"ملتقى صناع السينما الفلسطينية": رؤى للنهوض بصناعة وتوزيع السينما الفلسطينية

2021-11-08 11:00:00

ناقش المشاركين كذلك المسؤولية الكبيرة التي تقع على عاتق الجميع وخاصة القطاع الحكومي والحكومات الوطنية، والبلديات والقطاع الخاص، في حماية الرواية الفلسطينية التي لا تنفك عن مواجهة الهجمات الهادفة إلى محوها واقصائها، وصمود هذه الرواية حتى اليوم بفضل التضحيات لتوثيقها وترويجها بالوسائل المتاحة.

على مدار ثلاثة أيام مضت، ناقش مجموعة من صناع الأفلام والعاملين في قطاع السينما والمؤثرين في بناء عجلة الإنتاج السينمائي من فلسطين وخارجها، مجموعة من القضايا المتعلقة في سبل النهوض بصناعة السينما في فلسطين وتوزيعها محلياً وعالمياً، وذلك من خلال ملتقى صناع السينما الفلسطيني في دورته الرابعة الذي ينظم ضمن فعاليات الدورة الثامنة من مهرجان "أيام فلسطين السينمائية" الدولي 2021. مسلطاً الضوء على المركبات المؤثرة في عملية بناء عجلة الإنتاج السينمائي، ومستكشفاً السياسات وآليات العمل اللازمة لتمكين دورانها بحيث يتناغم مع عمل الجهات كافة في رفد صناعة السينما الفلسطينية التي تتشارك مسؤوليتها المجتمعية، المؤسسات الرسمية والوطنية، والتعليمية، والثقافية، ومراكز التدريب ومجموعات العمل السينمائي وشركات القطاع الخاص. 

الملتقى الذي بدأ فعالياته هذا العام في الرابع من شهر نوفمبر الحالي واستمر حتى السابع من ذات الشهر، اشتمل على أربع جلسات عقدت جميعها في مؤسسة القطان في رام الله: محادثة صنّاع الرواية، محادثة مروجي الصناعة، محادثة صناع الكفاءات ومحادثة لاعبي الصناعة الرئيسيين. وعبر توظيف خبرته المتراكمة على مدى السنوات السابقة جاءت الدورة الرابعة أكثر اختصاصاً من حيث تطوير رؤيته لتشكّل أرضيةً مترابطة يحاول المشاركون فيها تشكيل أرضية ورؤية مستقبلية شاملة لصناعة السينما في فلسطين، وهي رؤية تسعى مؤسسة "فيلم لاب - فلسطين" الجهة المنظمة لمهرجان "أيام فلسطين السينمائية"، لبلورتها وخلق أرضية لها بالتعاون مع المؤسسات المحلية والدولية الداعمة، ومن خلال المهرجان الذي انطلق عام 2014 سعت إلى تنمية الثقافة السينمائية من خلال عروض الأفلام المحلية والدولية في المدن الفلسطينية، إلى جانب حلقات نقاش، وورش عمل احترافية، وبرامج متخصصة للجيل القادم. ويمكنني القول أنه بعد سنوات من انطلاق المهرجان والملتقى والفعاليات المرافقة مثل سينما الجيل الجديد بالإضافة للمرافق الإنتاجية التي وفرها فيلم لاب مثل وحدة تصحيح الألوان التي افتتحها هذا العام، والأستوديوهات والمعدات التي غالبا ما تقدم لصناع الأفلام في فلسطين كنوع من الدعم، جميعها عناصر نجحت المؤسسة مع شركائها في جعلها بنية أساسية في التأسيس لصناعة أفلام فلسطينية.

