مهند صلاحات - مجلة رمان الثقافية https://rommanmag.com/archives/author/67rommanmag-com مجلة ثقافية فلسطينية مستقلة Sat, 02 Nov 2024 08:42:29 +0000 ar hourly 1 https://wordpress.org/?v=6.6.2 https://rommanmag.com/wp-content/uploads/2024/10/cropped-romman_logo-pink-32x32.png مهند صلاحات - مجلة رمان الثقافية https://rommanmag.com/archives/author/67rommanmag-com 32 32 “لنا ذاكرتنا” لرامي فرح: تجريب وثائقي لاستحضار الذاكرة المبكرة للثورة https://rommanmag.com/archives/20700 Sat, 13 Nov 2021 17:39:03 +0000 https://romman.b5digital.dk/%d9%84%d9%86%d8%a7-%d8%b0%d8%a7%d9%83%d8%b1%d8%aa%d9%86%d8%a7-%d9%84%d8%b1%d8%a7%d9%85%d9%8a-%d9%81%d8%b1%d8%ad-%d8%aa%d8%ac%d8%b1%d9%8a%d8%a8-%d9%88%d8%ab%d8%a7%d8%a6%d9%82%d9%8a-%d9%84%d8%a7/ اختار المخرج السوري رامي فرح في ثاني تجربة وثائقية طويلة له، بعد فيلمه التسجيلي الأول  “فارس حلو: حكاية ممثّل خرج عن النصّ”  (2019، 95 دقيقة)، أن ينتهج أسلوباً تجريبياً يمزج فيه أزمنة الحاضر بالماضي القريب، وبين السينما والمسرح، فيحمل المتلقين الثلاث من مقاعد الحضور إلى خشبة المسرح ويحولهم لمؤدين، يعرض عليهم صوراً من ذاكرتهم القريبة […]

The post “لنا ذاكرتنا” لرامي فرح: تجريب وثائقي لاستحضار الذاكرة المبكرة للثورة appeared first on مجلة رمان الثقافية.

]]>

اختار المخرج السوري رامي فرح في ثاني تجربة وثائقية طويلة له، بعد فيلمه التسجيلي الأول  “فارس حلو: حكاية ممثّل خرج عن النصّ”  (2019، 95 دقيقة)، أن ينتهج أسلوباً تجريبياً يمزج فيه أزمنة الحاضر بالماضي القريب، وبين السينما والمسرح، فيحمل المتلقين الثلاث من مقاعد الحضور إلى خشبة المسرح ويحولهم لمؤدين، يعرض عليهم صوراً من ذاكرتهم القريبة من خلال شاشة سينما، ويصنع من انفعالاتهم فيلماً حمل عنوان “لنا ذاكرتنا” (2021، 93 دقيقة).

ينتمي فيلم “لنا ذاكرتنا” الذي عرض مؤخراً ضمن مهرجان “أيام فلسطين السينمائية” الدولي بدورته الثامنة، إلى موجة أفلام الثورة السورية، وهي موجة سينمائية ثورية جديدة متحررة نشأت مع بدايات الثورة السورية. كان البعض من روادها الأوائل صناع أفلام أو في مراحل دراستهم للسينما، وآخرون دخلوا التجربة من باب المغامرة والتجريب وأيضاً من باب التوثيق الذي حوّلَهم من نشطاء فاعلين بالثورة إلى صانعي أفلام بالتجربة. ميز أفلام هذه الموجة الاستقلالية من ناحية الإنتاج، لكون معظمها وثائقي، أنتجه مستقلون بإنتاج مشترك، كما تميزت أيضاً بالجرأة والانحياز للناس.

عن الثورة في عامها العاشر

اختار المخرج بعد عشر سنوات من الثورة السورية أن يعود للحظات الأولى المُؤسِسةَ، هتافاتها، مسيراتها، شهدائها الأوائل، أهم مفاصلها وأحداثها، تأسيس المقاومة السورية المسلحة “الجيش الحرّ”، قبل وصول الجهاديين والمال الأجنبي. لأن أول الثورة مثل أول الحب، نقية ساذجة، يذهلك سحرها، ترفع مستوى الأدرينالين لديك، وتنفعل حين تتذكرها وكأنها تحدث الآن. هكذا بدى انفعال أحد الشبان الثلاثة الذين ينحدرون من مسقط رأس الثورة، درعا، حين علّق على مشهدٍ من إحدى المظاهرات الأولى في مدينته: “أجمل لحظة بالثورة، بهذا اليوم نادى الشعب بشكل كامل، الشعب يريد اسقاط النظام”.

إنها اللحظة الحاسمة التي انهار فيها جدار الخوف، ربما كانت اللحظة التي استحقت فيها الثورة اسمها، تلك اللحظة التي صرخ فيها السوريون في وجه الديكتاتور كفى أيها الأحمق.

يزن دراج، راني مسالمة، عدي الطالب، من أوائل من صوروا أحداث الثورة مثل كثير من السوريين، بكاميرا موبايل بدايةً، وثقت أول الثورة، وأول الرصاص، وأوائل القطع العسكرية التي احتل بها جيش بشار أسد مدن بلده، قاد جيشاً يتفتت بالانشقاقات، دعاهم رامي على خشبة سينما مركز جورج بومبيدو في العاصمة الفرنسية باريس، ليحملهم عبر أرشيف الفيديو إلى درعا، عبر لقطاتٍ أرشيفيةٍ صوروها هم أو وآخرون، منهم أصدقاء لهم “ماتوا وهم يصورون”، ثورة شعبهم السلمية. 
 

تجريب جريء بأن تذهب باتجاه فيلم يزيد عن التسعين دقيقة يقف فيه ثلاثة أصدقاء يشاهدون أرشيفاً على شاشة سينما تجعل حجم الأشخاص والأشياء تبدو أكبر مما هي على أرض الواقع، رابعهم المخرج يستجوبهم أحياناً، يستفز ذاكرتهم، يسجل انفعالاتهم، في ما يبدو وكأنه مشهد واحد طويل في فيلم على خشبة مسرح، دون أن يوصل مشاهده للملل، فايقاع الفيلم مستمد من إيقاع أحداث بدأ مرحاً هادئاً وارتفعت وتيرته بشكل مستمر مع تتالي الأحداث التي شكّلها المخرج من خلال أداء الأربعة الواقفين على المسرح، ولقطات الأرشيف التي تستعيد الحدث. 

لربما يبدو المشهد في البداية وكأنها محاولة لمحاكمة مجريات الثورة على الديكتاتور، وأين وصلت بعد عشر سنوات، لكن صانع الفيلم اختار بعد عشر سنوات الوقوف فقط على البدايات، البدايات الجميلة مثل ضحاياها الذين أمنوا بها، ورغم رمانسية أن تقف فقط عند البدايات الجميلة لثورة شعب دفع مئات الآلاف من الضحايا والمختفين قسريا والجرحى، وملايين اللاجئين الذين شردتهم جيوش ومليشيات من كل العالم، كي يبقى الديكتاتور ولو مجرد دمية تؤدي دورها كما يشاء اللاعبون الكبار. لكن ربما أراد رامي أن يقول أنه رغم كل ما حدث لا تزال الثورة في بدايتها، فلا يزال إيمان هؤلاء الشباب الثلاثة الذين وقف وسطهم على خشبة المسرح بالثورة كما كان في أيامها الأولى.

The post “لنا ذاكرتنا” لرامي فرح: تجريب وثائقي لاستحضار الذاكرة المبكرة للثورة appeared first on مجلة رمان الثقافية.

]]>
“ملتقى صناع السينما الفلسطينية”: رؤى للنهوض بصناعة وتوزيع السينما الفلسطينية https://rommanmag.com/archives/20691 Mon, 08 Nov 2021 09:07:09 +0000 https://romman.b5digital.dk/%d9%85%d9%84%d8%aa%d9%82%d9%89-%d8%b5%d9%86%d8%a7%d8%b9-%d8%a7%d9%84%d8%b3%d9%8a%d9%86%d9%85%d8%a7-%d8%a7%d9%84%d9%81%d9%84%d8%b3%d8%b7%d9%8a%d9%86%d9%8a%d8%a9-%d8%b1%d8%a4%d9%89-%d9%84%d9%84%d9%86/ على مدار ثلاثة أيام مضت، ناقش مجموعة من صناع الأفلام والعاملين في قطاع السينما والمؤثرين في بناء عجلة الإنتاج السينمائي من فلسطين وخارجها، مجموعة من القضايا المتعلقة في سبل النهوض بصناعة السينما في فلسطين وتوزيعها محلياً وعالمياً، وذلك من خلال ملتقى صناع السينما الفلسطيني في دورته الرابعة الذي ينظم ضمن فعاليات الدورة الثامنة من مهرجان […]

The post “ملتقى صناع السينما الفلسطينية”: رؤى للنهوض بصناعة وتوزيع السينما الفلسطينية appeared first on مجلة رمان الثقافية.

]]>

على مدار ثلاثة أيام مضت، ناقش مجموعة من صناع الأفلام والعاملين في قطاع السينما والمؤثرين في بناء عجلة الإنتاج السينمائي من فلسطين وخارجها، مجموعة من القضايا المتعلقة في سبل النهوض بصناعة السينما في فلسطين وتوزيعها محلياً وعالمياً، وذلك من خلال ملتقى صناع السينما الفلسطيني في دورته الرابعة الذي ينظم ضمن فعاليات الدورة الثامنة من مهرجان “أيام فلسطين السينمائية” الدولي 2021. مسلطاً الضوء على المركبات المؤثرة في عملية بناء عجلة الإنتاج السينمائي، ومستكشفاً السياسات وآليات العمل اللازمة لتمكين دورانها بحيث يتناغم مع عمل الجهات كافة في رفد صناعة السينما الفلسطينية التي تتشارك مسؤوليتها المجتمعية، المؤسسات الرسمية والوطنية، والتعليمية، والثقافية، ومراكز التدريب ومجموعات العمل السينمائي وشركات القطاع الخاص. 

الملتقى الذي بدأ فعالياته هذا العام في الرابع من شهر نوفمبر الحالي واستمر حتى السابع من ذات الشهر، اشتمل على أربع جلسات عقدت جميعها في مؤسسة القطان في رام الله: محادثة صنّاع الرواية، محادثة مروجي الصناعة، محادثة صناع الكفاءات ومحادثة لاعبي الصناعة الرئيسيين. وعبر توظيف خبرته المتراكمة على مدى السنوات السابقة جاءت الدورة الرابعة أكثر اختصاصاً من حيث تطوير رؤيته لتشكّل أرضيةً مترابطة يحاول المشاركون فيها تشكيل أرضية ورؤية مستقبلية شاملة لصناعة السينما في فلسطين، وهي رؤية تسعى مؤسسة “فيلم لاب – فلسطين” الجهة المنظمة لمهرجان “أيام فلسطين السينمائية”، لبلورتها وخلق أرضية لها بالتعاون مع المؤسسات المحلية والدولية الداعمة، ومن خلال المهرجان الذي انطلق عام 2014 سعت إلى تنمية الثقافة السينمائية من خلال عروض الأفلام المحلية والدولية في المدن الفلسطينية، إلى جانب حلقات نقاش، وورش عمل احترافية، وبرامج متخصصة للجيل القادم. ويمكنني القول أنه بعد سنوات من انطلاق المهرجان والملتقى والفعاليات المرافقة مثل سينما الجيل الجديد بالإضافة للمرافق الإنتاجية التي وفرها فيلم لاب مثل وحدة تصحيح الألوان التي افتتحها هذا العام، والأستوديوهات والمعدات التي غالبا ما تقدم لصناع الأفلام في فلسطين كنوع من الدعم، جميعها عناصر نجحت المؤسسة مع شركائها في جعلها بنية أساسية في التأسيس لصناعة أفلام فلسطينية.

ويأتي الملتقى ليناقش فضاء الأفكار بناء على ما أنجز وما هو موجود لوضع رؤية مستقبلية واقعية تعتمد على استيعاب الدروس المستفادة من تجارب صنّاع السينما محلياً واقليمياً وعالمياً، ورسم تصور لمستقبل هذه الصناعة الناشئة عبر طرح أسئلة محورية حول تشكيل هذه الصناعة والمسؤولية المشتركة لكل العاملين في هذا القطاع فلسطينياً، سواء على الصعيد الفردي أو المؤسساتي بشقيه الرسمي والخاص، لكونه كما يقول القائمون على الملتقى: “تشكّل صناعة سينما فلسطينية يحتاج لإجاباتٍ من الجهات المعنية، أسئلة بات من غير الممكن إنكارها أو تجاوز أثرها، بعد أن أثبتت التجربة أن خلق صناعة مستدامة لا يقتصر على تفاني مجموعة عمل بعينها، وإنما تتشعب المسؤولية وتتقاطع جهود مجموعات عمل عديدة في عجلة يتكامل فيها مشهد الصناعة”.

الملتقى الذي تأسس عام ٢٠١٧ كما يقول مدير الملتقى، المخرج الفلسطيني مؤيد عليان: كملتقى يتناول آخر مستجدات صناعة الأفلام، في مهرجان أيام فلسطين السينمائية، ليكون المهرجان فرصة تجمع ما بين المحترفين الرئيسيين في هذه الصناعة في فلسطين والخارج من ضيوف المهرجان وحضوره، لإيجاد فضاء ابتكاري مفتوح للتفكير بالأفلام ومناقشتها وتقديم المشاريع وتطويرها، بالإضافة لخلق فرص وحلقات للتشبيك بين صناع الأفلام من مخرجين ومنتجين وموزعين وعاملين في هذا القطاع الواسع.

مضيفاً: أن الملتقى نجح منذ انطلاقه في أن يصبح مساحةً لمناقشة أعمال الإنتاج المحلية المرتبطة بالسوق، والتي تأخذ السياق الإقليمي والعالمي المتغير للصناعة في عين الاعتبار، إضافة للتحديات والتفاصيل المتعلقة بخصوصية السياق الفلسطيني”.
 

صنّاع الرواية

افتتح الملتقى أول جلساته في مؤسسة عبد المحسن القطان في رام الله، في الرابع من نوفمبر، بمحادثة حملت عنوان “صنّاع الرواية”، بمشاركة الفنانة ربى بلال عصفور، والمخرجة إيناس المظفّر، والمخرج والممثل وسيم خير، وأدار النقاش خلالها المخرجة سهى عرّاف. ناقش المشاركون فيها، الفرص المتاحة لصنّاع السينما الفلسطينيين لإثبات ذاتهم والبقاء داخل فلسطين والعمل في مجال صناعة الأفلام، في ظل التحديات المختلفة من شح الموارد المتاحة وضعف الإمكانات من جانب، وتزايد الضغوط والإغراءات من جانب آخر.

مروجو الصناعة

وفي السادس من نوفمبر، عقدت الجلسة الثانية التي حملت عنوان “مروجي الصناعة” بمشاركة مؤسسة ومديرة سينما متروبوليس في لبنان، وطارق أبو لغد مؤسس ومدير الشبكة العربية للإعلام في الأردن، والمخرج التونسي قيس زايد أحد مؤسسي شركة هكا للتوزيع السينمائي، ومؤسس ومدير مسرح القصبة في رام الله جورج إبراهيم، وأدار الجلسة المخرج الفلسطيني مهند صلاحات. ناقشوا فيها تأثير الجائحة على عرض وتوزيع الأفلام في لبنان وتونس والأردن وفلسطين وكيف أعادت الجائحة تشكيل طرق التواصل بين صناع السينما والمشاهدين بتسارع تجاوز قنوات التواصل التقليدية، مما فتح المجال أمام سيطرة منصات إنتاج وترويج مثل نتفلكس وأمازون، والظروف المتغيرة التي تؤثر في توزيع وعروض الأفلام، والتغيرات التي طرأت على ثقافة السينما وعلاقة الجمهور معها على مدار السنوات الماضية، وكيف عمل الموزعون على تطوير أدواتهم وما أبرز الإشكاليات التي واجهوها، كما ناقشوا مع الحضور رؤيتهم المستقبلية وأدوات عملهم.
 

صنّاع الكفاءات

في ثالث أيام الملتقى، السابع من نوفمبر ٢٠٢١، عقدت محادثة “صنّاع الكفاءات” التي شارك فيها الإعلامي عماد الأصفر، المخرج ثائر العزة، ومديرة شبكة الفنون الأدائية مارينا برهم، وأستاذ الإعلام الرقمي والاتصال نادر صالحة، وأدارتها المخرجة شروق حرب. ناقشوا المجتمعون والحضور فيها دور المؤسسات التعليمية ومراكز التدريب في اكتساب وتطوير المهارات، وتهيئة الخبرات اللازمة لسوق صناعة السينما، وأبرز التحديات التي تواجههم وما هي خططهم المعدة لمواجهة المتغيرات المستقبلية، بالإضافة إلى مستقبل الملتحقين في هذه المؤسسات التعليمية والمراكز بعد اجتيازهم مرحلة التعليم، وكيف يمكن لفلسطين أن تكون حاضنتهم الأولى.

لاعبوا الصناعة الرئيسيين

وفي ذات اليوم الثالث، عقدت أيضاً جلسة “محادثة لاعبي الصناعة الرئيسيين” بمشاركة المنتجة والمخرجة الأردنية ديمة عازر، والمخرج والمنتج الفلسطيني رائد أنضوني، والمدير العام للهيئة الملكية الأردنية للأفلام مهند البكري، والمخرج والمنتج الفلسطيني حنا عطالله، مدير أيام فلسطين السينمائية، وأدارت المحادثة المخرجة الفلسطينية ديمة أبو غوش. ناقشوا خلالها سبل بناء تفاهمات أوسع لتوفير الدعم والحماية لصناعة السينما، منطلقين من أن دور الصنّاع الرئيسيين لا يقتصر على خلق فرص التشبيك الداخلي والخارجي بين صناع الأفلام، بل يمتد إلى تحمل المسؤولية عن تغطية الاحتياجات والمقومات بتنسيق فيما بينها والشروع في دفع حملات الضغط للترويج للتشريعات اللازمة والمبادرة في احتواء صناديق دعم الصناعة وتقنينها، بالإضافة إلى اقتراح نماذج لأشكال اقتطاعات ضريبية داعمة لها. 

ناقش المشاركين كذلك المسؤولية الكبيرة التي تقع على عاتق الجميع وخاصة القطاع الحكومي والحكومات الوطنية، والبلديات والقطاع الخاص، في حماية الرواية الفلسطينية التي لا تنفك عن مواجهة الهجمات الهادفة إلى محوها واقصائها، وصمود هذه الرواية حتى اليوم بفضل التضحيات لتوثيقها وترويجها بالوسائل المتاحة.

يذكر أن 65 فيلمًا من فلسطين ودول عربية وأجنبية منها: مصر والمغرب والجزائر ولبنان وسوريا وإيران ومالطا والبوسنة وصربيا وفرنسا وإنجلترا وأمريكا والدنمارك والسويد، شاركت في مهرجان أيام فلسطين السينمائية الذي اختتم أعماله مساء يوم الإثنين الثامن من شهر نوفمبر الحالي، وتوزعت عروضه في 15 موقعًا بمدن هي: القدس العاصمة، ورام الله، وبيت لحم، وغزة، وحيفا، والناصرة. ويرصد ريع عروض الأفلام في مدينة القدس المحتلة للمسرح الوطني الفلسطيني “الحكواتي”، كمساهمة رمزية من “فيلم لاب فلسطين” لدعم صمود المسرح كصرح ثقافي مهم في القدس، في ظل الظروف المالية الصعبة التي يعيشها والتي باتت تهدد استمراريته.

يمكن مشاهدة الملتقى مسجّلاً هنا، عبر صفحة المهرجان على فيسبوك.
 

The post “ملتقى صناع السينما الفلسطينية”: رؤى للنهوض بصناعة وتوزيع السينما الفلسطينية appeared first on مجلة رمان الثقافية.

]]>
“أيام فلسطين السينمائية” وصمود “الحكواتي” https://rommanmag.com/archives/20687 Fri, 05 Nov 2021 16:01:46 +0000 https://romman.b5digital.dk/%d8%a3%d9%8a%d8%a7%d9%85-%d9%81%d9%84%d8%b3%d8%b7%d9%8a%d9%86-%d8%a7%d9%84%d8%b3%d9%8a%d9%86%d9%85%d8%a7%d8%a6%d9%8a%d8%a9-%d9%88%d8%b5%d9%85%d9%88%d8%af-%d8%a7%d9%84%d8%ad%d9%83%d9%88%d8%a7%d8%aa/ شكّلَ المسرح الوطني الفلسطيني “الحكواتي” منذ تأسيسه عام 1983 على أيدي أعضاء فرقة الحكواتي السبعة الذين أسسوا المسرح، حالة مهمة في المشهد الثقافي والفني المقدسي خصوصاً والفلسطيني عموماً، وتحول مع الوقت إلى معلم من المعالم الثقافية الأبرز في المدينة، وأداة مقاومة ضد تهويد المكان وثقافته وتاريخه وتهجير سكانه الأصليين، حيث لعب المسرح دوراً فاعلاً في […]

The post “أيام فلسطين السينمائية” وصمود “الحكواتي” appeared first on مجلة رمان الثقافية.

]]>
شكّلَ المسرح الوطني الفلسطيني “الحكواتي” منذ تأسيسه عام 1983 على أيدي أعضاء فرقة الحكواتي السبعة الذين أسسوا المسرح، حالة مهمة في المشهد الثقافي والفني المقدسي خصوصاً والفلسطيني عموماً، وتحول مع الوقت إلى معلم من المعالم الثقافية الأبرز في المدينة، وأداة مقاومة ضد تهويد المكان وثقافته وتاريخه وتهجير سكانه الأصليين، حيث لعب المسرح دوراً فاعلاً في رسم هذا المشهد في مدينة تعاني من الاحتلال ومشاريع التهويد منذ عقود، لكن هذا الصرح الثقافي الذي يقع في حي الشيخ جراح وسط مدينة القدس، نهاية شارع صلاح الدين، يعاني اليوم من أزمة مالية خانقة تكاد تهدد وجوده وتاريخه الممتد لما يقارب الأربعة عقود على تأسيسه.

