تبدو ميّ متفائلة أكثر من جانب مؤسسة الفيلم الفلسطيني، الذي ترى فيه عنواناً كبيراً ووُلد في الوقت الذي نحن بأمس الحاجة إليه. تقول ميّ: نحن كصناع أفلام فلسطينيين آن الأوان لأن نضع أيدينا معاً من أجل إنجاح هذا المشروع، وإن فشلنا جميعاً في دعم مؤسسة سينما فلسطينية تكون عنواناً لنا جميعاً، فالأفضل أن نهاجر.
تمتلك السينما الفلسطينية خصوصية كبيرة، من حيث نشأتها واستمراريتها، مقارنة بنشأة السينما لدى الشعوب والدول المجاورة، ففي حين تنشأ صناعة السينما في الدول بظروف مستقرة وتستمر لتصنع مؤسساتها، وتراكم خبراتها، كانت الظروف السياسية في فلسطين ترسم شكلاً أخر متقطعاً للسينما الفلسطينية التي بدأت في منتصف ثلاثينيات القرن الماضي في يافا تحت الاحتلال البريطاني وتوقفت مع النكبة وتشتت صناعها الذي كان أبرزهم إبراهيم حسن سرحان، محمد صالح الكيالي وآخرون، وفي نهاية الستينيات وأوائل السبعينيات أسس مخرجون فلسطينيون وعرب ما عرف لاحقاً بسينما الثورة الفلسطينية التي أسس لها مخرجون مثل مصطفى أبو علي وسلافة جاد الله والمخرج العراقي قاسم حول وآخرون، والتي توقف إنتاجها في الثمانينيات، قبل أن يعود التأسيس من جديد لسينما فلسطينية حديثة بدأت من داخل فلسطين أسس لها مخرجون من الداخل والشتات مثل رشيد مشهراوي وميشيل خليفة وآخرون.
جعل هذا التقطع من إمكانية صناعة سينما تتراكم فيها الخبرات بسبب الشتات صعبة، وكذلك فقدان معظم الأرشيف خاصة من المراحل الأولى، وفي اجتياح لبنان عام 82، حيث صودرت مئات الآلاف من الوثائق والأفلام والأرشيف الفتوغرافي والمصور. وتوقفت مؤسسة السينما الفلسطينية التي تأسست بالسبعينيات في محاولة لجمع أقسام السينما الفلسطينية.
لكن قبل أيام عنونت وكالة رويترز للأنباء بالإنجليزية خبر تنظيم مؤسسة الفيلم الفلسطيني لأول مشاركة رسمية لفلسطين في مهرجان كان السينمائي الدولي ممثلة بجناح فلسطين في المهرجان الذي يقام ما بين ٨-١٩ أيار، وبدعم من وزارة الثقافة الفلسطينية والقنصلية الفرنسية بالقدس "علم فلسطين يرفرف في جناح فلسطين الأول في مهرجان كان"، حيث سيمنح هذا الجناح، وهو واحد من حوالي 70 دولة تمثل جميع أنحاء العالم، فرصة للسينمائيين الفلسطينيين لعرض أعمالهم على كبار المسؤولين التنفيذيين في صناعة السينما العالمية. جاء الإعلان مفاجئاً للكثير من صناع السينما الفلسطينيين حول العالم، وتباينت ردود أفعالهم وتفاعلهم مع فكرة المؤسسة وتنظيم الجناح.
سعينا من خلال مجلة رمّان الثقافية التي ترعى إعلامياً جناح فلسطين في مهرجان كان السينمائي هذا العام، أن نستوضح آراء عدد من العاملين في السينما الفلسطينية على مستوى المؤسسات، الأفراد، شركات إنتاج، ومنظمين للفعالية أو داعمين لها، ونقدم من خلالهم أجوبة حول المؤسسة والجناح ضمن التغطية الإعلامية للحدث.
