أنا وهو والكلب: القسم الأول (مسرحية من فصل واحد)

2017-03-06 03:00:00

أنا وهو والكلب: القسم الأول (مسرحية من فصل واحد)

لقراءة مقدّمة المسرحية...

غرفة، الغبار يعشش في زواياها وتفاصيلها، زجاج نوافذها محطم، صوت عاصفة يدخل من الخارج، فانوس يضئ الغرفة، الفانوس المعلّق يتأرجح مكانه .

في الغرفة قاطّعة ورق ، الورق يملأ المكان .

الجنرال يبدو شخصا في الستين من العمر، يرتدي ملابس عسكرية رثّة، كمية كبيرة من الأوسمة تملأ صدر الجنرال .

زوجة الجنرال، صبية في العشرينيات، ترتدي ملابس رثّة، كتلة من الملابس السوداء يكسر إيقاعها جوارب صفراء .

الجنرال يقوم بتقطيع الورق، فيما الزوجة تقوم بتلزيمه .

(الجنرال يحاكي نفسه .. الزوجة تختلس السمع)

الجنرال : لم ير سيادته ما هو أكثر شفقة ورحمة من أن أكون مصابا بداء الكلب .. ومع أن جرحي سريع

            الالتئام، غير أن فكرة الموت بهذا الداء، كانت أمرا مرعبا 

(بعد صمت)

            

             لنتصور كيف يمكن للمرء أن يموت ميتة كهذه ؟ الشيء الوحيد المتاح، الخيار الوحيد الممكن هو أن    

            تغادر الحياة بطلقة 

           

               ( الزوجة تلتفت إليه باستخفاف، تمد يدها لتسحب رزمة ورق) 

الجنرال : (وهو يتابع تقطيع الورق فيما الزوجة تقوم بتلزيم الورق)

           كنت أهرع نحو هذه الفكرة، وأذناي تمتلئان بأزيز الرصاص، حتى خلت بأنهما مخزن للذخيرة الحية، 

            فجأة قال لي : 

                        -  توقف عن إطلاق النار 

            ولا أدري بعدها، ماذا أفعل بأذني هاتين، بعد هذا كان علي أن أقول له :  بكل الطاعة يا سيدي

            وأسحب هذا الكم الهائل من الذخائر منهما

            (المرأة تتابع تلزيم الورق، تبدو وكأنه تصغي باستخفاف أقل، كلام الجنرال يبدأ بطيئا 

             هادئا )

 الجنرال : لا / لا ، لقد قال لي : يكفيك أيها الجندي، لقد لعبنا الدامة ما يكفي ( يتوقف عن الكلام 

            متأملا) وها أنذا أصبحت كقطعة الضامة، أو كقطعة من الخشب الضائع 

            (لزوجته) لقد أحالني إلى المعاش لأكون إلى جانبك ،(يشير إلى صحيفة يحملها بيده) انظري هنا،

               هنا، هذا هو سيد الجبهة، قال لنا أننا لسنا سيئين إلى تلك الدرجة، ولكن العدو سئ أكثر مما 

              نتوقع، كان كلما سئم، يرسل إلينا قطعا صغيرة من أغان كان يكتبها، قطعا كما الحلوى، 

              وفي أحيان أخرى كان يرسل فواتير من النصائح عن نوع الوجبات التي على المقاتل أن يلتهمها :

             -كلوا الخشب أيها السادة ، كان يقول لنا ، وان لم تجدوه كلوا الهواء مثلا 0

             فجأة اكتشفنا أن الهواء لا يؤكل، ففضلنا أكل الحطب إلى أن صرنا نمشي مثل قطارات الفحم 

             الحجري، كان ذلك قبل اكتشاف النفط ولكن بعد اكتشافه اختلف الأمر حتما .. هو كان يقول 

             ذلك، كان يقول :

             منذ أن وجد النفط وجد الانحناء، ومنذ أن وجد صار الناس يشربونه بدلا من الشاي ويضعونه

              تحت ثياب نسائهم، بعد أن اكتشف صار علينا أن نتدرب على الانحناء، ونتناول قليلا من النفط

             مع قليل من الخشب في وجبات إفطارنا أما  نساءنا فقد ازددن برودة، إلى درجة أن الواحدة منهن

             صارت وكأنها قد ابتلعت جبلا من الثلج، صرنا ننحني هكذا ( ينحني) ونرتفع قليلا ( يرتفع) ثم 

             نعاود الانحناء والارتفاع حتى يدخل المازوت فينا ( ينحني ويرتفع كما الرجل الآلي) ، صرنا نأخذ

