أسماء عزايزة - مجلة رمان الثقافية https://rommanmag.com/archives/author/36rommanmag-com مجلة ثقافية فلسطينية مستقلة Sat, 02 Nov 2024 08:41:46 +0000 ar hourly 1 https://wordpress.org/?v=6.6.2 https://rommanmag.com/wp-content/uploads/2024/10/cropped-romman_logo-pink-32x32.png أسماء عزايزة - مجلة رمان الثقافية https://rommanmag.com/archives/author/36rommanmag-com 32 32 بيع الكتب في دولة احتلال https://rommanmag.com/archives/19974 Fri, 21 Feb 2020 13:44:45 +0000 https://romman.b5digital.dk/%d8%a8%d9%8a%d8%b9-%d8%a7%d9%84%d9%83%d8%aa%d8%a8-%d9%81%d9%8a-%d8%af%d9%88%d9%84%d8%a9-%d8%a7%d8%ad%d8%aa%d9%84%d8%a7%d9%84/ قبل مئتيّ سنة، كتب الألماني هاينريش هاينه مسرحيّته الأندلسيّة “المنصور”. نقل فيها قصّة عودة حسن المنصور، المنفي من غرناطة بعد سقوط الحكم الإسلاميّ، إلى مدينته المدمّرة ليبحث عن حبيبته سليمة. التصق لسانه بسقف حلقه عندما علم أنّ محكمة التفتيش أشعلت النار بالقرآن في ساحة المدينة. فنطق حالَ حلّ لسانه عن حلقه جملته الشهيرة: “هناك، حيث […]

The post بيع الكتب في دولة احتلال appeared first on مجلة رمان الثقافية.

]]>
قبل مئتيّ سنة، كتب الألماني هاينريش هاينه مسرحيّته الأندلسيّة “المنصور”. نقل فيها قصّة عودة حسن المنصور، المنفي من غرناطة بعد سقوط الحكم الإسلاميّ، إلى مدينته المدمّرة ليبحث عن حبيبته سليمة. التصق لسانه بسقف حلقه عندما علم أنّ محكمة التفتيش أشعلت النار بالقرآن في ساحة المدينة. فنطق حالَ حلّ لسانه عن حلقه جملته الشهيرة: “هناك، حيث تُحرق الكتب، لا بدّ أن يُحرق في النهاية البشر”. 

قبل نحو مئة سنة، كرّر اليهود في ليلة الكريستال في ألمانيا الجملة نفسها، وهم يرون كيف كسّر وحرق النازيّون ممتلكاتهم. وهذا ما حصل، حرقهم هتلر في معسكرات الإبادة. 

قبل أربعة أشهر نظّمنا في متجر فتوش في حيفا معرضنا الثالث للكتاب. وقبل أسبوع من انطلاق المعرض، عملنا بأنّ السلطات الإسرائيليّة أوقفت نحو ٨٠٪ من الكتب اللبنانيّة القادمة إلى المعرض على الحدود الأردنيّة الإسرائيليّة ثمّ أرجعتها إلى مصدرها؛ بيروت. ولعلّ في ذلك حظٌ حظيت به الكتب أن عادت سالمة إلى بيروت إلا من بصمات العسكر، في المقابل، أوقفت بعد شهرين شحنة كتب أخرى لمستورد آخر وتمّت مصادرتها، وأخرى تمّ إتلافها، أي إحراقها.

بالرغم من أنّ ظلاميّة التاريخ تبدو متكرّرة، إلا أنّ الحركة الصهيونيّة ربّما حرقت أجساد الفلسطينيين قبل أن تحرق كتبهم. واكتفت عام ١٩٤٨ بسرقتها من بيوتها، فسرقت على سبيل المثال نحو ٣٠ ألف كتاب من بيوت الفلسطينيين في غرب القدس وحدها. ثمّ أنجزت على كافّة الخيوط التي تربط الفلسطينيّ بالكتاب، من خلال إغلاق المطبعات ودور النشر في المدن المركزيّة، فمنع الكتاب العربيّ من الدخول إلى الأراضي المحتلّة، ثمّ تأسيس المنظّمة العماليّة الصهيونيّة (الهستدروت) لدار نشر عربيّة لقّمت الفلسطينيين بوجبة واحدة مما يراد لهم أن يقرأوا. وفي هذا علم استراتيجيّ مبكّر لضرورة إلغاء علاقة الفلسطينيّ بثقافته العربيّة وتجريده منها ليصير مواطنًا إسرائيليًا لا يُمايزه شيء غير لكنته العربيّة الفلاحيّة المحكيّة. “في العدد الأوّل الذي صدر عام ١٩٤٩ (من مجلّة الجمعيّة الشرقيّة الإسرائيليّة، الشرق الجديد)، نُشرت أوّل مقالة مشكّلة نافذة على مرحلة إنشاء “العربيّة” البنيويّ، وكانت بعنوان “دمج العرب في إسرائيل”، كتبها ميخائيل أساف، ويتطرّق إلى مكانة الفلسطينيين في إسرائيل وإلى طبيعة العلاقات بينهم وبين الدولة”*. 

