منى عوض الله - مجلة رمان الثقافية https://rommanmag.com/archives/author/232rommanmag-com مجلة ثقافية فلسطينية مستقلة Sat, 02 Nov 2024 08:41:51 +0000 ar hourly 1 https://wordpress.org/?v=6.6.2 https://rommanmag.com/wp-content/uploads/2024/10/cropped-romman_logo-pink-32x32.png منى عوض الله - مجلة رمان الثقافية https://rommanmag.com/archives/author/232rommanmag-com 32 32 ما وراء الخير والشر عند نيتشه https://rommanmag.com/archives/20048 Thu, 23 Apr 2020 12:03:45 +0000 https://romman.b5digital.dk/%d9%85%d8%a7-%d9%88%d8%b1%d8%a7%d8%a1-%d8%a7%d9%84%d8%ae%d9%8a%d8%b1-%d9%88%d8%a7%d9%84%d8%b4%d8%b1-%d8%b9%d9%86%d8%af-%d9%86%d9%8a%d8%aa%d8%b4%d9%87/ على خلاف من سبقوه من الفلاسفة، لم يكتفِ الفيلسوف الألماني فريدريك نيتشه بالمرور العابر على ظاهر الوقائع الأخلاقية في إطار محيطه وزمانه وموقعه، بل عمد إلى سبر أغوارها، والبحث في تاريخها وأصل نشأتها، ومقارنة أنماطها، وتفكيك مفاهيمها وقلبها. ولا غرابة، فهو اللغوي الخبير، ومؤسس المنهج الجنيالوجي في تحقيق النصوص، قبل أن يكون فيلسوفًا. مما يعني […]

The post ما وراء الخير والشر عند نيتشه appeared first on مجلة رمان الثقافية.

]]>
على خلاف من سبقوه من الفلاسفة، لم يكتفِ الفيلسوف الألماني فريدريك نيتشه بالمرور العابر على ظاهر الوقائع الأخلاقية في إطار محيطه وزمانه وموقعه، بل عمد إلى سبر أغوارها، والبحث في تاريخها وأصل نشأتها، ومقارنة أنماطها، وتفكيك مفاهيمها وقلبها. ولا غرابة، فهو اللغوي الخبير، ومؤسس المنهج الجنيالوجي في تحقيق النصوص، قبل أن يكون فيلسوفًا. مما يعني أنّ بحثه في الأخلاق ليس بحثًا تأصيليًا فحسب، وإنما هو قلب جذري للقيم بصورتها الراهنة، وتخليص لها من تصورات وتحكيمات وتأويلات طمست معالمها الأولى، وفي هذا يقول عن نفسه: “لا تؤاخذوني لأنني، وأنا فيلولوجي عتيق، ما زلت أزاول هوايتي الخبيثة، وأضع الإصبع على الجرح بكشفي فنون تأويل رديئة”. فكان هذا أول سهامه المصوّبة تجاه الفلاسفة السابقين، إذ إنّ ما يدّعونه “تأسيسًا للأخلاق” إنما هو استقصاء اعتباطي، و”ضرب منمق من طيب الإيمان بالأخلاق السائدة، ووسيلة جديدة للتعبير عنها”.

تناول نيتشه في فلسفته العديد من الموضوعات المتعلقة بالفعل البشري الأخلاقي واللاأخلاقي، فنقد الإرادة الحرة، وقال بتراتبية الناس وتراتبية أخلاقهم، ونقد المساواة، وأثبت تناقض الخير والشر، وتضاد أخلاق السادة وأخلاق العبيد، مرسخًا بذلك منطلقات فلسفته الرئيسة القائمة على إرادة القوة والتفوق الإنساني المستمر، ومتجاوزًا تصنيفات الخير والشر باعتبارات قيمة الفعل المرتبطة بنتائجه أو مقاصده، ليقفز بفلسفته إلى ما وراء الخير والشر، ويبشر بإنسان المستقبل المنشود. 

يرفض نيتشه في فلسفته حصر المنظومة الأخلاقية للمجتمع في نمط واحد ووحيد من الأخلاق، بحيث تقتصر على تلك التي هي على شاكلة غرائز التراحم والإنصاف والرفق وتبادل العون، وهي أخلاق القطيع التي صارت تُسمى خيرًا، بل والخير الوحيد. ويطالب بإعادة الاعتبار إلى الأخلاق الفردية التي باتت تُسمى شرًا بعرف العامة، موضحًا أنّ هذه الحال التي صارت إليها التقييمات الأخلاقية إنما هي وليدة الخوف الذي قاد إلى استهجان غرائز الإقدام والجرأة والانتقام والمكر، وما شابهها من صفات، بحيث اعتُبرت غرائز خطرة، فاستُبعدت وأُقصيت وسُمّيت شرًا؛ “كل ما يسمو بالفرد عن القطيع، كل ما يبثّ الخوف إلى القريب، يُسمى منذ الآن شريرًا”.

