لم يغادر شكري المغرب وهو يكتب روايته «الشطار»، ولعله لم يكن يفكر أثناء كتابتها تحديداً في التعددية اللغوية، أو في سؤال مكان الكاتب. لكن ما كتبه، حتى ولو عرضاً، يصلح لإنارة الطريق عند التفكير في أمر مكان الكاتب، لا سيما عندما يكتب من خارج سياق لغته. كأن شكري يريد أن يقول لنا إن الكاتب ميت أو خفيّ لأنه يسكن اللغة، أي ذلك المكان الذي تتشكل فيه الأشياء وتولد من جديد. وظيفة الكاتب لا تتمثل في أن يكون معاصراً للأحداث، ولا أن يكون حاضراً بجسده في سياق مكاني أو زماني بعينه، فهذه الاختيارات تحددها حاجات الكاتب الحياتية، وإنما وظيفته الملحّة هي العثور على اللغة المناسبة، أو خلقها إن استلزم الأمر، لكي يمكن للواقع أن يولد من جديد.