المقابلة: قاسم حول

2017-06-26 14:00:00

المقابلة: قاسم حول

الولادة العسيرة

يُعتبر المخرج والكاتب العراقي قاسم حول أحد المؤسسين لسينما الثورة الفلسطينية في بدايات السبعينيات في بيروت، فبعد وقتٍ قصير على إخراج مصطفى أبو علي أول أفلام سينما الثورة في الأردن مستخدماً أرشيفاً مصوراً، قام حَوَل بتصوير وإخراج أول أفلامه من إنتاج الجبهة الشعبية لتحرير فلسطين. غادر قاسم العراق ليعمل بحرية بعيداً عن الديكتاتور الجديد، انتقل إلى بيروت كإحدى المحطات في طريقه إلى إمارة أبو ظبي، وفي تلك المحطة التقى الكاتب الفلسطيني الراحل غسان كنفاني الذي أقنعه بالبقاء والالتحاق بالثورة والتأسيس لقسم السينما. ومنذ تلك الفترة وحتى اليوم أنتج وأخرج عدداً من الأفلام التسجيلية والروائية التي حازت على العديد من الجوائز العربية والعالمية، وكتب العديد من السيناريوهات وألّف عدداً من الكتب والمقالات، كما ألّف عشر مسرحيات وأخرج سبع مسرحيات أخرى ومثّل في ثلاث عشرة مسرحية، ولا يزال وهو في السبعين من عمره يعمل بجد على أفلامه متنقلاً بين التسجيلي والروائي. في أكتوبر الماضي كان قاسم حول أحد أعضاء لجنة تحكيم مهرجان مالمو للسينما العربية حيث عرض أيضاً فيلمه الروائي الأخير (بغداد خارج بغداد)، حينها التقيته لأول مرة بعد اتصالات كثيرة سابقة، وحاورته عن تجربته التي كانت سينما الثورة الفلسطينية إحدى مراحلها.

البدايات

أسس قاسم حول في الخمسينيات في مدينته البصرة أول مسرح وأول فرقة مسرحية أسماها مسرح "النور"، ثم ألتحق بمعهد الفنون الجميلة لدراسة التمثيل والإخراج وخلال فترة الدراسة أسس وعدد من زملائه تجمع "مسرح اليوم" الذي حوله إلى فرقة مسرحية تحمل نفس الإسم وأصدر مجلة "السينما اليوم" ولاحقاً أسسوا شركة "أفلام اليوم" التي أنتجت فيلم "الحارس،" الذي كتب قاسم قصته ومثل أحد الأدوار الرئيسة فيه والفيلم من إخراج خليل شوقي، وهو مخرج في تلفزيون بغداد. كان هدف هذه المؤسسة كما يقول قاسم: أن ترفد الفرقة المسرحية شركة إنتاج الأفلام بالممثلين، وبموازاة ذلك تدعمهم أول مجلة ثقافية تبحث في شؤون السينما، وتشكل أحدى أدوات الإعلام إضافة إلى قيمتها الثقافية والسينمائية. 

كانت هذه هي بداية العلاقة مهنياً مع السينما، لكنه أحب الفيلم التسجيلي، والتقى في بداية حياته السينمائية مع المقاومة الفلسطينية وعمل معها وأنتقل بأفلامه التي عملها إلى مهرجان لايبزغ للأفلام الوثائقية الذي تأسس عام 1955 برعاية الدولة الألمانية الديمقراطية "الشيوعية"، قام بتأسيسه مجموعة من رواد الفيلم التسجيلي أمثال يورنس أيفنز في هولندا وجون جريرسون في بريطانيا، وسانتياغو الفارز في كوبا، وكريستنسن في الدنمارك، ورومان كارمن من روسيا، ويامادا من اليابان، وإنيلي تورينداك وكارل كاس من ألمانيا، والأخضر حامينا من الجزائر، والذين اتصلوا في حينها بالرسام الإسباني الفرنسي بيكاسو كي يستخدموا حمامة السلام التي رسمها لتصبح شعارا للمهرجان وتمثالاً ذهبياً وفضياً لجوائز المهرجان.

​من فيلم ليلى العامرية

ما بين السينما الروائية والتسجيلية

السينما التسجيلية كما يراها قاسم حول، قد تفوق بأهميتها "أحيانا" السينما الروائية إذا ما استوفت شروط ومفردات لغة التعبير السينمائية، ويشعر بالأسف، لأن نظرة العديد من المخرجين وصناع الأفلام إلى السينما التسجيلية باعتبارها أقل شأناً من الفيلم الروائي، ويظن البعض أن السينما التسجيلية تقترب مما يعرض في التلفزة وخاصة العربية، على الرغم من أن للفيلم التسجيلي كما للروائي فكرة وبنية درامية. في المقابل هنالك مخرجون يرفضون أساساً الاعتراف بالفيلم الروائي مثل المخرج الروسي ديزيغا فيرتوف، الذي يعتبر أن الفيلم التسجيلي فقط هو السينمائي.

