ترجمة الروايات العالميّة إلى العربيّة... إشكاليات وظواهر

2020-05-17 13:00:00

ترجمة الروايات العالميّة إلى العربيّة... إشكاليات وظواهر
Illustration to the cover of Face Dances - Peter Blake

وفي محاولة منه لتحديد السمات التي يتصف بها سوق الترجمة إلى اللغة العربيّة، يوضّح  أنّ هناك "طابعا ارتجاليّا يغلب على عمل كثير من دور النشر العربيّة في حقل الترجمة، بالإضافة إلى ضعف عمليّات إصدار وتسويق الكتب، ومعاناتها من عوائق التنقل المختلفة من بلد إلى آخر".

أثناء إعدادي لماجستير "الترجمة الأدبيّة والتحقيق النقديّ" في جامعة ليون الثانيّة، استدعت مُدرّستنا القديرة ذات الأصول المغربيّة ثريا فيلي تولون Touriya Fili-Tullon المترجم ريتشارد جاكموند Richard Jacquemond، وهو الباحث والمحاضر في الأدب العربيّ بجامعة إكس مارسيليا. وقد شاءت الظروف أن يكون لاحقاً عضواً في لجنة التحكيم لرسالتي في الدكتوراة. وجاكموند كان قد عاش في مصر وله باع طويل في ترجمة الأدب العربيّ إلى اللغة الفرنسيّة.

الجملة المفتاحيّة التي ظلّ لها صدى في رأسيّ بعد تلك المحاضرة، وبعد كلّ هذه السنين، عندما أشار: "هناك ترجمات إلى اللغة العربيّة حين نقرؤها نجد أنفسنا أمام نصوص مليئة بالترجمة". ويقصد بذلك أنّ هذه النصوص تظهر فيها مشاكل والتواءات الترجمة، فنشعر أنّ المترجم كان يجاهد خلف النص في التوفيق بين لغتين فتخرج لغة هجينة غير مفهومة وغير دقيقة المعنى. وهذه مشكلة يمكن أن تحدث في عمليّة الترجمة، إلا أنّ المُترجم مُطالب بكتابة نص يُقرأ وكأنّه كُتِب باللغة العربيّة حتى ولو كان مُترجما عن لغة أخرى، دون أن يُهمل بالطبع الخصوصيّة اللغويّة والأسلوبيّة للغة العمل الأدبيّ الأصليّ. ويبدو أنّ الترجمات من العربيّة إلى الفرنسيّة قد تجاوزت بشكل أفضل هذا النوع من الإشكاليات.

ربما يعود الفضل لوجود محرّر أدبيّ في دور النشر الفرنسيّة غالبا، يراجع النص المُراد نشره ويتحقّق منه. وقد قدّمتُ خلال تلك السنة من دراستي قائمة شاملة لكلّ ما تُرجم عن اللغة العربيّة إلى اللغة الفرنسيّة منذ عام 1901 حتى عام 2014، بحيث بلغت القائمة 1585 عنوانا يشمل مواضيع أدبيّة واجتماعيّة وسياسيّة. وهذه القائمة تغطي منشورات دور النشر الفرنسيّة المعروفة، ولا تغطي بالطبع منشورات دور النشر الفرنسيّة غير المعروفة في هذا الحقل، أو دور النشر التي تصدر ترجمات فرنسيّة في بلاد عربيّة. وبعد الاطلاع على عيّنة نصوص من هذه العناوين بدا لي أنّ إشكاليات الترجمة أقلّ من الناحية اللغويّة مقارنةً مع نظيرها من الكتب المترجمة من الفرنسيّة إلى العربيّة. وهذا انطباع عام بناء على دراسة بعض الأمثلة، لكنه بحاجة لبحث آخر موسّع لم يكن إطار الماجستير يسمح للتعمّق فيه. وهذا لا ينفي بالطبع وجود ترجمات ذات مستوى جيّد وممتاز من الفرنسيّة إلى العربيّة في حقول الشعر والرواية والدراسات الاجتماعيّة وغيرها. 

