 26 دقيقة)  في المهرجان، أن بالنسبة لها كمخرجة لبنانية، وبقدر ما يتعلّق بها الأمر، فهي لست مهووسة بأفكار محددة للتعامل معها في أفلامها، وتضيف: "عندما تأتيني فكرة لفيلم ما، فهي تأتي فجأة، بلا تخطيط بالتأكيد، ولكن بالطبع هناك أشياء تحيطني وتحفّز أفكاراً ما بداخلي. أعتقد بأني أتبع مشاعري، وعقلي الباطني يلعب دورًا مهمًا، على سبيل المثال، فيلمي «تشويش» يتحدث عن هاجس مدينتي مع الحياة، في هذه الحالة، جاء إيحائي من مدينتي بيروت، مكان وبيت يمنحاني إيحاءات دومًا".

وتتابع: "مؤخرًا، رأيت أفلام لبنانية عديدة والتي تلعب بيروت فيها دورًا مركزيًا أيضًا، ولذلك يبدو أن بيروت تؤثر على مواطنيها بأشكال متنوعة، ويجد صنّاع الأفلام والمخرجين أنفسهم يتحدثون عنها، ولكن في الجزء الذي نعيشه من العالم، نحن نعيش تجارب عديدة تمسّنا وتؤثر علينا بشكل عميق، وعادة الفنانون وصناع الأفلام يترجمون القضايا التي يعيشونها إلى أعمالهم، ونحن لدينا قصص عديدة لنحكيها إلى العالم".

رأى فيلم «تشويش» الضوء في بيروت، وهو نتاج تعاون ألماني عربي، حيث حاز الفيلم على جائزة روبرت بوش في العام 2016، وهذه الجائزة منحت لفيروز سرحال فرصة إنتاج فيلمها في نفس السنة. حول عرض الفيلم في برلين، تقول فيروز: "بداية، أنا سعيدة جدًا لعرض الفيلم في برلين، المدينة التي منحت لي فرصة تحقيقه، وأنا أيضًا متأثرة من أن مبرمجي مهرجان الفيلم العربي في برلين أحبوا الفيلم. وبما يتعلق بجودة البرنامج الرائع للمهرجان، أستطيع القول بأني سعيدة لأني جزء منه".
 

ندى رياض وأيمن الأمير: "اختبار الخط الرفيع الذي يفصل الواقع والخيال"

من الأفلام المصرية المشاركة في مهرجان هذا العام، الفيلم الوثائقي «نهايات سعيدة» (2016، 71 دقيقة) للمخرجين المصرييْن ندى رياض وأيمن الأمير، حيث كصنّاع أفلام من مصر، ووفقًا لتعبيرهما، فهما يهتمان باختبار حدود الوسيط السينمائي ذاته والخط الرفيع الذي يفصل الواقع والخيال الوثائقي والروائي في يومنا هذا، ويضيفان: "محاولين اكتشاف مواضيع تخص العلاقات الإنسانية وديناميكيتها في مجتمعنا المعاصر واختبار أنفسنا".

يسلط فيلم «نهايات سعيدة» الضوء على فكرة الرحيل/ الهجرة من العالم العربي أو البقاء فيه، وبالأخص مصر بعد تصاعد الأحداث السياسية في 2011، حسب تعبير المخرجيْن، وحول عرضه في المهرجان وفي برلين، يقولان: "كما وقرار كثير من شبان وشابات هذا الجيل بالذهاب إلى بلاد أخرى على أمل العثور على حياة أفضل، القرار الذي نتج عنه تغيرات اجتماعية للبلدان التي تم تركها أو اللجوء إليها، وبرلين مدينة مليئة بالمهاجرين ومن المهم بالنسبة لنا الاحتكاك بجمهور تعرض للتجربة ومناقشة الفيلم في سياق أوسع".
لقراءة مراجعة لـ «نهايات سعيدة»...
 

أنجي عبيد: "مسألة الحدود متكررة في أفلامي"

أمّا المخرجة اللبنانية أنجي عبيد، والتي ستشارك في المهرجان مع فيلمها الوثائقي «كنت نام عَ السّطح» (2017، 61 دقيقة)، وبما يتعلّق بالقضايا التي تشكل مساحة من أفكارها، تقول: "المواضيع التي أشعر برغبة الحديث عنها هي المواضيع الأقرب لي، الناتجة عن تجربة خاصّة معاشة، أستطيع مشاركتها بصدق لطرح قضايا أوسع تحاكي أشخاص آخرين"، وتضيف: "إن مسألة الحدود هي مسألة متكررة في أفلامي، إن كانت على الصعيد الجغرافي أم على مستوى العلاقات الشخصية".