يشير قاسم أنه بالإضافة لعشقه للسينما التسجيلية، فإن سينما الثورة الفلسطينية التي كان أحد مؤسسيها وعمل بها لفترة طويلة، لم تكن مستوفية لشروط إنتاج الفيلم الروائي، وأنهم عانوا من صعوبات جمّة، ومنها التصوير بأفلام السليلويد، وإن تحميض تلك الأفلام كان يتم في استوديو بعلبك الواقع في سن الفيل في بيروت الشرقية وأصبح تحت هيمنة مسلحي حزب الكتائب اللبنانية، فحين بدأت الحرب الأهلية اللبنانية وقسمت بيروت إلى شرقية وغربية، أصبح الوصول الاستوديو الواقع ضمن مناطق سيطرة الكتائب اللبنانية صعباً للغاية، فتوقف إنتاج الأفلام حتى وجدوا بديلاً بتحميض الأفلام في إيطاليا، وكنت عملية صعبة ومرهقة ومكلفة جداً وبسبب صعوبات فنية تتعلق بالحصول على تأشيرات سفر لإيطاليا أو لبلدان أوروبا، سيما وهم يصدرون جريدة سينمائية مرئية ينبغي تظهيرها وطباعتها وتوزيعها أولاً بأول.

بسبب ذلك بدأت منظمة التحرير التفكير في إنشاء استوديو سينمائي في بيروت تعويضاً عن استوديو بعلبك، فتبنى المشروع أحمد قريع الذي كان مشرفاً ومسؤولاً عن مؤسسة "صامد" ذات الطبيعية الإنتاجية والإستثمارية، فأنشأ استوديو "الصخرة"، ليكون كما يصفه قاسم حَوَل: نواة مهمة للقاعدة المادية في إنشاء سينما فلسطينية في بيروت، تؤسس لسينما فلسطينية وحتى لبنانية وعربية بديلاً عن "استوديو بعلبك" واصفاً إياها بالخطوة الجبارة.

يصف قاسم العمل في تلك المرحلة بقوله: كان هذا يكلفنا الكثير من المواد الكيماوية المستخدمة في التحميض، فلم يكن زمن الإنتاج في حينها كافياً لاستخدام المادة كلها، فزادت كلفة الإنتاج بشكل كبير جداً. في تلك الفترة بدأ التحضير لتأسيس اتحاد السينمائيين التسجيليين العرب، والبداية  كانت متبناة وبرعاية مهرجان "لايبزغ" الدولي للأفلام الوثائقية، فأصدروا بيان التأسيس ونشرته مجلة الهدف. حينها كان قد مضى على مغادرته العراق أكثر من أربع سنوات، وكان من المتعذر أن يتأسس الاتحاد السينمائي العربي في العراق دون حضوره ومساهمته لأننه كان أحد المؤسسين الأساسيين في لايبزغ. وتحت إصرار السينمائيين التسجيليين العرب، يقول حول، وجهت لي الدعوة بلقاء شخصي، حيث زارني في بيروت وزير الثقافة شفيق الكمالي وعضو اللجنة الإعلامية في القيادة القطرية سعد قاسم حمودي يصاحبهم مدير المركز الثقافي العراقي في بيروت مناف الياسين، وتم الاجتماع بحضور الموسيقار منير بشير وكان الاجتماع في منزل الصديق الصحفي اللبناني الأستاذ جورج الراسي، وبضمانة منظمة التحرير لسلامتي، ذهبت للعراق. وخلال فترة التحضير لتأسيس الإتحاد صورت بين عامي 1975 و 1976، فيلم "الأهوار" وهو فيلم يندرج ضمن مستوى الأفلام الطويلة، وكان هذا ثاني فيلم تسجيلي أنجزه بعد الفيلم التسجيلي القصير "النهر البارد".

الأفلام الأولى لسينما الثورة

ينوه قاسم إلى أنه قبل إخراج فيلم النهر البارد، كان فقط مصطفى أبو علي قد أنجز في الأردن فيلم "بالروح بالدم" من الوثائق المصورة، عن المقاومة الفلسطينية، لكن فيلم النهر البارد كان عن الحياة الاجتماعية للاجئين الفلسطينيين وعلاقة النساء بالنهر اللواتي كن يحملن الملابس وأواني الطبخ لغسلها في مياه النهر. وكان هذا أول فيلم تسجيلي تنتجه سينما الثورة في بيروت، اشترك الفيلم في مهرجان "لايبزغ" الدولي للفيلم التسجيلي سنة 1972، وأصر قاسم حول على رفع العلم الفلسطيني ضمن رايات بلدان العالم المشاركة في المهرجان. رغم معارضة مدير المهرجان في البداية، فهدد بالانسحاب من المهرجان. وكان تبرير إدارة المهرجان حينها أن هذا الفيلم من إنتاج منظمة الجبهة الشعبية لتحرير فلسطين في لبنان وليس منظمة التحرير الفلسطينية، وبعد نقاش وجدال تم رفع العلم الفلسطيني بين أعلام الدول في شارع المهرجان!