             شكل القطارات بعد أن تشتعل ملابسنا 

                            ( يمشي بإيقاعات القطارات ويصفر وهو يخلع معطفه) 

الجنرال : تعالي أيتها السيدة، تعالي يا زوجتي العزيزة، هيا أنا الرأس و أنت القاطرة التالية، تعالي هيا 

           (يمسك بيدها يشدها إليه ويضعها خلفه، تركض وراءه مرغمة وقد أخذا شكل القطار، يتوقف،ينفصل عنها، ينعطف باتجاه زاوية المسرح، الزوجة تتوقف آخذة شكل العلامة الدالة على القطار 

     الجنرال يتوقف مكانه، الزوجة تعود حيث آلة تلزيم الورق، الجنرال ينزع كتابا من معطفه )

الجنرال : هووووه ، كم معشر الأطباء مهمون، انهم يرون برؤوس أصابع أيديهم ولا حاجة لهم لاستخدام 

           أعينهم ( يصمت قليلا) سيكون هذا المكان أكثر أمانا، هنا سيكون لنا مزرعة هائلة، مكان واسع

           للإسطبلات وحظائر الماعز .. لبساتين الفواكه والخضراوات ولخلايا النحل أيضا

( الزوجة تنظر إليه باندهاش فيما هو يتابع غارقا في حلمه)

الجنرال :  وراء كل مكان قصي يد الله، يد الله تتدخل فينا، والمطلوب الآن .. كل ما هو مطلوب، أن تقيس

             وتزن وتدون الملاحظات وأن تركز انتباهك كله، وإذا لم يحصل ذلك فكل شئ سيبدو فاسدا 

( تتساقط أوراق من يد الزوجة)

الجنرال : ( بعصبية) لاتقاطيني يا امرأة ، كم أنت طويلة اللسان حقا، للمرة الثانية في حياتي تقاطعينني، للمرة

            الألف أقول لك انك لم تدرسي الفلسفة، ولا علوم النبات والكيمياء، ولم تمتلئ أذناك بأزيز رصاص

           الجبهة .

( الزوجة تتوقف عن متابعة تلزيم الورق، تنظر إلى الجنرال )

الجنرال : لقد قلت لك اصعدي فوق كتفي واقرأي شيئا من الفلسفة لتتأكدي أن للأسماك جفونا تغطي أعينها

           عندما تنام، لقد كنت مستعدا أن أقسم انك امرأة ملحدة، ولولا ذلك لقرعت الطبول، لطرد 

           الأرواح الشريرة عني 

( يتقدم الجنرال نحو الزوجة، يمسك كفيها وهو يقرع إيقاعات فوق منضدة قطع الورق

           بين كفيها و كفيه )

الجنرال : (ومازال يقرع) ارقصي يا امرأة ، ارقصي قليلا، لا، بل كثيرا، ولم لا نطلب الاّ القليل ؟ 

            ما أتعس النساء اللواتي لا يرقصن، إن امرأة  لاترقص ستأخذ ذات يوم شكل البئر المهجورة

            (متوسلا ) ارقصي ، بالله عليك ارقصي، إن طنينا حادا ينبعث من أذني في هذه الساعة المتأخرة من 

            الليل .

( الزوجة ترقص خائفة )

الجنرال : ( متابعا) أخشى أن أموت قبل أن يموت الطنين في رأسي 

           

(الزوجة مازالت ترقص بينما الجنرال يحاول الغناء بكلمات غير مفهومة)

الجنرال : (يصرخ) لماذا لا يكون داء الكلب هو إمبراطورية الشر التي لابد من القضاء عليها ؟ ولكن لا / لا/ 

           يلزمنا الكثير من الكلبنة، لأن أمام الكائن البشري خيارين، فإما أن يتطور إلى الأمام ويصبح رأسه 

           أكبر من جسده وينقرض، واما أن يتطور إلى الخلف ويعود قردا، والكلب ألطف من القرد وأوفى .. 

