نُشرت في مجلة "الآداب"، العدد رقم 6، 1 يونيو 1960

النبع الحالم.. وحزن الهزيمة!

2017-07-22 15:00:00

النبع الحالم.. وحزن الهزيمة!

ولكن إذا كان العمل الفني هو، وقبل كل شيء، تأثراً ذاتياً أو لا، فإن عمل الناقد غير المحترف هو فهم الديوان من ناحية تأثر ذاتي، أيضاً... بل أن خلع نفسه عن هذا التأثر من الصعوبة بمكان كبير، ولقد وصلت القضية بعد هذا كله إلى ما يلي: أن تكون معظم قصائد الديوان على فلسطين وعن الهزيمة.. وأن يكون الناقد -غير المحترف- من فلسطين ومن الهزيمة أيضاً.. فهل من سبيل إلى اختيار وسيلة أخرى لدراسة ديوان "العودة من النبع الحالم"..

في تقاليد إسبارطة أن يقدم الناس طفلاً يذبحه قائد إسبارطي خارج المدينة كي يكون هذا الطفل فداءً بطولياً لكل شعبه.. وفي سنة ما حمل الإسبرطي القائد طفلاً إلى خارج المدينة من أجل أن يقدم دمه شراباً لكبرياء الآلهة التي خذلها إنسانها فصارت تحاربه، وحينما التقى الطفل فوق العشب واستل سيفه المسطح إلتقت عيناه بعيني الطفل فإذا به يحدق إليه ويبتسم، وهكذا جمد السيف في يد الإسبارطي الخشن، وامتصته الإبتسامة الصافية، وبدأت تنمو حاسة حزن عميق إلى جانب حاسة التضحية البطولية التي آمن بها طوال سنوات من حياة إسبارطة الأم.. في لحظة واحدة وُجد الإنسان الحقيقي من إلتقاء هاتين الحاستين: الإيمان بالتضحية، والحزن من أجلها.

"العودة من النبع الحالم" هو هذه القصة بالذات.. ليس طفرة حماس سطحية، ولكنه فهم إنساني، عميق وحزين وشجاع، لذلك فإن إعطاء المقاييس العادية للديوان خطأ محض.. وعملية دراسية يجب أن تتم كما تمت عملية تكوينه: انفتاح غير محدود على الإنسان في قوته وضعفه، في إيمانه وجحوده، وفي كل لحظة يتعرض لها إحساس هذا الإنسان الذي لا يستطيع أن يكون فوق المنبر كل لحظات حياته، ولا بد له من أن يعيش مع الناس.. ويفهم كيف يعيشون.. وهكذا فإن اختياري لهذا الخط في دراسة ديوان "العودة من النبع الحالم" -الخط الذي تعبر عنه القصة الإسبارطية تعبيراً كافياً- ليس صدفة... وأعتقد أن تجاهل المستوى السلبي في نفسية الانسان -إذا اعتبرنا الحزن سلبياً- ليس سوى عملية تشويه للمستوى الإيجابي في نفسيته، بل ربما لتكوينه البشري الصحيح. فالمطلوب من الشاعر اليوم ألا يكون متحمساً بقدر ما يكون صادقاً.

الإحاطة بديوان "العودة من النبع الحالم" للشاعرة سلمى الخضراء الجيوسي إحاطة كاملة تكاد تكون أمراً متعذراً، فهناك كثير من القضايا تطرح نفسها في البحث كقضايا أساسية، فمن حيث الأداء تطرح قضية الشعر الحديث نفسها أولاً، وللشاعرة سلمى رأيها في الموضوع والذي عبرت عنه في كثير من مقالاتها النقدية والذي لا مجال لبحثه هنا، ولكن الإشارة إلى أن اللحن الشعري في قصيدتي "المدينة والفجر" و"الشهيد المهجور" يعتبر أحسن برهان على كفاءة الشعر الحديث الموسيقية وقدرته التعبيرية اللامحدودة، إشارة ضرورية. كما أن إدخال النفس الشعبي خلال سياق القصيدة، والواضح في "منذرون" و"أذرع الكتان" يحتاج لمقال خاص يبرز استيعاب الشاعرة لقضية الشعر ولقضايا الناس معاً، ففي هاتين القصيدتين بصورة خاصة تستعير الشاعرة كلمات الأسى من الشارع نفسه، وهي لا تقدم في المرتبة حزناً ملوناً بالبلاغة، ولكن حزناً نما خلال زمن طويل في عظام الناس، وأصبحت له تقاليده وكلماته الخاصة.