من العراق إلى بيروت

بدأت علاقة قاسم حول بمنظمة التحرير الفلسطينية تتعزز بعد أول مشاركة فلسطينية في مهرجان دولي كبير ورفع العلم الفلسطيني مع أعلام البلدان المشاركة. حين ترك العراق بسبب الظروف السياسية واعتقاله بعد إلقاءه كلمة على قبر الشاعر الكردي بيره مرد وتعرضه للتعذيب، نصحه أستاذه الفلسطيني في الاقتصاد إبراهيم أبو الندى بعدم طلب فيزا دخول لأبو ظبي من السفارة البريطانية في العراق (كانت تأشيرة أبو ظبي تؤخذ من السفارة البريطانية) خشية اعتقاله ثانية، وفضّل الحصول عليها من بيروت. وهكذا غادر العراق متوجهاً صوب بيروت، ومن هناك كان ينتظر التأشيرة بمسعى أستاذه الفلسطيني وعلاقته بإمارة أبو ظبي وشخصياتها القيادية والإعلامية.

كان قاسم حَوَل يتناول غداءه في مطعم شعبي تديره أرملة فدائي، في كورنيش المزرعة ببيروت حين تعرف على الكاتب الفلسطيني غسان كنفاني، الذي عرض عليه مسرحية مكتوبة أسمها "أوكازيون" لعصام محفوظ، وطلب منه قراءتها ومشاهدتها على المسرح، والكتابة عنها لمجلة الهدف، وحين ذهب بالمقال للمجلة قال له غسان: "لا تذهب إلى أبو ظبي، نحن نحتاج إليك هنا، تجوع معنا وتشبع معنا"

وعن بداية تلك العلاقة بعد اللقاء بكنفاني، يقول قاسم: التحقت يومها بمجلة الهدف وبدأت أكتب بصفحتها الثقافية التي كان يحررها محمود الريماوي، وتسلمت من بعده مسؤولية تحريرها، وأنشأت فرقة مسرحية وقدمنا أول عمل مسرحي بعنوان "طفل بلا عنوان" وعملت معي في المسرحية النحاتة منى السعودي والكاتب العراقي جمعة اللامي وممثلون آخرون من المخيمات ولاقت صدى جيداً وكتبنا دراسة عن تجربتنا في مسرح المخيمات الفلسطينية بمجلة "مواقف" التي كان يحررها أدونيس.

​قاسم حول يتسلم حمامة بيكاسو الفضية جائزة فيلم بيوتنا الصغيرة 1974 في مهرجان لايبزغ

أفلام تسجيلية عن نضالات الشعوب

ويضيف حول: بدأنا نجمع أفلاماً من السفارة الكوبية وأفلاماً فيتنامية واشترينا جهاز عرض 16 ملم وبدأنا تجربة "السينما الجوالة" لعرض الأفلام الثورية لتجارب الشعوب التي تناضل من أجل التحرر من الإستعمار "الشعب الفيتنامي نموذجا"، ومعها كنا نعرض الأفلام الوثائقية التي ننتجها وكذلك المجلة السينمائية المرئية التي كنا نصدرها وأطلقنا عليها إسم "الهدف" كمجلة مرئية رديفة لمجلة الهدف الورقية المقروءة. صرنا ننتقل بالسينما الجوالة بين القواعد والمخيمات الفلسطينية. وكانت تلك أول مرة يرى الفلسطينيون في المخيمات المقاتل الفلسطيني على الشاشة وكذلك القيادات الفلسطينية.

من هنا بدأنا التفكير في إنشاء مؤسسة للسينما التسجيلية الفلسطينية إلى جانب عملنا الثقافي في مجلة الهدف، ثم بدأت التحضيرات لعقد مؤتمر الشبيبة العالمي، فقررنا الذهاب بوفد كبير، من بينهم ياسر عرفات الذي سبقنا بالطائرة، ونحن ذهبنا في باخرة عملاقة انطلقت من بيروت تحمل كوادر من الحزب الشيوعي اللبناني ويساريين مصريين ومعنا في الباخرة عدد كبير من كوادر الثورة الفلسطينية وقياداتها، بدأت تصوير فيلم "لماذا نزرع الورد لماذا نحمل السلاح"  كإنتاج مشترك بين منظمة التحرير الفلسطينية وجمهورية ألمانيا الديمقراطية. يصور في  الجانب الألماني من الفيلم مصورون ألمان، وأصور أنا الجانب الفلسطيني بدءاً من رحلة الباخرة حتى نهاية مهرجان الشبيبة الأممي في ألمانيا. كان معي من المصورين سمير نمر ورفيق حجار، إضافة لي كمصور ومخرج وكاتب سيناريو الفيلم. بدأنا نصور كل ما يحدث من فعاليات على الباخرة. وذات ظهيرة كنت في قيلولة في غرفتي بالباخرة، وإذا بامرأة روسية من طاقم الباخرة، تدق على باب الغرفة، دخلت وألبستني سترة النجاة وهي تصرخ "كوماندوز إسرائيلي" متوجهة نحو باخرتنا. حملتُ الكاميرا وبدأت أصور الزوارق الإسرائيلية وهي قادمة من بعيد لتطويقنا مستهدفة خطف كوادر منظمة التحرير، وفجأة ظهر من تحت الماء جسم أسود ضخم بطول الباخرة أقام حاجزاً بيننا وبين الزوارق الإسرائيلية، تبين لنا بأنه غواصة روسية كانت ترافقنا طول الرحلة دون معرفتنا، وصورت كل ما حدث، جزء من هذا التصوير فقدته حين صادر الإسرائيليون وثائقنا التي عثروا عليها في قبو البناية التي يقع فيها قسم السينما.

