صدر "الجيش والسياسة في مرحلة التحول الديمقراطي في الوطن العربي" عن المركز العربي للأبحاث ودراسة السياسات

2019-10-19 11:00:00

صدر

يتناول محمود جمال في الفصل الحادي والعشرين، "الجيوش والانتقال السياسي: أبعاد تدخّل الجيش المصري في العملية السياسية بعد 25 يناير 2011"، دورَ الجيش المصري في عملية الانتقال السياسي في مرحلة ثورة 25 يناير 2011، متوقفًا عند ثلاثة محاور رئيسة، هي: مقدمات نظرية وتاريخية ترتبط بدور الجيوش في عمليات الانتقال السياسي،

صدر عن سلسلة "دراسات التحول الديمقراطي" في المركز العربي للأبحاث ودراسة السياسات كتاب الجيش والسياسة في مرحلة التحول الديمقراطي في الوطن العربي، وهو نتاج أعمال الدورة الخامسة للمؤتمر السنوي لقضايا التحول الديمقراطي في الوطن العربي الذي عقده المركز بين 1 و3 تشرين الأول/ أكتوبر 2016 في معهد الدوحة للدراسات العليا. ويضم الكتاب (888 صفحة بالقطع الوسط، موثقًا ومفهرسًا) محاضرةً افتتاحية و22 بحثًا وُزعت في خمسة أقسام.

في محاضرة افتتاحية بعنوان "الجيش والحكم عربيًا: إشكاليات نظرية"، قدّم الدكتور عزمي بشارة، المدير العام للمركز العربي للأبحاث ودراسة السياسات، إطارًا نظريًا - تاريخيًا لأبرز قضايا العلاقة بين الجيش والسياسة وإشكالياتها على المستويات المؤسسية والسياسية والسوسيولوجية، منذ مرحلة ما قبل التنظيمات العثمانية وما بعدها في القرن التاسع عشر، مرورًا بالتجارب الانقلابية العسكرية في ما بعد الاستقلال في سورية ومصر والعراق، وما ارتبط بها من مشروعات وأفكار وتنظيرات وتبدلات جذرية في بنى الدولة والسلطة والقوة والثقافة، وصولًا إلى الانقلاب العسكري الأخير في مصر؛ ما وضع مجريات المؤتمر أمام تمهيد نظري شامل لأبرز محاوره.

مداخل ومقاربات نظرية

في القسم الأول من الكتاب، "مداخل ومقاربات نظرية"، خمسة فصول.

في الفصل الأول من هذا القسم، "تحولات العقيدة الأيديولوجية للجيوش العربية: قراءة في الأدبيات والأطر النظرية العربية - الحالة المصرية"، يفكك خليل العناني العقيدةَ الأيديولوجية للنخب العسكرية العربية من أجل فهم طبيعة التحولات التي طرأت عليها منذ منتصف الخمسينيات من القرن الماضي حتى الآن، مجادلًا بأن العقيدة الأيديولوجية أدّت دورًا مهمًا في المراحل الانتقالية. وفي الفصل الثاني، "بين عسكرة السياسة وتمدين العسكرية: نحو إطار نظري لمعالجة ’إشكالية الدولة المتخندقة‘"، يشخّص عبد الوهاب الأفندي ضعف أُسس التنظير في مجال العلاقة بين العسكري والمدني في الدولة الحديثة وهشاشته، ويعرض – نقديًا – للقضايا المحورية التي تشكّل أساس السجالات في هذا المجال في ضوء أوضاع العالم الثالث والمنطقة العربية، ولا سيما اختبار فرضيات أولوية المدني سياسيًا على العسكري، ثمّ العوامل السياسية والاجتماعية والاقتصادية التي ظلّت في عسكرة السياسة، والشروط اللازمة لتمدين الجهاز العسكري، وإخضاعه للسلطة الشرعية، وتأثير ذلك في فاعلية الهياكل العسكرية والأمنية

