تشارلز بوكوفسكي في أول مقابلة له: لا أحب صيغة هذا السؤال. دور الشاعر هو لا شيء

2017-06-05 08:00:00

تشارلز بوكوفسكي في أول مقابلة له: لا أحب صيغة هذا السؤال. دور الشاعر هو لا شيء
تشارلز بوكوفسكي وزوجته ليندا

هذه هي أول مقابلة منشورة لتشارلز بوكوفسكي. في الوقت الذي أُجريت ونُشرت فيه، كان بوكوفسكي معروفًا لجمهور ضئيل قد قرأ كتاباته في بعض المجلات الأدبية. كان ينشر كتاباته منذ عام 1944 واستمر ذلك بشكل متقطع في الخمس سنوات التالية، لكن جاءت فترة سبع سنوات قام فيها بكتابات قليلة جدًا وأحيانًا كان لا يكتب على الإطلاق، لكنه عاش فترة صاخبة. ثم في عام 1956 جلس أمام الآلة الكاتبة وبدأ بكتابة سلسلة الإعتداءات المنهجية عن الأقليات والمنبوذين، والتي سيظل يكتبها قرابة 40 عامًا. ولكن في زمن هذه المقابلة كان لا يزال لديه سبع سنوات قادمة ليقضيها في مكتب البريد قبل أن يصبح حرًا ويكتب لكي يعيش.

في عام 1963 كان قد كتب ثلاث مجموعات قصصية ولكنها انتشرت في نطاق صغير بسبب التوزيع السيء. هذه الكتب كانت: Flower, Fist and Bestial Wail (12 صفحة، 200 نسخة) Longshot Pomes for Broke Players (22 صفحة، 200 نسخة) Run With the Hunted (32 صفحة، 300 نسخة). إنجازه الأدبي الأول "It Catches My Heart In Its Hands" كان في مراحل طباعته الأولى لدى جون وجيبسي لوويب، وكان سيتم إصداره لاحقًا في ذلك العام. كتابه الأول لدى مطابع Black Sparrow كان "AT TERROR STREET AND AGONY WAY" وكان مازال أمامه خمس سنوات ليخرج للنور.

أجرى المقابلة أرنولد ل. كاي، ونُشرت في "Chicago Literary Times" في مارس 1963.

بالنسبة للمحاور، يُعتبر بوكوفسكي مثل وحش الييتي بالنسبة لمستكشف الهيمالايا. من الصعب أن تجده، وإذا حدث تصبح الحياة خطيرة جدًا. قال البعض أنه لا يوجد شخص يُدعى تشارلز بوكوفسكي. استمرت إشاعة لعدة سنوات تقول أن هذه القصائد الصاخبة الموقعة باسمه كُتبت في الحقيقة من قِبل إمرأة عجوز مقرفة بشعر كثيف أسفل الإبط.

لكن نعم، هناك تشارلز بوكوفسكي، يعيش في عُزلة في شقة من غرفة واحدة. بسرير حائط، في وسط هوليوود. يُحيطه من جهة مكتب المساعد العام، ومكتب الأمن القديم. ومن جهة أُخرى مستشفى كابرز. تشارلز بوكوفسكي المسكين، يبدو مثل مدمن متقاعد، يبدو وكأنه ينتمي لمكانه بحق.

حين فتح الباب، أخبرتني عيناه الحزينة، صوته المرهق وملابسه الحريرية بأكثر من طريقة أن هذا رجل مُتعَب. جلسنا وتحدثنا، شربنا البيرة والسكوتش وفي النهاية قدم بوكوفسكي كعذراء مستسلمة مقابلته الأولى. أخبرني أني إذا نظرت من النافذة بعيدًا لأعلى سأرى أضواء بيت "ألدوس هيكسلي" حيث يعيش الكاتب الناجح.

