أيهم السهلي - مجلة رمان الثقافية https://rommanmag.com/archives/author/35rommanmag-com مجلة ثقافية فلسطينية مستقلة Sat, 02 Nov 2024 08:42:39 +0000 ar hourly 1 https://wordpress.org/?v=6.6.2 https://rommanmag.com/wp-content/uploads/2024/10/cropped-romman_logo-pink-32x32.png أيهم السهلي - مجلة رمان الثقافية https://rommanmag.com/archives/author/35rommanmag-com 32 32 صراع الثقافة والسياسة في الثورة: أنيس صايغ وياسر عرفات https://rommanmag.com/archives/20860 Mon, 02 May 2022 19:36:25 +0000 https://romman.b5digital.dk/%d8%b5%d8%b1%d8%a7%d8%b9-%d8%a7%d9%84%d8%ab%d9%82%d8%a7%d9%81%d8%a9-%d9%88%d8%a7%d9%84%d8%b3%d9%8a%d8%a7%d8%b3%d8%a9-%d9%81%d9%8a-%d8%a7%d9%84%d8%ab%d9%88%d8%b1%d8%a9-%d8%a3%d9%86%d9%8a%d8%b3-%d8%b5/ في ملفنا عن فنون الثورة وآدابها:

The post صراع الثقافة والسياسة في الثورة: أنيس صايغ وياسر عرفات appeared first on مجلة رمان الثقافية.

]]>
على مرّ أعوام النضال الفلسطيني، ظل سؤال الثقافة والسياسة محيراً، ودائراً بين التبعية والاستقلالية، ويسهل لدى بعض الكتاب الانتهاء إلى إجابة واحدة تفيد بتبعية المثقف للسياسي، ولهذه الإجابة مبرراتها وسياقاتها الجوهرية، في المقابل لدى كتاب آخرين رأي باستقلالية الثقافي عن السياسي، ولهذا الرأي أيضا مبرراته وسياقاته. 

تأسست منظمة التحرير الفلسطينية عام ١٩٦٤، وكان من أولى قرارات لجنتها التنفيذية الأولى برئاسة السيد أحمد الشقيري، إنشاء مركز الأبحاث الفلسطيني في ٢٨ شباط ١٩٦٥ في بيروت، لتغطية الصراع العربي – الصهيوني من خلال إصدار الكتب وعقد الندوات والمؤتمرات وأرشفة الوثائق والمخطوطات التي تهدف إلى تحقيق هذا الغرض. رأى الشقيري في تأسيس المركز ضرورة كبيرة، وعرف عنه قوله “لقد أنشأت فيكم كفلسطيني أمرين، أولهما عقل المنظمة وهو مركز الأبحاث، وعضلات المقاومة وهو جيش التحرير”. 

تولى شؤون المركز عند تأسيسه فايز صايغ، الذي حل مكانه شقيقه أنيس في صيف ١٩٦٦، الذي وصف المركز حين استلامه، في مذكراته بأنه كان “يحتل شقة متوسطة الحجم في شارع السادات في بيروت، ويضم مكتبة في ثلاث أو أربع خزائن، وصدر عنه خمسة كتب فقط”(1)، تطور المركز خلال سنوات إدارة الراحل أنيس صايغ، فانتقل مكانيا إلى بناية في شارع كولمباني، وشغل منها ستا من طبقاتها الواسعة، لتحتل المكتبة طبقتين كاملتين، فاحتوت مع الوقت على عشرين ألف مجلد، وألف ملف وعشرات الخزائن من الوثائق. وكانت منشورات المركز قد تجاوزت الثلاثمائة بعدة لغات، فضلا عن مجلة “شؤون فلسطينية” ونشرة الرصد التي كانت تصدر مرتين في اليوم. كما وصل عدد الباحثين في المركز إلى أربعين، والإداريين والمحررين إلى عشرين، ويؤكد في هذا الجانب، أن نمو المركز في مشاريعه، وفي نقل رسالته إلى العالم كله، هو الذي “نصبّ مركز الأبحاث على عرش الثقافة الفلسطينية المؤسسية في السبعينيات من القرن العشرين” (2). وسرعان ما تمكن مركز الأبحاث الفلسطيني من تجسيد المقولة المهملة آنذاك حسب تعبير صايغ بأن “المعركة الثقافية هي جزء أساسي وساحة رئيسية في صراعنا مع العدود الصهيوني الذي لم يهمل سلاح الثقافة في أي جولة من جولاته المتتالية ضد شعبنا في مائة عام”.

يذكر صايغ في مذكراته، بأنه يدين في نجاح المركز الذي يصفه بالفريد من نوعه، إلى ثلاثة، هم رئيس منظمة التحرير الفلسطينية أحمد الشقيري، وشقيقه فايز صايغ مؤسس المركز، وإلى المثقفين العرب. بالعودة إلى الشقيري الذي يصفه بأنه بقي “حتى أيامه الأخيرة، الصديق الوفي للمركز”، يبدو أن كلمة الصديق، تستحق الانتباه، إذ أنها تفيد على ما يبدو بأن الرجل لم يكن يتدخل بعمل المركز، ولا بإنتاجاته المعرفية والتحليلية، بل إن أنيس صايغ يقول إنه كان “يستفسر ويسأل ويستشير ويقرأ ويعلق ويشجع”(3) في المقابل، الرئيس الراحل ياسر عرفات “أخذ يبدي اعتراضه على استقلالية المركز، من جهة، ويحاول السيطرة عليه بوسيلة أو بأخرى من الجهة الثانية”(4). تلك الجملة من المذكرات، واحدة ضمن قسم كامل حمل عنوان “في العلاقات مع السيد ياسر عرفات” أفرده صايغ في كتابه، ليتناول تلك العلاقة المضطربة في معظم الأوقات بين الرجلين، رجل السياسة والقيادة، ورجل الثقافة والفكر. 

ومن المهم التوقف هنا لمعرفة موقف المركز وأنيس صايغ على رأسه، اتجاه القوى والفصائل الفلسطينية، الذي بين أنه كان يحرص على إقامة علاقات واحدة متساوية مع كل الجماعات والمؤسسات والفصائل والمنظمات العسكرية والسياسية والثقافية والاجتماعية وغيرها. إذ كان يعتبر كما يورد أن المركز لفلسطين وليس لجماعة ما. لكن هذا الشكل من العلاقة لم يكن يرق لكثير من قادة القوى الفلسطينية كما ذكر صايغ في كتابه، إذ يذكر العديد من القصص التي حصلت معه، والتي كان من شأن أصحابها، حرف المركز عن مساره نحو هذا الفصيل أو ذاك، وهذا ما حارب أنيس صايغ طويلا، ضده. فمثلا، كان أبو عمار، حسب صايغ، يعاتب، لأنه سمع أن ليس بين العاملين في المركز أو كتّاب المجلة باحثون ينتمون لفتح. علما أن معيار العمل والكتابة في المركز كما يوضح، لم يكن تنظيميا، ويوضح أنه ربما يصل عدد الفتحاويين بين الباحثين، نحو ربع المنتسبين إلى فصائل.

يذكر صايغ العديد من الحوادث بينه وبين أبو عمار، بعضها طريف، وبعضها يحزن، وبعضها يساعد على فهم العلاقة التي كانت قائمة بين السياسة والثقافة في الثورة الفلسطينية، وثمة من سيجد أن صايغ قد بالغ، أو أن هناك جوانب لم يذكرها، منها، ما قد يكون قد أخطأ فيها هو مثلا، ولا سيما بعد الهدنة التي عرضها على أبو عمار بأن يتحمل واحدهما الآخر، ليفوتا على العدو أن يزعم أن “المناضل الفلسطيني يهرب من المعركة إذا أصيب، وأن المثقف الفلسطيني يهترئ بسرعة”(5) تلك الهدنة بين الرجلين حصلت بعد محاولة اغتيال صايغ في ١٩ تموز/يوليو ١٩٧٢، والتي خسر فيها معظم النظر والسمع، لم تدم هدنتهما طويلا، فما هي إلا أسابيع حتى عادت المعارك بينهما لتحتدم من جديد، ولكن صايغ ظل على تعهده كما يقول حتى ربيع ١٩٧٦، ويذكر صايغ الحادثة التي يصفها “بالقشة التي قصمت ظهر الجمل”، والوساطات التي جرت من أجل عودته عن استقالته، وصولا إلى الاتصال الشهير الذي جرى بينه وبين عرفات، بترتيب من العقيد محمود أبو مرزوق، والذي أنهاه صايغ بإغلاق السماعة في وجه أبو عمار. ومع ذلك، يقول صايغ أنه يشعر بخجل من تلك الواقعة، ولكنه يشعر أيضا بأنه لم يظلم عرفات في ردة فعله الغاضبة. وعلى كل حال، رغم النهاية الأولى بينهما، إلا أن أبو عمار لم يعين على مدى عام بديلا عن أنيس صايغ، إلى أن أصدر صايغ نفسه في ربيع ١٩٧٧، قرارا بتعيين محمود درويش، الذي كان نائب المدير، مديرا عاما أصيلا ورئيسا لتحرير المجلة، وأرسل حينها قراره لأبو عمار، يرجوه بأن يتصل بالبنك العربي، حيث حسابات المركز، لتخويل المدير الجديد بالصلاحيات المالية التي ظلت بيده خلال عام الاعتكاف.

تعقب الباحث والمفكر الكبير أنيس صايغ، يجعل الأمور أسهل للفهم، كما أنه يعقدها، مع النظر إلى تاريخ الثورة الفلسطينية المشرق بالنضال والبطولات، وليس إلى النتائج التي نعاينها هذه الأيام، فالرجل كتب في مجلة “الناقد” مراجعا نفسه على استقالته من إدارة مركز الأبحاث الفلسطيني، ولاحقا الموسوعة الفلسطينية، فيقول “أن تعارض ثم تنسحب وتنزوي شيء وأن تعارض ثم تنسحب وتنزوي شيء وأن تقاوم وتصمد إلى النهاية وتحشد الصفوف وتقيم المؤسسة التي تعمل جماعيا وعلى نطاق واسع وتستمر في رفض الكبت والتفرد والأنانية والجهل والتخلف شيء آخر […] والآن أعترف بأن الانزواء كان خطأ وأن القرف هرب وليس حلاً.”(6) بهذا الكلام يعاتب صايغ نفسه على تركه المجال للسياسيين الفلسطينيين على التفرد، كما لبعض المثقفين أن يصبحوا جزءا من السلطة ومن المطبلين لها، إذ يعتبر في المقالة ذاتها التي يصنف فيها جمهور المثقفين الفلسطينيين إلى أصناف متعددة فيها الكثير من السخرية (البلطجي والحربجي والحكومجي والعرضلجي والمكوجي والخزمتجي وغيرهم) فيعتبر أن هؤلاء أخذوا تصنيفاتهم بعد أن لاحت تباشير مدريد، ولاحقا صاروا من مثقفي السلطة، ويتبعون الامتيازات التي من الممكن أن يتحصلوا عليها من السياسيين، ليقتصر دورهم على التبرير والتنظيف والترويج لرجال السياسة والحكم.

وفي مجلة الآداب، نشر صايغ رسالة وجهها إلى الشهيد غسان كنفاني، بدا فيها، كأنه يحسد غسان، لأنه رحل عن هذا العالم، ولم يعاين ما يحصل للقضية الفلسطينية التي دفع حياته ثمنا لها، “بعد عشرين من اقتراف هاتين الجريمتين (اغتيال غسان ومحاولة اغتيال أنيس) أغبطك وأغبط مصيرك ولا أغبط مصيري”(7)، ويضيف في رسالته إلى غسان “كنت ستسمع أن الصهيونية ليست حركة عنصرية استيطانية معادية، بل هي حركة سياسية تقف في وجه حركة سياسية مقابلة […] وكنت ستسمع أن 'إسرائيل' بلد مثل سائر البلدان، له حقوقه وأمنه وحدوده ووجوده ومصاله. وما علينا إلا أن نعترف له بذلك حتى يكف عن التعدي علينا. فـ 'إسرائيل' أصبحت 'جارا' ولم تعد عدوا […] وكنت ستسمع أن القضية الفلسطينية هي قضية ما سقط عام ١٩٦٧ من أرض فلسطين، وأن استعطاء حكم ذاتي يجعلنا أحرارا في شؤون الصحة وجمع القمامة وفتح الدكاكين وتعليق اليافطات ويغينيا عن المطالبة بتحرير محبوبتك عكا والعودة إلى محبوبتي طبريا […] وكنت ستسمع أن التفاهم بالحسنى، أو الاتفاق بالتراضي، هو شرف 'ثورة حتى النصر' وأن شرف الجلوس مع مندوبي العدو في هذا البلد الأوروبي أو الأميركي أو الآسيوي أو ذاك، في ظل الرعاية الأميركية 'الصديقة'، هو النصر بحد ذاته”. ويلمح أنيس صايغ إلى بعض الأشخاص كما في مذكراته من دون ذكرهم، أولئك الذين يرى أنهم انحرفوا عن المسار الوطني فيقول “لو كنت لا تزال حيا يا غسان لكنت تشاهد وتسمع أصدقاء مشتركين لك ولي (وبعضهم أصابته قنابل العدو مثلما أصابتك وأصابتني) يقولون هذا الكلام وأكثر. ويسيرون في جنازة الحق الفلسطيني مزهوين بالانتصارات الوهمية”

تبدو رسالة أنيس صايغ إلى غسان كنفاني، رسالة رجل متعب، أرهقه مآل السياسة الفلسطينية، ومن نافل القول، التأكيد أنه كان يرى، فما أنتجه الرجل، وما صاغه في كتبه ومقالاته، يؤكد أن ما وصلنا إليه، كنا نذهب إليه بأرجلنا، ولكن الأعين أغلقت، أو أشاحت عن الواقع، حتى دخلت به، وصار أصحابها شركاء في الدفاع عن المكتسبات الكثيرة، والتي ليس من ضمنها الوطن أو الدولة على الأراضي المحتلة عام ١٩٦٧. 

هوامش

1  صايغ أنيس، أنيس صايغ عن أنيس صايغ، ص٢١٥، دار رياض الريس 
2  نفس المصدر السابق ص ٢١٦
3  نفص المصدر السابق ص ٢١٦ 
4  نفس المصدر السابق ص ٢٩٨
5  نفس المصدر السابق ص ٣٠٣ – ٣٠٤
6  مجلة “الناقد”، أنيس صايغ “المثقفون الفلسطينيون: الأيدي الملطخة من أحلام الثورة إلى منازل الذل” العدد ٦٦ (كانون الأول/ديسمبر ١٩٩٣)
7  مجلة “الآداب”، أنيس صايغ “رسالة إلى غسان كنفاني”، العدد ٧-٨ (١يوليو ١٩٩٢)

The post صراع الثقافة والسياسة في الثورة: أنيس صايغ وياسر عرفات appeared first on مجلة رمان الثقافية.

