فناجين لغوية - مجلة رمان الثقافية https://rommanmag.com/archives/tag/فناجين-لغوية مجلة ثقافية فلسطينية مستقلة Sat, 02 Nov 2024 08:43:24 +0000 ar hourly 1 https://wordpress.org/?v=6.6.2 https://rommanmag.com/wp-content/uploads/2024/10/cropped-romman_logo-pink-32x32.png فناجين لغوية - مجلة رمان الثقافية https://rommanmag.com/archives/tag/فناجين-لغوية 32 32 سمعت هذا الحوار على أطراف مضارب البدو في جوار قريتنا https://rommanmag.com/archives/21664 Sat, 12 Oct 2024 06:30:39 +0000 https://romman.b5digital.dk/%d8%b3%d9%85%d8%b9%d8%aa-%d9%87%d8%b0%d8%a7-%d8%a7%d9%84%d8%ad%d9%88%d8%a7%d8%b1-%d8%b9%d9%84%d9%89-%d8%a3%d8%b7%d8%b1%d8%a7%d9%81-%d9%85%d8%b6%d8%a7%d8%b1%d8%a8-%d8%a7%d9%84%d8%a8%d8%af%d9%88-%d9%81/ في تاريخنا البعيد، حين لا جرائد ولا راديو أو سينما أو تلفزيون، كان الناس يؤلّفون ويتداولون قصصاً وحكاياتٍ ونوادرَ غرائبيةً وشيّقة، يُزجّون بها وقتهم ويسرِّحون خيالهم وأحلامهم. أمّا أن نأخذها نحن الآن بكلِّيَّاتها وجزئيّاتها على أنها حقائق، فتلك والله إحدى الطامّات.  من بين تلك الحكايات ذلك البيت الشعري الذي شَهَرتْه حكايتُه، فتداولته الركبان والمدارس والجامعات، […]

The post سمعت هذا الحوار على أطراف مضارب البدو في جوار قريتنا appeared first on مجلة رمان الثقافية.

]]>
في تاريخنا البعيد، حين لا جرائد ولا راديو أو سينما أو تلفزيون، كان الناس يؤلّفون ويتداولون قصصاً وحكاياتٍ ونوادرَ غرائبيةً وشيّقة، يُزجّون بها وقتهم ويسرِّحون خيالهم وأحلامهم. أمّا أن نأخذها نحن الآن بكلِّيَّاتها وجزئيّاتها على أنها حقائق، فتلك والله إحدى الطامّات. 

من بين تلك الحكايات ذلك البيت الشعري الذي شَهَرتْه حكايتُه، فتداولته الركبان والمدارس والجامعات، منسوباً للشاعر علي بن الجهم، حين مدح الخليفة المتوكِّل قائلاً: 

أنت كالكلب في حفاظك للودّ وكالتيس في قِراع الخطوبِ. 

ويكملون الحكاية عن كيف صار شعر ابن الجهم رقيقاً عذباً بعد أن أسكنه الخليفةُ في نعيم قصور الرصافة. 

تشير الوقائع والتواريخ إلى أن المتوكّل استلم الخلافة عام 847، في حين أن ابن الجهم رثى الشاعر أبا تمام الذي توفي قبل ذلك بعامين 845، أي قبل أن يصبح المتوكّل خليفة، وقد كان رثاء ابن الجهم لأبي تمّام غاية في الرقة والرهافة والطراوة، كما في قوله: 

غـاضَتْ  بـدائـعُ  فِـطـنَـةِ  الأوهـامِ  =  وعَدتْ  عليهَا  نكبَةُ  الأيامِ

وغَدا القريضُ ضئيلَ شَخصٍ باكياً  =  يشـكـو رَزِيَّتَـهُ إلى الأقـلامِ 

كيف يمكن لمن قال هذا الشعر عام 845، أن يقول في الخليفة المتوكل عام 847: 

(أنت كالكلب في حفاظك للود وكالتيس في قراع الخطوبِ)؟!