لذلك؛ وإيماناً بدورها في المساهمة ودعم المشهد الثقافي والفني الفلسطيني، قررت مؤسسة “فيلم لاب فلسطين”، المُنظِمة لمهرجان “أيام فلسطين السينمائية”، تخصيص ريع تذاكر عروض المهرجان في دورته الحالية الثامنة في القدس، لدعم مسرح الحكواتي، في ظلّ تقصير رسمي فلسطيني في إنقاذ المسرح من أزمته التي يعاني منها منذ سنوات، لكنها تفاقمت أكثر بعد جائحة كورونا خلال العامين الماضيين، حيث فقد المسرح الجزء الأكبر من موارده القادمة من شباك تذاكر العروض التي كانت تساهم بما يقارب 40 ـ 50٪ من هذه النفقات التشغيلية للمسرح، نتيجة حظر التجمعات وإقامة الفعاليات من قبل سلطات الاحتلال الإسرائيلي، بالإضافة لتحولات سياسات تمويل المشاريع الفنية من الدول العربية والأوروبية.

حيث عبّر مدير مهرجان أيام فلسطين السينمائية، حنّا عطالله عن سعادته لعودة العروض والفعاليات للقدس، بعد توقفها بسبب الدورة الاستثنائية التي فرضتها الجائحة العام الماضي، والقيود التي فرضها الاحتلال الإسرائيلي في العاصمة الفلسطينية المحتلة بحظر التجمعات وإقامة الفعاليات، مشيراً لأن هذه الدورة حملت فعاليات ولقاءات وعروض أكثر من الدورات السابقة، كما وأن ريع بيع التذاكر في القدس قد تم رصدها لدعم المسرح الوطني الفلسطيني “الحكواتي”، للمساهمة في إخراج المسرح من الأزمة المالية التي يمر بها، كصرح ثقافي فلسطين في القدس يجب أن نتكاتف جميعاً لنحافظ عليه، ولوضع القدس المحتلة الاستثنائي والتعقيدات التي تفرض على كل ما هو فلسطيني بالمدينة، بالتالي فإن واجبنا كأفراد ومؤسسات يحتم علينا التدّخل بكل ما نستطيع أن نحافظ على ما تبقى من صروحنا الثقافية التي تعبر عن هويتنا في المدينة.

ويضيف حنّا، أننا في “فيلم لاب فلسطين” و”أيام فلسطين السينمائية” قررنا ابتداءً من العام 2018 فرض تذاكر مدفوعة على عروض المهرجان بعد أن بقيت لسنوات ماضية مجانية، كان الهدف منها أن يساهم حضور المهرجان بإنتاج فيلم فلسطيني عبر رصد ريع هذه التذاكر في كل المدن الفلسطينية التي يقام فيها المهرجان في جائزة “طائر الشمس للإنتاج” التي تصل إلى 10 ألف دولار، والاستثناء الوحيد هذا العام بأن يتم تخصيص جزء من ريع هذه التذاكر لدعم مسرح الحكواتي.

في سبتمبر الماضي 2021، بدأ مدير المسرح الفنان عمر خليل، جولة في فرنسا ضمن حملة لدعم المسرح من خلال المشاركة في مهرجانات داعمة، وعمل توأمة مع بلديات ومسارح فرنسية بهدف تقوية الحكواتي، في محاولة لتشكيل لوبي ضاغط من المثقفين والفنانين الفرنسيين حول قضية الشروط التمويلية الخاصة بالاتحاد الأوروبي التي أصبحت أكثر صعوبة وتعقيداً حين يتعلق الأمر بالفلسطينيين.

لا يستمد مسرح الحكواتي أهميته فقط من كونه مسرحاً فلسطينيا في قلب مدينة القدس، وفي حي الشيخ جراح تحديداً المهدد سكانه بالتهجير من بيوتهم في مشروع تعمل عليه إسرائيل منذ سنوات، وصلت ذروتها هذا العام وأدت لتفجر انتفاضة فلسطينية هذا العام، أيضاً لكون المسرح يحتضن ما يقارب من 80٪ من النشاطات الثقافية في القدس، ما يجعل منه الحاضنة الثقافية الأولى في المدينة المحتلة.

هذه الحاضنة الثقافية واقعة في مأزق يتمثل بحسب تصريحات سابقة لمدير المسرح لوسائل الإعلام، قال فيها: “أن المسرح لا يمكنه تلقي مساعدات مالية من السلطة الفلسطينية ومؤسساتها لأن سلطات الاحتلال ستتخذها ذريعة لإغلاق المسرح، كما أن المسرح يرفض أن يتلقى مساعدات مالية من سلطات الاحتلال، وهو ما يجعله يعتمد بشكل كامل على الجمهور والمشاريع التي تقدم تمويلاً محدداً سواء من مؤسسات محلية مثل مؤسستَي “القطان” أو “التعاون” أو عربية مثل “البنك الإسلامي للتنمية”.

The post “أيام فلسطين السينمائية” وصمود “الحكواتي” appeared first on مجلة رمان الثقافية.

]]>
“أيام فلسطين السينمائية” تفتتح دورتها الثامنة: عروض في ١٥ موقعاً على امتداد فلسطين https://rommanmag.com/archives/20681 Thu, 04 Nov 2021 08:26:44 +0000 https://romman.b5digital.dk/%d8%a3%d9%8a%d8%a7%d9%85-%d9%81%d9%84%d8%b3%d8%b7%d9%8a%d9%86-%d8%a7%d9%84%d8%b3%d9%8a%d9%86%d9%85%d8%a7%d8%a6%d9%8a%d8%a9-%d8%aa%d9%81%d8%aa%d8%aa%d8%ad-%d8%af%d9%88%d8%b1%d8%aa%d9%87%d8%a7-%d8%a7/ بلون برتقالي، وحبة برتقال على ملصق المهرجان الذي صممته شركة “أربعون مستقلاً” المصرية، اختار منظمو أيام فلسطين السينمائية الدولي بدورته الثامنة 2021، بكل ما تحمله البرتقالة من رمزية فلسطينية، وكذلك ثيمة رمزية ولونية لمنشورات المهرجان الذي افتتح مساء الأربعاء، الثالث من تشرين الثاني/ نوفمبر، عروضه وفعالياته المرافقة، في قصر رام الله الثقافي، بفيلم “الغريب” للمخرج […]

The post “أيام فلسطين السينمائية” تفتتح دورتها الثامنة: عروض في ١٥ موقعاً على امتداد فلسطين appeared first on مجلة رمان الثقافية.

]]>

بلون برتقالي، وحبة برتقال على ملصق المهرجان الذي صممته شركة “أربعون مستقلاً” المصرية، اختار منظمو أيام فلسطين السينمائية الدولي بدورته الثامنة 2021، بكل ما تحمله البرتقالة من رمزية فلسطينية، وكذلك ثيمة رمزية ولونية لمنشورات المهرجان الذي افتتح مساء الأربعاء، الثالث من تشرين الثاني/ نوفمبر، عروضه وفعالياته المرافقة، في قصر رام الله الثقافي، بفيلم “الغريب” للمخرج أمير فخر الدين، بحضور مخرجه وطاقم العمل.

فيلم الافتتاح

فيلم “الغريب” هو التجربة الروائية الطويلة الأولى للمخرج السوري من الجولان السوري المحتل أمير فخر الدين، يعرض في فلسطين في عرضه العربي الأول، بعد عرضه العالمي الأول في مهرجان البندقية السينمائي الدولي خلال شهر أيلول/ سبتمبر الماضي، وحصده جائزة Edipo Re لأفضل فيلم عن فئة الأفلام المتنافسة (أيام فينيسيا). يروي الفيلم في إطار درامي حياة طبيب يائس يعمل دون رخصة بقرية صغيرة في الجولان المحتل، ويمر بأزمة وجودية لاعتبار أنه لا يلبي توقعاته وتوقعات أسرته ومجتمعه وخاصة والده، ثم يكون التحول عندما يلتقي بسوريّ جريح خلف السياج الذي يفصل الجولان المحتل عن  الوطن الأم سوريا، الغارقة بفوضى الحرب، بمشاركة نخبة من الممثلين الفلسطينيين، بينهم أشرف برهوم، أمل قيس، محمد بكري، عامر حليحل، هيثم عمري، محمود أبو جازي، إلهام عرّاف، وسيلا أبو صالح.
 

فريق المهرجان

دورة كاملة

ما يميز هذه الدورة الثامنة من المهرجان أنها دورة غير استثنائية، كما يقول مدير المهرجان حنّا عطالله، مضيفاً أن هذه أول دورة كاملة بكافة فعالياتها، تأتي بعد دورة استثنائية العام الماضي فرضتها الجائحة، حيث تم إعادة مسابقة طائر الشمس بفئاتها الثلاث بعد أن اقتصرت الدورة السابقة على جائزة طائر الشمس للإنتاج، كما أعدنا ملتقى صناع السينما والذي يتميز هذا العام بأنه يأتي نتاج عامين من الحوارات التي كانت تعقد سابقاً وتناقش آفاق تطوير صناعة السينما الفلسطينية وكيفية دعم البنى التحتية لقطاع السينما من حيث العمل على التنسيق مع المؤسسات المحلية العاملة في قطاع الثقافة عموماً وتقديم توصيات متعلقة بالتشريعات والقوانين وغيرها.

ويشير عطالله إلى أن مساحة العروض جغرافياً قد توسعت لتشمل في هذه الدورة بالإضافة لرام الله، عودة العروض إلى القدس بعد تعذر عرضها العام الماضي بسبب قيود الجائحة، وكذلك في غزة وبيت لحم وحيفا، وأيضاً وصول جزء من الفعاليات لمدينة الناصرة. بالإضافة إلى حضور سينمائي محلي كبير أيضاً هذا العام بالنسبة للأفلام الفلسطينية أو غير الفلسطينية التي تتناول الموضوع الفلسطيني، وبحضور أكبر لنجوم السينما الفلسطينيين، وكذلك تنوع أكبر في لجنة التحكيم لمسابقات طائر الشمس الثلاث.

دورة أكثر اتساعاً

كما تشير عُلا سلامة مديرة العمليات في المهرجان، إلى زيادة عدد أماكن العرض في هذه الدورة، حيث تتوزع العروض على 15 موقعاً في المدن الستة على امتداد فلسطين، بالإضافة لزيادة عدد “الفينيوز”  مقارنة بالأعوام السابقة، لإتاحة المجال أكثر لأكبر عدد من الحضور، مع تأكيدها على جاهزية المهرجان على فتح قاعات عرض جديدة إن استلزم الأمر. مضيفةً كذلك “بأن ريع تذاكر عروض الأفلام تذهب إلى جائزة طائرة الشمس للإنتاج التي يتنافس عليها هذا العام ستة مشاريع أفلام قيد التطوير. باستثناء تذاكر القدس التي سترصد هذا العام لدعم مسرح الحكواتي”.
 

ليلى عباس

خمسة وستون فلماً من حول العالم

المهرجان الذي تقيمه مؤسسة فيلم لاب سنوياً، يقدم للجمهور الفلسطيني هذا العام، “65 فيلماً فلسطينياً ومن دولٍ أخرى من مصر، المغرب، الجزائر، لبنان، سوريا، إيران، مالطا، البوسنة، صربيا، فرنسا، إنجلترا، الولايات المتحدة، الدنمارك، والسويد، 11 فيلمًا منها تعرض لأول مرة في العالم العربي. حيث حرصت إدارة المهرجان على تقديم آخر الإنتاجات الفلسطينية وكذلك العربية والعالمية للجمهور الفلسطيني، بعضها كان في مهرجان كان هذا العام” كما تقول المديرة الفنية للمهرجان، ليلى عباس، مضيفةً أنهم حرصوا على التوسع جغرافياً حول العالم في اختيار الأفلام من معظم قارات العالم، ما يجعل البرنامج غنياً بالقصص العالمية المتنوعة، التي تحملها الأفلام المستقلة التي غالباً من الصعب أن تصل للمشاهد الفلسطيني عبر المنصات ودور العرض التجارية، لكون عروضها تقتصر غالباً على المهرجانات السينمائية المختصة بهذا النوع من الأفلام”.

الأفلام الفلسطينية

وتضيف عباس: “كما شهدت هذه الدورة زيادة أكبر بعدد الأفلام الفلسطينية المشاركة في مسابقات المهرجان، حيث يشارك 15 فلماً قصيراً في مسابقة طائر الشمس للأفلام القصيرة، و7 أفلام وثائقية طويلة ضمن مسابقة طائر الشمس للأفلام الوثائقية، معظمها أفلام فلسطينية، وأخرى حول فلسطين”.

من أبرز الأفلام الفلسطينية لهذه الدورة والتي تشارك في مسابقة طائر الشمس للأفلام الوثائقية الطويلة، فيلم “فلسطين الصغرى، للمخرج عبدالله الخطيب الذي يروي فيه حكاية مخيم اليرموك منذ بداية الثورة السورية، والحصار الذي فرضه نظام الأسد على مخيم اليرموك الذي كان يعتبر أكبر مخيم للاجئين الفلسطينيين في العالم بين سنوات 1952 – 2018. حيث اعتبر نظام الأسد منذ بدايات اندلاع الثورة السورية، المخيم موئلاً للمقاومة والثوار وفرض عليه حصاراً مشدداً سنة 2013. عزل النظام المخيم الذي بدأ الطعام والدواء والكهرباء يتناقص فيه تدريجيا. وانقلبت حياة مئات الناس رأساً على عقب بسبب الحرب والحصار، ومن خلال عدة شخصيات إحداها والدة عبد الله التي تحولت إلى ممرضة تعتني بالمسنين في المخيم إلى أشرس الناشطين الذين نال الجوع من حبهم وولعهم بفلسطين.
 

فيلم “جزائرهم” من إنتاج فرنسي 2020، للمخرجة الفلسطينية، الجزائرية الفرنسية لينا سويلم، والذي تروي فيها حكاية جدها وجدتها اللذان يقرران الانفصال بعد 62 سنة من العيش معاً، هاجرا فيها معاً من الجزائر إلى تيرز، وهي بلدة صغيرة وسط فرنسا تعود إلى العصور الوسطى، قبل أكثر من 60 عاماً، وعاشا معاً فوضى حياة المهاجرين.

فيلم لقمة عيش للمخرجة والمنتجة الفلسطينية مروة جبارة الطيبي ومن إنتاج قناة الجزيرة الوثائقية / قطر، الذي تتبع فيه مخرجته رحلة العمال الفلسطينيين وهم ينتقلون من منازلهم إلى أماكن العمل الإسرائيلية في مناطق الـ48، سواء الحاصلين على تصاريح العمل والذين يكون يومهم عبارة عن ساعات طويلة من الانتظار، والتفتيش باستخدام كلاب بوليسية مع احتمالية عدم النجاة أو الاختناق بين الحشود على الحواجز. أو من يتسللون إلى داخل جدار الفصل العنصري بمساعدة المهربين. يذهبون جميعاً يومياً في رحلة خطرة لكسب لقمة العيش. تعايش المخرجة عدداً من العمال في الطريقين لتكتشف المخاطر والتهديدات اليومية التي يتعرضون لها بسبب الاحتلال الإسرائيلي والخوف من عدم العودة إلى منازلهم، ويزداد الأمر سوءاً مع انتشار وباء كورونا.

فيلم “يافا أم الغريب” للمخرج الفلسطيني رائد دزدار ومن إنتاج تلفزيون فلسطين، والذي يعتمد على التاريخ الشفوي لهذه المدينة الفلسطينية المهمة قبل نكبة العام 1948. وُلد وعاش معظم ضيوف الفيلم في يافا قبل النكبة وحالياً يعيش معظمهم في الشتات الفلسطيني. يتشاركون ويتقاطعون في قصصهم وذكرياتهم الحية لتغطية معظم جوانب الحياة في يافا وأهمها قبل النكبة. ومن خلال ذاكرتهم الحية والأرشيف المصور والوثائق، يجهد الفيلم في إعادة بناء بصري لهذه المدينة النابضة بالحياة قبل النكبة: من الأحياء الرئيسة إلى الأسواق إلى النوادي الرياضية والحياة الثقافية والاجتماعية ودور السينما والمقاهي والمدارس وتجارة الحمضيات، إلخ. والجزء الأخير من الفيلم شرح لما حصل لعائلاتهم ومنازلهم وقراراتهم المريرة لترك المدينة بسبب المعارك والمجازر 

فيلم “زي ما أنا عايزة” للمخرجة الفلسطينية سماهر القاضي، من إنتاج فلسطين، مصر، فرنسا، النرويج، ألمانيا 2021، وتدور أحداثه في القاهرة، 25 يناير 2013، حيث تعرضت الكثير من الفتيات للتحرش الجنسي بشكل كبير في ميدان التحرير في الذكرى الثانية لثورة يناير. ورداً على ذلك تملأ حشود النساء الغاضبات الشوارع. قامت المخرجة التي عاشت الأحداث في ميدان التحرير مستخدمةً كاميرتها كوسيلة حماية وبدأت توثيق ثورة النساء دون أن تعرف أين ستأخذها هذه القصة، لتكتشف سماهر أنها حامل خلال التصوير، مما يدفعها لمراجعة ما مر عليها في طفولتها في فلسطين، وماذا يعني أن تكوني امرأة وأماً في شرقنا الأوسط. وتبدأ تخيل حوار بينها وبين والدتها، التي توفيت قبل أن تودعها. وتبدأ صياغة الجمل التي لم يتسنّ لها أن تقولها وتبوح لها بأسرارها بصوت حنون تتكشف من خلاله لنا الأحداث. تعود لزيارة منزل والديها في رام الله وتواجه هناك ذكريات طفولتها المظلمة التي حاولت جاهدة أن تهرب منها. في الوقت نفسه، يستمر الصراع في مصر. حتى بعد ولادة ابنها، تجد سماهر نفسها على الخطوط الأمامية. 

وفي مسابقة طائر الشمس للأفلام القصيرة والتي تعرض من خلال ٣ مجموعات على مدار أيام المهرجان، فيلم “القفزة” للمخرجة شروق حرب، وانتاج مؤسسة هان نيفكينز. فيلم “ليوان: قصة مقاومة ثقافية”، للمخرجة دوريس حكيم وإنتاج فلسطين، إسبانيا،2021. فيلم “غدا يأتي الحب” للمخرج ركان مياسي ومن إنتاج فلسطين، لبنان، فرنسا، بلجيكا 2021. فيلم “ثلاثة مخارج منطقية” للمخرج مهدي فليفل ومن ‘إنتاج  الدنمارك، المملكة المتحدة، لبنان. فيلم “منع أمني” للمخرج محمد المغني ومن إنتاج فلسطين، بولندا، 2021. وفيلم محمد المغني “ابن شوارع”، من إنتاج بولندا، ألمانيا، لبنان، فلسطين 2020. فيلم “يافا” للمخرجة ندى العمري وإنتاج كندا، 2019. فيلم “سرّي مرّي” للمخرج لؤي عواد وإنتاج فلسطين 2020. فيلم “بيت لحم ٢٠٠١” للمخرج  إبراهيم حنضل وإنتاج فلسطين، 2020. فيلم “عدد” للمخرج أكرم الوعرة، إنتاج فلسطين، 2020. فيلم “أورانوس” للمخرجة آية المتربيعي، إنتاج فلسطين، 2020. فيلم “المتوج بأوراق الغار” للمخرجة حياة أمجد لبان، إنتاج فلسطين 2021. فيلم “١٢٠ كم” للمخرج وسيم خير، إنتاج فلسطين 2021. فيلم “ليل” للمخرج أحمد صالح، إنتاج ألمانيا، قطر، فلسطين، الأردن 2021. فيلم “روزا” للمخرجة سهى أعرج، إنتاج الولايات المتحدة الأمريكية، 2020.

فيلم الختام

ويختتم المهرجان بفيلم “علي صوتك” للمخرج المغربي نبيل عيوش، من إنتاج مغربي-فرنسي مشترك، والذي يروي قصة مغني “راب” سابق يشجّع طلابه على التحرر من ثقل التقاليد، ليعبّروا عن أنفسهم وشغفهم من خلال فن “الهيب هوب”.
 

The post “أيام فلسطين السينمائية” تفتتح دورتها الثامنة: عروض في ١٥ موقعاً على امتداد فلسطين appeared first on مجلة رمان الثقافية.

]]>
“حصار”: سؤال الجولان والثورة السورية  https://rommanmag.com/archives/20643 Fri, 24 Sep 2021 06:31:54 +0000 https://romman.b5digital.dk/%d8%ad%d8%b5%d8%a7%d8%b1-%d8%b3%d8%a4%d8%a7%d9%84-%d8%a7%d9%84%d8%ac%d9%88%d9%84%d8%a7%d9%86-%d9%88%d8%a7%d9%84%d8%ab%d9%88%d8%b1%d8%a9-%d8%a7%d9%84%d8%b3%d9%88%d8%b1%d9%8a%d8%a9/ لطالما حضر الجولان السوري المحتل في السينما السورية بصورته الرمزية الجزء المحتل من الوطن الكبير وخط الجبهة المتأهب أو المشتعل، ولطالما أعيد استحضاره سينمائياً برؤىً مختلفة أعاد تصوير احتلاله وتهجير معظم سكانه، كما تناولها محمد ملص وثائقياً بفلميه “قنيطرة 74″، و”الذاكرة”، وأفلام غسان شميط، في “شيء ما يحترق”، وإيناس حقي في “المعبر”، أو كما في […]

The post “حصار”: سؤال الجولان والثورة السورية  appeared first on مجلة رمان الثقافية.