]]>
معرض “الوطن العائم”… ذاكرة تحمل وطناً https://rommanmag.com/archives/19676 Thu, 04 Jul 2019 09:12:30 +0000 https://romman.b5digital.dk/%d9%85%d8%b9%d8%b1%d8%b6-%d8%a7%d9%84%d9%88%d8%b7%d9%86-%d8%a7%d9%84%d8%b9%d8%a7%d8%a6%d9%85-%d8%b0%d8%a7%d9%83%d8%b1%d8%a9-%d8%aa%d8%ad%d9%85%d9%84-%d9%88%d8%b7%d9%86%d8%a7%d9%8b/ من 12 حزيران حتى 27 أيلول

The post معرض “الوطن العائم”… ذاكرة تحمل وطناً appeared first on مجلة رمان الثقافية.

]]>

“لا يمكن للصورة الفوتوغرافية أن تلتقط لحظة بأبعادها المختلفة، وهذا الأمر يزداد استبعاداً عندما يُطلب من الصورة أن تمثل سرداً تاريخياً”

هذه الفقرة الصغيرة موجودة في أحد أركان معرض “الوطن العائم” لفؤاد الخوري وجيريمي بيكوك، في دار النمر للثقافة والفنون في بيروت.

والفقرة أعلاه هي من تقديم قيّمة المعرض منال خضر، ولعلها تمثل رأي المصور اللبناني المعروف فؤاد الخوري، الذي صعد على متن سفينة “أتلاتنس” ولم يكن يعرف وجهتها إلى أين، حيث يقول مقتطف لفؤاد الخوري في نص تقديم “أتلانتس” في بينالي غوانغجو التاسع “عند وصولنا إلى المرفأ ومرافقتنا إلى الباخرة، لم يكن لدي أي فكرة عن احتمال وجود عرفات على متنها، غير أني تيقّنت من ذلك لدى رؤيتي رجال سياسة يتعاقبون على الدخول إليها”.

لم تكن الصور التي التقطها الخوري على متن السفينة التي حملت رجالات الثورة الفلسطينية، بقصد توثيق لحظات تاريخية كما يشير الخوري في مقتطف آخر من تقديم “أتلانتس” بل كان يلتقط الصور بشكل آلي.

ربما لم يدُر في خلد أي ممن خرجوا على متن السفن إلى أماكن مختلفة نحو قبرص والجزائر واليمن وغيرها، أن ثمة وجهة واضحة بعد ذلك، سوى ما تداوله الإعلام عن قول أبو عمار إنه ذاهب إلى فلسطين، في إجابة له على سؤال أحد الصحافيين..

الصور الموجودة في المعرض تحمل في طياتها تاريخاً لم تُغلق صفحاته بعد، وقراءة تلك الأيام يبدو أنها ستبقى مفتوحة، فبيروت التي عاشت الثورة الفلسطينية سنوات من النضال وصنع التاريخ الذي نحن بصدد نتائجه سلباً وإيجاباً، ما زالت أنفاس المقاتلين موجودة في بعض شوارعها، وذكريات بعض أهلها مرتبطة إلى حد بعيد بتلك المرحلة التي كانت فيها منظمة التحرير مع القوى الوطنية اللبنانية، الصوت الأعلى.. كذلك صفحات الكتب الكثيرة التي تناولت ذكريات ويوميات تلك المرحلة. من قصيدة “مديح الظل العالي” و”بيروت” للشاعر محمود درويش، إلى “بيروت صغيرة بحجم راحة يد” لأمجد ناصر، و”أربع ساعات في شاتيلا” للفرنسي جان جينيه. وغيرهم الكثير من فلسطينيين وعرب، ومن مختلف أنحاء العالم.
 

عرفات من الخلف، ١٩٨٢

وها هو المعرض الذي تحتضنه بيروت اليوم، بعدسة فؤاد الخوري وجيريمي بيكوك، يعود ليلقي ضوءاً ساطعاً على ما بعد بيروت، من السفينة إلى ما بعدها في فلسطين. والمعرض الذي لا يدّعي التأريخ لمرحلة معينة، لا يحاول عبر 50 صورة الإجابة عن الأسئلة الفلسطينية والعربية، لكنه حسب القيمة على معرض “الوطن العائم” منال خضر “لا يسعى إلى التقليل من شأن أيقونات القضية، فهي مثل أي صورة أخرى، تمثل وجهاً واحداً للحظة تنطوي على أوجه لا تُحصى.”

الأوجه التي لا تُحصى حملتْها “أتلانتس” في رحلتها، وسفن أخرى حملت المقاتلين الفلسطينيين، وبيروت التي ظل فيها مَن ظل من لبنانيين وفلسطينيين. تلك الأوجه كلها حضرت في المعرض بلقطات مختلفة موجودة داخل “كادر” الصور، وخارجها، بعضها يمكن رؤيتها في اللقطات، وبعضها لم يظهر، لكن الأوجه تلك حضرت في الأجواء التي يحيل إليها المعرض.. فالرحلة التي وصلت إلى “الجزء المتاح من الوطن” لم تنته لدى مئات الآلاف ممن بدؤوها في بيروت أو الأردن، لم يركبوا البحر مع أبو عمار، وظلوا ينتظرون ويراقبون نهاية الرحلة، ويستعدون لرحلة أخرى تحملهم إلى فلسطين ربما من البر الذي يعرف طريقاً نحو الجنوب من لبنان.

كان يمكن أن لا نشاهد كل هذه الصور، وكان يمكن أن تكون رحلة “أتلانتس” التي حملت أبو عمار وبعض قيادات الثورة، والفدائيين، مجرد كلام متداول ومتواتر من هنا وهناك، لو أن الخوري في تلك الليلة لم يجد بكرات التصوير التي لم يحصل منها على أكثر 8 أبيض وأسود، ومثلها ملون.. 

إحدى صور الخوري لـ “أبو عمار” وهو ينظر نحو الأفق في البحر وسماها الخوري “عرفات من الخلف” تبدي رجلًا يتأمل، ولن يستطيع أحد الاجتهاد بما كان عرفات يتأمل، وهل كان فعلا يثق بإجابته أنه ذاهب إلى فلسطين. الخوري يشير في مقتطف “أتلانتس” أن عرفات كان “في عزلة ظاهرة”.
 

على متن الأتلانتيس، ١٩٨٢

ربما في تلك اللحظة كانت التفسيرات لوقفة عرفات أسهل وممكنة، فاللحظة قائمة بمضامينها القصوى (النصر – الهزيمة – الخروج – العودة) والجميع تحت وطأتها، من ركب السفينة ومن ودعها في الميناء. لكن محاولة الإجابة اليوم تبدو معقدة جداً، معقدة إلى درجة سيتداخل فيها كل ما حصل بعد تلك السنة التي تغيرت فيها معالم فلسطينية وعربية كثيرة، ليس آخرها اتفاق أوسلو، وكل الخلافات والاتفاقات حوله. ولا الانتفاضات الفلسطينية المتعاقبة، ولا حتى التعمق في أبو عمار الذي ظل يلعب دور الفدائي والرئيس معاً.

في “الوطن العائم” محاولة للمشاهد أن ينجو من غرق محتمل، حين يجرب الدخول في تأويل الصورة، خاصة حين يلتقط عناوين الصور التي تحمل رؤى فنية خاصة بالمصور من جانب، وربما رؤى ليس بوسعي تسميتها سياسية، وهنا ألجأ لما كتبه الخوري في كتابه “حكمة المصور” حيث يقول “عندما نتخيل الصورة كوسيلة للاختباء في عالم ذاتي، تسكنه شخصيات صارمة وطريفة في آن واحد، ومواقف مجنونة، وطرق لتخيّل عالم خيالي بعيد عن الواقع، نابع من الحقيقة، يغدو عالم الحرب غير متوافق مع الصورة” ويضيف الخوري في كتابه الذي حمل المعرض أجزاء منه “جعلت الصور تأتيني من دون اهتمام بترابطها، ثم انتظرت زمناً أكثر هدوءاً كي أربطها ببعضها البعض وأدرك معناها”.

المعرض الذي يبني حكاية فلسطينية/عربية ينتقل من لبنان إلى البحر إلى فلسطين، في تمثيل صارخ للعبور الذي مرت به القضية الفلسطينية بعد حصار بيروت عام 1982، وربما يصح اليوم وسم تلك المرحلة بالرومانسية لما شكّله عنها الأدب والفن وصناعة الشخصية الفلسطينية القائمة حتى اليوم في مخيمات الشتات ولا سيما في لبنان، ولعل بعض صور الفدائيين في المعرض تمثل تلك الشخصية التي نضجت في لبنان خلال مواجهات بطولية مع جيش الاحتلال الإسرائيلي، سواء ببعض العمليات التي جرت فوق أرض لبنان أو داخل فلسطين المحتلة.
 

فستان العروس، حي الشجاعية، قطاع غزة، ١٩٩٥

The post معرض “الوطن العائم”… ذاكرة تحمل وطناً appeared first on مجلة رمان الثقافية.

]]>
التاريخ الشفوي الفلسطيني… تجميعٌ وأرشفة وحفظ وإتاحة https://rommanmag.com/archives/19644 Tue, 18 Jun 2019 18:01:59 +0000 https://romman.b5digital.dk/%d8%a7%d9%84%d8%aa%d8%a7%d8%b1%d9%8a%d8%ae-%d8%a7%d9%84%d8%b4%d9%81%d9%88%d9%8a-%d8%a7%d9%84%d9%81%d9%84%d8%b3%d8%b7%d9%8a%d9%86%d9%8a-%d8%aa%d8%ac%d9%85%d9%8a%d8%b9%d9%8c-%d9%88%d8%a3%d8%b1%d8%b4/ “إن أكثرية التاريخ الشفوي الفلسطيني سياسي، والهدف منه هو رفع الصمت لمنع إسكات التاريخ الفلسطيني ومحو الذاكرة” روز ماري صايغ   يكاد لا يوجد فلسطيني في العالم ليس لديه قصة مرتبطة بنكبة أرضه وشعبه، والفلسطينيون بمختلف أعمارهم، يصبحون في مكان ما، إما أصحاب القصة الأصليين أو رواة يتناقلونها عن أجداد حدثوهم حكاية قراهم ومدنهم. ويبدو أن […]

The post التاريخ الشفوي الفلسطيني… تجميعٌ وأرشفة وحفظ وإتاحة appeared first on مجلة رمان الثقافية.

]]>

“إن أكثرية التاريخ الشفوي الفلسطيني سياسي، والهدف منه هو رفع الصمت لمنع إسكات التاريخ الفلسطيني ومحو الذاكرة”

روز ماري صايغ

 

يكاد لا يوجد فلسطيني في العالم ليس لديه قصة مرتبطة بنكبة أرضه وشعبه، والفلسطينيون بمختلف أعمارهم، يصبحون في مكان ما، إما أصحاب القصة الأصليين أو رواة يتناقلونها عن أجداد حدثوهم حكاية قراهم ومدنهم. ويبدو أن أحد أبرز أسباب بقاء فلسطين الماضي حاضرة ومستقبلية في وعي الأجيال اللاحقة لجيل النكبة، هو تناقل الحكايات الشعبية، وعدم غياب القرية والمدينة عن وعي أجيال من اللاجئين غالبيتهم العظمى لم تعرف فلسطين ولم تسكنها بسبب التهجير. وما من جد تكلم عن قريته أو مدينته لأولاده وأحفاده، إلا لأنه عن قصد يريد لذاك الواقع أن يظل واقعاً وحلماً لدى الفلسطينيين جميعا، ولعله يعي أنه يرسم مستقبلاً جديداً للبلاد التي هُجّر منها عام ١٩٤٨.

أرشيف التاريخ الشفوي الفلسطيني “POHA”

معهد عصام فارس للسياسات العامة والشؤون الدولية في الجامعة الأميركية، نظم على مدى يومين (١٢ و ١٣ حزيران)، مؤتمرا ًدولياً لإطلاق أرشيف التاريخ الشفوي الفلسطيني، بالتعاون مع مكتبات الجامعة الأميركية في بيروت ومركز المعلومات العربي للفنون الشعبية “الجنى” وموقع “أرشيف النكبة”.

مواد الأرشيف باتت متوافرة على موقع إلكتروني خاص به ومتخصص من نواح مختلفة على مستوى البحث والوصول إلى المعلومات الواردة في 1000 ساعة من شهادات الجيل الأول من الفلسطينيين في المخيمات والتجمعات الفلسطينية الأخرى في لبنان. ويركز المشروع على الروايات الشخصيّة حول النكبة، وهي اللحظة المفصلية الحاسمة في التاريخ والتجربة الجماعية للفلسطينيين كما يرد في النبذة الخاصة بالمشروع. كما أنه يوثق حكايات وأغانٍ شعبيّة، ويتضمن مجموعة قصص عن نساء مخيم عين الحلوة بعد تدميره عام ١٩٨٢.
 

حكاية الأرشيف

تعود قصة هذا الأرشيف إلى العام ١٩٩١، حين بدأ مركز المعلومات العربي للفنون الشعبية “الجنى” بتوثيق التاريخ الشفوي للاجئين الفلسطينيين في مخيمات لبنان. ولاحقاً “أرشيف النكبة”، حيث رأت كل من المبادرتين أهميّة في جمع الروايات قبل ضياعها بتقادم الوقت وتقدّم عمر اللاجئين، مع الأخذ بعين الاعتبار الوقت الذي انقضى منذ النكبة.

فبعد سنوات على النكبة واقتلاع نحو ٧٥٠ ألف فلسطيني وتهجيرهم إلى البلدان العربية المجاورة وإلى مناطق أخرى داخل فلسطين، وتدمير ٤١٨ قرية فلسطينية أجهزت العصابات الصهيونية عليها لتقيم دولة إسرائيل على ٧٨% من فلسطين، فبعد كل ذلك ومرور الوقت الطويل على حكايتهم، باتت ذاكرة هؤلاء تشكل أهمية قصوى للحفاظ على إرث الشعب الفلسطيني الإنساني والحضاري والتاريخي، كذلك أصبحت ذاكرتهم عن قراهم ومدنهم وحياتهم قبل النكبة، شكلاً من أشكال المقاومة، عدا عن أنها مدخل أساسي لدراسات مختلفة في أكثر من مجال علمي ولاسيّما في الأنثروبولوجية. فإنشاء هذه المبادرة يشكل قاعدة حقيقية لتأسيس حوار بين المجتمع المحلّي والدارسين والباحثين والمحافظة على النزاهة والعفوية إضافة إلى الطبيعة الشفوية للمادة.

