من هنا جاءت مفارقة سليمان الكبرى: فهو يبدو بعيداً عن القضية (الوطنية والاجتماعية والسياسية) وأقرب من مسقط رأسه ومنشأه (مدينته وبيته وطفولته وأبيه وأمه)، غريباً ذا أفكار ثابتة، كأنما لم يبق له من بلده سوى هذا الجزء من حياته، لم يبق له إلا ذكريات طفولته، وبيته وحارته، لا أمتعة له سواها، يحملها في حله وترحاله، تيمات ما انفك يتناولها في هذا الاتجاه أو في ذاك، في ضرب من العلاج النفسي الجامح، توجب عليه القيام به بوعي أو بدون وعي.