يجدر التذكير هنا أنّ عمليّة الترجمة قائمة على نظريتيْن أساسيتيْن يحدّدان توجهيْن مختلفيْن : التوجّه الأول يولي الأهميّة للغة الأصليّة والتي نطلق عليها في دراسات الترجمة باللغة المَصدر la langue source، أي أن المترجم يلتزم ويتقيّد بلغة النص الأصليّ، المُترجم عنها، شكلا ومضمونا بحيث تبدو وكأنها ترجمة حرفيّة للنص الأدبيّ une traduction littérale. أما التوجّه الثاني فيُولي الأهميّة للّغة المُترجَم إليها والتي 

نطلق عليها اللغة الهدف la langue cible. وهنا تُولى الأهمية للّغة التي سيصل إليها النص المُتَرجم، بحيث يكون الشرط الأساسيّ وضوح النص وقابليته للفهم حتى لو لم نلتزم بترجمة حرفيّة عن النص الأصليّ. ومن نافل القول التأكيد على أنّ أيّ ترجمة حرفيّة لأيّ نص أدبيّ هي عمليّة فاشلة مسبقا! وأنّ الحريّة ومساحة التصرّف التي تُمنح للمترجم، أو يمنحها لنفسه، هي الضمانة الوحيدة للقبض على معاني النص الأصليّ وتمثيله في لغة أخرى.

ريتشارد جاكموند : ترجمة الرواية العالميّة إلى اللغة العربيّة بين عامي 1991 و 2015، معالِم للدراسة 

سأستعرض هنا هذه الدراسة التي نشرها ريتشارد جاكومند في كتاب بعنوان الغرب المتعدّد في العالميْن العربيّ والإسلامي، القرن التاسع عشر إلى القرن الواحد والعشرين 2018*، وبما أنّ المجال يضيق عن ترجمة لها، فهي تبلغ خمسة عشر صفحة، فإنني سأقدّم وأستعرض أهم ما جاء فيها من نقاط، لا سيما أنها تغطي، كما يشير كاتبها، جانبا تاريخيّاً إحصائياً في هذا الحقل. وخبرة الكاتب تؤهله لهذه المهمّة أولاً بحكم تخصصّه في السياق التاريخيّ والإجتماعيّ للأدب العربيّ. وثانياً لكونه مترجما ذا باع طويل للأدب العربيّ ومطلع على سوق النشر العربيّة. وثالثاً كونه باحث جامعيّ يتناول المسألة بشكل منهجي واضح ومعمّد بالشواهد والأرقام. وأخيراً لأنّه قادم من ثقافة سوق النشر والترجمات الفرنسيّة، مما يمنح وجهة نظره بُعدا مُقارنا يغني الدراسة نفسها.

وكما يتضح لنا من عنوان الدراسة، فهي تلقي الضوء على الأدب الروائيّ العالميّ المترجم إلى اللغة العربيّة. واختيار الأعمال الروائيّة المترجمة على وجه الخصوص يعود لأسباب عديدة من بينها أنّ الرواية من "أكثر الأشكال الأدبيّة وأسهلها سفرا وتنقلا بين الثقافات واللغات" على حدّ تعبيره. مع أنّ دراسة كهذه لا تخلو من المصاعب، أهمها عائد في الأساس إلى نقص المصادر الإحصائيّة في هذا الحقل. فيشير أنّه "باستثناء مصر التي نملك عنها قوائم ببليوغرافيا شبه كاملة للترجمات، فإنّ مصادر الببليوغرافيا الوطنيّة العربيّة إما أن تكون غير كاملة أو غير موجودة". ويشير إلى أنّ المصدر الأكثر سهولة للحصول على معلومات وأرقام هو موقع l’Index Translationum الفهرس الذي تديره اليونسكو "رغم ما يشوبه من نواقص إلا أنه أصبح مع الوقت يغطي بشكل أفضل الفترة ما بين 1979 و 2010 ".

