حيدر عيد - مجلة رمان الثقافية https://rommanmag.com/archives/author/44rommanmag-com مجلة ثقافية فلسطينية مستقلة Sat, 02 Nov 2024 08:40:05 +0000 ar hourly 1 https://wordpress.org/?v=6.6.2 https://rommanmag.com/wp-content/uploads/2024/10/cropped-romman_logo-pink-32x32.png حيدر عيد - مجلة رمان الثقافية https://rommanmag.com/archives/author/44rommanmag-com 32 32 المقاطعة كسفينة إنقاذ https://rommanmag.com/archives/18449 Mon, 26 Dec 2016 07:03:17 +0000 https://romman.b5digital.dk/%d8%a7%d9%84%d9%85%d9%82%d8%a7%d8%b7%d8%b9%d8%a9-%d9%83%d8%b3%d9%81%d9%8a%d9%86%d8%a9-%d8%a5%d9%86%d9%82%d8%a7%d8%b0/ نحن الفلسطينيين لا نرغب  بالاعتراف بما آلت إليه أوضاعنا، فقد عشقنا سياسة النعامة حتى الإدمان. لا نريد أن ننظر في المرآة بشكل دقيق لأن التفاصيل تعكس ما لا نرغب برؤيته! 23 عاماً من السراب والوهم الكاذب، من الوعود الخاوية، من حلم “الدولة المستقلة” من الاقتراب، دون الوصول، من تحقيق “المشروع الوطني الفلسطيني” دائم الانزلاق، و”القدس […]

The post المقاطعة كسفينة إنقاذ appeared first on مجلة رمان الثقافية.

]]>
نحن الفلسطينيين لا نرغب  بالاعتراف بما آلت إليه أوضاعنا، فقد عشقنا سياسة النعامة حتى الإدمان. لا نريد أن ننظر في المرآة بشكل دقيق لأن التفاصيل تعكس ما لا نرغب برؤيته! 23 عاماً من السراب والوهم الكاذب، من الوعود الخاوية، من حلم “الدولة المستقلة” من الاقتراب، دون الوصول، من تحقيق “المشروع الوطني الفلسطيني” دائم الانزلاق، و”القدس على مرمى حجر”. فقط  إذا “صبرنا” قليلاً ورضينا بما يقدم لنا وأبدينا بعض المرونة. 

ولكن، ما أُخذ منا لا يقبله أي شعب يتحلى بقليل من الوضوح في الرؤية السياسية يتم التعبير عنها من خلال قيادات تتميز بالعطاء، التواضع، التضحية، المواقف المبدئية، وقيادة النضال. 23 عاماً كانت كفيلة ببناء بيوت من الرمال أسميناها “مؤسسات”! وأصبحنا نفرح لرؤية علمنا يرفرف مع أعلام دولٍ أخرى، ونغني سلامنا الوطني، والدموع تترقرق في أعيننا، وأصبح لدينا حكومتين ووزراء ومستشارين ومجتمعات مدنية وقوى أمنية، وجيوش من الطلاب الجامعيين، ولم يتبق إلا موافقة “الطرف الاسرائيلي” على إطلاق كلمة فلسطين على تلك البقعة من الأرض التي احتلها عام 1967، أو على جزء منها.
وتتوالى الصفعات…

فنحن نعلم كل ما قيل، ولكن لا نريد أن نصدق. وما قيل، وسيقال، لا يمكن فصله بأي شكل من الأشكال عن كل التراكمات الأوسلوية المغرقة في قبحها، تلك التراكمات التي أوصلتنا الى هذا الشعور الغريب الذي نشعر به الآن، شعور بالاغتراب الجماعي والفردي.

ولكن كيف وصلنا الى هذه اللحظة؟

عندما يصبح الطالب الجامعي عاجزاً عن كتابة جملة واحدة بلغة عربية سليمة، عندما لا يميز بين حرفي الطاء والتاء، والضاد والدال، ويصبح الجهل مستشرياً في المجال الأكاديمي والعلمي، فإن ذلك كله محصلة عقدين من التردي في شتى المناحي السياسية والثقافية والعلمية، حيث التركيز على أعداد الخريجين من دون أي التفاتٍ لمستوى التعليم وجودته، إذ تمنح المؤهلات العلمية مع أمل أن يتم توظيف الخريج إما في مؤسسة أهلية مدعومة من الغرب، أو في مؤسسة أمنية، مدعومة من الغرب أيضا..!

23 عاماً من الخداع والأكاذيب، بالإضافة للاحتلال والأبارتهيد، قادت إلى سلطة، أو اثنتين، تملك ما يشبه المؤسسات والوزارات، مع قناعة تامة للمسؤول أنه حصل على منصبه عن جدارة واستحقاق!

نحن أبناء الهزيمة (أوسلو)! 

نرغب في تحقيق  أي شكل من أشكال الانتصارات خاوية المضمون. ألا نملك عدداً كبيراً من حملة الدكتوراه، وحتى أولئك الذين لا يحملون تلك الدرجة، يصرون على حمل اللقب فارغ المضمون! أي إنجازٍ شكليٍ يشعرنا بأننا نستطيع أن ننافس العالم، وبالذات الغرب، وأننا، كالغرب أيضاً، أذكياء وأصحاب علم. بل أننا أكثر شعب متعلم في العالم وبيننا من يحمل شهادات عليا أكثر من أي دولة غربية! هي حالة مستعصية من الإنكار الجماعي وتعبير عن هزيمة داخلية جملت صورتنا المعكوسة في المرآة بطريقة مبالغ بها.