شارك فيلم "كنت نام عَ السّطح" في العديد من مهرجانات أوروبية بعد عرضه الأوّل في فرنسا، إلا أن أنجي عبيد ترى أن مشاركتها في مهرجان الفيلم العربي في برلين هي خاصّة جدًا، وتضيف: "لأنها أوّل مشاركة للفيلم في مهرجان عربي، حيث أن الفيلم يسلّط الضوء على حالة عاشها ويعيشها الكثيرون في الظلّ، خاصّة في منطقتنا، وهي حالة الانتظار لغدٍ أفضل". وتتابع: "في عرضه الأول في ألمانيا، أتوقّع أن يكون وقع الفيلم مختلفًا، كون أغلب الجمهور العربي في برلين عاش أو عرف حالة مشابهة. أما للجمهور الألماني أو الأوروبي، فستكون هذه فرصة لفهم ما عاش ويعيش الكثيرون من ضغط نفسي وصراعات جراء حرب ما زالت مستمرة".
 

ركان مياسي: "هويتي حاضرة دائمًا في الأفلام"

المخرج الفلسطيني، اللاجئ من حيفا والمقيم في بيروت، ركان مياسي، سوف يُعرض فيلمه الروائي القصير الثالث «بونبونة» (2017، 15 دقيقة) في مهرجان الفيلم. بالنسبة لركان، فإن المواضيع التي يرغب بالتطرق إليها في أفلامه تكمن في مسألة الهُويّة، ويضيف: "هويتي حاضرة دائمًا، لأن حضور جذوري كفنان هي أمر أساسي بأي فيلم سأكتبه أو أعمل عليه، هي جزء لا يتجزأ من صراعي الداخلي والخارجي مع الكوكب، وكذلك صراعنا كفلسطينيّين مع الاحتلال ونصف الكوكب الملتزم مع الاحتلال".

ويتابع: "أرى مسؤولتي أيضًا كفنان صاعد أو مخرج صغير أن أنظر إلى القضايا بعين جديدة، وأحاول كسر تابوهات وصور نمطيّة، لربما هذا الأداء مرتبط بجيلنا الجديد مقارنة مع الجيل القديم. على سبيل المثال، بالنسبة لي قصص تتمحور حول الجنس، هي طبيعية جدًا وجميلة وليست مربوطة بالتابوهات، أنا متخطيها شخصيًا. كما أني أريد أن أحكي من خلال الأفلام قصص الفئات المهمشة بالمجتمعات، الفئات التي تملك القصص الحقيقية للحياة".

وُلد ركان مياسي في ألمانيا، ويعتبر بأن هنالك جزءًا منه، ولو صغيرًا، ينتمي إلى ألمانيا، وبرلين هي مدينة يحبّها على مستوى شخصي، ويضيف: "في كل زيارة، أكتشف في برلين أشياء جديدة، أرى أنها تجمع بين الشرق والغرب. هذه المرة الثانية الذي يُعرض فيها الفيلم في برلين، لكن أعتقد أنه من المهم أن يكون مهرجان عربي في برلين، يحمل ويقدّم أصواتنا كفلسطينيّين وعرب كما نرغب بتقديمها نحن الفنانين الذي نوصل قصص مجتمعاتنا من الداخل، وليس من منظور استشراقي. ومع وجود تنوّع الثقافات في برلين، وبسبب التقاء شعوب العالم فيها، من المهم عرض أفلام عربية لجمهورها المتنوع، كما أن سياسيًا، تخطت برلين مرحلة الجدار في التسعينات، ولهذا رمزية لنا كفلسطينيين بأن الجدار سينكسر بالنهاية، لا محال".
 

وداد شفاقوج: "كل أعمالي تتحدث عن مواضيع حساسة في الأردن"

من ضمن أفلام المهرجان، يُعرض الفيلم الوثائقي «17» (2017، 74 دقيقة) للمخرجة الأردنية وداد شفاقوج، والتي بالنسبة لها كصانعة أفلام وثائقية، فالمواضيع التي تهمها هي مواضيع تخص المجتمع، حقوق الإنسان، المرأة والطفل، وتضيف: "لذلك كل أعمالي تتحدث عن مواضيع حساسة في الأردن، كالأيتام، اللاجئين وجرائم الشرف".

في إجابة عن السؤال حول أهمية عرض فيلم «17» في مهرجان الفيلم العربي في برلين، تقول وداد: "لأنه سيعرض لثاني مرة في ألمانيا وأول مرة في برلين، مع العلم أن موزعي الفيلم في أوروبا هي شركة ألمانية. برلين هي مدينة عظيمة ومليئة بالفن، وعرض الفيلم سيكون بمثابة محطة جميلة لي وللفريق الأردني لكرة القدم، واللواتي أعضائه هن بطلات الفيلم".

لقراءة مراجعة لـ «١٧»...