وصلنا ألمانيا الديمقراطية وصورنا "الستاد" الكبير وكانت فكرة الفيلم تتمثل في أن كل وفد يمر على منصة المهرجان، فأنتقل من الوفد المشارك بأهازيجه ورقصاته وأغانيه، وأرحل في عودة للماضي ولتاريخ ذلك الشعب. فيتنام وكوبا والصين والمانيا وأمريكا. وكانت المناضلة إنجيللا ديفز تترأس الوفد الشيوعي واليساري الأمريكي. وفي نهاية الفيلم يمر الشعب الفلسطيني، فأرحل عبر أغنية الفنانة زينب شعث نحو الشعب الفلسطيني وهجرته ونضاله. كانت هناك سبعة أفلام صورت عن مهرجان الشبيبة العالمي ومن ضمنها فيلم ألماني كبير، لكن فيلمنا "لماذا نزرع الورد، لماذا نحمل السلاح" كان الأفضل والأكثر تأثيراً فحاز على جائزة منظمة الشبيبة العالمية. لقد ترجموا العنوان بالألمانية "نحن نزرع ورداً، نحن نحمل سلاحاً" ، وهذا الفيلم أيضاً من أفلامي المفقودة التي لا أملك نسخة منه. صادرته القوات الإسرائيلية المحتلة حين غزت بيروت.

بدأنا في تلك المرحلة أيضاً بإقامة دورات تدريبية للفلسطينيين وأحيانا معهم بعض هواة السينما والعرب وبشكل خاص سينمائيين من جمهورية اليمن الديمقراطية الشعبية. دورات في التصوير وفي إنتاج الأفلام التسجيلية الآن من الذين تفوقوا في تلك الدورات مصورون في رويتر وفي قناة دويتشا فيله وفي قناة المستقبل اللبنانية…

جين فوندا

في مهرجان "لايبزغ"، حضرت الممثلة الأمريكية "جين فوندا"، والتي كانت نجمة سينمائية، لتعرض فيلماً تسجيلياً عن فيتنام. كانت جين فوندا قد ركبت موجة اليسار الأمريكي ضمن التيار اليساري الذي غزا العالم، وصار كبار المثقفين يلتحقون بالموجة الشيوعية واليسارية. ليس هذا فحسب بل تزوجت من رئيس إتحاد الطلاب العالمي الذي يرعاه ويباركه الإتحاد السوفيني. وكنت حاضراً أنا وإسماعيل شموط، ففكرنا بأن نهديها الكوفية الفلسطينية حين تصعد منصة المسرح. وقبل أن تنهي كلمتها صعدت المسرح وأهديتها "الحطة الفلسطينية"، ولكنها لم تظهر ردة فعل إيجابية، لم تشكرني، فعدت وقلت لإسماعيل شموط: يبدو أن الثورة الفلسطينية خط أحمر عند "جين فوندا"، فهي تصنع أفلاماً عن الثورة الفيتنامية، وتتزوج من رئيس اتحاد الطلبة العالمي، لكن تقديري حين تصل الأمور للثورة الفلسطينية فإن اليسار غير مسموح به فيما يتعلق بالحق الفلسطيني! وفعلاً حين بدأت الحرب اللبنانية، وغزا الإسرائيليون لبنان، ذهبت جين فوندا إلى شمال فلسطين، لترفه عن الجنود الإسرائيليين "هكذا ورد التعبير في الصحف الإسرائيلية"، وهاجمتها حينها القوى اليسارية الإسرائيلية. 

سينما تسجيلية وروائية من إنتاج الثورة 

يقول حول إن ظروف الثورة الفلسطينية المادية، وظروف الحرب الأهلية اللبنانية وظروف الانقسامات الفلسطينية الموجودة تحول دون عمل فيلم روائي. من الصعب جداً أثناء الحرب الدائرة أن يجري تحضير ممثلين وإدارتهم وإدارة عملية التصوير، لذلك ركزنا أكثر على التسجيلي لتوثيق حياة اللاجئين ونشأة الثورة الفلسطينية.

