«ما لم أكنه» لأحمد زكارنة

2017-01-18 08:46:35

«ما لم أكنه» لأحمد زكارنة

"ما لم أكنه" عنوان المجموعة الشعريّة الأولى للشاعر أحمد زكارنة من فلسطين، والتي صدرت حديثًا عن الدار الأهليّة للنشر والتوزيع في عمّان – الأردن.

تقع المجموعة في 104 صفحات، تضم 42 قصيدة موزّعة على بابين: باب أول يشمل 20 قصيدة تحت عنوان واحد هو "لا أرى فيّ سواىَ"، فيما يشمل الباب الثاني 22 قصيدة تحت عناوين مختلفة، ضمن باب عنوانه " ثقوبٌ شخصية"، وقد صمّم غلاف المجموعة الفنّان زهير أبو شايب، أما لوحة الغلاف فهي لوحة صوفية للفنان الإيراني "مهدي سعيدي".

متأمل يبحث عن عشبة...

على الغلاف الخلفي كتب الشاعر والروائي المتوكل طه تظهيره للمجموعة قائلاً: "ندخلُ في صفحاتِ متأملٍ، يبحثُ عن عشبةٍ تحت صخرةٍ ثقيلة، لنرى قوة المعنى والحياة.

نمعن في التبصر فتطالعنا لغة جليلة، تستمدُ دهشتها من سياقها المشحون غير المتوقع والطازج، حتى نكاد نقول: إن اللغة تقاسم التأمل في البطولة.

الملاحظ أن الهم الفلسفي أو الصوفي، أو الإنساني بشكل عام، هو البائن رغم غواية التأويل، أما الهم والوجع الوطني فإنه يتراءى خلف النصوص، مثل غلالة غبش الأسئلة.

هنا ولد شاعر، سيكون له مقعده في مسرح القول، وسنراه ملء العين والإعجاب".

فلسفة بلغةٍ شعرية...

أما الروائي والشاعر أنور الخطيب فكتب: "حين يفتتح شاعر ديوانه بمقولة للنفري (بين النطقِ والصمت برزخٌ فيه قبرُ العقل وفيه قبور الأشياء)، ننتظر أن نقرأ شعراً تعتريه الفلسفة، أو فلسفة بلغة شعرية، حيث كثافة اللغة تقود المعنى إلى ضفاف التأويل، ونتوقع أن ينشغل الشاعر بالتجريد والترميز. 

ديوان "ما لم أكنه"، للشاعر أحمد زكارنة، يضم قصائد كثيفة ولكنها ليست مجردة، رمزية ولكنها ليست غامضة، يحضر فيها الإنسان الذي تلتبس عليه كينونته، وبالتالي وطنه، وعشقه وأمكنته وتفاصيل يومه ومنظومة قيمه، وتصبح الأشياء كلها عرضة للاختبار، فيرمي بها في جحيم التساؤلات، مطلقاً مقولاته الثرية بدلالاتها، حيث متعة الاكتشاف".

 

قصيدتان.

١

الحياة

الحياةُ، صيغةُ جمعِ الغد

وإن لم تكتملْ شروطُهُ الإلهية

فعلُ يقينٍ إنْ صلى

أشاح بوجههِ قِبلةَ الشك

من يرى بعيونِ القتلى يُبصر

فلا يمكن أن يرى أكثر.

 

الحياةُ، أن تدركَ الأفق

حينما يتكئُ على حافةِ البحر

وإن لم تكن حاضراً داخلَ الصورةِ المعلقة

على مسمارِ الحائط.

 

أن تتقنَ فن التشظي على نحوٍ احترازي

فلا تنتظر الموتَ طويلاً في حربٍ لم تخضها.

 

أن تتعلمَ الطريقَ جيداً

وإن اخذك من خرابٍ إلى خراب

ومن محاولةٍ إلى انكسار.

 

الحياةُ، فعلٌ ناقصٌ مرتين

مرةً لأنه ناقصٌ

ومرةً لأننا فيها لم نكتمل.

 

 

٢

ماذا لو انطوى الأملُ،

وأُغلقتِ النوافذُ، 

وباتت بلادُ اللهِ حلميَ المُرتبك؟

كأن نَفقدَ القدرةَ على التكوُّرِ

ألّا ننجوَ من الغرقِ في مياهِ المطر

ونسألَ الظلَّ:

ألّا يكُبرَ فوقَ المحتمل.

 

كم سقوطاً

بين الصورةِ وشريطِها الأسودِ

كي نَرتقَ الصدعَ

في جدارِ الحركة؟

أيُّ احتفاءٍ بالدِّفء نريدُ

بين خيطِ الدم

وغبارِ الماء؟

لنعدوَ بأسماءٍ

نلتقي وإيّاها

في نزهةٍ

نعودُ منها سالمين،

فلا تعودُ دوننا

بأحرفٍ ناقصة.

 

أيُّ سهمٍ

ذاك الذي أخفَقَهُ الجرحُ؟

المعنى هنا، في الاسم

وهو يَدورُ علينا

لا على لسانِ الجُند.

 

المعنى في زنّار المجاز

يسرحُ ليرى

ما لا يُرى.

 

وحيداً يتنزَّه

صامتاً نسمعُه

يتيماً نراه يعبرُ الشارعَ الخطأ.

يدي اليمنى تسأل اليسرى:

لِمَ هوينا؟

أيَّةُ يدٍ

تلك التي خانتِ الأخرى؟