عن محاولات جمع وتوثيق الأرشيف الفلسطيني

أرشيفنا المسروق والضائع في الأرشيفات العالمية

2017-07-22 11:00:00

أرشيفنا المسروق والضائع في الأرشيفات العالمية
Akram Zaatari, courtesy Hashem el Madani and Arab Image Foundation, Beirut ©

فما حصل وما فعلته "إسرائيل" ليس بحثاً ولا توثيقاً للأرشيف الفلسطيني، بل كما تُعده رونا سيلا بحسب مقالة هآرتس، هو "اختراق هام فيما يتعلق بتأريخ التاريخ الفلسطيني" إذ أن العديد من المواد فُقدت أو دمرت أو نهبت واعتبرت غنائم حرب. والمادة التي عثر عليها تمثل صوراً من تاريخ الشعب الفلسطيني وعلاقاته طويلة الأمد بالأرض والمكان، وهو ما يقدم بديلاً للرواية الصهيونية التي تنفي وجود الفلسطينيين

تنبه الفلسطينيون بوقتٍ مبكرٍ مع انطلاق الثورة الفلسطينية إلى أهمية توظيف الثقافة والفنون والسينما في معركتهم لأجل مزيد من الشرعية لقضيتهم، وكثيراً ما نقرأ أو نسمع عن كيف كانت هذه الثورة غنية بالإنتاج البصري بهدف توثيق مراحل القضية والثورة، فلاحقت حكايات اللاجئين والفدائيين وتاريخ فلسطين. ضمن معركة تخوضها مع الاحتلال لحفظ الهوية وصيانة الذاكرة، هذه الذاكرة التي سعت "إسرائيل" إلى محوها منذ النكبة، حين نهبت عشرات الآلاف من الكتب وأرشيف الصحف والمجلات والسجلات المدنية، بالإضافة إلى أي نتاج بصري سينمائي وفوتوغرافي، ومواد صوتية للإذاعات الفلسطينية التي كانت آنذاك.

وقد يبدو الحديث مكرراً عن أهمية الأرشيف الفلسطيني المسروق، أو المشتت في بقاع الأرض، حاله حال اللاجئين، وضرورة جمعه واستعادته، وبنفس الوقت سيكون من الإجحاف انكارنا للمحاولات على مستويات عديدة أغلبها فرديا، لملاحقة هذه الأرشيف وتتبعه والحصول على ما يُمكن منه، ومنها على سبيل المثال إعادة إحياء "جماعة السينما الفلسطينية" عام 2004 من قبل المخرج الراحل مصطفى أبو علي وهو أحد المؤسسين لسينما الثورة، وكانت تهدف الجماعة إلى إنشاء صندوق للسينما وتأسيس وحفظ الأرشيف السينمائي الفلسطيني، بينما لا تزال زوجته المخرجة خديجة حباشنة تعمل على مشروع ترميم وحفظ الأفلام الفلسطينية القديمة.

وكذلك مبادرة الكاتب والناقد الفلسطيني الذي رحل عنا مؤخراً، بشار إبراهيم، الفردية والأبرز، في جمع وأرشفة ما وصل إليه من الأفلام الفلسطينية القديمة والحديثة، وتأليفه عدة كتب مهمة حول الموضوع ومنها "السينما الفلسطينية في القرن العشرين" و"فلسطين في السينما العربية"، وكانت وزارة الثقافة الفلسطينية قد قررت اعتبار العام 2005 عام السينما الفلسطينية بمناسبة مرور 70 عاما على تصوير أول فيلم فلسطيني، ومن ضمن الأنشطة  المقررة آنذاك إعادة طبع كتاب بشار إبراهيم عن "السينما الفلسطينية" وتأسيس مهرجان دولي للأفلام في فلسطين، لكن لم يُكتب لهذا المشروع أن يرى النور ولم تتم حتى إعادة طبع الكتاب.. الأمر الذي علق عليه المخرج صبحي الزبيدي بمقالة بعنوان "2005 لا عام السينما ولا ما يحزنون".