*   *   *

المرايا والمرائي جمعان فصيحان للمِرآة، مثلما السيوف والأسياف جمعان للسيف، ويكثر أن نجد لبعض الكلمات عدة جموع، كجمع ضيف على: أَضيافٍ وضُيوفٍ  وضِيافٍ  وضِيفانٍ، وكجمع نَجْدٍ على أنْجُدٌ وأنْجادٌ ونِجادٌ ونُجودٌ ونُجُدٌ وأنجدة. أحسب أن التزام أجدادنا الشعراء بالأوزان والقوافي، دفعهم إلى أخذ راحتهم في الاشتقاقات بما يخدم أوزان وقوافي قصائدهم، هذا إضافة إلى تنوع الاشتقاقات بين قبيلة وأخرى.

*   *   *

يسألونك عن مثال أو تطبيق شديد البساطة والوضوح عما تعنيه “المفارقة” كحالة لغوية أو بلاغية. قل هي أمر من قبيل أن يقول السُّنَّة والشيعة، على سبيل المثال، أن العبادة لا تكون لغير الله، ومع ذلك فإن الشيعة يسمّون “عبد عليّ”، والسنّة يسمّون “عبد النبيّ”.

*    *   *

ما أكثر ما قرأت من أهجيات لما يسمى “شريعة الغاب”، وكم بودي أن أعيد الاعتبار لهذه التسمية، وذلك لأنها في أسوأ الأحوال تنطوي على وجود “الغابة”. 

لم يخطر في بالي إمكانية أن تأتي سلطة، تحتطب الأخضر واليابس، فتبيد الغابات، وتشيع التصحُّر حتى في النفوس والأحلام، ومع ذلك تستمر بنفس الشريعة المنسوبة للغاب!

هناك العديد من الأنظمة العربية التي يمكن اعتبارها نماذج باهرة لشريعة الغاب ولكن بدون الغابة.

*   *   *

– أين أبوك يا ولد؟

– أبوي بالبيت.

– من حاله؟

– إي من حاله.

سمعتُ هذا الحوار على أطراف مضارب البدو في جوار قريتنا.

قلت لنفسي: لا بد أن الرجل حين سأل الولد إن كان أبوه “من حاله”، كان يقصد إن كان لحاله أو بحاله أو بمفرده.

لاحقاً في الجامعة، قرأت أن بين القبائل من يقولون: “من ربي ما فعلتُ كذا” وهم يقصدون “بربي”، ثم انتبهت في سورة طه إلى قوله تعالى: “وَلَأُصَلِّبَنَّكُمْ فِي جُذُوعِ النَّخْلِ”، والقصد هنا “على جذوع النخل”. وأخيراً قرأت أن الكوفيّين وبعض البصريين ذهبوا إلى أنَّ حروف الجرِّ يجوز أن ينوب بعضها عن بعض. ما أرحب أجدادنا الأوائل، وما أضيق أرواح وعقول آبائنا اللغويين وأعمامنا والفسائل. 

*   *   *

قال: اللغة السويدية عجائبية فعلاً. تخيل أنهم يلفظون حرف جي “J” كما لو أنه ياء. اِسمي مجد يصبح عندهم مَيْد. 

قلت: وأنا ينادونني فراي بدلاً من فرج، غير أني لا أستغرب، ففي كثير من مناطق الكويت والسعودية وجنوب العراق يقولون “ريَّال” بدلاً من رجّال، و “مسيِد” بدلاً من مسجد، و “دَياية” بدلاً من دجاجة. وهذه الطريقة في إبدال لفظ الجيم ياء هي لغة “تميم” التي أعلى كثيرون من علماء اللغة شأنها إلى حد اعتبارها الأكثر فصاحة وقابلية للقياس. 

*   *   *

الحيادي لغةً هو غير المتحيز.  وحادَ عن الطَّريقِ الْمُسْتَقيمِ تعني أنه عدَلَ عَنْهُ، وحاد عن الشيء تعني أنه مال عنه وتجنبه وبالتالي ابتعد عنه، ومن يميل أو يبتعد عن شيء أو عن شخص، فإنه ليس حيادياً تجاهه، بل يمكننا الاستنتاج أنه منحاز لشيء أو لشخص آخر. ويقال إن موقف فلان ينطوي على حيدان واضح لصالح زيد على حساب عمرو، أي لديه ميل وانحياز لزيد، ما يعني أنه ليس حيادياً، هذا إلا إذا اتفقنا على أن الحيادي هو المنحاز، وفي هذه الحالة قد يعاد النظر بتسميات سابقة من قبيل “حركة عدم الانحياز” و “الحياد الإيجابي”. 