إنّ نزع الفلسطينيين في النكبة من مراكز قوّتهم الثقافيّة ونخبتهم وبنيتهم الاقتصاديّة والاجتماعيّة، جعلتهم وجعلت الأجيال اللاحقة تبدأ من تحت الصّفر الحضاري، على مستوى التنظيم الجمعيّ والتأسيس المجتمعيّ. لم يكن الانتداب البريطانيّ لفلسطين بأقلّ تأثيرًا، فهو الذي سنّ قانون منع التجارة مع العدو عام ١٩٣٩، وهو القانون الذي لا يزال ساريًا وتستخدمه إسرائيل في منع دخول الكتب القادمة من لبنان أو سوريا أو العراق (الدول العدوّة) إلى الفلسطينيين في فلسطين التاريخيّة كلّها. وهو القانون الذي ندفع ثمنه غاليًا في عملنا في متجر فتوش وفي معارض الكتب التي نقيمها. 

وبالرّغم من احتجاجنا الشخصيّ الذي لا يُسمن ولا يُغني من جوع، بكونه ليس جزءًا من أيّ نضال فلسطينيّ سياسيّ أو شعبيّ حزبيّ أو لا حزبيّ، ولم يكن أصلا. إلا أنّ وجود متجرٍ أو معرضٍ للكتب في حيفا يبدو ترفًا إن قابلت ذلك بمدن فلسطينيّة أخرى كبيرة في هذه الزنزانة التي تُسمّى أراضي ٤٨. نشأ معظمنا، الجيل الثاني والثالث والآن الرابع للنكبة، دون أن يرى متاجر للكتب أو مكتبات عامّة في مدننا إلا فيما ندر (دعونا لا ندخل في الحديث عن القرى)، وإن توفّرت، فهي فقيرة ومسكينة. إنّ سرقة الكتب ثمّ منعها من الدخول وتدمير دور النشر ليس “دمجًا للعرب في إسرائيل”، فالدمج قد يجعل منّي الآن أفضل متابعة للأدب والإنتاج المعرفيّ العالميّ مكتفيةً بما تُترجمه “دولتي” إلى العبريّة. لا يمكن اعتبار ذلك إلا اعتمالاً ممنهجًا لإنتاج مخلوقات “متخلّفة” تعيش في كهوفها المظلمة، فيما تمرّ عنها قطارات العالم المتحضّر. وفي ذلك تتجلّى أشرس أشكال الاستعمار. 

المكتبات الوحيدة التي بناها الفلسطينيون هي المكتبات البيتيّة التي تعود في معظمها لعائلات شيوعيّة. حصل أن تعرّفتُ على الكثير منها. فكانت، تلك الرفوف الصفراء المتحجّرة، بالنسبة لتلك الفتاة المتخلّفة، كنزًا عظيمًا. ففي الوقت الذي تمتّع مجايليّ في القاهرة ودمشق بالوفرة والتنوّع والتجديد في متاجرهم ومكتباتهم البيتيّة. ظلّت تتصرّف كتب ماركس ودوستويفسكي أمامي مثل دكتاتوريّات أزليّة. قبل أيّام أعدت ترتيب مكتبتي في بيت العائلة، لأجد عشرات الكتب العبريّة البائسة التي اقتنيتها من معارض الكتب التي أقيمت أثناء دراستي في جامعة حيفا ومن دكاكين الكتب الإسرائيليّة في حيفا كالمستجيرة من الرمضاء بالنار.  