قيمة الذاكرة للاجئين الفلسطينيين، شكلت لدى مركز المعلومات العربي للفنون الشعبية “الجنى” وأرشيف النكبة، التزاماً، بإعلاء صوت الشعب من القاعدة الشعبية: “لذلك تم توظيف المحاورين من المجتمعات المحليّة، إذ عملوا على تطوير الاستبيانات وتحديد من أجريت معهم المقابلات. وذلك لضمان أن يبقى المشروع وثيق الصلة مع المجتمعات التي يراد أرشفة قصصها. كذلك فإن من أجريت معهم المقابلات من الجنسين، يعودون إلى ١٣٠ قرية ومدينة فلسطينية، وإلى خلفيات اقتصادية واجتماعية مختلفة.

ولقيمة ما تم جمعه من أرشيف شفوي، اقترح الأكاديمي الفلسطيني الدكتور ساري حنفي، على المؤسس والمنسق العام لمركز المعلومات العربي للفنون الشعبية “الجنى” السيد معتز الدجاني، ومؤسسا موقع “أرشيف النكبة” محمود زيدان وديانا آلان، التوجه إلى معهد عصام فارس للسياسات العامة والشؤون الدولية في الجامعة الأميركية لأرشفة وحفظ مجموعات التاريخ الشفوي وإتاحتها للعامّة، هكذا أبصر مشروع التاريخ الشفوي الفلسطيني النور في الجامعة الأميركية في بيروت عام ٢٠١١.

بعد تبني فكرة “الجنى” و”أرشيف النكبة”، نتج عن المرحلة الأولى من التعاون، تحويل البيانات ورقمنة المعلومات من تسجيلات تناظريّة (أشرطة كاسيت) إلى ملفات سمعيّة وفيديو. بعد أن جرى رقمنة الأرشيف، تعاون معهد عصام فارس للسياسات العامة والشؤون الدولية مع مكتبات الجامعة الأميركية في بيروت وتم الانتهاء من مرحلة التخطيط للمشروع ما بين عاميّ ٢٠١٤ ومنتصف ٢٠١٥. وتلقى المشروع دعماً من مؤسسة “هاينرييش بول”، ومؤسسة “التعاون” ومؤسسة “غلاديس كريبل ديلماس”. وفي العام ٢٠١٦ حصل أرشيف التاريخ الشفوي الفلسطيني على منحة من الصندوق الوطني للعلوم الإنسانية بقيميةٍ تقدّر بـ $٢٦٠ ألف دولار لثلاث سنوات لدعم مرحلة تنفيذ وتطوير المشروع الذي أبصر النور قبل أيام في بيروت.
 

أهداف المشروع

يشير الموقع الرسمي للأرشيف إلى أن الهدف الرئيسي له هو “تسهيل إمكانية الوصول إلى الشهادات التاريخيّة الشفويّة بكل ما فيها من غنى ودلالات متعددة مع الحفاظ على شفويتها وتجسيدها وسياقها. وعليه فإن الهدف طويل الأمد للمشروع كما هو وارد في الموقع الخاص بالأرشيف هو “تأسيس مبادرة حول أي أرشيف تتداخل فيه الأكاديميا مع المجتمعات المحليّة؛ وتحسين استخدام مصادر التاريخ الشفوي ونشر المعرفة والتجربة المتراكمة؛ وهذا من شأنه أن يفتح زوايا وآفاق جديدة في علم التأريخ وتاريخ فلسطين الحديث.” مسؤولة المنح التي تدعم الأرشفة الشفوية كوكب شبارو أكدت في كلمتها خلال افتتاح المؤتمر أن أهمية رقمنة المعلومات وما تعطيه من خدمة للأرشيف الفلسطيني، تكمن في أن “الماضي يساهم في تغيير المستقبل.”

بدوره قال رئيس الجامعة الأميركية في بيروت الدكتور فضلو خوري إن “هذه الرقمنة تهدف إلى وصول كل العالم إلى الأرشيف الفلسطيني الذي يتكون من ألف ساعة للأرشيف الشفوي، ومن هنا أهميته لتأكيد الاحتفاظ بالتاريخ الفلسطيني. وأضاف إن “التاريخ الفلسطيني منوع، ولكن أماكن وجوده مبعثرة، ومن هنا كان هذا المشروع، وبخاصة دور المرأة أيام النكبة”، مطالباً بتحويل هذا المشروع إلى “نموذج في المنطقة.” مدير معهد عصام فارس للدراسات السياسية والشؤون الدولية الدكتور طارق متري أكد أيضاً “أهمية إبقاء الذاكرة الفلسطينية على قيد الحياة، ومعرفة تاريخ فلسطين”، مشيراً إلى أن “هذا الأرشيف يسلط الضوء ليس فقط على ما حصل يوم نكبة فلسطين، وإنما على ما سبقها في حياة الفلسطينيين.”

وتجدر الإشارة إلى أن القائمين على أرشيف التاريخ الشفوي الفلسطيني “POHA” قاموا بتطبيق أفضل مقاييس ومعايير الحفظ والرقمنة والأرشفة والفهرسة عبر الاستفادة من أحدث الأدوات المتاحة في مجال الأرشفة عالمياً.
 

فعاليات إضافية في الافتتاح

قدم مؤسس ومنسق عام مركز المعلومات العربي للفنون الشعبية “الجنى” السيد معتز الدجاني عرضاً لمسيرة المركز مع التاريخ الشفوي، والنتائج التي خلص إليها من موارد مختلفة (كتب – أفلام – فنون) إذ لم يكن العمل مقتصراً فقط على جمع التاريخ الشفوي لدى “الجنى” إنما كان هناك هدف تعليمي للأطفال عبر إشراكهم وإشراك مجتمع اللاجئين في العملية ككل، وهذا ما يتبناه مركز “الجنى” والذي هو بالتعبير “التعلم عبر الفنون”.

المدير المشارك في موقع “أرشيف النكبة” محمود زيدان أيضاً تكلم عن قصته مع التاريخ الشفوي، التي بدأت من مخيم عين الحلوة ومن والده، ومن بعض كبار السن حوله، ولاحقاً التقى ديانا آلان في مطلع الألفية الحالية، والتي تابعت معه في رحلة جمع التاريخ الشفوي. خلال مؤتمر إطلاق أرشيف التاريخ الشفوي الفلسطيني أيضاً تحدثت الأنثروبولوجيّة والباحثة في التاريخ الشفوي الدكتورة روز ماري صايغ حول قيمة إطلاق هذا الأرشيف قائلة “هذا التاريخ الشفوي الفلسطيني يمكنه أن يلعب دوراً للعدالة الانتقالية لمن فسر الحقوق، كما أنه يرد على السردية الإسرائيلية.”

الدكتورة بيان نويهض الحوت التي وثقت ما حصل في مجزرة صبرا وشاتيلا أشارت إلى أنها حاولت منذ أربعين عاماً وفشلت في إطلاق مثل هذا المشروع، مؤكدة أنها ثابرت رغم ندرة المواد الكافية لإتمام أطروحتها للدكتوراه، لكنها لجأت إلى “أسلوب المقابلات مع أشخاص فلسطينيين.” وتحدثت أيضاً الدكتورة فيحاء عبد الهادي، عن عملها في تسجيل التاريخ الشفوي للمرأة منذ عام ١٩٨٩، وإنشائها مركز “الرواة،” وأضافت إن “التاريخ الشفوي أساسي في تقديمه المعلومات المتنوعة، ويعمل على توثيق التجارب الشخصية، وهذا التاريخ الشفوي مكمل للتاريخ التقليدي.”
 

محتوى الأرشيف

نتج عن جهود المؤسستين نشوء أكثر من ٧٠٠ شهادة بصريّة وسمعية، والتي تم دمجها في مجموعة واحدة متوفرة لدى أرشيف التاريخ الشفوي الفلسطيني. وجرى تنظيم هذا الأرشيف ضمن أربع ٤ مجموعات فرعيّة:

1- الاقتلاع: يتضمّن الجزء الأكبر من المجموعة، أرشيف النكبة (٥٥٨ ساعة فيديو) وجزء من مجموعة “الجنى” (١٣٦ ساعة من التسجيلات الصوتية). تم التركيز على تجربة الاقتلاع والنزوح الجماعي للاجئين. ويشمل هذا الجزء أيضاً روايات عن الحياة الفلسطينية تحت الانتداب البريطاني وخلال حرب ١٩٤٨-٤٩، بما في ذلك تجارب النفي والتهجير إلى لبنان.

2- “القصص الشعبيّة”: يتضمن هذا الجزء (١٧٢ ساعة من التسجيلات الصوتية). ويشمل عناصر التراث الثقافي غير المادي على شكل قصصٍ شعبية، ورواية القصص، وأغانٍ شعبيّة، وأمثال وأشعار فلسطينيّة.

3- “عين الحلوات”: يتضمّن هذا الجزء (٣٦ ساعة فيديو) ويشمل قصصاً لنساء من مخيم عين الحلوة الفلسطيني في جنوب لبنان، يتحدثن عن مهنهن، وحياتهن العائليّة وأدوراهن في إعادة تأسيس المخيم.

4- “سير حياة”: يتضمن هذا الجزء (١٦٠ ساعة من التسجيلات الصوتية) ويشمل توثيقاً لقصص حياة رجال ونساء لعبوا دوراً مهما في مجتمعهم أو شكلوا نماذج يحتذى بها ومصدر إلهام.

تبدو فكرة التاريخ الشفوي، كتأريخ للشعب الفلسطيني، واحدة من الصيغ الأنضج والأبرز معرفياً وهوياتياً، لمواجهة الرواية الإسرائيلية الرائجة لدى بعض الغرب، ووجود ساعات طوال من التاريخ الشفوي للشعب الفلسطيني على موقع أكاديمي وازن، سيعود بالنفع الكبير على الشعب الفلسطيني وقضيته ككل.

يمكن الوصول إلى الموقع من هنا
 

The post التاريخ الشفوي الفلسطيني… تجميعٌ وأرشفة وحفظ وإتاحة appeared first on مجلة رمان الثقافية.

]]>
قلنديا الدولي في دورته الرابعة: فنون من أجل التضامن https://rommanmag.com/archives/19398 Mon, 27 Aug 2018 08:29:16 +0000 https://romman.b5digital.dk/%d9%82%d9%84%d9%86%d8%af%d9%8a%d8%a7-%d8%a7%d9%84%d8%af%d9%88%d9%84%d9%8a-%d9%81%d9%8a-%d8%af%d9%88%d8%b1%d8%aa%d9%87-%d8%a7%d9%84%d8%b1%d8%a7%d8%a8%d8%b9%d8%a9-%d9%81%d9%86%d9%88%d9%86-%d9%85%d9%86/ تنطلق بعد نحو شهر فعاليات مهرجان “قلنديا الدولي” (٣-٣٠ تشرين الأول) في دورته الرابعة، بعد انطلاقته عام ٢٠١٢. وهنا يقول القائمون على المهرجان إنه “انطلق كمحفل ملهم للفنون المعاصرة ينظم كل عامين في عدد من المدن والقرى الفلسطينية، ويسعى إلى تعزيز دور الثقافة في فلسطين، وترسيخ مكانة فلسطين الثقافية في العالم، وذلك من خلال إنتاج […]

The post قلنديا الدولي في دورته الرابعة: فنون من أجل التضامن appeared first on مجلة رمان الثقافية.

]]>

تنطلق بعد نحو شهر فعاليات مهرجان “قلنديا الدولي” (٣-٣٠ تشرين الأول) في دورته الرابعة، بعد انطلاقته عام ٢٠١٢. وهنا يقول القائمون على المهرجان إنه “انطلق كمحفل ملهم للفنون المعاصرة ينظم كل عامين في عدد من المدن والقرى الفلسطينية، ويسعى إلى تعزيز دور الثقافة في فلسطين، وترسيخ مكانة فلسطين الثقافية في العالم، وذلك من خلال إنتاج سلسلة من المعارض، إلى جانب عروض الأداء، والحوارات، وعروض الأفلام، وورش العمل، والجولات الميدانية التي تفتح الآفاق أمام إطلاق الحوار وتعزيز التبادل على المستويين المحلي والدولي”.
 

لماذا قلنديا؟

في الضفة الغربية هناك حاجز عسكري يطلق عليه الاحتلال اسم “معبر” لا يقتصر عمله على فصل الضفة عن القدس ويعزلها عن باقي المدن الفلسطينية في الضفة الغربية، فعمله يذهب أبعد من ذلك إلى ممارسة العنصرية بحق الفلسطينيين. هذا الفاصل أو الحاجز الذي يفصل البشر أبناء الهوية القومية الواحدة، بات رمزية للفن الفلسطيني والعربي والعالمي، فـ “بداية العقد الماضي أصبحت كلمة “قلنديا”، عبر اقترانها بمفردة حاجز، مركباً أساسياً ودائم الحضور في ما ينتج من مواد إعلامية من فلسطين وعنها، وما ينتج من مواد بصرية وأدبية أيضاً، ومن قصص وحكايات يتداولها الناس بشكل يومي كذلك.

ويضيف موقع مهرجان قلنديا الدولي حول دلالة قلنديا التي كانت تربط فلسطين بالعالم أنه تم طمسها بشكل متعمد ومبرمج، فنجد أن ”حاجز قلنديا يجثم على ذاكرة مهمة للمكان، محاولاً خنقها وطمسها، وهي مطار القدس الدولي، أو مطار قلنديا كما كان يتم تداوله أحياناً، الذي كان يستقبل عشرات الرحلات الجوية يومياً، رابطاً فلسطين ببلدان المنطقة والعالم، ونجد أن مخيم قلنديا الذي اقترض اسمه من بلدة قلنديا، ومنحه بدوره للحاجز، هو الوجه الآخر والحاضر لتلك البلدة الغائبة التي شطرها الجدار نصفين.“

في فلسطين تجتمع الأشياء بواقعيتها المفرطة، ورمزيتها القادرة على إيضاح مفاهيم لا تتلمسها السياسة إلا بقدر معين يتناسب والمعاهدات والاتفاقات، فهذه القرية (قلنديا) صار محلها حاجز عسكري هو الأشهر في فلسطين المحتلة، حيث أمّن لـ “إسرائيل” فصل فلسطين التاريخية عن العالم؛ الفصل الذي طال انتظار نهايته.