ميّ عودة: منتجة ومخرجة فلسطينية ومؤسسة شركة عودة للأفلام في فلسطين
ميّ أحد المنتجين المشاركين بمشروع فيلم «200 متر»، وهو فيلم روائي طويل أول للمخرج أمين نايفة، يروي الفيلم قصة عائلة فلسطينية تفرقت بفعل جدار الفصل العنصري، حيث انتقلت الأم وأبناؤها ليعيشوا في الجانب الإسرائيلي وبقي الأب في الجانب الفلسطيني، وفي أحد الأيام يحدث للابن حادث، فيحاول الأب الذي يجد نفسه بموقف صعب جداً بالوصول لابنه الذي يفصله عنه فقط 200 متر بفعل الجدار، يحتاج لأن يخوض رحلة زمانية وجغرافية تمتد لمئتي كيلو متر.
ترى أن "وجود مشروع الفيلم في ضمن المشاريع التي اختيرت من قبل مؤسسة الفيلم الفلسطيني مهم جداً لصانعي الفيلم، حيث أننا في المراحل النهائية للتطوير وبحاجة ماسة لعقد شراكات إنتاجية لإتمام إنتاجه نهاية هذا العام".
يد واحدة لا تصفق
مي عودة التي عملت على إنتاج مجموعة من الأفلام الفلسطينية الروائية، من ضمنها: «عيد ميلاد ليلى»، «ملح هذا البحر»، «ريكو في الليل»، «خمس دقائق من وطني»، ترى أن فكرة إقامة الجناح الفلسطيني في مهرجان كان السينمائي هذا العام، مسألة مهمة لا تخدمنا فقط كصناع أفلام، إنما تخدم إنشاء صناعة السينما الفلسطينية، لدينا إنتاج فردي لا بأس به لكن يد واحدة لا تصفق وبالتالي كمنتجة ومخرجة فلسطينية ترى أن ما يجري التأسيس له ابتداءً بجناح مهرجان كان، هو البداية، لكن؛ هذه البداية إذا لم تتوج بتأسيس صندوق لدعم السينما الفلسطينية ستكون باعتقادها محاولة جيدة لكنها لم تكلل بالنجاح.
تتساءل ميّ: ما الغاية من جمع كل صناع الأفلام الفلسطينيين الجدد مع مشاريعهم التي تحمل رؤى جديدة، في مهرجان كان؟ لنقول لسوق صناعة السينما العالمية بأن لدينا صناع أفلام يحملون رؤى وطاقة متجددة ولغة سينمائية جديدة، ولدينا فرصة لعقد شراكات إنتاجية، لكن ينقصنا في فلسطين هذا الصندوق الذي يمكننا من إتمام هذه الشراكات.
سؤال مهم تطرحه عن جدوى الجناح إن لم يخرج بقرار تأسيس صندوق فلسطيني لدعم الأفلام، ولكن ما دورها وزملائها من صناع الأفلام الفلسطينيين في دعم هذا التتويج ليتم، تقول ميّ:
كان هنالك الكثير من المشاريع والمبادرات الفلسطينية في سبيل مأسسة العمل بالأفلام، ولكنها لم تكتمل، وهذا حقاً ما يخيفنا بالوقت الحالي، أن يذهب كل هذا الجهد الكبير إن لم يتم التأسيس له بشكل صحيح، ولذلك نسعى من خلال وجودنا في المهرجان ومن خلال النقاش الذي سيفتح بحضور وزارة الثقافة، وكذلك شبكة صناع الأفلام العالميين من منتجين ومخرجين ومؤسسات، لأن نضغط في سبيل العودة بالإعلان عن تأسيس صندوق سينما فلسطيني. إذا لم نعد بهذا الإعلان سيخيب ظني كثيراً.