تخيّل بورخيس الجنّة مكتبة. أما متجر فتوش الذي أسّسناه عام ٢٠١٦ في حيفا فأصبح جنّتنا الفعليّة. سبقته ولحقته متاجر قليلة لا يتعدّى عددها اليد الواحدة. لكن كيف ستصمد هذه الجنّة فيما يحرسها سجّانون يُدخلون إلينا الكتب بالقطّارة، وفيما الكثير من مرتاديها الذين أعمتهم إسرائيل يقفون قبالة الرفوف ويصفنون بأسماء المؤلّفين، إلا من أولئك الذين راجت أسماؤهم بعد وصول الإنترنت إلى أكبر زنازين القرن الواحد والعشرين؟ 

نحن نحارب تزوير الكتب، ولا نهاب الشّعر الذي “لا يبيع”، والكتب المتخصّصة الذي قد يأتي قارؤها بعد وقت طويل، لكنّه سوف يأتي. أخذ هذا الإيمان الجارف الذي تغذّى على ارتياد الناس وحماستهم في بداية عمل المتجر وفي المعارض التي أقيمت فجذبت الآلاف عبر وفرتها وغناها والأمسيات التي نُظّمت على هامشها والكتّاب والقرّاء الذين جنّدناهم، ينصحون ويُشجّعون الزّوار على اقتناء الكتب، أخذ يبهت. وسط هذه الحماسة ارتدت أصداء ٧٠ عامًا من الحصار، وصوت الدائرة المغلقة الذي يئزّ بين جدران المتجر؛ فالكتب التي نحلم بها لا يمكنها أن تعبر بسهولة، إلا إذا استطاعت الاختباء جيّدًا أسفل صناديق الكتب التي تُفتّشها الجمارك الإسرائيليّة، والقرّاء الهادرون الذين نحلم بهم كان يجب عليهم أن يعيشوا حياةً طبيعيّة كلّ هذه العقود حتّى تصير المكتبة جزءًا عضويًّا من أجسادهم وعقولهم.  

معرض فتوش للكتاب، الذي يُقام داخل هذه الزنزانة، لا يمكنه دعوة أي كاتب عربيّ أو فلسطينيّ خارج أراضي الـ٤٨، فيخلق لهم طُرقًا إلكترونيّة تعويضيّة للحضور. في الدورة الأولى والثانية منه استطاعت كتبه أن تمرّ من تحت بساطير الاحتلال. أما الدورة الأخيرة، التي مُنعت ٨٠٪ من كتبه من عبور الحدود، فقد أقمناه بالقوّة، موفّرين كتبًا من مكتباتٍ وموزّعين في رام الله. وبالرّغم من أنّه لم يُشف فضولنا تجاه العناوين الجديدة والقديمة التي صدرت في بيروت وغيرها، إلا أنّ أهميّة إقامته جاءت لضرورة الإعلان عن منع الكتب وتوعية الجمهور بالقانون الإسرائيليّ المُضحك والخطير. صار قاموسنا بعده، وفي حديثنا عن أكثر متع الدنيا سلامًا؛ القراءة، قاموسًا سياسيًا واحتجاجيًا. فولّدت حرارتنا نوايا خوض معركةٍ قانونيّة شعبيّة مع مركز عدالة الحقوقيّ لإبطال القانون. يُلقي بعض الأصدقاء بجمل اعتراضيّة تُشجع القراءة الإلكترونيّة كبديل، وهذا أشبه بإجبار السجين على مسح جلده بخرقة بدل الاغتسال بالماء. 

لكنّ متجر فتوش يغلق أبوابه الآن حتّى إشعار قريب. لكن ستظلّ الحدود الإسرائيليّة تعمل مثل مُحقان صدئ. ولن يتبدّد هذا اليُتم والحصار المحقّقين والماحقين إلا باجتثاث الفكر الصهيونيّ الذي تعلو جدرانه حولنا يومًا بعد يوم. ثمّة جهة، مجموعة، مؤسّسة، في هذا المجتمع اليتيم الذي لا دولةَ ولا سُلطةَ له، ينبغي أن تهدم جدران الزنزانة أو تُدخل، في الأقلّ، الماء إليها، أن تحارب هذا القانون الانتدابيّ وتسحق وجوده. فمثلما يُرى في غزّة سجنٌ كبير تكسر حصاره الأساطيل المحملّة بالطحين والأرزّ، على العالم أن يرانا كذلك، ويحمّل أساطيله بالكتب، فبطوننا محشوّة بالأرز وعقولنا جائعة. 

