محادثة نجريها مع ناشر/ة عربي/ة بين وقت وآخر. لنتعرّف على الدّور التي لا قراءة عربية بدونها...

ما يقوله النّاشر: دار الجديد

2019-06-17 01:00:00

ما يقوله النّاشر: دار الجديد

أستمتع بقراءة كتاب أكون قد أمضيت أشهرًا ساهرة عليه كي يرى النور ثمّ يصدر ويسير وحده وبفخر بين الناس. أحببت يوم صدور كتاب "لوجه ما لا يلزم" لنوتشيو أوردينه، الذي ساهمت بترجمته.

رشا الأمير، روائيّة (يوم الدين) وناشرة (دار الجديد) من لبنان. تعتني باللغة العربيّة (كتاب الهمزة) وبكتّاب دارها: الشيخ عبد الله العلايلي، السيّد محمد خاتمي، خليل رامز سركيس، محمود درويش، أنسي الحاج، طه حسين والحلّاج وغيرهم وغيرهم من أئمة هذه الثقافة.
 

متى وأين تأسست الدار؟ وكيف أتى اسمُها؟

"دار الجديد"، دار طليعيّة مستقلّة مقرّها جبل لبنان. أسّسها وأدارها مطلع تسعينيّات القرن الماضي لقمان سليم مترجم بول تسيلان (من الألمانيّة إلى العربيّة) وإميل سيوران (من الفرنسيّة إلى العربيّة) ومخرج فيلمي: "المجزرة" (عن صبرا وشاتيلا) و"تدمر" (عن السجناء والسجن) والمحلّل السياسي السديد الرأي. كان الأستاذ لقمان قد ورث عن والده المحامي  ونائب بيروت (لدورة واحدة) الأستاذ محسن سليم امتياز جريدة ومجلّة "الجديد" الذي اشتراه بدوره من توفيق يوسف عوّاد صاحب كتابي "الرغيف" و"طواحين بيروت". من هنا حين أسس الأستاذ لقمان دارًا للنشر أطلق عليها اسم "الجديد". "الجديد" اسمٌ لطيف وهو اليوم رائج ومتكرّر وليس حَكرًا علينا وإن كانت دمغتنا على الكتب التي أصدرناها تحت هذا الاسم مميّزة. من مشروعنا النشريّ تناسلت مشاريع أخرى: أمم للأبحاث والتوثيق، وهيّا بنا، وهنغار أمم .

ما طبيعة الكتب التي تسعون لنشرها؟ لمَ؟

سعينا لنشر كتب تخاطب العقل والقلب وبحثنا عن قارئ يشاطرنا قيمنا وسعينا وذوقنا. قُرّاؤنا يسردون لليوم كيف استعاروا ديوان وديع سعادة "بسبب غيمة على الأرجح" وصوّروه ولم يكفّوا عن قراءته. ليخبرك الشعراء كيف حلموا أن تصدر دواوينهم عندنا، ليخبرك أحمد بيضون عن "كلمن" وكيف حرّكناه له كلمة كلمة. ليخبرك محمود درويش لم أعطانا أحد أجمل دواوينه "أحد عشر كوكبًا" وعبد الله العلايلي وخليل رامز سركيس وغيرهم وغيرهم.   

ما المواضيع التي تهتمون بنشرها؟ لمَ؟

توزّعت اهتماماتنا على الشأن العام (أي السياسة بمعناها الواسع) العربيّ واللبنانيّ وعلى التراجم والأدب. النشرُ مرآة لمجتمع يبحث عن هويّاته الإيمانيّة واللغويّة والسياسيّة.

تفضّلون نشر الكتب العربية أم المترجَمة؟ لمَ؟

نفضّل بالطبع لو كتب العربُ أكثر وساهموا في إثراء البحث والفكر لكنّهم حتّى الساعة يعتمدون لفهم العالم على ما يصلهم من ترجمات. تشكّل الترجمات الظاهرة والمقنّعة والاقتباسات أكثر من ثمانين بالمئة مما يُنتج بالعربيّة… وهذا رقم مفجع وصادم. القارئ العربيّ الذي لا يتقن سوى العربيّة سجين الوسطاء وما يختارونه له.

ما نوع الكتب الأكثر مبيعاً؟ لمَ برأيكم؟

الكتب الأكثر شيوعًا هي بالطبع الكتب المقدّسة  تليها الكتب المدرسيّة. السوق العربي، اليوم، والوضع السياسيّ  والتكنولوجيّ على ما هو عليه سوق مشرذم ووهميّ. كتبنا التي تطبع في بيروت قد لا تصل أحيانًا إلى الشام أو القاهرة. طبعًا يحظى بعض النجوم بسمعة جيّدة وتوزّع كتبهم وتقرصن بشكل مقبول أذكر منهم: أمين المعلوف اللبنانيّ الفرانكوفونيّ وعلاء الأسواني المصريّ المقيم حاليًا في المنفى وأحلام مستغانميّ الجزائريّة اللبنانيّة. بالنسبة للكتب المقدّسة أظنّها شاعت وبكلّ اللغات بسبب التبشير بها وكذا حدث بالنسبة للنجوم بُشّر بهم وكثُر الحديث عنهم وذاعوا بين الناس.

ما أكثر ما تشتكون منه كناشرين؟

لا داعي للشكوى  فعلى من سنقرأ مزاميرنا؟

ما أكثر ما تستمتعون به كناشرين؟

أستمتع بقراءة كتاب أكون قد أمضيت أشهرًا ساهرة عليه كي يرى النور ثمّ يصدر ويسير وحده وبفخر بين الناس. أحببت يوم صدور كتاب "لوجه ما لا يلزم" لنوتشيو أوردينه، الذي ساهمت بترجمته.

كيف أثّرت قرصنة الكتب على داركم؟

القرصان يظن نفسه روبن هود أي صانعُ خير يسرق الغنيّ (الناشر) ليطعم (الفقير). قلنا للقرصان سننافسك ورقيًا ما استطعنا ونجحنا ببيع كتب إنعام كجّه جي بسعر زهيد في أسواق مصر والعراق. أمّا القرصنة الإلكترونيّة فلا سبيل للوقوف في وجهها وهي تمنعنا من الخوض في مغامرات نشريّة مكلفة نعرفُ سلفًا أنّ القرصان سيغلبنا فيها ويكبّدنا  خسائر لا نحتملها.

أي الرقابات في بلادنا العربية أشد إزعاحاً؟

الرقابة الذاتيّة.

أخيراً، رشّحوا للقراء ثلاثة كتب من داركم.

كتبنا لا تشيخ، من أوّل كتاب نُشر وهو ترجمة لقصائد رينيه شار ضمن سلسلة بشهادة الأصل إلى آخر كتاب صدر وهو كتاب "قصّة أسمهان" ضمن سلسلة طبق الأصل، كلّ كتبنا، كلّها عزيزة ومفيدة. كتّابنا: عبد الله العلايلي وأحمد بيضون وخليل رامز سركيس أساتذة وأئمّة، فهيّا لاكتشافهم والتبشير بلغاتهم وأفكارهم وقلقهم على مصائرنا وإنسانيّتنا.