يضيف: إن تحقيق فيلم روائي، في ظلّ ظروف الحرب اللبنانية كان مستحيلاً، لذلك فإن السينما التسجيلية كانت بالنسبة لنا أسهل تحقيقاً، حيث كل ما تحتاجه هو كاميرا وواقع، وكلاهما متحققان، ما عليك سوى أن تصور. كان لدينا الأجهزة الضرورية والأساسية، موفيولا للمونتاج، والتحميض كان يتم في إيطاليا ولاحقاً تأسس أستوديو الصخرة في بيروت. كان هدفنا بالأساس توثيق الثورة الفلسطينية وتوثيق الحياة الفلسطينية، كنّا نصور كل شيء مثل تأسيس الكليات العسكرية للجبهة الشعبية تحت الأرض، والتي استقدمت خبراء من حول العالم ليدرسوا بها، معسكرات التدريب، حياة المخيمات، حفر الأنفاق بين مخيمات صبرا وشاتيلا وبرج البراجنة، الملاجئ التي بنيت في الرشيدية، هذه كلها بمراحلها قمت بتصويرها، الاجتياح الإسرائيلي لجنوب لبنان عام 1978 ودخولهم إلى صور، ومدينة صور حين أفرغت من السكان، كل هذا وثقناه.

بالإضافة لكل الأفلام التي صنعناها، أيضاً صنعنا أفلاماً عن اليمن الديمقراطي الجنوبي، وساعدناهم في إنقاذ أرشيفهم والوثائق التي تركها البريطانيون، قمنا بترميمها واستنساخها في بيروت وأعدناها لليمن، ولتدريب كوادر لصناعة الأفلام، جاؤوا إلى الثورة الفلسطينية في بيروت وأرسلناهم لدورات في البلدان الإشتراكية".

​من فيلم عائد إلى حيفا

حلم الفيلم الروائي وغسان كنفاني

ظل قاسم حول كما يقول، يعيش هاجس صناعة، فيلم روائي، وبشكل خاص بعد استشهاد غسان كنفاني حيث أخرج قاسم فيلماً قصيراً عن استشهاده عام 1973 بعنوان "الكلمة البندقية"، 20 دقيقة، ولاحقاً تقرر إنتاج روايته "الأعمى والأطرش" لغسان، لكن بعد حوار مع المكتب السياسي ولجنة الإعلام المركزي في الجبهة الشعبية لتحرير فلسطين، تم الإتفاق على إنتاج رواية "عائد إلى حيفا" فأنتج عام 1981 فيلم "عائد إلى حيفا"  وانتهى إخراج الفيلم عام 1982 الذي يعتبر أول فيلم فلسطيني روائي في سينما المقاومة الفلسطينية.

وعن فيلم "عائد إلى حيفا" يقول قاسم حول أنه عانى من مشاكل تقنية وبشكل خاص في بعض مشاهد الفيلم الداخلية، التي لم تكن بمستوى تنفيذ المشاهد الخارجية، بسبب بعض المشاكل التقنية. موضحاً تلك المشاكل بقوله: صورنا مشهد الهروب في النكبة بطائرة تابعة للجيش السوري، وأذكر أن الطيران الإسرائيلي قام بالتحليق فوقنا أثناء التصوير، عملت ثلاثة شهور مع أبناء المخيمات في تدريبهم، تلقينا أيضاً مساعدة من رئيس وزراء لبنان رشيد كرامي الذي فتح لنا ميناء طرابلس لنغيره ليبدو مثل ميناء  حيفا. وقدم لنا زوارق حربية، وتبرع لنا الصيادون اللبنانيون بالزوارق وتوقفوا عن الصيد ذلك اليوم، وكذلك ساعدنا رئيس الجمهورية اللبنانية سليمان فرنجية وأعضاء حزبه وأبناء ضيعة "زغرتا"، الذين  لعبوا دور الجنود الإسرائيليين. كما عمل معنا العديد من الأوروبيين، أذكر منهم مارك رودين وهو رسام وعازف جيتار وهو الذي رسم ملصق الفيلم.

الأرشيف المسروق

"في بداية الثمانينيات بدأ الغزو الإسرائيلي للبنان، واستطاع الإسرائيليون الوصول إلى "قبو" البناية التي كنّا فيها بكورنيش المزرعة مقابل مجلة الهدف، الذي يحتوي على الأرشيف والوثائق، بعد أن دلهم أحد المصورين لمكانه لأسباب ربما تعرض للضغط والتعذيب فاعترف، فسرقوا كل ما كان في القبو من وثائق وأرشيف ومن ضمنها حقيبتي الشخصية.

