يوميات المهرجان... نضال بدارنة: "رام الله دوك" منصة للتخلّص من التمويل الإسرائيلي 

2019-10-06 19:00:00

يوميات المهرجان... نضال بدارنة:

الفنان عليه مسؤولية، وعندما يكون قادرًا على الاختيار فعليه أن يختار ما لا يحتاج بعد ذلك إلى تبرير. إسرائيل تضخ الكثير من الأموال في السينما وتحاول إدراج اسمها في المهرجانات العالمية، عندما يشارك مخرج فلسطيني بفيلم ممول إسرائيليًا في أي مهرجان فسيقف؛ بإرادته أو غصبًا عنه؛ موقف المدافع.

برنامج “رام الله دوك” هو مبادرة تنظّم مرّة كل عامين ضمن مهرجان "أيام فلسطين السينمائية" بالتعاون مع معهد "جوته" الألماني، والقنصليّة الفرنسيّة في القدس، ومؤسسة "عبد المحسن القطّان".

"رام الله دوك" هي منصة تتيح لصانعي الأفلام الفلسطينيين عرض مشاريعهم السينمائية -التي يستعدون للعمل عليها- أمام منتجين ومؤسسات داعمة ووكلاء قنوات تلفزة، بهدف خلق فرص لتجنيد موارد وإيجاد منتجين لأفلام فلسطينية جديدة.

ضمن المتقدمين هذا العام كان الممثل والمخرج نضال بدارنة. نضال الذي درس المسرح ثم السينما، وفي رصيده ثلاثة أفلام (قرويون - روائي قصير، يوم الأرض - وثائقي، ناطرين فرج الله - وثائقي)، شارك في المهرجان بفيلمه الوثائقي "ناطرين فرج الله" وقدّم مشروع فيلمه الجديد "سليمة".

"رمّان" حاورت نضال حول أهمية "رام الله دوك" وحول العلاقة ما بين صنّاع السينما في فلسطين المحتلة عام 48 وصنّاع السينما في الضفة الغربية والتي يشكّل مهرجان "أيام فلسطين السينمائية" رافعة لهذه العلاقات وخلق الشراكات علّ صنّاع السينما في الداخل الفلسطيني يجدون المنفذ للتخلص من عبء التمويل من جهات إسرائيلية، وهو أحد أهم إشكاليات صناعة السينما في الداخل الفلسطيني.

يقول نضال: "منذ سنة 2012 حتى سنة 2017 قمت بتصوير المواد، التوثيق، جمع الأرشيف ودمج الرسوم المتحركة لإخراج فيلم يتحدث عن شخص يقدم الكوميديا الارتجالية، تطرقت لحياته الشخصية، زواجه وعلاقته مع والدته. هو فيلم بالأساس عن والدتي وانتقالها من بلد لآخر ومرضها وحتى وفاتها. عندما توفيت والدتي كان من الصعب عليّ التعامل مع الفقدان، فجاء الفيلم ليوثق رحلة ما بعد الفقدان."

كيف كانت ردود الفعل على عرض المشروع، خاصة وأنك بدأت عرضك مازحًا ثم تطرقت للحديث عن مشاعر وتجربة شخصية؟

هذا الفيلم هو جزء من سيرة ذاتية، نحن، في مناطق الـ 48 على وجه الخصوص، نتعامل مع القضايا الجماعية كالنكبة ويوم الأرض، الجدار والاحتلال. لم يكن من السهل أن أقدم موضوعًا شخصيًا و"أعري" نفسي معلوماتيًا أمام الحضور. ردود الفعل كانت جيدة جدًا ونجحت في تجنيد دعم له، خاصة وأن القصة يمكن التماهي معها بسهولة من قبل أي مُشاهد من أي دولة في العالم لأنها قصة علاقة شاب ووالدته. 