           أليس هذا صحيحا يا سيدتي ؟

           (الجنرال يتقدم نحو الزوجة التي مازالت ترقص، يمسكها من كتفيها، يوقفها عن 

                    الرقص )

الجنرال : قلت ذلك للسيد، لسيدي 

           

( الجنرال يلعب دورين معا، دوره ودور سيده)

الجنرال السيد : ماذا تقول أيها الجنرال ؟

الجنرال : أقول يا سيدي انه لو كان بوسع المرء أن يكون كلبا، فهذا الخيار أرحم بكثير من أن يكون قردا

الجنرال السيد : إن رجلا يقول كلاما كهذا لا يصلح لأن يكون قائدا يحرر البلاد في اثنتي عشرة ساعة أي 

          بنصف يوم فقط

الجنرال : بكل الطاعة يا سيدي، أنت على حق يا سيدي 

الجنرال السيد : ومادمت على حق، لماذ1 تقول كلاما لا يليق سوى ببائع ألبسة نسائية، وداخلية حصرا

الجنرال : لأنك على حق يا سيدي 

الجنرال السيد : إذن كيف تتحدث كبائع أردية نسائية وتنسى أنك ترتدي خوذة من الفولاذ فوق رأسك 

الجنرال : لأن حاملات الأثداء، تأخذ شكل حاملات الصواريخ يا سيدي 

الجنرال السيد : وأنت تأخذ شكل السروال الداخلي أيها الجنرال الأشعث

الجنرال : كما ترى سيادتكم يا سيدي

الجنرال السيد : يلزمك الارتفاع قليلا كي تغطي مؤخرتي في هذا الصقيع القارص

الجنرال : وهو كذلك يا سيدي 

( الجنرال يهرع باتجاه معطفه ويرتديه )

الجنرال : ( متمتما) صقيع، صقيع، صقيع، صقيع  ( لزوجته) ألم نكن في الصيف عما قريب ؟ عندما بكت 

           أمك وهي تودعك وتقول لك إن زوجك سيحظى بشهرة عالية ومقام فريد ؟ كانت تقول إن اسمي 

           سيكون اسما لامعا مجلجلا وستلفظه الشفاه بتبجيل 

الزوجة : ( وقد خرجت عن صمتها) كان ذلك قبل أن تصاب بداء الكلب يا زوجي، وتحرم من أن تكون 

           قردا إذا ما تقدمت ملايين السنين إلى الوراء 

الجنرال : (باحتفالية) هيه  إنها تنطق، إنها تنطق ،إن للمرأة شفاها تحركها عندما تشاء

            ( الجنرال يرقص حول الزوجة، يتجه نحو الزاوية، تقعي كما الكلب) 

الجنرال : (متمتما) وأخيرا يا زوجتي بدأت تنطقين، أخشى عندما تموتين أن يموت صوتك وتأخذينه معك إلى 

            المقبرة 

الزوجة : ( لنفسها) لقد سبقني صوتي إلى هناك 

الجنرال : لقد سمعت صوتا جاء من ذاك المكان ( مشيرا إلى مكان زوجته) لابد أن يكون هذا الصوت هو

           صوتها، إن صوت المرأة مصنوع من الفلفل أما صوتي فمصنوع من الطحين ( الجنرال يتفحص المكان 

           وكأنه يبحث عن شئ ضائع) 

           آمر أصواتكم أن تعود الى حلوقكم، آمركم بعدم ملامسة صوت زوجتي

( يستدير للجنرال السيد )

الجنرال : سيدي، هل يحق لي أن أصغي إلى صوت زوجتي ثم أعود ؟ 

(يعود خطوتين إلى الوراء ثم ينحني )

الجنرال : أمرا وطاعة يا سيدي 

( الجنرال يتجه إلى زاوية من الخشبة، يبدو وكأنه سيبكي)

الجنرال : قلت له ذلك وجلست القرفصاء بانتظار إطلاق الأوامر .. شئ واحد كان لا يتوقف عن الإطلاق

           كان صوتا يخرج من الأسرّة ومن الجدران، وكان سيدي يأتي هكذا 

                                    

( يمشي بتثاقل وكأنه طاووس)

         

الجنرال : وكنت أقف هكذا 

( يأخذ وضعية القرفصاء)

الجنرال : ومنذ أن تعلمت الرماية، والوقوف بوضعية الاستعداد .. لم أر وجهه .. كنت اسمع صوته .. حتى   

            خيل اليّ أن سيادته صوت نبتت له أكتاف وأضلع وأرجل وحذاء ..