إن البدء في الحديث عن "العودة من النبع الحالم" من هذه الزوايا سوف يجرنا بعيداً عما  قصدنا إليه، ورغم ذلك فنحن لن نستطيع أن نمر بالحركة الرائعة -أو المريعة- في قصيدة "تحت جناح حرب ذرية" دون توقف، فالشاعرة تنقل اللحظة بحيوية عنيفة وقاسية، وهي تضع القارئ أمام دوامة الفناء المفاجئ وجهاً لوجه، وهذا العمل يقدم للشعر الحديث مؤهلاّ جديداً.

ولو كان الخط الرئيسي لشعر سلمى شيئاً غير الذي أشرنا إليه (الرغبة في التضحية والحزن من أجلها) لو لم يكن هذا، لكان القلق الذي تعيشه الشاعرة مع كل طليعة القرن.. ولكان البحث عن خلاص من هذا القلق، وطمأنينة لهذا الخوف.. إلا أن هذا القلق -رغم كل شيء- يشكل جانباً رئيسياً من جوانب الخلفية التي تصدر عنها شاعرية سلمى، وهو موجود بصورة واضحة في كثير من قصائد الديوان.

أما الشيء الجدير بالإشارة إليه حول هذا الموقف القلق هو قدرة الشاعرة على إلباسه للجميع ببراعة.. بل، والبحث به من وجهات نظر مختلفة واحياناً من وجهات نظر متناقضة -لو أجزنا لأنفسنا التعبير- وهذا يبرز في قصيدتي "أنا والراهب" و "الصامدون"، أما في "بلا جذور" فالجميع قلق.. ولكلّ قلقه الخاص وطريقته في التعبير عنه.

لسوف نعترف مرة أخرى بأن الحديث عن "العودة من النبع الحالم" من هذه الزوايا سوف يجرنا بعيداً عما قصدنا إليه، ولقد قصدنا إلى دراسة الديوان من خلال الهزيمة التي تحسها صاحبته بوضوح وعنف.. وقد يكون النظر إلى الديوان من هذه الزاوية فقط عملاً ضيقاً لا مبرر له.. بل وقد يكون ظلماً للديوان.. ولكن إذا كان العمل الفني هو، وقبل كل شيء، تأثراً ذاتياً أو لا، فإن عمل الناقد غير المحترف هو فهم الديوان من ناحية تأثر ذاتي، أيضاً... بل أن خلع نفسه عن هذا التأثر من الصعوبة بمكان كبير، ولقد وصلت القضية بعد هذا كله إلى ما يلي: أن تكون معظم قصائد الديوان على فلسطين وعن الهزيمة.. وأن يكون الناقد -غير المحترف- من فلسطين ومن الهزيمة أيضاً.. فهل من سبيل إلى اختيار وسيلة أخرى لدراسة ديوان "العودة من النبع الحالم".. 

يتلخص الديوان في الجملتين اللتين وقعتا في آخر القصة الإسبارطية: الإيمان بضرورة التضحية.. والحزن من أجلها.. والإنسان الجدير بهاتين الحاستين مما هو النمط الذي تمثله الشاعرة سلمى الخضراء الجيوسي: هو الإنسان الذي فقد أرضه وقدره معاً، والذي جرته المركبة إلى خارجها وصاحت في وجهه: أنت لاجئ! هو الإنسان الذي يدرك تماماً كم هو في حاجة للتضحية الكبيرة، ولكنه أيضاً الإنسان الذي تعلم كيف يحزن بعمق وبإنسانية، لذلك فهو حينما يقدم هذه التضحية لا يفعل خلال نشوة لحظة حماس سطحية، لحظة حماس تصل إلى الكف لتجعله يصفق لا إلى القلب لتجعله يحس.. بل أنه يقدم فداءه الكبير وهو يعرف تماماً أنه سوف يحزن من أجله، وأن أعماقه الإنسانية سوف تبكي بنفس القدر الذي ستفرح به للنصر..