لذا فإن استخدام “قلنديا الدولي” عنواناً لحدث فني كبير هو ”محاولة لتوظيف ما يحمله هذا الاسم من طبقات دلالية متعددة ومتناقضة، وما قد ينتجه من تداعيات مختلفة في الذهن والذاكرة، من أجل إيصال الرسالة السياسية لهذا الحدث الذي يسعى إلى تكريس اسم فلسطين على خارطة العمل الثقافي في المشهد العالمي.“

 

خطوات أربع

بدأ “قلنديا الدولي” عام ٢٠١٢، تحت شعار “فلسطين: فن وحياة” (١-١٥ تشرين الثاني) في بلدة قلنديا الواقعة داخل بيت فلسطيني قديم مبني منذ أكثر من ١٠٠ عام وعلى مقربة من جدار الفصل العنصري. وحملت ثيمة المهرجان تعريفاً لـ “قلنديا الدولي” في محاولة للاستفادة من الاسم ومعانيه متعدد الطبقات والمتناقض في حدث يهدف إلى تحديد مكان فلسطين وإدامتها في المشهد الثقافي الدولي، وهي خطوة خلاقة لاستعادة مكانة فلسطين في حياة وذكريات العالم.“
 

بعد عامين، في ٢٠١٤، افتتحت النسخة الثانية من المهرجان تحت عنوان “الأرشيف حياة ومشاركة” (١٥ تشرين الأول – ٢٢ تشرين الثاني) وتقول ثيمة المهرجان “على مر السنين، تعرّض التراث الفلسطيني مراراً وتكراراً للاضطرابات والانتزاع، بل وحتى النهب والسرقة. وهذا يعني أنه على مدى عقود، كانت الأسئلة المتعلقة بالأدوار التي تلعبها الأرشيفات، ومن يحافظ عليها، ومن يمتلكها موضع نزاع حاد. يمكن القول إن عملية الأرشفة لها دور أساسي في تجميع خيوط ماضي فلسطين وحاضرها وتشكيل مستقبلها. ولهذا السبب اختار قلنديا الدولي موضوع الأرشيف ودوره في تشكيل الهوية الوطنية والحفاظ عليها، وأهمية وصول الجمهور إليه كموضوع أساسي للمهرجان.“
 

عام ٢٠١٦، كانت نسخة “هذا البحر لي” (٥-٣١ تشرين الأول) الجملة المأخوذة من قصيدة للشاعر الفلسطيني محمود درويش، ويذكر مدير برنامج الثقافة والفنون في مؤسسة عبد المحسن القطان محمود أبو هشهش حول ثيمة المهرجان بأنّ “خطاب النكبة الذي يركّز على فقدان البيت والأرض، سقطت منه، إلى حد كبير، خسارة البحر مكوّنًا أساسيًّا في هذا الوطن، ودون البحر لا يمكن تخيّل فلسطين أصلًا، ونحن نريد إعادة هذا المكوّن من مكوّنات الوطن والجغرافيا الروحيّة إلى الوجدان والخطابين الثقافيّ والسياسيّ. من شأن تناول موضوعة العودة من منظار البحر أن يمنح تلوّنات جديدة وطازجة وملهمة لموضوعة العودة، ومن شأن فكرة البحر أن تسحب فكرة العودة من ساحة الساسة ومحدوديّتها إلى ساحة البداهة والحقّ الإنسانيّ، فنحن نتحدّث عن حقوق بديهيّة للإنسان؛ أن يستمتع بالمشهد الطبيعيّ وبهذا المعطى الجامع للإنسانيّة“.
 

 

“التضامن”

نسخة هذه السنة من “قلنديا الدولي” تحمل شعار “التضامن” (٣-٣٠ تشرين الأول) وفي فلسطين، كان وما زال مصطلح “التضامن” كلمة طنّانة في نضالها في مسيرة التحرّر من القوى الاستعماريّة المتتالية. تحوّلت أشكاله وتمظهراته الأيديولوجيّة مع اختلاف الزمن والجغرافيا؛ صعدت وهبطت مع المدّ والجزر في التغيير في شكل النضال من أجل الحريّة.

وتضيف صفحة المهرجان لهذا العام أن مفهوم “التضامن” شكّل مفارقة تاريخيّة في نضال الفلسطينيّين ضدّ البُنى والأنظمة الاستعماريّة المتعاقبة.  “لقد مرّت روح “التضامن” وممارساته وتعريفاته بعدد كبير من التغيرات والتحولات التي تنوّعت وتراوحت من الخصوصيّات المحليّة و/أو الشبكات والتحالفات العالميّة. من ناحية أخرى، تراوح طيف الممارسات المتناقضة لـ”التضامن” من كونها مرتبطة ارتباطاً وثيقاً بمثل وتعابير دينية وأيديولوجية متشددة في أوقات معيّنة، إلى تمظهرات أكثر أممية وعالميّة خلال فترات محددة، في حين أنّها حافظت على أيديولوجيات قوميّة عربيّة حتى وقت ليس ببعيد. لم تكن هذه ممارسات “التضامن” الوحيدة في فلسطين، فالمفاهيم والنماذج الأخرى تقلّبت تاريخياً على أساس الأيديولوجيات، والتعابير الثقافيّة والإنسانيّة، والعلاقات الاجتماعيّة والقبليّة وما إلى ذلك”.

وهنا، يصبح “السؤال الاجتماعي” نظيراً لمصطلح “التضامن” للتفكير في إمكانيات الخروج من هذه الحالة الراكدة، بحيث يمثل جواباً عن سؤال: أيّ مجتمع نريد أن نكون؟

إن أفكار التشارك، والأشياء والقيم المألوفة التي تربطنا جميعاً، يتم استجوابها لإعادة تنشيط هذا الفضاء من التضامن والروح الجماعيّة التي سمحت للمجتمع الفلسطيني لعقود طويلة بالمقاومة والبقاء على قيد الحياة، حيث يمكن رؤية التضامن من خلال سلسلة من العدسات التي تقوم أساساً على أرضيّة مشتركة وهي السؤال الاجتماعي.

وعليه، دعت اللجنة التحضيرية لـ “قلنديا الدولي”، وفي إطار الإعداد لنسخته الرابعة هذا العام وبناء الشراكات المنظمة لها، جميع الجهات المهتمة للبحث في “السؤال الاجتماعي” عن طريق الغوص في مصطلح “التضامن”، بالانسجام مع الانفتاح على التجارب العالمية، وفي الوقت ذاته محاكاة التجارب المحليّة والتعريفات المعاصرة.
 

شراكات من أجل “التضامن”

للمهرجان شراكات عدّة في الدورة القادمة كما في دوراته السابقة، وشركاء هذا العام هم: بلدية رام الله، حوش الفن الفلسطيني، رواق- مركز المعمار الشعبي، شبابيك للفن المعاصر، المتحف الفلسطيني، مجموعة التقاء، مركز خليل السكاكيني، المعمل، مؤسسة عبد المحسن القطان. كما كان للمهرجان شراكات سابقة هي إضافة لما ذُكر: احتمالات مكانية، الأكاديمية الدولية للفنون- فلسطين، جمعية الثقافة العربية، دار النمر للفن والثقافة، دارة الفنون- مؤسسة خالد شومان، كلية دار الكلمة الجامعية للفنون والثقافة،، مشاريع من راسي. كما تشارك مجموعة من المؤسسات والتحالفات الفنية في برنامج من الفعاليات المصاحبة على امتداد أنحاء مختلفة من فلسطين والعالم، وذلك إضافة إلى الشراكة الإعلامية مع مجلّة رمّان الثقافية.

تنطلق النسخة الحالية في ظروف سياسية خطيرة تمر على القضية الفلسطينية، ويبدو أن السياسة تشكل عائقاً وجودياً أمام القدرة على الفهم والتحليل لما يجري، تبقى الثقافة ويبقى الفن محاولة جريئة ومغايرة لتقديم إجابات لأسئلة حول ما يحصل، وما سيحصل. لذا فإن برنامج المهرجان في نسخة “التضامن” يحمل تحولات مكانية وزمانية من ناحية التواصل مع القضية من جوانب أخرى أكثر التصاقا بالتجربة الفنية والإبداعية الجادة لعدد كبيرة من الفنانين من فلسطين والعالم.

The post قلنديا الدولي في دورته الرابعة: فنون من أجل التضامن appeared first on مجلة رمان الثقافية.

]]>
ميرا صيداوي: المسرح انتشلني من التّصنيف https://rommanmag.com/archives/19285 Wed, 23 May 2018 06:53:00 +0000 https://romman.b5digital.dk/%d9%85%d9%8a%d8%b1%d8%a7-%d8%b5%d9%8a%d8%af%d8%a7%d9%88%d9%8a-%d8%a7%d9%84%d9%85%d8%b3%d8%b1%d8%ad-%d8%a7%d9%86%d8%aa%d8%b4%d9%84%d9%86%d9%8a-%d9%85%d9%86-%d8%a7%d9%84%d8%aa%d9%91%d8%b5%d9%86%d9%8a/ عادة ما يلتقي صحافي بفنان لإجراء حوار حول تجربته وحياته، لكن اللقاء مع الفنانة ميرا صيداوي يبدو أنه حمل بعداً آخر، هو كيف ينتمي الفنان لمجتمعه ويقدمه جميلاً أو قبيحاً، المهم أن يقدمه بمقولته الكاملة. وبالفعل بدأنا الحديث بجمل عادية عن يومياتنا، وسرعان ما ذهب الكلام بينما نشرب قهوتنا عن مطر بيروتي بدأ ينهمر للتو. […]

The post ميرا صيداوي: المسرح انتشلني من التّصنيف appeared first on مجلة رمان الثقافية.

]]>

عادة ما يلتقي صحافي بفنان لإجراء حوار حول تجربته وحياته، لكن اللقاء مع الفنانة ميرا صيداوي يبدو أنه حمل بعداً آخر، هو كيف ينتمي الفنان لمجتمعه ويقدمه جميلاً أو قبيحاً، المهم أن يقدمه بمقولته الكاملة. وبالفعل بدأنا الحديث بجمل عادية عن يومياتنا، وسرعان ما ذهب الكلام بينما نشرب قهوتنا عن مطر بيروتي بدأ ينهمر للتو.

شردت ميرا قليلاً، سألتها ما بها. وكان أنها تتذكر بيتها الذي كانت تسكنه مع أسرتها. ظننت أنها تتحدث عن بيت في أحد مخيمات اللاجئين الفلسطينيين الممتدة على طول الخارطة اللبنانية، لكن المفاجأة كانت، أن البيت الذي نشأت به ميرا يقع على تلة في منطقة بشامون قرب بيروت، البيت كان يقوم على جدران وسقف من التوتياء، كما أن البيت لم يكن عادياً، كان جيران هذه العائلة الفلسطينية غير عاديين، فالأشجار وبعض الحيوانات بتلك البراري هم جيران عزلتهم في ذاك المكان القصي.

ربما صدمتي بوصفها “منزلها” اكتملت عندما قالت ميرا إن الحياة فيه استمرت نحو 22 عاماً، فعلياً انتهت قبل سنوات قليلة، عام 2009.

نشأة ميرا صيداوي

والدا ميرا، هما حكايتها الأولى، الحرب أرض الحكاية المستمرة حتى هذا اليوم، تقول: “عايشت الحكاية الفلسطينية من خلال أبي الفلسطيني جداً، وكان واحداً من الفدائيين ضمن حركة فتح، وإخوتي كانوا ضمن قوات الـ 17”

حلمُ والدها تجلى بها، كان يريد أن يكون كاتباً، ويبدو من كلامها أن ملامح الكاتب كانت متوافرة في شخصيته لكن الحياة دارت دورتها عليه، فأصبح كما تقول: “ناطوراً لبناء في حين كان حلمه أن يكون كاتبا”. خلال هذه التراجيديا في حياة والدها بدأت الفنانة الفلسطينية ميرا صيداوي تدرك اللاعدل عبر تحولات والدها المعيشية.

والدها كان يعمل في توصيل الطلبة إلى مدارسهم صباحاً، وإعادتهم بعد انتهاء الدوام، كانت له طقوسه، وميرا كانت تراقبها كونها كانت بين هؤلاء الطلبة، كان يضع في أذنه قطعة نقدية من فئة “500 ل.ل” ويستمع لعبد الباسط عبد الصمد صباحاً، والكوفية تلف عنقه، وحين يعيد الطلبة، تكون أم كلثوم في صدارة الصوت داخل “الفان”. ومع ذلك لم ينج هذا الوالد من صلف الناس الذين ما كانوا ليقدّرون كدحه، فشاهدت صاحبة مسرحية “قفص” والدها يُضرب.

اللاعدل ظل قصة صاحبة “أيوبة” للمخرج الفلسطيني عوض عوض، وتمثيلها ومساهمتها بكتابة النص؛ المتابع لهذا العمل يكشف تفاصيل مرعبة في حياة المرأة الفلسطينية، وهنا تتجلى ميرا ببحثها عن حقوقها ليس كإمرأة فحسب، بل كفلسطينية تتعبها الحياة يومياً بتفاصيلها الكثيرة في التنقلات والدخول والخروج، ومحاولة إنقاذ ما يمكن إنقاذه، كذلك البحث عن مكان طبيعي لموت طبيعي يشبه موت الآخرين. في فيلمها “مخيم على دواليب أربعة” سؤال مفتوح عن الموت، أو بالأصح سؤال مفتوح عن الحياة ورغبة البقاء، وصولاً لحلم البلاد التي تبدو في إجابات اللاجئين في المخيمات عند سؤالهم “أين تحب أن تموت“، فتكون الإجابة عفوية وسريعة “في البلاد”، ولماذا فتاة في مطلع الثلاثينات من عمرها تفكر بالموت وسؤاله الكبير، تجيب: “الشيء الذي شكل روحي أكثر حدة، الألم من وفاة أبي، معه اكتشفت فكرة الموت، وهنا تجلت فكرة الرفض التام”

معضلة البحث الطويلة للاجئ الفلسطيني في لبنان عن منابت العيش الطبيعي، خلق عند الممثلة الفلسطينية ميرا صيداوي، فكرة الرفض التي تعتبرها: “رفضي للواقع أتعبني وأوجعني.عدم الرضا بالظلم جعلني أعي فكرة المظلومية، كنت أنام بلا عشاء.. صورة المجتمع التي وُضعنا بها جعلتني رافضة”.

هذا الرفض لحياتها في “بركس” لسنوات طويلة مع والد شاهدته يهان أمام أعينها رغم طيبته وكرمه وعمله الدؤوب من أجل عيش كريم أدخلها في سؤال جديد “ماذا يجب أن أفعل؟” وكان: “الذي أنقذني من هذا الواقع، الفن. فكرة أنه ليس لدي بلد، بت أخلقه وأحلم به”.