يدعو نيتشه إلى مراعاة التراتبية بين الناس، وبالتالي تراتبية أخلاقهم، فما يُعّد فضيلة بالنسبة إلى أحدهم قد يكون رذيلة بالنسبة إلى آخر (نظرًا إلى رتبته ومكانته ودوره في المجتمع)، يقول: “إنّ ما يصلح غذاءً ورحيقًا للنوع الأعلى من البشر، يجب أن يكون بمثابة سمٍ لنوع مختلف جدًا وأوضع”. ويذكر مثالًا على ذلك فيقول: “لنأخذ على سبيل المثال إنسانًا قُدّر له أن يأمر، وجُبل على ذلك، فإنّ نكران الذات والانكفاء المتواضع لن يكونا بالنسبة إليه فضيلة، بل سيكونان هدرًا للفضيلة”. ونتيجة لهذه التراتبية هو يقول بأخلاق السادة وأخلاق العبيد، ففي حين يجلّ السادة في أخلاقهم كل ما هو قاسٍ وصارم، ويكنون الاحترام لذواتهم، ويتمسكون بفضيلة القدرة والصدق والإكرام وسمو النفس وشموخها، فإنّ العبيد يكرمون “التراحم، واليد اللطيفة المسعفة، والقلب الدافئ، والصبر، والاجتهاد، والخنوع، واللطف”. وفي حين يشرّع السادة أخلاقهم ويخلقون قيمهم، فإنّ العبيد منساقون إلى تزيين تلك الصفات التي تخفف عنهم عبء الوجود وألمه. وفي حين أنّ أخلاق السادة هي أخلاق قدرة، فإنّ أخلاق العبيد هي أخلاق منفعة، ومن ثم فإنّ ما يثير الحسن من وجهة نظر السادة، يثير الخوف ويشكّل خطرًا من وجهة نظر العبيد.

ويقبل نيتشه بالمساواة فقط بين أولئك الذين يتماثلون في مقدار القوة ومقياس القيمة، والمجموعين ضمن جسم واحد، أي من كانوا في رتبة واحدة؛ فكل رتبة من الناس تمثّل جسمًا مستقلًا، يتساوى أعضاؤه/ أفراده بينهم، بينما يتمايزون عن غيرهم ممن هم في رتب أقل شأنًا، والتي تمثّل أجسامًا أخرى، يقول: “إنّ ذلك الجسم الذي كما سبق وفرضنا يتعامل الأفراد ضمنه سواسية، ويحدث ذلك في كل أرستقراطية سليمة، عليه هو نفسه، إن كان جسمًا حيًا ومتحضرًا، أن يقوم هو الآخر إزاء الأجسام الأخرى بكل ما امتنع عنه الأفراد ضمنه في مخالطة بعضهم بعضًا: لا بد له من أن يكون إرادة القدرة المتجسدة”، وما عدا ذلك تصبح المساواة مبدأً لانحلال المجتمع وانحطاطه.

وخلاصة القول، إنّ اختلاف القيم بين الناس، وعدم اتفاقهم عليها، إنما هو، كما يرى نيتشه، دليل على اختلافهم وتراتبيتهم، وعلى اختلاف الخير بينهم وتراتبيته، ومن الخطأ تعميم نمط أخلاقي واحد على الجميع. وإنّ تطوّر الإنسان من العادي إلى المتفوّق منوط دائمًا بالسادة الأرستقراطيين النبلاء، وما يسعى إليه هؤلاء السادة من إقرار لأخلاق القادرين هو ما يقود في نهاية الأمر إلى إعلاء الإنسان وتغلبه على ذاته بصورة مطّردة، ومن ثم يمكّننا أخيرًا من استخدام صيغة أخلاقية بمعنى فوق أخلاقي.

أما ما هو فوق أخلاقي، أو ما وراء الخير والشر في فلسفة نيتشه، فهو ما كان نابعًا من إرادة القدرة التي تمثّل الغريزة الأساسية للكائن الحي وغاية أخلاق السادة، وهي تشكّل منطلقًا للفعل الأخلاقي مع الفئات الأقل رتبة كذلك. ولا يقتصر الأمر هنا على الغرائز الفردية التي تمتاز بها أخلاق السادة، بل ويندرج في هذا السياق الغرائز التي هي على شاكلة الرحمة والتعاطف والعفو ونحوه، من حيث هي فائض للقدرة. وتتمثل متعة هؤلاء السادة بالسبعية (التلذذ بالألم)، فما “يقع في النفوس موقعًا عذبًا في حضرة ما يُسمى بالتأثر التراجيدي، وأصلًا في حضرة كل سامٍ، صعودًا إلى أعلى ارتعاشات الميتافيزيقا، وأكثرها رقة، لا يستمد عذوبته إلا مما يشوبه من سبعية”. وهذه السبعية تمثّل إرادة الروح الأصيلة التي تلتذ بكل حيرة والتباس.