]]>
لطالما حضر الجولان السوري المحتل في السينما السورية بصورته الرمزية الجزء المحتل من الوطن الكبير وخط الجبهة المتأهب أو المشتعل، ولطالما أعيد استحضاره سينمائياً برؤىً مختلفة أعاد تصوير احتلاله وتهجير معظم سكانه، كما تناولها محمد ملص وثائقياً بفلميه “قنيطرة 74″، و”الذاكرة”، وأفلام غسان شميط، في “شيء ما يحترق”، وإيناس حقي في “المعبر”، أو كما في بعض أفلام عبد اللطيف عبد الحميد الروائية، وأفلام أخرى غيرها. لكن بقيت كاميرا السينما السورية ترى الجولان من الجهة المقابلة من الأسلاك الشائكة، حتى بدأ أبناء الجولان المحتل يصنعون سينماهم الخاصة، ويقدون للعالم صورة عن السكان الواقعين تحت الاحتلال الإسرائيلي منذ عام 1967.

بالنسبة لي شخصياً، بدأت بالتعرف إلى هذه السينما التي كانت تصنع بصمت من خلال صناعها، حين تعرفت إلى المخرج سليم أبو جبل، صاحب التسجيلي “روشميا”، وأذكر أنني حين أردت برمجة الفيلم ضمن عروض فعاليات أيام فلسطين السينمائية في مالمو، السويد، تساءلت عن هوية الفيلم، هل هو سوري لجهة صانعه المولود في مجدل شمس المحتلة؟ أم فلسطيني لجهة حكايته؟ أم لجهات تمويل إنتاجه؟ لا شك أن سؤال هوية الفيلم أكثر تعقيداً من هوية صانعه حتى وإن كان البعض يفضل أن تحال هويته لجهات إنتاجه.

لاحقاً تعرفت من خلال سليم بمخرجٍ جولاني أخر، هو وسيم صفدي، ومنذ لقائنا الأولى في مجدل شمس أثناء تصويري لأحد الأفلام، فتح الحوار مع وسيم أسئلة كثيرة لدي حول الجولان وعزلته التي غدت أكبر بعد الثورة السورية، وولد لدي أسئلة أكثر عن الجولان وأهله، وكيف يبدو سكان الجولان السوري المحتل بعد ما يزيد عن عشر سنوات من عمر الثورة السورية، كيف انعكست على حياتهم خلال السنوات الماضية؟ كيف تأثر سكان الجولان بمجريات الأحداث على الطرف الآخر من الوطن، فالحدود التي تفصل القرى السورية الستة التي نجت بسكانها من التدمير والتهجير الإسرائيلي: مجدل شمس، مسعدة، بقعاثا، عين قنية، والغجر وسحيتا، من أصل 137 قرية و112 مزرعة بالإضافة إلى مدينتي القنيطرة وفيق، التي وقعت كلها تحت الاحتلال الإسرائيلي، لم تعد حدوداً آمنة كالسابق حين كان السوريون يقفون على طرفها المقابل من تل الصرخات في مجدل شمس، لينادوا على أهلهم تحت الاحتلال. لقد تغير المشهد الجولاني كثيراً، ووقف سكان مجدل شمس مراراً باكين على الحدود في لحظاتٍ قاسية عاشوها وهم يسمعون أصوات الصواريخ تدك مدنهم وقرى أهلهم على الطرف الآخر، ويشاهدون من خلف السلك الشائك أخوتهم الهاربون من بيوتهم من الحرب الأكثر قسوة والأعلى فاتورة بشرية في العقد الأخير.

أجابني على العديد من تلك الأسئلة وسيم الصفدي لاحقاً حين شاركني فيلمه الأخير “حصار”، وهو فيلم وثائقي قصير 30 دقيقة، والذي اختزل في اختياره للعنوان توصيف حالة سكان الجولان السوري المحتل بعد الثورة، فتلك البقعة الجغرافية التي يسكنها ما يزيد عن 19 ألف نسمة من السوريين، من أصل 138 ألف نسمة شردتهم إسرائيل، غابوا عن عدسة التوثيق لحياتهم ومواقفهم، ليأتي هذا الفيلم في سياق يساهم في تقديم إجاباتٍ عن المتغيرات التي حدثت خلال سنوات الثورة، بحث عنها وسيم بعد عودته من فرنسا لمجدل شمس بعد أن درس السينما في جامعة “بواتييه”، وفي رصيده فيلم واحد هو “عندنا في الجولان”، إنتاج مشترك للمخرج ولجامعة “بواتيه”، وليؤسس شركة إنتاجه الخاصة (لوميير للإنتاج) وليصنع أفلاماً أخرى مثل “الجولان المحتل تحت المجهر”، 1967، و”خليل السكاكيني يوميات إنسان” مع المخرج عصام بلان، من إنتاج الجزيرة الوثائقية.

يعد “حصار” الحائز على التنويه الخاص في مهرجان غوتنبرغ للفيلم العربي الذي أُقيم في السويد، فيلم وسيم صفدي التسجيلي الرابع، والذي يبدأ فيه من أسئلته الشخصية كأحد سكان مجدل شمس التي عاد لها بعد غياب طويل، ليجدها قد تغيرت كثيراً، وأصبحت تعيش عزلةً وحصاراً خانقاً يشعره سكانها نتيجة للحرب المستعرة في بلدهم الأم، ويستعرض موقف عددٍ من سكان الجولان من الثورة، وكيف يرون مستقبلهم في ظلّ الصراعات الدائرة من حولهم.

يطرح وسيم أسئلته من صوته في الفيلم كمعلق، ويقدم إجاباتها من خلال شخصياته التي قابلها، في سياقات مختلفة تعكس الواقع والمتغيرات التي طرأت على المنطقة المحتلة من سوريا، والتي لم يعد يوصلها في بقية شعبها سوى تكنولوجيا الاتصالات. 

ويعود من جديد سؤال الهوية والانتماء في ظلّ الإحتلال الإسرائيلي، والنظرة إلى الدولة السورية التي قصفت سكانها بالبراميل المتفجرة والأسلحة الكيماوية، هذا السؤال الذي سيقود إلى انقسام في المجتمع الجولاني الصغير، كما يبدو من فيلم “حصار”، الذي يعرضها بحرفية صانع الأفلام الوثائقية من خلال معالجة واقعية وسرد بصري وصوتي سلس وايقاع سريع.

أسئلة كثيرة للكيفية التي يرى فيها الجولانيون ثورتهم، يجيب عليها شرائح مختلفة من المجتمع، فنانون اختاروا الوقوف إلى جانب ثورة شعبهم، وقدموا أغنيات أصبحت من أيقونات أغاني الثورة الساخرة، ويوثق أنماط حياة الجولانيين اليوم في لحظات حاسمة من حياة السكان المحاصرين ما بين حرب تحرق بلادهم على مرآى من أعينهم قبل أن ترى أجيال منهم ولدت وعاشت عبر ما يزيد عن الخمسين عاماً من عمر الاحتلال بلادهم، واحتلال يحاصرهم بكل وسائله الممكنة، ويعزلهم عبر إحاطتهم بمجموعة من مستوطنات المستعمرين المهاجرين الغربيين الجدد.

وفي سياق موازٍ يعرض فيلم “حصار” للتفاصيل الحياتية الجولانية اليومية، الصراع المستمر مع المحتل، حيث تنتشر حول القرى الستة 45 مستوطنة على أنقاض القرى السورية التي دمرها الاحتلال، يسكنها ما يزيد عن 20 ألف مستوطن، وتنتشر حولها 76 حقل ألغام تحوي نحو مليوني لغم، منتشرة في المساحات الزراعية، بالإضافة إلى 60 معسكراً للجيش، عاش ويتعايش مكرهاً مع وجودها سكان البلدات السورية المحتلة.

لا يزال هنالك الكثير ليقال عن الجولان وأهله، ومشاكله المتجددة التي لا يفتك الاحتلال عن صنعها يومياً للتضيق على السكان، فوسيم الذي يعمل الآن على فيلم تسجيلي جديد، يتابع فيه رحلة مقاومة مستمرة لسكان الجولان لمنع فرض شركات الاحتلال على سكانه وضع مراوح هوائية ضخمة لتوليد الطاقة الكهربائية لمستوطنات الجولان، رغم ضعف الإمكانيات، واحجامه عن اللجوء للدعم الإسرائيلي الذي بطبيعة الحال لن يتوافق ورؤيته لما يحدث في الجولان، وتوثيق تفاصيله اليومية الحياتية سينمائياً.

بالإضافة لتعقيدات الهوية كما يراها الآخر، أقصد جهات منح الدعم التي تشترط غالباً أن يحصل صانع الفيلم على نسبة معينة من الدعم لفيلمه من بلده الأصلي ليكون مؤهلاً للتقدم والحصول على دعم خارجي، لكن في مثل حالة وسيم وآخرون من صناع الأفلام الجولانيين المسألة غاية في التعقيد لتحقيق هذا الشرط، حيث مؤسسة السينما السورية التي تحولت لأداة بروباغندا للنظام الدموي في دمشق، وما بين مؤسسة الاحتلال الإسرائيلية.

لذلك أنتج وسيم فيلمه من خلال قناة “سوريا”، في اسطنبول، وعُرض على شاشتها، ساعياً إلى إيصال صوت أهالي الجولان إلى السوريين في كل بقاع الأرض التي شردتهم الحرب إليها في السنوات العشر الأخيرة، ومثل وسيم مخرجون جولانيون آخرون لا نعرف ما يودون قوله، لأنهم عجزوا حتى اللحظة عن إيجاد تمويل أو جهات إنتاجٍ لأفلامهم، وهو من مونتاج اسنات حديد وإياد فاضل، وصوت نبيل الحلبي، موسيقى بشر أبو صالح.

The post “حصار”: سؤال الجولان والثورة السورية  appeared first on مجلة رمان الثقافية.

]]>
ندى دوماني: هذه الدورة من «عمّان السينمائي الدولي» بمثابة الافتتاحية وصديقة للبيئة https://rommanmag.com/archives/20604 Tue, 17 Aug 2021 07:53:20 +0000 https://romman.b5digital.dk/%d9%86%d8%af%d9%89-%d8%af%d9%88%d9%85%d8%a7%d9%86%d9%8a-%d9%87%d8%b0%d9%87-%d8%a7%d9%84%d8%af%d9%88%d8%b1%d8%a9-%d9%85%d9%86-%d8%b9%d9%85%d9%91%d8%a7%d9%86-%d8%a7%d9%84%d8%b3%d9%8a%d9%86%d9%85/ يتخذ «مهرجان عمّان السينمائي الدولي – أوّل فيلم»، الذي تنطلق فعاليات دورته الثانية في الثالث والعشرين من شهر أب/أغسطس الحالي، من السوسنة السوداء (الزهرة الوطنية الأردنية) شعاراً له، ليكون “السوسنةُ السوداء” اسمَ الجائزة التي يمنحها المهرجان عن مسابقاته الأربع الرئيسية التي تتنافس فيها الأفلام المشاركة على الجائزة (صمّمها الفنان الأردني الراحل مهنّا الدرّة)، أما المسابقات […]

The post ندى دوماني: هذه الدورة من «عمّان السينمائي الدولي» بمثابة الافتتاحية وصديقة للبيئة appeared first on مجلة رمان الثقافية.

]]>

يتخذ «مهرجان عمّان السينمائي الدولي – أوّل فيلم»، الذي تنطلق فعاليات دورته الثانية في الثالث والعشرين من شهر أب/أغسطس الحالي، من السوسنة السوداء (الزهرة الوطنية الأردنية) شعاراً له، ليكون “السوسنةُ السوداء” اسمَ الجائزة التي يمنحها المهرجان عن مسابقاته الأربع الرئيسية التي تتنافس فيها الأفلام المشاركة على الجائزة (صمّمها الفنان الأردني الراحل مهنّا الدرّة)، أما المسابقات فهي: أفضل فيلم روائي عربي طويل وأفضل فيلم وثائقي عربي طويل وأفضل فيلم عربي قصير وأفضل فيلم دولي.

تدير المهرجان ندى دوماني في حين تتولى عريب زعيتر برمجة الأفلام، وتترأس مجلس إدارة المهرجان الأميرة ريم علي، وبعضوية رجا غرغور، عمر المصري، كنان جرادات وناديا سختيان. وهو أول مهرجان سينمائي دولي في الأردن يسلط الضوء على الأعمال الأولى على الصعيدين الإقليمي والدولي. بالتزامن مع أيام المهرجان سيجري إطلاق سوق أفلام المهرجان تحت مسمى «أيّام عمّان لصُنّاع الأفلام»، والتي يرأسها بسام الأسعد. في هذه المقابلة تتحدث مدير «مهرجان عمّان السينمائي الدولي»، ندى دوماني “لرّمان” عن الدورة الثانية للمهرجان، وعن أبرز فعالياته.

تقول دوماني إن هذه الدورة من المهرجان هي فعلياً الدورة الأولى بمفهوم العروض السينمائية، حيث حدّت ظروف جائحة كورونا العام الماضي من عقد دورة متكاملة العروض، والتي عقدت ما بين ٢٣-٣١ أب/أغسطس ٢٠٢٠، حيث كانت دورة استثنائية في وقت الجائحة، وسط حظر التجول الليلي وإغلاق للمطارات، وكان انجازاً مقارنة بالوقت الذي عقدت فيه.

“هذا العام حافظنا على ذات البرنامج”، تقول دوماني، مضيفة: حافظنا كذلك على ذات برنامج ووقت انعقاد «أيام عمّان لصناع الأفلام»، حيث ينقسم البرنامج هذا العام كما كان العام الماضي إلى أربعة أقسام، أفلام عربية روائية طويلة، أفلام عربية وثائقية طويلة، أفلام عربية قصيرة، وقسم الأفلام الدولية.

لماذا أول فيلم…

تقول دوماني: “أطلقنا عليه مهرجان عمّان السينمائي الدولي – أول فيلم، إشارة إلى أنه يستقبل ويعرض الأفلام التي تكون الفيلم الأول للمخرج، باستثناء مسابقة الفيلم الروائي العربي الطويل التي لا يشترط فيها أن يكون العمل الأول للمخرج لكن أن يحتوي الفيلم على ما يقدمه أحد العاملين فيه لأول مرّة، كأن يكون الدور الأول للممثل أو الممثلة، أو أن يكون أول تجربة روائية للمونتير، أو أول تجربة روائية طويلة لمدير التصوير، لكن الجائزة في النهاية تذهب لأفضل فيلم.

أما مسابقة الفيلم الوثائقي العربي الطويل فيجب أن يكون أول فيلم وثائقي طويل للمخرج أو المخرجة، وذات الشيء بالنسبة للفيلم العربي القصير، وأيضاً لمسابقة الفيلم الدولي الذي يشترط لتأهل الفيلم للمسابقة أن يكون أول عمل للمخرج سواء كان روائياً أو وثائقياً.”

تضيف دوماني: “أردنا للمهرجان أن يحمل هوية وخصوصية، ومن هنا جاءت فكرة أن يستقبل المهرجان الأعمال الأولى لصناع الأفلام، وهي ثيمة سيستمر عليها المهرجان لتكون هويته الدائمة، ولا تقتصر على دوراته الأولى، ليكون للمهرجان خصوصية وسط المهرجانات العربية والدولية، وليكون منصة داعمة لصناع الأفلام في تجاربهم الأولى. وهي ثيمة نعتقد أنها تتماشى مع السينما الأردنية التي هي سينما حديثة مقارنة بالسينما المصرية أو المغربية على سبيل المثال، وبدأت تنشط بقوة في السنوات الأخيرة وتخرّج صناع أفلام يقدمون أفلاماً بجودة عالية تلقى احتفالاً في المهرجانات الدولية، وهنالك دوماً وجوه جديدة فيها سواء مخرجين أو ممثلين وغيرهم من صناع الأفلام، يقدمون أفلامه الأولى سواء قصيرة أو طويلة، فأردنا أن يكون هذا المهرجان منصة انطلاقهم للعالم.
 

أماكن العروض

تشير ندى دوماني إلى أن الدورة الحالية من المهرجان ستقدم عروض أفلامها في ٣ أماكن في العاصمة الأردنية عمّان، موزعة على سينما السيارات في العبدلي، المسرح الخارجي في الهيئة الملكية للأفلام، وسينما تاج (تاج مول) بالإضافة إلى عروض في ٣ محافظات أردنية هي: اربد، في جامعة اليرموك. السلط، في ساحة العين. وادي رم، في ساحة خارجية في الهواء الطلق. كما ستعرض بعض الأفلام أونلاين على منصة “استكانة”.

سينما السيارات

في العام الماضي، ونتيجة للشروط الصحية التي فرضتها السلطات الصحية نتيجة الجائحة من تباعد اجتماعي وغيره من وسائل الوقاية، استحدث المهرجان كما تقول دوماني: “فكرة سينما السيارات، Drive-in سينما، في موقف سيارات مجمع العبدلي الجديد، قسمناها إلى ثلاث ساحات رئيسية وزوّدناها بتقنيات عالية جداً، شاشات سينمائية متطورة والصوت يسمع بجودة عالية عبر إحدى موجات الراديو أف أم، ويسمح بتواجد شخصين إلى ثلاثة كحد أقصى في كل سيارة. وفي هذا العام سنكرر التجربة التي كانت مميزة العام الماضي ولاقت استحساناً كبيراً، وخلقت لسكان عمان متنفساً لرؤية أفلام سينمائية جديدة وسط الإغلاقات والحظر وإغلاق صالات السينما. رغم أن الأفلام التي كانت تُعرض هي أفلام غير تجارية أو ما تسمى بأفلام المهرجانات، بعكس ما يعرض عادةً في سينمات مواقف السيارات حول العالم من أفلام تجارية كأفلام هوليود وغيرها، إلا أن الإقبال عليها كان كبيراً.

بالإضافة لسينما السيارات، سيكون هنالك أيضاً صالات سينما عادية بسعة ٥٠٪ فقط، بالإضافة لعروض أفلام في الهواء الطلق في المسرح الخارجي للهيئة الملكية للأفلام، أيضاً بسعة ٥٠٪ من سعته، مراعاة للتباعد الاجتماعي. كما سيكون هنالك نقاش بعد كل فيلم في صالات السينما وفي عروض الهواء الطلق. 

السينما الفرنسية في ضيافة المهرجان

تشير ندى إلى أنه “من الأمور الجديدة التي سيتضمنها برنامج الدورة الثانية للمهرجان لهذا العام هو أن ضيف المهرجان لهذا العام سيكون مهرجان الفيلم الفرنسي العربي، وهو مهرجان أفلام عريق يعقد في الأردن منذ ٢٥ عاماً، والعام الماضي لم ينعقد بسبب الجائحة، وهذا العام ستكون أفلامهم بضيافة جمهورنا الذي سيشاهدها خلال أيام المهرجان، من خلال قسم خاص أسميناه «موعد مع السينما الفرنسية العربية»، وهذه الأفلام لن تكون مشاركة في المسابقات الرسمية للمهرجان، وهي من إنتاج فرنسي عربي.”
 

سينما صديقة للبيئة

تضيف دوماني: “من الأمور الجديدة لهذه الدورة هو اعتماد المهرجان شعار «سينما صديقة للبيئة» من خلال اتخاذه مجموعة من الإجراءات العملية التي بإمكانها الحد من انبعاثات الكربون الذي يعتبر مسبباً رئيسياً للاحتباس الحراري في العالم، حيث يتخذ المهرجان هذا العام خطوات صغيرة ولكنها جادة نحو مهرجان مستدام وصديق للبيئة ويعزز هذه الممارسات، حيث نعتقد أن صناعة السينما هي منصة قوية يمكن أن تؤدي إلى تغيير إيجابي، ومن الخطوات التي نعمل عليها:

– تقليل بصمتنا الكربونية من خلال إعادة ترتيب بعض مواد العلامة التجارية للعام الماضي وإزالة مولدات الديزل كمصدر رئيسي للكهرباء في سينما Drive-in وتحفيز المركبات الكهربائية.

– إدارة النفايات: تقليل نفاياتنا ثم إعادة تدويرها.

– تعويض البصمة الكربونية عن الإجراءات الضرورية مثل السفر والسينما عن طريق التبرع للمنظمات البيئية المحلية.

باختصار هذه السنة يتحول المهرجان إلى مهرجان صديق للبيئة من خلال تقليل الاستخدام وإعادة استخدام وإعادة التدوير والتعويض عن بصمتنا الكربونية من خلال زراعة أكثر من ٦٠٠ شجرة في الأردن، من خلال التبرع بثمنها لمؤسسة غير حكومية تعمل على زراعة الأشجار في الأردن، وذلك تعويضاً عن حجم انبعاثات الكربون التي ستتسبب بها فعاليات المهرجان وضيوفه. 

جوائز مسابقات المهرجان

تقول دوماني: “ستتنافس الأفلام التي جرى اختيارها لتكون ضمن المسابقات هذا العام على ثلاث جوائز بالإضافة لجائزة الجمهور التي ستقدَّم لأفضل فيلم دولي، حيث سيتم الإعلان عن الفائزين في كل فئة في حفل ختام «مهرجان عمّان السينمائي» بتاريخ ٣١ آب ٢٠٢١. وسيحصل الفائزون على جوائز نقدية قيمتها ٢٠ ألف دولار لأفضل فيلم روائي طويل؛ ١٥ ألف دولار لأفضل فيلم وثائقي طويل؛ ٥ آلاف دولار أميركي لأفضل فيلم روائي قصير – بالإضافة الى منحوتة السوسنة السوداء المصنوعة من البرونز من تصميم الفنان الأردني الراحل، مهنّا الدرّة، أحد روّاد الحركة الفنية التشكيلية في الأردن. علاوة على ذلك، يصوّت جمهور المهرجان لاختيار الفيلم الفائز في قسم الأفلام الدولية والذي سيحصل على مبلغ ٥ آلاف دولار أميركي.”