لا شك أن هناك من سيستغرب كل ما أقول ويأخذه العجب، وسلفاً أقول إن الحق معه في أن يستغرب ويستهجن، ولكن المهم هو إبعاد العجب عبر إبداء السبب.

القصة بمتنها وحواشيها ناجمة عن عدم التمييز بين فعل حادَ وفعل حايَدَ.

من حاد فقد انحاز، ولكن مَن حايد فقد كفَّ خصومته، وبالتالي فالحياد مصدر فعل حايد.. أما فعل حادَ فمصدره حَيْدٌ وحَيَدان، أي ميل وانزياح وانحياز، والحيادي اسم منسوب إلى المصدر (حياد)، وليس إلى (حَيَدان) الذي هو مصدر فعل حادَ.

أما الفعلان حادَ وحايد، فرغم أن جذرهما واحد إلا أنهما يفضيان إلى معنيين يتضافران حيناً ويتنافران أحياناً. 

The post سمعت هذا الحوار على أطراف مضارب البدو في جوار قريتنا appeared first on مجلة رمان الثقافية.

]]>
لا تأكل السمك وتشرب اللبن https://rommanmag.com/archives/21643 Wed, 11 Sep 2024 07:55:20 +0000 https://romman.b5digital.dk/%d9%84%d8%a7-%d8%aa%d8%a3%d9%83%d9%84-%d8%a7%d9%84%d8%b3%d9%85%d9%83-%d9%88%d8%aa%d8%b4%d8%b1%d8%a8-%d8%a7%d9%84%d9%84%d8%a8%d9%86/ من ورطات اللغة العربية، وبالتالي العقل العربي أن الحاكم في اللغة العربية اغتصب الحكمة، واشتق اسمه منها. الحكمة والحاكم في العربية تصدران عن نفس الجذر اللغوي، في حين أنهما في كثير من اللغات كالإنكليزية والفرنسية والصينية والألمانية والروسية والإيطالية والإسبانية، والأندونيسية واليونانية وحتى التركية والفارسية، من جذرين مختلفين تماماً.   *   *   * […]

The post لا تأكل السمك وتشرب اللبن appeared first on مجلة رمان الثقافية.

]]>
من ورطات اللغة العربية، وبالتالي العقل العربي أن الحاكم في اللغة العربية اغتصب الحكمة، واشتق اسمه منها. الحكمة والحاكم في العربية تصدران عن نفس الجذر اللغوي، في حين أنهما في كثير من اللغات كالإنكليزية والفرنسية والصينية والألمانية والروسية والإيطالية والإسبانية، والأندونيسية واليونانية وحتى التركية والفارسية، من جذرين مختلفين تماماً.
 
*   *   *

شغلتني في طفولتي لفظة ” سِياق” التي كنت أسمعها في مناسبات الخطوبة والزواج، من قبيل: فصلوا سياق فلانة بنت فلان على عشرين ليرة ذهبية أو خمسين ألف ليرة أو ريال أو دينار. 

سألت كثيرين عن أصل هذه اللفظة “سِياق أو سياگـ حسب بعض اللهجات”، وكانت الإجابات تأتي دائماً عن معناها وليس عن مبناها وأصلها واشتقاقها. 

لاحقاً عرفت أن مَهْر الفتاة لدى القبائل يكون عدداً من الأنعام أو المواشي، “يسوقها” أهل العريس لأهل العروس. ومن هنا قالوا أن سياق فلانة بلغ كذا ناقة وكذا شاة. هذه اللفظة لا تزال متداولة في البوادي والأرياف. ولكن انتشار التعليم أدخل ألفاظاً أخرى مثل المهر والصداق، أما الصَّدُقة بضم الدال فهي بمعنى الصداق، إلا أنها بقيت لفظة قرآنية لا يتداولها الناس في أحاديثهم العامة كما يتداولون المَهر والصداق والسياق.  