 وكملمح آخر لما وراء الخير والشر، تقرّ فلسفة نيتشه باللاحقيقة شرطًا للحياة في مقاومتها لما اعتدنا عليه من مشاعر قيمية، إذ ترفض جميع الأحكام التي تم ربطها بأوهام منطقية مختلقة ومزيفة، مثل الأحكام التأليفية القبلية التي قال بها كانط، وتفترض خطأها، منطلقة من سؤال “إلى أي مدى يكون الحكم منميًا للحياة، محافظًا على الحياة، محافظًا على النوع، بل ربما محسنًا للنوع؟”. كما وترفض ربط قيمة الفعل بنتيجته أو قصده، فقيمة الفعل الحاسمة تكمن في لاقصديته، وكل ما هو قصدي و”كل ما يُرعى ويُعرف ويوعى منه ينتمي بالأحرى إلى سطحه وقشرته التي شأنها شأن كل قشرة تبوح بشيء وتستر أشياء”، أي إنّ القصد مجرد رمز وعارض يظهر بظهور الحاجة إلى التأويل، ويدل على أمور كثيرة متنوعة، ومن ثم فهو يدل على لا شيء تقريبًا. كما أنّ تلك الأخلاق القصدية إنما هي ضرب من التهور، “وربما شيء مؤقت”، فلا بد من تجاوز الأخلاق لذاتها، باعتبارها محكًا للنفس وحكمًا عليها. 

ختامًا، سواءً قبلنا ما جاءت به فلسفة نيتشه أم رفضناه، لا بد لنا أن نعترف على الأقل بأسبقيتها في التأصيل للأخلاق، وإدخالها عنصر القيمة كركيزة تنطلق منها لتكشف لنا ما وراء التقييمات الأخلاقية المسلّم بها، فلا يعود السؤال حول “ما هي الأخلاق؟”، وإنما ما هي قيمة هذه الأخلاق؟ وماذا نريد منها؟

The post ما وراء الخير والشر عند نيتشه appeared first on مجلة رمان الثقافية.

]]>
«الحرية والعنف» لجورج زيناتي… تفكيك العلاقة بين المفهومين https://rommanmag.com/archives/19951 Thu, 30 Jan 2020 17:52:28 +0000 https://romman.b5digital.dk/%d8%a7%d9%84%d8%ad%d8%b1%d9%8a%d8%a9-%d9%88%d8%a7%d9%84%d8%b9%d9%86%d9%81-%d9%84%d8%ac%d9%88%d8%b1%d8%ac-%d8%b2%d9%8a%d9%86%d8%a7%d8%aa%d9%8a-%d8%aa%d9%81%d9%83%d9%8a%d9%83-%d8%a7%d9%84/ “بين الفلسفة والعلوم الأخرى نوع من آلية عقدة أوديب: كل ميدان حين يصل إلى درجة من النضوج الخاص لا ينفصل عن الفلسفة فحسب، بل يتمرد عليها ويريد رأسها”. بهذا الوصف الذي يشرح طبيعة العلاقة الأوديبية بين الفلسفة والعلم، أو ما يمكن تسميته بـ “ديالكتيك عقدة أوديب”، يفتتح جورج زيناتي كتابه “الحرية والعنف”، الصادر عن المركز […]

The post «الحرية والعنف» لجورج زيناتي… تفكيك العلاقة بين المفهومين appeared first on مجلة رمان الثقافية.

]]>
“بين الفلسفة والعلوم الأخرى نوع من آلية عقدة أوديب: كل ميدان حين يصل إلى درجة من النضوج الخاص لا ينفصل عن الفلسفة فحسب، بل يتمرد عليها ويريد رأسها”. بهذا الوصف الذي يشرح طبيعة العلاقة الأوديبية بين الفلسفة والعلم، أو ما يمكن تسميته بـ “ديالكتيك عقدة أوديب”، يفتتح جورج زيناتي كتابه “الحرية والعنف”، الصادر عن المركز العربي للأبحاث ودراسة السياسات، في حزيران/ يونيو 2018.

يعرض الباحث في بداية كتابه حالة التناقض بين الفلسفة وبقية العلوم في العصر الحديث، ويضعنا هذا العرض أمام إشكالية البحث الأولى، إذ هل لا يزال لمفهوم الحرية، كمفهوم مرتبط بالذات الفاعلة، ما يبرره، على الرغم من استعصائه على النسقية والبنيوية؟ فلا تنفك العلوم اليوم تثبط مساعي أي جهد فلسفي يبحث في هذا الموضوع، حيث تزيل ببحوثها الموضوعية الهالة عن الذات التي تختبئ خلف مفهوم الحرية المتمردة، وتتعامل مع الإنسان على أنه معطىً من المعطيات. بينما حقيقة الحال، كما يقول الباحث، أنّ “كل علم، حتى العلم المتعلق بالإنسان، هو علم يصنعه الإنسان من أجل الإنسان”، فالإنسان هو “الشرط الضروري لكل إبستيمية قبلية تاريخية، وهو المرجع الأخير لكل بنية”. بذلك يحدد الباحث موقفه في فهمه للإنسان موضوعاً لأي علم من العلوم، فيختار أنه كيان يمكن تحويله من ذات إلى موضوع. 