وقد أعلن المهرجان مؤخراً أن أعضاء لجنة التحكيم الذين سيختارون الفائزين بجائزة السوسنة السوداء في الفئات التنافسية. لجنة تحكيم الأفلام الروائية العربية الطويلة تتألف من من المخرج والمنتج وكاتب السيناريو المخضرم سمير والذي تشمل قائمة أعماله “أنسى بغداد: اليهود والعرب – الصلة العراقية” (٢٠٠٢) و”الأوديسة العراقية” (٢٠١٥) الذي تم اختياره رسمياً لتمثيل سويسرا في حفل توزيع جوائز الأوسكار الثامن والثمانين وآخر أفلامه “بغداد في خيالي” (٢٠١٩) الحائز على عدة جوائز. ينضم إلى سمير الكاتب والمخرج تشابا بولوك والذي اشتهر بفيلمه “رحلة إيسكا” (٢٠٠٧) والذي رشحته هنغاريا لجوائز الأوسكار الحادي والثمانين. ويشارك في لجنة التحكيم هذه خالد حداد الذي أنتج العديد من الأعمال التلفزيونية والسينمائية ولديه أكثر من ٣٠ عاماً من الخبرة في المجال. 

كما تضم لجنة تحكيم الأفلام الوثائقية العربية الطويلة المخرجة مي مصري المعروفة بأفلامها الوثائقية والتي كان فيلمها الروائي الأول “٣٠٠٠ ليلة” (٢٠١٥) التقديم الرسمي للأردن لجوائز الأوسكار عام ٢٠١٧. ينضم إليها كل من الروائية وصانعة الأفلام الوثائقية كارولين بوشون وإلياس شاهين، مونتير حاصل على جوائز خاصة بالمونتاج النهائي ويتمتع بخبرة عملية تزيد عن عقدين على أكثر من ٦٥ فيلماً.

أما لجنة تحكيم الأفلام العربية القصيرة فتضم جيروم بيلارد، المدير التنفيذي لـ “سوق الأفلام” الخاص بمهرجان كان السينمائي الدولي. تنضم إليه أناهيد فياض، ممثلة محترفة ومدربة و خبيرة أداء اشتهرت بالمسلسل التلفزيوني السوري “باب الحارة” (٢٠٠٦-٢٠١٧) وفادي حداد، أستاذ جامعي مختص بصناعة السينما ومخرج عرف بفيلمه الأردني الأول “لما ضحكت موناليزا” (٢٠١٢) والذي جال في العديد من المهرجانات السينمائية حول العالم.

«أيام عمّان لصنّاع الأفلام»

بالتزامن مع فعاليات المهرجان، ستنطلق أيضاً فعاليات «أيام عمّان لصنّاع الأفلام»، وتشير ندى دوماني إلى أن الفعاليات “تستضيف هذا العام ندوات وورش عمل ومحادثات مع مختصين سينمائيين، وتتناول مجالات يواجه فيها اليوم المخرجون الأردنيون والعرب تحديات عِدّة، بالإضافة إلى مشاركة التجارب والمسيرات المهنية من قبل خبراء في هذا المجال. كما ستقدم أصواتاً سينمائية صاعدة من الأردن والعالم العربي من خلال منصتي تسويق مشاريع الأفلام الطويلة؛ الأولى المُخصصة للمشاريع قيد التطوير من قبل صُنّاع الأفلام الأردنيين والعرب المقيمين في الأردن؛ والأخرى لمشاريع الأفلام في مرحلة ما بعد الإنتاج من قبل صُنّاع الأفلام العرب. تقوم الفرق المختارة بمشاركة قصصها وبعرض مشاريعها السينمائية على لجنة تحكيم مستقلة وعلى محترفي صناعة الأفلام، حيث يتم منح الدعم لأفضل المشاريع للمساهمة في استكمال أفلامهم. في العام الماضي شارك في منصتي تسويق «أيام عمّان لصُنّاع الأفلام» مجموعة مميزة شملت ١٤ مشروعًا سينمائياً في مرحلتي التطوير وما بعد الإنتاج من الأردن والعالم العربي.

لـ «أيام عمّان لصُنّاع الأفلام» لجنة تحكيم خاصة بها لمنح جوائز نقدية وعينية لمشاريع الأفلام المختارة للمشاريع في فئتي قيد التطوير ومرحلة ما بعد الإنتاج. تتكون لجنة التحكيم من الخبيرة السينمائية ليالي بدر والمنتج كيڤان مشايخ والمخرجة مريم شاهين والمخرج أمين نايفة والخبير السينمائي عبد الله شامي. وسيتم الإعلان عن جوائز «أيام عمّان لصنّاع الأفلام» بتاريخ ٣٠ آب ٢٠٢١.

The post ندى دوماني: هذه الدورة من «عمّان السينمائي الدولي» بمثابة الافتتاحية وصديقة للبيئة appeared first on مجلة رمان الثقافية.

]]>
«القصة الخامسة» لأحمد عبد… نبش في ذكريات حروب العراق https://rommanmag.com/archives/20438 Sat, 03 Apr 2021 08:09:05 +0000 https://romman.b5digital.dk/%d8%a7%d9%84%d9%82%d8%b5%d8%a9-%d8%a7%d9%84%d8%ae%d8%a7%d9%85%d8%b3%d8%a9-%d9%84%d8%a3%d8%ad%d9%85%d8%af-%d8%b9%d8%a8%d8%af-%d9%86%d8%a8%d8%b4-%d9%81%d9%8a-%d8%b0%d9%83%d8%b1%d9%8a/ ما الذي تتركه الحرب فينا بعد أن تنتهي، أكثر رعباً من الكوابيس التي تعشعش في الذاكرة المرهقة بالخوف الذي يتأصل فيها، ذلك الخوف الذي يصفه المخرج العراقي الشاب أحمد عبد في فيلمه الوثائقي الطويل «القصة الخامسة» بقوله: “هذا الوحش الذي بداخلنا يطاردنا”، وهو يروي في فيلمه، إلى جانب قصته الشخصية، قصصاً لعراقيين آخرين، شخصيات بسيطة […]

The post «القصة الخامسة» لأحمد عبد… نبش في ذكريات حروب العراق appeared first on مجلة رمان الثقافية.

]]>

ما الذي تتركه الحرب فينا بعد أن تنتهي، أكثر رعباً من الكوابيس التي تعشعش في الذاكرة المرهقة بالخوف الذي يتأصل فيها، ذلك الخوف الذي يصفه المخرج العراقي الشاب أحمد عبد في فيلمه الوثائقي الطويل «القصة الخامسة» بقوله: “هذا الوحش الذي بداخلنا يطاردنا”، وهو يروي في فيلمه، إلى جانب قصته الشخصية، قصصاً لعراقيين آخرين، شخصيات بسيطة تنتمي للطبقة الاجتماعية المسحوقة التي ينتمي لها غالبية العراقيين، تجمعهم ثيمة واحدة، هي ذاكرة مؤلمة تركتها فيهم حروب العراق الطويلة.

في فيلم القصة الخامسة، والذي قُدّمَ في أول عروضه، ضمن فئة الظهور الأول لمهرجان إدفا للأفلام الوثائقية الدولي (IDFA) في أمستردام، بدورته الثالثة والثلاثين، اختار مخرجه أن يكون صوت الراوي لحكايات حروب دموية مرّ بها العراق عبر عقوده الأربع الأخيرة، وظلّت هواجسها ومخاوفها وأشباحها تطارد أحمد مذ كان طفلاً.

أشباح موتى الحرب

مخاوف أحمد تحولت لتراوما ما بعد الحرب، أو ربما تراوما الحروب المتتالية التي عاشها، والتي نتجت عن الخوف الذي زرعته صدمة الحرب في داخله، فقرر أن يواجه تلك المخاوف بسردها، فعاد للمكان الأول، مسقط رأسه، قرب العاصمة بغداد، التي ولد بها وولدت فيها كذلك مخاوفه الأولى عام ٢٠٠٣، عندما تصادف وجوده مراراً في وسط اشتباك مسلحة بين مليشيات عراقية مسلحة والجيش الأمريكي، إحداها أثناء محاولته الهروب من منزله الذي دار حوله أحد الاشتباكات، كانت تلك الحرب أول الحروب العراقية التي يشهدها طفلاً بالتاسعة عمره اسمه أحمد، كبر وكبرت بداخله التأثيرات النفسية للصدمات المتتالية، فواجهها بصناعة فيلم عنها.

من بغداد، ينتقل المخرج بكاميرته لشمال العراق، لصحراء الموصل تحديداً، ليلتقي هناك بالفتى البدوي اليافع نصّار، الذي لا يزال يعاني صدمة ما بعد الحرب، وتطارده حتى اليوم كوابيسها، بعد أن احتل التنظيم المتطرف “داعش” مدينته لعدة سنوات، حكمها بالحديد والنار وعاث فيها فساداً، هذه الحرب التي شاركت فيها كذلك الفتاة المقاتلة الكردية الإيزيدية آخين شنكَالي، التي قاتلت داعش بعد احتلالهم مدينتها سنجار وسبي آلاف النساء الإزيديات، حيث التقت بها كاميرا أحمد في أحد مواقع التدريب العسكرية في جبال كردستان، شمال العراق، حيث دارت سابقاً المعارك مع التنظيم المتطرف.

لكن حروباً سبقت ما شهده نصّار وآخرون، وأحمد الذي أراد الذهاب لأبعد مما شهده وعاشه، فعاد ينبش في ذاكرة والده الذي عمل في تكفين ودفن الموتى خلال الحرب العراقية الإيرانية، وورث قلق من دفنهم وكوابيسهم، والذي يقول لأحمد: “كيف لك أن تسمع صوتك فوق صوت الرصاص؟” كان صوت مدافع الحرب أعلى من صراخهم في وجهه، فلقد هزم الجميع في تلك الحرب إلا الحرب الوحشية ذاتها، كما يرى  العم عدنان -كما يناديه أحمد بالفيلم- والذي التقاه في عزلته وسط زحام المدينة والمحطة في بغداد، وبحث في ذاكرته أيضاً عم بقي من الحرب التي كان فيها جندياً مقاتلاً في الجيش العراقي إبان الحرب العراقية الإيرانية ووقع في الأسر، ثم خرج منه وعاد للعراق ليجري اعتقاله وتعذيبه من قبل النظام البعثي السابق، وليقرر بعدها الهرب من صدمة ما بعد الحرب إلى عزلته الشخصية مشرداً في محطة قطارات بغداد، يحارب أشباح كوابيسه وحيداً.

جراح الذاكرة لا تشفى

لأن جراح الجسد تشفى أسرع من جراح الذاكرة، سنرى آثار تلك الجراح في وجوه الشخصيات الخمسة، من خلال حياتهم اليومية، ظروفها وشكل بيئتها، وفي أصوات أحاديثهم عن كوابيس الحروب العبثية كما يسميها عدنان: “دولتنا حاربت، وحروبها كلها بلا جدوى”، لكنها كلفت العراقيين والإيرانيين ما يزيد عن مليون قتيل معظمهم من المدنيين، وأكثر منهم جرحى في حربٍ عدّت واحدة من أطول حروب القرن العشرين منذ الحرب العالمية الثانية (1980-1988)، وأحد أكثر الصراعات دموية وكلفة من الناحية الاقتصادية وصلت إلى 350 مليار دولار.

ذلك المشرد الذي عاصر تاريخ العراق من قبل تسلم البعث للسلطة منتصف الستينيات، وصولاً لتولي صدام حسين الحكم بانقلاب عسكري، والحروب المتتالية التي خاضها مع جيرانه، قبل أن يُسقط حكمه حلفائه الأمريكان السابقون، في حربه ضدّ إيران، ويحتلون العراق في حربٍ أخرى حصدت أرواح 655000 عراقي قتلوا منذ بداية الغزو الأمريكي في 19 آذار/ مارس 2003 وحتى 11 تشرين ثاني/ أكتوبر 2006، بحسب  دراسة لمجلة لانسيت الطبية البريطانية.

عاصر الرجل حروب العراق الحديثة كلها، ومن قبلها الانقلابات السياسية، ابتداء من الحرب العراقية الإيرانية، مروراً باحتلال الكويت، وحرب الخليج الثانية عام 1990، وصولاً لاحتلال العراق 2003 وما تلاها من حرب أهلية 2006، وصولاً للحرب على الإرهاب التي لا تزال تلقي بظلالها على العراقيين حتى اليوم. فهزيمة تنظيم داعش لم تكن نهاية الحرب في بلد ينخره الفساد السياسي والاقتصادي، رغم امتلاكه ثروات نفطية هائلة، وتحكم مصيره ومصير شعبه دول أخرى.
 

ولأن صانع الفيلم غالباً ما يبحث عن إجابات لنفسه، يبحث أحمد عن أجوبة حول كل تلك الحروب، نابشاً ذاكرته المرهقة بالخوف، وذاكرات من حوله، ليخرج وحش الخوف من داخله ويواجهه، ذات الوحش الذي حاول المخرج أحمد في مراهقته أن يواجهه، حين حمل لأول مسدساً بلاستيكياً ووجهه نحو الطائرات الأمريكية من على سطح بيته، لكن وحوش الجو الحديدية التي كانت تصب جحيمها على العراقيين، لم تبالي بالطفل الذي يقاتل مخاوفه الداخلية، والذي لم يستسلم حتى كبر لكتشف في السينما علاجاً شخصياً لمواجهة وحش الخوف الداخلي، بأن يشارك تلك المخاوف، ويتحدث عنها في سرد بصري وإيقاع جميل مدروس.

الحكاية الخامسة لشعب يريد إسقاط النظام

يحمل العنوان تأويلات متعددة، فهل هي الحكايات العراقية الخمس والتي اختار المخرج أحمد أن تكون حكايته خامس الحكايات الأربع، أم هي الحكاية الخامسة عن ثورة شعب عايش عدة حروب سابقة خلال أربعة عقود، وشهد تحولات سياسية في أنظمة حكمه، وفساداً سياسياً وأمنياً، قاد البلاد من مرحلة الديكتاتور إلى مرحلة سطوة المليشيات، فخرج الشعب العراقي للشارع ليواجه وحش مخاوفه، في انتفاضة أكتوبر 2019، مطالباً بإسقاط النظام السياسي الحاكم؟ وهو الحلم والأمل الذي يراه أحمد ويستبشر فيه غداً أفضل.

انه فيلم عراقي، يمتلئ بالطلقات والأسلحة الكيميائية وجثث الضحايا والمقاتلين التي لا نراها، لكننا نسمع عنها معلقة في شوارع الموصل، ونشعر بها في كل حكاية وذاكرة، ونرى آثارها على أطفالٍ يبحثون عن طواحين هواء يقاتلونها حين يقلدون الجلادين في قتل وارهاب ضحاياهم، تلك قاعدة في علم النفس، بأن الطفل الخائف يحارب مخاوفه بتقليد مصدر خوفه، وهذا ما قاله أحمد بلغته البصرية في مشهد جميل للأطفال في صحراء الموصل وهم يلعبون لعبة الحرب، كما فعل أحمد نفسه يوماً حين كان طفلاً.

رغم كل ذلك، لا يحاكم الفيلم أحداً، ولا يخوض في القضايا السياسية الشائكة، بقدر ما يقدم فيلماً يقدم لنا واقع بلدٍ دمرته الحروب المتتالية من خلال شرائح مختلفة من سكانه.

فيلم بلا موسيقى خارجية

يعتبر الفيلم، للمنتج السوري – الأمريكي لؤي حفار، وإنتاج الجزيرة الوثائقية، التجربة الوثائقية الطويلة الأولى لأحمد عبد، بعد أفلامه القصيرة «عِش الحرب»، «صافيا» و«طيور سنجار»، اعتمد فيه موسيقاه الداخلية، وهو قرار ليس بالسهل أن يختاره المخرج بعد اللجوء للموسيقى الخارجية، والاعتماد كلياً على الأصوات الحية في مشهديته، صانعاً إيقاعه الداخلي، التي أبقته هادئاً ورشيقاً في نقلاته الزمنية غير المتسلسلة، ولا شك أن خلف ذلك مونتير ومهندس صوت محترفان.

ولا شك أن الفيلم كان رهاناً ناجحاً للمنتج لؤي حفار، والذي شارك أحمد كذلك كتابة السيناريو، وهو منتج أفلام وثائقية مخضرم، عمل لسنوات في الجزيرة الوثائقية، ولاحقاً منتجاً مستقلاً وأنتج وأشرف على إنتاج عشرات الأفلام الوثائقية، للدخول في مغامرة الفيلم الطويل الأول مع مخرج شاب، استطاع بموهبته إقناع منتجه والجزيرة الوثائقية، بأنه قادر على تقديم فيلم مميز، حاز في أول مشاركة له في مهرجان سينمائي، جائزة الاتحاد الدولي للنقاد السينمائيين في مهرجان إدفا الدولي للأفلام الوثائقية.

The post «القصة الخامسة» لأحمد عبد… نبش في ذكريات حروب العراق appeared first on مجلة رمان الثقافية.

]]>
قيس الزبيدي (٤/٤): حديث عن “فلسطين في السينما” https://rommanmag.com/archives/20402 Mon, 01 Mar 2021 11:34:13 +0000 https://romman.b5digital.dk/%d9%82%d9%8a%d8%b3-%d8%a7%d9%84%d8%b2%d8%a8%d9%8a%d8%af%d9%8a-%d9%a4-%d9%a4-%d8%ad%d8%af%d9%8a%d8%ab-%d8%b9%d9%86-%d9%81%d9%84%d8%b3%d8%b7%d9%8a%d9%86-%d9%81%d9%8a-%d8%a7%d9%84%d8%b3%d9%8a%d9%86/ كتابك “فلسطين في السينما” شمل أسماء 799 فيلما لعرب وأجانب، برأيك ماذا يخبرنا هذا الرقم؟ حاولنا أن نوثق في الكتاب فرصة معرفة ما تم تحقيقه في العالم من أفلام حملت مع الزمن ذاكرة وهوية فلسطين وناسها، لتكون هذه الأفلام مستقبلاً هي أساس للأرشيف السينمائي الوطني الذي انصرفت جهودنا مع غيرنا لتأسيسه في فلسطين. ولا شك […]

The post قيس الزبيدي (٤/٤): حديث عن “فلسطين في السينما” appeared first on مجلة رمان الثقافية.

]]>
كتابك “فلسطين في السينما” شمل أسماء 799 فيلما لعرب وأجانب، برأيك ماذا يخبرنا هذا الرقم؟

حاولنا أن نوثق في الكتاب فرصة معرفة ما تم تحقيقه في العالم من أفلام حملت مع الزمن ذاكرة وهوية فلسطين وناسها، لتكون هذه الأفلام مستقبلاً هي أساس للأرشيف السينمائي الوطني الذي انصرفت جهودنا مع غيرنا لتأسيسه في فلسطين. ولا شك أن هذه الأفلام وغيرها كمرجع لا تسجل فقط تراجيديا الفلسطيني إنما أيضاً تساهم في تسجيل صراعه ومعاناته التاريخية، وهي إذ تخص ذاكرته تخص أيضا وطنه الفلسطيني.

استطاعت الأفلام عن القضية الفلسطينية أن تختزن ذاكرة غنية لا يمكن إغفال أهمية وضرورة الرجوع إليها، ما دامت تنتمي، بحق، إلى تاريخ الناس، وشكلت بالتالي، وفقاً لخصوصية هذا التاريخ، ذاكرة وهوية للشعب في فلسطين وفي الشتات. بهذا المعنى  كتب فيصل دراج : “سجلت “الكاميرا”، في أزمنة مختلفة، ذاكرة فلسطينية حقيقية. (…) تصل بين ماضٍ لا يمكن نسيانه وبين مستقبل يحتاج إلى وعي خبرة الماضي ليستقيم. ويتعامل السينمائي الحق مع قضية شعب، من حيث وجودها في فضاء شاسع متعدد التجارب والأماني والمنافي، على هذا تظهر فلسطين، التي تعامل ويتعامل معها فنانون من مختلف الجنسيات: من وعد بلفور إلى حصار غزة سنة 2008،  تتوزع على موضوعات متشجرة تقابل، المصائر المأساوية التي جاءت بها “النكبة” وقيام دولة إسرائيل.”

عندما نقرأ العنوان “فلسطين في السينما” يتبادر لذهن القارئ بأن صورة فلسطين في هذه السينما عبر تسعين عاماً كانت إيجابية، لكن الأمر ليس كذلك، فالعديد من الأفلام التي صنعت عن فلسطين كانت لأغراض غير إيجابية بالنسبة للفلسطينيين. تقول العديد من الأفلام صنعت عن فلسطين لأغراض غير إيجابية. لكن هذه الأفلام كانت الوحيدة التي صورت مشاهد الناس والمدن الفلسطينية والأسواق الخ… ولولا هذه الأفلام لما كان هناك صور ومشاهد سينمائية عن الشعب الفلسطيني. بناء على ذلك يتأتى علينا أن نبحث ونجد. نقرأ ونشاهد ذاكرة المكان التي تسجل وتوثق تراجيديا الفلسطيني. وقد تبدو هذه المهمة، بمثابة عمل جغرافي، لا تخص ذاكرة الناس فقط، بل تخص أيضا تاريخ الوطن الفلسطيني نفسه.

ودعني أقتبس مما كتبه الناقد فيصل دراج في مقدمته لكتاب “فلسطين في السينما”: “لا شعبَ جديرٌ بالعيش بلا ذاكرة، ولا ذاكرة إلاّ ببشر يقومون ببنائها، ولا معنى لشعب فلسطين إن لم تكن ذاكرته، الفاجعة الجريحة المشرقة النبيلة، متكأ فعله وقوام نظره إلى مختلف الأزمنة (…) تضيء الوثيقة السينمائية، في مستوى منها، الفارق بين الذاكرة المكتوبة، المستقرة في كتب كثيرة، وبين الذاكرة الشفهية، (…) إنها انطولوجيا  التراجيديا الفلسطينية، في وجه منها، بقدر ما هي أنطولوجيا الملحمة الفلسطينية، في وجه آخر، وفي التراجيديا والملحمة معاً عبّر الفلسطينيون عن مهارة في البقاء وحكمة في الوجود، وإن كان في الحكمة اللا طوعية ما يجرح القلب.”