ويأتي الملتقى ليناقش فضاء الأفكار بناء على ما أنجز وما هو موجود لوضع رؤية مستقبلية واقعية تعتمد على استيعاب الدروس المستفادة من تجارب صنّاع السينما محلياً واقليمياً وعالمياً، ورسم تصور لمستقبل هذه الصناعة الناشئة عبر طرح أسئلة محورية حول تشكيل هذه الصناعة والمسؤولية المشتركة لكل العاملين في هذا القطاع فلسطينياً، سواء على الصعيد الفردي أو المؤسساتي بشقيه الرسمي والخاص، لكونه كما يقول القائمون على الملتقى: "تشكّل صناعة سينما فلسطينية يحتاج لإجاباتٍ من الجهات المعنية، أسئلة بات من غير الممكن إنكارها أو تجاوز أثرها، بعد أن أثبتت التجربة أن خلق صناعة مستدامة لا يقتصر على تفاني مجموعة عمل بعينها، وإنما تتشعب المسؤولية وتتقاطع جهود مجموعات عمل عديدة في عجلة يتكامل فيها مشهد الصناعة".

الملتقى الذي تأسس عام ٢٠١٧ كما يقول مدير الملتقى، المخرج الفلسطيني مؤيد عليان: كملتقى يتناول آخر مستجدات صناعة الأفلام، في مهرجان أيام فلسطين السينمائية، ليكون المهرجان فرصة تجمع ما بين المحترفين الرئيسيين في هذه الصناعة في فلسطين والخارج من ضيوف المهرجان وحضوره، لإيجاد فضاء ابتكاري مفتوح للتفكير بالأفلام ومناقشتها وتقديم المشاريع وتطويرها، بالإضافة لخلق فرص وحلقات للتشبيك بين صناع الأفلام من مخرجين ومنتجين وموزعين وعاملين في هذا القطاع الواسع.

مضيفاً: أن الملتقى نجح منذ انطلاقه في أن يصبح مساحةً لمناقشة أعمال الإنتاج المحلية المرتبطة بالسوق، والتي تأخذ السياق الإقليمي والعالمي المتغير للصناعة في عين الاعتبار، إضافة للتحديات والتفاصيل المتعلقة بخصوصية السياق الفلسطيني".
 


صنّاع الرواية

افتتح الملتقى أول جلساته في مؤسسة عبد المحسن القطان في رام الله، في الرابع من نوفمبر، بمحادثة حملت عنوان "صنّاع الرواية"، بمشاركة الفنانة ربى بلال عصفور، والمخرجة إيناس المظفّر، والمخرج والممثل وسيم خير، وأدار النقاش خلالها المخرجة سهى عرّاف. ناقش المشاركون فيها، الفرص المتاحة لصنّاع السينما الفلسطينيين لإثبات ذاتهم والبقاء داخل فلسطين والعمل في مجال صناعة الأفلام، في ظل التحديات المختلفة من شح الموارد المتاحة وضعف الإمكانات من جانب، وتزايد الضغوط والإغراءات من جانب آخر.

مروجو الصناعة

وفي السادس من نوفمبر، عقدت الجلسة الثانية التي حملت عنوان "مروجي الصناعة" بمشاركة مؤسسة ومديرة سينما متروبوليس في لبنان، وطارق أبو لغد مؤسس ومدير الشبكة العربية للإعلام في الأردن، والمخرج التونسي قيس زايد أحد مؤسسي شركة هكا للتوزيع السينمائي، ومؤسس ومدير مسرح القصبة في رام الله جورج إبراهيم، وأدار الجلسة المخرج الفلسطيني مهند صلاحات. ناقشوا فيها تأثير الجائحة على عرض وتوزيع الأفلام في لبنان وتونس والأردن وفلسطين وكيف أعادت الجائحة تشكيل طرق التواصل بين صناع السينما والمشاهدين بتسارع تجاوز قنوات التواصل التقليدية، مما فتح المجال أمام سيطرة منصات إنتاج وترويج مثل نتفلكس وأمازون، والظروف المتغيرة التي تؤثر في توزيع وعروض الأفلام، والتغيرات التي طرأت على ثقافة السينما وعلاقة الجمهور معها على مدار السنوات الماضية، وكيف عمل الموزعون على تطوير أدواتهم وما أبرز الإشكاليات التي واجهوها، كما ناقشوا مع الحضور رؤيتهم المستقبلية وأدوات عملهم.
 