بين النشأة والحضور

استمرّ المخيم بحضوره في حياتها الفنية والشخصية حتى اليوم، فما من مشروع تعمل عليه ميرا، إلا والمخيم هو الحاضر الأول، ولعل آخر أعمالها الذي لم يخرج للنور بعد يعبر عن ذلك واسمه “المخيم الذي طار”، كذلك نقلت المشاركات المسرحية والتجارب إلى المخيمات ضمن مشروعها الفني المؤمن بالطاقات الكامنة في صدور أبناء المخيمات، ولا سيما من لديه موهبة إبداعية في الكتابة والتمثيل والإخراج، وهذا ما فعلته حين نقلت مع المخرجة الفلسطينية عليا الخالدي مسرحية “قدم” إلى مخيم برج البراجنة قبل شهرين، وكذلك سعيها مع فريق مسرحية “أيوبة” لإقامة عروض داخل المخيمات.

المخيم وقبله البركس، عمقا شعور الرفض لديها، فخرجت من منزل “التوتياء والخشب” وتقول هنا: “رفضي تطوّر إلى أن خرجت  من البيت سنة 2008، جئت إلى المدينة، إلى بيروت، وعرّتني، ضعت في بيروت والمدينة”، وفي هذه السنة أيضاً “التحقت في الجامعة اللبنانية، ودخلت قسم المسرح ليس حباً بالمسرح والتمثيل، ولكنني كنت بحاجة للتعبير عن الذات.. وفي الجامعة كنت أشعر بالوحدة والغربة بسبب ذاكرتي الثقيلة، المبنية في بيت في الطبيعة والعيش مع الحيوانات”. وتضيف ميرا: “قبل تركي بيت أهلي، كنت أرسم وكنت متأثرة بناجي العلي، فأقمنا أنا وصديقتي معرضاً في ”الأونيسكو“، حمل اسم ”نبض“ ، وقمنا بمعرض ثان ”نبض 2“ ، وهذه كانت بدايتي مع التعبير، وإحدى رسوماتي كانت تقول “يما ليش معناش سقف، يما لأن معناش أرض”، وهذا مرتبط بأننا نمنا أربعة أيام بلا سقف”.

ميرا وبيروت

هذه التفاصيل بنت شخصية ميرا صيداوي الفنية وأضافت لشخصيتها تحديدا مع رفض المدينة لها كما قالت: “المدينة كانت صعبة ووجهت لي العديد من الصفعات، خلال كل الوقت كنت بحاجة لاعتراف من المدينة بمظلوميتي”.

المدينة اعترفت ولم تعترف بمظلومية الفنانة ميرا صيداوي، فاكتشفت أن بيروت “على مقدار واحد لا من الحب ولا من الكره، والأشخاص في بيروت من المثقفين بقدر ادعاء حبهم لك كفلسطيني بقدر أنهم لا يفهمونك”. وتضيف حول الثقافة والمثقفين “التحرر الذي يدعيه المثقف بالثقافة، هو غطاء مصطنع وغير حقيقي، وليس موجوداً. الشكل الثقافي الذي تنتجه المدينة لا ينتج هوية واضحة”.

هذا الواقع أيضا رفضته ميرا صيداوي، ورفض إثر رفض تتحدث ميرا من خلال فيلمها “مخيم على دواليب أربعة”: “كنت رافضة اللامنطق واللاعدالة. أي احترام للإنسانية حين يتحول والدي من مشروع كاتب إلى ناطور. رفض النظام الذي في كل الوقت يكذب عليّ. نحن الفلسطينيين نبذل جهداً كبيراً لنكون لطيفين” وهذه الأوضاع جعلتها تخلص لنتيجة “الفلسطينيون مجموعة قضايا بقضية واحدة اسمها فلسطين”.

هذا الرفض الطويل، والهزائم الكثيرة، كان لا بد له من علاج وتقليم حتى يستقيم، فكان المسرح: “بدأت العمل في المسرح، وأعتبر أنني من خلال المسرح والكتابة، بدأت أخذ ثأري من التصنيف، وبعد ذلك بدأت أشعر بنصري، بدأت أرتاح، مثلت في المسرح تجارب أعتبرها جريئة، وعلمتني الخشبة تبني قضايا لا تمت لي بصلة، والكتابة أيضاً جعلتني وتجعلني قادرة على خلق عوالمي، والأفلام تعلمني المحاربة”.

حين أصبحت ميرا.. ميرا

بدأت مع المخرج اللبناني ناجي فراتي بمسرحية “في قلب أحد ما” وهو عمل تجريبي، تقول عن هذه التجربة: “طردني من العمل بعد العرض الأول بذريعة أني ممثلة فاشلة” لم تشعر بالهزيمة هذه المرة، واستمرت، فعملت بالرقص التعبيري مع فهد العبدالله، واستمرت: “عملت بالأفلام القصيرة مع غنى عبود “بتول شايفتني” وفيلم “تصريح”، وأفلام طويلة كـ ” طريق بيروت – مولهولند 150 ألف كيلومتر” مع فجر يعقوب، وفيلم فرنسي لبناني ”اذهبي” مع الممثلة الإيرانية غولتي شيفه فرحاني”.

وعن عملها المسرحي تسرد بعض أعمالها: الأعمال المسرحية هي “مذهب” مع لينا خوري، ومع لينا أبيض “قفص”، و”سيستاميكل” لبديع أبي شقرا، و”كاماسوترا” مع مخرجة ألمانيا وكان العرض جسدياً. و”أيوبة” مع عوض عوض.

كتبت مع جريدة “الأخبار” اللبنانية، وساهمت ضمن ورشة كتابة أقامها معهد غوتة في بيروت، وأخيرا كتاب “11 حكايات من اللجوء الفلسطيني”.
 

من عرض: قفص

صراع من أجل البقاء

ليس لمبدع في أي مجال إبداعي كان، أن يكون وليد نفسه ووليد تجربته، وميرا تبدي بوضوح أن الروائي اللبناني المعروف إلياس خوري هو الأكثر تأثيراً بشخصيتها، وساهم بشكل كبير بمعرفة هويتها الفنية التي هي ذاتها هويتها الشخصية.

وعلى سيرة الهوية، فإن ميرا تعتبر أن “مظلوميتي هي التي شكلت هويتي، ولكن تجميلها عبر الأدب والعديد من الأسماء الأدبية، جعل لها شكلاً جلياً واضحاً في الممارسات الفنية المسرحية والسينمائية والكتابية”

وتحديداً تجد ميرا أن هذا التعبير الفني عن الهوية يمرّ بمراحل كما تقول، مع إضافة: “الإبداع دائماً يتوالد، ولا ينتهي، وطالما أن هناك مبرراً سيكون هناك حساً للإبداع ولخلق الجمال. التحدي يساعدني في تشكيل إبداعي. وبعفوية اكتشفت أن لا فصل بين الإبداع والإنسان، فالحب والأرضية التي يشكلها هي سبب من أسباب الإبداع. بلادي هي سؤالي المستمر، ماذا أفعل؟ اكتشاف النفس هو جزء من اكتشاف البلاد”.

فلسطين ميرا

البلاد ربما هو السؤال الأبرز لميرا اللاجئة والتي أصبحت فنانة باكتشافها موهبتها الإبداعية فتقول أن فلسطين “ليست جغرافيا”، بل: “فكرة قيامي بوجه الظلم، والمقاومة من أجل العدالة”.

لكن الفن يبدو أنه وضح لميرا أمراً يقوله الفلسطيني بعفوية المنتمي لأرضه، لكنها في حوارها معنا توضح “أنا وفلسطين واحد، أنا وهي نؤمن معاً ونعمل معاً ونسقط معاً وننتصر معاً. وفلسطين ليس سهلاً أن ترضى، والبلاد التي ترضى ببساطة هي حالة من الاستسلام، هل أرضى بجنود يقسمون البلاد، بمجتمع يصنف الآخرين. فلسطين لن ترضى بالظلم”.

ولماذا فلسطين وهي مع تلك البلاد صنوان لا يفترقان؟ تحاول الإجابة من خلال تجربتها المسرحية: “عبر المسرح، أبحث عن خصوصيتنا كفلسطينيين” وفي مسرحية ”أيوبة” تحديداً تفصّل: “أحمل أمي ونساء المخيم معي خلال العرض. أحمل الناس حين أكتب، حين أؤدي، القباحة التي نعيشها جميعاً، أصبحت جزءاً من جمالنا”.

العلاقة المنسجمة بينها وبين فلسطين وبين الفن، لا يجمعهما سوى الحب، الحب الذي ألحدت وآمنت به ميرا، مع استرسال لها: “الحب العظيم يدعك تتجلى حتى آخر لحظة. يجعلك تعيش التناقضات، ويخبرك في لحظة أنك لم تكتشفني بعد، فحاول. أدرك الآن أن الحب هو سلاحنا، هو انتصارنا، وفقدانه هزيمتنا”.

المسرح الفلسطيني

ميرا صيداوي اللاجئة الفلسطينية ابنة مخيمات لبنان، لم تستسلم لغياب المسرح الفلسطيني في لبنان، وتشير أن المسرح الفلسطيني في الداخل موجود وحاضر ويصنع مكانته على خشبته الفلسطينية، بينما في لبنان تقول: “هناك محاولات جادة وحقيقية لإعادة الاعتبار للمسرح في الشتات، ولعل من بعض هذه الأسماء، رائده طه، عليا الخالدي، عوض عوض، أحمد العربي، لينا أبيض اللبنانية، أبرز دليل على صناعة مسرح فلسطيني حقيقي يعبر عن هموم فلسطين واللجوء معاً.“

وتشير ميرا لطعم المسرح الفلسطيني في بيروت بأنه صاحب نكهة خاصة: “لقدرته على صنع مصالحة بين ذاكرتي الحرب الأهلية والثورة الفلسطينية”.

وعند هذه النقطة تضيف حول هوية المسرح الفلسطيني وخصوصيته في لبنان ومواطن اللجوء عموماً حيث تقول إن على المسرح الفلسطيني: “أن يكون موضوعه فلسطينياً، ممكن أن نخرج بمسرح فلسطيني حداثي خارج الكليشهات. نحن نبحث عن مسرح جديد حداثي غير مباشر، وأرى أن هذا المسرح لكل الناس، وهنا تترتب مسؤولية أخرى وهي إنتاج أدب مختلف وجديد، لأننا كفلسطينيين علينا أن ننتج عملاً غير عادي، لأننا غير عاديين.“

بعد نحو ساعتين ونصف انتهى الحوار في ذلك الصباح البيروتي، وكانت ميرا تجيب على اتصالات مختلفة تحضيراً لعرض جديد لمسرحية “أيوبة” في الجامعة الأميركية ببيروت.
 

من عرض: أيوبة

The post ميرا صيداوي: المسرح انتشلني من التّصنيف appeared first on مجلة رمان الثقافية.

]]>
جناح فلسطين… من أجل صناعة سينمائية فلسطينية https://rommanmag.com/archives/19272 Sun, 13 May 2018 19:55:52 +0000 https://romman.b5digital.dk/%d8%ac%d9%86%d8%a7%d8%ad-%d9%81%d9%84%d8%b3%d8%b7%d9%8a%d9%86-%d9%85%d9%86-%d8%a3%d8%ac%d9%84-%d8%b5%d9%86%d8%a7%d8%b9%d8%a9-%d8%b3%d9%8a%d9%86%d9%85%d8%a7%d8%a6%d9%8a%d8%a9-%d9%81%d9%84%d8%b3/ قبل سنوات وحتى السنة الماضية في الدورة السبعين لمهرجان كان السينمائي ذائع الصيت، كان حضور فيلم فلسطين في إحدى الدورات خبراً يستحق الذكر والإشادة والتناقل الصحافي له. لكن هذه السنة في نقلة تبدو نوعية وتوازي فعلياً الحضور السينمائي الفلسطيني في المشهد العالمي، حظيت فلسطين بجناح خاص بها. وعندما نقول سينما فلسطينية، نتحدث عن رواية فلسطينية […]

The post جناح فلسطين… من أجل صناعة سينمائية فلسطينية appeared first on مجلة رمان الثقافية.

]]>

قبل سنوات وحتى السنة الماضية في الدورة السبعين لمهرجان كان السينمائي ذائع الصيت، كان حضور فيلم فلسطين في إحدى الدورات خبراً يستحق الذكر والإشادة والتناقل الصحافي له.

لكن هذه السنة في نقلة تبدو نوعية وتوازي فعلياً الحضور السينمائي الفلسطيني في المشهد العالمي، حظيت فلسطين بجناح خاص بها.

وعندما نقول سينما فلسطينية، نتحدث عن رواية فلسطينية تقابل رواية الاحتلال، ضمن هذه الحرب المفتوحة في العالم على مصراعيها أمام مثقفين ومبدعين من مجتمعات في العالم تتحلى بحد ما من الديمقراطية القادرة ربما على التأثير برأي الحكومات وكسب أطراف جديدة لمساندة الحقوق الفلسطينية المشروعة.

الناقدة الفلسطينية علا الشيخ قالت لـ “رمان” حول النقطة تحديداً “نحن نبحث دائما عن آليات جديدة لنذكّر العالم كله بتواجدنا رغماً عن أنف كل الاتفاقيات الدولية ولنذكرهم بحقنا المشاركة في كل ما له علاقة بنقل وجهات النظر بالنسبة للمخرجين الفلسطينيين، فقد كانت تجاربهم في التواجد عالمياً، فريدة، واستطاعوا ترك بصمتهم الفنية من خلال أفلامهم”.

”مؤسسة الفيلم الفلسطيني“ كانت هي صاحبة الريادة في هذا العمل النوعي بالتعاون مع وزارة الثقافة الفلسطينية والقنصلية الفرنسية في القدس، وهنا تضيف الشيخ حول الجناح الفلسطيني في مهرجان كان السينمائي: “على أمل أن يظل هذا التواجد يصب لمصلحة السينمائي الفلسطيني بعيداً عن تدخل السلطة والأحزاب الفلسطينية، لأن نجاح السينما الفلسطينية تحديداً بالـ 10 سنوات الماضية كان بسبب تحررهم من الإنتاجات التي كانت تساهم بها الأحزاب لغرض فرض رؤيتها”.