مشروع أفلام فلسطين:

في إسطنبول قبل حوالي عامين، أعلن منتدى فلسطين الدولي للإعلام والاتصال عن تأسيس "مركز الفيلم الفلسطيني"- أو مشروع "أفلام فلسطين"، لكن للأسف يسير العمل فيه ببطء شديد، وكوني أعمل فيه متطوعاً، فأستطيع ملاحظة أن هناك العديد من الصعوبات التي تشوب التواصل مع المعنيين وجمع نُسخ من الأفلام والحصول على حقوق عرضها على الموقع الإلكتروني للمركز، عدا عن قلة عدد العاملين عليه وعدم تفرغنا له، على الرغم من جمعنا لبيانات مئات الأفلام، وكانت المساهمة الأكبر فيها من قبل الراحل بشار إبراهيم الذي لم يبخل علينا بأية مساعدة.

ومن المبادرات لجمع الأرشيف الأخرى التي سطع اسمها مؤخرا هي "خزائن" وقد أسسها عام 2016 الباحث فادي عاصلة، وعرّفها مؤسسها بأنها "مبادرة تطوعية هدفها بناء منظومة مشاريع معرفية تغذّي بعضها بعضاً، وتطمح لأن تكون بعد سنين مورداً للباحثين، كما تشكل أرشيفا لتوثيق النشاط الإنساني العربي في شتى العواصم مع الاهتمام بالإنتاج الفلسطيني خاصة" وقد نجحت المبادرة في جمع العديد من المواد عن فلسطين، وأيضاً مواد أرشيفية "إسرائيلية" حول القرى الفلسطينية وغيرها. كما نجح الباحث أحمد مروات في الحصول على العديد من الصور الفوتوغرافية التي كان الجيش "الإسرائيلي" قد استولى عليها، بالإضافة إلى أرشيف صوتي لإذاعة "هنا القدس" والتي تأسست عام 1936.

ومن المفارقات في موضوع الأرشيف الفلسطيني التي قد لا تعُجبنا، هي محاولات "إسرائيلية" تُنبهنا لأهمية هذا الأرشيف، وتسلط الضوء على كيفية قيام "إسرائيل" بالاستيلاء عليه خصوصاً خلال النكبة عام 1948 واجتياح بيروت عام 1982، فلاحقت هذه المحاولات أرشيفنا الذي تم اخفاؤه، وعملت سلطات الاحتلال على تجيير الكثير منه لصالحها.

وربما كانت مقالة صحيفة هآرتس، لعوفر عوديت والمنشورة في الأول من هذا الشهر، بعنوان "لماذا دُفنت صور وأفلام فلسطينية لا تُحصى في الأرشيفات الإسرائيلية"، والتي قامت مجلة رُمان بترجمتها، صادمة لما تضمنته من معلومات عن كمية الأرشيف الفلسطيني في مستوعبات جيش الاحتلال، فهذه المقالة التي تتحدث عن جهود ممتدة لسنوات عديدة للباحثة الإسرائيلية رونا سيلا (أمينة المتحف والباحثة في التاريخ البصري في جامعة تل أبيب) تشير إلى وجود 38 ألف فيلم (بكرة)، و2.7 مليون صورة، و96 ألف تسجيل صوتي، و46 ألف خريطة وصور جوية تم جمعها منذ عام 1948، والتي تمثل غنائم حرب تم الاستيلاء عليها، أبرزها ما تم نهبه من بيروت عام 1982، وقد وثقت سيلا تجربتها مع الأرشيف في فيلم بعنوان  «المنهوب والمخفي»، ولم يكن هو الفيلم "الإسرائيلي" الأول عن الأرشيف الفلسطيني المنهوب، فقبلها وفي عام 2012 عرضت الجزيرة الإنجليزية فيلماً للمخرج الهولندي "الإسرائيلي" بني برونير بعنوان "أعظم سرقات الكتب" مستنداً على أطروحة دكتوراه للباحث د. غيش عميت من جامعة بئر السبع، حول سرقة "إسرائيل" لعشرات الآلاف من الكتب في فلسطين -30 ألف كتاب من القدس وحدها- وكيف أن هذه السرقة كانت تتم بشكل ممنهج ومنظم برعاية الجيش الإسرائيلي وبمساعدة أمناء ما يعرف بالمكتبة الوطنية الإسرائيلية في القدس بالإضافة إلى الجامعة العبرية ومن المكتبات التي نُهبت محتوياتها (مكتبة محمد إسعاف، النشاشيبي، المكتبة الخاصة لخليل السكاكيني، مكتبة المدرسة العمرية).. ربما لم يأت الفيلم بجديد على المستوى العام للحكاية الفلسطينية المتناقلة حول سرقة هذه الكتب، ولكنه أتى بتفاصيل وبمقابلات لشهود من الفلسطينيين و"الإسرائيليين" حول ما جرى، وكيف تم التعامل مع هذه الكتب وتصنيفها.