إن تحرير العقل مقدمة ضرورية لتحرير الأرض!

وعليه، فإن المهام المنوطة بنا هي العمل على تغيير الوعي (الأوسلوي) الذي أدى إلى سيطرة ثنائية “وطنية” إقصائية عملت على خلق، بل فرض، منطق موحد لدى المجموعتين السّكانيتين في الضفة وغزة، منطق عمل على محاصرة المقاومة الإبداعية من خلال إما احتوائها والسيطرة عليها لتعكس توجه انهزامي تطبيعي، أو نفيها من خلال التعالي عليها و إقصائها بالكامل. في كلا الحالتين يتم فرض أنماط تفكير غير ديمقراطية مبنية على فصل الوعي الفلسطيني المستعمَر عن الواقع (السياسي) المعيش: في الحالة الأولى يتم التركيز على رموز الاستقلال بشكل ديماغوجي مكرر يعتبر أن خلق مؤسسات “الدولة” بتمويل غربي هو الإنجاز الوطني الأكبر. وفي الحالة الثانية تصبح المقاومة الموسمية الدفاعية، أو المؤجلة، محصورة في شكل إقصائي واحد لا يمكن أن يؤدي إلى إنهاء أشكال الاضطهاد الصهيوني المركب، مع اختلاق انتصارات وهمية لدرجة  اعتبار سجن غزة منطقة “محررة”!  في كلا الحالتين يصبح الواقع المعيش انعكاساً ميكانيكياً لأفكار يمينية إقصائية، وهذا بدوره يؤدي إلى منطق “انهزامي” جديد ما هو إلا عبادة عمياء لفكرة خيالية لا علاقة لها بالواقع النابع عن استعمار استيطاني عنصري.

وهنا تكمن أهمية حملة المقاطعة وعدم الاستثمار وفرض عقوبات على إسرائيل (البي دي أس)، من حيث كونها، كما قال الخبير الفلسطيني سلمان أبو ستة: “إحدى أهم سفن الإنقاذ الفلسطينية” فهي تعبر عن نقيض هذا المنطق الأوسلوي الاستسلامي. هي انتفاضتنا الأممية، ذات القيادة الفلسطينية، التي تسعى إلى تخطي الوضع الاضطهادي الراهن سعياً لتحقيق الحرية والعدالة والمساواة.

The post المقاطعة كسفينة إنقاذ appeared first on مجلة رمان الثقافية.

]]>
مؤتمر حركة فتح: وجهة نظر مغايرة https://rommanmag.com/archives/18435 Thu, 15 Dec 2016 07:08:23 +0000 https://romman.b5digital.dk/%d9%85%d8%a4%d8%aa%d9%85%d8%b1-%d8%ad%d8%b1%d9%83%d8%a9-%d9%81%d8%aa%d8%ad-%d9%88%d8%ac%d9%87%d8%a9-%d9%86%d8%b8%d8%b1-%d9%85%d8%ba%d8%a7%d9%8a%d8%b1%d8%a9/ انتهى المؤتمر السابع لحركة فتح منذ أيام واتضحت معالم البرنامج السياسي للحركة قائدة النضال الوطني الفلسطيني المعاصر. سأحاول في هذه المقالة نقد نقطة محددة وردت في البرنامج لأهميتها في تحديد الهدف النضالي للحركة الوطنية الفلسطينية في القرن الواحد والعشرين، بعد مائة عام من إعلان وعد بلفور المشؤوم. ينص البيان الختامي للحركة على أن الهدف هو […]

The post مؤتمر حركة فتح: وجهة نظر مغايرة appeared first on مجلة رمان الثقافية.

]]>
انتهى المؤتمر السابع لحركة فتح منذ أيام واتضحت معالم البرنامج السياسي للحركة قائدة النضال الوطني الفلسطيني المعاصر. سأحاول في هذه المقالة نقد نقطة محددة وردت في البرنامج لأهميتها في تحديد الهدف النضالي للحركة الوطنية الفلسطينية في القرن الواحد والعشرين، بعد مائة عام من إعلان وعد بلفور المشؤوم. ينص البيان الختامي للحركة على أن الهدف هو “إقامة دولة فلسطين المستقلة وعاصمتها القدس الشرقية على حدود عام 1967، وإنهاء الاحتلال العسكري لأرض دولة فلسطين، وايجاد حل عادل ومتفق عليه لقضية اللاجئين استناداً لقرار الجمعية العامة للأمم المتحدة 194”.

من الواضح أن هذا يأتي في سياق إعادة تجديد الهدف الوطني المركزي الذي قامت حركة فتح بتحديده وتوجيهه منذ سيطرتها على اللجنة التنفيذية لمنظمة التحرير الفلسطينية. كما أنه يأتي في سياق ما تعتبره الحركة “واقعية سياسية”، أي حل الدولتين، دولة فلسطين على 22 % من فلسطين بجوار دولة إسرائيل على 78% منها. هذا هو صميم اتفاقيات أوسلو التي شكلت نقطة تحول هائلة نحو عملية تراكمية أدت في المحصلة النهائية إلى ما وصلنا اليه من برامج سياسية تتناقض في جوهرها مع النضال الوطني الفلسطيني.