جيش وسلطة وانقلابات

يحلّل نوري دريس في الفصل الثالث، "الجيش والسلطة والدولة في الجزائر: من الأيديولوجيا الشعبوية إلى الدولة النيوباترمونيالية"، الأوضاعَ التي أدّت إلى احتلال الجيش قلْبَ الدولة والسلطة في الجزائر المعاصرة، وانعكاسات ذلك على عملية بناء المؤسسات السياسية والقانونية وتجربة الانتقال الديمقراطي، مستندًا إلى أطروحة ازدواجية السلطة في الجزائر: سلطة ظاهرة في المؤسسات الرسمية، وسلطة فعلية خفية في يد الجيش. وفي الفصل الرابع، "خطاب العسكر من الثورة إلى الانقلاب: دراسة استطلاعية في العلاقات المدنية – العسكرية"، يستطلع سيف الدين عبد الفتاح الخطابَ السياسي للعسكر المصري بعد الانقلاب السياسي، وطبيعته وبنيته وآثاره والمصالح الفئوية والنخبوية الاقتصادية والسلطوية التي يموّهها. وفي الفصل الخامس، "الانقلابات وتطور الوعي السياسي العربي"، يحلل ياسر جزائرلي العلاقةَ بين الجيوش والشعوب في الوطن العربي في إطار الوعي السياسي والفكري بتلك العلاقة؛ طردًا مع ظاهرة الانقلابات، وأثرها في تطور الوعي السياسي في المجتمع العربي.

مداخل تاريخية

ثمة فصلان في القسم الثاني الوارد بعنوان "مداخل تاريخية".

في الفصل السادس من هذا القسم، "الأدوار المبكرة للعسكريين في السياسة"، يرصد خالد زيادة أدوار العسكريين المبكرة في الثورة العربية في عام 1916، وفي الدول الناشئة بعد الحرب العالمية الأولى. فهذه الأدوار مهدت لحقبة انقلابات عسكرية في الخمسينيات والستينيات - إضافة إلى أدوار العسكريين الذين شاركوا في حكم العراق في ظل الحكم الملكي والانقلاب المبكر الذي قام به ضابط في الجيش العراقي - وحصدت تأييدًا عربيًا واسعًا. وفي الفصل السابع، "أثر تسييس الجيش في الاستقرار السياسي في العراق (1921-2003)"، يبحث كمال عبد الله حسن والناصر دريد سعيد في ملابسات ظاهرة تسييس الجيش في العراق عبر ثلاث مراحل تاريخية، هي: المرحلة الملكية (1921-1958)، ومرحلة الجمهورية، ومرحلة سيطرة النخبة الحزبية المؤدلجة (حزب البعث) على الجيش والسلطة.

جيش وميليشيات وشركات خاصة

في القسم الثالث، "الجيش والميليشيات والشركات الخاصة الجديدة"، خمسة فصول.

في الفصل الثامن من هذا القسم، "الجيش والفصائل غير النظامية في العراق: جدل الدولة والبديل الإثني"، يطرح علي عبد الهادي المعموري مسألة انبثاق الفصائل المسلحة غير النظامية وتعاظم دورها بالنسبة إلى دور الدولة في العراق. وفي الفصل التاسع، "إشكالية بناء جيش وطني موحّد في مجتمع منقسم مناطقيًّا: حالة الصومال"، تبحث سمية عبد القادر شيخ محمود في هذه الإشكالية - بعد حلّ الحكومة الانتقالية التشاركية في الصومال في عام 1991 - الناتجة من سقوط نظام محمد سياد بري، والمتمثلة بحلّ الجيش الصومالي وتسليم سلاحه ومقارّه لرجال الميليشيات الموجودة في العاصمة، راصدةً ما نتج من فوضى اجتماعية وسياسية وقبلية في الصومال.