 

* إسماعيل ناشف، اللغة العربيّة في النظام الصهيونيّ: قصّة قناع استعماريّ (المركز العربيّ للأبحاث وذراسة السياسات، ٢٠١٩)

The post بيع الكتب في دولة احتلال appeared first on مجلة رمان الثقافية.

]]>
قصائد غير بيولوجيّة عن تكاثر الخفافيش https://rommanmag.com/archives/19141 Thu, 01 Mar 2018 16:22:57 +0000 https://romman.b5digital.dk/%d9%82%d8%b5%d8%a7%d8%a6%d8%af-%d8%ba%d9%8a%d8%b1-%d8%a8%d9%8a%d9%88%d9%84%d9%88%d8%ac%d9%8a%d9%91%d8%a9-%d8%b9%d9%86-%d8%aa%d9%83%d8%a7%d8%ab%d8%b1-%d8%a7%d9%84%d8%ae%d9%81%d8%a7%d9%81%d9%8a%d8%b4/ الخيط الغليظ الذي يشنقني إليك. إنه بقطر بلادٍ لم أرَ حدودها إلا على الخرائط، بقطر برك الماء التي جمّعنها الثكالى والعاشقات المكسورات مثل زجاجات الجعّة التي يرميها المراهقون الروس من الشارع الخلفيّ نحو رأسي. بقطر غاباتٍ يعتورها الدوار فتروح وتتمدّدُ. كم نشبه أشجارها! كلّما كبرنا، تفتّقت جذورنا كبطون الحبالى، وإن قُطعنا عن رغباتنا العنيدة مثل […]

The post قصائد غير بيولوجيّة عن تكاثر الخفافيش appeared first on مجلة رمان الثقافية.

]]>
الخيط الغليظ الذي يشنقني إليك. إنه بقطر بلادٍ لم أرَ حدودها إلا على الخرائط، بقطر برك الماء التي جمّعنها الثكالى والعاشقات المكسورات مثل زجاجات الجعّة التي يرميها المراهقون الروس من الشارع الخلفيّ نحو رأسي. بقطر غاباتٍ يعتورها الدوار فتروح وتتمدّدُ. كم نشبه أشجارها! كلّما كبرنا، تفتّقت جذورنا كبطون الحبالى، وإن قُطعنا عن رغباتنا العنيدة مثل الشعر المتربّص تحت الذقون الحليقة، ستظلّ الندوب المتعرّجة هناك إلى الأبد.


الخيط المتعرّج. كأنّه صعودُ جبلٍ. خوف قديمٌ يتردّد في هجومه المباغت. غيرُ قابلٍ للاشتعال. مثل نمسٍ أعمى يرضع من أمّه، مقرورٌ كأنّ ريحًا قلقت تحته ثمّ فرّت. طويلٌُ مثل شكّي بالقيامة، وبالرجال الذين لا يبكون، وباحتمال جفاف برك الماء. لا نهائيٌ. لا يُدرك بوحدات قياس المسافة. حتميٌ كتاريخ الضحايا. مرئيٌ مثل خوفي من هذه المشنقة. 
لم يكن لقائي بك في ذلك البار سوى ذهولي من هذا الخيط. من هذا الثخن الذي سأقبر فيه خوفي دون شواهد. 


كنت سلحفاةً عجوز، خاثرةً أحمل بيوت الناس وأظنّها قيامتي. أحبو ببطءٍ على شظايا الزجاج لئلا أصير أنا نفسي زجاجةً وأُرمى في ليلةٍ ليس فيها قمرٌ يشهد على ذبحي.
الآن تشدّني البلاد إلى صررها. أمشي إليها على خيوطٍ محفورةٍ ومقابر جاهزة. أنفض الخوف الذي علق على قميصي المفضّل. أريده واضحًا. مربّعاته أكثر وضوحًا من المربّعات السكنيّة التي طالها القصف هناك. أريده نظيفًا. قبل أن أصل وحيدةً وأراك في البار. 

***

لن يصيبك إلا ما كتبته الخفافيش والكائنات الليليّة التي لا تراها العين لك.

لن يصيبك ما كتبه المنجّمون. فأنا مثلا، يُفترض بي أن أكون قاتلةً، في الأقلّ، لولا أنّ ديناصورًا من خوفٍ يهجع تحت جلدي كلّما شممتُ جرحًا قريبًا. حتّى أنّي أتخيّله مقبرةً جماعيّةً لأحلامي المتواضعة عن ظلّ شجرة توتٍ وأصيص صبّارةٍ مسرفةٍ في التقشّف وقصيدةٍ تُسمن أحافيري من جوعها للمعنى. المعنى! الخفّاش الأعمى الذي عضّني فأصيبت مفرداتي بالسّعار.