تاليًا، ينقلنا الكتاب إلى إشكالية أن ترى الفلسفة نفسها مصوغة بحسب إنموذج علمي، ليقرر الباحث أنّ “كل فلسفة تريد أن تكون علمية ليست فلسفة”، إذ أي معنى يظل للفلسفة إذا ظلت تدور داخل “حدود لعبة القوانين الداخلية للتناهي البشري”؟ وبمعنى آخر، هل تظل الفلسفة فلسفة حين تدير ظهرها للميتافيزيقا؟ ويقدّم فرضيته حول هذه المسألة بأنّ الإجابات التي تقدّمها العلوم والعلوم الإنسانية، والمتعلقة بأصل الإنسان ومصيره، هي إجابات جزئية مشتتة في الأغلب الأعم، وأنّ الإجابة الشاملة قد تخرج عن نطاق كل إبستيمية. وبالتالي، فإنّ سبب وجود الفلسفة هو طرح الأسئلة المتعلقة بتلك المسائل، والتفكير فيها، وتقديم إجابات عقلانية عنها، وهي إجابات ذاتية في جوهرها وماهيتها. وعلمية الفلسفة إنما تكمن في التماسك العقلاني لطرحها، وقوة حججها المنطقية. 

يقسّم الباحث كتابه إلى قسمين؛ يبحث الأول في معنى الحرية، ويحمل عنوان “الحرية بوصفها بحثاً عن المطلق”، وفيه ثلاثة فصول. بينما يبحث الثاني في الحرية والعنف، ويحمل عنوان “الحرية والعمل”، ويضم ثلاثة فصول أخرى.

يتناول الفصل الأول، وهو أطول فصول الكتاب، سؤال الهوية الذي لا ينفك الإنسان يطرحه على نفسه. ولمعالجة هذا السؤال يبحث الكاتب عن الإنسان أولاً في الفضاء، أي من الخارج، من عالمه المحيط. ويبحث في مسألة نهائية هذا الفضاء، أو لا نهائيته. ومن ثم يبحث في طبيعته، فيعرض في سياق ذلك النظريات العلمية الحديثة حول مفهوم الفضاء؛ فهو إما منحنٍ مغلق على نفسه، أو مائل مع إشارة سالبة، أو أنه ممتد بصورة مستمرة. ليخلص في نهاية عرضه إلى أنه أياً ما كان مفهوم هذا الفضاء فهو فضاء متناهٍ، ولينتقل بعدها إلى الحديث عن مسألة وجود الله، إذ لا تنفصل قضية وجود الله عن مشكلة الفضاء نفسه. 

ثم إنه يتناول مسألة الوجود الإنساني في سياق الزمان، فكل “جديد يمرّ بالزمان قبل أن يصبح واقعاً. وكل ما هو إنساني، أو غير إنساني، لا يمر إلّا داخل إطار زمنه الخاص”. ويقدّم في ذلك لمصطلح “الزمان الذاتي” الذي يحمل معنى المطلق بالنسبة لمن يعيشه، وهو على خلاف “الزمان الموضوعي” المتعلق بالكون الخارجي، ليقودنا إلى سؤاله عن الديمومة؛ فهل هي بالفعل خارج الأشخاص الأحرار والمبدعين؟ وهل لها وجود مستقل؟ 

كما ويعرض المسألة من زاوية ثالثة، وهي “أصل الحياة”؛ فهل يستطيع العلم حل لغز الإنسان بالبحث في أصل وجوده؟ وهل تستطيع العلوم أن تكشف المعنى الكلي للمادة؟ ويأخذنا ببحثه إلى مزيد من الأسئلة، فـ “هل المادة هي أصل نفسها؟ وهل كيان الكتلة الكونية هو الكتلة الكونية عينها؟”، ليصل إلى أنه لا يمكن للمادة أن تكون أساس نفسها، إذ يقود ذلك إلى القول بأزليتها، والأزل لا يبدأ بزمان، بينما المادة الزمنية لها عمر؛ “تتقدّم في السن وتتغيّر وتتحوّل”.

وخلاصة ما سبق أنّ تاريخ المادة يتحدد بفضل الفضاء والزمان، لكنّ المادة ليست مبدعة ذاتها، كما أنها ليست أزلية، وبالتالي فلا بد من “وجود قوة قادرة على أن توجد نفسها بنفسها، قوة هي أساسها”، وهي قادرة على تفسير الوجود. وأنّ هذه القوة الأزلية الخالقة “لا يحتويها زمان ولا مكان”، وأننا “نكتشف أثر تعاليها فينا من طريق الكلام والنطق”. هكذا يكتشف الإنسان بنيته الدائمة لذاته الفاعلة.