            يقال أنه كان أحول ولهذا صرخ بي : 

            استدر إلى اليسار أيها الخنزير .. آمرك بأن لا تستدير إلى اليمين ، وحين قال ذلك كنت استدير فعلا

            إلى اليسار .. غير أنني اقتنعت حالما تلقيت أوامره أنني كنت أستدير إلى اليمين

( الجنرال يتجه إلى مواجهة زوجته )

الجنرال : آمرك أن القمر تحتنا يا امرأة 

الزوجة : القمر فوقنا يا رجل 

الجنرال : تقولين يا رجل ؟ قولي يا سيدي أيتها الجندي 

          

          ( أصوات انفجارات مدوية في المكان .. إضاءات قوية .. الجنرال يقع أرضا .. الزوجة تقترب من 

            الجنرال المرمي خائفة متوسلة ) 

الزوجة : انهض يا سيدي .. مر جنودك بالقبض عليهم .. إن أعداءنا دجاج من زجاج .. إن ذراعك الرائع 

          بوسعه أن يحمل  ناقلة دبابات .. أن يرشف الصاروخ ويجعله يتمايل كما راقصة في فنجان .. مر 

          جنودك بألا يلتقطوا صوتي المصنوع من الفلفل لا الطحين .. هيا أيها الجنرال .. أنهض فحولتك 

          فوق فستاني المتوتر .. انهض أيها الرجل .. انهض كي أضع شفتي فوق القرون العشرين .. ألست

          أنت القرون العشرين 

          

          ( المرأة تنهار بعيدا عن زوجها .. أصوات القصف تبتعد تدريجيا .. الجنرال ينهض .. الزوجة تتقدم

            منه برجاء ) 

الزوجة : نعم .. نعم .. القمر تحتنا يا سيدي 

           

           ( الزوجة تستدير .. ظهرها لزوجها .. همسها يرتفع تدريجيا وكأنها اكتشفت أمرا آخر لم تكن تعرفه)

الزوجة : الآن لم أعد كذلك .. أنا الآن امرأة حقيقية .. امرأة باستمتاع .. امرأة بإعجاب .. أنتشي وأنا أنظر

           إلى القمر الذي يمشي تحتي وأشعر بأنني رائعة .. رائعة بلا أوسمة ولا نيا شين السيد الجنرال .. منذ أن 

           ولدت أهدتني أمي إلى رجل لم أعرف عنه سوى أن التاريخ سوف يحمل اسمه .. والتاريخ كان بالنسبة 

           إلى أمي هو أن تنهض صباحا وتلعن .. تلعن أي أحد .. التاريخ بالنسبة إليها هو موت الجسد ..

           طالما سمعت منها : صمود .. تحد .. عار ، لم أسمعها مرة واحدة تتحدث عن خفقات القلب ولا عن 

           تلك الرائحة التي تنبعث من أجساد الرجال .. مرة واحدة لم أسمعها تتحدث عن العار حين كانت 

           روحها تطلع .. قالت عا .. عا .. عا .. حتى شحب لونها، وتيبست أطرافها، وكان عارا علي أن 

           أبكي .. ليس لأنها أوصتني بذلك ، بل لأن دموع نساء الجنرالات عار .. الجنرالات لا يبكون ، 

           ونساؤهم هن نساء جنرالات .. الجنرالات قد يرتعدون .. لكنهم لا يذرفون دموعهم .. انهم 

           يذرفون شيئا آخر أستطيع أن أتلمسه في سروال زوجي الآن 

( الزوجة تدور حول الجنرال آخذة دوره )

الزوجة / الجنرال : قولي لي كيف مددت رأسك من النافذة وألقيت نفسك في حضن الزبال ؟ 

                       

                       ( الجنرال يتأمل الزوجة .. يخلع معطفه العسكري لاعبا دور الزبال .. الزوجة تصعد سلما

                        قصيرا وتطل من نافذة على المسرح )

الزوجة : لماذا تنظر الي هكذا ؟ ثم لماذا لا تسرج حصانك بدل أن تدعه بلا رباط ؟ عليك أن تتعلم صنع 

          سروج الخيل وإلا ستنقرض الخيول

الزبال : ولكنه  حمار يا سيدتي وليس حصانا هذا الذي أجره خلفي 

الزوجة : ياه كيف تقول هذا ؟ يا للعار .. يا للعار 

الزبال : الفارق كبير بين الحمار والحصان أيتها المرأة، ألم يقل لك أحد عن الفارق الشاسع بين الحمير والخيول

         .. هل اصعد لأعلمك ؟       

الزوجة : ولكن لا يجوز لامرأة محصنة أن تسمح لرجل بالصعود إليها وهي وحيدة

الزبال : تستطيعين الثقة بي أيتها السيدة، وان لم تثقي بي ثقي بالله 

الزوجة : ولكن لاتصعد السلم  بهذا الحذاء المدبب الذي تضعه في قدميك، اصعد حافيا كي لاتحدث ضجيجا 

           في أذني 

الزبال : سأصعد حالا يا امرأة .. حالا 

( الجنرال / الزبال يصعد باحتفالية محدثا جلبة )

الزبال : حسنا يا سيدتي، هل نبدأ الدرس .. درس الفارق مابين الحمير والخيول ؟ 

الزوجة : كي نبدأ الدرس لابد أن أسألك وأنت تجيب 

الزبال : لا .. لا أيتها المرأة .. المفروض أن هنالك أساسيات في الفوارق بينهما ..