الفزع يقع في حبّ الطمأنينة
الحبّ والوحدة توأمان من بويضة واحدة
الحبّ ينام مطمئنًا في سرير البلادة
المعنى يفزع

أسعل كلّما مخر خفّاشٌ صدري بالعرض
أدوخ كلّما نام في قصيدتي بالمقلوب
انظروا.. كنتُ أتحدّث عن القدر فصار خفّاشًا

لن يصيبكم ما كتب لكم السابقون
فهؤلاء كانوا يتزاوجون كخفافيش عمياء
ويتكاثرون مثل أرانب ناصعة البياض وفزعة
ونحن علينا أن نكون وحيدين
وأن نحبّ وحيدين
كي لا تُصاب المعاني بداء الكلب. 

***

أقسمت لأختي بالله، حين كان القسم يشبه ظلّا لمشنقة عند قمّة الجبل، بأنّي أذكّر كيف كان شكل رحم أمّي؛ وسيعًا مثل مرج يستميت في الدفاع عن بذوره النائمة من أقدام قطّاع الطرق، وبأنّي أذكر تلك اللزوجة التي أحدث طنينًا في أذني قبل أن أسمع الدويّ في الخارج.

كبرت، وكانت البذور تتفتّق تحت جزماتٍ جلديّة بوزن الكواكب
الملح ينتحر في الأنهر العذبة 
وقد هجر البحار التي أكلتنا مثل ضبع يدمدم من الجوع

المشانق الرّفيعة
 أقف فوقها مثل طير ثقيل المعدة
أصرخ: أنا الله! 
وأستبق عقابي على الأقسام الكاذبة التي ردّدتها بلا نهاية
أنّي قد أموت قبل أن تُشنق مبادئي 
أنّي سأحتمل نصلاً لامعًا في ظلّ عنقي قبل أن أسبّ الأرض ومن فيها

لكنّ الطنين يتعاظم فوق الجبال
وأبنائي الذين يتحسّسون الآن النعومة الفائقة للسيتوبلازم في بويضاتي
الذين يحلمون بمرج واسع يتدحرجون فوقه كحبّات جوز
سيصابون بالطرش إن خرجوا 

***

سيتبيّن في نهاية هذا الطَوَفان
أنّي عاقر

وأنّ حطّابون من أقاليم قصيّةٍ
احتزّوا رحمي بفؤوسهم الضخمة
ودفنوه في الغابات

حتّى أنا، سيتبيّن أنّي تصرّفت كإقطاعيّة حين مررت بغرائزي وهي تتسوّل، ملعونةً بالنداء، على الأرصفة، ولم أتكلّف النظر إليها. 

النظر إليك
يشبه الإنصات إليك
إلى شكواك من عمق البرك التي غُمرت فيها. ومن ثقل أكياس الملح التي سفحت على أذنيك وطمّت سمعك. 
وجهك صوتٌ
هل تسمعني؟

أنا أسمعك
أسمع ذلك الطوفان كأنّه زوبعةٌ من زجاج. عالٍ مثل توقي لصوتك. ضخمٌ مثل همهمة خوف قديم.

أنا أسمعك جيّدًا
صوت شهوة جيناتك على الركض في هذه الحديقة العجوز لا يتوقّف
لكنّ صوت نزيز الدم من رحمي لا يتوقّف هو الآخر.

The post قصائد غير بيولوجيّة عن تكاثر الخفافيش appeared first on مجلة رمان الثقافية.

]]>
أخبار عاجلة  https://rommanmag.com/archives/18343 Tue, 27 Sep 2016 22:10:21 +0000 https://romman.b5digital.dk/%d8%a3%d8%ae%d8%a8%d8%a7%d8%b1-%d8%b9%d8%a7%d8%ac%d9%84%d8%a9/ ماتت شاشة التلفزيون يا أصدقائي الأخبار العاجلة التي تركتموها وراءكم  كانت عاجلةً لدرجة أنها دخلت غرفتي دون أن تطرق الباب وأنا، بطبعي، لا أحبّ هذا النوع من الضيوف   أصبحت، منذها، مصّاصة دماءٍ، أسحب الدم من وريدها، أكفّنها بلفافة تبغ عند الغداء قبل أن تتعشّى على لحم فكرتي الساذجة عن البشر   حين كان جلادو […]

The post أخبار عاجلة  appeared first on مجلة رمان الثقافية.