لماذا اخترت تقديم مشروع فيلمك ضمن "رام الله دوك"؟

الإمكانية التي يتيحها "رام الله دوك" للقاء منتجين وصنّاع سينما نادرة. مهم جدًا توفير منصة كهذه لنا لأن خلق شبكة العلاقات هذا سيثري كم الإنتاج. تجربة العرض (البيتشينج) عرفتني على صنّاع سينما فلسطينيين ومنتجين وعاملين في حقل السينما من فلسطين والعالم لم أكن أعرفهم من قبل، خلق بيني وبينهم تواصلاً وتعارفاً على الصعيدين الشخصي والمهني. اللقاءات التي تتم تتيح فتح نقاشات حول الصناعة وتحدياتها وهذه قيمة إضافية للمهرجان لا يستهان بها. 

هو وسيلة للتخلّص من عبء التمويل من صناديق إسرائيلية؟

لو كان لدينا وعياً جمعياً كفنانين كنا سنفهم أن الأمر الطبيعي هو الامتناع عن التوجه لصناديق إسرائيلية. التمويل الإسرائيلي عبء -كما سميتيه- وأعتقد أن هذا النقاش يجب أن يُحسم وأن نكف عن تكرار موضوع "خصوصية" وضعنا كفلسطينيين نعيش في إسرائيل. أنا أبحث عن كل فرصة لإيجاد دعم من جهات أخرى، وهذه هي الوسيلة للتخلص من التبعية للصناديق الإسرائيلية بالإضافة إلى ضرورة السعي جديًا لإنشاء صندوق فلسطيني. وما دام مهرجان "أيام فلسطين السينمائية" يوفر فرصة فلماذا لا نستغلها! 
 


لكن الواقع يفرض نفسه والفنان يريد أن ينتج  من جهة؛ ويريد العيش من وراء أعماله الفنية من جهة أخرى!

الفنان عليه مسؤولية، وعندما يكون قادرًا على الاختيار فعليه أن يختار ما لا يحتاج بعد ذلك إلى تبرير. إسرائيل تضخ الكثير من الأموال في السينما وتحاول إدراج اسمها في المهرجانات العالمية، عندما يشارك مخرج فلسطيني بفيلم ممول إسرائيليًا في أي مهرجان فسيقف؛ بإرادته أو غصبًا عنه؛ موقف المدافع. أنا أرى أن وظيفة كل مخرج أو فنانة يعارض هذه الخطوة أن يعمل على إقناع غيره، ليس بالجَلْد إنما بالحوار لأننا جميعًا جزء من الحركة الفنية وعلينا أن نتكاتف لبناء بديل فلسطيني مستقل.

هل برأيك حضور أو مشاركة وتواجد صانعي الأفلام من فلسطينيي الـ 48 في "رام الله دوك" خصوصًا والمهرجان عمومًا كافٍ؟

لا. هناك مشكلة حضور ومشاركة يجب التفكير فيها وكيفية حلها. هذا أضخم مهرجان سينمائي في فلسطين، ويجب البحث عن سبب قلّة المشاركة وكيفية احتواء الفنانين تحت إطار جامع. "أيام فلسطين السينمائية" لا يستثني الداخل بالعروض، سبق وتم عرض أفلام في حيفا، وهذا العام هناك عروض في الناصرة وهذه ميزة هذا الحدث المهم. ربما لا يشعر العاملون في التلفزيون والسينما الإسرائيلية بالانتماء للمهرجان وهذا بحد ذاته تحدٍ للسنوات القادمة، المشاركة سواء بإنتاجات أو حضور عروض هو مقولة فنيّة وسياسية مهمة. هناك إشكالية أكبر وهي عدم الانتماء لفكرة، وهذا يشمل أيضاً صنّاع سينما من القدس والضفة الغربية وغزة. في كل حدث ستجدين من يختار عدم الحضور أو حتى المقاطعة.

هذا نابع من عدم جهوزيتنا للتوحّد تحت إطار جامع أم لأننا نخشى المنافسة؟

لا أستطيع التعميم. أنا إنسان أتقبل المشاركة والمنافسة والعلاقات التبادلية في التعلّم والخبرة.