ويشير جاكموند أنّ "الكتب المترجمة في البلاد العربيّة عن لغات أخرى تشكّل نسبتها، من بين مجمل المطبوعات، من 5 الى 10 بالمئة، مع نسبة من التفاوت بين بلد عربيّ وآخر". وبالإضافة إلى ذلك تمتاز "الكتب المترجمة، كما هي العادة في البلاد الأخرى، بسعرها المرتفع مقارنة بسعر الكتاب الأصليّ". وقام في هذه الدراسة بمحاولة تصنيف وتمييز دور النشر العربيّة التي تصدر عنها الترجمات. فبين أنّ غالبيّة الترجمات في مصر مثلا تصدر عن "دور نشر عامة تقع تحت إشراف وزارة الثقافة، ورغم أنّ هذا يجتذب الكثير من المترجمين هناك، إلا أنّه يسبّب بالمقابل تثبيطا لعزيمة الناشرين المستقلين للاستثمار في حقل ترجمة الكتب". هذا بالإضافة إلى أنّ دور النشر العامة هذه لا تستثمر جيّدا في التوزيع كما أشار "الناشرون اللبنانيون، حالة خاصة، فقد طوّروا معرفة متمكنة في التصدير والتوزيع، مع أنّ قسم صغير منهم فقط استثمر في حقل الترجمة". ويشير الكاتب إلا انّ "سوريا كانت المنتج الثالث عربيّا في حقل الترجمة حتى بداية الثورة هناك عام 2011 ، فقد كان هناك برنامج وطنيّ عام للترجمات من قبل وزارة الثقافة ورقم ملفت من دور النشر الخاصة أو المستقلّة النشيطة في حقل الترجمة". 

وفي محاولة منه لتحديد السمات التي يتصف بها سوق الترجمة إلى اللغة العربيّة، يوضّح  أنّ هناك "طابعا ارتجاليّا يغلب على عمل كثير من دور النشر العربيّة في حقل الترجمة، بالإضافة إلى ضعف عمليّات إصدار وتسويق الكتب، ومعاناتها من عوائق التنقل المختلفة من بلد إلى آخر". لهذه الأسباب حسب رأيه يكون " إصدار كتاب في حقل الآداب والعلوم الاجتماعيّة والإنسانيّة غالبا بشكل محدود، بين 1000 و 2000 نسخة للكتاب بشكل عام". ونتيجة لهذه الصعوبات الخاصة بسوق الترجمات والنشر في العالم العربي، يؤكّد لنا أنّ "أكثر الكتب المترجمة التي تسوّق جيّدا في الدول العربيّة هي التي يتم إعادة طباعتها أو ترجمتها في أكثر من بلد"، بحيث يتجاوز الكتاب بذلك مشاكل التنقل والتوزيع. ويميّز جاكموند في دراسته بين مجموعتين من الكتب المترجمة : "مجموعة كتب البست سيلر أو لونغ سيلر التي يتم طبعاتها وإعادة طباعتها وترجمتها بشكل مستمر، وبين مجموعة الكتب ذات السوق المحدود لبعض الكتّاب الذين يتم ترجمتهم حديثا أو إصدار كتبٍ لهم لعدد قليل من المرّات فقط". 

