يضم كتاب "لفيف" نصوصاً تبحث عن معاني الحلم لدى كل مشارك/ة

ملتقى لفيف: الكتابة كممارسة تعيد ترتيب العالم

2022-04-15 10:00:00

ملتقى لفيف: الكتابة كممارسة تعيد ترتيب العالم
الرسمات الثلاث للينا مرهج، من الكتاب.

كما تكمن أهمية مشروع "لفيف" أنه يدفع بتجربة الكتابة كوسيلة للتعبير عن العالم الذي يعيش في المشاركين، كان المشروع الذي بحث عن أساسيات الكتابة يرى هذه القدرة على خلق عالم يمكن من خلاله أن نقول ما يمكن أن يحمي حدود الحكايات التي نريد روايتها، لذلك كانت تفاصيل المشروع تفاعلية إلى حد كبير تمهد لكتابة تنبض بأسئلة وهواجس وأحلام ومسافات خلقها الواقع الذي يعيش فيه المشاركون،

“الكتابة تأتي، تأتي من تلقاء نفسها فلا يتعيّن عليّ سوى أن أقول مرحبًا وأفسح لها المكان” 

رضوى عاشور
 

من هذا البحث عن الأماكن التي يمكن من خلالها خلق مساحات مناسبة للكتابة، أنطلق مشروع "لفيف" واللفيف كمفرد تعني جمعاً من الناس أو الكثير من الشجر أو الصديق الحميم، بهذه المعاني صار المشروع اسماً لملتقى الكتابة الإبداعية  الذي بدأ في شهر شباط من عام 2021 ليمتد إنتاجه حتى بداية هذا العام، بمتابعة وإشراف أمل كعوش، وبدعم من مركز الدراسات اللبنانية وجامعة أكسفورد - برووكس، التي قدمت الدعم للمشروع، وبمشاركة مجموعة من الكتاب الشباب، وكان الحرص في المشروع هو تلك المساحة التي يمكن من خلالها إنتاج نصوص أدبية يمكن من خلالها فهم الواقع وإعادة خلق علاقات جديدة في حدود علاقتهم مع أنفسهم ومع العالم، لذلك اتخذ المشروع بعد جلسات الزوم، حديقة "نحيي الأرض" الأهلية في صيدا مكاناً له، وهو ذاته المكان الذي اختتم المشروع فيه. 

إن الكتابة في معانيها الكثيرة تبحث عن هذا المعنى العميق الذي يمكن خلقه من خلال الممارسة، ممارسة الكتابة كنشاط يعيد ترتيب العالم من حولنا، ونقول من خلاله كل الكلمات التي عجزنا عن النطق بها في مراحل مختلفة من حياتنا، خاصة في الظروف التي يعيشها الكتاب المشاركون الآن في لبنان، في حالة الغربة التي تفرضها المدينة والعجز الرهيب الذي لا يمكن كسره إلا من خلال الكلمات ليس تلك الكلمات التي تبحث عنا، بل الكلمات التي لطالما بحثنا عنها ولكن لم نجدها، في هذا البحث ما يكرس فكرة المشروع، ويحدد الكلمات والمواضيع التي ركز فيها ليضيء على جوانب مختلفة من الأدب العربي والمترجم، الذي بحث فيه المشاركون لخلق نصوصهم الشخصية التي نشرت في كتاب حمل نفس اسم المشروع ووقع في مدينتين الأولى صيدا والثانية في بيت "Mansion" في بيروت، ضم الكتاب عشرة نصوص، لعشرة كتاب شباب، من تصميم وتخطيط مايا الشامي، ورسوم لينا مرهج. 

