اختتم الفيلمُ الدورة الثامنة لمهرجان "سينيبالستين تولوز" هذا الشهر

رشيد مشهراوي: في «استعادة» نشاهد الصناعة والتجارة والثقافة اليافوية

2022-03-21 11:00:00

رشيد مشهراوي: في «استعادة» نشاهد الصناعة والتجارة والثقافة اليافوية
مشهراوي مع فريق المهرجان في تولوز

بخصوص أعمالي المستقبلية فإنّ التحضير جاري الآن لإنجاز فيلمي الروائي السينمائي الطويل، وهو بعنوان «أحلام عابرة»، والذي سيصور في الضفة الغربية؛ في بيت لحم وفي القدس المحتلة، داخل أسوار مدينة القدس القديمة، وفي مدينة حيفا المحتلة.

احتضنت مدينة تولوز الفرنسية، فعاليات مهرجان "سينيبالستين تولوز"، ما بين السابع والخامس عشر من الشهر الجاري، والتي اختتمت بعرض فيلم «استعادة» للمخرج رشيد مشهراوي، الذي حاورته "رمان" للحديث حول جديده، وتفاصيل حضوره في هذه التظاهرة السينمائية في دورتها الثامنة، فكان هذا الحوار…

بداية، كيف تقدّم فيلمك الأخير «استعادة»؟ وكيف نشأت فكرته؟

فكرة فيلم «استعادة» نشأت بسبب مجموعة أهداف كنت أود أن تصل للمشاهد في العالم، أولها أنّ جذوري من مدينة يافا قبل أن أكون لاجئاً في مخيم لاجئين في غزة، وأنني أردت أن أستعيد الحياة في يافا قبل عام ١٩٤٨ من خلال عمل سينمائي، وأنني أيضاً أردت التعريف في تلك المدينة العريقة الحضارية التي كانت تعتبر من أهم المدن في العالم العربي بل في العالم، وفي نفس الوقت أردت أن أوفر للمشاهد متعة مشاهدة من خلال تجربة سينمائية خاصة ومن خلال لغة مختلفة عن أفلامي والأفلام الفلسطينية والعربية السابقة. 

«استعادة» الذاكرة وتحديث العلاقة مع المكان والزمان والحدث هي سردية الفلسطيني اليوم وغداً حتى يزول الاحتلال ويعود لأرضه. وأنت من السينمائيين الفلسطينيين الذين اشتغلوا كثيراً على الذاكرة، واهتمامك بها واضح في أغلب أعمالك، فهل تعتبر هذا الاشتغال هو الخيط الرابط في مشروعك الفني؟

أنا وغيري من السينمائيين الفلسطينيين في معظم أفلامنا تتسرب الوثيقة والذاكرة في الأفلام بشكل تلقائي وكأننا مجندون من الداخل دون أي تخطيط لذلك. أعتقد لأنّ الاحتلال اختلق رواية للذاكرة والمكان ونحن لسنا بحاجة لأن نخترع أي رواية، لأنه مجرد أن نتعامل مع التاريخ والواقع، وبدون أي مزايدات، فهذا يُشكك في روايتهم ويُسقطها، ولكن ذلك من طرفنا أصبح غير كاف فنحن نحتاج إلى تطوير لغتنا السينمائية لكي تصل للعالم كفن سينمائي، وتضمن انتشار الفيلم الفلسطيني لكي ينتشر الموضوع المطروح بالعمل، وهذا ما أحاول أن أتبعه في معظم أفلامي وهذا ما أتبعته في فيلم «استعادة». 

من خلال تتبع سيرة الراحل طاهر القليوبي الذي حوّل النكبة والانتظار وخيبة الأمل إلى فعل مقاوم بالحفاظ على الذاكرة وتوريثها للأجيال القادمة لكي تبقى فلسطين وتبقى يافا. هل كنت تتعمد أن تكون المادة البصرية شاهداً على تاريخ وحكايات الإنسان الفلسطيني قبل الاحتلال وبعده؟ ولماذا؟

أعتقد أنّ وجود طاهر القليوبي بالفيلم قد ساهم كثيراً في إيصال المعلومات بطريقة سلسة وواضحة، وهو من الأشخاص الذين يهدفون إلى توريث الذاكرة ، ولقد ساعد الفيلم كثيراً لأنه يتحدّث عن يافا عبر معايشته وذاكرته عن المكان وعن تجاربه الشخصية في يافا التي يعشقها، ولديه هذا الشغف والحب لجميع التفاصيل التي عاشها في طفولته وشبابه في يافا.