وفي محاولة منه لتفسير أثر السياق السياسيّ والاقتصاديّ على نشاط الترجمة وعلاقته بتزايد أو تناقص عدد الترجمات عن لغة إلى أخرى، وضّح أنّ السياق السياسيّ له علاقة مباشرة في زيادة عدد الترجمات في بلد محدد، مؤكدا "أنه تكثر الترجمات عن اللغة الإنجليزيّة في البلاد التي كانت خاضعة للانتداب الإنجليزي"، وبالمقابل "تكثر الترجمات عن اللغة الفرنسيّة في البلاد التي كانت خاضعة للاحتلال الفرنسي". ويؤكّد من جانب آخر أنّ مركزيّة لغة ما في التبادلات الدوليّة يلعب دوراً مهما في تنشيط الترجمات الأدبيّة عنها. وقد استشهد جاكموند بما يقوله جوهان هيلبرون Johann Heilbron : "عندما تكون هناك لغة ما مركزيّة في التبادلات الدوليّة، فإنّ الكتب المترجمة عن هذه اللغة تكون أكثر تنوّعا واختلافا على مستوى الشكل الأدبيّ. والعكس صحيح أيضا، فحين تكون اللغة أكثر هامشيّة في التبادلات الدوليّة، فإنها تكون أكثر محدوديّة وتقتصر على الأدب، وخاصة الأعمال الروائيّة". 

ونستطيع كما يقول أن نحصل على "إحصائيّة تقريبيّة أوليّة بناء على أرقام فهرس l’Index Translationum  التي تشير أن عدد الترجمات "من اللغات العالميّة إلى العربيّة بين 1991 و 2010  بلغت 8502 ترجمة إلى اللغة العربيّة، منها 2792 في حقل الأدب، أي بنسبة تصل إلى 32,8 بالمئة". وبعد دراسته للعناوين الموجودة في موقع "نيل وفرات" الخاص ببيع الكتب، وجد أنّ أكثر "الكتّاب العالمييْن ترجمةً إلى العربيّة هي أغاثا غريستي، التي تصل إلى خمسين كتابا، وهي أكثر الكتّاب المترجمين عالميّا حسب قائمة فهرس l’Index Translationum للكتّاب "الخمسين الأكثر ترجمة في العالم"، ويليها شكسبير، ديكنز، تولستوي، ديستوفسكي...إلخ". ثم بشكل أقل هامنغوي، ألكسندر دوماس، جان بول سارتر... إلخ. ويلفت الباحث انتباهنا إلا أنّ "القائمة يغلب عليها كتّاب أنجليز، أمريكيون وفرنسيون".

وأضاف في دراسته إلى أنّه "مع غياب أرقام وإحصائيّات عن البيع، فإنّ شعبيّة نص أجنبيّ تُقاس بعدد ترجماته". وفي هذا الصدد يذكر أنّ "هناك 14 ترجمة مختلفة على الأقل لكل من رواية الغريب لكامو، والأمير الصغير لأنطوان سانت إكزوبري، ومزرعة الحيوان لأرويل". مشيراً إلى أنّ الترجمات المتعدّدة لبعض الكتب تعود لأسباب مختلفة، منها " ضرورة تجديد بعض الترجمات، وعدم التقيّد بحقوق المؤلّف الدوليّة، وصعوبة تسويق الكتاب من بلد عربي لآخر، مع أنّ الكثير من الدول العربية وقّعت على الاتفاقيّة الدوليّة لحماية حقوق المؤلف".

وهذا حسب ما يرى يجعلنا أمام ظاهرة "إصدار ترجمات لكتب في نفس الوقت في عاصمتيْن عربيتيْن أو حتى في البلد نفسه، وهي غالبا ترجمات لكتب مرغوبة ولها سوقها بالمجمل. ويتم إعادة طباعة ونشر الترجمات النوعيّة للروايات التي أصبحت من كلاسيكيّات الرواية العالميّة مثل ترجمة محمد مندور لمدام بوفاري، أو ترجمة جبرا ابراهيم جبرا لفولكنر، في فترات مختلفة ومن قبل دور نشر متنوّعة. لذا يعاني المترجم من ضياع حقوقه كما هو الحال مع الكاتب الأصلي للكتاب ". لكنه يشير بالمقابل أنّ "كتب البست سيلر الحديثة مثل هاري بوتر تُنشر في قسم لا بأس منه في نطاق احترام حقوق المؤلف، لذا هي أكثر كلفة من غيرها". ويلفت الانتباه إلى أنّ قسم كبير من الروايات العالميّة المهمّة " تظهر تحت عناوين مثيرة مثل روائع الأدب العالمي وأعمال خالدة، وتنضم تحتها أعمال شعبيّة وأعمال رئيسيّة للقرن التاسع عشر والعشرين". 