أما اللغة، فيتناولها الباحث من ثلاثة أبعاد؛ الأول، البعد البيولوجي، حيث تؤدي اللغة دوراً مهمًا في تكوين الفكر. والثاني هو بعد التحليل النفسي الذي يعارض فيه مذهب نورمان براون القائل بانتماء اللغة إلى اللبيدو، وتعبيرها عن رغبة جنسية طفولية قبل تناسلية مكبوتة. أما البعد الثالث فيتناول اللغة في حقل المعرفة اللسانية الذي يبحث في أصلها. وهنا يعرض الباحث مذاهب العلماء والفلاسفة المفكرين في المسألة، من فردينان إلى جاكسون وتشومسكي ودريدا وهايدغر، ليذهب إلى القول بأنّ اللغة هي “شرط الحضور كله للذات أمام ذاتها عينها، وأمام العالم”، ومن دونها تبقى المشاعر والأفكار غامضة ليس لها شكل محدد.

يحدد الباحث مهمته في الفصل الثاني من الكتاب في البرهنة على أنّ الحرية الإنسانية مرادفة للبحث عن المطلق، فجاء بعنوان “الحب والحرية بوصفهما بحثاً عن المطلق”. والحب الذي يبحثه هنا هو الحب الجنسي الذي يؤدي في النهاية إلى حرية روحية، مستعيناً في تبيان قوله بالميثولوجيا المتمثلة أولاً بقصة آدم وحواء، ثم الأسطورة الأفلاطونية حول الأندروجين، ثم وبشكل أكثر تفصيلاً أسطورة إيروس المجنح، إله الحب والرغبة والجنس عند اليونان، والذي يحمله الحب إلى ما هو أبعد من إشباع حاجته الجسدية، فتوقظ في نفسه رؤى سماوية تُلبسه أجنحة تحلّق به بعيداً عن واقعه، فكان هذيانه في الحب هو طريقه إلى الحرية التي لا تنتمي إلى عالم الموضوع.

في الفصل الثالث من الكتاب، والذي يحمل عنوان “الحرية بوصفها معرفة للمطلق”، يقدّم الباحث لمفهوم الحرية من حيث هي روحية تأملية غير عملية، فيعرض المفهوم الفلسفي للحرية عند كل من سقراط وأفلاطون وأرسطو وديكارت وسبينوزا وكانط وهيغل وبرغسون. ليخلص إلى أنّ الحرية الإنسانية – التي هي بحث عن المطلق – إنما هي في جوهرها “التحرر بواسطة المعرفة (أو وعي الذات) من كل ما يشكّل عائقاً بين الإنسان والمطلق”، وأنّ ذلك العائق هو الشر الذي قد يأتي بأسماء متعددة “كالجسد أو الطبيعة الحسية أو المادة” ونحو ذلك؛ وكي يبلغ الإنسان هذه الحرية، عليه أن يسيطر على “القوى المظلمة الكامنة في كيانه، والناحية المادية كلها في وجوده”؛ وأنّ أعمق معاني هذه الحرية يكمن في البحث عن أصل الذات، والسعي للعودة إلى هذا الأصل؛ وأخيراً، أنّ الحب والمعرفة طريقان تؤديان إلى المطلق.

ثم يأتي الفصل الرابع بعنوان “الحرية والمسؤولية”، ويعرض فيه الباحث موقف سارتر من الحرية التي تتأسس عنده على العدم، وعلى قدرة إعدام الماضي ومحوه، فهي حرية شاملة، إذ يعبّر عن ذلك بقوله: “لا يمكن إيجاد حدود لحريتي سوى حريتي عينها”. وهي أيضاً مؤسسة عنده على العمل وحده، لا على المطلق ولا على ماهية الإنسان، فالإنسان هو من يرسم مستقبله بفعله. ويفصّل الباحث في ردّه على سارتر مستعيناً أحياناً بآراء سارتر نفسه حول مفهوم المسؤولية، وتصوّره عن مفهوم الطهارة في واقع الحياة العملية. ويوضح أنّ مفهوم الحرية عند سارتر إنما يتأرجح بين الكانطية والفعل الاختياري الكلاسيكي، وأنه لا يمكن بحال تأسيس مفهوم الحرية على الممارسة العملية. كما أنّ مبدأ المسؤولية ليس صالحاً ليكون أساساً لها، إذ تحتاج المسؤولية إلى معيار يحددها، وإذا كان هذا المعيار مثلاً أعلى، أو نوعاً من المطلق، فهي تقودنا من جديد إلى “الحرية الروحية”.