المسؤولون عن هذه المشاركة النوعية أكدوا أنها ستلقي الضوء على السينما الفلسطينية التي حققت نجاحاً واضحاً عبر أكثر من فيلم وأكثر من ممثل ومخرج، نالوا جوائز رفيعة في مهرجانات سينمائية دولية لها نصيبها من المكانة والاحترام في الوسط الفني العالمي

ومن هنا تبدو فكرة جناح فلسطين ضمن مهرجان كان السينمائي، قيمة مضافة للتعريف بالسينما الفلسطينية والشعب الذي ينتج هذه المعرفة، وهنا يقول المخرج الفلسطيني رائد أنضوني لـ “رمان”: أنا أفكر بأن هذا مشروع حقيقي وجامع للسينما الفلسطينية سواء في فلسطين أو كل مكان بالعالم” ويضيف أنضوني: “الثقافة والسينما هنا تتجاوز حدود السياسة، ففلسطين ثقافياً وسينمائياً هي ما يقارب 13 مليون فلسطيني أينما كانوا، لهذا تجد المشاريع المقدمة من أماكن مختلفة”. رائد أنضوني الحائز على جائزة الدب الفضي ضمن مهرجان برلين السينمائي بدورته الـ 67 عن فيلمه “اصطياد أشباح”، مشارك في المهرجان بإدارة إحدى جلسات الحوار، ومستشار لـ 5 مشاريع أفلام وثائقية مشاركة.

هل كنا نحتاج لمثل هذه المحافل لنقدم مقولتنا وروايتنا وحقيقة ما يحدث لشعبنا وبلادنا؟ هذا السؤال فعلياً أجابت الناقدة الفلسطينية علا الشيخ قائلة: “كل ما يتعلق بفلسطين لا يمكن اعتباره ترفاً.. والتواجد الفلسطيني في المحافل العالمية يصب لتوجيه نظرات العالم إلى مصطلحات تسبق الحدث نفسه.. مثل تواجد الجناح الفلسطيني في مهرجان كان السينمائي والعناوين التي سبقت هذا التواجد مثل فلسطين تكسر الجدار.. فلسطين تتحدى الاحتلال.. علم فلسطين يرفرف في كان”.

وفلسطين الحاضرة اليوم ضمن هذا المحفل الدولي الكبير في دورته الحادية والسبعين، تضيف حوله الشيخ: “ندرك أهمية هذا التواجد إلى جانب نهضة صناعة سينمائية فلسطينية أثبتت جدارتها في الأعوام الفائتة من خلال ما حققته من جوائز عالمية في مختلف المسابقات الرسمية في مهرجانات سينمائية مختلفة.. هذا الدور لا يقل إنجازاً عن تواجد جناح فلسطيني في مهرجان كان تأكيداً على الحضور والمضي قدماً في تصدير صورة فلسطين من خلال الأفلام بعد أن أصبحت الصورة ضبابية في وسائل إعلامية متنوعة”.

بعد أيام سيختتم مهرجان “كان” السينمائي فعالياته، وجديده جناح فلسطين التي خلقت لنفسها مكاناً، عبر أفلام عبرت في سنوات مضت، ولاقت إعجاباً وحضوراً كبيرين وشهرة عالمية لبعضها.

في السنوات القادمة ربما تنافس فلسطين على أبرز جوائز المهرجان، وحتى ذلك الحين يبقى جناح فلسطين في المهرجان السينمائي الرفيع، جرعة أمل قدّمها الفن الفلسطيني هدية للشعب الفلسطيني في أماكن وجوده كافة.

The post جناح فلسطين… من أجل صناعة سينمائية فلسطينية appeared first on مجلة رمان الثقافية.

]]>
مخيم اليرموك: ذاكرة لن تزول بزواله https://rommanmag.com/archives/19253 Tue, 01 May 2018 10:33:00 +0000 https://romman.b5digital.dk/%d9%85%d8%ae%d9%8a%d9%85-%d8%a7%d9%84%d9%8a%d8%b1%d9%85%d9%88%d9%83-%d8%b0%d8%a7%d9%83%d8%b1%d8%a9-%d9%84%d9%86-%d8%aa%d8%b2%d9%88%d9%84-%d8%a8%d8%b2%d9%88%d8%a7%d9%84%d9%87/ لعل أسوأ ما يمكن أن يفعله صحافي، توثيق مكان ما قبل تدميره، أو اجتثاثه، أو ما شئتم من تعابير تدل على زوال شيء، ذلك لما يمكن أن يحمل هذا التدمير من أسى حقيقي على ما كان عليه، وتصور ما كان من الممكن لهذا المكان أن يصبح لو كتب له البقاء. لكن الأسوأ فعلاً أن يحاول […]

The post مخيم اليرموك: ذاكرة لن تزول بزواله appeared first on مجلة رمان الثقافية.

]]>
لعل أسوأ ما يمكن أن يفعله صحافي، توثيق مكان ما قبل تدميره، أو اجتثاثه، أو ما شئتم من تعابير تدل على زوال شيء، ذلك لما يمكن أن يحمل هذا التدمير من أسى حقيقي على ما كان عليه، وتصور ما كان من الممكن لهذا المكان أن يصبح لو كتب له البقاء.

لكن الأسوأ فعلاً أن يحاول هذا الصحافي توثيق مكان ترعرع فيه قبل أن يدمر، وهنا أتحدث عن مخيم اليرموك الذي ولدت وكبرت في شوارعه رغم مساحة المخيم الصغيرة التي لا تتجاوز الكيلومترين جنوب العاصمة السورية دمشق.

هذا المخيم الذي ولد عام 1953، بمساحة صغيرة، وبمنازل تشبه واقع اللاجئين الفلسطينيين آنذاك، كبر بما أنتج على أكثر من صعيد، ربما المعروف هو الواقع الاقتصادي له قبل أن يسقط أول مرة في ديسمبر 2012، وواقعه السياسي والنضالي بالشهداء الكثر الذين عادوا إليه بعد نضال طويل مع الثورة الفلسطينية، ومقبرتي الشهداء، القديمة والجديدة اللتان ضمتا جثامين العديد من قادة الثورة الفلسطينية كأبو جهاد الوزير والدكتور فتحي الشقاقي وأبو العباس وسعد صايل وغيرهم.

أما الواقع الثقافي لهذا المخيم فلم يعيه إلا من عايشه وعاش فيه، وأثر وتأثر بمن فيه من أناس بدأت حياتهم الثقافية في المخيم، ووصلوا ليكونوا أسماء من الأرقام الصعبة في مجالاتهم.

وليس غريباً حين نعرف أن المخيم بمساحته الصغيرة احتوى على أكثر من مركز ثقافي فاعل، بعض تلك المراكز كان يتبع للفصائل الفلسطيني كالمركز الثقافي الفلسطيني للجبهة الديمقراطية بأقسامه المختلفة (المكتبات الثلاث – نادي السينما – منتدى الحوار الديمقراطي) ومركز القدس الثقافي التابع لحركة الجهاد الإسلامي الذي كان ينظم ندوة شهرية وازنة لأحد المفكرين العرب بحضور نخب ثقافية وسياسية من مشارب مختلفة. ولا يمكن إغفال مركز جفرا الشبابي ودوره الرائد في تدريب وتطوير عدد من الشباب الفلسطيني في المخيم أصحاب المواهب الفنية (تمثيل – إخراج – تصوير – كتابة صحافية وإبداعية)، ومركز الخالصة الذي أنشئت فيه مكتبة عز الدين القسام، كذلك كان في المخيم المركز الثقافي العربي التابع لوزارة الثقافة السورية، والذي كانت تجهيزاته وإمكانياته بطبيعة الحال أهم بكثير من باقي المراكز في المخيم.

أيضاً في المخيم كان هناك مراكز تعتبر مستقلة كالمركز الفلسطيني للثقافة والفنون الذي أسسه الفنان الفلسطيني غسان السعدي والذي كان أحد أنشطته مهرجان سنوي يقام خلال شهر رمضان ويستمر لنحو عشرين يوماً، ويقيم معرضاً أو معرضين وأمسيات أدبية وعروض أفلام وحفلات موسيقية ملتزمة، إضافة لدورات مختلفة في مجالات إبداعية عدة.

هذا غيض من فيض، فهناك مراكز أخرى، وعشرات المنتديات الثقافية ولعل أهمها “منتدى غسان كنفاني” الذي ساهم في تأسيسه عدد من الكتاب والمثقفين الفلسطينيين والسوريين.

وحضور هذا المستوى من الحالة الثقافية في المخيم، استدعى بالضرورة حضور كم ونوع من المثقفين فيه، ولعلني أذكر بعضهم في هذه العجالة، إذ أنتبه ها هنا إلى ضرورة العمل على توثيق ذاكرة المخيم على هذا الصعيد بالتفاصيل لما لهذا الحيز الصغير جنوب دمشق، من قيمة كبيرة في ذاكرة الشعب الفلسطيني لو تم الانتباه له فقط.

في المخيم، عاش الناقد الكبير والمعروف يوسف سامي اليوسف، وبيته لمن يعرفه كان محجة لمثقفين من سوريا وفلسطين ومعظم أقطار الوطن العربي، وهنا تحضرني بعض الأسماء على الأقل الشاعر السوري عبد القادر الحصني الذي عاش طويلا في “اليرموك” والشاعر السوري فرج بيرقدار، والكاتب العُماني رئيس تحرير مجلة نزوى سيف الرحبي. ومثله كان الإعلامي والمثقف المعروف داود يعقوب، والدكتور محمود موعد الذي تحول جزء من منزله في شارع حيفا لمقر لاتحاد الفنانين التشكيليين الفلسطينيين.

ومن الأسماء التي تخطر في البال الروائي مطر عبد الرحيم، والروائي عارف الآغا، والشاعر كريم راشد، والشاعر ماهر رجا، والشاعر كمال سحيم، والشاعر غسان زقطان، والقاصة سلوى الرفاعي، والروائية مي جليلي، والروائية نعمة خالد. وهناك أسماء كثيرة خارج نطاق الأدب كالمفكر يوسف سلامة، وأحمد سعيد نجم، والناقد السينمائي المعروف بشار إبراهيم، والمسرحي الشهيد حسان حسان والكاتب المسرحي متولي أبو ناصر وغيرهم.

على صعيد الفن التشكيلي سكن المخيم، وقدم له وأخذ منه، الفنان عماد رشدان، وزكي سلّام وأسرته الفنية، والفنان محمد الوهيبي، وحسن أبو صبيح، وهيسم شملوني، وسمير سلامة، وجمال الأبطح، وجمال أفغاني.

أما إعلاميا وصحافيا فقد قدم المخيم عشرات الإعلاميين الفلسطينيين والذي وصل بعضهم لمراتب مهمة في وسائل إعلامية عربية وعالمية، منهم، معتصم أبو خميس، الوليد يحيى، نبيل السهلي، شريف الشريف، محمد أبو شريفة، محمود نوارة، جواد عقل، معتصم حمادة، ثائر السهلي، علي بدوان، نافذ أبو حسنة، شوقي أبو شعيرة، أوس داود يعقوب ومحمد السهلي. ومعظم من سبق من الأسماء في المجالات المختلفة لهم مساهمات في العديد من الصحف والمجلات الفلسطينية والعربية.

إن تذكر هذه الأسماء لا يعني أنه ليس هناك بقية كثيرة تشتتوا في أصقاع الأرض من الفلسطينيين والسوريين، ولعلي هنا أتذكر أن معظم هؤلاء الكتاب كتبهم صدرت عن دور نشر مختلفة وعن دور في مخيم اليرموك، منها “دار الشجرة”، و”دار الكرمل”، و”دار القدس للعلوم” وغيرها.

هذه عجالة ليست إلا محاولة لتقديم ما كانه مخيم اليرموك للاجئين الفلسطينيين الذي مرّ في تاريخه وحتى نزوح معظم أهله من الفلسطينيين والسوريين مئات الأسماء التي وضعت بصمتها في الحراك الثقافي الفلسطيني والعربي.

وربما من نافل القول، إن من الضروري العمل على توثيق حياة مخيم اليرموك في المجالات كافة، من باب توثيق الذاكرة الفلسطينية، منذ أن أسماه الحاج أمين الحسيني بهذا الاسم خلال زيارته له عام 1955، وصولاً إلى يومنا هذا. خاصة وأن قضية اللجوء لن تنتهي بزوال مخيم من المخيمات، ولا القضية الفلسطينية ستحل بزوال هذه المخيمات، وبطبيعة الحال، لن تنتهي قضية اللجوء ولا القضية الفلسطينية إلا بتحرير الأرض وعودة اللاجئين إلى مدنهم وقراهم التي هجروا منها قبل سبعين عاماً في فلسطين المحتلة.

The post مخيم اليرموك: ذاكرة لن تزول بزواله appeared first on مجلة رمان الثقافية.

]]>
«ترسيخ»: مسرح البقاء وصوت إيمان سعيد https://rommanmag.com/archives/19240 Mon, 23 Apr 2018 10:12:38 +0000 https://romman.b5digital.dk/%d8%aa%d8%b1%d8%b3%d9%8a%d8%ae-%d9%85%d8%b3%d8%b1%d8%ad-%d8%a7%d9%84%d8%a8%d9%82%d8%a7%d8%a1-%d9%88%d8%b5%d9%88%d8%aa-%d8%a5%d9%8a%d9%85%d8%a7%d9%86-%d8%b3%d8%b9%d9%8a%d8%af/ “كلاي: شو جابك!! أحلام: إنت يللي ناديتني.. كلاي: الموج عالي والسفن غايبة.. الناس تعبت.. والولاد عطشت.. وهياتهم رجلي ردّوا علي ومشوني فوق المي وكأني المسيح مطعون ببوسة ألف صديق.. “مؤنباً أحلام” ولك ليش جيتي هللأ مش شايفه الموت قرّب.. اطلعي شوفيه حاميلتو الموجه الجايه.. أحلام: منيح.. لهيك اطمن وارتاح.. وخلّي البحر يوفر علينا حق القبر..” […]

The post «ترسيخ»: مسرح البقاء وصوت إيمان سعيد appeared first on مجلة رمان الثقافية.

]]>
“كلاي: شو جابك!!

أحلام: إنت يللي ناديتني..

كلاي: الموج عالي والسفن غايبة.. الناس تعبت.. والولاد عطشت.. وهياتهم رجلي ردّوا علي ومشوني فوق المي وكأني المسيح مطعون ببوسة ألف صديق.. “مؤنباً أحلام” ولك ليش جيتي هللأ مش شايفه الموت قرّب.. اطلعي شوفيه حاميلتو الموجه الجايه..

أحلام: منيح.. لهيك اطمن وارتاح.. وخلّي البحر يوفر علينا حق القبر..”

هذا مقطع من سياق الموت الذي ألم بنا من نص «ترسيخ»، أتذكر فيلم «تيتانيك» الذي عرفنا من خلاله مأساة غرق سفينة حملت على ظهرها آلاف الأشخاص بدرجات متفاوته من الرفاهية، مات منهم العشرات وبقي بعضهم ليروي.