ولتحديد التوجّهات الحاليّة في سوق ترجمة الروايات العالميّة إلى اللغة العربيّة يبيّن جاكموند "أنّ جائزة نوبل تلعب دورا مهما في اختيار الأعمال المُترجمة إلى درجة أنّ دار المدى أطلقت عام 1997 مجموعة منشورات باسم مكتبة نوبل التي تبلغ الآن مئة عنوان تقريبا لكتب مختلفة، وسراماغو صدر له أربعة عشر عنوانا بالعربيّة بعد فوزه بنوبل". ويؤكّد جاكموند أنّ الناشرين العرب يهتمون أيضا "بجوائز أدبيّة مثل جوائز غونكور وبوكر وبوليتزر التي تقع في ثلاثة مراكز رئيسيّة في عالم الأدب، باريس، ولندن ونيويورك". 

غياب أدب أمريكا الشماليّة عن رف قسم الترجمات في المكتبات، يعود حسب رأيه "للجو العام المعادي لأمريكا الذي ساد أجواء دور النشر العربيّة الأقرب إلى الشيوعيّة مع بداية الستينات والسبعينات خاصة، لذا نجد فقط ترجمات من فازوا بنوبل من الأمريكيين". ويصل إلى خلاصة مهمة وهي أنّ الأدب الأكثر حضورا الآن في الترجمات العربيّة "ليس أوروبيّا ولا إنجليزيّا، إنه أدب أمريكا اللاتينيّة، فبدءاً من 1980 كان هناك نهم في السياق الأدبي العربيّ لكتّاب الواقع السحريّ في الأدب وكل ما يأتي من هذا البلد، مثلما كان نهم كتّاب النهضة للكتّاب الروس الكبار". وما يجمع هاتين الحالتين من أمر مشترك، كما يوضّح لنا، هو نجاح أدب هامشيّ أو غير مركزيّ بفرض نفسه في مركز فضاء الأدب العالميّ. يقول " كتّاب الواقعيّة السحريّة الكبار في أمريكيا اللاتينيّة نجحوا بما يطمح به، قليلا أو كثيرا، كل الروائيين العرب في جيل الستينات وبعد تلك الفترة، وهو إمكانية خلق حداثة روائيّة خاصة تتجاوز وتقلب الحداثة الأوروأمريكية رأسا على عقب، وتستطيع فرض هذه الحداثة في قلب المركز الأوروبيّ الأمريكيّ". ويقدّم شاهداً دامغا على ذلك وهو أنّ "ماركيز من أكثر الكتّاب العالميين المعاصرين تمجيدا في العربيّة، وهذا يبدو لنا جليّا إذا نظرنا إلى عدد التنزيلات لنصوصه المترجمة إلى العربيّة في الانترنت بنسخة بديف". 

هذا عرض سريع لما جاء في هذه الدراسة التي تغطي جانبا مهملاً في دراسات الترجمة، والتي لا بدّ أنّ شحّ المصادر المتوفرة لها، كان السبب في عدم الوصول إلى إحصاء تقديريّ، عن عدد أو نسبة الروايات المترجمة إلى العربيّة من مجمل الكتب المترجمة إلى العربيّة في الحقول الأدبيّة الأخرى كالشعر والمسرح وغيّرهما.
 

*  Richard Jacquemond. La traduction en arabe du roman mondial (1991-2015). Jalons pour une enquête. Maxime Del Fiol et Claire Mitatre (dir.), Les Occidents des mondes arabes et musulmans, XIXe-XXIe siècles, 2018. halshs-01838369.