هل يضايقك أن "هيكسلي" في موضع يمكنه أن يبصق عليك؟

أوه، ذلك سؤال جيد. (غاص خلف السرير وعاد ومعه بضع صور شخصية).

من التقط هذه الصور؟

صديقتي. ماتت العام الماضي. ماذا كان السؤال؟

هل يضايقك أن "هيكسلي" في موضع يمكنه أن يبصق عليك؟

لم أفكر حتى في "هيكسلي"، لكن بعد أن ذكرته، لا، لا يضايقني ذلك.

متى بدأت الكتابة؟

حين كنت في الخامسة والثلاثين. أدركت أن الشاعر يظهر في السادسة عشر، بدأت أنا في الثالثة والعشرين!

لاحظ عدد من النقاد أن أعمالك تعتبر صراحة سيرة ذاتية. هل تريد أن تعلق على ذلك؟

تقريبًا كلها. تسعة وتسعون بالمئة، الواحد بالمئة المتبقي قد أكون حلمت به. لم أذهب أبدًا إلى الكونغو البلجيكية.

أريد أن أشير إلى قصيدة معينة في أحدث كتبك، هي Run with the hunted. هل حدث أن حصلت على اسم وعنوان الفتاة التي ذكرتها في قصيدة "نبضة ثانوية للتذمر"؟

لا. تلك ليست فتاة معينة؛ هي شخصية مركبة، جميلة، ترتدي جوارب نايلون، ليست فتاة ليل تمامًا، مخلوق ليلة نصف مخمورة. لكنها موجودة فعلًا، لكن ليست باسم معروف.

أليس ذلك "غير قواعديّ"؟ من الواضح أن هناك ميل لتصنيفك كشاعر منعزل عجوز.

لا أستطيع أن أفكر في شاعر منعزل غير جيفرز. (روبنسون جيفرز) الباقي يريد أن يسيل لعابه ويحتضن بعضه. اتضح لي أني آخِر الشعراء المنعزلين.

لماذا لا تحب الناس؟

من يحب الناس؟ أرني شخصاً يحب الناس لأريك لمَ لا أحبهم. أيضًا أريد زجاجة بيرة. (ذهب بإرهاق إلى مطبخه الصغير فصرخت بسؤالي التالي).

إليك سؤال مهم. من هو أهم شاعر على قيد الحياة الأن؟

ذلك ليس سؤالًا مهمًا، إنه سؤال صعب. حسنًا لدينا "عزرا باوند" ولدينا "ت. س. إليوت" لكنهما توقفا عن الكتابة. بالنسبة للمستمرين في الكتابة سأختار، أوه، "لاري إيجنر".

حقًا؟

نعم. أعلم أن لا أحد قال ذلك من قبل. ذلك كل ما لدي.

ما رأيك في الشعراء المثليين؟

المثليون حساسون والشعر السيء هو شعر حساس و"جينسبيرج" قَلَب الطاولة حين جعل الشعر المثلي شعرًا قويًا، تقريبًا شعرًا رجوليًا؛ لكن على المدى البعيد، سيظل المثليون مثليين ولن يصبحوا شعراء.

لنتحدث في أمور أكثر جدية، في رأيك ما هو تأثير ميكي ماوس على الخيال الأمريكي؟!

قاس، حقًا قاس. أريد أن أقول أن ميكي ماوس أثّر في الجمهور الأمريكي أكثر من شيكسبير، ميلتون، دانتي، رابليه، شوستاكوفيتش، لينين، وفان غوخ. مما يجعلك تتعجب من ذلك الجمهور. ديزني لاند تظل مصدر الجذب في جنوب كاليفورنيا، لكن القبر يظل هو حقيقتنا.

