جنّة جنّة جنّة…

2017-08-01 11:00:00

جنّة جنّة جنّة…
“أعذرني بيتر دويغ: هذا قارب بحر”. للفلسطيني هاني زعرب. أكرليك، زفت وأصباغ على قماش، 200x160 سم، 2015

الأغنية مثّلت المرحلة الأولى والنقيّة والجماهيريّة والممتلئة بالأمل والإبداع، من الثورة السورية، وهي اليوم تمثّل شكلاً كفاحياً جديداً في القدس، نقيّاً وجماهيريّاً وممتلئاً بالأمل والإبداع، كذلك. ولأنّ مرحلةً/شكلاً كهذا، بجماهيريّته تحديداً، هو الأقرب إلى طبيعة أهلنا، في كل من حمص وكل سوريا، والقدس وكل فلسطين، فلن تخمده لا نيران ولا براميل طالما أنّه طريقة احتجاج جمعيّة.

كان من المفترض أن أكتب مقالة أفتتح بها الموقع الجديد لهذه المجلّة، فقد أصدرنا رمّان الثقافية في أواخر هذا الشهر من العام الماضي، لكنّي رأيت أنّ أفضل ما يمكن أن يحكي عن المجلّة هو الكتابة عن حمص والقدس والغناء الجمعي لـ «جنّة..» في الساحات، في الخالدية قبل ستّ سنوات، عند جامع خالد بن الوليد في حمص وفي ساحة المسجد الأقصى في القدس اليوم، وذلك هو الأقرب للهويّة الثقافية والسياسية التي حاولنا، في رمّان، منذ مراحل التحضير الأولى حتى اللحظة، أن نحملها، بمعناها الوطني الشعبي وليس الديني.

سأترك الحديث عن المجلّة إلى الرابع والعشرين من هذا الشهر، حيث ستدخل عامها الثاني. أمّا هنا، الآن، فلا حديث آخر يمكن، لديّ على الأقل، أن يحلّ محلّ معنى «جنّة..» التي نسمعها من القدس اليوم، بعدما اكتسبت معناها في حمص بالأمس.

الأغنية مثّلت المرحلة الأولى والنقيّة والجماهيريّة والممتلئة بالأمل والإبداع، من الثورة السورية، وهي اليوم تمثّل شكلاً كفاحياً جديداً في القدس، نقيّاً وجماهيريّاً وممتلئاً بالأمل والإبداع، كذلك. ولأنّ مرحلةً/شكلاً كهذا، بجماهيريّته تحديداً، هو الأقرب إلى طبيعة أهلنا، في كل من حمص وكل سوريا، والقدس وكل فلسطين، فلن تخمده لا نيران ولا براميل طالما أنّه طريقة احتجاج جمعيّة.

ليس هذا حديثاً سياسياً بمناسبة إطلاق نسخة جديدة من مجلّة ثقافية، بل هو حديث أساسي لهذه المجلة التي تجد نفسها الأقرب إلى تلك المرحلة من الثورة السورية وذلك الشكل من الكفاح الفلسطيني، لأنّها الأقرب (أو تحاول أن تكون الأقرب) إلى الحماصنة والمقدسيين، إلى السوريين والفلسطينيين في قضيّتهما، ولا أقول قضيّتيْهما، فالمجلّة، ككاتب هذه الأسطر، كناشري المجلّة (بوابة اللاجئين الفلسطينيين)، ونحن أبناء البلدين، حملنا النكبتين على ظهورنا، فالمجلّة لا ترى أياً من القضيتين إلا بمنظار الأخرى، فلا يستوي لدينا الحقّ الفلسطيني دون استواء الحق السوري معه، ولا السوري دون الفلسطيني معه. هذا هو الخط التحريري الذي أطلقنا على أساسه المجلّة، مجموعة شباب من فلسطينيي سوريا، اجتمعنا في بيروت واتفقنا على مشروع إعلامي ثقافي: "بوابة اللاجئين الفلسطينيين" و "مجلة رمان الثقافية"، مشروع يشبهنا، نحن شباب البلدين التوّاقون إلى الحرية والتحرير والتحرّر، من كل أشكال الاضطهاد والاحتلال، الأجنبي كما هو في فلسطين والمحلّي كما هو في سوريا، نحن أبناء المخيمات الفلسطينية في سوريا، فانطلقت هذه المجلة الآتية من أهالي المخيمات، المجلة الفلسطينية والسورية والمشرقية والعربية، لتشغل، في عام واحد فقط، اليوم، مكانةً في الصحافة الثقافية العربية يمكن لقارئ هذه الأسطر تقديرها.

«جنّة..» القدس وحمص هي الحديث، من قبل والآن وحتى نيل شعوبنا (فقراء شعوبنا في المقدّمة منها) حقوقَها، هي النّاس، هي الأمل، هي فلسطين وسوريا كما يريدها أهلها (ولا أقول أهلهما)، هي ما تحاول المجلّة أن تكون أمينة له، ما تحاول أن تشبهه، ما تحاول أن تكون دائماً الأَولى في التّعبير عنه.

كنتُ كتبت في ذلك في تعريف المجلّة عن نفسها وفي المقالة الافتتاحية عند إطلاقها، كنّا أمينين لهذا الخطّ، وحاولنا خلال السنة، ونحاول، أن نكون في الصحافة الثقافية العربية ما كانته، وما تزال، «جنّة» في دواخل السوريين والفلسطينيين، وهذا ما سنستمر عليه.

أمّا التجديد في موقع المجلّة، فهو اهتمام أكبر بالصّور، ونحن أساساً ننشرها كأعمال فنّية، غير مرتبطة بالضرورة بالنّص، فليست الصور لدينا "مواد توضيحيّة" بل أولاً أعمال فنّية، وأجرينا تغييرات عديدة في التصميم والمساحات والخط وتوزيع المحتوى وترتيبه ومسائل تقنية عديدة، وغيره مما لن يفيد حديثُنا عنه بقدر تجوالكم في صفحات الموقع، إضافة إلى انتقالنا إلى عنوان إلكتروني خاص ومنفصل عن موقع بوابة اللاجئين.

أمّا الثابت لدينا فهو خطّنا التحريري الأمين لمعاني فلسطين النّبيلة، الخطّ الذي مشينا عليه طوال عام، ثقافياً وسياسياً وفكرياً واجتماعياً… ونطالبكم بمحاسبتنا إن يوماً حدنا عنه.