تضيف ميّ: لأن صناعة السينما الفلسطينية قائمة على مبادرات شخصية، وعلى علاقات شخصية، وهذا بالنهاية لا يمكن أن يؤدي إلى صناعة سينما بالمستوى الذي نطمح له، من مأسسة وصناعة سينما حقيقية، لا نريد أن نصنع أفلاماً تنجح، هذا وحده لا يصنع سينما فلسطينية، وبنفس الوقت لا أريد أن أترك البلد حتى أنجح في صناعة أفلام فلسطينية، أريد أن أبقى هنا وأصنع أفلامي الجيدة من هنا أيضا، ويكون لدينا نقابة لصناع الأفلام ولدينا حقوق، ولدينا توزيع وترويج.
فلسطين السينمائية أكبر من الحدود
لا يملك صناع الأفلام الفلسطينيون حول العالم، شبكة تجمعهم ليتبادلوا الخبرات والمعلومات وسبل الإنتاج المشترك بينهم، وإذا لم تجمعهم فعالية دولية كمهرجانات الأفلام العربية والدولية، ففرص لقائهم صعبة جداً، ورغم وجود بعض فعاليات الفلسطينية مثل "أيام سينمائية" في رام الله، مهرجانات الأفلام الفلسطينية العديدة حول العالم، إلا أن العديد من المحظورات والموانع تمنع لقاء الكثير منهم بزملائهم، محظورات متعلقة بدخول فلسطيني الدول العربية إلى فلسطين، مما يجعل من مسألة لقائهم على أرض الواقع مسألة غاية في التعقيد، ما يخلق الحاجة أكثر لوجود المظلة الجامعة التي من الممكن أن تخلق حلولاً عصرية تكنولوجية تجمع كل هؤلاء أينما كانوا بالعالم.
الأمر الذي تتفق معه ميّ، التي تعتبر أن فلسطين ليست جغرافيا لها حدود، فلسطين التي نؤمن بها وتعلمناها وتجمعنا هي أكبر من حدود الجغرافيا، الوطن فكرة، وبالتالي لا يمكن لأحد أن يحرم فلسطينياً أينما كان وجوده سواء في لبنان، سوريا أو أي مكانٍ بالعالم من أن يكون له مؤسسته الفلسطينية التي يستفيد منها في صناعة أفلامه والاستفادة من شبكة العلاقات والمعلومات والأرشيف.
مؤسسة الفيلم الفلسطيني عنوان ولد كبيراً
تبدو ميّ متفائلة أكثر من جانب مؤسسة الفيلم الفلسطيني، الذي ترى فيه عنواناً كبيراً ووُلد في الوقت الذي نحن بأمس الحاجة إليه. تقول ميّ: نحن كصناع أفلام فلسطينيين آن الأوان لأن نضع أيدينا معاً من أجل إنجاح هذا المشروع، وإن فشلنا جميعاً في دعم مؤسسة سينما فلسطينية تكون عنواناً لنا جميعاً، فالأفضل أن نهاجر.
أول ما وصلني الإيميل بالدعوة من مؤسسة الفيلم الفلسطيني، صدمتني وفكرت سريعاً بأنها فكرة جميلة وخلاقة، وتفاعلت معها مباشرة، والآن أراها حلماً أكبر من مجرد كونها مؤسسة لأشخاص بقدر ما هي الفكرة التي ستجمعنا والفرصة الذهبية التي علينا أن لا نفرط بها.
دورنا أن نشكّل ضغطاً على المسؤولين لإيجاد هذا الحلّ، هذا الذي نعرفه وهو الآن موجود في مرحلة التأسيس، علينا أن نضغط من أجل أن ينجح ويستمر، وهذا لا يتم إلا بتكافل جهود من أجل إكساب هذا الجسم أو المؤسسة شرعيته، وكلنا مستفيدون كفلسطينيين، كصناع أفلام، مؤسسات، وزارات، مجتمع وقضية.