]]>
ماتت شاشة التلفزيون يا أصدقائي

الأخبار العاجلة التي تركتموها وراءكم 

كانت عاجلةً لدرجة أنها دخلت غرفتي دون أن تطرق الباب

وأنا، بطبعي، لا أحبّ هذا النوع من الضيوف

 

أصبحت، منذها، مصّاصة دماءٍ، أسحب الدم من وريدها، أكفّنها بلفافة تبغ عند الغداء قبل أن تتعشّى على لحم فكرتي الساذجة عن البشر

 

حين كان جلادو الكوليسيوم مجرّد فكرة سينمائية

مشعلو أفران النازيّة مجرّد سطر محشوّ في فصل تاريخ سأمتحن فيه

ضحايا الهراكيري مجرّد فانتازيا في مخيّلة روائيي اليابان المعاصرين

 

في الفواصل الإعلانيّة، كنت أفلق حنجرة المذيع قبل أن يفلق ضحكتي إلى نصفين. أنصاف الضحكات تشبه البكاء. وأنا قررت ألا أبكي بعدما فلق الحبّ قلبي ولعنت الأخبار ديني.

 

الأخبار العاجلة لا دين لها

وأنا أتبع دين الموسيقى

صوت دييجو سيغالا يذكرني بمآتم لم أشارك فيها

الموسيقى الفارسيّة، دون مجازٍ، تعلّمني حرفة التنويح

فيروز تكفّن جثثًا مجهولة وهي تغني “راحوا متل الحلم راحوا”

وأنا، بعدما كسرتْ الأصفار في أعداد القتلى أقفال مخيلتي بالأزاميل، رحت معهم. أحمّض ملايين الصور في عتمة قلبي المفلوق. تطير فيه فراشات خواصرهم حين يقعون في الحبّ، 

يفيض ماؤه المالح حين يشتاقون لأمّهاتهم، يصبح بصلة محروقة حين يشتاقون لموائدهنّ.

 

هكذا صنعت أخبارًا كافية للموت. تحوّلت أحلامي إلى وكالة أنباء وصباحاتي المرفّهة إلى صحفيين مسعورين يشمّون رائحة الجراح من تحت الأبواب ويسمعون الأنين الخافت من مسامات جلودهم.

الأخبار تصير خبرًا واحدًا

القتل والتعذيب والغرق، كلّهم أطفالٌ من جينٍ لرجلٍ واحد.

 

يا أصدقائي المنفيين

لم يعلّمني أحد صناعة أخبار الحياة

أخباركم، على مهل تجيء، وتطرق الباب كضيف خفيف الظلّ

فيما أنا، سأخال طرقتكم نقر يمام على الشباك، وأظلّ مرقدةً في سريري، أستمع لأغاني سيغالا وفيروز في وقتٍ واحد، أتخيّلهما على مسرح واحد، في كفنٍ واحد.

 

الذكريات الوهميّة التي ألّفتها عن حياتكم السابقة تشبه كذب القصائد الصادقة. أجيئها مثل ممثل يموت في المسرحيّة فيلحقه الجمهور إلى المقبرة، مثل كاتب سيناريو عجوز ينام في فراش أبطاله ويعدّ لهم الفطور، مثل زهر الأغنية الذي يقصف أجنحته. مثل الأصوات التي غنّت ثم سكتت، مثل قصائدكم المستذئبة.

قصائدكم، تكسر الأبواب كالأخبار العاجلة. 

لفظ أسماء العواصم الأوروبيّة تخبئكم في أقبيتها، حيث الصيف القائظ وراءكم، تعاويذ الأمهات من أعين الإنس وأنفس الجن وراءكم، وأمامكم جمهور الكوليسيوم يناديكم.

 

أعوذ بقصائدكم من شر ما ذرأ في الأرض، ومن شر طوارق الليل والنهار. 

لكنّ التعاويذ تحت القصف، والطوارق يفتحون الأقبية ويجرون ذكرياتكم إلى قلب الأرينا.

 

يا أصدقائي المنفيين

حين تبدأ اللعبة، زودونا بالأخبار العاجلة. 

The post أخبار عاجلة  appeared first on مجلة رمان الثقافية.

]]>