وهكذا فإن معنى التضحية يصل إلى مستوى يختلف تماماً عما عرفناه، يصل إلى مستوى الاقتناع الوجداني العميق الجدير بإنسان يحمل عبء قضية الجيل: 

أنا أدري أنهم ماتوا "ليحيا الوطن"

وطن القتلى، وحقل الدم هذا الوطن

أنا أدري أنها "الحرية الحمراء" هذا الثمن

الرائع، المغموس بالآهات، هذا الثمن

أنا أدري! إنما الحزن بأعماق فؤادي ليس يدري

أنا أبكي كل عين فقدت ضوء الحياة

كل روح سال من بين الشفاه! (١)

إن المعاني المتداولة التي تطفو فوق المفهوم الحقيقي للتضحية تقف عارية هنا، بكل ما في طاقتها أن تتعرى، لتكشف عن أعماقها الخاصة، حينما ننشد كل صباح "نموت ليحيا الوطن" نمر مرور العابر بالثمن العظيم الذي تستلزمه هذه الحياة، ولكن "حياة الوطن" هنا تكشف عن نفسها بقسوة وعظمة، وتأخذ مكانها الملائم في الجرح الإنساني العميق، إنها تترجم الفهم الحقيقي للتضحية، التي تستلزم الإقتناع الحزين، ولكن الضروري:

هكذا ماتوا.. ويمضي غيرهم نحو المصير

قدر محتومة رؤياه يا جيل العطاء! 

رعشة محمومة تجتاح قلبي وتثير

دمعة الحزن بعيني.. وومض الكبرياء.. (٢)

إلا أن قصة الشعر عند الشاعرة سلمى ليست هنا فحسب، بل قد تكون القصائد التي يحملها (العودة من النبع الحالم) مجرد جزء من القصة كلها.. القصة التي بدأت منذ انزرع أول مسمار في جسد القضية، والتي لم تنتبه إلى هذا اليوم.. والحقيقة أنّ تصنيف شعر سلمى حسب الزمن ليس عملاً سهلاً وفي نفس الوقت ليس عملاً هاماً بل إنه لا يقل صعوبة عن تقسيم القضية ذاتها إلى مراحل.. إلا أن الشيء البارز في الموضوع أن الشاعرة كانت شاهدة في القضية، وكفنانة نستطيع أن نقول إنها كانت تجربتها الأساسية، ولو حاولنا الآن أن نضع الأسس الثلاثة لملامح الشعر عندها فنحن لا نقصد إلى أي تقسيم زمني أو موضوعي، ولكننا نقصد إلى إبراز هذه الملامح والتي ربما كانت موجودة في القصيدة الواحدة وجنباً إلى جنب.. فالشاعرة:

١- عاشت الحياة العادية مع الناس العاديين في فلسطين قبل النكبة..

٢- وعاشت سنوات الضمير المعذب والشعور بالذنب والفترة التي اصطلح المناضلون على تسميتها بفترة العويل.

٣- وعاشت في لحظات الانبعاث الجديدة التي وزعت في نفسيتها الشعور بالمسؤولية والرسالة..

وتكوّن -من كل هذا- الموقف الذي نستطيع أن ندرس شعر سلمى كله تحت خطه العريض، والذي نسميه: تقديم التضحية مع معرفة مقدار الحزن الحقيقي الجدير بها.. ولسوف يبقى هذا الخط واضحاً في كل القصائد بصورة لا تدعو إلى التحيّر.