صناعة السينما ليست فن فقط
وتعتقد ميّ كذلك أننا كصناع أفلام أنضج اليوم، وبالتالي خطوة تأسيس المؤسسة كما تقول: جاءت بالوقت الصحيح، عشنا كثيراً معتقدين بأن المهرجانات العربية يمكنها أن تغنينا عن الدعم الذي يأتي من بلدنا، لكن الصفعات المتتالية التي تعرضنا لها نتيجة نتيجة إغلاق المهرجانات العربية واحدة تلو الأخرى، جعلنا نفيق أكثر. نحن لسنا شعباً فقيراً لدينا رجال أعمال، وبيئة خصبة لصناعة سينما، وحكايتنا الفلسطينية فيها الكثير من الدراما والقبول لدى الجمهور العالمي.
علينا أن نفكر بطريقة مختلفة، أن صناعة السينما ليست فقط فن وإنما دعم للاقتصاد، حين نساهم في التعجيل في إنتاج ما يقارب ثلاث أفلام روائية طويلة كل عام، هذا يعني تحريكاً لعجلة الاقتصاد في البلد، فماذا لو كان لدينا إنتاج لأفلام روائية قصيرة وطويلة ووثائقية، المعادلة الحسابية بسيطة، لو فرضنا أن ميزانية الفيلم الطويل في أقل معدل لها تصل لنصف مليون دولار، ثلاث مئة ألف منها تصرف خلال ثلاثة إلى أربعة أسابيع، هذا يعني تشغيل للمطاعم، الفنادق، الأسواق، العاملين، المواصلات العامة، والفنانين، أي مصنع يمكنه فعل هذا؟ لكن للأسف لا تزال المؤسسات الحكومية تتعامل معنا كشركات إنتاج وكأننا مصانع شكولاتة من ناحية مدخولاتنا وضرائبنا.
المخرج الفلسطيني حنّا عطالله، المدير الفني لمؤسسة "فيلم لاب في فلسطين
حنّا المدير الفني لمؤسسة "فيلم لاب - فلسطين"، المؤسسة المنظمة لمهرجان "أيام سينمائية" الدولي في رام الله، ومن خلال إقامته ما بين رام الله وبرلين، يعمل في مجال الإنتاج والإخراج، ويشارك هذا العام في جناح فلسطين في مهرجان كان، ويعتبر المشاركة كما يقول: مهمة جداً، ليس فقط في مهرجان كان وإنما في أي مهرجان دولي، ليتم فيها لفت الانتباه إلى فلسطين والفيلم الفلسطيني وصناعته، وللرواية الفلسطينية، بشكل عام.
تحقيق الإنتاج المشترك
يرى حنّا أن من مهام هذا الجناح أن يفتح النقاش حول صناعة السينما، ويخلق شبكة علاقات، فرص للإنتاج، وشركات إنتاج ما بين المنتجين العالميين وما بين صناع الأفلام الفلسطينيين المتواجدين في تلك المهرجانات، وكذلك صلة الوصل بينهم وبين المؤسسات الداعمة للفيلم حول العالم، وخاصة في منطقتنا.
لكنه يقول: لا أضع توقعات كبيرة على صعيد الإنتاج من الجناح في مهرجان كان بقدر وضع البصمة الرمزية، بوضع فلسطين على خارطة صناعة الفيلم العالمية، أسوة بباقي الدول.
لماذا لا أتوقع الكثير من ناحية الإنتاج؟ لأننا بفلسطين لا نملك البنية التحتية، كما هو معروف في الإنتاج المشترك، على كلا الطرفين المساهمة في الموازنة من جهتهم، فإذا لم يكن صانع الأفلام الفلسطيني يحصل على نسبة مئوية من الموازنة من بلده الأصلي، أو لم يحصل على دعم محلي لفيلمه، سيكون من الصعب عليه إقناع الشريك وبالتالي يصعب عليه تحقيق الشراكة والحصول على دعم خارجي. وهذا العائق الأكبر الذي يواجهه المنتجون الفلسطينيون في الحصول على دعم محلي ليتمكنوا من الحصول على دعم أجني. ولأجل هذا تأخذ العملية سنوات طويلة من أجل أن نحقق إنتاج مشترك.