جيش عام وجيش خاص

يبيّن بدر حسن شافعي في الفصل العاشر، "إشكالية العلاقة بين الجيوش الوطنية والشركات العسكرية الخاصة"، بروزَ الاهتمام بتشكيل هذا النوع من الشركات في مرحلة ما بعد انتهاء الحرب الباردة، وتصور وظائفها في مجال العلاقات الدولية؛ إذ اعتمدت عليها الدول الكبرى كأحد الأدوات الفاعلة في تحقيق أهداف سياساتها الخارجية، وكأحد البدائل المتاحة من النظم الحاكمة في قمع المعارضة المسلحة، أو حتى أيّ تمرّد داخل المؤسسة العسكرية. وفي الفصل الحادي عشر، "العسكر ومعضلة التحول الديمقراطي: دراسة الحالة الليبية"، يدرس مصطفى عمر التير القضايا المتولدة من هذه المعضلة تاريخيًا؛ منذ حصول ليبيا على الاستقلال حتى سقوط النظام الليبي بقرار أممي فتح الباب أمام إمكانية بناء دولة مدنية ذات مؤسسات ديمقراطية. ولكنْ بدلًا من تطور ذلك، تدنّت ليبيا إلى مستوى الدولة الفاشلة إلى حدّ أنه يمكن وصفها بـ "حالة لادولة". ثم يتصدى سردار عزيز، في الفصل الثاني عشر، "البشمركة والعلاقة المدنية - العسكرية في كردستان العراق"، لنشوء البشمركة كقوات مسلحة شبه عسكرية في كردستان العراق. فالبشمركة قوّة يعترف بها الدستور الفدرالي العراقي، وقد أنتجت أدبًا غزيرًا - أو ارتبط بظاهرتها هذا الإنتاج - يركز على خصائصها الاستثنائية بطريقة تسمح بتحليل النظرة إليها.

جيش وانتقال سياسي

في القسم الرابع، "الجيش والانتقال السياسي - حالات دولية وحالات دولية مقارنة"، خمسة فصول.

في الفصل الثالث عشر من هذا القسم، "القوات المسلحة وعمليات الانتقال السياسي"، يتناول زولتان باراني القوات المسلحة بوصفها مؤسسات سياسية مهمّة، وليس بوصفها مؤسسات يتركز نشاطها على الأمن والدفاع فحسب. ويرى أن عمليات الانتقال السياسي تمثّل مراحل حرجة بالنسبة إلى القوات المسلحة؛ لأنها مطالبة باتخاذ موقف ما متعدد الشكل والاحتمال منها. وفي الفصل الرابع عشر، "العسكر ودوره في التحول - العسر والتعثر الديمقراطي: ثلاث حالات دراسية"، يرى مهند مصطفى أن الدراسات السياسية المقارنة هي الأفضل إبيستيمولوجيًا لفهم قضايا التحول الديمقراطي، وأنها تهدف إلى تعميق فهم العلاقة بين المؤسسة العسكريّة والتحول الديمقراطي، أو العُسر، أو التعثّر، في النظم السلطوية، أو في النُظم التي مرّت بتحولات ديمقراطية، من خلال دراسة حالات متمثلة بتركيا وتايلند والأرجنتين. وفي الفصل الخامس عشر، "الجيوش والانتقال الديمقراطي: كيف تخرج الجيوش من السلطة؟"، يجيب عبد الفتاح ماضي عن السؤال: متى يضطر العسكريون إلى الخروج من السلطة؟ وينتهي إلى أن العسكريين لا يخرجون من السلطة من تلقاء أنفسهم، وإنما يُدفعون إلى ذلك دفعًا؛ إمّا لإقناعهم بأن الحكم المدني سيضمن مصالحهم، وإما خوفًا من تعرضهم للمحاسبة والعقاب.