أما الفصل الخامس، والمعنون بـ “في البدء كان العمل والعمل كان عنفاً”، فينظر فيه الباحث في الأسباب الرئيسة التي أدّت إلى القطيعة بين الفلسفة والعالم الواقعي الخارجي. ومنطلق هذا البحث أنّ القول بالحرية الروحية، المنتمية إلى عالم الفكر التأملي، يضعها في دائرة الترف الذي لا تملك ممارسته سوى فئة محددة من الناس. وهنا يوضح الباحث أنّ العمل، أي عمل، يلتصق التصاقاً شديداً بالعنف، وأنّ ثمة صراعاً دائماً بين الغاية والوسائل المستخدمة لتحقيقها، وأنّ كل فعل يومي يمارسه الإنسان هو ممارسة للعنف من وجه ما. ويضرب مثالاً على ذلك الرجل الذي يتذكر جياع العالم أثناء تناوله الطعام، فيفكر أنّ الجميع، بما فيهم هو، بشكل أو بآخر، يرتكبون عنفاً تجاه هؤلاء الجياع، لكنه في الوقت نفسه، إذ يفكر بهم ويفسد على نفسه تناول وجبته، يمارس عنفاً جديداً تجاه نفسه. فأي عمل يحمل معه مقداراً من الشر والسوء لا يمكن تفاديه. من هنا، يوضح الباحث مدى صعوبة تجريد الأنا من أنانيتها، وبحثها الدائم عن المصلحة، وهذا الجانب الضعيف فينا، كما يقول، هو “الناحية المظلمة من وجودنا”. ويشير أخيراً إلى أنّ الحرية التي هي موضوع البحث هنا عبارة عن “نشاط يحاول أن يكون على جانب كبير من الوعي، يعمل في خدمة مثل أعلى”، ولا نعرف متى يمكن تحققها. كما أنها تحمل في طياتها نقائض العمل، أي إنّ ما سبق قد لا ينطبق عليها.

أما الفصل السادس والأخير؛ “الحرية والفاعلية”، فيستهله الباحث بقوله “إنّ مفهوم الفاعلية حين يوضع في خدمة مثل أعلى، مهما كان نبيلاً، يشكّل خطورة كبيرة”، فباسم الفاعلية قد يُبرر الكثير من العنف، وهذا أمر يقرّه التاريخ ويشهد عليه، ولعل أبرز تلك الشواهد تحولات الماركسية التي سعت لبلوغ نموذج الإنسان الحر، لكنّ هبوطها إلى أرض الواقع، وتعاطيها مع مشكلاته، مزقها إلى تيارات سياسية متعددة؛ لينينية وتروتسكية وماوية وغير ذلك، بل ووُظفت توظيفاً عنيفاً باسم حرية الإنسان التي تنظّر لها.

ختاماً، فإنّ هذا الكتاب من ذلك النوع الذي لا يؤخذ مجزأً، فهو كسلسلة متصلة لا يكتمل فيه المعنى إلا باكتمال قراءته ومدارسته، وقد أجاد الباحث فيه تدرّج الانتقال من سؤال إلى آخر، ومن نتيجة إلى أخرى، ليصل به إلى حيث أراد، مفككاً العلاقة بين الحرية والعنف، من خلال بحث فلسفي يحفر عميقاً في ذات الإنسان، وهو حفرٌ لازمٌ تتطلبه طبيعة موضوعه إذ يتناول الحرية من حيث هي مرتبطة بذات الإنسان الفاعلة، وحين يكون الإنسان موضوعاً لفكره ومعرفته، فالأمر يحتاج بطبيعة الحال تحليلاً لذاته وبنيته الداخلية. ولا يسع القارئ في نهايته إلّا أن يشارك الباحث أمله الذي أبداه في خاتمته، بحدوث التقدم المأمول نحو حلم “العالم الحر”، حيث تتقدم الأنفس الإنسانية بتخليها عن أنانيتها وحبها للتسلط، وبانفتاحها على الآخر، وتجاوزها صراعات الماضي وتناقضاته، لوقف العنف وبلوغ السلام المنشود.

The post «الحرية والعنف» لجورج زيناتي… تفكيك العلاقة بين المفهومين appeared first on مجلة رمان الثقافية.

]]>
الذات في الرواية التاريخية الفلسطينية https://rommanmag.com/archives/19905 Mon, 23 Dec 2019 11:25:49 +0000 https://romman.b5digital.dk/%d8%a7%d9%84%d8%b0%d8%a7%d8%aa-%d9%81%d9%8a-%d8%a7%d9%84%d8%b1%d9%88%d8%a7%d9%8a%d8%a9-%d8%a7%d9%84%d8%aa%d8%a7%d8%b1%d9%8a%d8%ae%d9%8a%d8%a9-%d8%a7%d9%84%d9%81%d9%84%d8%b3%d8%b7%d9%8a%d9%86%d9%8a/ تنقل الرواية التاريخية، المحكيّة أو المكتوبة، حوادث الماضي في سياق التجربة الشخصية للراوي، بحيث هو بطل روايته، دون وجود ضمانة تُحكم ربط الحقيقة بنص رواية بعينها. وهي إذ ذاك تعتمد في سرديتها على ذاكرة الفرد التي تصبح موضع اختبار من ناحية، وعلى موقعه من الحدث كجزء منه أو فاعل فيه من ناحية أخرى. واختبار الذاكرة […]

The post الذات في الرواية التاريخية الفلسطينية appeared first on مجلة رمان الثقافية.

