سهراب سبهري، انتقادات وردّ: كنت أعرف أنّ رجال الشرطة ليسوا شعراء (ترجمة عن الفارسية)

2018-10-13 10:00:00

سهراب سبهري، انتقادات وردّ: كنت أعرف أنّ رجال الشرطة ليسوا شعراء (ترجمة عن الفارسية)

ولد سهراب سبهري (سهراب سپهری) في كاشان بإيران عام 1928، وكان مهتما بشكل خاصّ بالثقافة المشرقية، حيث سافر إلى الهند، وباكستان، واليابان والصين، كما عرضت أعماله الفنية في المعارض واستمرت مشاركاته ولوحاته الفنية في المعارض حتى نهاية حياته.

توفي والده الذي أصيب بالشلل في العام 1962، وفي العام ذاته ترك جميع الوظائف الحكومية. بعد ذلك نشط سبهري في مجال الشعر والرسم بشكل أكبر، وأوجد أسلوبه وطريقه الخاصة، وسافر إلى العديد من البلدان لحضور فعالياته الفنية والثقافية. في هذا المقال نعرض تعليقات وآراء عدد من النقّاد والشعراء حول الشاعر سهراب سبهري:

شاملو: أفضّل أن يكون الشِعر نفيراً لا تهويدة

يجب أن أجد فرصة أخرى لقراءة شعره، ربما يتغيّر رأيي حيال أعماله، وهذا يعني أنّه ربما تكون إعادة قراءته تستطيع تبرير التصوّف العرفاني لديه، والذي لم يكن له علاقة بالظروف الاجتماعية التي أعقبت انقلاب 32. هذه القصائد تكون أحياناً أكثر من رائعة، تتجاوز الجمال حتى... على الأقل هي بالنسبة إليّ ليست جميلة فحسب، ولكن ماذا أقول؟ أستطيع القول أنّ اختلافنا هو في مسألة كيفية استخدام الشعر، وربما تكون خطيئتي أنني أفضّل الشعر نفيراً لا تهويدة، يعني أن يوقظ ويحفّز لا أن يهدهد ويُنيم.
 

من لوحات سهراب سبهري


فروغ فرخزاد: عالَمه الفكريّ والحسّي هو الأكثر إثارة للاهتمام بالنسبة إليّ

يبدأ سبهري في الجزء الأخير من ديوانه (آوار آفتاب/ حطام الشمس) وبطريقة جديدة وساحرة للغاية، ويستمرّ على هذا المنوال، سبهري مختلف أبداً. وعالمه الفكريّ والحسّي هو الأكثر إثارة للاهتمام بالنسبة إليّ.

إنّه لا يتحدّث عن المدينة والزمن والناس، بل إنّه يتحدّث عن الإنسان والحياة، وهذا سبب انتشاره، في سياق الوزن فإنه وجد طريقه، لو أنّه صرف كلّ مجهوده في الشعر، لرأيتَ أين كان سيصل.

مهدي إخوان ثالث: من بين أعمال "سبهري" في (ثمانية كتب) ثمة أربع أو خمس قصائد ليست سيئة

من بين أعمال سبهري في (ثمانية كتب) ثمة أربع أو خمس قصائد ليست سيئة، إنّها حسّاسة جداً ولطيفة، وبرأيي أنّها في مواضع عديدة متأثرة بأشعار فروغ فرخزاد الأخيرة. هو في البداية خبر وجرّب كلّ الأساليب في الشعر.

في الآونة الأخيرة من حياته شقّ طريقه وأسلوبه الخاصّ، لكن للأسف لم يمهله الموت لينجِز عملاً أكثر، لكن سهراب سبهري كان رجلاً محترماً ومؤدّباً وفناناً تشكيلياً محترفاً، فقط في بعض قصائده الأخيرة بإمكانه أن ينقل رسالة إلى قارئه، لأنّ أحد أهداف الشعر هو إيصال رسالة...

في أشعاره السابقة ذهب بلا جدوى إلى هنا وهناك وأراد أن يفعل ما لم يفعله الآخرون، ولكن وكما قلت سابقاً، كان نبيلاً، ولأجل ذلك، ولأنّه كان لديه أصالة في عمله، عاد مرة أخرى إلى المكان والمربّع الأول البسيط، وحاول الاقتراب من الناس في قصائده الأخيرة. هو كان باحثاً ومستكشفاً وقدّم في لوحاته ما هو أفضل بكثير في قصائده، ربما كان يبحث عن طريقة للتواصل مع الناس، واستطاع ذلك في بعض قصائده الأخيرة.