اليوم بات غرق السفن الناقلة للمهاجرين الهاربين من أتون الحرب فرجة نراها ونسمع عنها في نشرات الأخبار، وتقارير المنظمات الدولية.

هؤلاء الغرقى في السنوات الأخيرة كانوا من أبناء سوريا ومخيمات اللاجئين الفلسطينيين فيها.

إيمان سعيد الكاتبة الفلسطينية صاحبة مسلسل «سحابة صيف»، تناولت الموضوع في مسرحية نسجت مشاهدها ببراعة العارف المتمرس في بيئة الواقع الفلسطيني في سوريا، كذلك العارف حتى العمق بطبيعة الشخصية السورية، وعموما بالنفس الإنسانية، ولا يفوتني هنا، أن الكاتبة خريجة دراسات مسرحية من المعهد العالي للفنون المسرحية في دمشق، وقسم علم النفس في كلية التربية من جامعة دمشق.

النص المسرحي حمل اسم «ترسيخ»، ربما هذه التسمية تحمل في طيها أبعاداً أرادت الكاتبة أن تعيد عبره الأمور إلى مسمياتها عبر ترسيخ شخصياتها في المخيم وفي بيت المهاجرين بليبيا إضافة للقارب في البحر. ثم البلاد التي سيرحلون إليها ويرسخون أنفسهم فيها عبر بصمة من بقي منهم على رسم الحياة.

ترسيخهم لتثبيت مقولتهم ومظلوميتهم التي وجدوا أنفسهم عالقين داخلها دون حتى قرار منهم.

يبدأ النص المسرحي الحائز على المرتبة الثالثة عن فئة النص المسرحي الموجه للكبار في جائزة الهيئة العربية للمسرح في الكويت دورة 2016. يبدأ بخبر تبثه نشرة إخبارية عن غرق 450 شخصاً قرب شواطئ ليبيا.

هذا الخبر الذي يدل الحوار أنه بات عادياً وقريباً من السمع لكثرته نظراً لحركة الهجرة المفتوحة. ولكنه يظل مثاراً للسؤال من الشخص المثقف ككل المثقفين المهزومين والمخيبة أحلامهم، الأستاذ فجر أبو راشد، يسخر من كلاي البسيط الذي يفتي في شروط دبلن..

شخصية الملقب بكلاي نسبة إلى “محمد علي كلاي” ليس غريب الأطوار، لكنه ضعيف البنية وقع ضحية سخرية رفاقه منه منذ الصغر بعد ارتدائه لبلوزة تحمل صورة البطل العالمي المعروف، وبقي عالقاً بهذا اللقب كتعلقه الذي لم ينته بحب أحلام ابنة خالته التي كانت مقيمة في الكويت، لكنها أصبحت في سوريا مع عائلتها بعد حرب الكويت واجتياح صدام حسين للبلاد، وتأييد أبو عمار لهذا الاجتياح؛ في استعراض آخر لنموذج من واقع فلسطيني آخر كان يقيم في بلاد الملح والحر..

أما الطيراوي نسبة إلى منطقة الطيرة في حيفا التي سقطت في النكبة الفلسطينية، فهو نموذج للعبث الإنساني الذي يصاب به الأفراد بعد تحميلهم ذاكرة النكبات والهزائم والإنكسارات.. يغيب عقله بالحشيش ورغم فجاجته التي يحتاجها النص في معظم حواراته وخاصة مع الأستاذ المثقف فجر نراه في العمق أصدق منه.. فجر الذي اضطر لتغييب كثير من مبادئه لصالح مجاراة الواقع متدرجاً في مواقفة السياسية تبعاً للتيار السياسي المتمركز أكثر في الساحة السياسية الفلسطينية وجاء ذلك بالتوازي مع انحدار ذوقه في النساء والجمال والفن ضمن تعبير يعكس التوازي بين الموقفين.

هؤلاء الشخصيات، تتداخل معهم شخصيات أخرى منها نادر وزوجته أسماء النمطية التي يبدو من خلال النص أنها تريد إيقاظ زوجها من أحلامه. وهكذا يبدأ المشهد الأول حين يستيقظ نادر من نومه فرحاً، إذ شاهد حلماً أنه بصم بالسويد، لكن أسماء تنبهه أن آثار الحبر على اصبعه من بصمة أخذت له في “فرع فلسطين” عند المخابرات قبل أيام.

شخصيات المسرحية لمن يعرف المخيم وسوريا، يدرك أنهم في كل مكان يمكن أن يكونوا، ولا سيما المقهى الذي حضر في أكثر من مشهد بحواريات حول والهجرة والبحر والـ ”بلم“ (القارب المطاطي) لا يمكنك حين تقرأها أو تشاهدها، إلا وتمر مثيلاتها في ذاكرتك تحديداً ما بعد شهر ديسمبر 2012، الشهر الذي هُجر فيه أهالي مخيم اليرموك.

لم تكتف يد الكاتبة في هذا النص أن تمتد لتمسك بالألم الخارجي لواقع المعاناة الفلسطينية للفلسطيني أينما كان وأينما حل. هذا الألم الذي مهرته معاناة الحرب والتهجير واللجوء أو البقاء تحت سلطة الإحتلال، بل امتدت يدها في جرأة لتعرية واقع الشخصية الفلسطينية من الداخل لتعيش مكاشفتها مع نفسها، تحسب ما لها وما عليها وهنا يكمن الإستثناء برأيي لحاجة الشخصية الفلسطينية أن تضع نفسها دوماً أمام مرآتها، وهذا ما يحسب للنص في كسر نمطية الصورة المؤطرة للشخصية الفلسطينية ووضعها ضمن أبعادها الإنسانية الواقعية كافة. حتى القدرة على تشخيص المواقف المختلفة من واقع ما يحدث في المنطقة. لكنها تعود وتعيد الدفة لمجراها الأساسي في واقع الخيبة الكبير وهو الإحتلال، وقضية الوجود.

وهذا المقطع من النص يبين المقصد:

“كلاي (بصفته الراوي): كنا عم منمرّق إيامنا هيك.. الليل بدفن النهار.. والنهار بدفن الليل والناس مادي إيدها للحياة ومش طايلتها.. والبحر مرة بتفكروا رحم.. ومرة بيطلع من بطنوا ضوء الفجر.. وبالثالثة بصير قبر..

آآآآه (يتنهد بحسرة) مش على أساس نحنا يللي كنا بدنا نرمي اليهود في البحر..”

مسرحية «ترسيخ» لإيمان سعيد تحتشد بقصص وحيوات ناس، تبدو للوهلة الأولى غير مترابطة من حيث الواقع بسبب الأماكن الجغرافية المختلفة التي أتت منها (دمشق – ليبيا – غزة – لبنان.. البحر) لكنها متشابكة في واقع الأصل الذي جاءت منه، فلسطين. لكنها رحلة اللجوء أو البقاء قد خلقت نماذج مختلفة من الفلسطينيين تنعكس بوضوح في هذا النص.. الخلفيات المختلفة للفلسطنيين الذين لم يعودوا أبناء مكون واحد.

كتبت المسرحية وكأنها نص للعرض للخشبة مباشرة بما حملت من حلول إخراجية، وتوصيفات دقيقة لكل مشهد، وفق المدرسة البريختية والتي تعني فن اللعب على الخشبة وتنقل الممثلين بين الأدوار دون تماه، فضلاً عن تعددية استخدام الأغراض والإكسسوارات كما جاء بالتوصيف، ورمزية استخدام فضاء العرض فتكفي البقعة الضوئية أن تشكل المكان، ويكفينا توصيف لستارة مسقط عليها اللون الأزرق لتكون البحر، بشكل يوضح فهماً عميقاً لكيفية توظيف المدرسة الفنية هنا على مستوى النص وكيفية بنائه والإنتقال بين مشاهده وعلى مستوى توظيف المقترحات في تقديم الرؤية الإخراجية إنه كما يقال نص عرض.

النصّ

هو مفتوح على العديد من الأسئلة.. هل الفلسطينيون اليوم هم مكون واحد يلتقون عند حلم العودة للوطن أم أنهم مكونات مختلفة كل حسب مناطق لجوئهم؟! هل اختلفت دوافع هجرتهم وأصبحوا يلتقون فقط عند حلم الخلاص والوصول للمكان الآمن والتخلص من عبء ما يسمى بالوثيقة الفلسطينية، هذا السجن الكبير الذي حوصر الفلسطيني ضمنه؟! هل يستلزم أن يقف الفلسطيني اليوم  بتجريد وتعري أكثر مع واقع تجربته في بلاد الشتات بتقييم أكبر وأكثر واقعية بعيداً عن الشعاراتية المقدسة والمزيفة، ليتبادل اعترافاته تجاه الآخر ومعه؟! هل هذا البحر الذي حمل إلينا هجرات متلاحقة لمستوطنين يهود هو نفسه الذي هددناهم به أننا سنغرقهم فيه يوماً ما لنكتشف أنه ذات البحر الذي تطفو فوقه اليوم ملامح لأطفال وشيوخ ونساء فلسطينيين وسوريين وغيرهم من العرب الذين لحقوا الفلسطيني في مصير لجوئه غير المنتهي؟! هل نهرب فقط من حرب دامية هنا أم من اضطهاد اجتماعي أقسى من دوي الحرب في أحيان كثيرة؟! هذه الأسئلة والقضايا وغيرها الكثير يسعى العرض المسرحي ترسيخ إلى طرح اشكالاته وتساؤلاته  بقالب من الكوميديا السوداء.

إنه نص يسعى ليقدم مقولة ربما لم يجرؤ أحد على قولها، أن ما ألم ويلم بشعوب المنطقة، ليسوا مسؤولين عنه، ولكن واقعاً سياسياً وإنسانياً يزداد قسوة كل يوم ومع كل لحظة ومع كل صاروخ ورصاصة، لا يشيع الناس موتاهم، لكنهم يشيعون ذاكرتهم وذكرياتهم ومستقبلهم.

ولعل ختام المسرحية أبلغ ختام لهذه المادة الانطباعية عن نص مسرحي اسمه «ترسيخ» نأمل أن نراه ممسرحاً على الخشبة في وقت قريب. من رسالة سبق تداولها على وسائل التواصل الإجتماعي..

“شكراً لقنوات الأخبار التي ستتناقل خبر موتنا لمدة خمس دقائق كل ساعة لمدة يومين..

شكراً لكم لأنكم ستحزنون علينا عندما ستسمعون الخبر..أنا آسف لأني غرقت..”.

The post «ترسيخ»: مسرح البقاء وصوت إيمان سعيد appeared first on مجلة رمان الثقافية.

]]>
«القدم»… مسرحية بأقدام فلسطينية https://rommanmag.com/archives/19194 Wed, 28 Mar 2018 16:24:35 +0000 https://romman.b5digital.dk/%d8%a7%d9%84%d9%82%d8%af%d9%85-%d9%85%d8%b3%d8%b1%d8%ad%d9%8a%d8%a9-%d8%a8%d8%a3%d9%82%d8%af%d8%a7%d9%85-%d9%81%d9%84%d8%b3%d8%b7%d9%8a%d9%86%d9%8a%d8%a9/ قبل أيام وعلى مسرح “دار النمر” في بيروت، عُرضت مسرحية «القدم» لإسماعيل الخالدي في النسخة الإنكليزية التي قدمت في أميركا. ضمن مهرجان ”أصوات عربية.. قصص من فلسطين“ شاركت «القدم» بنسخة عربية من إخراج علية وإسماعيل الخالدي، وبمساعدة إخراجية للفنانة ميرا صيداوي. قدم العرض عدي قديسي ولعب دور لاعب كرة القدم الفلسطيني طارق الزقمة، بينما لعب عمر […]

The post «القدم»… مسرحية بأقدام فلسطينية appeared first on مجلة رمان الثقافية.

]]>
قبل أيام وعلى مسرح “دار النمر” في بيروت، عُرضت مسرحية «القدم» لإسماعيل الخالدي في النسخة الإنكليزية التي قدمت في أميركا.

ضمن مهرجان ”أصوات عربية.. قصص من فلسطين“ شاركت «القدم» بنسخة عربية من إخراج علية وإسماعيل الخالدي، وبمساعدة إخراجية للفنانة ميرا صيداوي. قدم العرض عدي قديسي ولعب دور لاعب كرة القدم الفلسطيني طارق الزقمة، بينما لعب عمر أحمد دور الجندي الإسرائيلي. 

«القدم» تجربة مسرحية فلسطينية جديدة، تتقدم على خشبات المسرح العربي ربما في محاولة لإعادة الاعتبار للمسرح الفلسطيني ووجوده. وبدءاً من بيروت كانت العروض الأولى، بعد ”دار النمر“ زار العرض مخيم برج البراجنة على مسرح ”المركز العربي“، وفي صالة ”الشعب“ بمخيم شاتيلا.

ربما ما أراده العمل المسرحي الجاد في مقولته وموضوعه، أن لا يقدم لاعب كرة القدم الفلسطيني طارق الزقمة الذي استشهد مطلع العام 2006 خلال ذهابه للتدريب في قطاع غزة، لكن يبدو أن كل شباب فلسطين بمختلف مجالاتهم أريد لهم أن يكونوا واحداً في شخص طارق والممثل عدي القديسي، الذي كان يؤدي دوري كفلسطيني ودور أصدقاء كثر عرفناهم في فلسطين، كيف وعمر الذي يقوم بدور الجندي الإسرائيلي، كان يخبط ويلبط، ويرسم الخطوط الحمراء بواسطة لاصق أحمر على أرض المسرح، ليقدم العمل المسرحي سينوغرافيا بذلك، ما يحل بنا يومياً من الاحتلال الإسرائيلي في الداخل والخارج.. 

فبين وقت وآخر خلال 45 دقيقة مدة العرض، كانت تزداد الخطوط الحمراء، وتضيق مساحة طارق/عدي في الأداء والعطاء والصراخ والتمرين.. كل شيء كان يضيق تقريبا باستثناء التصعيد الدرامي الذي جهد قديسي في إيصاله إلى الجمهور، ليظهر الثورة والغضب والانتصار والهزيمة..

ومع ما قدمه قديسي من أداء جميل وصل إلى اللهاث أحياناً خلال أداء التمرينات الرياضية، لإيصال شعوره بشكل أفضل، إلا أنني لا أعرف تماماً إن كان هذا حصل لتعويض عناصر أخرى في العرض غابت، كان لها أن تساعده ربما في الأداء وإيصال شعوره بشكل أفضل، كالإضاءة على سبيل المثال. 