]]>
تنقل الرواية التاريخية، المحكيّة أو المكتوبة، حوادث الماضي في سياق التجربة الشخصية للراوي، بحيث هو بطل روايته، دون وجود ضمانة تُحكم ربط الحقيقة بنص رواية بعينها. وهي إذ ذاك تعتمد في سرديتها على ذاكرة الفرد التي تصبح موضع اختبار من ناحية، وعلى موقعه من الحدث كجزء منه أو فاعل فيه من ناحية أخرى.

واختبار الذاكرة في سردها للحدث الماضي إنما هو اختبار تمثّل للواقعة على وجه الحقيقة، لكن عملية التمثّل هذه، إذ ترافقها انطباعات الماضي وانفعالاته، فهي أيضاً لا تخلو من إدراكات الحاضر وتحليلاته وأحكامه، مما قد ينقل الواقعي إلى خانة التخيّلي دونما وعي من الراوي. ففعل التذكّر بطبيعة الحال ليس عملاً بدهياً سهلاً يتناول فيه المتذكّر الحدث من صندوق ذكريات مرتب وأنيق، وإنما هو، كما يصف بول ريكور في كتابه «الذاكرة التاريخ النسيان»، فعل بحث يتجاوز مجرد استقبال صور من الماضي ونقلها إلى الحاضر. وهو مرتبط بلا شك بذات المتذكّر، وما يطرأ عليها من تغييرات، تشمل كافة جوانبها الفسيولوجية والسيكولوجية والسوسيولوجية؛ فالذاكرة بوصفها حافظة للمعلومات، تُحيل أولاً، كما يقول جاك لوغوف في كتابه «التاريخ والذاكرة» “إلى الوظائف النفسية التي يستطيع الإنسان بفضلها أن يحيّن عدداً من الانطباعات والمعلومات الماضية التي يتصوّرها منصرمة”، فهي مرتبطة بذلك “بعلم النفس، وعلم النفس الفسيولوجي والعصبي، وبالبيولوجيا”. الأمر الذي قد ينتهي بتغيّر حدث الرواية مع تغيّر حال الراوي، دون نية قصديّة منه بالتحريف أو الكذب.

 وفي حال كانت ذات الراوي، جزءاً من الحدث، تتزايد احتماليات تغيّر سرديته له، فوصف الذات، أو وصف الحدث المرتبط بها، باستنطاق الآخر لها، قد يولّد شعوراً بالتهديد تحت ضغط الاستجواب، وبالتالي قد يدفع إلى إعادة بناء الفعل الماضي، في محاولة لإثبات أو نفي حضور الذات وفاعليتها في الحدث الموصوف. تقول جوديث بتلر، في كتابها «الذات تصف نفسها»: “إذا حاولت أن أقدّم وصفاً لنفسي، إذا حاولت الحصول على الاعتراف والفهم، إذن فقد أشرع بتقديم وصف سردي لحياتي، لكن قوة لا تعود لي وحدي ستغيّر مسار السرد؛ سوف اضطر إلى حد ما إلى أن أجعل نفسي قابلة للاستبدال، لكي أجعلها جديرة بالاعتراف بها.”

ولا تخلو الرواية التاريخية الفلسطينية من هذه الإشكالية، خاصة عند تأريخها لحوادث مفصلية في مسار الثورة الفلسطينية، صعوداً أو هبوطاً. وتظهر جليّة إما في تعدد الرواة الناقلين للحدث، أو في الكتابة اليومية التي يُعاد سردها أو تدوينها من الراوي نفسه، بعد سنوات لاحقة.

في كتابه «داخل السور القديم»، والذي سيصدر قريبًا عن “المركز العربي للأبحاث ودراسة السياسات”، يقدّم الباحث الفلسطيني بلال شلش دراسة تحليلية لحالة الإثبات والإسكات التي يمارسها الراوي في الرواية التاريخية الفلسطينية، متناولاً نموذج قاسم الريماوي، وتحوّلات روايته في ظرفين زمانيين يفصل بينهما ثلاثة وعشرون عاماً؛ الأولى في تقرير له عن قوة “الجهاد المقدّس”، والذي رفعه للحاج أمين الحسيني في عام 1949. والثانية في مقالاته حول الموضوع ذاته، والمنشورة في صحيفة “الدستور” الأردنية في عام 1972. وفي كلا الروايتين ينعكس تغيّر موقع الذات تغيّراً في سردية الحدث، حيث هي في الأولى ذات المقاتل الفلسطيني في صفوف الجهاد المقدّس، بينما هي في الثانية ذات السياسي في منظومة الحكم الأردني.

