فيلم نجح فيه مخرجه الذي حاز على جائزة أفضل مخرج في مهرجان دبي السينمائي الدولي، كأول مصري يحصل على هذه الجائزة عن فيلم روائي طويل، في أن يقدم حكاية بسيطة بلغة سينمائية معقدة، انحاز فيها للصورة والتفاصيل على حساب التشويق والإيقاع العالي.
ما الذي يمكن أن تفعله امرأة مصرية قوية ومستقلة وتتحمل مسؤولية نفسها وأختها، في مجتمع لا يكتفي بكينونتها هذه، ليقبل بأن تستقبل أهل شاب تقدم لخطبة أختها التي تتولى مسؤوليتها؟
خلال أسبوع مليء بالتفاصيل اليومية العادية والأحداث، التي تحاول فيها الأخت الكبرى إيمان إقناع أحد رجال عائلتها لحضور خطبة أختها الصغيرة نيابة عن والدها المتوفي، كما تقتضي التقاليد التي تستوجب وجوب رجل من العائلة ليقوم بهذا الدور الاجتماعي، تعاني كثيراً من إقناع أعمامها بالحضور، وبذات الوقت تحدث لها على الصعيد الشخصي تغيرات جذرية في حياتها، تحولات تخشى أن تشارك فيها الآخرين في مقابل البحث عن حلول اجتماعية لزواج أختها.
على مدار هذا الأسبوع ما بين الاجتماعي والشخصي في حياة إيمان وأختها يبني مخرج وكاتب الفيلم قصته، عبر تلك التفاصيل التي تمر فيها هذه المرأة، دون أن يكون له بداية ونهاية بالمعنى الكلاسيكي للبداية والنهاية، لحكاية مستمرة، قد تكون عادية أو تقليدية على مستوى الحكاية، لكن التحدي الحقيقي في تقديمها كان في شكل سرد الحكاية، واللغة السينمائية في تقديم تفاصيلها التي أسهب جداً فيها.
سينما المؤلف
يمكن اعتبار الفيلم مساحة للتجريب السينمائي في سينما المؤلف التي ينتمي لها، والتي يكتب فيه المخرج حكايته، حيث حاز مخرجه ومؤلفه محمد حماد على جائزة أفضل سيناريو في الدورة الرابعة والأربعين من مهرجان جمعية الفيلم للسينما المصرية، بالإضافة لثلاث جوائز أخرى هي جائزة لجنة التحكيم، جائزة أفضل مونتاج لكلٍ من محمد الشرقاوي ومحمد حماد، جائزة أفضل شريط صوت لسارة قدوري. وهذا ليس الأمر المعتاد في واحد من أعرق أسواق السينما العربية، وهي السينما المصرية التي تعتمد في غالبية إنتاجها للأفلام وخاصة التجارية منها، آلية اختيار المخرج للنص، أو اختيار شركة الإنتاج مخرجاً لنص لديها، لذلك فإن محمد حماد قدم فيلماً يفرد فيه لنفسه كمؤلف، مخرج، شريك بالمونتاج، وشريك بالإنتاج، مساحة عالية من التجريب على مستوى سينما المؤلف.
ولكن إلى أي مدى نجح المخرج في تقديم فيلم مختلف في هذا النوع من السينما، في سوق سينمائي ضخم يعج بالإنتاجات التجارية التي تتنافس على شبابيك التذاكر، ويعاني احتكارات المنتجين الكبار؟
نجح بدايةً ممثلو الفيلم الذي عمل مخرجه شهوراً معهم في ورشة عمل لكونهم يمثلون لأول مرة، في المنافسة وانتزاع جوائز عدة مهرجانات في منافسة مع ممثلين محترفين، فحازت ممثلته هبة علي على جائزة أفضل ممثلة في مهرجان أسوان لسينما المرأة وجائزة أفضل ممثلة عربية في جائزة النقاد التي تم توزيعها في مهرجان كان السينمائي الدولي.
إيقاع بطيء
يمكن وصف الفيلم الحائز على عدد من الجوائز في المهرجانات التي شارك فيها، بكونه فيلماً يومياً بإيقاع بطيء، يشرك المشاهد بحياة الشخصيات الرئيسية، بأدق تفاصيلها، بجرأة، حتى بتبديل الفوطة الصحية، ناقلاً فيها إحساس اللحظة المتعبة، المملة، المضجرة.
كما أفرد الفيلم مساحة كبيرة للغة البصرية على حساب الحوار، فتبدو الكثير من مشاهده صامتة، وكما يغرق في سرد التفاصيل بصرياً، لدرجة تخفض بشكل كبير إيقاع الفيلم، لكنه إيقاع بطيء مقصود يهدف إلى إدخال المشاهد في أجواء التفاصيل اليومية لشخوص الفيلم.
فيلم نجح فيه مخرجه الذي حاز على جائزة أفضل مخرج في مهرجان دبي السينمائي الدولي، كأول مصري يحصل على هذه الجائزة عن فيلم روائي طويل، في أن يقدم حكاية بسيطة بلغة سينمائية معقدة، انحاز فيها للصورة والتفاصيل على حساب التشويق والإيقاع العالي.
إنتاج منخفض الكلفة
يبدو واضحاً أن الفيلم اعتمد استراتيجية الإنتاج منخفض الكلفة (Low Budget Film) ما يجعل من نجاحه بالمشاركة في أكثر من خمسين مهرجان دولي وحصوله على عدد من الجوائز، ومن ثم عرضه تجارياً في صالات السينما المصرية والعربية، يجعل منه نموذج نجاح لفكرة أن ينتج صناع الشباب المصررين أفلامهم بهذه الجودة، التي يمكنهم المنافسة بها في المهرجانات الدولية أمام أفلام تشترك في إنتاجها أو تنتجها شركات كبرى ومنتجين كبار بمفهوم السوق، ويقدم فيها النجوم أدواراً رئيسية، وبكلف إنتاج عالية.