إن التضخيم الإعلامي الهائل الذي صاحب عقد المؤتمر، وما صاحب ذلك من تهديد بانشقاقات داخل الحركة، ليس على أسس سياسية، إنما تعبر كلها عن نهج كان يتنامى بشكل متصاعد، نهج مرتبط بعملية “أسلوة” تتميز بفساد هائل، والتخلي عن الشعارات الثورية التغييرية التي كانت سائدة في مرحلة الستينيات والسبعينيات والثمانينيات، بالإضافة إلى نمو خرافة ما يسمى حل الدولتين العنصري بأي ثمن كان. 

لا يأخذ حل الدولتين، وهو بجوهره إقصائي، الذي تبنته حركة فتح العيوب الأساسية التي وقعت بها اتفاقيات أوسلو التي لم تشمل آليات تطبيق قرار الأمم المتحدة 194 المتعلق بعودة اللاجئين، ولا الحق بالمساواة الكاملة لـ 1.4 مليون مواطن فلسطيني من سكان دولة إسرائيل على اعتبار أن قضيتهم يتم التعامل معها كقضية إسرائيلية داخلية لا يحق للمفاوض الفلسطيني التطرق لها.

وبناء على ذلك تبرز مجموعة من الأسئلة المؤلمة التي تم التغاضي عنها لمدة 23 عاماً من خلال اتباع سياسة غرس الرؤوس في الرمال، وإنكار الواقع، مع ادعاء العكس، وأن اي أطروحات أخرى، ومنها حل الدولة الديمقراطية العلمانية، هي أطروحات “طوباوية”.

ولكن ماذا لو رفض الفلسطينيون حل الدولتين، وهو جوهرياً عنصري، حتى لو تم الادعاء بوجود تأييد أممي له؟ 

لا يأخذ حل الدولتين، وهو بجوهره إقصائي، الذي تبنته حركة فتح العيوب الأساسية التي وقعت بها اتفاقيات أوسلو التي لم تشمل آليات تطبيق قرار الأمم المتحدة 194 المتعلق بعودة اللاجئين، ولا الحق بالمساواة الكاملة لـ 1.4 مليون مواطن فلسطيني من سكان دولة إسرائيل على اعتبار أن قضيتهم يتم التعامل معها كقضية إسرائيلية داخلية لا يحق للمفاوض الفلسطيني التطرق لها.

أصبح من المعلوم للقاصي والداني أن اعتراف منظمة التحرير بإسرائيل، دون اعتراف الثانية بحقوق الشعب الفلسطيني الأساسية ولا حتى حقه بتقرير المصير، يرتبط بطرحِ براجماتي يقوم على أساس تجنب توجيه اللوم للطرف الفلسطيني من قبل الولايات المتحدة وبالتالي ما يعقب ذلك من نتائج وخيمة. والحقيقة أن عدم التزام إسرائيل بتجميد الاستيطان الذي لم يتوقف منذ توقيع اتفاقيات أوسلو، وتخليها عن التزامها الشكليّ بحلّ الدولتين-السجنين، وبالتالي توجيهها رصاصة الرحمة لهذا الحل الذي يقوم على الفصل بين السكان الأصليين على أساس هويتهم الدينية، مسلمة ومسيحية، ومجتمع الاستعمار الاستيطاني بهويته الإثنية-الدينية (اليهودية-الأشكنازية) يجعل إمكانية تطبيق الهدف الوطني الجديد-القديم لحركة فتح مستحيلاً.

وبالعودة للنتائج التي كانت يمكن أن تنجم عن عدم الرضوخ للضغوط الأممية فهي تتلخص بإيقاف المعونات المالية التي قامت على أساسها السلطة الوطنية الفلسطينية، التي تم الترويج لها على أساس أنها “نواة” الدولة الفلسطينية المستقلة، ولا زالت تشكل شريان الحياة الوحيد لها ومبرر وجودها فلسطينياً. 23 عاماً من الاقتصاد الاستهلاكي غير المنتج، المعونات المرتبطة بضمان أمن دولة إسرائيل، أديا لنشوء طبقة ريعية من البرجوازية الجديدة غير الأصيلة ارتبطت مصالحها عضوياً بالترويج لحلٍ عنصريٍ يقوم على وهمٍ عبثي وسراب ما هو إلا امتداد لفنتازيا ابتدعها مهندسو نظام الابارتهيد المقيت من خلال التركيز على صنمية “الاستقلال” الوطني على بقعة من الأرض يتم حشر السكان الأصليين بها مع إعطائهم علماً ونشيداً وطنياً و”جيشاً” من الأجهزة الأمنية تعمل على حماية مصالح الطبقة الحاكمة.

ولكن، لأن المساواة لم تكن في يوم من الأيام جزءاً من الخطاب السياسي الفلسطيني، تم تصغير مفهوم التحرير، أي الحرية والعودة والمساواة التي يضمنها حل الدولة الديمقراطية، إلى استقلال الضفة الغربية وقطاع غزة وتسميتهما “فلسطين” من خلال الادعاء بواقعية هكذا حل.