وعند هذه النقطة لا من التوقف قليلا عند دور الجندي الإسرائيلي الذي أداه عمر أحمد، إذ لم ينطق تقريباً بأي كلمة خلال العرض، لكن انفعالاته الكثيرة، وغضب المحتل، الذي حاول تقديمه بضرب المكتب، ورفع قدمه فوقه، وأخذ الكرة من أمام طارق/عدي، ووضع الحواجز/اللاصق الأحمر. جعل حضوره قوياً دون كلام. ربما لو تكلم، غابت قدرته على الإقناع، ولربما دخل في رتابة الخطاب. 

وعلى سيرة الرتابة، لم يدخل النص ولا الأداء لدى عدي/طارق بالرتابة المعهودة في الكلام حول الاحتلال، واغتصابه الأرض، وتضييقه وقتله للفلسطينيين، وربما لعب الكرة في المشاهد الأخيرة فوق الملعب المدمر، كان مهارة إضافية استطاع إيصالها إلينا عدي، ورغم أن عدي مثلنا لم يعش أجواء الحروب على القطاع واجتياحات الضفة مطلع الألفية إلا من خلال شاشات التلفزة والاستماع لمن عايشوا تلك المراحل بأجسادهم في المكانين (الضفة  الغربية وقطاع غزة).

وهنا تحديداً تأتي القيمة المضافة لشعبنا، إذ إن كاتب المسرحية إسماعيل الخالدي من مواليد بيروت 1982، يقدم أعمالاً حول القضية الفلسطينية على المسارح الأميركية، و«القدم» واحدة فقط من بين أعمال كثيرة، لم يكن آخرها ”صبرا تتساقط“ التي قدمت تلك المجزرة التي وقعت في 16 أيلول /ديسمبر 1982، للرأي العام الأميركي، ما يساهم بتعزيز رواية المظلومية الفلسطينية. 

عدي/طارق/نحن، اجتمعنا على خشبة مسرح واحدة، فلسطينية، برسالة فلسطينية واضحة وضوح فلسطين على الخارطة.

ومن الضروري واللافت أن الفنانة الفلسطينية ميرا صيداوي والمخرجة الفلسطينية علية الخالدي، تحملان على عاتقهم إحياء المسرح الفلسطيني وتقديم الحياة الفلسطينية ممسرحة على الخشبة العربية، ويبدو أن مهرجان ”أصوات عربية.. قصص من فلسطين“ الذي عرضت ضمنه مسرحية «القدم» ساهم جدياً في ذلك.

والسيدتان قدمتا أكثر من عمل معاً، آخرها كان ”أيوبة“ الذي يحاكي واقع المرأة الفلسطينية في المخيمات، وحياة مناضل، خذلته الثورة، فخذلها.

انتهت فعاليات مهرجان ”أصوات عربية.. قصص من فلسطين“ قبل أيام في بيروت، وهو مبادرة بعيدة المدى ودائمة التوسع، تهدف لنباء الجسور ما بين الفنانين المسرحيين والجماهير في الدول العربية وفي الشتات العربي حول العالم.

والعروض الأخرى هي ”ساعة الشعور“ لمنى منصور، وإخراج نويل غصيني ومنى ومنصور، ومسرحية ”فدوى والطعام“ للميس إسحاق ويعقوب قادر، من إخراج لميس إسحاق ونويل غصيني. وجميع العروض قدمت بلغتها الأصلية مع ترجمة مصاحبة للغة الإنكليزية. 
 

 

 

 

The post «القدم»… مسرحية بأقدام فلسطينية appeared first on مجلة رمان الثقافية.

]]>
في ذكرى اعتقاله: أشرف فياض… شاعرنا في سجونهم https://rommanmag.com/archives/19071 Tue, 16 Jan 2018 09:31:06 +0000 https://romman.b5digital.dk/%d9%81%d9%8a-%d8%b0%d9%83%d8%b1%d9%89-%d8%a7%d8%b9%d8%aa%d9%82%d8%a7%d9%84%d9%87-%d8%a3%d8%b4%d8%b1%d9%81-%d9%81%d9%8a%d8%a7%d8%b6-%d8%b4%d8%a7%d8%b9%d8%b1%d9%86%d8%a7-%d9%81%d9%8a-%d8%b3%d8%ac/ ربما لن تعرف ولن تفهم الأنظمة أن حجب الرأي والقول لن يفضي إلى شيء، ولن يؤدي إلى منع آخرين من خوض تجربة من مُنعوا وصرخوا بوجه ما رأوه خطأ، فكتبوا أو رسموا.. وربما على سبيل المثال لا الحصر، فإن قضية اعتقال الشاعر الفلسطيني أشرف فياض والحكم عليه بالإعدام والتخفيف لثماني سنوات مع 800 جلدة، أبرز […]

The post في ذكرى اعتقاله: أشرف فياض… شاعرنا في سجونهم appeared first on مجلة رمان الثقافية.

]]>
ربما لن تعرف ولن تفهم الأنظمة أن حجب الرأي والقول لن يفضي إلى شيء، ولن يؤدي إلى منع آخرين من خوض تجربة من مُنعوا وصرخوا بوجه ما رأوه خطأ، فكتبوا أو رسموا..

وربما على سبيل المثال لا الحصر، فإن قضية اعتقال الشاعر الفلسطيني أشرف فياض والحكم عليه بالإعدام والتخفيف لثماني سنوات مع 800 جلدة، أبرز القضايا الراهنة التي يجب أن لا تغلق كي لا يتحول هذا الشاعر لذكرى نتندر بها كلما ذكرنا مسألة حرية الرأي في بلداننا العربية.

أشرف المعتقل منذ 1 يناير 2014 على خلفية شعره وأدبه، ينام في اليوم في أقبية السجون السعودية، ولن أحاول تخيل معاناته بحجب حريته، ولن أسرد قيماً عن الحرية في هذا المقال الذي أنعم خلال كتابته بحرية جزئية تتناسب وواقع سياسي يقسم العالم بين محاور مختلفة، لا أعرف تماماً متى ستنقلب فيها الاصطفافات ليصبح المنتقد اليوم محل مدح أو على الأقل ليس محل عداء، أو استعداء مبطن.

أشرف الذي اعتقلته السعودية بسبب الشعر، أي الكلام وهو ما كلفه حكماً بالإعدام خُفّف إلى ثماني سنوات لن يبرأ منها إلا بعد انقضائها كون من يجب عليهم النهوض من أجل حريته، إما مغتصبة آراؤهم، وإما معتم عليهم، وإما أنفاسهم محروقة ببعض المال السياسي الذي أخضعتهم إليه لقمة العيش، وإما وإما وإما حيث لا نهاية.

اليوم، بمرور أربع سنوات على اعتقاله، نذكّر في رمان بما لحق ويلحق بهذا الشاعر، بشخصه وبغيره من الكتاب والأدباء المعتقلين، وبما يمثل لنا فياض من قيمة معنوية ومادية للمطالبة بحقوق الإنسان الطبيعية.
 
مهزلة سجن شاعر

مهيب البرغوثي الشاعر الفلسطيني كتب لنا، معتبراً أن “سجن الشاعر فياض من مهازل الأنظمة العربية التي لم يستطع كل ما كتبه الشعر والشعراء الإفراج عنه رغم تبديل الحكم من الإعدام إلى السجن والجلد”.. بينما الشاعر طارق حمدان أضاف “فياض يحاكمنا جميعاً الآن، يحاكم كل صامت منا، وقضيته يجب أن تظل حاضرة بوجدان كل مثقف وفنان وكاتب وكل مطالب بالحرية“.

حمدان أيضاً يعتبر أن السلطة الفلسطينية تتحمل مسؤولية، لكنها بدل أن تطالب بشاعر فلسطيني معتقل في السعودية، ذهبت لتكريم ملك السعودية “في الوقت الذي كان أشرف فياض يستعد لمحاكمته الظالمة قبل عامين، ذهب رئيس السلطة وقلد ملك السعودية “وسام فلسطين”! هذا يجعلنا نستثني أي نقاش عن دور “مرجعية فلسطينية” على الصعيد الرسمي، بالنسبة لي فإن “السلطة الفلسطينية” تحت النقاش فيما يتعلق بحقوق الفلسطينيين أجمع، وليس فقط بحق شاعر  يقبع سجون القهر والظلام“.

البرغوثي صاحب «مختبر الموت» يرى أن محاكمة فياض تدلل فقط على تخلفنا في هذا الزمن، ويطرح سؤال “ماذا يعني أن يسجن شاعر ويجلد لأنه عبّر عن نفسه عبر كلمات رأى أنها تمثله، وهل علينا أن نبعث بأفكارنا إلى الحاكم قبل أن نبدأ بالكتابة!“

محاكمة الرأي

فياض الذي تحركت جمهرة من المثقفين الفلسطينيين والعرب بداية اعتقاله ومحاكمته، غابت تماماً بعد وقت، مثل كثير من القضايا الكبرى التي تثار عبر وسائل التواصل الاجتماعي وتغيب مع حضور قضية أخرى أهم أو أقل أهمية.

فلسطينياً، جرت تحركات شعبية لم تكن على مستوى الحدث، ويصفها طارق حمدان بالمخجلة، ويضيف أنها “اقتصرت على تجمع يتيم وكأنه مجرد رفع عتب.“

والد فياض رحل عن عالمنا حسرة على ولده المولود في الرياض عام 1980، لم تتحرك قضيته في العام الماضي، ولم تتناوله مقالات لمثقفين يتصدون لقضايا الحريات في غير مكان من العالم العربي. 

ومن المعروف أن فياض كان يعمل في منظمة Edge Of Arabia”” البريطانية السعودية للفن، وقد أدار عروضاً فنية في كل من جدة وفينيسيا، حسب موقع “هيومن رايتس ووتش” بتاريخ 23 نوفمبر 2015.

خلال التحقيقات مع فياض أكد أنه دخل في مشادة وهو يشاهد مباراة لكرة القدم في التلفزيون بمقهى في السعودية في يناير/كانون الثاني 2014، ثم وجد نفسه مقبوضاً عليه بتهمة الترويج للإلحاد في شعره.

وبعد الحكم على الشاعر الفلسطيني بالإعدام، صدرت انتقادات دولية واسعة، وطالب مئات المثقفين حول العالم بإطلاق سراحه. وقد سرع هذا الحراك إلى تخفيض الحكم، حينها صرّح عبد الرحمن اللاحم محامي فياض إن المحكمة في مدينة أبها الواقعة جنوب غرب السعودية “تراجعت عن الحكم السابق بإعدامه للكفر“.

ووفقاً لمنظمة العفو الدولية فإن فياض اعتُقل في أغسطس/آب عام 2013 عقب شكوى من مواطن سعودي زعم فيها أن فياض يدعو للإلحاد ويروج لأفكار التجديف.

وتم إطلاق سراحه في اليوم التالي، ولكن تم اعتقاله في يناير/كانون الثاني عام 2014 ووجهت إليه اتهامات بالكفر بسبب ما يفترض أنها تساؤلاته حول الدين ونشره الإلحاد في مجموعته الشعرية «التعليمات بالداخل» الصادرة عام 2008.

إذن بعد كل هذا شعر فياض كان هو الجريمة، وربما أفكاره، أو الكيدية التي أخذ بها، لكن فياض صرّح غير مرة أن قصائده تدور فقط “حولي كلاجئ فلسطيني. وحول قضايا ثقافية وفلسفية“.

في فبراير العام الماضي، عاد محامي الشاعر للتأكيد على أن قضية فياض لم تنته بعد، وذلك بعد نقض قاضي محكمة أبها العامة، في السعودية بـ 2 فبراير 2016، الحكم بردة الشاعر الفلسطيني أشرف فياض، مكتفياً بسجنه ثماني سنوات مع 800 جلدة.

إلى متى؟

وبعد فصول المحاكمة هذه يبدو أن كلام الشاعر الفلسطيني طارق حمدان مناسباً حيث قال لرمان: “الكيان الصهيوني الذي شرد والنظام السعودي الذي نفذ والسلطة الفلسطينية التي آثرت الخنوع، يتحملون جميعهم مسؤولية ما وقع على فياض وعائلته. أما نحن؛ فعلينا أن نكون جبهة مضادة لكل ذلك، هذا إذا كنا نحلم فعلاً ببلاد تتماثل مع قيم الحرية والعدالة وحقوق الإنسان“

وكان مثيراً للجدل (والسخرية) خلال محاكمة فياض ما صدر عن قضاة تناولوا قضيته، إذ أن القاضي الذي حكم بإعدام فياض اعتبر أن توبته غير مقبولة بذريعة أنها أمر بينه وبين الله، ولا يعلم حقيقتها، علماً أن التشريع الإسلامي يقضي بهذه المسألة باستتابة المرتد لثلاثة أيام حسب ما نص عليه الفقهاء، ولا يحكم عليه مباشرة، ولا يحق للقاضي رفض هذه التوبة، وما حدث كان مخالفة شرعية، ولكن يحق للقاضي تعزيره.

وبطبيعة الحال يجب أن يعود الحراك لإعادة الاعتبار لقضايا حرية التعبير في بلداننا العربية خاصة تلك التي تسجل مستويات عالية، ومهيب البرغوثي الشاعر الفلسطيني الداعي لمثل هذا النضال من أجل الحرية أضاف في مداخلته معنا “قضية أشرف فياض هي قضية الشعر والكرامة الإنسانية في السعودية كنظام. وكمثقفين أقف مع كل ما قيل من كلمات تدعو لحرية الثقافة والمرأة وغيرها من ديباجات في الشأن السعودي. أي حرية الإنسان وحقوقه في الرأي”. 

ويضيف البرغوثي: “إن قضية أشرف فياض هي قضية الشرف بشكل عام وعلينا أن ندافع عن الكرامة الإنسانية والمعرفة لندافع عن حق الكلمة وهذا ما يجعلنا نقف وراء الدفاع بقوة عن حرية الشاعر أشرف فياض“.

وبعد كل ما جرى لفياض ويجري له ولغيره في معتقلات الرأي داخل بلداننا العربية، يبدو أن قضية الحرية، قضية ملحّة، تستوجب حراكاً أكبر من المثقفين بمختلف مشاربهم وطبقاتهم، لأن السيف الذي كاد أن يطيح برأس الشاعر الفلسطيني أشرف فياض سيهوي على باقي الرؤوس إن لم يكن اليوم ففي الغد، رغم أنه يهوي بأشكال مختلفة على رقابنا يومياً.

The post في ذكرى اعتقاله: أشرف فياض… شاعرنا في سجونهم appeared first on مجلة رمان الثقافية.

]]>