جسدكِ يذكّرني بأننا قطعنا الفجر... قصائد الشاعر الهايتي واتسون شارل (ترجمة)

2021-01-02 13:00:00

جسدكِ يذكّرني بأننا قطعنا الفجر... قصائد الشاعر الهايتي واتسون شارل (ترجمة)

أكتبُ لك كي أقول أنّ قلبي نهرٌ يسيلُ نحوك، وأنّ كلّ قطرة هي ابتهال للأرض، وكلّ صرخة تفصح لك عن نهوض النهار. أكتبُ لك مثل هذه الريح التي تمرّ والتي تأخذني نحوكَ، كي أقول لكَ أنّ قلبي على انجراف القارات.   

واتسون شارل Watson Charles شاعر من هايتي يقيم في فرنسا التي سافر إليها في سنّ العاشرة من عمره. حين سأله أحد الشعراء يوما "متى جئتَ للعيش في فرنسا" أجابه واتسون شارل "فرنسا هي التي جاءت إليّ"، في إشارة منه لاحتلال فرنسا لبلده هايتي قبل أن تستقل عنها. وتعتبر الفرنسيّة لغة رسميّة فيها إلى جانب اللغة الكريوليّة الهايتيّة. هذه القصائد المترجمة مقتبسة من ديوانه "غناء المدّ والجزر" «Le chant des marées» الصادر عام 2018 عن دار النشر يونسيتييه «Editions unicité». وهي تفيض بالنوستالجيا وملابسات المنفى التي تظهر في تعلّقه بالبحر، البحرُ الذي ألفه في هايتي وله حضور طاغٍ هناك. كما جاء في مقدمة ديوانه فإن "الثيمة الأكثر تكررا في الديوان هي البحر الذي تعوم فيه قصائده ". وتتصف قصائد هذا الديوان "بالغنائيّة الواقعيّة" حيث تبرقُ فيها الصور الشعريّة عن سراب ماضيه وبلده. فمازال الشاعر مأخوذ ببلده الذي تركه صغيرا، وتتحوّل تضاريسه إلى مادة ثريّة يستلهم منها صوره وتهويماته الشعريّة، كما يقول في إحدى قصائده "أحمل البحر الكاريبي في جسدي". إلتقيتُ بهذا الشاعر خلال مهرجان سيت الشعري في فرنسا العام الماضي، حيث تصادف أننا ركبنا نفس القطار الذي يقلّنا الى مدينة سيت فكانت فرصة للتعارف قبل بدء المهرجان. وهو من أحد الشعراء النشيطين الذيْن يشاركون في تظاهرات شعريّة متعدّدة في باريس، من خلال قراءات ولقاءات وتوقيع كتب ولقاءات مشتركة مع كتّاب آخرين. 

قصائده غير مُعنونة لذا أكتفي هنا بالإشارة إلى أرقام صفحات القصائد في ديوانه. 

 

ص. 22

أتيتُ من هذا العالم لأقول لك كل الآلام التي أحملها، صرخاتٌ بقبضات يدٍ مغلقة، قد ننساها أحيانا، ولأحدّثك عن الارتحال وأصوات العبيد. لقد أتيتُ والغبار على قدميّ مثل بلدٍ تمشي وريحٌ تنزف. 

 

ص. 23

أكتبُ لك كي أقول أنّ قلبي نهرٌ يسيلُ نحوك، وأنّ كلّ قطرة هي ابتهال للأرض، وكلّ صرخة تفصح لك عن نهوض النهار. أكتبُ لك مثل هذه الريح التي تمرّ والتي تأخذني نحوكَ، كي أقول لكَ أنّ قلبي على انجراف القارات.   

 

ص. 40

نَظْرَتُكَ قصيدة 

تقود إلى العزلة

 

في هذي البلاد البعيدة

الهالاتُ مثل أصابع رقيقة

عشتُ فوضاكَ الهائلة

مثل فستانٍ ليليّ

عشتُ وعشتُ فيك...

الوعودُ حيث الرجال 

مسافرون ويحملون ذاكرتهم 

في زوايا أعينهم. 

 

ص. 48

العتمةُ تسقط على ذراعيك

مثل بيتٍ قديم،

وجسدك يذكّرني

بأننا قطعنا الفجر 

بقفزاتٍ كبيرةٍ على المكنسة

وأنا أمشي بخطورة 

لقطف النجوم 

نحن 

الذين قطعنا الطريق 

ما الذي تبقى لنا.

الليلُ زوجة أبٍ

وقلوبنا مجروحة 

البحرُ يحلم بالرائحة 

ما الذي تبقى لنا

نحن 

المخلوعيْن  

 

ص. 20

تعالي، تعالي أقولُ لكِ. أعرفُ أنّك تعذّبتِ، وأنّ كلّ يوم يَعزِلُك في هذا البلد الذي يقتلك. تعالي، كي أريكِ الليل، والطقس في الجهة الأخرى من البحر، وإن اخترعتُ ظلّك فإنّ هذا كي يتحدّث يوما عني، وعن انزياحي، وعن عذابكِ وجسدكِ القمريّ. لذا لن أعود خائفا أنّ رمادي سيكون على عينيكِ، وسأغني أغنيات جديدة، والأزهار ستبني أمبراطوريتكِ، والأطفال سيرون فيكِ الوعودْ.