بعد عام 1982، انتقل قاسم حول إلى دمشق كما فعل كثير من قيادات وأفراد منظمة الجبهة الشعبية لتحرير فلسطين، وهناك رغم الظروف الصعبة للمنظمة أخرج فلمين هما "الهوية الفلسطينية" والذي يتحدث عن سرقة الوثائق الفلسطينية بهدف الغاء الهوية والذاكرة، وكيف سرقت الوثائق من مركز الأبحاث والدراسات الفلسطينية، وسرقة وثائق مؤسسة غسان كنفاني، وسرقة أرشيف مجلة فلسطين الثورة ومجلة شؤون فلسطينية ومجلة الهدف، وكان محمود درويش أحد الذين استضافهم الفيلم مع صبري جريس وعبد الله حوراني، ثم أخرج  فيلم "صبرا وشاتيلا" الذي حصد الجائزة الذهبية "السيف الذهبي" وجائزة إتحاد الصحفيين العالميين.

الظروف التي أحاطت بتصوير فيلم "صبرا وشاتيلا"

يقول حول إن الثورة الفلسطينية استطاعت استقطاب مقاتلين من حركات سياسية ثورية من كل العالم، ومن ضمنهم الجيش الأحمر الياباني، الجيش الإيرلندي، الألوية الحمراء الإيطالية، وغيرها وكان من ضمنهم سينمائيون وإعلاميون، أحدهم أنتج فيلماً بعنوان "الجبهة الشعبية، الجيش الأحمر منفيست عالمي" وهذا الفيلم دخل مخرجه لمهرجان كان السينمائي في باريس في محاولة لفرض عرض الفيلم ولكن رُفض طلبه. هذا المخرج حين جاء لبيروت كان معه كاميرا هواة "8 ملم" وعندما حصلت مجزرة صبرا وشاتيلا ولأن وجهه لم يكن معروفاً، كان شجاعاً بما يكفي ليدخل فجر يوم المجزرة إلى المخيم وصور بكاميرته وبكاميرا فوتوغرافية، ووثق كمية من الأشرطة، وأغلب الصور الفوتوغرافية المهمة التي ظهرت عن صبرا وشاتيلا كانت بعدسته.

في ذلك الوقت كانت موضة كاميرات الـ 8 ملم قد انتهت، وبالتالي واجهنا صعوبة كبيرة في تحويل الأشرطة التي صورها في المخيم، فتدخلت لدى عبدالله حوراني ليقدم له دعماً مالياً يمكنه من الذهاب إلى اليابان وتحويل الأشرطة من 8 ملم إلى 16 ملم. خلال هذه الفترة التي ذهب بها، ساعدتني المخرجة رندة الشهال في إيجاد مصور فرنسي ليدخل بيروت ويدخل المخيمين صبرا وشاتيلا مع مساعد المخرج كمال حداد، الذي انتحر لاحقاً لأسباب شخصية، كانا يدخلنا المخيم وأنا أنتظرهم في البقاع، ليجلبا لي المادة المصورة وأنقلها إلى دمشق. وبعد أن اكتمل التصوير، قررت مقابلة الضابطين الإسرائيليين اللذين إحتجزتهما الجبهة الشعبية لتحرير فلسطين-القيادة العامة. تمكنت من الموافقة عبر الراحل فضل شرور مسؤول الإعلام في "القيادة العامة". وغادرنا ليلاً إلى دمشق في سيارة تحمل معدات التصوير والإنارة. ووصلنا إلى صحراء بعيدة، ثم توقفت السيارة عند مكان فيه بعض الأغصان وقطع الحديد. نزلنا من السيارة. رفع أحد المرافقين الأغصان وبانت قطعة حديد عريضة وفيها مقبض فمسك المقبض ورفع قطعة الحديد، فظهرَ سلم حلزوني، بدأنا ننزل تحت الأرض مسافات، وننقل معدات التصوير والإنارة وأغلق الباب الحديدي وسمعت صوت السيارة التي نقلتنا وهي تبتعد عن المكان. التقيت الأسيرين. قدم لي الضابط الإسرائيلي نفسه "يوسكي" ومد يده ليصافحني فرفضت مصافحته. وقمت بتصوير كافة المشاهد المقررة، وفي ساعة متأخرة من الليل غادرنا المكان أنا والمصور ومهندس الصوت، وكان معي مساعديّ كمال حداد ومحمد دعيبس، صعدنا السيارة، وقطعت بنا مسافات الصحراء ليلا، ووصلنا دمشق فجراً. ذهبت إلى وزارة الثقافة السورية والتقيت الدكتورة نجاح العطار وزيرة الثقافة التي أكن لها التقدير، ولم تسألني عن الأشرطة بل أمرت بختمها بالشمع الأحمر حتى لا تفتح في المطار. وزودتني بكتاب لتسهيل مهمتي.