صنّاع الكفاءات

في ثالث أيام الملتقى، السابع من نوفمبر ٢٠٢١، عقدت محادثة "صنّاع الكفاءات" التي شارك فيها الإعلامي عماد الأصفر، المخرج ثائر العزة، ومديرة شبكة الفنون الأدائية مارينا برهم، وأستاذ الإعلام الرقمي والاتصال نادر صالحة، وأدارتها المخرجة شروق حرب. ناقشوا المجتمعون والحضور فيها دور المؤسسات التعليمية ومراكز التدريب في اكتساب وتطوير المهارات، وتهيئة الخبرات اللازمة لسوق صناعة السينما، وأبرز التحديات التي تواجههم وما هي خططهم المعدة لمواجهة المتغيرات المستقبلية، بالإضافة إلى مستقبل الملتحقين في هذه المؤسسات التعليمية والمراكز بعد اجتيازهم مرحلة التعليم، وكيف يمكن لفلسطين أن تكون حاضنتهم الأولى.

لاعبوا الصناعة الرئيسيين

وفي ذات اليوم الثالث، عقدت أيضاً جلسة "محادثة لاعبي الصناعة الرئيسيين" بمشاركة المنتجة والمخرجة الأردنية ديمة عازر، والمخرج والمنتج الفلسطيني رائد أنضوني، والمدير العام للهيئة الملكية الأردنية للأفلام مهند البكري، والمخرج والمنتج الفلسطيني حنا عطالله، مدير أيام فلسطين السينمائية، وأدارت المحادثة المخرجة الفلسطينية ديمة أبو غوش. ناقشوا خلالها سبل بناء تفاهمات أوسع لتوفير الدعم والحماية لصناعة السينما، منطلقين من أن دور الصنّاع الرئيسيين لا يقتصر على خلق فرص التشبيك الداخلي والخارجي بين صناع الأفلام، بل يمتد إلى تحمل المسؤولية عن تغطية الاحتياجات والمقومات بتنسيق فيما بينها والشروع في دفع حملات الضغط للترويج للتشريعات اللازمة والمبادرة في احتواء صناديق دعم الصناعة وتقنينها، بالإضافة إلى اقتراح نماذج لأشكال اقتطاعات ضريبية داعمة لها. 

ناقش المشاركين كذلك المسؤولية الكبيرة التي تقع على عاتق الجميع وخاصة القطاع الحكومي والحكومات الوطنية، والبلديات والقطاع الخاص، في حماية الرواية الفلسطينية التي لا تنفك عن مواجهة الهجمات الهادفة إلى محوها واقصائها، وصمود هذه الرواية حتى اليوم بفضل التضحيات لتوثيقها وترويجها بالوسائل المتاحة.

يذكر أن 65 فيلمًا من فلسطين ودول عربية وأجنبية منها: مصر والمغرب والجزائر ولبنان وسوريا وإيران ومالطا والبوسنة وصربيا وفرنسا وإنجلترا وأمريكا والدنمارك والسويد، شاركت في مهرجان أيام فلسطين السينمائية الذي اختتم أعماله مساء يوم الإثنين الثامن من شهر نوفمبر الحالي، وتوزعت عروضه في 15 موقعًا بمدن هي: القدس العاصمة، ورام الله، وبيت لحم، وغزة، وحيفا، والناصرة. ويرصد ريع عروض الأفلام في مدينة القدس المحتلة للمسرح الوطني الفلسطيني "الحكواتي"، كمساهمة رمزية من "فيلم لاب فلسطين" لدعم صمود المسرح كصرح ثقافي مهم في القدس، في ظل الظروف المالية الصعبة التي يعيشها والتي باتت تهدد استمراريته.

يمكن مشاهدة الملتقى مسجّلاً هنا، عبر صفحة المهرجان على فيسبوك.