جديد: «سورية الدولة والهوية: قراءة حول مفاهيم الأمّة والقومية والدولة الوطنية في الوعي السياسي السوري (1946-1963)»

2020-03-13 17:00:00

جديد: «سورية الدولة والهوية: قراءة حول مفاهيم الأمّة والقومية والدولة الوطنية في الوعي السياسي السوري (1946-1963)»

في آخر فصول الكتاب؛ أي الفصل التاسع الذي ورد بعنوان "الأمة والدين"، تخوض المؤلفة في علاقة الأمة بالدين الإسلامي، وفي الاختلاف الفكري الواضح بين الأحزاب السياسية السورية حول مسألة وحدة الأمة على أساس الدين، وحول علاقة الدين بالدولة والسياسة.

صدر عن المركز العربي للأبحاث ودراسة السياسات كتاب خلود الزغيّر سورية الدولة والهوية: قراءة حول مفاهيم الأمّة والقومية والدولة الوطنية في الوعي السياسي السوري (1946-1963). وفي هذا الكتاب، تقدم المؤلِّفة قراءة في الطروحات المتعلقة بهوية الدولة السورية والمفاهيم المركزية التي قام عليها النقاش بين هذه الطروحات؛ مثل "الأمّة"، و"القومية"، و"الدولة الوطنية"، داخل خطاب الأحزاب السياسية السورية التي تصدرت المشهد السياسي بعد الاستقلال التام لسورية في عام 1946 حتى وصول اللجنة العسكرية لحزب البعث إلى السلطة في عام 1963، سواء الأحزاب التي وُجِدت في السلطة أو التي كانت في المعارضة، انطلاقًا من أن أي قراءة في سؤال الدولة والهوية اليوم تحتاج إلى فهم الإشكاليات والظروف والسياقات التي تشكلت ضمنها الدولة السورية وهويتها في المراحل السابقة، خصوصًا أن السؤال حول وجود هوية سياسية - اجتماعية لسورية أو هوية وطنية سورية جامعة أمرٌ لا يزال مطروحًا. ويشتمل هذا الكتاب (272 صفحة بالقطع الوسط، موثقًا ومفهرسًا) على تسعة فصول نتطرّق إليها في ما يلي.

الهوية والتحديات

في الفصل الأول، "الهوية السياسية والإشكالية الجغرافية والاجتماعية"، تطرح المؤلفة التحديات الداخلية التي رافقت نشوء الدولة السورية وأحزابها السياسية، وأبرزها الإشكالية الجغرافية المتمثلة في مسألة التناقض بين جغرافية الكيان السوري الناشئ في مطلع العشرينيات والانتماء السياسي إليه، والإشكالية الاجتماعية المتعلقة ببنية المجتمع السوري من حيث طبقاته ونخبه السياسية، ودور المسألة الاجتماعية في تشكيل التوجهات السياسية لكل حزب.

أمّا في الفصل الثاني، "التحديات الخارجية للكيان الوطني السوري"، فتعالج المؤلفة التحديات الخارجية للكيان الوطني السوري والإطار الإقليمي والدولي الذي نشأ فيه، وتفكك مفهوم الوطنية والانتماء الوطني الذي تشكل في ظل الموقف من الآخر الخارجي وبالتحدي معه.

أمّا في الفصل الثالث، "المؤسسة السياسية والمؤسسات المحلية التقليدية"، فتتناول المؤلفة بنية مؤسسة الدولة، وإلى أي درجة شكّل المجتمع السياسي السوري ومؤسساته دولة وطنية حديثة، وأثر الانتماءات فوق الوطنية أو تحت الوطنية في مؤسسات سياسية (كالأحزاب والبرلمان مثلًا).

الوطنية والقومية وما بينهما

تنتقل المؤلفة في الفصل الرابع، "أثر الفكر القومي الغربي في التنظير لمفهوم الأمة"، إلى دراسة أثر الفكر القومي الغربي، وخصوصًا النظريتين الفرنسية والألمانية، في الأحزاب القومية التي بدأت تُنظّر لمفهومَي "الأمة" و"القومية" اللذين طغيا على مفهوم "الوطنية". وقد اعتمدت في هذا الشأن حزب البعث العربي الاشتراكي والحزب السوري القومي الاجتماعي؛ بغية الكشف عن الإرث القومي الغربي في خطابهما النظري، وعلاقته بواقع ظهور هذه الأحزاب.