في اليوم التالي حملت الأشرطة وأخذت الطائرة من مطار دمشق باتجاه اليونان لأقوم بتظهير الأفلام وطباعتها، دون معرفة مسبقة بأن الطائرة ستهبط في مطار بيروت ومعي الأشرطة التي تحوي المقابلات مع الأسرى الإسرائيليين وأماكن وجودهم. لم يكن لي خيار وحقيبتي دخلت الطائرة وكابتين الطائرة متوتر من التأخير بسبب الإجراءات الأمنية. كان المطار اللبناني محتل من قبل القوات الإسرائيلية. وعندما هبطت الطائرة "ترانزيت" في مطار بيروت صعد الجنود الإسرائيليون إلى الطائرة وفتشوها، كان موقفاً مرعباً، الأفلام في حقيبة جلدية يدوية بين أقدامي وفيها الضباط الأسرائيليون وهم يبحثون عنهم. جاء الجندي الإسرائيلي ووقف إلى جانبي مرتين، لكن شاءت الصدف أن لا ينتبهوا للأشرطة تحت أقدامي. كنت أبتسم للجندي. وهو بدون ردة فعل. ثم غادر الطائرة. حالما أقلعت الطائرة وقبل أن تستقر في الجو، طلبت من المضيفة قنينة نبيذ، شربتها كما يشرب الماء ونمت. وصلت بها إلى اليونان وكان في انتظاري صديقي المخرج والمونتير مروان عكاوي وسهرنا مع ماكنة التحميض حتى أتأكد من أن الأفلام قد ظهرت وبانت فيها الصورة وليس ثمة من شيء تالف. أكملنا مونتاج الفيلم وعرض في مهرجان دمشق. وحصل الفيلم على الجائزة الذهبية لمهرجان دمشق السينمائي، كما حصلت على جائزة الصحافيين العالميين في ألمانيا.

قاسم حول .. كاتباً

يُعتبر قاسم حول أحد المنظرين أيضاً في موضوعة التوظيف السياسي لفن السينما من قبل الحركة الصهيونية منذ عام 1897. وفي عام 1998، ألقى محاضرةً في جامعة طهران بعنوان "الفضائيات.. والعقل المركزي للصورة" حول ذات الموضوع، وفي سؤالي له عن تلك المسألة يجيب: في مؤتمر بال تقدم المؤتمرون بتوصية لاستثمار فن السينما في خدمة إقامة وطن قومي لليهود، هذه التوصية التي تحولت إلى منهج بعد أن صنعت لها لجان ظلت تتطور مع تطور التقنيات والسينما وهي لا تزال قائمة حتى اليوم. هذه اللجان التي سيطرت على هوليوود وتأسست شركات مثل "مترو جولدين ماير ويونايتد أرتست وكاليفورنيا، وفوكس القرن العشرين وكولومبيا" التي هي شركات يهودية تمولها المصارف اليهودية لأسباب اقتصادية وتنفيذاً لتوصيات مؤتمر بال عام 1897، وبالفعل استطاعوا أن يهيمنوا على الصورة المتحركة منذ ذلك التاريخ. ففي ثلاثينيات القرن الماضي تأسست لجنة وعام 1948 تأسست لجنة أخرى وكذلك عام 1956 و 1967 و 1973، واستمر تأسيس اللجان المتتالية حتى يومنا هذا، من أساتذة الجامعات المحترفين لدراسة الإعلام وكيفية استثماره وتوظيفه. وأفرزت هذه اللجان مؤسسات وفعاليات أخرى، ومثال ذلك أن الكثير من الحاصلين على جوائز الأوسكار هم من اليهود أو من المناصرين لإسرائيل، ومثال آخر أنه بعد الحرب العالمية الثانية واضطهاد اليهود من قبل النازيين أُنتجت مجموعة كبيرة من الأفلام لتوظيف ما حدث لليهود في أوروبا، فصُورت أفلام كثيرة باعتبارها أفلاماً وثائقية ولكنها لم تكن كذلك، كانت أفلاماً مصنوعة لتبدو وكأنها وثائق أرشيفية، تصور وتحمض وتخرج بشكل يظهرها بأنها قديمة وقد تم تكليف المخرج ألفريد هيتشكوك بالإشراف على صناعة هذه الأفلام والمشاهد باعتباره متخصصاً بأفلام الرعب. وأنا شخصياً درست بعض هذه المشاهد، وتحققت من أنها ليست وثائق حقيقية وإنما مصطنعة ومثال ذلك مشهد لمجموعة من اليهود يسيرون في قبو طويل في طريقهم للإعدام، تسير الكاميرا معهم وفجأة ينظر أحدهم للكاميرا ليصنع رعباً وإثارة للعاطفة في داخل المشهد، ويفترض أنه لا يعلم بوجود الكاميرا، لكن يظهر هذا أن المشهد ممسرح، وأيضاً من غير المنطقي في ذلك الوقت وجود هذا الكم الهائل من الكاميرات بين الناس وهذا العدد من المصورين الذين يدخلون للأقبية ويلحقون الناس ويوثقون كل لحظة تحدث، وكأنه في كل حادثة كانت هنالك كاميرا، وهذا ليس سراً فقد سبق ونشرته الصحافة الألمانية. هذه أمثلة متعددة لتوصيات هذه اللجان وأيضاً الهيمنة على صالات السينما بالعالم والهيمنة على الميديا.