ولكن ما لا تريد هذه الواقعية الفلسطينية أن تراه هو أن 23 سنة من تطبيقها قد أدى إلى حصار إسرائيلي على غزة  حوّل القطاع، حسب منظمات حقوق الانسان الدولية، إلى “أكبر سجن مفتوح على سطح الكرة الأرضية”، على الرغم  من ادعاء “تحريره!” والأخطر هو إنهاء حلم تلك “الواقعية” بالاستقلال من خلال قيام “إسرائيل” بالاستمرار بقضم ما تبقى من الضفة الغربية، أو ما تحلم الحركة الوطنية الفلسطينية بأن يكون الدولة الفلسطينية المستقلة. أضف لذلك تكملة بناء نظام الأبارتهيد في الضفة الغربية من خلال مواصلة بناء جدار الفصل العنصري. وهكذا تقوم “إسرائيل”، كما فعلت منذ 68 عاما حتى يومنا هذا، بخلق حقائق على الأرض يصعب تغييرها، لكن هذه المرة بغطاء فلسطيني رسمي يحلم بدويلة على 22% من أرض فلسطين التاريخية.

وهنا يبرز السؤال التالي: ما هو تفسير حركة التحرير الوطني الفلسطيني لمفهوم حق تقرير المصير للشعب الفلسطيني، إذا لم يشمل ذلك اللاجئين، ومواطني إسرائيل من الفلسطينيين؟ ولماذا يتم تفسير ذلك وكأنه يتعارض مع الواقع الدولي؟ هل حق تقرير المصير يقتصر على إقامة دولة فلسطينية مستقلة لسكان الضفة الغربية وقطاع غزة؟

إن أسوأ ما قامت به اتفاقيات أوسلو، بعد كامب ديفيد، هو تصغير الشعب الفلسطيني إلى سكان الضفة الغربية وقطاع غزة الذي تحول إلى جيتو إسلاموي معزول ومكروه من قبل النخبة السياسية الحاكمة المعترف بها دولياً، بعد فترة أوسلوية كانت قد تباهت بجعله بانتوستان يعيش على بوادر “حسن النية” من الاحتلال ومعونات غربية.

كنت قد جادلت في مقالة سابقة أن إنتصارات إسرائيل في عدة حروب (48 ،67 ،82)، وبعد حصولها على اعتراف فلسطيني وعربي ودولي “بحقها” في ممارسة سياستها كدولة استعمار استيطاني على 78% من أرض فلسطين، كانت قد رغبت بالدخول في مرحلة جديدة ، مرحلة تتميز بتشكيل وعي جديد لدى الشعب الفلسطيني المحتل. وهنا بالضبط يكمن خطر أوسلو الوجودي. إن عملية الأسلوة، وفي هذا الإطار النيوصهيوني، يعني خلق خطاب إيديولوجي جديد يؤدي إلى إزاحة كاملة لوعي الضحية واستبداله بعقلية أحادية الجانب من خلال خلق خرافة جديدة دائمة الانزلاق ولا يمكن تحقيقها، على نمط حل الدولتين الذي أعاد مؤتمر فتح تبنيه.

The post مؤتمر حركة فتح: وجهة نظر مغايرة appeared first on مجلة رمان الثقافية.

]]>
BDS: من جنوب أفريقيا إلى فلسطين https://rommanmag.com/archives/18399 Thu, 10 Nov 2016 02:57:14 +0000 https://romman.b5digital.dk/bds-%d9%85%d9%86-%d8%ac%d9%86%d9%88%d8%a8-%d8%a3%d9%81%d8%b1%d9%8a%d9%82%d9%8a%d8%a7-%d8%a5%d9%84%d9%89-%d9%81%d9%84%d8%b3%d8%b7%d9%8a%d9%86/ إن أفضل ما يمكن أن يقدمه كل من احترم نضالات من وهبوا حياتهم للتخلص من نظام الأبارتهيد البغيض (وهذا بالضرورة لا يشمل المتاجرين بالكلمات المنمقة) الذين أيدت أنظمتهم نظام القمع العنصري في جنوب أفريقيا لفترة طويلة قبل أن تجبرها شعوبها على مقاطعته، رؤساء الأنظمة الذين ذهبوا متباكين لحضور جنازة المناضل الأممي وأيقونة النضال ضد العنصرية، […]

The post BDS: من جنوب أفريقيا إلى فلسطين appeared first on مجلة رمان الثقافية.

]]>
إن أفضل ما يمكن أن يقدمه كل من احترم نضالات من وهبوا حياتهم للتخلص من نظام الأبارتهيد البغيض (وهذا بالضرورة لا يشمل المتاجرين بالكلمات المنمقة) الذين أيدت أنظمتهم نظام القمع العنصري في جنوب أفريقيا لفترة طويلة قبل أن تجبرها شعوبها على مقاطعته، رؤساء الأنظمة الذين ذهبوا متباكين لحضور جنازة المناضل الأممي وأيقونة النضال ضد العنصرية، نلسون مانيدلا، هو أن يلتزموا بدعوته للتخلص من العنصرية البغيضة.

حينما وجد نظام الأبارتهيد نفسه محاصراً أينما توجه، حينما لم تجد فرقه الرياضية من يرغب في اللعب معها، وجامعاته من يرضى بالعمل البحثي أو الأكاديمي المشترك معها، ولم يجدوا مغنياً أو فناناً أو شخصية ثقافية بارزة تقبل على نفسها زيارة جنوب أفريقيا وهي تحت حكم عنصري قبيح، ولم يجد رجال أعماله أو بنوكه من يرغب بالتعامل معهم، جاء القرار النهائي بالخوض في مفاوضات، ليس لتحسين شروط الاضطهاد أو لتقديم اعتراف بأحد المعازل العرقيّة المسماة بالأوطان المستقلة، بل في كيفية التخلص من النظام العنصري بالكامل، وبالتالي إنهاء العزلة الخانقة التي عاشتها جمهورية جنوب أفريقيا.