والفيلم في حينه كان قد استضاف رونا سيلا، والتي أشارت إلى أن الأرشيف الإسرائيلي يحتوي على كنز من المواد الفلسطينية، وقد تحدثت بالفيلم عن انزعاجها من غياب تاريخ عائلتها البصري، والذي يبدأ عام 1948 لوالديها الذين نجا من المحرقة، فليس لديها سوى صورتين لأجدادها، وهذا يضايقها لأنه ليس هناك ماض ولا تاريخ.. وتتساءل خلال الفيلم عن الفراغ التاريخي فيما لو كان على نطاق وطني أوسع. 

قد يتساءل البعض أو يظنون بأن "إسرائيل" كانت كريمة معنا لأنها أنقذت -بحسب وصفهم- جزءاً كبيراً من أرشيفنا ولم تتلفه، لكن كما يقول الكاتب الفلسطيني علاء حليحل في الفيلم "أعيدوا لنا كتبنا، لا يمكن أن تزدهر أي نظرة إنسانية ثقافية عندما تأخذون الكتب وتدعون أنكم تنقذونها، وبعد ذلك تصرون على الاحتفاظ بها بينما يطالب بها الورثة.. هذه ليست نظرة إنسانية ولا ثقافية إنها عملية محو للهوية وقمع لما حدث عام 1948"،

فما حصل وما فعلته "إسرائيل" ليس بحثاً ولا توثيقاً للأرشيف الفلسطيني، بل كما تُعده رونا سيلا بحسب مقالة هآرتس، هو "اختراق هام فيما يتعلق بتأريخ التاريخ الفلسطيني" إذ أن العديد من المواد فُقدت أو دمرت أو نهبت واعتبرت غنائم حرب. والمادة التي عثر عليها تمثل صوراً من تاريخ الشعب الفلسطيني وعلاقاته طويلة الأمد بالأرض والمكان، وهو ما يقدم بديلاً للرواية الصهيونية التي تنفي وجود الفلسطينيين.

بحسب المقالة يقول المتحدث باسم الجيش "الإسرائيلي": إن الأرشيف يحتوي على 642 فيلماً كغنائم حرب.. يتناول معظمها اللاجئين، وقد أنتجتها الأونروا في الستينات والسبعينات، وأشار أيضاً إلى 158 فيلماً استولت عليها "إسرائيل" في حرب لبنان عام 1982، وهي مدرجة بشكل منظم في فهرس غرفة القراءة. ويضيف بأنه: ليس هناك سجل منظم، وهناك 127 ملفاً للصور الفوتوغرافية والنيجاتيف في الأرشيف.. التقطت بين فترة الستينات والسبعينات، تشمل مجموعة متنوعة من المواضيع. 

وتجدر الإشارة إلى أن هناك أفلاماً فلسطينية تتبعت أرشيفنا ومنها «خارج الإطار» - 2017 ، للمخرج مهند اليعقوبي، وعرض فيه مشاهد ومقاطع عديدة من أعمال سينمائية مختلفة جمعها بعد بحث في العديد من الأرشيفات الشخصية والمؤسساتية، ومنها ما يُعرض لأول مرة.

وأيضاً فيلم «ملوك وكومبارس» - 2004، الذي تتبع فيه مخرجته عزّة الحسن مصير أفلام سينما الثورة الفلسطينية واستعرضت الروايات حول اختفاء هذه الأفلام وأين قد يكون مآلها. وفي مقابلته مع الكاتب والمخرج الفلسطيني مهند صلاحات يذكر المخرج العراقي قاسم حول، أحد مؤسسي سينما الثورة الفلسطينية، ومخرج «عائد إلى حيفا» بأنه: بعد عام 1982 وخروج المقاومة الفلسطينية من بيروت، تم في دمشق إنتاج فيلم «الهوية الفلسطينية» والذي يتحدث عن سرقة الوثائق الفلسطينية بهدف إلغاء الهوية والذاكرة الفلسطينية، وكيف سُرقت الوثائق من مركز الأبحاث والدراسات الفلسطينية، مؤسسة غسان كنفاني، أرشيف مجلة فلسطين الثورة مجلة شؤون فلسطينية، ومجلة الهدف.