وهكذا فإن نظرية الناقد "ادموند ولسون" موجودة هنا -ولكن بصورة عجيبة- نظرية القوس والجرح كما أراد أن يسميها، وإذا كان القوس (أي القدرة على العطاء) سبّب النكبة التي مرّت بها الشاعرة، فمن الغريب أن يكون الجرح (أي الضعف) هو نفس القوس هذا، فالشاعرة نتاج للنكبة، أو -فلنقلها كما تريدها هي- نتاج للهزيمة.. وهذه هي نقطة ضعفها الأساسية، عقدتها النفسية الخاصة (الجرح في رأي نظرية ولسون) كونها تعيش بين جدران هذه الهزيمة بالجدارة التي تليق بحساسية فنان مسؤول.. وأدّى هذا الجرح بالذات إلى أن يكون عطاؤها (القوس في نظرية ولسون) مجرّد نتاج لشعورها بالذنب، بالجرح، وبالمسؤولية.

تبدو القضية متشابكة -وهي كذلك فعلاً، وهذا هو السبب في كون (العطاء والضعف) موجودين في معظم قصائد سلمى، وجنباً إلى جنب:

نحن من جيل اليتامى.. نحن من جيل القلوب الضائعة..

أمنا قد كونتنا من جحيم الأمس، من لوعته..

من تباريح قرون هاجعة.

فإذا ما ولدتنا فوق جفن الفجر، في روعته، 

وتفتحنا وقد أعشى مآقينا السنا...

نحن لم نغتر.. لم نهتف هي الدنيا لنا..

حلوة، غراء، نشوى، رائعة..

بل عرفنا حظنا..

ورمينا العمر في ميعته

بين فكي الحياة الجائعة (٣)

-١-

الواقع أن كل شيء كان يبدو عادياً في فلسطين، وكانت الشاعرة تعيش على شفا الهزيمة دون أن تحس ذلك جليّاً -كالجميع- وهذا هو السبب في أن اللطمة أنتجت عويلاً لا تنظيماً، مجرد تصور كيف كانت تجري الحياة بهدوء وكيف هي الآن بالنسبة للاجئ يلقي الظلال على الصورة ويجعلها تبدو كئيبة باكية:

... وفريق يزرع الخيرات فيها، وفريق 

يقطف الخيرات والأزهار منها والأغاني

كان بعض منهم يحتال في جني ألمها..

... بقوى الإنسان.. كانوا بشراً كالآخرين

بشراً في ضعفهم، في عزمهم، في مبتغاهم

في أفانين الأماني.. وتباريح الحنين.. (٤)

إن الأبيات هذه تلتقي القضية التي ألقاها (جورج أورول) بسؤاله في قصته «1984»: "إننا نعرف كيف ولكنا لا نعرف لماذا؟" تلقي هذه القضية بصورة أشد عنفاً وإنسانية: "كانوا بشراً كالآخرين.." وهذا شيء يدفع للأسى، ويدفع للسؤال نفسه: كانوا للآخرين... إذن لماذا يتفردون بالمأساة، كل شيء كان يجري بطمأنينة، والشاعرة كانت ترى ذلك كل يوم، ولا تستطيع أن تنساه:

كم تواددنا صغاراً.. وتسابقنا مع النجم القريب...

وشردنا في الذرى الخضراء في المرج الخصيب

(لم ندرك كم كان خصيب)

وجزعنا لانفلات الشمس خلف المنحى

قبل أن نفرغ من أقوالنا

بضميري عبق من ورق التين الذي ظللنا..

كنت دنيا عنفوان... إلخ (٥)

رنة الأسى لا تغادر الذكرى، والأسى هذا لا يفتش عن كلمة من صفيح يقرع بها الأسماع لتصفّق الأكف... بل يجري فوق الذكريات الصغيرة والأشياء التي لا تنسى بكل بساطة وعادية.. إنه لا يحتاج لعملية التفتيش والافتعال، لأنه موجود أصلاً بكل أصالته ووضوحه وصدقه.

-٢-

وتحدث الهزيمة فجأة.. والفلسطينيون النازحون عبر الحدود يستبدلون بأسمائهم كلمة "لاجئين"، يبدو الحدث سريعاً وصاعقاً، وتعبر عنه الشاعرة بصورة سريعة وصاعقة كلما تعرضت له:

وسألت البر والبحر عليهم..

وشحوب الفجر والليل الحزين..

فهدتني مطفأة العين إليهم..