كما تكمن أهمية مشروع "لفيف" أنه يدفع بتجربة الكتابة كوسيلة للتعبير عن العالم الذي يعيش في المشاركين، كان المشروع الذي بحث عن أساسيات الكتابة يرى هذه القدرة على خلق عالم يمكن من خلاله أن نقول ما يمكن أن يحمي حدود الحكايات التي نريد روايتها، لذلك كانت تفاصيل المشروع تفاعلية إلى حد كبير تمهد لكتابة تنبض بأسئلة وهواجس وأحلام ومسافات خلقها الواقع الذي يعيش فيه المشاركون، ليشكل مشروع "لفيف" هذه المساحة التي تعيد صياغة فهم ما يحاصرنا من هموم وكيف نعيد ترجمتها بكلمات تعبر عن مضمون يعيش معنا في كتابة تعكس احتمالات الرؤية التي تمكننا من فهم الواقع الذي نعيش فيه، لذلك حرصت المشرفة أمل كعوش، على استضافة كتاب كضيوف خاضوا هذه التجربة، من الضيوف كانت الشاعرة سمر عبد الجابر التي تحدثت عن تجربتها كشاعرة شابة، والشاعرة مريم خريباني والأكاديمية مها عبد المجيد أستاذة بقسم اللغة العربية في الجامعة الأميركية في بيروت التي تحدثت في محاضرة كاملة عن النقد الأدبي. 
 


ومن المؤكد أن هنا يكمن جوهر التجربة في خلق تلك المساحات التي يسمع فيها الإنسان صوته في فضاء أوسع يمكن من خلاله دس نبض المرحلة التي يعيشها الشباب تقول أمل كعوش لـ "رمان الثقافية" "إن المنظمون كان لديهم مشروع في عام 2019 هموم الشباب في لبنان، كيف يفكرون، ماهي أحلامهم، وكيف يرون حياتهم وما ينتظرهم، وأجرى المنظمون مقابلات مع فئة كبيرة من الشباب من عمر 18 حتى 30 ليحكوا عن تجربتهم في لبنان من هذه النواحي ومن جميع الجنسيات لبناني وفلسطيني وسوري، والهدف كان في نهاية هذه الإحصائية أن يكون هناك عمل إبداعي، بحيث تتحول الهموم والأحلام والأفكار الذين شاركوها الشباب إلى أعمال أدبية" من هذه النقطة أخذ الملتقى الذي جمع الكتاب الشباب صورة البحث عن الطريقة الأفضل بالتعبير عن فضاءات تسمح برؤية العالم من زاوية كل مشارك يمكن من خلاله أن يسلط الضوء حول تجربته التي يسعى من خلالها لكتابة ما يراه ويحسه ويستطيع لمسه والخوض فيه عميقاً لاكتشاف صورته الحقيقة في بلد يعاني من ظروف تبدو استثنائية وصعبة على صعيد التعليم والاقتصاد والسياسة، التي انعكست بصورة كبيرة على أحلام الشباب في هذه المرحلة. 

"كوخ صغير على غيمةٍ ما، أو على أرض بعيدة جداً، حيث البساتين كثيرة والضحكات أكثر، هناك أريد أن أكون، في مكان ينتفي فيه القلق، فلا يهرب أحد من المطر" 

ميرا البعصيري، من المشاركين في ملتقى لفيف.

بكلمات تمتد على احتمالات لا تنتهي، ضم كتاب لفيف نصوصاً تبحث عن معاني الحلم الذي يبحث عنهُ كل مشارك، كما كتب العديد منهم تجربة البحث عميقاً في أصالة أن نكون بشراً قادرين على التعبير وعلى اكتشاف العالم من حولنا والخوض فيه، كانت النصوص تشمل كل ما أنتجه المشروع خاصة الذهاب بعيداً في البراءة التي يحملها كل من يعمل على نصه الشخصي الأول في المحاولات الأولى، فكانت النصوص تعبر عن براءة البدايات التي يحرص فيها الكاتب على قول كل ما يشعر به دون أن يخدش جوهر الفكرة، ومن هذه البراءة استطاع الكتاب أن يعرفوا حدود تجربتهم التي يمكن أن تنطلق من هنا من هذا الكتاب الذي يضيء على مساحة واسعة في بلد يمر في ممر ضيق جداً، كما يحوي كل نص في الكتاب زخماً خاصاً يعبر عن رؤيا كاتبه ضمن مساحة إبداعية تفتحها هذه المشاريع التي يمكن من خلالها تكرس أدوات التعبير عن الواقع الذي نعيش فيه بأدوات فنية وإبداعية نعيد من خلالها قراءة الحاضر بصور أكثر وضوحاً تمكننا من خلق مساحتنا التي يمكن من خلالها أن نقول ما نريد. 
 

الصورة لأحمد عزاقير