يُمحّص الكتاب جميع مواطن تباين السردية التاريخية في الروايتين ضمن إطار الإثبات مقابل الإسكات، أو التأكيد مقابل التهميش، والذي هو في حقيقته إعادة قراءة للحدث ولدور الراوي فيه، وأمثلة ذلك كثيرة لا يمكن حصرها هنا، إنما نسوق منها مثالاً واحداً يُبرز مركزية الذات في الرواية، وانعكاسها عليها. ففي تقريره المكتوب في عام 1949، يروي الريماوي حادثة نقله شحنة متفجرات عن طريق جسر الشيخ حسين، فيقول: “أوقفني مأمور الجمرك في المفرق… وبعد مداولات بيني وبينهم، واتصالهم بالملك (عبد الله الأول)، أطلقوا سراح العربات، على أن أمرّ بها عبر المخاضات، ولكنّ عبور المخاضات كان متعذراً لهطول الأمطار، فلم يُسمح لي بالمرور. وبعد مجادلة عنيفة بيني وبين المسؤولين، اتصلوا بالملك، فطلب مقابلتي في مقرّه (في) الشونة، فتوجهت إليه. وبعد بحث طويل، قال لي إنّه يسمح بنقلها عبر المخاضات، ولكن ليس عبر الجسر، لأنّ الإنكليز ما زالوا يراقبونه، وهو يخشى أن يقفلوه. فغادرت القصر وأنا مُصِرّ على المرور عبر الجسر. ولمّا وصلت، فتحتُ الجسر، بعد أن سحبتُ مسدساً، وقلت لهم: “إن لم تمرّ هذه المتفجرات الآن، فإنني سأطلق النار عليها، فتنسفني وتنسف الجسر وجميع الأبنية القائمة في هذه المنطقة على بُعد عشرين كيلومتراً”. وهكذا، مرّت السيارات الثلاث بعد جهد ومراوغة، وقد كان شعور موظفي الجمرك والجنود معي.”

لكنه حين يعيد رواية الحدث في مقالاته المنشورة في عام 1972، ينقل حواره مع الملك عبد الله، فيقول: “قال جلالته: ولكنّكم تعرفون أنني متفق مع (فوزي) القاوقجي بالمرور عن طريق الشيخ حسين، وتصله الإمدادات عن طريقه، بحسب اتفاقنا. قلت لجلالته: ولكنّ الجسر مقفل، فهنالك طوفان بسبب الأمطار والثلوج. قال: حسناً، أحضروا السيارات هنا، ونحن سنتدبر أمرها، فأنا لا أريد أن يتخذ الإنكليز حجة من هذه ويغلقوا لنا الجسر، وهو المنفذ الوحيد لنا، بل هو شريان حياة لنا. قلت له: يا سيدنا، ولكن هذه متفجرات قد مضى عليها ثلاثة أيام بلياليها وهي تحت المطر، وأخشى أن تنفجر إحدى السيارات، وهي كافية لتدمير هذه المنطقة بكاملها إلى عمّان. فسكت، ثم قلت له: على أية حال إنّنا ننوي القيام بأعمال ترفع رأس كل عربي، وستسمع بها جلالتك، ومَن أولى منك بالجهاد؟ فأنت ابن بنت رسول الله، وأنا قابل أي قرار تتخذه. فسلّمت وتركته، وقبل أن أصل إلى الباب الخارجي للحديقة، وإذا به ينادني قائلاً: يا شاب، تعال. قال: إنني سأطلب من عبد القادر الجندي أن يساعد بنقلها بواسطة سيارات الجيش. غادرتُ القصر وعدتُ إلى الجسر، وقلت لقائد المخفر: لقد وافق جلالته على المرور.”

هذه الروايات التاريخية المتغيّرة بتغيّر الرواة أو بتغيّر الزمان، والتي ترويها الذات عن نفسها، قد لا تحتاج، في بعض الأحيان، إلى أكثر من امتلاك الباحث نظرة علمية ثاقبة تساعده في تشخيص علّة الرواية ومعالجتها. لكنها في أحيان أخرى تحتاج، كما يقول ريكور، إلى هيئة نقدية تكشف عن الحقيقة، باللجوء إلى شهادات أخرى لرواة أكثر أهلية أو عدالة، تخالف روايتهم الرواية المشبوهة موضع البحث. وفي الحالتين فإنّ الأمر يتطلب عملاً بحثياً جاداً يعالج النصوص ويمحّصها ويدققها. ولعل كتاب «داخل السور القديم» أحد تلك النماذج الجادة التي تُعيد النظر في السرديات المروية، وتقدّم للقارئ إجابات عن أسئلة تظل تتجدد مع كل قراءة مختلفة للحوادث التاريخية المتقادمة.   

The post الذات في الرواية التاريخية الفلسطينية appeared first on مجلة رمان الثقافية.

]]>