الفيلم غني بصور فوتوغرافية، بالأسود والأبيض، تُكمِل مرويات طاهر القليوبي. ما هي أبرز المصادر التي استعنت بها؟

هناك تقريباً اثنا عشر مصدراً جميعها مذكورة في عناوين نهاية الفيلم. تعاملنا معها لمدة ستة أشهر للحصول على الصور والمعلومات التي استعنَّا بها في الفيلم، وأهمها مصادر مثل فلسطين في الذاكرة أو أشخاص كانوا قد تعاملوا في أفلامهم مع يافا مثل الباحث والمخرج رائد دزدار، والمؤرخ أحمد مروات، ومواقع مثل "يافا أم الغريب"، و"ذاكرة فلسطين الزراعية"، وغيرهم من الأفراد والمصادر المهمة. 

ما أبرز الصعوبات التي واجهتك في مراحل تحقيق الفيلم؟ وهل واجهت عقبات في الحصول على تمويل الإنتاج؟ 

العقبات لم تكن في التمويل لأنّ العمل أنجز بدون ميزانيات تذكر، بل تم إنجازه بمجهود شخصي ومساعدات من الأشخاص والمصادر الذين تجندوا معي للفكرة وللمشاركة في الطرح، ولكن كان هناك جهد كبير في تأهيل الصور تقنياً بأن تستعمل ضمن عمل سينمائي لكي تتوحد ألوانها وترتفع جودتها وتكون قابلة للعرض على شاشة سينمائية كبرى بدون أي شعور بضعف جودة الصور، وهذا ما قمنا بعمله ضمن طاقم مختص من ألمانيا في تصحيح ألوان الأسود والأبيض ومعالجة كل صورة شاركت بالفيلم.
 


ماذا عن انطباعاتك حول مهرجان "سينيبالستين تولوز"، الذي اختتم فعالياته في 15 من الشهر الجاري بعرض فيلم «استعادة»؟ وما أهميته في خدمة السينما الفلسطينية برأيك؟

المهرجانات التي تحتفي بالسينما الفلسطينية في فرنسا وفي العالم أعتبرها مهمة جداً، ومعظمها أعتبره أهم من المهرجانات التي تقام في فلسطين والعالم العربي، وبما أنّ رسالتنا هي التواصل مع الآخر وعرض حكاياتنا على العالم وإجراء التبادل الثقافي عبر الفن السينمائي فتلك المهرجانات تمثل الجسر بيننا وبين المشاهد الغير فلسطيني والغير عربي. نحن لسنا بحاجة لإقناع المقتنعين وإنما نحن مطالبون دائماً بالبحث المتواصل للحصول على جمهور جديد ومختلف خارج العالم العربي، ومن هنا تأتي أهمية تلك المهرجانات، ومهرجان "سينيبالستين تولوز" أعتبره من أهمها لأنه حريص على إحضار الأفلام الفلسطينية بتنوّعها الروائي والوثائقي الطويل والقصير، ودعوة السينمائيين الفلسطينيين لإجراء حوارات مع الجمهور وعمل الندوات والورشات خلال المهرجان.

نحن كسينمائيين فلسطينيين لا يسعنا إلى أن نشكرهم على الجهد الكبير والعمل الدؤوب الذي يقومون به للوصول للنتائج الكبرى والمهمة التي شاهدتها أثناء تواجدي في أيام المهرجان في دورته الثامنة.

ماذا عن تفاعل الجمهور العربي والفرنسي مع الفيلم، بخاصة أنه يعرض لأول مرة في فرنسا؟

لقد أسعدتني جداً ردود أفعال الجمهور العربي والفرنسي في المهرجان، خصوصاً وأنّ أهم أهداف الفيلم هو دحض الرواية الإسرائيلية التي بنيت عليها دولة الاحتلال الإسرائيلي "أرض بلا شعب لشعب بلا أرض"! لقد شاهد الجمهور بأنّ فلسطين المحتلة في فيلم «استعادة» كانت أرضاً وشعباً وحضارة وفن وثقافة وصناعة وتجارة لها خصوصيتها وعاداتها وأعيادها ومواسمها.. وهذا ما كان محتوى النقاش في نهاية عرض الفيلم.

ما هي أبرز المشاركات الموعودة لفيلم «استعادة» في قادم الأيام؟

هناك العديد من المشاركة في المهرجانات في العالم العربي والأجنبي خلال العام، ولكن العروض القادمة التي أعتبرها مهمة حالياً ستكون في فلسطين؛ في القدس ورام الله وغزة، وفي فلسطين المحتلة ١٩٤٨.

ماذا عن أعمالك المستقبلية؟ 

بخصوص أعمالي المستقبلية فإنّ التحضير جاري الآن لإنجاز فيلمي الروائي السينمائي الطويل، وهو بعنوان «أحلام عابرة»، والذي سيصور في الضفة الغربية؛ في بيت لحم وفي القدس المحتلة، داخل أسوار مدينة القدس القديمة، وفي مدينة حيفا المحتلة.