حينما خرج المناضل ماديبا من السجن عام 1990 وتوجه فيما بعد لإلقاء أول خطاب له أمام الجمعية العمومية للأمم المتحدة، قام بمطالبة دول العالم بالاستمرار في مقاطعة نظام الأبارتهيد وفرض العقوبات عليه على الرغم من خوضه مفاوضات شاقة معه، ولم تُرفع هذه العقوبات إلا بعد انتخابه رئيساً لجنوب أفريقيا، وكانت دولة مواطنيها، دولة فوق العرق والدين والإثنية، وذلك في 1994.

هل تعلمنا الدرس؟

قبل الاستفاضة في الإجابة عن هذا السؤال المحوري، يجب الإشارة إلى ملاحظة غاية في الأهمية، ألا وهي أن نشطاء المقاطعة كانوا قد فهموا واستوعبوا ما عجز العديد من القادة الكلاسيكيين عن فهمه، وهو أن هناك علاقة مباشرة على صعيد المثال بين ما يحصل من تطهير عرقي لبدو النقب الفلسطينيين والعقاب الجماعي الممارس ضد قطاع غزة وسياسة قضم الأراضي المتبقية في الضفة المحتلة وترسيخ سياسات عنصرية جديدة ضد فلسطينيي الـ 48. وبالتالي كان نشطاء المقاطعة أول من استجاب لنداء الحراك الشبابي في مناطق 48، مع ملاحظة امتناع القيادات التنظيمية في الضفة والقطاع عن المشاركة في أيام الغضب الثلاثة، بل قيام الفصائل الحاكمة بمنع المشاركة في الوقفات التضامنية من منطلق الهوس الأمني بأن يقوم الفصيل المنافس “باستغلال الفعالية”، أو لعدم إثارة حفيظة قوى الاحتلال! والسببان يعبّران عن فهمين إقصائيين يشكلان في المحصلة النهائية وجهين لعملة واحدة.

ولكن الحقائق على الأرض تشير الى أننا قد فهمنا واستوعبنا بشكل كبير التجربة الجنوب أفريقية، ضمن تجارب أخرى لحركات تحرر ونضال مدني من إيرلندا الشمالية إلى الولايات المتحدة الأمريكية وصولاً إلى جنوب أفريقيا، مع الأخذ بعين الاعتبار أشكال الاضطهاد المتعددة التي يمارسها المُضطِهد الصهيوني من احتلال وأبارتهيد وتطهير عرقي ممنهج. وبالتالي تتعدد الأساليب النضالية لتناسب الآلة القمعية التي يستخدمها المُستعمر الصهيوني. ولكن كان يجب التركيز على أداة نضالية شاملة، تستطيع جمع كل قوى الشعب الفلسطيني بغض النظر عن أماكن تواجدها، وتوحد المطالب التي يجب ألا يأتي تحقيق واحد منها على حساب المطالب الأخرى، وهنا بالضبط تكمن شمولية فهم حملة المقاطعة للنضال الفلسطيني بعيداً عن التجزئة التي عانى منها الشعب لفترة طويلة، وبعيداً عن تصنيم أداة نضالية نخبوية عاجزة عن استثمار قوى الشعب المتعددة. فليس من الغريب إذن أن يكون هناك إجماعاً من كل المثقفين والأكاديميين والفنانين وناشطي حقوق الإنسان والنقابيين وقيادات المجتمع المدني، من داخل فلسطين التاريخية (67 و 48) والشتات، على الرغم من توجهاتهم السياسية المختلفة والمتعددة، إلى تبني نداء المقاطعة التاريخي عام 2005، ويتواجد ممثلون لكل القوى السياسية والمجتمع المدني في قيادة الحملة.

ولكن ليس من الغريب أيضاً أن تشعر إسرائيل بالقلق، ويقوم رئيس حكومتها بالإعلان أن حملة المقاطعة الدولية، بقيادة فلسطينية، تشكل “خطراً استراتيجياً ووجودياً” على دولته. بل يقوم بإصدار توجيهات ذات مغزى كبير بنقل ملف محاربة الحملة من وزارة الخارجية، التي فشلت فشلاً ذريعاً في تجميل صورة إسرائيل القبيحة من خلال حملة مضادة لحملة المقاطعة، إلى وزارة الشؤون الاستراتيجية، بل وتعيين وزيراً لمحاربة المقاطعة. فما الذي أقلق مضاجع القيادات الإسرائيلية غير النجاحات المتلاحقة للحملة؟ وفي هذا السياق لا بد من تذكير أولئك الذين يشككون عن وعي، أو بدون وعي، بتلك الإنجازات في الفترة الأخيرة.