ولكن بعد فترة طويلة أي بعد عقود عديدة بدأ الاهتمام في السينما الاسرائيلية يختلف ويتنوع بحيث وجدنا كثيرا من السينمائيين الإسرائيليين، داخل إسرائيل وخارجها، يصنعون أفلاما تعارض الصهيونية بمستويات مختلفة وذلك لأسباب عديدة.

جرى الجدل في الحركة الصهيونية منذ البداية بأنه لا يمكن أن تنهض ثقافة يهودية مزدهرة وأدب عبري وموسيقى عبرية، ورقص وغناء وفنون – وفي وقت متأخر صناعة أفلام – إلا في “تصنيع” دولة  يهودية فقط. كما تم اقتراح إقامة العديد من الهياكل الاجتماعية والسياسية التي يصبح بإمكانها (تصنيع) دولة.  بناء على ذلك تم خلال النصف الأول من القرن العشرين إنشاء الوكالة اليهودية العالمية والمنظمة الصهيونية العالمية، واتحاد النقابات العمالية، واتحاد المعلمين. وفي هذا السياق والمناخ بدأت صناعة أفلام صهيونية، أخذت على عاتقها مهمة المساهمة في “اختلاق وتصنيع دولة على أرض فلسطين.

وتستكشف أيلا شوحاط السينما الإسرائيلية باعتبارها موقعاً مثمراً للثقافة القومية، ويرجع تاريخها إلى الأفلام الصهيونية المبكرة حول فلسطين في مطلع القرن. وهي تقدم قراءة تفكيكية للصهيونية، وتنظر إلى السينما على أنها تشارك في “اختراع” أمة.

في كتابك “فلسطين في السينما” الصادر عام 2006، وهو عمل مرجعي يوثّق التجارب السينمائية التي تناولت القضية على مختلف مراحل الصراع خلال تسعين عاماً. ما هو الدافع الذي حملك للبحث وكتابة هذا الكتاب؟ كم استغرق العمل عليه؟ ما أهم الصعوبات التي واجهتك أثناء العمل عليه؟

أثناء عملي عن البحث عن الأفلام  الضائعة بتمويل لفترة سنتين من قبل وزارة الخارجية الألمانية / دائرة  دعم التراث. وكنت تعاونت مع خبير ألماني وجهزنا كتابين واحد بالإنكليزية وآخر بالألمانية، وبعد الاتفاق مع مؤسسة الدراسات الفلسطينية للعمل على مشروع إصدار الكتاب الأول “فلسطين في السينما” معتمدا على النسختين، وبالتعاون مع ورشة عمل مؤلفة من فريق عربي للترجمة من الإنكليزية والألمانية والتحرير إضافة للمراجعة من قبل مؤرخين عرب. وقد استغرق العمل على الكتاب ربما لأكثر من سنة.

متى بدأت فعلياً الأفلام عن فلسطين بطابعها الايجابي وليس الدعائي لفكرة الوطن البديل والأرض بدون شعب وغيرها؟ وقد رصدت في الكتاب أيضاً العديد من الأفلام التي الإسرائيلية.

ربما يجيب الدكتور فيصل دراج في مقدمته للكتاب على هذا السؤال: “وهو الأكثر إقلاقاً وتعقيداً، دور السينمائيين والفنيين اليهود، كما جاء في هذا الكتاب، في علاقتهم بالقضية الفلسطينية، التي تأخذ في “التضامن الفني” أحد شكلين: الحضور “اليهودي” الفني والتقني الكثيف في أفلام فلسطينية تتحدث عن مآل الفلسطينيين، أو في مساهمات “يهودية” خالصة، تتعاطف مع “الضحية” وتأخذ مسافة واضحة عن “جلاد” الفلسطينيين، وتعلن قلق الإنسان الإسرائيلي وإحباطه. يثير هذا السؤال قضية “الآخر الإسرائيلي”، الذي لا يعرّف ذاته بجوهر يهودي خالص، داعياً إلى الحوار والاعتراف المتبادل، وهو ما لا يأتلف مع دعاوى “جوهرانية”، فلسطينية كانت أو يهودية ـ صهيونية. ففي حدود منظور، يقبل بالاعتراف، ترتبك الدعوات القائلة بأن الصراع الفلسطيني ـ الإسرائيلي صراع ديني، كما يذهب بعض العرب، وتحاصر الدعوات التي ترى فيه صراعاً بين “عرق” وآخر، مثلما تذهب أطراف صهيونية كثيرة. وواقع الأمر أن في هذا الكتاب، الذي يشتق من الوثيقة السينمائية سؤالاً سياسياً، ما يسلط الضوء على صراع بين طرف ضعيف وآخر أكثر قوة. كأن في السؤال الفني ما يحيل على حقل الثقافة والقيم الإنسانية، وما يقترح على الضعيف، أي الطرف الفلسطيني، أن يعوض ضعفه “الدفاعي” بمشروع ثقافي ـ قيمي قوامه الاعتراف المتبادل والبحث المشترك عن مستقبل أفضل. ففي شرط يميل فيه ميزان القوى، بمعنى الردع والمواجهة، ميلاً فاحشاً إلى مصلحة الطرف الإسرائيلي، يكون على الفلسطينيين أن يعوضوا ضعفهم الذاتي بمنظور ثقافي ـ أخلاقي نوعي، يفصح عن إبداع الضحية ولا يحاكي منطق الجلاد، لأن محاكاة سلاح الضحية لسلاح الجلاد، وهي محاكاة مستحيلة في أية حال، تفضي إلى الإخفاق الأكيد.”

في الكتابين تجد أفلاما لا تحصى صُنعت من قبل مخرجين يهود مقيمين في إسرائيل أو خارجها. وهم مخرجون ليسوا صهاينة، بعضهم من أصول عربية، وصل بهم الحال إلى توجيه نقد حاد لمظاهر وجود المشروع الصهيوني في فلسطين. ويمكن وضع كتاب خاص عن هذه الأفلام وتنوعها ومصير مخرجيها خاصة من استطاع منهم أن يجد له موقعا مميزا في عروض المهرجانات الكبرى أو في تلفزيونات أوربية.

ما الذي برأيك تغير في السينما الإسرائيلية عبر تلك السنوات وصولاً للوقت الحالي؟ وكيف انعكس الصراع في السينما الإسرائيلية؟

في الكتابين “فلسطين في السينما” هناك عشرات الأفلام التي أخرجها إسرائيليون في إسرائيل وفي دول أخرى تناصر الحق الفلسطيني وكل مظاهره الإنسانية التي تتعرض للاضطهاد من قوات الاحتلال الصهيونية.

المهم في دراستنا عن السينما المبكرة وعن الأفلام التي صورت في فلسطين، أنها  اختزنت ذاكرة غنية لا يمكن إغفال أهمية وضرورة الرجوع إليها، ما دامت تنتمي، بحق، إلى تاريخ الصراع على فلسطين. كما أنها شكلت، وفقاً لخصوصية هذا التاريخ، ذاكرة وهوية للشعب الفلسطيني أكان في العهد العثماني أو في عهد الانتداب البريطاني أو في فلسطين المحتلة أو في الشتات.

لنأخذ بنظر الاعتبار كل تلك المحاولات التي حصلت في الماضي وتستمر بعناد في الحاضر خاصة عند بعض مؤرخي السينما ومواقع الأرشيف الصهيونية التي تسمي الأفلام، بأنها، من جهة، أفلام أرض إسرائيل ما قبل الدولة، وذلك في محاولة لإنكار فلسطين. مع إن كل الأفلام تذكر، من جهة أخرى وبوضوح، أن بلد إنتاج الأفلام المبكرة في فلسطين على أنها منتجة في فلسطين.

بدأ تاريخ السينما في فلسطين، في حقيقة الأمر كما هو الحال في بعض البلدان العربية مثل: تونس والجزائر ومصر والمغرب، مع بداية العام 1896 حينما أرسل “الأخوان لوميير” طاقماً متدرباً من المصورين المبتكرين إلى مدن مختلفة من العالم بهدف عرض أفلام أو تصوير مواد جديدة وكان من ضمنهم أحد أهم المصورين في فريق العمل جان الكسندر لوي بروميو الذي ارتحل في آذار إلى مصر ومن ثم إلى فلسطين -في العهد العثماني- حيث قام بتصوير مشاهد في يافا والقدس في شهر نيسان / أبريل، تتراوح مدة كل منها بين 45 و ثانية من 3 إلى 25 نيسان عام 1897.

وفي دراستي المستفيضة عن السينما المبكرة في فلسطين بينت نوعين من الأفلام: أفلام صهيونية صنعها صهاينة جاؤوا إلى فلسطين وأفلام عبرية لصهاينة كانوا قد هاجروا إلى فلسطين؟

في احتفال بالذكرى الخامسة والسبعين كرس للفيلم العبري الصهيوني، أصدرت خدمة الطوابع سلسلة من الطوابع. ثلاثة منها مكرسة لأفلام عبرية صامتة وناطقة أنتجت في فلسطين، باعتبارها علامة فارقة في السينما العبرية:

– أول فيلم تسجيلي ” جوديا محررة” صوره وأخرجه ياكوف بن دوف

– أول فيلم  روائي طويل “أوديد التائه” باللغة العبرية أخرجه حاييم هالاشمي

– أول فيلم تسجيلي ناطق “هذه هي الأرض” أخرجه باروخ أغاداتي

وتتفق كل المصادر السينمائية التاريخية على إن أول فيلم تسجيلي صور في فلسطين عام 1911 وعنوانه أيضا “أول فيلم عن فلسطين” وجاء في ثاني لوحة مكتوبة: مشاهد من الأراضي المقدسة مصورة من قبل الصهيوني الإنكليزي موراي روزنبيرغ مهداة لتيودور هرتزل. وهو فيلم تسجيلي مدته 29 دقيقة، 35 مم، أسود وأبيض. ومن ثم أنجز الروسي نوح سكولوفسكي فيلم “حياة اليهود في فلسطين” في 1913 ومدته  78 دقيقة، أسود وأبيض بالعبرية والانكليزية.

وفي العام 1917 صور المهاجر المقيم في فلسطين ياكوف بن دوف دخول الجنرال إدموند ألنبي التاريخي إلى القدس.

إن كل ما صور وأنتج في تاريخ السينما في فلسطين في العهدين العثماني والبريطاني، كانت غالبيته وثائقية أو حتى شبه وثائقية ممثلة وقليل منها روائية، تم إنتاجها غالباً من قبل منظمات صهيونية، وإنه بغض النظر عن جانب هذا الإنتاج الإيديولوجي الصهيوني، إلا أنه أصبح مرجعاً يُعرف بفلسطين وهويتها وناسها، كما كان حال الوثائق الرسمية التاريخية، التي تعنوّن باسم فلسطين كالطوابع وجواز السفر قبل سنة 1948.

هنالك مرحلة في السينما الفلسطينية يسميها البعض سينما أوسلو، هل تعتقد بوجود هذه السينما؟ ما هي ملامحها من خلال ما رصدته في كتابك فلسطين في السينما؟ وهل خرج صناع الأفلام الفلسطينيون من هذه المرحلة؟

في الكتاب الأول “فلسطين في السينما” كانت هناك إشارات لأوسلو فقط بدأها صبحي الزبيدي في فيلم تسجيلي 20 دقيقة عام 1998 أما في الكتاب الثاني “ذاكرة وهوية” فهناك أفلام قليلة هي مثلاً فيلم روائي لهشام زريق “أمامك البحر” إنتاج ألمانيا / إسرائيل / فلسطين 2011، 11 دقيقة و”زمن معلّق”، وهو مجموعة أفلام تسجيلية وروائية قصيرة أنتجت عام 2014 أخرجها كل من: طرزان ناصر، مهدي فليفل،  يزن الخليلي، علاء العلي، أمين نايفة، أسمى غانم، عاصم ناصر، أيمن الأزرق، ومهند صلاحات، ويجمع بين هذه الأفلام على أن الرؤية التي قامت عليها “اتفاقية أوسلو” التي تمركزت حول سكان الضفة الغربية وقطاع غزة من الفلسطينيين، بينما جرى التفريط بحقوق اللاجئين الفلسطينيين في الدول العربية والشتات، كذلك الأمر بالنسبة لفلسطينيي أراضي 1948.

وهناك فيلم “آمال كبيرة” وهو تسجيلي قصير لمخرج إسرائيلي هو غويدافيدي لكن المهم هو الإشارة لفيلمين من إنتاج “الجزيرة” هما “ثمن أوسلو” لروان الضامن، ويتناول تفاصيل المفاوضات السرية التي أدت إلى توقيع اتفاقيات أوسلو بين إسرائيل والسلطة الفلسطينية بوساطة النرويج التي لعبت دورا أساسيّاً للوصول إلى هذا الاتفاق. وفيلم “مناطق جيم” لعائد نبعة ويبين تشكل المنطقة ج ما يعادل 60% من أراضي الضفة الغربية المحتلة. وما زالت هذه المنطقة حتى يومنا هذا تحت سيطرة الحكومة الإسرائيلية الكاملة، بالرغم من اتفاقات أوسلو، وذلك بسبب التعنت الإسرائيلي ومواصلة مصادرة الأراضي الفلسطينية وبناء المستوطنات والاستيلاء على مصادر المياه الفلسطينية.

ويبدو من الواضح إن المخرجين الفلسطينيين لم يدخلوا في مرحلة أوسلو ليخرجوا منها ربما لمكانة أبو عمار الذي دفع مع شعبه ثمنا كبيرا لهذه الاتفاقية.

لا تزال بحسب كتابك، الأفلام التسجيلية الفلسطينية تتفوق بأضعاف على السينما الروائية، لماذا باعتقادك يميل صناع الأفلام الفلسطينيين للسينما التسجيلية؟

أعتقد أن هناك عدد كبير من السينمائيين الفلسطينيين والفلسطينيات أخذوا يندرجون تحت جهات إنتاج فلسطينية، صحيح أنها بدأت تطور من ميزانياتها عبر دعم جهات أجنبية وفلسطينية لكنها لا تغامر بإنتاج أفلام روائية نظرا لميزانياتها العالية أولاً، ونظراً لعدم وجود خبرة تقنية ودرامية وفنية عند مخرجيها ثانياً، إلا في حالات نادرة، هذا إذا استثنينا بعض المخرجين الفلسطينيين الذي يحملون جنسية إسرائيلية وأصبح لهم شهرة بعد تجاوزهم مرحلة إخراج أفلام  تسجيلية ناجحة وأتيحت لهم إخراج أفلام روائية طويلة في إسرائيل، بغض النظر إذا كانوا مقيمين في إسرائيل أو في بلد أوروبي أو أمريكي.    

ما الذي تطور في السينما الفلسطينية الحديثة منذ أن أصبحت السينما الفلسطينية في معظمها تصور في فلسطين منذ نهاية الثمانينيات؟

كان التصوير ضمن دولة إسرائيل للفلسطينيين والعرب مشكلة صعبة ومعقدة للغاية. في الماضي كانت الأفلام التي تصور هناك تصور على أفلام 16 مم وبالتالي لا يمكن مشاهدتها من قبل رقابة إسرائيلية وهناك أمثلة لأفلام تم إنتاجها من قبل جهة فلسطينية واستعانت بمصورين أجانب وتحديدا ألمان، وأذكر بهذا الصدد فيلمين “يوم الأرض” إنتاج مؤسسة صامد في بيروت، و”وطن الأسلاك الشائكة”، بدعم من الجامعة العربية في تونس وإنتاج دائرة الإعلام والثقافة في منظمة التحرير الفلسطينية.

صنفت نوريث غيرتز وجورج خليفي في كتابهما “السينما الفلسطينية “المشهد والصدمة والذاكرة “أربع فترات متميزة للسينما كالتالي:

الأولى بين 1935 و 1948، سنة النكبة (أو الكارثة، التي تصف الطرد القسري للفلسطينيين من وطنهم عام 1948).

الثانية، “عصر الصمت”، بين عامي 1948 و 1967، عندما لم يتم إنتاج أي فيلم.

الثالثة أفلام الفترة الثورية بين عامي 1968 و 1982 – التي أثارها احتلال الضفة الغربية وغزة بعد حرب الأيام الستة – والتي أنتجت في الغالب في لبنان من قبل منظمة التحرير الفلسطينية وغيرها من الفصائل الفلسطينية.

الرابعة، التي بدأت في عام 1982، بعد الغزو الإسرائيلي للبنان ومذابح صبرا وشاتيلا، والتي لا تزال مستمرة حتى يومنا هذا.

وفي كتاب نشرته مجموعة العمل الفلسطينية-الإسرائيلية ضد الحرب (HAW) في ديسمبر 2014 أعده وحرره وكتب مقدمته  روزالين باكساندال وتم فيه تصنيف عناوين مواضيع الأفلام عن تاريخ الصراع الفلسطيني – الصهيوني الإسرائيلي ونعيد التصنيف كالتالي:

1. أفلام عن التاريخ والأيديولوجيا الصهيونية

2. أفلام حول المستوطنات اليهودية

3. أفلام حول النكبة (للفلسطينيين، الكارثة، 15 مايو 1948).

4. أفلام عن الجيش الإسرائيلي.

5. أفلام إسرائيلية تتعلق بالفلسطينيين

6. أفلام تتعلق بالشرق الأوسط وفلسطين/إسرائيل بشكل غير مباشر

7. أفلام عن احتلال الضفة الغربية وغزة بعد عام 1967

8. أفلام حول مختلف الغزوات لغزة في العقد الماضي

9. أفلام من قبل نقّاد اليهود عن إسرائيل والصهيونية

10. أفلام ذات طرق طليعية أو كوميدية أو شعرية

11. أفلام تتعلق بالشتات الفلسطيني

12. أفلام الفن الفلسطيني

13. أفلام عن التضامن والمقاومة

14. أفلام التضامن من قبل صناع الأفلام العرب والإسرائيليين

15. أفلام تظهر التضامن الدولي مع فلسطين

16. أفلام تتعلق بالذاكرة الثقافية الفلسطينية

17. أفلام تتعلق بالحياة اليومية في الأراضي الفلسطينية

18. الأفلام المتعلقة بالمرأة

19. أفلام تتعلق بالتعذيب والسجن

20. أفلام عن حرب لبنان

ووفقا لهذا التصنيف بمثابة دليل على نوعين من الأفلام التي يتم تصنيفها في الكتابين:

  • أفلام صهيونية وعبرية قبل وبعد تأسيس دولة إسرائيل.
  • أفلام عن مصير الفلسطينيين في الشتات الفلسطيني وتأسيس منظمة التحرير الفلسطينية وظهور المقاومة المسلحة وما نتج عنها في الأردن ولبنان وسوريا والعالم.
  • أفلام متداخلة المضمون حول مصير الشعب الفلسطيني ونضاله أكان في الشتات اوفي داخل فلسطين التاريخية في الوقت ذاته.

جزء من صراع الفلسطيني مع محتليه هو صراع الرواية، من يكتب روايته يرث أرض الكلام، هل نجح الفلسطينيون برأيك في صناعة روايتهم سينمائيا وتقديمها للعالم؟

هناك روايات لأصحاب من ينخرطون في الصراع الفلسطيني الإسرائيلي أكثر ممن ينخرطون في الصراع الفلسطيني الصهيوني. أكانوا من العرب الفلسطينيين أو الإسرائيليين اليهود؟ أكانوا يعيشون في إسرائيل أو فلسطين أو خارج إسرائيل أو فلسطين. وستواجهنا إشكاليات معقدة ومركبة عند كل الأطراف، إشكالية جغرافية وإيديولوجية فكرية. وتواجهنا أسئلة: صراع وعي أو صراع مسلح، صراع انتفاضات أو صراع رواية تاريخية: من هم أصحاب الأرض، وماذا حصل على الأرض من متغيرات تاريخية؟ وكلما تكثر الأسئلة، وفقا لطبيعة الصراع وأهدافه، كلما تكثر محاولات سرد الرواية ولمن تتوجه؟ هكذا تتوزع الخارطة وبالتالي يجب بدقة تحليل كل هذه أو تلك الافلام، لكي نكون منصفين وموضوعيين لكي تُقبل روايتنا وتكسب من يستمع إليها، ليستعملها بدوره في الصراع وينظم إليه كطرف جديد يغني من رواية فلسطين تاريخياً وراهنياً.            

لماذا صُنعت عدة أفلام عن فلسطين في تلك المرحلة؟ ولماذا فلسطين أكثر من غيرها في المنطقة العربية؟

مع أن القضية الفلسطينية تراجعت عربيا ودوليا لكن المفارقة أن ازدياد عدد الأفلام – ليست فقط في المنطقة العربية، وإنما في العالم، هي أكثر نسبيا من عدد الأفلام التي حصرناها في الكتاب الأول، ولا شك إن ظاهرة كهذه يجب دراستها من قبل علماء اجتماع ومؤرخين.

ما الذي تغير في علاقة الفلسطينيين مع أصدقائهم من صناع الأفلام العرب وغير العرب منذ بيروت وحتى رام الله ما بعد أوسلو؟

لعب الفلسطينيون أولا دورا منتجا في دعم بعض أفلام لبعض صناع عرب وغير عرب علما إن ميزانية أفلام غير العرب كانت أكثر بكثير من ميزانية أفلام الفلسطينيين أنفسهم أو أفلام بعض العرب.

يختلف الأمر في هذه الأيام، فلم يعد للفلسطينيين علاقة بما يصنع من أفلام عن القضية الفلسطينية إنما على العكس من ذلك أصبحت حتى الأفلام الفلسطينية تموّل من جهات أجنبية أو في فترة ماضية من قبل دعم بعض المهرجانات العربية.