ثمّ تناقش المؤلفة في الفصل الخامس، "بين الوطنية السورية والقومية العربية"، الازدواجية أو التأرجح بين مفهومي الوطنية السورية والقومية العربية في خطاب الأحزاب السياسية السورية، وإلى أي درجة يعكس هذا التأرجح إشكالية عدم التوافق حول تعريف الكيان السوري كدولة – أمة، أو كقطر ينتمي إلى أمة أوسع، إضافةً إلى الدور الذي تؤديه الظروف المحيطة وشبكة المصالح في تبدل استخدام هذين المفهومين.

أمّة ولغة وتاريخ

في الفصل السادس، "الأمة واللغة"، تدرس المؤلفة علاقة الأمة باللغة؛ إذ أدت اللغة العربية دورًا مركزيًا في تشكيل الهوية العربية في العصر الحديث، ذلك أنّ التيارات القومية العربية بَنَت تصورها للأمة على أساس اللغة، معتبرةً إياها المحدد الأساسي والأول لكيان الأمة؛ بناءً على أنّ وحدة اللغة هي محدد وحدة الكيان القومي. وفي هذا السياق تبحث الزغير التصور اللغوي - التاريخي عند ساطع الحصري، والتصور اللغوي - الميتافيزيقي عند زكي الأرسوزي، والتصور اللغوي - السياسي عند حزب البعث.

أمّا الفصل السابع، "الأمة والتاريخ"، فتبحث فيه المؤلفة علاقة الأمة بالتاريخ، خصوصًا التاريخ الذي شكّل في خطاب الأحزاب السياسية السورية مقومًا أساسيًا من مقومات تكوين الأمة من جهة، ومرجعية فكرية وإرثًا تُبنى عليه الأمة المعاصرة من جهة ثانية. ومن هذا المنطلق، تلقي نظرة على موقع التاريخ في خطاب الأحزاب السياسية بشأن الأمة، ولا سيما على مستوى الوظيفة، وعلى مستوى الدور الذي أداه. وفي هذا الفصل تعالج المؤلفة التاريخ بوصفه مرجعيةً للأمة وإرثها، وعامل وحدة لها.

أمّة واقتصاد ودين

في الفصل الثامن، "الأمة - الاقتصاد – الطبقة"، تبحث المؤلفة في علاقة الأمة بالاقتصاد، خصوصًا أن حزبين فقط طرحا دور العامل الاقتصادي في تكوين الأمة؛ هما الحزب الشيوعي، والحزب السوري القومي الاجتماعي. وقد تصاعد الجدل بين اتجاه يرى أن الأمة العربية هي أمّة مُكوَّنة، وقد مثّل هذا الاتجاه القوميون العرب واليساريون غير الدائرين في فلك السوفيات، واتجاه يرى أن الأمة ما زالت في طور التكوُّن وأنها تبقى كذلك حتى تتحقق وحدتها الاقتصادية، ومثّل هذا الاتجاه الماركسيون الشيوعيون العرب الدائرون في فلك السوفيات، في حين يرى اتجاه مثّله السوريون القوميون الاجتماعيون أن الأمة متكونة وأنها تمثّل وحدة تامة، لكنّ بعثها يحتاج إلى ما سمّوه النهضة القومية الاجتماعية، وبناء المتحد القومي الاجتماعي.

في آخر فصول الكتاب؛ أي الفصل التاسع الذي ورد بعنوان "الأمة والدين"، تخوض المؤلفة في علاقة الأمة بالدين الإسلامي، وفي الاختلاف الفكري الواضح بين الأحزاب السياسية السورية حول مسألة وحدة الأمة على أساس الدين، وحول علاقة الدين بالدولة والسياسة. فإذا كانت عقيدة العروبة قد استطاعت إيجاد نقاط تلاقٍ مع عقيدة الإسلام، فإن عقائد أخرى كالشيوعية والقومية السورية كانت أكثر جذرية في استبعادها العامل الديني، على نحو تكون فيه المؤسسة الدينية في ما يتعلق بالمؤسسة السياسية مؤسسة محايدة، على الرغم من أن تلك العقائد قدّمت نفسها، أحيانًا، كـ "أديان" جديدة.