في أقبية المدينة اللامنتهية، لم أستطع أن أجد ما أضعت في أي منها، حتى استسلمت للتعب من بحث لا جدوى منه. وظننت أني لن أجده من جديد ممضياً ليال طويلة في البحث والتفكير. عرفت أني لن أجد ما أبحث عنه ما دمت مختبئاً في أقبية الرعب والتعب. وعرفت أنني سأتوه أكثر مثل هؤلاء البشر التائهين بين عنق خيط ورأس إبرة. عرفت أني مهما تعلمت حمل مقصاتهم فإنها لن تقص العصبة الملفوفة حول عيني. عرفت بأن كل الشبابيك لا تطل إلى على بعضها وتنفد إلى الطريق ذاته فتعود من جديد وتختبئ في قبو أعمق من الذي قبله. عرفت أن علي الخروج أو الهروب، لكن حتى الهروب ليس خياراً متاحاً في هذا المكان. فقررت شبه الانتحار واعتقدت أن الحل الوحيد لمعرفة ما قد أضعت بالعودة إلى الطريق الذي جاء بي إلى هنا، فربما تلك الأسلاك التي عبرت قد سرقت مني ما لا أعرفه ولا أذكره.