  • في مشروع الكتاب الثاني “فلسطين في السينما: ذاكرة وهوية” أردت حسب التصور الأولي أن يجري العمل على الكتاب في غضون ستة أشهر، لكن استغرق العمل فقط مع 3 مترجمين أكثر من سنة ونصف، ووصل عدد المخرجين الأجانب 159 مخرجاً
  • كما وصل عدد العرب والفلسطينيين إلى 208 مخرجا، إضافة إلى ملحق ريمكس كان عدد المخرجين فيه 16 مخرجا من بينهم 3 مخرجين أجانب
  • ووصل عدد الأفلام منذ عام 2006 حتى بداية عام 2019 إلى 547 فيلما
  •  
وكان عدد المراجع العربية 20 مرجعا:
  1. أيام قرطاج السينمائي للسنوات: 2006-2016
  2. كاتالوغ مهرجان  دبي السينمائي الدولي للسنوات: 2005-2016
  3. كاتالوغ مهرجان أبوظبي السينمائي الدولي للسنوات: 2009-2014
  4. مهرجان الجزيرة الدولي للأفلام التسجيليّة ٢٠١٣
  5. كاتالوغ مهرجان الفيلم العربي القصير- بيروت 2016
  6. مهرجان الفيلم العربي للسينما في وهران 2016
  7. كاتالوغ مهرجان دمشق السينمائي الدولي 2009
  8. مهرجان مسقط السينمائي الدولي
  9. مهرجان القاهرة السينمائي الدولي
  10. مهرجان “الإسكندرية السينمائي” لدول البحر المتوسط
  11. مهرجان تطوان لدول البحر المتوسط عام 2018
  12. مهرجان مسقط السينمائي الدولي
  13. مي عودة: مراسلات شخصية مباشرة
  14. علا طبري: مراسلات شخصية مباشرة
  15. غادة الطيراوي: مراسلات شخصية مباشرة
  16. علياء أرصغلي: أرشيف مكتبة مؤسسة “شاشات” – رام الله-  فلسطين مراسلات شخصية وموعد في رام الله
  17. إديومز فيلم Idioms films، مهند يعقوبي، رام الله فلسطين
  18. أرشيف ساهرة درباس: مراسلات شخصية مباشرة
  19. مشاهدة الأفلام العربية المتوفرة على أقراص D.V.D  و YouTube لإضافة طاقم  العاملين  الفنيين والتقنيين للأفلام، التي لم تتوفر عنها معلومات كاملة
  20. قاعدة بيانات الأفلام على الإنترنت IMDB Internet Movie Database

وعدد المراجع الأجنبية 47 مرجعا أذكر منها:

  1. مهرجان كان السينمائي الدولي Festival de Cannes
  2. مهرجان مارسيليا الثالث 2008
  3. Toronto International Film Festival
  4. Chicago Festival of Israeli Cinema 2014 – 2017
  5. مهرجان سان فرانسيسكو السينمائي الدولي
  6. مهرجان سياتل ٢٠١٦
  7. مهرجان صندانس السينمائي 2012 Sundance Film Festival
  8. مهرجان فينيسيا السينمائي الدولي  2003
  9. مهرجان السينما الدولي – نيوزيلندا ،2007
  10. مهرجان الفيلم الفلسطيني بوستون Boston Palestine Film Festival
  11. مهرجان الفيلم الوثائقي الدولي في أمستردام في عام 2011
  12. سينما الواقع الرابع والثلاثون في باريس
  13. Nazra Palestine Short Film Festival 2017
  14. Association du Festival du film palestinien à Paris
  15. Boston Palestine Film Festival 2007-2016
  16. Festival del film Locarno
  17. Palestine Film Foudation.London© 2000-2014 electronicIntifada.net
  18. 2000-2014 electronicIntifada.net
  19. Venice International Film Festival
  20. Visions du Réel, Festival international de cinéma
  21. كاتالوغ  الندوة  الدولية للفيلم الشاب – برليناله  للسنوات: 2006-2017
  22. كاتالوغ مهرجان البرليناله السينمائي الدولي، شباط/فبراير  للسنوات: 2006-2017
  23. كاتالوغ مهرجان القدس السينمائي الدولي  للسنوات: 2006-2017
  24. كاتالوغ مهرجان حيفا السينمائي الدولي  للسنوات: 2006-2017
  25. مهرجان  Muestra de Cine Palestino Madrid للسنوات 2010-2016

The post قيس الزبيدي (٤/٤): حديث عن “فلسطين في السينما” appeared first on مجلة رمان الثقافية.

]]>
قيس الزبيدي (٣/٤): حديث عن أفلام الثورة الفلسطينية https://rommanmag.com/archives/20401 Sat, 27 Feb 2021 18:41:13 +0000 https://romman.b5digital.dk/%d9%82%d9%8a%d8%b3-%d8%a7%d9%84%d8%b2%d8%a8%d9%8a%d8%af%d9%8a-%d9%a3-%d9%a4-%d8%ad%d8%af%d9%8a%d8%ab-%d8%b9%d9%86-%d8%a3%d9%81%d9%84%d8%a7%d9%85-%d8%a7%d9%84%d8%ab%d9%88%d8%b1%d8%a9-%d8%a7%d9%84/ في الجزء الثالث من الحوار يتحدث قيس الزبيدي عن التجربة النظرية السينمائية ويوثق لمفاصل مهمة من تاريخ السينما العربية، تحديداً الفلسطينية والسورية التي عمل فيها مطولاً، في المونتاج والإخراج والإنتاج وكتابة السيناريو للأفلام، وأرشفتها وتوثيقها ونقدها، ما يجعله يمتلك نظريته الخاصة في فلسفة الفيلم. كما أنه يعد من المساهمين البارزين في سينما الثورة الفلسطينية، التي […]

The post قيس الزبيدي (٣/٤): حديث عن أفلام الثورة الفلسطينية appeared first on مجلة رمان الثقافية.

]]>
في الجزء الثالث من الحوار يتحدث قيس الزبيدي عن التجربة النظرية السينمائية ويوثق لمفاصل مهمة من تاريخ السينما العربية، تحديداً الفلسطينية والسورية التي عمل فيها مطولاً، في المونتاج والإخراج والإنتاج وكتابة السيناريو للأفلام، وأرشفتها وتوثيقها ونقدها، ما يجعله يمتلك نظريته الخاصة في فلسفة الفيلم. كما أنه يعد من المساهمين البارزين في سينما الثورة الفلسطينية، التي نشأت في معظمها في لبنان منذ نهاية الستينيات وحتى منتصف الثمانينيات.
 

كنت أحد صناع الأفلام “غير الفلسطيني” الذي التحق بالثورة الفلسطينية وصنع أفلاماً عن الفلسطينيين وثورتهم، فقد كانت سنوات السبعينيات حافلة بصناع السينما العرب وغير العرب، الذين ذهبوا إلى لبنان لصناعة أفلام عن الفلسطينيين والثورة ولبنان والحرب، هل يمكنك الحديث عن بدايات تلك المرحلة؟ أقصد زياراتك الأولى إلى لبنان، هل ذهبت إلى لبنان لصناعة أفلام أم قررت صناعة الأفلام حين زرت لبنان؟ 

لم التحق بالثورة الفلسطينية. بداية عملت أفلامي عن فلسطين أولاً في سوريا في التلفزيون السوري، وفي مؤسسة السينما في دمشق، وأول مرة زرت لبنان، لها علاقة بالسينما الفلسطينية، كانت للمشاركة في ندوة نظمها هاني حوراني في السبعينيات في مركز الأبحاث في بيروت، مع غيري من السينمائيين.

بعد أن حصلت متغيرات في المؤسسة اتيحت لي الفرصة لإخراج فيلم ” نداء الأرض”، من إنتاج التلفزيون العربي السوري عام 1976 الذي حاز على جوائز ثلاثة في مهرجان فلسطين في بغداد في العام نفسه، وعرض في التلفزيون السوري مساءً وشاهده عبد الله الحوراني مدير عام دائرة الثقافة والإعلام في بيروت وفرعها بدمشق واتصل بيّ ومن حينها بدأت علاقتي كسينمائي تتطور تدريجيا بدائرة الثقافة والإعلام. 

إذاً كيف بدأت العلاقة سينمائياً بينك وبين فلسطين؟

كانت البداية أثناء عملي، حيث عملت في المؤسسة العامة للسينما، مساهمتي الفنية في المونتاج في فيلم “أكليل الشوك” لنبيل المالح، غير أني بعد أن توقفت عن العمل في المؤسسة بعد شهر، أتيحت لي الفرصة لاحقاً في التلفزيون العربي السوري لإخراج الفيلم التسجيلي”بعيداً عن الوطن” الذي أصبح عنوانه عنواناً لحياتي، بعيداً عن وطني العراق، وبعد فترة طويلة صعبة، عدت للعمل في المؤسسة كمشرف على قسم المونتاج، وأنجزت أول فيلم روائي تجريبي قصير هو “الزيارة” كما ساهمت أيضاً بالسيناريو والتصوير والمونتاج في ثلاثية “رجال تحت الشمس” وهي ثلاثية وضعت البداية لنوعية جديدة من الأفلام السينمائية السورية ونال في قرطاج الجائزة الفضية.

وُصف فيلم “بعيداً عن الوطن”، 1969، الذي يعتبر من أوائل أفلامك عن فلسطين، بأنه فيلمٌ بلغة سينمائية تعامل مع مفهوم الزمن واللقطة والتتابع الزمني بشكل جديد وغير مسبوق، لماذا فكرت بصناعة أفلام عن الفلسطينيين؟ هل كانت هذه المحاولة الأولى وتم إنتاجها أم أن هنالك محاولات سابقة لم تتم؟ وبأي ظروف أنتج الفيلم؟

وجدت من المهم أن أبتعد، وأنا أعمل في مؤسسة قطاع عام، عن إخراج أفلام دعائية لأن انتمائي يعود إلى جيل من سينمائيي السبعينيات، الذين درسوا السينما في أوروبا وفق منهج أكاديمي وتعرفوا على تاريخ السينما وتأثروا بتياراتها الفنية المختلفة واعتقدوا أن بوسعهم لعب دور مهم في تجديد السينما العربية وجعلها كظاهرة فنية موازية للسينما التي برزت في أوروبا الشرقية أو في بعض بلدان العالم الثالث أو في كوبا. وحينما بدأت أعمل في السينما التسجيلية العربية وجدت أنها تفتقد لمقومات المنهج التسجيلي، وخضنا أنا وبعض السينمائيين العرب معركة متنوعة الأشكال في محاولة لخلق تقاليد تنتسب حقاً إلى تقاليد السينما التسجيلية العريقة في العالم.

وانطلاقا من خبرتي في الفيلم التسجيلي أردت أن أصل بالموضوع الفلسطيني إلى محافل دولية ومهرجانات. وبدأت بموضوع عن الطفل الفلسطيني في “بعيدا عن الوطن”. وكما اعتقدت فأن اللجوء إلى الطفل الفلسطيني كمادة في معالجة سينمائية هو محاولة الاقتراب من المأساة الكبيرة عبر رصدها فيما هو يومي. بمعنى إن هدفي كان التعبير عن المأساة في رصد اليومي في حياة طفل المخيم، والأصح طفل الخيمة، لأن وضع الخيمة مؤقت بينما وضع المخيم هو دائم. أما في شهادة الأطفال، فحاولت التعبير عن موهبة الطفل الفلسطيني، الذي هو طفل يشبه كل أطفال العالم، لكن الخيمة والحرب لا تقتل موهبته فقط، إنما تقتل طفولته نفسها. أما بالنسبة إلى استخدام الطفل كحامل مباشر لدلالة فهو أمر صحيح.

ويمكن القول إن هناك تجربة مميزة في فيلمي الأول “بعيدا عن الوطن”، فقد أخذت الأطفال بعد التصوير إلى استوديو الصوت، عرضت عليهم ما صورته من مواد أولية “رشز” في المخيم، فراحوا يتصايحون فرحاً وشجاراً، أخذت الصوت وركبته على الفيلم، وجرت محاولتي هذه لأنه حينئذ لم توجد تقنية تصوير صوت وصورة متزامن لهذا تم ابتكار علاقة جديدة في استعمال الصوت وربما حصل الفيلم على الجائزة بسببها (الجائزة الفضية في مهرجان لايبزغ).

في فيلم “الزيارة” كفيلم روائي شاعري قصير مستوحى من ديوان شعر المقاومة، تشكلت صيغته الشعرية من عناصر فنية تنتمي إلى الرسم والشعر والموسيقى الشرقية والغربية والفوتوغراف والبانتوميم في شكل يجمع في وحدة فنية كل تلك العناصر، وهنا سيأتي أيضاً، دور المونتاج الذي يجعل من ما هو منفصل متصل السياق ومن ما هو متجزئ مستمر السياق… 

أما في فيلم “شهادة الأطفال الفلسطينيين في زمن الحرب” فإن الأطفال في مخيم البقعة في عمان يحلمون بأن يصبحوا فدائيين لأن الفدائي هو من سيعيدهم إلى فلسطين. وفي فيلم “نداء الأرض” فهو مستوحى من انتفاضة أطفال الحجارة.

ومع تقدم الزمن أصبح عندي باستمرار ارتباط خاص بين موضوعين، موضوع السينما وموضع فلسطين. محاولة انتماء إلى السينما ومحاولة انتماء إلى فلسطين. أغلب أفلامي في سوريا كانت عن القضية الفلسطينية، أيضا في ألمانيا. ولطالما جرى وصفي بأنني فلسطيني الانتماء. ففي إحدى المهرجانات صدر كتاب لتكريمي بعنوان «عاشق فلسطين». والحقيقة أنني أتضايق من وصفي كمخرج عراقي، فأنا كسينمائي لم أصور حتى صورة فوتوغرافية واحدة في العراق.

كيف كانت علاقتك بالمخرجين الآخرين الفلسطينيين وغير الفلسطينيين؟ ماذا تشاركتم؟ كيف كانت مراحل التأسيس الأولى؟ ماذا كانت تعني الثورة والسينما لكم؟

تعرفت في أوائل السبعينيات على عدنان مدانات وقاسم حول في دمشق وكنت أعمل بمؤسسة السينما وتعاونت معهما في إخراج أفلامهما الأولى، وعمل بعدئذ مدانات في مؤسسة السينما الفلسطينية ببيروت، وذهب حول أيضاً إلى بيروت وأخرج فيلمه “النهر البارد” ومن ثم أسس قسم السينما في الجبهة الشعبية. وبعد ذلك تعرفت على مصطفى أبو علي عند عرض فيلمه “بالروح بالدم” الذي حصل على الجائزة الفضية، وكان بمثابة إعلان ولفت الانتباه إلى السينما النضالية الفلسطينية وفلسطين في السينما عربياً ودولياً! التقينا في المهرجان مجموعة من السينمائيين والنقاد المؤمنين بسينما جديدة أطلق عليها “السينما البديلة” وبدأ التحضير لائتلاف يجمع بين هؤلاء السينمائيين ذوي ايديولوجية متقاربة وطموح فني هم: قيس الزبيدي، قاسم حول، عبد الهادي الراوي، عدنان مدانات، مصطفى أبو علي، كريستيان غازي، فؤاد التهامي والناقدين: سمير فريد ووليد شميط.

بعد انتهاء المهرجان عقد اجتماع غير معلن في بيروت في شقة جُهزهت للسينمائيين والنقاد من بينهم أسامة العارف، عن طريق الحزب الشيوعي اللبناني. وذلك للتعارف والتفاهم حول تعاضدنا وتكاتفنا خاصة إذا ما تعرض احد منا أو أي من السينمائيين الجدد إلى أي مشاكل من الرقابة في هذا البلد أو ذاك. وكان أول نتاج  لبعض أفراد تلك المجموعة: العدد الخاص لمجلة الطريق اللبنانية حول السينما البديلة (1972). وكان موضوع الغلاف لهذا العدد مكرساً للسينما العربية البديلة.

أما حول علاقتي بالسينمائيين الأجانب من أغلب الدول، فمتميزة ومنتجة للغاية، ويمكن أن يكتب عن أهميتها وما حصدته من أفلام عن القضية الفلسطينية كتاباً تكون له قيمته تاريخية. وحصلت العلاقة المتينة بيني وبينهم خلال بحثي عن أعمال السبعينيات واقتنائها للأرشيف الفلسطيني في برلين، وبعد فترة طويلة نظمت برامج عروض لأفلامهم ودعوتهم للحضور الشخصي في مهرجان دمشق وأبو ظبي.

وما رأيك فيما يقال بأن سينما الثورة الفلسطينية منذ بداية السبعينيات وحتى تقريباً منتصف الثمانينيات تورطت في معظمها بالشعار؟ أم أن سينما تلك المرحلة كانت تستلزم هذا النوع من الأفلام؟

لقد تعرض فيلم “بعيداً عن الوطن” حينما عرض في دمشق لنقد شديد لأنه أتخذ من الأطفال في مخيم سبينه، الواقع قرب دمشق والذي يعيش فيه اللاجئون الفلسطينيون منذ سنة 1948 والنازحون منذ سنة 1967، مادته الأساسية. فيكشف عن مظاهر الحياة داخل المخيم، وعن آمال الأطفال الفلسطينيين وأحلامهم. أطفال من مخيم للاجئين وضعوا تحت المراقبة وهم يلعبون ويعبرون عن رؤيتهم.

لم تكن ما يسمى أفلام الثورة الفلسطينية في عمّان تنتسب لهذا الشعار ما عدا فيلم “بالروح بالدم” الذي صُور في عمّان ونفذ في بيروت بعد خروج المنظمة من الأردن، وفي مؤسسة السينما الفلسطينية بدأت ما تسميه بالمنظمات المسلحة التي بدأت تنتج أفلاماً مسلحة في صراعها المسلح مع إسرائيل. وفي دراستي عن دور مصطفى أبو علي كتبت: “وعقب مصطفى أبو علي: كنا في تلك الفترة نبحث عن لغة سينمائية تعبر عن نضال شعبنا، (…) يعني ضمن المسعى للبحث عن لغة سينمائية، ومضى الجميع في طريق رحلتهم السينمائية التي أخذ فيها عملهم التوثيقي -كما يقول المستشرق السوفيتي شاخوف- يستمر في ظروف صعبة للغاية، وتأتّى عليهم أن يتسموا بالشجاعة ورباطة الجأش والاتزان والمهارة المهنية والقدرة على العمل في مناطق العمليات الحربية في لبنان، مخاطرين في كثير من الأحيان بحياتهم. إن الفيلم الفلسطيني -حسب رشاد أبو شاور- لم يكن فيلم “داخل إطار: ثورة حتى النصر” مجرد وثيقة نضالية فحسب بل تجربة نضالية بحد ذاتها.

ويمكن هنا طرح سؤالين جوهريين: ماذا يصنع الناس بوسائل الاتصال؟ وماذا تصنع وسائل الاتصال بالناس؟

كلا السؤالين يفتح أمام الانشغال بتاريخ السينما الفلسطينية النضالية آفاقا واسعة. لأن  أول ما يواجه عملية النقد التحليلي هو كيف تتم عملية التصوير في الواقع، وكيف تنشأ، نتيجة لذلك، العلاقة بين بنى سرد الفيلم التسجيلي وتأثير قدراته الاتصالية، تبقى المسألة الأهم والأكثر إثارة والأكثر أمانة في  طبيعة تصوير الأفلام في مؤسسة السينما الفلسطينية أن تكون عملية التصوير مفتوحة وأن لا تكون وظيفة الكاميرا مجرد آلة تسجيل لا مبالية، إنما طرفاً محفزاً تُستخدم بوعي لإثارة ردود فعل ومشاعر فورية درامية حادة. 

انطلاقا من عملية تصوير مفتوحة لم يكن أمام مصطفى أبو علي إلا أن يشاهد مراراً وتكراراً ما تم تنفيذه -من رشز rushes- ليصنع من موادها الخام الأفلام التي أخرجها عن طريق مونتاج قد تكون مختلفة كل مرة. 

ففيلم “بالروح بالدم” تم تصويره من قبل هاني جوهرية، سلافة جادالله، مطيع إبراهيم، عمر مختار، ومصطفى أبو علي وفيلم “مشاهد من الاحتلال في غزة: وثائق من الأرشيف” تصوير: وليد نعمة، وفيلم “عدوان صهيوني” من تصوير سمير نمر ومصطفى أبو علي، وفيلم “ليس لهم وجود” من تصوير: مطيع إبراهيم، عمر مختار، سمير نمر. كما قدرت المواد المصورة التي تمت مشاهدتها، اختيار مشاهد منها لإخراج فيلم “تل الزعتر”، من قبل مصطفى أبو علي وجان شمعون والإيطالي بينو أدريانو، بحواليّ 15.000 من الأمتار، والتي شارك في تصويرها عمر المختار. 

وفقا لهذه الظروف الصعبة وارتباط المؤسسة بالإعلام الموحد وشعار ثورة حتى النصر، بدا كما لو أنها لا تملك خياراً اخر، وبالتالي أغفلت عموماً تناول وضع الفلسطينيين وحياتهم اليومية في مخيمات اللاجئين من عام 1948. ومن المعروف أن مصطفى أبو علي كان قد حصل على تمويل أولي لإنتاج سيناريو «المتشائل» عن رواية إميل حبيبي، لكن تنفيذ الفيلم تعطل بسبب مشكلة تمويل إنتاجه، والشيء ذاته حصل في محاولته الثانية حينما أراد إخراج سيناريو “أيام الحب والحرب”، الذي أعده  عن رواية رشاد أبو شاور. ويقول مصطفى أبو علي بهذا الصدد “كل مشاريعي في هذا الإطار اصطدمت بعقبة التمويل”.