وبقايا العوسج المحمول من وديانهم

يوم خافوا الموت في أوطانهم

كي يعيشوا.. لاجئين.. (٦)

القضية هي قضية ضمير متأزم، شعور بالذنب، بالجرح، لذلك فالقسوة لا حد لها:

.. نحن هذا كله..

كلمة مبحوحة الجرس، نشاز جمعتنا:

"لاجئين"(٧)

أتكون الصدفة وحدها هي التي تجر سلمى إلى تركيز فكرة اللجوء والتشرد في كلمات قليلة كلما تعرضت للحظات الهزيمة والضياع؟ أم تراها غير قادرة على تفصيل هذه اللحظات التي تحسها هي -فعلاً- بصورة سريعة وصاعقة:

آه ماذا؟ عازف عني شرود النظرات 

فارغ الصبر؟ ترى لست ابن عمي يا حسيب؟

قال لي دون اكتراث، وتوارى: "بل غريب" (٨)

ولكن الموقف ليس فقط موقف مفاجأة وخذلان، بل شعور قاس، بالقلق والتمزق والخسارة.. وفي أحيان كثيرة، شعور بالذنب، وكل هذا تعبر عنه الشاعرة بقسوة كأنما هي تدين الجيل كله:

.. فالشفاه الصفر لا تلثم أطفالاً عراة..

ولدوا دون جذور، أو غد، من شهوة لا حب  فيها.. (٩)

اليأس لا حد له.. هكذا كانت ملامح فترة العويل التي اعقبت التشرد مباشرة.. كون الإنسان بلا جذور تشده إلى الأرض وبلا طموح يشده إلى المستقبل يجعله ضائعاً عن كل شيء.. حتى عن مثله العليا:

وعلا صوت المنادي للصلاة..

قلب جدي غافل.. لن يسمعه

-٣-

ولكن الإنسان الذي يشعر بالذنب يشعر أيضاً بالمسؤولية.. وهكذا تصل الشاعرة إلى الإيمان بدورها دون أن تستطيع التجرد من لحظات الألم الأسود التي مرّت بشعبها.. وهي حينما ترتفع بنفسها إلى مستوى الرائد إنما تفعل ذلك وهي على يقين بأن التضحية التي سوف تقدمها جديرة بالحزن، وضرورية، كما هو ضروري، لذلك فإن التضحية هذه تصل إلى مستوى إنساني رفيع وعميق ويحتوي على كافة عناصر عافيته وأصالته:

فاذروا الورود البيض يا أبناءنا.. فوق الثرى...

فالأرض لا تحيا إذا لم يشرق الموت الأبيّ على الجباه.. (١٠)

وتبدو الرحلة الطويلة في الشوك ذات جدوى.. الجروح لم تلتئم... ولكن الطريق يطلب المزيد:

سوف نعطي العيش أن أرهقنا صدراً رحيب

ونغني لبلاياه.. ونرعاه بإحساس وعين..

ونعري قلبنا السمح الخصيب..

لمدى تغرز في الأضلاع.. في العمر الرتيب

ليس هذا العيش عنا بالغريب..

قد صحونا.. لن يشع الحلم فينا مرتين!! (١١)

إن الروح الأساسية لديوان العودة من النبع الحالم تتميز بهذه المسؤولية الواعية.. لذلك تصف الشاعرة الموت في قصيدة الشهيد المهجور بأنه "السارق المعطر" نفهم مرادها تماماً.. ونعرف كم تحس بالمسؤولية إحساساً واعياً.. يعتمد فهم عنصر الحزن في التضحية وأهميتها كي تصل هذه التضحية إلى مفهومها الإنساني الحقيقي...

ذلك لأن: 

"الوجود لم يغلنا.. وحزننا حزن معافى وقرير..

وألف نجم شع في قرارة الضمير

يقول لي غداً: حزنت، إنما لك العزاء

زرع أبيك أنت بالهوى سقيته وسوف يأكلون…" (١٢)

   

(٢) مرثية الشهداء

(٢) مرثية الشهداء

(٣) العودة من النبع الحالم

(٤) مرثية الشهداء

(٥، ٦، ٧، ٨، ٩) بلا جذور

(١٠) الورد والعقيق

(١١) العودة من النبع الحالم

(١٢) منذورون