( يأخذ بتقليد الحمار والحصان وهو يحكي )

الزبال : الحصان يمشي هكذا برأس مرفوع، والحمار يمشي هكذا مطأطئا رأسه 

         الحصان يصهل هكذا ( يصهل) والحمار ينهق هكذا ( ينهق) هذا أولا، ثم إن الحصان فيتكاثر ببطء أما 

         الحمير فتتكاثر بيسر .. انظري حولك .. انظري .. حالما تطلين من هذه النافذة فستشاهدين حميرا

         كثيرة ولكن من الصعب مشاهدة حصان واحد 

الزوجة : ولماذا لا تتكاثر الخيول بيسر ؟ أليس هنالك من يأمرها بالتكاثر ؟ 

الزبال : لا .. لا يا سيدتي .. ليس هنالك من يأمرها بالتكاثر .. الخيول لا تحب الحياة الزوجية الخيول تعيش

         وحيدة .. ألم تسمعي بحكاية عنترة والحكيم ؟ قال الحكيم لعنترة : ماذا فعلت يا عنترة ؟ قال عنترة :

         لقد عشقت عبلة يا حكيم . قال له الحكيم : آه يا حصان وبعد ؟ أجاب عنترة : ومن أجلها حملت 

         السيف ، قال له الحكيم : آه يا حصان وبعد ؟ قال عنترة : وقاتلت وجبت الصحاري والبراري

         والتلال، وجلبت لها ألف ناقة من النوق العصافير، فرح الحكيم وقال : أكمل .. أكمل آه يا حصان

         قال له عنترة : وتزوجت عبلة ابنة عمي، صمت الحكيم ثم قال لعنترة باكيا : بالله عليك لا تكمل 

         يا حمار .. هذا هو الفارق بين الحصان والحمار 

الزوجة : ولكن زوجي يقول انه حصان .. يقول انه يركض كالحصان 

الزبال : عندما يأتي إلى البيت .. هل يصهل ؟ 

الزوجة : لا .. بل يشخر 

الزبال : وهل يلامس كتفه بكتفك هكذا ؟  

( يلامس كتفه بكتفها )

الزوجة : لا ..  لأنني أكون محنية الظهر حال دخوله البيت 

الزبال : ( يدور حولها) يا الله، أنت مهرة يا امرأة .. هزي رأسك للأعلى وللأسفل .. هزي .. جربي .

( الزوجة تجرب )

الزبال : حركي حوافرك الأمامية 

( الزوجة تحرك قدميها كما حوافر المهرة )

الزبال : اصهلي 

( الزوجة تصهل )

الزبال : (يقترب منها يشم رائحتها ) أوه .. ما افظع هذا .. لك رائحة أرملة يا امرأة     

          

          (الزبال يتلمس ظهرها . . يمسكها من شعرها .. يرفع رأسها .. يدور حولها وهو يرقص فيما هي 

           ترقص آخذة شكل المهرة  ) 

الزوجة : ( برومانسية) ما هذه الرائحة التي تنبعث منك ؟ 

الزبال : إنها رائحة روث أيتها السيدة 

الزوجة : روث . . يا للعار .. يا للعار .. 

الزبال : لا .. عندما يحترق الروث فانه يطرد البعوض .. أليس هذا أمرا حسنا 

الزوجة : يعني هذه هي الحرب الكيماوية التي يتحدث عنها زوجي ؟

الزبال : وماذا يعمل زوجك أيتها السيدة ؟

الزوجة : انه جنرال .. هو يقول انه يقتل الأعداء كما يقتل البعوض

الزبال : عظيم .. اكتشفنا بهذا الإمكانيات الهائلة للروث 

الزوجة : وما بالك فرح هكذا ؟ لا ينقصك سوى أن تقول شعرا في الروث ؟ 

الزبال : (بعد تأمل طويل ) ياروثتي الجميلة 

         (الزبال يعانق الزوجة .. يضمها بين يديه .. تسترخي .. نسمع صوت حمار ينهق من الخارج)

الزبال : لقد طال انتظاره .. سأعود إليك .. وداعا 

( الزبال يغادر .. ضوء مفرد على الزوجة )

لإكمال قراءة المسرحية...