في العام ١٩٧٢ طُرحت فكرة توحيد جميع أقسام ولجان السينما لدى المنظمات الفلسطينية في مؤسسة واحدة للسينما تتبع دائرة الإعلام الموحد لمنظمة التحرير الفلسطينية، لكن المشروع لم يكتب له النجاح، فتم تأسيس (جماعة السينما الفلسطينية) كبديل عن ذلك في أواخر العام ١٩٧٣، وفي العام التالي فشلت محاولة أخرى لتوحيد أقسام السينما، لماذا برأيك لم تنجح محاولات توحيد المؤسسات السينمائية لدى المنظمات الفلسطينية؟

هذه المحاولة لم تأتِ من قبل دائرة الأعلام الموحد، بل المحاولة حصلت قبل الغزو الإسرائيلي للبنان بسنة على الأرجح ووفقا لفكرة مني هدفها إنشاء مؤسسة للسينما الفلسطينية تتمتع بشخصية مستقلة وبميزانية خاصة منطلقها أن مشكلة السينما الفلسطينية في تعدد اقسامها السينمائية، وكل منها يتبع فصيل فلسطيني مستقل، لكن مشاركته في أي مهرجان يتم بتسمية وفده وأفلامه وكأنها من إنتاج منظمة التحرير الفلسطينية وأحيانا تشارك عدة وفود مستقلة في الوقت نفسه باسم المنظمة. كما أن الحقيقة، تكمن في عدم وجود أساس مادي إنتاجي لها فقد كانت المحاولات دائماً متواضعة الإمكانات.

تبنى الفكرة بحماس مدير عام دائرة الثقافة، تتوحد بموجبها كافة المؤسسات السينمائية الفلسطينية في مؤسسة واحدة تحت سقف منظمة التحرير الفلسطينية، وقُدّم المشروع للجنة التنفيذية لتقره ولتوافق على نظامه الداخلي وميزانيته، لكن من المؤسف أن الحوراني وقتئذ لم يكن عضوا في اللجنة التنفيذية التي أخذت تؤجل موضوع مناقشة المشروع وإقراره في كل مرة تجتمع فيها، بحجة أولية مناقشة قضايا أكثر أهمية. إلى أن حصل الغزو الإسرائيلي، وقاد إلى خروج المنظمة والفصائل الفلسطينية من لبنان. وهكذا لم تسمح الظروف السياسية للأسف بنجاح المشروع. 

وأذكر ملاحظة واحدة مهمة، بالرغم من أهمية المشروع لجميع السينمائيين العاملين في المؤسسات المتعددة، إلا أن بعضهم تخوف من فقدان أوضاعهم في هذه المؤسسة أو تلك خاصة وإنهم لم يكونوا سينمائيين من أصول أكاديمية أو من خبرة تقنية/فنية عالية.

عملت في ألمانيا على تأسيس “الأرشيف السينمائي الوطني الفلسطيني” بالتعاون مع الأرشيف الاتحادي في برلين، كيف ولماذا جاءت فكرة تأسيسه في ألمانيا؟ ما طبيعة هذا الأرشيف وكيف تم جمعه؟ من يحق له الاطلاع عليه ومن يحق له استخدامه؟

حينما بدأت العمل على إنقاذ ما يمكن إنقاذه من الأفلام الفلسطينية المفقودة تحقق الانتماءان: فلسطين كتاريخ والسينما كذاكرة. لا أقول هذا الكلام من باب التأكيد على أهمية ما فعلته من أجل السينما ومن أجل فلسطين، لأن ما فعلته بالقياس مع ما كان يمكن أن أفعله هو شيء متواضع. المهم أن هناك حوالي 70 فيلماً تم جمعها وحفظها في الأرشيف الألماني الاتحادي، وهناك مشروع جاهز لبناء أرشيف في فلسطين وصدر “كتاب فلسطين في السينما” عن مؤسسة الدراسات الفلسطينية، وهو بمثابة فيلموغرافية من 799 فيلما تناولت القضية الفلسطينية في العالم.

أما من يحق له استخدامه فلأضرب بعض الأمثلة، حين قرر مهرجان الاسماعيلية تكريم مصطفى أبو علي وعرض أهم أفلامه كانت الفرصة الوحيدة لعرض تلك الأفلام هي الاستنجاد بي وفعلاً ساعدت على إرسال الأفلام من الأرشيف الألماني إلى مهرجان الإسماعيلية، أيضاً أرسلت أكثر من فيلم لمهرجان أحلام أمة عام 2004، نظمته آن ماري جاسر في القدس وبعض المدن الفلسطينية. أيضاً تم عرض فيلم “فلسطين سجل شعب” في أكبر قاعة سينمائية في برلين نظمته جهة ألمانية وهكذا.  

وما هي أبرز مشاكل الأرشيف السينمائي الفلسطيني؟ وما هي أكبر نكساته؟

الجواب على مثل هذا السؤال، الذي كان وما يزال يطرح باستمرار هو سؤال صعب وهناك أجوبة عديدة عن مصير أرشيف مؤسسة السينما الفلسطينية بشكل خاص. وأخرجت عزة الحسن فيلم “ملوك وكومبارس” عام 2004، الذي تتبع فيه مصير أفلام سينما الثورة الفلسطينية.

ما هي المشكلة الأكبر التي كانت تعاني منها السينما الفلسطينية؟

أن كل الذين دخلوا الساحة السينمائية في كل العالم كان عليهم أن يؤهلوا أكاديمياً قبل أن ينخرطوا في ممارسة صنع الأفلام، لأن التقنيات الفيلمية كانت صعبة الاستخدام، أما التقنيات الحديثة فإنها من جهة تتيح لأي شخص أن يستخدمها في تصوير الأفلام. بحيث أصبحنا نرى “مخرجين” بخبرة متواضعة وتأهيل أولي، لكنهم يصنعون فيلمهم بدون مشاركة من كوادر أخرى، فهم يكتبون النص ويصورون ويمنتجون ويشرفون على كامل العملية السينمائية. وإذا تأملنا هذه الظاهرة في السينما العالمية فسنجد حالات نادرة، أما الآن فهذه الحالة التي كانت استثنائية أصبحت قاعدة عندنا. ماذا نستنتج من ذلك؟

يبقى السؤال كيف نستطيع أن نحاكم ما ينتج الآن من سينما ديجيتال، والذي يجد له مكانا واسعاً في الفضائيات المنتشرة، التي تستطيع استيعاب كم هائل من الأعمال على مدار ساعات البث المستمرة. لكن بالإمكان الاستعانة بهذا التطور الإشكالي، هذا ما حصل في العالم وعندنا أيضا بدأت بداياته، وهناك تجارب إنتاجية مثلا في سوريا، يتم إنتاج فيلم سينمائي باستخدام التقنيات الحديثة “الديجيتال” وينقل فيما بعد على الأشرطة السينمائية التقليدية (قياس 35 ملم). المهم أن تتم معالجة الموضوع السينمائي وفقا لتقاليد وتراث السينما وجمالياتها.

عام ٢٠١٥، أي بعد نحو أربعين عاماً من العمل المتواصل من أجل قضيتهم، منحك الفلسطينيون الجنسية الفخرية الفلسطينية، اعترافاً وشكراً لك على منجزاتك السينمائية المتعلقة بالقضية الفلسطينية ونضال الشعب الفلسطيني. ما الذي عناه لك ذلك؟

كان عندي باستمرار ارتباطان في موضوعين، موضوع فلسطين وموضوع السينما. محاولة انتماء إلى السينما ومحاولة انتماء إلى فلسطين، وكان كثيرون يعتقدون بأني فلسطيني لأني  كنت دائما أقدم دائماً في المهرجانات والمحافل الدولية ليس كعراقي بل كفلسطيني دون أن أكون في واقع الحال فلسطينياً! وكان هناك عرف لغير الفلسطيني أن يكون فلسطينياً بالنضال. وبعد منحي الجنسية الفخرية والجواز الفلسطيني من قبل الرئيس أبو مازن أصبحت فلسطينياً ومشكلتي قد تم تجاوزها دون أي إدعاء أو بدعة!

The post قيس الزبيدي (٣/٤): حديث عن أفلام الثورة الفلسطينية appeared first on مجلة رمان الثقافية.

]]>
قيس الزبيدي (٢/٤): حديث نظري عن الأفلام التسجيلية والوثائقية https://rommanmag.com/archives/20399 Fri, 26 Feb 2021 16:37:20 +0000 https://romman.b5digital.dk/%d9%82%d9%8a%d8%b3-%d8%a7%d9%84%d8%b2%d8%a8%d9%8a%d8%af%d9%8a-%d9%a2-%d9%a4-%d8%ad%d8%af%d9%8a%d8%ab-%d9%86%d8%b8%d8%b1%d9%8a-%d8%b9%d9%86-%d8%a7%d9%84%d8%a3%d9%81%d9%84%d8%a7%d9%85-%d8%a7%d9%84/ في الجزء الثاني من الحوار المطول الذي تجريه مجلة رمّان الثقافية مع الكاتب والمخرج السينمائي العراقي قيس الزبيدي، يتحدث الزبيدي بصيغة أقرب للمقال، أو للماستر كلاس عن مفهوم الفيلم، أنواعه، عن فهم الزبيدي وفلسفته للفيلم وصناعته، وهو الذي عاصر فترات مختلفة من تاريخ تطور السينما، وكتب وعمل في صناعة الأفلام ومونتاجها وإخراجها وإنتاجها وكتابة السيناريو […]

The post قيس الزبيدي (٢/٤): حديث نظري عن الأفلام التسجيلية والوثائقية appeared first on مجلة رمان الثقافية.

]]>
في الجزء الثاني من الحوار المطول الذي تجريه مجلة رمّان الثقافية مع الكاتب والمخرج السينمائي العراقي قيس الزبيدي، يتحدث الزبيدي بصيغة أقرب للمقال، أو للماستر كلاس عن مفهوم الفيلم، أنواعه، عن فهم الزبيدي وفلسفته للفيلم وصناعته، وهو الذي عاصر فترات مختلفة من تاريخ تطور السينما، وكتب وعمل في صناعة الأفلام ومونتاجها وإخراجها وإنتاجها وكتابة السيناريو لها، وأرشفتها وتوثيقها ونقدها، ما يجعله يمتلك نظريته الخاصة في فلسفة الفيلم. يقف كثيراً عن التفاصيل الدقيقة، ويؤصل المفاهيم السينمائية، ويضعها في سياقها التاريخي ليجيب على أسئلة مثل، لماذا نصنع السينما وكيف نصنعها؟ وكيف رآها وفكر فيها صناعها الأوائل مثل الأخوين لوميير وميلييس وروبرت فلاهرتي.
 

ما الفرق بين الفيلم التسجيلي والروائي؟ حيث يرى بعض من صناع الأفلام والنقاد ما بعد الحداثيين بأن الفروق يمكنها أن تتلاشى.

الجواب يكمن بالعودة للبدايات حتى نستطيع التعرف في السينما المعاصرة على تنويعات فنية عديدة في التعبير التسجيلي أو الروائي. تاريخياً كان الأخوان لوميير أول من أخرج الأفلام وأنتجها. وكانا مهووسين بوضع أشياء الواقع وناسه أمام الكاميرا، ليعيدا تصوير حركة الواقع، التي كانت تبدو، أثناء العرض، بكل واقعيتها: عمال يغادرون مصنعاً، قطار يصل إلى المحطة، طفل يتناول فطوره في حديقة. ويُعد ميلييس مبتكراً للفيلم الخيالي، أمينا للاستوديو والديكورات المرسومة وللمشهد في لقطة واحدة. واستمر من ناحيته يجرب صنع مشاهد خيالية مبتكرة لا تمت بصلة إلى المشاهد التي كان لويس لوميير يصورها بآلته مباشرة من الواقع. 

وحصلت البداية النوعية الحاسمة مع دخول روبرت فلاهرتي السينما في فيلم “نانوك” وبعده فيلم “موانا”. وكما حول “غرفث” الفيلم الروائي من تقاليد متعثرة لما هو مُمَسرح وطوره إلى فن مستقل وكتب بحق “إنجيل” صناعة السينما، خصوصا في فيلميه “مولد أمة” و”التعصب”.

وقد اعتبر بعض المنظرين والمؤرخين (أمثال سادول ومورين وكراكاور) كل تاريخ السينما بمثابة تجاور وتفاعل دائم لاتجاهات لوميير الواقعي وميلييس الخيالي، فبالإمكان أيضاً رصد التجاور بين التسجيلية الواقعية من جهة وبين الاتجاهات الروائية/ الخيالية من جهة أخرى. ويرى كراكاور أن الحكايا خيالية تعتمد على الجنسين التسجيلي اللا خيالي والروائي الخيالي: الأول يبحث عن حكايات واقعية لا يجوز لأحد اختلاق حبكتها بل تكتشف من الواقع نفسه. والثاني يبحث عن حكايات خيالية  تعتمد على حبكة مختلقة. وقد جرت نقاشات معقدة حول أين يمكن للحدود أن تتقاطع بين الخيال واللا خيال، وإلى أي حد يجوز للفيلم الروائي/الخيالي أن يكون تسجيليا وإلى أي حد يمكن للفيلم اللا خيالي أن يكون تمثيلياً؟ ويمكن أن يقال إن الروائي/الخيالي يحتوي أيضاً على جوانب تسجيلية كما يقول منظر الفيلم التسجيلي بيل نيكولس لأنه “يسجل” أيضا أحداثاً درامية، ويحقق شكلاً تسجيلياً بناء على رغبة فيلمية كاملة لمؤلفه أو مخرجه أو لشركة إنتاجه، وإن هذا التحقيق يسجل أيضاً الحكاية التي تأتي نتيجة لتجارب ومفاهيم واقعية معينة.

وإذا ما عدنا إلى تاريخ السينما التسجيلية، فسنجد فيها اتجاهين: نثري وآخر شعري. ينصرف النثري بالدرجة الأولى إلى وصف الحياة كما هي، وينصرف الشعري، بالدرجة الأولى، إلى تحريف صور الحياة، لكن من أجل فهمها، وليس من أجل تزييفها. لكن المطلوب في عصر وسائل الاتصال الجديدة تطوير هذه الحوارات النظرية. فنحن حينما ننشغل بالفيلم في الوقت الحاضر ونبحث عن أجوبة عن وضع التسجيلي علينا أن نلتفت إلى أسس إنتاجه وتاريخه، فلكل فيلم، تسجيلياً كان أم روائياً/خيالياً، أَعرافٌ وتقاليد وابتكارات متضمنة في مستويات بنيته المتنوعة. 

حتى مصطلح التسجيلي يرمي بظلالٍ من الضبابية على التباعد والفارق بين مقولتي “واقعي” و”مُتصوَّر” من ناحية و”حقيقي” و”خيالي” من ناحية أخرى. ويُفترض أن الخيال يجري تصديقه. وفي كلا الحالين (واقعي أم خيالي) لا يطالب بنسخ الواقع كما هو، إنما ينتظر في أيِّ عملٍ فني خلاّقٍ، أن يؤثر تأثيراً حسِّياً وعقلياً لفهم العالم بصورة أفضل.

أما من ييُقرّر هوية التسجيلي أو الروائي/الخيالي، ليس فقط طبيعة العلاقة بين ما يجري تصويره (إفتراضياً كان أم مُتخيّلاً) إنما العلاقة بين ما هو مُصوَّر ومن يصوِّره وكيف يصوره ولأي هدف. وقد سبق للناقدة أنيه كون أن عالجت في مجلة “الشاشة الإنكليزية” مسألة التصور والصورة عبر الوسيط وحددتها في اتجاهين، أولهما ما سمته: الكاميرا-أنا، والثاني ما سمته الكاميرا-عين. وعنت في الأول تدخل الذات بقوة وحضورها في تشكيل الموضوع ومغزاه، وإعادته إلى ذات الفنان، بينما عنت في الاتجاه الثاني حضور الموضوع القوي وأعادته، بهذا القدر أو ذاك، إلى غياب ذات الفنان.

هل من الممكن أن يكون صانع الفيلم تسجيلياً ويبقى في الوقت نفسه روائيا؟

اشتق مصطلح التسجيلي/الوثائقي من الكلمة الفرنسية القديمة document ويشير قاموس تأريخ اللغة الفرنسية، الصادر عن دار Le Robert إلى أنّ مفردة “وثائقي” مشتقة من كلمة وثيقة: وقد انحدرت عام 1214 من اللاتينية documentum بمعنى “مثال، نموذج/موديل، عبرة، تدريس، برهان وأن الاسم منحوت من الفعل docere “يُعلّم، يُدرّس”، واشتقت منه كلمة Doktor ومذهب أو عقيدة Doktrin. تسرّب مفهوم التسجيلي استناداً إلى القاموس نفسه إلى لغة الفيلم عام 1906 عبر مصطلح Scene documetaire، ولم يستقر إلاّ عام 1915 للتدليل على فيلم بدون معالجة خيالية. وعموماً أُطلق على أفلام قصيرة أو متوسطة الطول وصاحَبَ هذه التسمية مصطلح docu، ثم اكتسبت في عام 1967 جانباً سلبياً تأتي من اللغة الإنكليزية في تسمية “المكتب القومي الكندي لإنتاج الأفلام التسجيلية” الذي أسسه جون غريرسون، الذي يعود له الفضل في إدخال المصطلح الإنكليزي documentary الذي أطلقه على فيلم روبرت فلاهرتي Moana) 1926) وعرّف الفيلم التسجيلي آنذاك بأنه: “معالجة خلاّقة للواقع”.

إن تاريخ السينما، حسب بعض المنظرين والمؤرخين، بمثابة تجاور وتفاعل دائم لـ “اتجاهات” الأخويين لوميير التسجيلية/الواقعية وجورج ميلييس الروائية/الخيالية. وقد قدمت السينما التسجيلية في العالم؛ نماذج متطورة جدا؛ كان لها تأثير كبير على السينما الروائية؛ ليس بتناول المادة؛ أو الموضوع؛ إنما بالأساليب والأشكال والصياغة الجديدة في التعبير. وانعكس هذا على الأعمال الروائية.

بدوره يرى كراكاور أن الخيالية تعتمد في طبيعة الجنسين التسجيلي اللاخيالي والجنس الروائي الخيالي: الأول يبحث عن حكايات واقعية لا يجوز لأحد اختلاق حبكتها بل تكتشف من الواقع نفسه. والثاني يبحث عن حكايات خيالية تعتمد على حبكة مختلقة. وقد جرت نقاشات معقدة حول أين يمكن للحدود أن تتقاطع بين الخيال واللاخيال وإلى أي حد يجوز للفيلم الروائي/الخيالي أن يكون تسجيليا وإلى أي حد يكون للفيلم اللاخيالي تمثيليا؟ في حين أن القضية تتعلِّق بطريقة الاختلاف التي تميز الفيلم التسجيلي/ اللاخيالي عن الفيلم الخيالي/التمثيلي. لكن المطلوب في عصر وسائل الاتصال الجديدة تطوير هذه الحوارات النظرية. فنحن حينما ننشغل بالفيلم في الوقت الحاضر ونبحث عن أجوبة لوضع التسجيلي علينا أن نلتفت إلى أسس إنتاجه وتاريخه، فلكل فيلم، تسجيلياً كان أم روائياً/خيالياً، أَعرافٌ وتقاليد وابتكارات متضمنة في مستويات بنيته المتنوعة. ومثلما اعتبر بعض المنظرين والمؤرخين (أمثال سادول ومورين وكراكاور) كل تاريخ السينما بمثابة تجاور وتفاعل دائم لـ “اتجاهات” لوميير وميلييس، فبالإمكان أيضاً رصد التجاور بين التسجيلية الواقعية من جهة وبين الاتجاهات الروائية/ الخيالية من جهة أخرى.

إن هذه الإشكالية ما تزال قائمة ومعلقة في النقاشات الدائرة في حقل النظرية السينمائية. وكان هناك وقتها، حسب الأدبيات السينمائية، مواقف مختلفة، وبالتالي منهجاً فنياً وجمالياً مختلفاً في تيار السينما التسجيلية، كذلك في تيار السينما الروائية. فطبيعة الفيلم التسجيلي تبدأ من صلته المباشرة مع الواقع والناس، ويتلخص دوره في تنظيم عملية تسجيل الواقع المرئي وحسب كيفية التنظيم، تتم كشف دلالاته ومعانيه، بينما الفيلم الروائي، في طبيعته، يعيد تمثيل محاكاة الواقع المرئي. وكان الاعتقاد، أن عملية تنظيم الواقع المرئي، هي أكثر صدقاً وأكثر موضوعية من عملية الفيلم الروائي، الذي يعيد خلق الواقع المرئي، وفقا لتصور فكري وفني جمالي، أيديولوجي، يقود وبالتالي إلى تدخل ذات المخرج في تعاملها مع صور الواقع المُمَثّل، ويخضعها، بشكل كيفي، إلى بناء مونتاجي، لا يرسم الصورة العامة للواقع، إنما يرسمها وفقا لرغبة المخرج. 

غير أن تاريخ السينما يبين لنا، أن عملية تزييف الواقع، كانت تتم بعيداً عن حلبة هذا الصراع، ولم تكن نتاج أي من المنهجين، التسجيلي والروائي، إنما كانت نتاج توظيف السينما في خدمة سلطة فاشية ونازية أو صهيونية وما إلى ذلك. وتؤكد لنا الممارسة السينمائية، أن أياً من المنهجين لم يستطع أن يحسم الخلاف أو الصراع لصالحه، مع أن الخلاف استمر ويستمر حتى يومنا هذا. ففي الخمسينيات، يعود أندريه بازان لخيال إيزنشتين ويؤكد: إن تطور لغة السينما تميز بوجود تيارين عظيمين متعارضين، مثلهما أولئك المخرجون الذين آمنوا بالصورة والمخرجون الذين آمنوا بالواقع. التيار الأول وجد جوهره في أهمية دور المونتاج، كما هو الحال عند إيزنشتين، بينما اعتمد التيار الثاني على مقدرة الصورة ذاتها، بدون تجزئة زمنها، على كشف علاقات المكان الواقعي، دون اضافات تاويلية، تنتج من علاقات الصور فيما بينها. إذن، حسب هذا المفهوم، هناك مخرجو صورة وهناك مخرجو واقع. غير أن تاريخ السينما لا يؤكد لنا صحة أي مقولة من هاتين المقولتين، مع انهما لعبتا وما زالا تلعبان دورا بارزا في الممارسة السينمائية الإبداعية.