من كان يتصور قبل ثلاثة أعوام أن تفرض حملة مقاطعة إسرائيل نفسها على صحف مثل «النيويورك تايمز» و «الواشنطن بوست»؟ فقد كانت كلمة مقاطعة أو وصف إسرائيل بأنها دولة أبارتهيد من التابوهات التي لا يمكن تجاوزها. وها نحن الآن قد وصلنا إلى تلك اللحظة التي قامت بها  تسع من أهم الجمعيات الأكاديمية الأمريكية بالتصويت لصالح مقاطعة الجامعات الاسرائيلية: من بينها جمعية الدراسات الآسيوية وجمعية الدراسات الأمريكية وجمعية دراسات الثقافة الأمريكية للسكان الأصليين. ناهيك عن حملات عدم الاستثمار من شركات إسرئيلية متنامية من قبل مجموعات واتحادات طلابية كبيرة في عدة جامعات أمريكية.

وبالعودة إلى بلد أيقونة النضال ضد التفرقة العنصرية، مانديلا، نجد أن الحزب الحاكم (المؤتمر الوطني الأفريقي) كان قد تبنى نداء المقاطعة عام 2012. وذلك بعد تبني أكبر اتحادات النقابات العمالية هناك للنداء ذاته، وقيام أول جامعة في العالم، جامعة جوهانسبرج، بمقاطعة جامعة بن غوريون الاسرائيلية.

كل ذلك أتى مصحوباً بإلغاء العشرات من الحفلات الموسيقية والفنية في تل أبيب من قبل فنانين دوليين. كما قام أشهر عالم فيزياء في العالم ستيفن هوكنج بالغاء مشاركته في مؤتمر علمي للجامعة العبرية في القدس استجابة لنداء وجهه له مجموعة من الأكاديميين الفلسطينيين والحملة الفلسطينية للمقاطعة الأكاديمية والثقافية لاسرائيل. وما ستيفن هوكنج إلا واحداً من مجموعة تضم بعض ألمع الأسماء التي انضمت لحملة المقاطعة. من الأسقف المناضل ضد الأبارتهيد والحائز على جائزة نوبل للسلام الأب دزموند توتو، إلى المخرج العالمي كين لوتش، والكاتبة الأمريكية اللامعة أليس ووكر وزميلتها أنجيلا ديفيز، إلى المطرب العالمي الذي لا يكل ولا يمل دفاعاً عن حملة المقاطعة روجر ووترز، والفيلسوفة الأبرز في العالم جوديث يتلر والكاتبة الكندية ناعومي كلاين، وألمع كاتبة هندية أرونداتي روي، والكاتب الراحل جون برجر، والقائمة تطول. 

وكان اتحاد الطلبة الناطقين بالفرنسية في بلجيكا والذي يضم في عضويته ما يقارب الـ 100.000 عضو قد أعلن تبنيه للحملة، ثم تلاه اتحاد أساتذة إيرلندا. وكل ذلك يأتي بعد تبني النداء من قبل اتحادات عمال جنوب أفريقيا وبريطانيا وإيرلندا واسكتلندا من ضمن العديد من النقابات العمالية العالمية.

ومن الناحية الاقتصادية البحتة فقد خسرت شركة فيوليا الفرنسية لبناء السكك الحديدية المليارات من الدولارات بعد أن تم سحب العديد من العقود التي كانت قد وقعتها في السويد وبريطانيا وإيرلندا والسعودية. كما تم استهداف شركة الأمن (جي 4 أس) في العديد من الدول بسبب مشاركتها في توفير الحماية للسجون الاسرائيلية ومخالفتها للقانون الدولي، وقررت الانسحاب من إسرائيل نتيجة لذلك. كذلك فعلت شركة أورانج للاتصالات الخليوية الفرنسية، واتحاد المقاولات الإيرلندي، كما قامت شركة فايتنس الهولندية بسحب عقدها مع مكوروت وهي أكبر شركة مياه إسرائيلية. وأصدرت الحكومة الرومانية توصية للعمال الذين يتوجهون للعمل في إسرائيل بإلغاء رحلاتهم. وأصبحت العديد من الكنائس الكبيرة في كندا والولايات المتحدة تقاطع بضائع المستوطنات. كل ذلك يأتي مصحوباً بتوجيهات أصدرها الاتحاد الأوروبي ضد تمويل مشروعات إسرائيلية تعمل في الأراضي المحتلة.

فليس من الغريب إذن أن نعتبر هذه اللحظة التاريخية لحظتنا الجنوب أفريقية، كما أطلق عليها العديد من نشطاء المقاطعة البارزين، تلك اللحظة التي بدأ نظام الأبارتهيد فيها بإظهار القلق الشديد من تنامي الحملة التي كانت تعمل على عزله في نهاية الثمانينيات من القرن المنصرم والتي أدت في المحصلة النهائية إلى سقوطه سقوطاً مدوياً عام 1994.

كما يؤكد تقرير الأمم المتحدة للاستثمار بأن الحرب على غزة وحملة المقاطعة كانتا السبب وراء الانخفاض الشديد الذي حدث لإسرائيل فيما يخص الاستثمارات الأجنبية، فقد تراجعت بنسبة 46% عام 2014 مقارنة بالعام السابق. وفي تقرير للبنك الدولي فإن هنالك انخفاضاً في الواردات الإسرائلية إلى الأراضي الفلسطينية المحتلة عام 67 بنسبة 24% نتيجة لحركة المقاطعة. بالإضافة إلى العديد من التقارير التي أصدرتها الحكومة الاسرائيلية ومؤسسات بحثية مرموقة (مثل راند) والتي تتوقع أن حركة المقاطعة ستكبد الاقتصاد الإسرائيلي خسائر بمليارات الدولارات. وجدير بالذكر أيضا أن العديد من الشركات الإسرائيلية الكبرى قامت بتصفية في الأراضي المحتلة (صودا ستريم على سبيل المثال) نتيجة لحركة المقاطعة.