رضا براهني: ليس لطيفاً ولا يكترث بألمي وألم أمثالي؟

يجب أن نكون شعراء هذه العالم المضطرب لنكون معاً. ليس عملاً صائباً أن ندير ظهرنا لهذه الحياة، لكن للأسف سبهري أدار ظهره لهذه الحياة المضطربة. في أحد قصائده بعنوان "المسافر" يطلب سبهري من (الريح دائماً) أن تريه (الحضور غير اللطيف)، لكن هذا العالم ملوّث بالخباثة، لدرجة أن لا أحد يظهِر حضوراً لطيفاً لسبهري...

عندما يتحوّل العالم إلى شيء يطبق على صدرك، وثلثا العالم جائع، والشعب الساذج منغلق، حينها يكون غير لطيف، ولا يكترث بألمي وألم أمثالي؟

محمد رضا شفيعي كدكني: أبعدهم عن "نيما"، "إخوان" و"شاملو"

إنّ شعره موجود في سلسلة واحدة ومشكلٌ من مصاريع وشطور مستقلّة، حيث تجمع الوزن دون القافية، ونادراً ما نجد له شعراً موزوناً. فهو أبعدهم عن نيما، إخوان وشاملو، وأعتقد أنّ من الممكن القول أنّه نوع من الشعر الهندي الحديث، حيث أنّ المجاز يأخذ الحيّز الأكبر في صياغاته...

لقد أمضى سبهري حياته أكثر من مجرّد قول الشعر، بل قضاه في اجتراح طريقة وأسلوب خاصّ في الشعر ومع ”وقع أقدام الماء“ وفّق في أسلوب شعري خاص، وذات الأسلوب في ”نحن لا شيء نحن نظرة“ وتوجّه لمقارعة القارئ ليوقظه…
 

من لوحات سهراب سبهري


سيروش شيمسا: ظاهرة غير قابلة للهضم

بقدر ما كان سبهري قريباً من محبّي وعاشقي الأدب، كان مرفوضاً في أوساط بعض الشعراء، وهؤلاء عمدوا إلى ذلك لأمرين، أحدهما أنّ قصائده غير شائعة وقريبة من الناس وغير سياسية، وعلاوة على ذلك لم تكن موزونة، ولم يكن يعترف بالوزن حتى، وبرأيي أنّ تلك النظرة الرافضة لم تكن مبنية على أساس علميّ، ويجب أن تؤخذ منافسات الشعراء في ذلك العصر بعين الاعتبار.

سبهري هو أحد أعظم الشعراء المعاصرين، وكلّما مرّ الوقت تبدو عظمته وعظمة فروغ بالوضوح أكثر، على عكس أولئك الشعراء الأيديولوجيين. وفقاً للعديد من عشّاق الشعر ومحبيه، فإنّ سبهري قد تفوّق على الآخرين من حيث البصيرة والمواضيع ومن حيث اللغة والبناء، وقد حقّق مستويات عالية في كلّ الجوانب الفلسفية والوجود ونظرية المعرفة والتي لم يتناولها معاصروه...

يبدو أن سمعة وشهرة سبهري بين الناس أظهر غرابة أولئك الذين ظنّوا أن نجاح الشعر هو في كونه سياسياً واجتماعياً، لذا أعرب هؤلاء عن دهشتهم وحيرتهم وطرح المسألة وتبريرها بطريقة علميّة.

رد الشاعر على الانتقادات: كنت أعرف أنّ رجال الشرطة ليسوا شعراء

لكن بعد كلّ هذه الانتقادات ربما يكون ما كتبه سهراب سبهري كردّ على هذه الانتقادات أمراً مثيراً للاهتمام:

بوجود الجوع، تزداد شقائق النعمان سوءاً، فحين مات والدي، كتبت: تحول رجال الشرطة كلّهم إلى شعراء، وحضور الفاجعة عجّل بتجميل العالم.

كانت الكارثة والفاجعة في الطرف الآخر، وإلا لما كنت عرفت أنّ رجال الشرطة ليسوا شعراء! لقد بقيت في العتمة بالقدر الذي أستطيع الكتابة فيه عن النور، لكن لا أريد البوح والكشف عن هذه الحقيقة، لقد رأيت الآلاف من الجياع في أرض الهند، لكنّي لم أتحدث في أيّ وقت عن الجوع، ولن أتحدث عنه أبداً، لأنّي كلّما حاولت ومضيت لأتحدّث عنه تصيبني الحموضة في فمي".

 

العنوان الأصلي للمادة والمصدر:. نشرت في 7 أكتوبر/تشرين الأول 2017، في موقع (IRAN ART): اشعار سپهری به روایت هنرمندان/ از شاملو و مخالفت‌هایش تا فروغ فرخزاد و تمجیدهایش

من لوحات سهراب سبهري