يُعرف مهرجان فينيسيا السينمائي، بالمقارنة مع زميليه، كان وبرلين، بالمساحة الواسعة التي يمنحها للسينما الأمريكية، بطابعها الهوليوودي، وهو المهرجان الذي منح مساحة قبل أعوام، قبل غيره، لأفلام المنصات الأمريكية الكبرى. وبعضها نال جوائز أولى في المهرجان.
فيلم "الأمر" (The Order) هو من بين الأفلام التي تتمتع بالمساحة المضاعة، هو أولاً فيلم أمريكي تماماً سينمائياً، وإن كان للأسترالي جستين كرزل وبإنتاج كندي وببطولة إنكليزية (جود لو وغيره)، فـ"الأمريكية" في السينما تعدت البلد لتكون نمطاً. وهو ثانياً فيلم أنسب تماماً إلى المنصات، لطبيعته المتلائمة مع الأعمال الأكثر انتشاراً في تلك المنصات، بثلاثة عناصر: أفلام تحقيقات وإجرام، أحداث واقعية وفي الولايات المتحدة تحديداً، وأن تكون الأحداث حساسة وإشكالية.
يحكي الفيلم المشارك في المسابقة الرسمية للموسترا، عن محقق فيدرالي (FBI) يصل بلدةٍ أمريكية، أوائل الثمانينيات، للتحقيق في عصابة إرهابية منادية بالتفوق العرقي الأبيض، والعرق الآري، بأعلام نازية، وبكلام لا يتوقف عن اليهود. عصبة صغيرة من الشباب تنشق عنها لتدخل العمل المسلح، تقتل، وتسطو على مصارف، تحضيراً لحرب أهلية أمريكية، كي "يستعيدوا بلادهم".
الفيلم النمطي هوليوودياً، والباعث للتساؤل: ما الذي جاء يفعله في المسابقة الرسمية؟ هو تماماً فيلم صالات تجارية ومنصات تدفقية. هو فيلم آخر عن بطولات فردية بين طرفين سينتصر فيها، وبشكل ميلودرامي تعودت عليه هوليوود، المحقق الفيدرالي غريب الأطوار نوعاً ما، وخارق الذكاء، والأهم، يعلم فجأة ما يتوجب فعله أو قوله أو اكتشافه، كضرورة للتقدم في التحقيق، من دون مبرر سوى حظ أيّ محقق من الـ FBI، وذكائه.
لا جديد أتى به الفيلم سوى التركيز مجدداً، وبشكل سطحي بالمقارنة مع أفلام أخرى أتت على قصص الفاشيين والنازيين الجدد، في الولايات المتحدة وغيرها. وهو فيلم أتى للمهرجان الإيطالي، غالباً، ببطاقة حصرية لتلك المساحة الممنوحة للسينما الأمريكية فيه.
في الفيلم إشارات إلى كتاب كان مرشداً لهذه العصبة العنيفة، واسمها "ذا أوردر"، وإحالات في نهايته إلى داعمي دونالد ترامب المقتحمين لمبنى الكابيتول، وإلى نقاط سوداء في التاريخ الأمريكي، كالـ KKK. هي مسائل تفُوق في تاريخيتها، وفي ربطها بعضها ببعضها الآخر، تاريخاً وراهناً، تفوق معظم عناصر الفيلم الأخرى قيمةً.