كيف تحب الكتابة في لوس أنجلوس؟

لا يهم أين تكتب طالما لديك الحوائط، آلة كاتبة، ورق، بيرة. يمكنك أن تكتب داخل فوهة بركان. هل تظن أني قد أستطيع أن أجعل 20 شاعرًا يساهمون بدولار كل أسبوع لكي لا أدخل السجن؟

كم مرة قُبض عليك؟

كيف لي أن أعرف؟ ليس كثيرًا؛ 14 أو 15 مرة ربما. كنت أظن أنني أكثر قوة من ذلك، كل مرة يقبضون علي فيها تتقطع أحشائي، لا أعلم سبب ذلك.

بوكوفسكي، ما هي رؤيتك للمستقبل بينما الجميع الآن يريد نشر أعمالك؟

اعتدت أن أسكر في الأزقة وغالبًا سأظل أفعل ذلك. بوكوفسكي، من هذا؟ قرأت عن بوكوفسكي ولكن يبدوا أن ليس له علاقي بي. هل تفهمني؟

ما مدى تأثير الكحول على كتاباتك؟

هممم، لا أعتقد أني كتبت قصيدة حين كنت واعيًا بالكامل. لكني كتبت بعض القصائد الجيدة وبعض القصائد السيئة تحت تأثير دوار الخمر، حين كنت غير متأكد هل مشروب آخر أم شِفرة حادة سيكون الأفضل.

يبدوا أنك مخمور اليوم.

نعم أنا كذلك. إنه مساء الأحد. كان هناك سباق من ثماني جولات صعبة اليوم. كنت متقدماً بـ 103 متراً في نهاية الجولة السابعة. راهنت بخمسين في الجولة الثامنة. هُزمت في نصف الجولة من قبل حصان كان يجب أن يتم تعليبه كطعام للقطط منذ زمن بعيد. على أي حال الفوز أو الفوز الضئيل يؤدي إلى ليلة من السُكر الشديد. أيقظني ذلك المحاور. وفي الحقيقة سأسكر حين ترحل، وأنا جاد في ذلك.

سيد بوكوفسكي، هل تعتقد أنه سيتم نسفنا عما قريب؟

نعم، أعتقد ذلك. إنها مسألة حسابية بسيطة. لديك الاحتمالات ولديك العقل البشري. في مكان ما في الأسفل ستجد أحمق ما لديه السلطة وسيقوم بنسفنا تمامًا. ذلك كل ما أستطيع استنتاجه.

وما هو الدور المهم للشاعر في هذا العالم الفوضوي؟

لا أحب صيغة هذا السؤال. دور الشاعر هو لا شيء... لا شيء على الإطلاق. وحين يخطو خارج حذائه ويحاول أن يكون قويًا وعنيدًا كما فعل صديقنا "عزرا"، سيُصفع على مؤخرته الوردية. الشاعر عادة هو نصف إنسان نصف مخنث، ليس شخصًا حقيقيًا، وهو لا يملك اللياقة ليقود الرجال في أمور الدم أو الشجاعة. أعلم أن هذه الأمور مناقضة لرأيك، لكن يجب أن أخبرك برأيي. إذا سألت الأسئلة يجب أن تحصل على أجوبة.

هل تحصل أنت على أجوبة؟

حسنًا، لا أعلم...

أعني بالمعنى العام. هل يجب أن تحصل على أجوبة؟

لا، بالطبع لا. بمعنى عام، نحصل دائمًا على شيء واحد. كما تعلم... شاهدة لقبر لو كنت محظوظ؛ لو لم تكن، مجرد أرض خضراء.

إذن هل نقفز من السفينة أم نتمسك بالأمل سويًا؟

لماذا هذه الكليشيهات، هذه التفاهات؟ حسنًا، سأقول لا. لا نقفز من السفينة. أقول، كما سيبدو قولي حادًا، من خلال القوة، الروح، الحماس، الجرأة، المقامرة عند بعض الرجال بطُرق عدة يمكننا أن ننقذ جثة الإنسانية من الغرق. لا نُزيّف الأمل. لنحارب مثل الرجال، لا كالفئران، نقطة. لا شيء لأُضيفه.

 

النص الأصلي... هنا