سارة عابدين: التفاصيل الصغيرة تبعد نصي عن التقريرية

2019-04-27 16:00:00

سارة عابدين: التفاصيل الصغيرة تبعد نصي عن التقريرية

بعد أن أترك نظرة أخيرة بين الأعمدة الرفيعة للسرير الصغير، وأطوي الذكريات الرقيقة في دولاب الزمن، وأخفي بعضها بين أغطية الشتاء الثقيلة قبل أن تفر من الذاكرة، على أنغام الموسيقى القديمة ورائحة المطر، تخزن المرآة ذكرياتي رغماً عني لتقذفها في وجهي وقتما ترغب هي في ذلك.

سارة عابدين شاعرة مصرية، تعيد تشكيل المهمل من الأشياء في لقطة شعرية. يختفي خلالها الخط الفاصل بين الشعر والواقع، هناك الأمومة بكل تعبها وجمالها، هناك هزائم وخسارات وحياة وموت. في ديوانها الجديد "المرأة التي نظرت في المرآة حتى اختفت" نقرأ قصائد مليئة بالأفكار والمشاعر. بالشعر تصنع سارة عالمها كما تريد.

تقول الشاعرة سارة عابدين لا يمكنني الحكم بشكل شخصي على تجربة ديواني الجديد "المرأة التي نظرت في المرآة حتى اختفت" ومدى اختلافها  أو قربها من التجارب السابقة. ربما هذه مهمة القارئ أو الناقد. لكنه ليس كتابة جديدة على اي حال، لكنها مجموعة من الرسائل القديمة التي جمعتها في هاشتاج رسائل إلى الله، بالإضافة إلى مجموعة كتابات عن الألم وتفكيك الألم كتبتها في أوقات مرضي.


تتعامل مع  مفرداتها الشعرية ببساطة شديدة من خلال التفاصيل الصغيرة التي تجعلها محوراً للعملية الإبداعية. وهنا نسألها عن مدى قدرة هذه البساطة في إبعاد النص عن التقريرية المباشرة، فتقول "ماذا تفعل التفاصيل الصغيرة. ربما تبعد النص عن التقريرية وربما تزيد من التقريرية، أنا أكتب ما يلفت انتباهي ويترك أثراً كبيراً بداخلي بشكل مباشر، ثم بعد ذلك يمكن أن أعيد تنقيح الكتابة لحذف الزوائد أو التكرارات، لكن بالطبع يبقى جوهر الكتابة واحد، لأني نفس الشخص في كل الكتابات".

أنا أكتب لأني لم أستطع أن أغير العالم / لم أستطع حتى أن أغير السجادة فاتحة اللون / التي تظهر بها كل البقع الصغيرة.

نصوص ديوانها "ابتلع الوقت" عبارة عن تساؤلات حياتية وكأنها تحاول إعادة اكتشاف العالم باكتشاف أشيائه البسيطة. وهنا توضح سارة عابدين" يمكنني أن أقول أنني أحاول تجاوز الملل اليومي والروتين الثابت، عن طريق محاولة استكشاف التفاصيل. مثل الأطفال الذين لا يملون مشاهدة الفيلم؛ لأنهم يستكشفون مشاهد ومتع جديدة في كل مرة. لكن الأمر ليس محاولة اكتشاف العالم من حولي. أنا اكتشفت العالم من حولي تماما حتى مللته".

ترفض صاحبة ديوان "على حافتين معاً" وصف البعض لمصطلح الكتابة النسوية بالقبح، وتضيف: بالطبع لا أعتبرها نوع من القبح، ولماذا أعتبرها كذلك. الكتابة كفعل إبداعي هي نشاط إنساني بغض النظر عن الكاتب أو جنسه. ولكن الكتابة النسائية  لها بعض السمات المميزة، بسبب خصوصية تجربة المرأة الحياتية والإنسانية، وبسبب الحواجز المتعددة تاريخيا وثقافيا واجتماعيا، والتي تصعب عملية الكتابة على المرأة".

بعد أن أترك نظرة أخيرة بين الأعمدة الرفيعة للسرير الصغير، وأطوي الذكريات الرقيقة في دولاب الزمن، وأخفي بعضها بين أغطية الشتاء الثقيلة قبل أن تفر من الذاكرة، على أنغام الموسيقى القديمة ورائحة المطر، تخزن المرآة ذكرياتي رغماً عني لتقذفها في وجهي وقتما ترغب هي في ذلك.

في ديوانها المشترك مع الشاعرة مروة أبو ضيف "وبيننا حديقة"، كانت الأمومة هي الحاضرة وما يتبعها من قلق وتخوفات وشكوك. كأم لثلاث بنات. هل أترث الأمومة على نصك الشعري؟ فكان ردها: الأمومة لم تؤثر فقط على نصي الشعري، لكن أثرت على حياتي بالكامل، على اختياراتي وأفكاري وهواجسي وأحلامي، وبالطبع على نصي الشعري الذي أصبح متخما بقصد أو بدون قصد، بكل تلك الأفكار والهواجس والمخاوف والإحباطات التي تخلفها الأمومة.