كل هذه الإنجازات -وما تم ذكره جزء بسيط- لم تأت من فراغ، بل هي نتاج مجهودات جماعية هائلة لنشطاء المقاطعة في جميع أنحاء العالم، وبتوجيهات من النشطاء الفلسطينيين الذين لا يدخرون جهداً في سبيل تصعيد المقاطعة وصولاً إلى فرض عقوبات على إسرائيل وعزلها حتى تستجيب للشرعية الدولية  على نحو كامل لا يجزئ الحقوق الفلسطينية الثابتة من حرية ومساواة وعودة.

وبما أن إسرائيل بدأت تدق ناقوس الخطر بعد سنوات قليلة من انطلاق الحملة، فإن الأيام القادمة ستشهد تكثيفاً كبيراً في حملات المقاطعة وعلى جميع الأصعدة: أكاديمية وفنية وثقافية ورياضية، فليس من الغريب إذن أن نعتبر هذه اللحظة التاريخية لحظتنا الجنوب أفريقية، كما أطلق عليها العديد من نشطاء المقاطعة البارزين، تلك اللحظة التي بدأ نظام الأبارتهيد فيها بإظهار القلق الشديد من تنامي الحملة التي كانت تعمل على عزله في نهاية الثمانينيات من القرن المنصرم والتي أدت في المحصلة النهائية إلى سقوطه سقوطاً مدوياً عام 1994.

ذهب نظام الأبارتهيد إلى مزبلة التاريخ وبقيت دروس النضال لإنهائه تنير لنا الطريق نحو مستقبل بلا تفرقة عنصرية، بلا احتلال، بلا استيطان، مستقبل لا تلعب فيه الهوية العرقية أو الدينية دوراً تبريرياً في ظلم الإنسان للإنسان! 

The post BDS: من جنوب أفريقيا إلى فلسطين appeared first on مجلة رمان الثقافية.

]]>
حصار ذاتي على الفنون في غزّة https://rommanmag.com/archives/18381 Fri, 28 Oct 2016 01:37:35 +0000 https://romman.b5digital.dk/%d8%ad%d8%b5%d8%a7%d8%b1-%d8%b0%d8%a7%d8%aa%d9%8a-%d8%b9%d9%84%d9%89-%d8%a7%d9%84%d9%81%d9%86%d9%88%d9%86-%d9%81%d9%8a-%d8%ba%d8%b2%d9%91%d8%a9/ “حذار منه، فهو لا يحب الموسيقى” وليام شكسبير ظاهرتان انتشرتا كالهشيم في النار: بروز أعمال (غير) فنية مغرقة في الهبوط من جميع النواحي، وفي نفس الوقت إدانة أو تحريم أعمال فنية أو تراثية واعدة بحجة أنها لا تتماشى مع عاداتنا وتقاليدنا، مع جنوح فج نحو احتكار تعريف تلك العادات والتقاليد ضمن قوالب أيديولوجية جامدة، بل […]

The post حصار ذاتي على الفنون في غزّة appeared first on مجلة رمان الثقافية.

]]>
“حذار منه، فهو لا يحب الموسيقى”
وليام شكسبير

ظاهرتان انتشرتا كالهشيم في النار: بروز أعمال (غير) فنية مغرقة في الهبوط من جميع النواحي، وفي نفس الوقت إدانة أو تحريم أعمال فنية أو تراثية واعدة بحجة أنها لا تتماشى مع عاداتنا وتقاليدنا، مع جنوح فج نحو احتكار تعريف تلك العادات والتقاليد ضمن قوالب أيديولوجية جامدة، بل جعل هذا التعريف مهمة أمنية من ضمن مهام وزارة الداخلية. وقد صاحب هاتين الظاهرتين هجوم حاد على الثقافة الفلسطينية ورموزها البارزة.

في زمن الهزائم والتراجع الحضاري وغياب المشاريع القومية الكبرى وانحسار المقاومة يبرز الفن الهابط، ويصبح ملاذاً، بالذات للجيل الصاعد الذي عادةً ما يشكل القاعدة العريضة للترويج لهذا النوع من “الفن”. مع هزيمة 67، وما تبعها من هزائم متلاحقة، ظهرت “سلامتها أم حسن” و “السح الدح إمبو”… وصولا إلى ظاهرة شعبولا! لا يتميز هذا النوع من “الفن” بغياب الكلمة ذات البعد الجمالي وحسب، بل يصبح “صف” الكلمات الخالية من المعنى، بأي شكل كان، إبداعاً يُحتفى به. وهكذا تصبح “البنطلون” و”الليدن” و”الخبيزة” وصولا إلى “يا إمي ألطمي” و”إت إز” أغاني هي في أحسن حالاتها مسلية للفيسبوكيين/ات المراهقين/ات، وكلها تتميز بقبح صوت المؤدي/ة، بل تحوله إلى صراخ مصحوب بموسيقى مزعجة وخط موسيقي واحد يسمى “لحناً”. وهكذا يختلط التهريج بالفن ويحاول التغلب عليه، ويتم قياس مدى “النجاح الفني” .من خلال عدد اللايكات والتعليقات وصولاً إلى مقابلات تلفزيونية على فضائيات تحمل أجندات واضحة تعمل على تغييب وتزييف الوعي الجمعي 