نحن اليوم نجد أنفسنا أمام روايات متعددة حول مصير الأرشيف الفلسطيني بشكل عام، وإن كُشف مصير بعضه إلا أن هناك قسماً كبيراً ما يزال مفقوداً، ولعل من أبرزه أرشيف مركز الأبحاث الفلسطيني الذي تأسس عام ١٩٦٥ واستهدفته "إسرائيل" مرات كثيرة سواءً بالقصف أو بمحاولة اغتيال رئيسه المفكر أنيس صايغ عام ١٩٧٢، إذ يوجد هذا الأرشيف، بحسب الرواية السائدة، في الجزائر. وكان الجيش "الإسرائيلي" قد استولى عليه عام ١٩٨٢ قبل أن يتم إرجاع ١١٣ صندوقاً خشبياً، تضم العديد من محتويات مكتبة المركز، في عملية تبادل للأسرى عام ١٩٨٣، وهذا الأرشيف ما يزال منسياً ولم تتابعه الجهات الفلسطينية المعنية بالشكل المطلوب، بحسب مقالة الكاتب صقر أبو فخر في صحيفة العربي الجديد - نوفمبر 2016 "نكبة ذاكرة بقايا مركز الأبحاث الفلسطيني في الصحراء الجزائرية" 

ومكتبة المركز كما يقول أبو فخر في مقالته كانت تضم خمسة آلاف كتاب بالعربية، وثلاثة آلاف كتاب بالعبرية، واثني عشر ألف كتاب بالإنجليزية عدا عن الدوريات الشهرية والفصلية والوثائق والمخطوطات والأشرطة الصوتية، بالإضافة إلى أوراق مجموعة وثائق حكومة عموم فلسطين، وثائق جيش الإنقاذ، آلاف البيانات التي صدرت عن منظمة التحرير وعن الفصائل المختلفة ومئات الكتب النادرة عن الآثار في فلسطين وغيرها الكثير.

في عام ٢٠٠٨ في مهرجان الشرق الأوسط الثاني في أبو ظبي (والذي صار اليوم مهرجان أبو ظبي السينمائي)، وفي حدث غير مسبوق آنذاك، تم الإعلان عن جمع وعرض مجموعة من الأفلام الفلسطينية لمخرجين عالميين يعود تاريخ إنتاج بعضها إلى السبعينات والثمانينات ضمن برنامج بعنوان "٦٠ سنة على تقسيم فلسطين" ومن بينها ثلاثية المخرج الهولندي جورج سلويزر «أرض الآباء» و«سبب للذهاب»، و«وداعاً بيروت» أخرجها بين الأعوام ١٩٧٤-١٩٨.. ونفس المخرج كان قد أكمل سلسلته بفيلم رابع تم إنتاجه عام ٢٠١٠ وكان عنوانه «عائلة من الأرض - وطن» وفي هذه الرباعية تتبع، طوال تلك السنوات، قصة عائلتين فلسطينيتين، كما عُرض فيلم «كل شعب مضطهد له الحق» -تم إنتاجه عام ١٩٧٥- للمخرج الدانمركي نيلز فيست.  وبحسب الناقد الراحل بشار إبراهيم فإن ١٠ أفلام من التي عُرضت في المهرجان تم استقدامها من الأرشيف السينمائي الوطني الفلسطيني الموضوع في عهدة الأرشيف الألماني الاتحادي.