وزارة الثقافة ودعم صناعة الأفلام
يرى حنّا بأن: وزارة الثقافة تتعاون مع الكثير من المؤسسات الفلسطينية مثل فيلم لاب، مؤسسة الفيلم الفلسطيني، ضمن إمكانياتها، لكن للأسف أن الوزارة تعمل بميزانية عامة محدودة وقليلة، وحتى ضمن هذه الميزانية الضئيلة التي يملكونها لا يوجد تخصيص للسينما، التي هي مثل باقي الفنون مكلفة أو تكاد تكون الأعلى كلفة. بنفس الوقت لا يتوفر لدينا دعم محلي للسينما، كما تفتقر فلسطين للبنية التحتية لإنتاج أفلام سينمائية، ليس لدينا معدات وكاميرات احترافية، ليس لدينا جاهزية لمرحلة ما بعد الإنتاج وغالباً ما نلجأ لأوروبا لإتمامه، وليس لدينا شركات توزيع، ولا حتى لدينا دور عرض سينمائية يمكن لصانع الأفلام من خلالها أن يعتمد على عائد يأتي من شباك التذاكر.
بمعنى أننا نفتقر لبنية تحتية لإنتاج الأفلام في مرحلة الإنتاج وما بعد الإنتاج، الترويج والتسويق، ومن ناحية أخرى لدينا مشكلة في إعادة ثقافة السينما للجمهور الفلسطيني ليعود يشاهد سينما ويشتري تذاكر، وأعتقد أنه حان الوقت لأن نؤسس على أرض الواقع ما يمكنه أن يجعلنا لا نعتمد بشكل كلي على الإنتاج الغربي.
بنفس الوقت أعتقد أنه حان الوقت لخلق محتوى سينمائي يجذب جمهور فلسطيني، معظم ما يجري إنتاجه فلسطينياً يتجه لأن يكون أفلاماً سياسية، ما زلنا كفلسطينيين بحاجة لأن نثبت هويتنا، نتحدث عن واقعنا، ونريد أن نروي روايتنا للغرب، هذا جزء جميل ومهم بأن نقدم صورة مغايرة لما يقدمه الإسرائيلي، ومغايرة عما يراه الناس على التلفاز، لكن بنفس الوقت أن نصنع محتوى فلسطينياً محلياً يجذب الجمهور الفلسطيني إلى صالات السينما.
لينا بخاري، مديرة دائرة السينما في وزارة الثقافة الفلسطينية
بدورها لينا، كمخرجة ومنتجة فلسطينية، وأيضاً من مكانها الرسمي في وزارة الثقافة، ترى أن تنظيم أول جناح لفلسطين في مهرجان كان، يعتبر خطوة استكمالية لخطوات سابقة جاءت في سياق دعم صناعة الأفلام الفلسطينية، من خلال سعي وزارة الثقافة لوجود جسم مستقل جامع لكل صناع الأفلام الفلسطينيين في كل مكان بالعالم. لنستطيع تقديم سينما تنافس على مستوى دولي، كما تقول لينا.
وتضيف: هدفنا من دعم المشاركة على الصعيد الدولي، بأن نفتح المزيد من الفرص للتعاون المشترك مع دول ومنتجين حول العالم. ولكوننا في مرحلة التأسيس، فنحن منفتحون على كل المعنيين ومن لهم تجارب مشابهة، ومن لهم خبرات في مجالات مساعدة، لنقل خبراتهم والإفادة منها وتشاركها.