عسكري ومدني في تركيا

يرى أحمد أويصال في الفصل السادس عشر، "العلاقات المدنية - العسكرية خلال حقبة حزب العدالة والتنمية"، أن أتاتورك استطاع أن ينأى بالمؤسسة العسكرية عن السياسة الداخلية لتركيا خلال الحقبة الأولى من الجمهورية؛ ما مكّن من تبنّي الديمقراطية في تركيا، كما يرى أن الوضع تغيّر مع أوّل الانقلابات العسكرية في عام 1960، وأن تتالي الانقلابات أدى إلى أزمات اقتصادية وسياسية طاحنة، وهو أمرٌ مهّد الطريق لفوز حزب العدالة والتنمية؛ لأنه حزب غير مرتبط بالعسكر. ويتوقف مراد يشيلتاش في الفصل السابع عشر، "إعادة رسم العلاقات التركية المدنية - العسكرية بعد 15 تموز/ يوليو 2016"، عند تداعيات محاولة الانقلاب في تركيا، على الصعيدين السياسي والعسكري، مقدّمًا فهمًا للطبيعة المتحولة في العلاقة بين العسكر والحكومة المدنية في تركيا إبّان حكم حزب العدالة والتنمية، وصولًا إلى فشل الانقلاب الأخير - انطلاقًا من فكرة تحوّل الجيش - مركزًا على الإصلاحات الطارئة على المؤسسة العسكرية بعد محاولة الانقلاب الفاشلة، وتبنّي عدد من الجنرالات والضباط سردية مضادة لسردية حزب العدالة والتنمية عن الانقلاب.

جيش وتحول ديمقراطي

في القسم الخامس، "الجيش والانتقال الديمقراطي في الوطن العربي - حالات مقارنة" خمسة فصول.

في الفصل الثامن عشر من هذا القسم، "المؤسسة العسكرية في ميزان الثورتين التونسية والليبية"، يرصد العربي العربي دور المؤسسة العسكرية في المسار العامّ للثورتين التونسية والليبية، وموقع كلّ من المؤسّستين في رسم الخريطة العامة للمشهدين السياسي والأمني خلال الثورة، والإفرازات اللاحقة بالمشاهد المختلفة في الدولتين. وفي الفصل التاسع عشر، "الجيوش والتحول الديمقراطي في المنطقة العربية: دراسة مقارنة لدور المؤسسة العسكرية في تونس ومصر وسورية"، يقرأ حمزة المصطفى أهمَّ المساهمات النظرية في مسألة العلاقات المدنية - العسكرية، ويتساءل عن ماهية الاقترابات النظرية التي يمكن أن تشرح تباين مواقف الجيوش من الثورات في ثلاث حالات مختلفة، هي تونس ومصر وسورية. وفي الفصل العشرين، "الانقلاب العسكري بمنزلة عملية سياسية: الجيش والسلطة في السودان"، يبحث حسن الحاج علي أحمد أسبابَ تدخّل العسكريين في السلطة في السودان، ويتساءل: هل هي نتاج الاستقطاب السياسي المتزامن مع تسييس المؤسسة العسكرية؛ بالنظر إلى أن العسكريين أصبحوا امتدادًا للمدنيين داخل المؤسسة العسكرية؟

في المراحل الانتقالية

يتناول محمود جمال في الفصل الحادي والعشرين، "الجيوش والانتقال السياسي: أبعاد تدخّل الجيش المصري في العملية السياسية بعد 25 يناير 2011"، دورَ الجيش المصري في عملية الانتقال السياسي في مرحلة ثورة 25 يناير 2011، متوقفًا عند ثلاثة محاور رئيسة، هي: مقدمات نظرية وتاريخية ترتبط بدور الجيوش في عمليات الانتقال السياسي، وتطور الوضعين الدستوري والقانوني للقوات المسلحة المصرية منذ الحقبة الملكية حتى ثورة 25 يناير، وإدارة المجلس الأعلى للقوات المسلحة للمرحلة الانتقالية بعد تنحّي مبارك وتأثير سياساته في نجاح العملية السياسية برمتها. أما في الفصل الثاني والعشرين (الفصل الأخير)، "أدوار الجيش في مراحل الانتقال في الجزائر"، فيوضح الطاهر سعود الدورَ المحوري الفعلي والدستوري لمؤسسة الجيش في الجزائر، ولا سيما بعد تحديد دور هذه المؤسسة في الدستور الجزائري بالدفاع عن سيادة الدولة وأراضيها.