يتحدث المفكر الثوري فرانتز فانون في فصل كامل من كتابه الأشهر “المعذبون على الأرض” عن أهمية الثقافة الوطنية، كجزء من الثقافة الإنسانية، في بناء وعي جمعي وفردي يمهد للحظات الحسم التحررية. كما تحدث المفكر إدوارد سعيد بإسهاب عن العلاقة بين الثقافة والإمبريالية، وقبله كتب غسان كنفاني عن “أدب المقاومة”. وقد فهمت دولة الأبارتهايد الإسرائيلي مدى أهمية الثقافة والفنون في تعزيز وترسيخ مكانتها بين الأمم كدولة “ديمقراطية” و”حداثية” “تحترم الفنون والثقافة” في إطار ديمقراطي غير إقصائي! ولذلك، قامت بحملة الهاسبراة الدعائية ووظفت لها الملايين من الدولارات واعتبرت كل فنان ومثقف إسرائيلي “جندياً” في هذه الحملة التي تعمل على تبييض وجهها الملطخ بدماء الأبرياء.

والحقيقة أن أنجع وسائل التصدي للهاسبراة الإسرائيلية يكون من خلال نشر الفن الفلسطيني. الرقص والغناء والرسم والنحت… الخ. كيف يمكن التعبير عن الهوية الفلسطينية المركبة بدون اللجوء للفن؟ وإلا لماذا غادرت وزيرة الثقافة الإسرائيلية، ميري ريغيف، القاعة عندما قُرئ شعر درويش أمامها؟ ولكن لأننا نعيش مرحلة تصحر ثقافي غير مسبوقة فإننا لا يمكن أن نفهم هذه الظاهرة بدون الربط بين التعصب الفكري والتشدد من ناحية والضحالة الثقافية من ناحية أخرى.

وفي هذا السياق الإقصائي برزت الظواهر التي تمت الإشارة إليها فترى دعوات، بل تحريض، من أكاديمي في معسكر اعتقال كبير اسمه غزّة، يعاني من ظروف اضطهاد مركب نتيجة استعمار استيطاني، لإقرار “قانون زندقة” بملاحقة ومعاقبة (بالموت غالباً) كل سجين ينظر للعالم بطريقة مختلفة، فكرية كانت أم فنية.

أذكر في هذا السياق تجربة شحصية من خلال حوار لي مع مثقف مرموق من جنوب أفريقيا حيث أراد استفزازي فقال “لدينا مانديلا، فمن عندكم؟”. قلت: “لدينا إدوارد سعيد”، فرد قائلا: “أنحني احتراما”.

ثم جاءت دعوة من محاضر جامعي آخر، في السجن الكبير ذاته، يقترح عنواناً لرسائل ماجستير عن “الانحرافات الاعتقادية في الشعر الفلسطيني المعاصر: محمود درويش نموذجاً”، ثم يذكر أنه يوجد شعراء آخرون لهم “تخبيصات” ويؤكد أنه موضوع يستحق الكتابه كون هؤلاء الشعراء تم تمجيدهم وتقديمهم على أنهم عظماء في أشعارهم مع أنها مليئة “بطامات مهلكات”. ثم برزت، ومن السجن ذاته كذلك، إدانة حادة لأحد أبرز مكونات التراث الفلسطيني، الدحية البدوية، واعتبارها “جعاراً” و”كلاماً أعجمياً” غير مفهوم!

كل ذلك يأتي في سياق ثقافة سائدة تحتقر الفنون بأشكالها المتعددة وتعتبرها نوعاً من أنواع “الخلاعة” و”المجون”!

إن الفنون، بالذات الغناء، كثيراً ما تكون أداة مقاومة فعالة. من لا يريد أن يفهم ذلك، ليقرأ عن دور ميريام مكيبا (ماما أفريكا) وعبدالله إبراهيم وهيو ماسيكيلا في الترويج للنضال ضد الأبارتهيد وملاحقتهم ونفيهم نتيجة لذلك. 

ولكن لماذا كل هذا الحقد الأعمى على الفن والثقافة؟ هل فلسطين التي نريد ونستشهد من أجلها أفضل بلا درويش وسعيد وكنفاني؟ بلا دحية؟ وبقوانين زندقة؟ ما هو العالم بدون بابلو نيرودا أو ماياكوفسكي أو شكسبير أو توماس هاردي أو ناظم حكمت أو لوركا أو فيرجينيا وولف أو درويش أو أم كلثوم وفيروز والشيخ إمام؟ عالم بلا موسيقى أو فولكلور ورقص شعبي!

أذكر في هذا السياق تجربة شحصية من خلال حوار لي مع مثقف مرموق من جنوب أفريقيا حيث أراد استفزازي فقال “لدينا مانديلا، فمن عندكم؟”. قلت: “لدينا إدوارد سعيد”، فرد قائلا: “أنحني احتراما”.

ألم يردّ الرئيس الفرنسي شارل ديغول عندما اقترح عليه بعض مستشاريه اعتقال جان بول سارتر بالقول: هل تريدون مني اعتقال فرنسا كلّها؟

The post حصار ذاتي على الفنون في غزّة appeared first on مجلة رمان الثقافية.

]]>