لكن عربياً كيف يمكننا أن نرى تجسيدات ذلك على الواقع؟

توجد في السينما العربية محاولتان توقفت عند صنع أفلام تسجيلية فقط دون أي رغبة في صنع أفلام روائية: عمر أميرالاي السوري وعطيات الأبنودي المصرية، مع أن أميرالاي حاول مرتين أن يكتب نصين روائيين واحد عن القرامطة والثاني عن أسمهان إلا أن المشروعين لم يتحققا. ويمكن أن يقال إن الروائي/الخيالي يحتوي أيضا على جوانب تسجيلية كما يقول منظر الفيلم التسجيلي بيل نيكولس لأنه يسجل أيضاً أحداثاً درامية ويحقق شكلاً تسجيلياً بناءً على رغبة فيلمية كاملة لمؤلفه أو مخرجه أو لشركة إنتاجه.

هنالك من يطلق على بعض أنواع من الأفلام مصطلح سينما تجريبية، هل تعتقد أن هنالك سينما تجريبية وسينما أخرى غير تجريبية؟ متى يتوقف صانع الأفلام عن التجريب؟

في ختام مقدمة الباحث الكبير جان متري في كتاب “السينما التجريبية”، يجد أنها تعني كل أنواع التجارب في مختبر السينما الطليعية. وهي ليست نوعاً بحد ذاته إنما تشمل في السينما المعاصرة كل تلك التجارب الفيلمية التي كانت تكتشف مكامن وقدرات التعبير السينمائي الجديد. ولا تنحصر في نوع فيلمي معين بل أنجزت في كل الأنواع. وكانت تقود لمحاكاتها حتى في الأفلام التقليدية التجارية. يقول جون غريرسون: إن التسجيلي الذي لا يستطيع أن يصور فيلماً عن الربيع هو ليس تسجيلياً.

هذا يعني أننا في حالة التسجيلي. أمام مادة خام من الواقع مباشرة، وأن الفنان لا يكتفي فقط، ولا يمكن أن يكتفي، بنسخها وعرضها على الشاشة فقط. من هنا بدأت تظهر في عملية الخلق الفني، مبادئ جديدة، فلكي يختار السينمائي التسجيلي مواده من الواقع ويسجلها، تظهر وجهة نظره، وتعبر عن موقفه الفكري تجاه العالم، لأن الكيفية الفنية، التي ينسق فيها الفنان صور الواقع، تعكس حقيقة فيلمية، تكتشفها ذات الفنان. رغم إننا في حالة الفيلم التسجيلي، سنجد أن المنهج، يستلهم الواقع، بشكل خلاق ويعبر عن مضامينه المختلفة، لا يمكن إلا أن يرتبط، بوحدة جدلية لا تنفصم، بالمنهج التعبيري.

ترى أن لكل صانع أفلام بغض النظر عن المدرسة السينمائية التي ينتمي لها، أسلوبه الخاص في كل شيء يختص فيه، لكنك لا تختص فقط في إخراج الأفلام، إنما الكتابة عنها والكتابة لها ومونتاجها وإنتاجها، فكيف تكتب أفلامك؟ كيف تفكر فيها؟

حسب الأدبيات السينمائية، هناك مواقف مختلفة، وبالتالي منهجا فنياً وجمالياً يختلف في تيار السينما التسجيلية (اللاخيالية) كما يختلف أيضاً في تيار السينما الروائية (الخيالية). وكما هو الحال في اللغة الأدبية، هناك طريقتان في التعبير السينمائي: الأولى التعيين أي التعبير المباشر والثانية التضمين، أي المعنى الثاني، وهو ما يسمى في الأدبيات السينمائية النثري والشعري، وبين التعبيرين تزاوج وانفصال. الفيلم التسجيلي ينحو أكثر نحو التعيين واستخدام عناصر تعبير نثرية، مع وجود اتجاه شاعري مستمر ربما بدأه يوري ايفنز في فيلمه الأول “مطر” وتابعه بعد سنوات طويلة في فيلمه “مسترال” وهو فيلم يتناول مادة فنية هي الريح. لكن أيضاً يمكن استخدام عناصر شعرية في الفيلم التسجيلي الاجتماعي أو السياسي. فبناء مشهد دلالته مجازية إيحائية، يحرك وجدان المتفرج من جهة ويجعله، من جهة أخرى، يشارك بفعالية في تأويل الدلالة، وكل ذلك يأتي من السياق الفني.

من باب آخر علينا ألا ننسى التداخل الفني الذي أنجز في أفلام كثيرة ومهمة بين منهجين في التعبير ألا وهما التسجيلي والروائي، الأمثلة كثيرة، وتبين بشكل واضح التلاقح الفني بين ما هو مباشر تكتبه الحياة اليومية وبين ما هو غير مباشر يكتبه الفنان، بين صوت الواقع وصوت الذات المعبرة، وبما أن السينما هي تركيب من فنون عديدة، على هذا نرى في تاريخ السينما أمثلة تبين كيف تستطيع السينما أن تعبر بواسطة عناصر من تلك الفنون وتنجح في ترحيل انتماءها إلى فن آخر يستقل باستمرار ويصنع تاريخه الخاص، وضع هذا النقاش في الفن السينمائي مقولة “الأمانة الفنية” في مواجهة مقولة “تزييف الواقع”، فالتعامل مع الواقع هو، في كل الأحوال، قدر السينما، كما أن المونتاج، هو أيضاً قدرها في ذات الوقت.

ومن ناحيتي أولاً أختار موضوع فيلمي، وثانياً أحاول أن أختار أسلوب إخراجه أيكون نثرياً أو شعرياً أو يكون تعبيره مباشراً أو غير مباشر، أو أن أجمع بين المباشر واللامباشر وفقا لطبيعة الفيلم أكان تسجيلياً أو روائياً وإذا تذكرنا “بعيداً عن الوطن” التسجيلي أو تذكرنا “الزيارة” الروائي، فالأول تعبيره مباشر (التعيين)، مع بعض المشاهد غير المباشرة كالبداية مثلاً، أما “الزيارة” فكله يستند على التعبير الشعري غير المباشر (التضمين) بمعنى أن تقول شيئاً وتعني شيئاً آخر وهنا يأتي دور المشاهد في فك معناه وفهمه.

يرى بعض متابعي تجربة قيس الزبيدي الطويلة، بأنه متأثر بطريقته في المونتاج بمسرح برتولد بريخت. إن كان فعلاً كذلك كيف وظّفت التقنيات والملحمية المسرحية في بنية الأفلام؟

دعا بريشت، في أغلب أعمال السنوات الأخيرة، إلى ضرورة إعادة النظر في وسائل الفن باستمرار، فلم يكن لمسرحه أن يستمر بدون تجارب، ولم تكن حاجته إلي التجارب تصدر عن رغبة في التجارب لذاتها، بقدر ما كانت تصدر عن منهج عمل يتم فيه كشف العلاقات الاجتماعية المعقدة وتصويرها بشكل فني مناسب. لقد كان مسرحه الملحمي، وبعدها الجدلي، مقولة تنتمي إلى ما هو اجتماعي وليس إلى ما هو جمالي –  شكلي، لأنه وجد أولاً أن القواعد المسرحية السابقة، أي تلك التي ارتبطت في زمنها بمضامين ووظائف مختلفة، غير ملائمة ولم تعد تصلح كمعايير في عرض التغييرات الجديدة في العالم وبيَّن أن الناس، البترول، الإفلاس، الحرب، تجارة المواشي، الصراع الاجتماعي، العائلة، الدين، والقمح أصبحت كلها مواد جديدة في العروض المسرحية. ولأنه وجد ثانياً أن الأسئلة القديمة لم تعد تنفع في البحث عن أجوبة أصيلة، من هنا انصرف فكره، ببساطة تامة، إلى الاهتمام في طرح أسئلة جديدة، ليخلص إلى أن الأسئلة المهمة تبقى أقل قوة من التساؤلات ذات الأجوبة المٌعلّقة، لكن الممكنة.

يقصد منهج بريشت  تفتيت الواقع وتفكيكه للبحث في آلية تَشكله وطرح هذه الآلية وهي بحالة التشكل على المتفرج حيث أنه لا يمكن بلوغ الهدف ذي الأساليب المختلفة بمعزل عن سياق الحكاية. لذلك كانت الحكاية  لديه، بمثابة صيرورة أو مسار وليست مجرد تشابك مصائر وأحداث، بقيت موجودة وبقيت أساس المسرح، ومن أجل إظهار وظيفة التماهي العميقة والمحددة للمعرفة. يسترشد قيس الزبيدي بمقالة حول المسرح التجريبي أظهر فيها بريشت بشكل مشوّق جداً سمات تمثيل التغريب بالمقارنة مع التمثيل، الذي يعتمد على التماهي (Identification) مع النموذج/الشخصية الأساس. ولم ير هذه السمات في التأرخة (Historiesieren) أو في تبرير علاقة المتفرج بالشخصيات والظروف، إنما أيضاً في تقديم متعدد الجوانب للشخصيات. 

 يعتبر قيس الزبيدي أن نظرية بريشت قد قادت في نفي التقابل الميتافيزيقي بين التماهي والتغريب، إلى أهم الإنجازات في تطور علم الجمال، كما وجدت لها في السينما مربدين تأثروا، بوعي أو دون وعي، بمبدأ التغريب، وحاولوا تدمير صورة “التماهي” في أفلامهم.

كما يضيف الزبيدي نقلاً حرفياً عن فالتر بنيامين في كتابه «العمـل الفنـي فـي عصر إعــادة إنتاجه تقنيــاً» قوله: إن ما اندثر في عصر إعادة إنتاج العمل الفني تقنياً هو عبق ذلك العمل. إن هذا الحدث علامة فارقة تتعدى أهميتها نطاق الفن. إن تقنية إعادة الإنتاج، هكذا يعبر عنها عموماً، تُخرج العمل المعاد إنتاجه من نطاق الموروث. فبما أنها تقوم بإعادة إنتاج عمل مستنسخ، فإنها تضع مكان وجوده الوحيد وجوده الهائل الكثرة. وبما أنها تسمح لإعادة الإنتاج بالنزول عند رغبة المتلقي حسب وضعه الخاص، فإنها تستحدث العمل المعاد إنتاجه من جديد. كلتا هاتين المسألتين تؤدي إلى حدوث زعزعة قوية للعمل المتوارث، زعزعة الموروث، الذي هو الوجه الباطن للأزمة الراهنة ونهضة الإنسانية. وكلتا المسألتين على علاقة وثيقة بالحشود والتكتلات الشعبية أيامنا هذه. أما فاعليتهما البالغة القوة فهي السينما. إن أهميتها الاجتماعية قائمة على صورتهما الإيجابية ولا تستقيم إلا بها. هذا بالإضافة أيضاً إلى جانبها الهدام ذاك، وهو: القضاء على قيمة الموروث في الحقل الثقافي. هذه الظاهرة موجودة بشكل ملموس جداً في الأفلام التاريخية الكبرى. إنها على الدوام تبسط سيطرتها على أماكن جديدة وتدخلها في إطارها. عندما أطلق آبل جانس في العام 1927 صرخته الحماسية: «إن شكسبير ورمبراند وبيتهوفن سيتم تمثيلهم… وإن كل الأساطير والميثولوجيات وكل الشخصيات الأسطورية وأصحاب الديانات كلهم، بل وكل الأديان …، ينتظرون قيامتهم (بعثهم) إلى العدسة، وها هم الأبطال يتدافعون على الباب». 

ويضيف الزبيدي: بناء على تحليل كهذا، لم ينحصر اهتمامي ببريشت فقط بمنهج المونتاج بل أصبح بالنسبة لي مبدأ التغريب يعينني في بعض أفلامي التسجيلية بشكل خاص من أجل موضوعية محتملة عبر، تقنية إعادة الإنتاج، تُخرج العمل المعاد إنتاجه من نطاق الموروث. ولنأخذ مثلا فيلم “وثائق من الأرشيف” نرى فيها كيف تستخدم الصهيونية كل أنواع الأسلحة بمواجهة انتفاضة الشعب الفلسطيني بالحجة، التي يرددها بيغن، إن فلسطين هي أرض إسرائيل ويعني أن تحرير الأراضي، هي حق رباني لإسرائيل!   

كتب الناقد الراحل بشار إبراهيم عن فيلم “حصار مضاد” لقيس الزبيدي قائلاً: “سوف ينال فيلم قيس الزبيدي «حصار مضاد»الإنتاج المشترك بين دائرة الثقافة والإعلام الموحد في منظمة التحرير الفلسطينية، والإعلام المركزي في الجبهة الديمقراطية لتحرير فلسطين، الجائزة الرئيسية في مهرجان أوبرهاوزن، في عام 1978 (…) وهو فيلم تسجيلي وثائقي قصير مدته (20 دقيقة) يصوّر الوقائع داخل الأرض المحتلة، ويقدم الفيلم من خلال تصريحات مناحيم بيغن العنيفة، المترافقة مع الصور الدامية، وثيقة بصرية لا تدحض، عن همجية الاحتلال الصهيوني من جهة، وعن صلابة وصمود الشعب الفلسطيني في الأراضي المحتلة، من جهة أخرى. هنا ثمة جند مدججون بالأسلحة، ومدنيون فلسطينيون عزل، يتلقون أبشع أنواع الإذلال. (…) حصار يكاد يضيق حتى بالروح بين الجوانح، والأنفاس المترددة في الصدور، ولكن هذا الحصار الصهيوني سيقابله الفلسطينيون بحصار مضاد على طريقتهم.

كما أن إعادة استخدام كل الوثائق الأرشيفية حتى منها ألصهيونية، في فيلم “فلسطين سجل شعب”، وبهذا الصدد كتب الكاتب نفسه:نستطيع أن نقول بشجاعة وجرأة إن فيلم «فلسطين… سجل شعب» هو أحد أهم الأفلام الوثائقية الطويلة التي صيغت حول القضية الفلسطينية، بتاريخها وتطوراتها (…) سياق فلسطيني مضاد ومناقض لسياق الرواية الصهيونية… لأول مرة سينمائياً. يبسط المخرج مساحة واسعة للتاريخ ليروي حكايته؛ حكاية التاريخ. ولكنها الحكاية التي يريدها بأبعادها الأيديولوجية، تماماً. للتاريخ عشرات الروايات، والمخرج قيس الزبيدي اختار إحداها.

يبني فيلم «فلسطين… سجل شعب» روايته، ويحشد المخرج قيس الزبيدي ما أمكن له من الحصول عليه من وثائق بصرية، ومن مشاهد لم يدر بخلد من التقطها، أن مخرجاً من طراز قيس الزبيدي، سيأتي بعد زمن، يعيد بناءها مونتاجيا”، ويمنحها سياقا، لينسج رواية فلسطينية لذاكرة مكان، هو فلسطين (…) إذ أن قيس الزبيدي استخدم الصور ذاتها التي التقطها غربيون، في فترات مبكرة من القرن العشرين، ووضعها في سياق يخدم رواية فلسطينية للتاريخ تماماً على العكس مما كان من التقطها يفكر ويريد… 

أما عن عمله في مونتاج الأفلام مع عدد من المخرجين العرب، وتوظيفه لبريشت في تقنيات المونتاج، يقول قيس الزبيدي:

عملت في المونتاج مع مخرجين عرب عديدين، ينتمون كلهم إلى ما سمي “السينما الجديدة أو البديلة أو المختلفة” عما هو سائد. وكنت أحاول وفقاً لمفهومي للمونتاج وخبرتي الفنية والتقنية أن أساهم في ابتكار حلول للأفلام التي عملت فيها مع مخرجين أذكر منهم نبيل المالح وعمر أميرالاي ومحمد ملص وغالب شعث وقاسم حول وكريستيان غازي التي كانت تجربتي معه في فيلم “مئة وجه ليوم واحد” قريبة من مفاهيم بريشتية خاصة وأن كريستيان كان يعرف بريشت ويثمنه وأخرج للسينما فيلمه الأول «الفدائيون» عن الثورة عام 1967. الذي استوحاه ليس عن مسرحية «الأمّ كوراج» كما يقول بعض النقاد، بل عن مسرحية “بنادق الأم كارار”.

وبهذا الصدد بودي أن أضيف أن في العربية تسمى “الأم كوراج” بـ “الشجاعة” وهذا خطأ فادح، فكوراج هو أسم الأم وهي ليست شجاعة، بمعنى أنها لا تتعلم من أن الحرب تدمر عملها وتقتل أولادها، وما يريده بريشت هو أن يتعلم المشاهد نفسه من كوراج التي لا تتعلم.

لكن تجربتي مع مارون كانت أيضا في نفس المسعى وحينما أتذكر الآن أجد أنها كانت مهمة، لأن مارون وقتها كان ينجز فيلمه الروائي الأول واستطاع أن يصوره في ظروف إنتاجية لم تكن تتوافق مع خبرته وموهبته، لأن موهبته وقتها كانت لا تتساوق مع خبرته، فهو اعتمد على كتابة أدبية ذات نص مفتوح، وكان يرتجل أثناء التصوير، ولم يكن كل ما يرتجل يتفق دائما مع النص الذي اعتمده: كل ذلك وضع أمام المونتاج مهمة لا أقول أنها صعبة فقط إنما إبداعية، بمعنى أن “الحكاية” كانت مخفية في المادة المصورة، وكان علينا البحث عنها، لنضعها في سياق إبداعي وتقني مناسب، لأن ليس كل ما هو إبداعي قابل للتحقيق تقنياً. 

هناك عموما صراع حاد في السينما الجديدة بين الإبداعي والتقني، أي بين خلق استمرارية فنية عبر وسائل تركيب تقنية- فنية. من هنا كانت التجربة مهمة ومفيدة ربما ليس لي فقط إنما للفنان الموهوب مارون بغدادي، وأنا لا أقول هذا الكلام من باب الصدفة، إنما من باب تجارب مونتاجية قمت بها باستمرار في أفلام تنتمي إلى السينما العربية الجديدة. على هذا أرى في هذه السينما باستمرار مشكلة تعبيرية، تعود ليس فقط إلى ما يتم تصويره إنما إلى كيف يتم توليفه، وهنا يأتي شرط المونتاج، لكن في مرحلة متأخرة، يتطلب إنجازها عملاً إبداعياً دؤوباً، ينتمي عملياً ليس إلى المرحلة الأخيرة من إنجاز والفيلم إنما تعود إلى مرحلة إعادة كتابته في عملية المونتاج مرة أخرى.

عندما تقرر العمل على توثيق موضوع ما، إما سينمائياً أو كتابياً “كمؤلف” ما الذي يحدد لك الطريقة التي تعمل بها؟ أقصد بالنسبة لك ما الفرق بين التوثيق المكتوب والتوثيق المصور؟ وكلاهما في النهاية وثيقة؟

أنا مهووس بالأرشفة خاصة لأن ليس عندي مكان مستقر فكل شيء مهم كان عندي موزع في أمكنة عديدة فقد أكثر منها في بيت مدانات في بيروت وفي مقر النادي السينمائي بدمشق في ودائرة الثقافة والإعلام بدمشق وفي بيتي في دمشق وهكذا … 

الفرق بين المكتوب والمصور يختلف بين التسجيلي والروائي. إن طريقة الاختلاف التي تميز الفيلم التسجيلي عن الفيلم التمثيلي، دون أن نغفل أحياناً التداخل بينهما، هي ما تقرّر هوية الفيلم، أكان تسجيليا/ وثائقياً أو روائيا/ خيالياً، ليس فقط في طبيعة ما يجري تصويره (افتراضيا كان أم مُتخيّلاً) . إنما ما يميز العلاقة بين مَن يقف وراء الكاميرا ومن يقف أمامها، أي ما يميز خطة الميز-آن-سين (الإخراج)، وطريقة  التوجه إلى المُشاهد ومخاطبته، وجعله يستكشف عالمه (أو يكتشف) عالماً جديداً من خلال الصور. وأصل المكتوب بين الاثنين، هو ما يختلف أصلاً. ويشمل كل شيء يحدث ويظهر أمام الكاميرا.

الوثائقي هو الذي ينضوي تحت شروط التوثيق الفعلية، أمّا التسجيلي فهو الذي يسجل ما يقع أمام الكاميرا. حيث بتحقيق فيلم وثائقي، فإن المخرج سيلتزم بالشروط الصارمة للفيلم، ولا يلجأ لإدخال عناصر خارجية، كتلقيح وتركيب، ولا إدارة الشخص في الفيلم كممثل كما نرى الحال منتشراً، الالتزام هنا هو بتحويل الفيلم إلى وثيقة صادقة مائة بالمائة وخالية من التركيب والتفعيل الجانبي.

الفيلم التسجيلي يستطيع أن يأخذ على عاتقه هذا المنوال من التفعيل، لأنه يريد أن يسجل طبيعة حياة ما، وربما يواجه اختيارات من نوع تخصيص العنصر البشري الأول في الفيلم بلقطة تركب شروطها خلال التصوير؛ كذلك فإن التسجيل يعني أن الكاميرا تصوّر لكي تسجّل وضعاً، وليس بالضرورة لتوثيق حقيقة معينة. الغطاء المثالي لكلا النوعين هو “الفيلم غير الروائي”، على أساس أنه يشملهما معاً، وهو يشمل أيضاً الفيلم التجريبي، والفيلم الشعري، وأي فيلم يخلو من عنصر القصّة.

The post قيس الزبيدي (٢/٤): حديث نظري عن الأفلام التسجيلية والوثائقية appeared first on مجلة رمان الثقافية.

]]>