العمل الجاد يبدأ بعد مهرجان كان
إن كانت ستفضي هذه الخطوة نحو مأسسة صناعة الفيلم الفلسطيني، تقول لينا: بالنسبة لي، شخصياً العمل الجدي يتبع عند عودتنا، بحيث تكون قد تبلورت لدينا رؤية حول ما سيجري العمل عليه، والتخطيط له. الفكرة الأساسية من دعمنا ومشاركتنا في أول جناح لفلسطين في مهرجان كان، هي بلورة شكل مؤسسة الفيلم الفلسطيني والخروج بصيغة تخدم صناع الأفلام والسينما الفلسطينية، وتؤسس لصناعة أفلام فلسطينية بإطار مؤسساتي.
مضيفةً أن: السينما الفلسطينية وجدت من جهود الأفراد، لكن هذا المجهود الفردي ليتحول لمجهود جماعي تراكمي، ويتم حمايته وتطويره، نحن بحاجة لجسم مستقل، ينظم ويدعم على جميع الأصعدة، سواء مراحل الإنتاج أو جمع الأرشيف، ستبقى محاولاتنا فردية، إذا لم نعمل جميعاً لصنع تلك المظلة الجامعة لجهودنا الفردية في بوتقة واحدة يتم فيها صهر الخبرات والمعلومات والمواد، ليكون لدينا نواة صناعة سينما فلسطينية. ووزارة الثقافة بدورها تتخذ دائماً طابع الشراكة، الأمر الذي يتطلب جهداً جماعياً من المهتمين والعاملين بقطاع الأفلام، وكذلك وإشراك القطاع الخاص ليستثمر في صناعة السينما.
وكيف ترى لينا بخاري حالة صناعة السينما الفلسطينية اليوم؟
تقول: يمكنني أن أصف السينما الفلسطينية في المراحل التي لدينا إطلاع حقيقي على إنتاجها، فلدينا الجيل الذي جاء مباشرة ما بعد النكبة، وبسبب صعوبة الظروف والواقع الذي عاصروه عملوا بالغالبية على التسجيل والتوثيق للمرحلة، لاحقاً جاء جيل الصدمة المشحون بالحنين، والرغبة بالتعبير عن الشيء الذي فقد، ولكن اليوم الجيل السينمائي الفلسطيني استطاع إيجاد وصقل لغته السينمائية العصرية، وكونه أصبح لدينا وعي وفهم أكبر لمفهوم التحرر وبرز ذلك في لغته السينمائية التي تبدو أكثر تحرراً على صعيد الأفكار والصورة واللغة السينمائية.
ما يميز السينما الفلسطينية، تراه لينا بخاري أمر يستحق الدراسة، من حيث كمية التنوع الناتج بسبب الأمر الواقع، الذي خلق شتاتاً للفلسطينيين في كل العالم، فاستفادوا من هذا الشتات في صنع هذا التنوع الكبير في اللغات السينمائية وطرق التعبير عن الأفكار في أفلامهم.
مؤسسة الفيلم الفلسطيني خطوة متفائلة
تبدو بخاري متفائلة جداً بهذه الخطوات السريعة التي قادت لتأسيس مؤسسة الفيلم الفلسطيني وتنظيم أول جناح فلسطيني، ولديها -كما تقول- أمل كبير في أن لا تظل الجهود فردية، وأن تُصنع الأرضية أو المظلة من أجل جمع كل هذه الجهود الفردية وتطويرها.
وتضيف: وجودنا هذا العام في مهرجان كان، خطوة أولى في التأسيس رسمياً لحضورنا في سوق السينما العالمية، من خلال التأسيس لمؤسستنا السينمائية المستقلة والجامعة لصناع الأفلام الفلسطينيين في شتاتهم.
لا نستطيع مقارنة السينما الفلسطينية بأي سينما أخرى بالعالم، فظروفنا مختلفة كثيراً، لكون ”الاستقرار والاستثمار“ عنصرين أساسيين لبناء أي صناعة سينما في أي دولة، وهذا ما نفتقر له كفلسطينيين منذ نكبة 1948 وحتى اليوم، ولكن لدينا أمل كبير في أننا نؤسس اليوم ونتجاوز المعوقات والصعوبات والحواجز.