كانت أفلام قاسم حول الأخيرة جميعها روائية، فيلم "المغني"، "بغداد خارج بغداد"، "بيوت في ذلك الزقاق"، فهل هذا يعني أن هذا قرار لديه للانتقال من التسجيلي للروائي؟

يجيب: بالتأكيد لا، أنا عاشق للفيلم التسجيلي ولازلت أحلم بفيلم تسجيلي عن بلدي، لكنني الأن أبلغ من العمر 77 عاماً، وعندي حلم لفكرة أردت تحويلها لفيلم روائي واقعي بطريقة أداء تقترب من التسجيلية. انتهيت من كتابة السيناريو وعنوان الفيلم "العودة إلى الجنة"، والأن سأبدأ بالبحث عن تمويل له لأختم به مسيرتي بطريقة جيدة، ولكن لو تتاح لي الأن فكرة فيلم تسجيلي وتتاح لي فرصة إنتاجه كما أريد سأعود للسينما التسجيلية التي هي باعتقادي أداة تعبير هامة عن الواقع، إذا عرف المخرج كيف يستثمر لغة التعبير السينمائي التسجيلية والبناء التسجيلي أو الدرامي وطريقة استخدام الكاميرا، وأنا شخصياً تطور فهمي للفيلم التسجيلي لكن مشكلته أن إيجاد تمويل له صعب إلا من خلال القنوات التلفزيونية التي تُخضع المخرج لشروط العمل التلفزيوني.

السينما التسجيلية والفيلم التلفزيوني التسجيلي

يعتقد قاسم حول أن الفيلم التسجيلي التلفزيوني قد سرق الفيلم التسجيلي السينمائي وقيمته وتأثيره على المتلقي، ويكاد يكون الفيلم التسجيلي قد اختفى عربياً إلا ما ندر، بسبب هيمنة القنوات التلفزيونية على إنتاجه مثل ناشيونال جيوغرافيك، والجزيرة الوثائقية، وغيرها.

ويضيف: في الخمسينيات من القرن الماضي كانت هنالك صالات سينما للأفلام التسجيلية تلاشت مع ظهور الفيلم التلفزيوني، ويعتقد أيضاً أن الفيلم التلفزيوني لا يتوغل عميقاً بالواقع، وعلى مستوى الشكل تحول إلى الطابع الريبورتاجي، فكثير من الأفلام التسجيلية العربية تعتمد على فكرة الربورتاج في داخل الفيلم. كذلك فإن الفيلم التسجيلي السينمائي حرّ في اختيار اللقطات والعدسات المختلفة التي لا تخضع للشروط التلفزيونية، بمعنى أن اللقطات البعيدة تفقد عمقها عندما تعرض على التلفزيون لذلك يعتمدون أكثر على اللقطات المتوسطة والقريبة ويجري تقطيعها تلفزيونيا كما لو كان هنالك أكثر من كاميرا. 

وصفت أفلام قاسم حول الروائية مثل فيلم "المغني" بأنها أفلام روائية بطابع تسجيلي، أي يعيد إنتاج قصص حقيقية، في سؤاله عن دقّة ذلك قال حول: أولا المخرج الذي يذهب إلى الواقع ليحقق سينما تسجيلية (حقيقية) سيحب الواقع ويحب السينما، هذا التأثير سيؤدي به إلى أن يذهب إلى سينما روائية صادقة أكثر اقتراباً من الحدث الحقيقي أو الرواية الحقيقية. وأنا كون بداياتي كانت أكثر تسجيلية، فقد أنعكس ذلك لاحقاً على تجربتي الروائية بقصد مني أو بدون قصد.

في فيلم المغني الذي استندت قصته لحادثة حقيقية لم توثق، تحمل رغم واقعيتها الكثير من الفنتازيا أيضاً، حيث هذا الديكتاتور المعتوه الذي يعاقب مغنياً بسبب تأخره عن الوصول للحفلة ليغني في عيد ميلاده بأن يأمره بالغناء ووجه للحائط، هذه الرعونة في عقلية الديكتاتور بدت وكأنها فنتازيا، وأنا لم أسمّه بالاسم ولا حتى يشبه دكتاتور العراق في شكله، حتى تلك المرأة التي اغتصبها الديكتاتور في تلك الليلة، التقيت بها بالحقيقة وكانت قد حصلت هي وأمها على سفرة إلى إيطاليا حيث التقيتها، وهي من أخبرتني بعض تفاصيل الحكاية.

ويختم قاسم حواره بقوله: سألت يوماً المخرج الإيطالي "بيير باولو بازوليني": لمن تصنع أفلامك؟. قال: أعمل أفلامي لمشاهد إسمه "بازوليني" .. اليوم أنا أقول أن أفلامي جميلة ومن يشاهدها ينبغي أن يكون جميلاً!

من فيلم الأهوار لقاسم حول . 1976

​من فيلم بغداد خارج بغداد لقاسم حول . 2015

أثناء أخراج فيلم المغني

 قاسم حول أثناء إلقاء كلمة لجنة تحكيم مهرجان مالمو للسينما العربية