وهنالك كذلك الفيلم الوثائقي «تل الزعتر» لمصطفى أبو علي والإيطالي بينو أدريانو واللبناني جان شمعون، والذي يوثق لمجزرة تل الزعتر عام 1976، وقد تم الحصول عليه من مستودعات شركة إيطالية في روما ومن ثم ترميمه بفضل الفنانة والمخرجة الفلسطينية إميلي جاسر والمخرجة الألمانية مونيكا ماورر والتي عملت سابقا مع وحدة أفلام فلسطين التابعة لمنظمة التحرير وأخرجت عدة أفلام عن فلسطين، وحاليا تعمل على فيلمها "تصوير الثورة Shooting Revolution"، ورقمنة ما يقارب من 100 ساعة تم تصويرها خلال الثورة الفلسطينية.

نحن أمام نتاج ضخم حتى لغير الفلسطينيين، وكما هي المحاولات السابقة في تتبع من عاصروا أو عايشوا مراحل مختلفة من التاريخ الفلسطيني بل وعملوا على توثيقه، لا بد من عمل منظم يحصرهم لمقابلتهم، في محاولة لجمع وأرشفة ما بين أيديهم من أية مواد.

ودائماً ما كنت أتساءل لماذا لم نسعَ مثلا لمقابلة المخرج الفرنسي الكبير جان لوك غودار والذي أخرج فيلمين عن فلسطين هما «حتى النصر» عام ١٩٧٠ عن بدايات الثورة الفلسطينية، وفيلم «هنا وهناك» عام ١٩٧٤، وفيه عاد إلى فيلمه الأول ليرصد التطورات التي جرت بين عامي ١٩٧٠و١٩٧٤ من خلال المقارنة بين عائلة فرنسية تعيش حياتها اليومية وبين الشعب الفلسطيني الذي يناضل في سبيل تحرير بلده.
 لماذا لم نوثق تجربته آنذاك كما يجب؟ بل ونسأله عن مصير المواد الخام لأفلامه.. ليس نتاج غودار وحده بل نتاج مئات المصورين والمخرجين والصحفيين والفنانين والكتاب..

وختاما لن أنسى ما حييت أشرطة "الريل" المهملة التي شاهدتها بأم عيني عام ٢٠٠٧، أثناء عملي على فيلمي عن فرقة العاشقين، في دائرة الإعلام والثقافة في ساحة الشهبندر بدمشق ولا أشرطة "اليوماتيك" لحفلات الفرقة، وكيف كان الغبار يملأ المكان، ولكن كان الأمر أكثر مدعاة للتفاؤل حينما قابلت في العام ٢٠١١ الكاتب الأردني نزيه أبو نضال والذي كان فدائياً في فتح، حينما كنت أعمل على فيلمي «فدائي سابقاً»، وأخبرني باحتفاظه بأعداد كثيرة من صحف ومجلات كانت تصدر إبان الثورة الفلسطينية وقد جمعت وحُفظت في عشرات المجلدات، وكذلك الأمر عندما قابلت الفنانة التشكيلية تمام الأكحل ٢٠٠٨ ، في فيلمي «ما زلنا معاً» والذي أخرجته عنها وعن زوجها الفنان الراحل إسماعيل شموط وكيف كانت تحتفظ بكل نسخ الصحف التي كتبت عنها وعن زوجها ومنذ عام ١٩٥٥، بل وما تزال تحتفظ بشريط زفافهما عام ١٩٥٩، وأيضاً فيديوهات لمعارض أقيمت لهما ومنها أحد المعارض في عام ١٩٦٤ في الولايات المتحدة.

وقبل عدة أشهر رفعت قناة على اليوتيوب تُسمى Palestinian Cinema Archive عدة أفلام فلسطينية قديمة منها: «ليس لهم وجود» عام 1974 لمصطفى أبو علي، و «وطن الأسلاك الشائكة» عام 1980 للمخرج العراقي قيس الزبيدي، و«لأن الجذور لن تموت» عام 1976 للمخرجة اللبنانية نبيهة لطفي، وطبعاً على اليوتيوب الكثير من المقاطع والتسجيلات والأفلام الموزعة بين العديد من القنوات.

المحاولات السابق ذكرها تدل على جهد لا بأس به، وإن كان في معظمه جهد أفراد إلا أننا ما زلنا نأمل بوجود مبادرة تجمع كافة الأطراف على اختلاف توجهاتهم وانتماءاتهم الفصائلية لحفظ وتوثيق قضيتنا وذاكرتنا الجمعية.