يوميات المهرجان... المخرجة آسيا بنداوي: فيلمي نضال ضد كل تمييز عرقي

2019-10-09 14:00:00

يوميات المهرجان... المخرجة آسيا بنداوي: فيلمي نضال ضد كل تمييز عرقي

الحي الذي أعيش فيه معظم سكانه من الفلسطينيين ومن الضروري أن يعرف الفلسطيني هنا أي واقع يعيشه الفلسطيني هناك، ثمة أمور كثيرة مشتركة نعانيها بسبب هويتنا سواء كنا تحت الاحتلال أو في دول متقدمة.

شاركت المخرجة آسيا بنداوي في مهرجان "أيام فلسطين السينمائية" بفيلمها "الشعور بالمراقبة" وهو فيلم يتحدث عن حي عربي في شيكاغو حيث نشأت المخرجة. أهل الحي من العرب والمسلمين ويعتقدون بأنهم مراقَبون دوماً، لذا خرجت آسيا مزودة بالكاميرا للتحقيق في هذا الأمر لتكتشف أن المكان الذي تعيش فيه مراقَب فعلاً من قبل وحدة مكافحة الإرهاب.

حول  قرار آسيا إخراج هذا الفيلم والمحاكم التي لا تزال سارية منذ سنة ونصف، عن شعور الجمهور الفلسطيني بالتماهي مع القضية المطروحة في الفيلم كان لـ "رمّان" هذا الحوار.

عندما رأيت فيلمك شعرت بأني أعرف تماماً ما الذي تتحدثين عنه لأني كفلسطينية أشعر بالمراقبة دوماً في الفيسبوك والهاتف والتحرّك.

لقد كان هذا شعور الجمهور عندما عرضت الفيلم أمام مجموعة من طلاب الإعلام والسينما في "دار الكلمة" في بيت لحم، وكانوا مهتمين جداً بالجانب النفسي الذي تخلقه هذه الممارسة على الناس وتأثيرها على تصرفاتهم. عندما كنا نصور الفيلم ونعمل على التحقيق، كنا واعين تماماً أن الأمر ليس حصرًا على مجتمعنا وليس خاصًا. تاريخياً حدث هذا في الولايات المتحدة ويحدث مع مجتمعات كثيرة. في فلسطين، يقع الناس تحت ضغط أكبر ومن المهم أن تكون هناك مرآة تعكس للناس ما الذي يعانون منه.

هل كان هدفك من وراء الفيلم عرض واقع أم النضال ضد الظاهرة أيضًا؟

كلاهما. هذا فيلم شخصي تحدثت فيه بصوت عالٍ عن شيء يثير انفعالي ويسيء لمجتمعي. لكنه في الوقت ذاته كان نضالاً لأن قصصاً عن المجتمعات العربية والمسلمة في الولايات المتحدة كانت تروى على يد مخرجين من خارج هذا المجتمع. هناك من ينظر إلينا على أننا حالات اشتباه وعلى أننا إرهابيون، لذا فإن سيرورة عمل الفيلم كانت اعتراضاً على ممارسات الحكومة ضدنا وكانت -نوعًا ما- علاجية أيضًا.

لقد قمت بتوثيق قضية على مدار سنوات، هل أحدثت هذه السيرورة تغييراً ما في الواقع الذي تعاني منه المجتمعات المسلمة والعربية في الولايات المتحدة؟

على صعيد المجتمع المحلي كان الناس يتحدثون بسرية عن الموضوع، وقد نجحت في كسر الصمت، وهذا أكبر تغيير. القضية جعلت الناس يشعرون بالخجل من أصلهم لكنهم عندما بدؤوا الحديث عنه نجحوا في التعبير عن مدى معاناتهم.

هل واجهت تحديات خلال العمل؟

طبعاً، لقد ظهر في الفيلم كيف تم اختراق خصوصيتي من خلال اختراق البريد الإلكتروني وأمور أخرى، وهذا غير قانوني لأنه رد فعل على نضال قانوني. كما أننا تحولنا إلى وجوه معروفة في الحيز العام وهذا يحمي من جهة ويعرضنا للانكشاف أمام المؤسسة واحتمال الانتقام منا، من جهة أخرى.

لقد ظهر في الفيلم أشخاص دعموا وشجعوا فكرة البحث والمواجهة وآخرون كانوا أقل قدرة أو أقل حماسًا.

صحيح، وقد حاولت من خلال الفيلم توجيه انتقاد لقيادة المجتمع المحلي. كقيادة عليك أن تكون صاحب مسؤولية أكثر من أي مواطن آخر، وبالذات الرجال الذين يتابعون ما يجري ويسمحون لممثلي المخابرات الفدرالية بالحضور إلى الحي ويحاولون إقناعنا بأننا حساسون أكثر من اللازم وليس هناك ما يستدعي ذلك، وهذا خطير. لم أكن أقصد إحراج هؤلاء ولكن انتقادتهم لأنني أريد بناء مجتمع توجد ثقة بينه وبين قيادته، ولا أريد قيادة تفتح الباب للتحقيقات والمراقبة، قيادتنا لا تناضل ضد ممارسات الحكومة.

إذن أنت تخوضين حربين في هذا الفيلم.

صحيح، حرب محلية أو سأسميها نضالًا محلياً ونضالاً آخر أمام الجهات الحكومية.

إذا كنت تتحدثين عن الشعور بالمراقبة والنضال ضد هذه المراقبة فإن ذلك يدفع الناس لسؤالك: ما الذي تخشينه؟ ما الذي تريدين إخفاءه عن السلطات؟

أولاً لكل إنسان الحق في الخصوصية. ولكن سؤالك كان أحد أبرز الأسئلة التي واجهتها خلال البحث، الناس كانت تقول لي: إذا لم يكن لديك ما تخفينه فلماذا تشعرين بالقلق؟

أنا أقول إن هذا الموقف خاطئ لأنه عندما يتم التعامل معك بشكوك بناء على لون بشرتك أو العرق الذي تنتمين إليه أو اسمك، فهذا يدفع للقلق. نحن لسنا مجرمين ولكننا نخشى التصنيف العنصري والوصم المبنى على رهاب الإسلام والعرب. المشكلة أن الحكومة تشك بي بسبب هويتي وهذا بحد ذاته دافع للنضال والاعتراض والمطالبة في التوقف عن مراقبتنا.

كيف تقيّمين عرض الفيلم في مهرجان "أيام فلسطين السينمائية"؟

هذا أول مهرجان عربي يستضيف الفيلم، وعندما بدأت العمل على الفيلم فكرت في الجمهور الذي أود أن يشاهد الفيلم وبالطبع أريد أن يشاهده مجتمعي أولاً ومن ثم مجتمعات تعاني من التمييز العنصري ومجتمعات خاضت تجارب شبيهة. لقد وفر المهرجان هذه الفرصة لي وللجمهور الفلسطيني والعربي وأنا أريد أيضاً للمجتمعات العربية أن تعي أي واقع نعيش في الولايات المتحدة، الحياة ليست وردية كما يعتقد البعض.

الحي الذي أعيش فيه معظم سكانه من الفلسطينيين ومن الضروري أن يعرف الفلسطيني هنا أي واقع يعيشه الفلسطيني هناك، ثمة أمور كثيرة مشتركة نعانيها بسبب هويتنا سواء كنا تحت الاحتلال أو في دول متقدمة.

هل تريدين للجمهور أن يتعلم شيئًا من فيلمك؟

نعم، أن يتابعوا قضاياهم وألا يتنازلوا عنها. لا تزال المحاكم قائمة بعد سنة ونصف من العرض الأول ولكني لا أخشى ذلك. نحن نملك قوة أكثر مما نعتقد وبالعمل المشترك ننجح في إنجاز الكثير.