*   *   *

يستخدم بعض الناس فعل “طَحَّلَ” بمعنى تعب وانهدَّ حيله. يقولون مثلاً: طوال المسير وهو في الأول، ولكنه طَحَّلَ في الربع الأخير. الفعل هنا فيه قلب مكاني بين الأحرف مع فعل “طَلَّح”: “طَلَّحَ أو طَلَحَ أو أطلَحَ البَعِيرُ”، بمعنى تَعِبَ مِنَ السَّيْرِ. وعلى هذا النحو أيضاً حدثَ مثلاً القلبُ من “أبله وبلهاء” الفصيحتين إلى “أهبل وهبلاء” اللتين لم تكونا معروفتين أو مستخدمتين قبل العصر العباسي، ولكن من أراد أن ينسب فعل “طحَّل” ومشتقاته إلى تلك اللحمة الرمادية العريضة، المتموضعة في يسار البطن “الطِّحال” فله ذلك. 
*   *   *
موطن الأغنام ومرعاها كان أصلاً في صحارانا، ولهذا فهي حين تثغو تقول “ماء” وليس “ماع” كما يظنُّ كثيرون.
 
أتحدَّث هنا بمنطق الشعر والطرافة، ووفق لغتنا العربية، وبالتالي لا يستقيم تعميمه على باقي اللغات، كما ليس من المعقول وضع ممازحة كهذه في قالب واقعي. 
 
*   *   *

 

الأهواز. هكذا أسمتها كتب التاريخ التي قرأناها في مدارسنا، وقد عرّفتها قواميسنا ومراجعنا القديمة، بأنها سبع كُوَر أو كورات “مناطق أو أقاليم”، تقع بين البصرة وفارس، ويتحدَّث ساكنوها اللغةَ العربية.

وقد ورد اسم الأهواز في إحدى أهجيات جرير للفرزدق بعد أن لجأ إلى “قبيلة بني العم” الأهوازية: 
 

مـا لـلـفـرزدقِ مـنْ عـزّ يـلـوذُ بـهِ     
إلاّ بـَنُـو الـعَـمّ في أيـْديهـِمُ الخَشَبُ
سيروا بني العمَّ فالأهوازُ منزلكمْ 
ونَهْـرُ تِيرَى فَلَـمْ تَعْرِفكُـمُ العـرَبُ
 
أما “عربستان”، و”خوزستان”، فهما تسميتان أطلقهما الفرس على تلك المنطقة. 

 

ولكن لحسن الحظ استيقظتْ مؤخّراً بعض الأنظمة العربية و “دهاة” مؤسساتها ووسائل إعلامها، وأيقظت معها الحقيقة النائمة منذ قرون، أعني حقيقة أن الأهواز هي “الأحواز” كما يسميها أهلها. لقد فات أجدادَنا لقرون أنه يصعب على الفُرْس لفظ الحاء، فيقولون الأهواز بدلاً من الأحواز. والأحواز جمعٌ مفردُهُ «حَوْز» بمعنى الحيازة والتملك. على أية حال أن تستيقظ متأخراً خير من أن تبقى نائماً لقرون إضافية. 

 

*   *   *

 

كان أبي حين يذبح أضحية يتناقش مع أمي بشأن تقسيمها وتوزيعها: صدر الأضحية لبيت فلان وفلان وفلان، والرأس لبيت فلان والرقبة لبيت فلان، ثم يحدِّد بقية الأجزاء كالظهر والفخذين والمعلاق. كنت أفهم المقصود من كل جزء باستثناء “المعلاق”. ذات مرة سألت أبي عما يعنيه المعلاق، فقال: هو هذه الزردومة “القصبة الهوائية” وما يتعلق بها أو عليها من كبد وفشَّة “رئة” وقلب وحواشي. سألتُه ثانية: وما علاقة هذا بقولهم “فلان معلاقه كبير”؟ نهرني والدي وهو يقول: وأنت لشو كِثْر هالغلبة وكِبْر هالمعلاق؟!

 

*   *   *

 

“لا تأكلِ السمكَ وتشربَ اللبن”، قول درسناه في الجامعة كشاهد على اختلاف إعراب الواو ما بين كونها واو المعية أو حرف استئناف أو حرف عطف، إذ حين نعتبر الواو للمعية، فذلك يعني أن النهي هو على الجمع بينهما، أي: لا يكن منك أن تأكل السمك وأن تشرب اللبن في وقت واحد.

 

مع الزمن صارت هذه المسألة اللغوية أشبه بحكمة أو قول مأثور يلتزم الناس به فلا يجمعون في طعامهم بين السمك واللبن.

 

ولكن حين كنا في السجن، فقد اختلفنا بشأن الحقيقة العلمية لهذا القول.

 

حدث ذلك بعد إحدى زيارات الأهالي التي جاءنا فيها سمك، وكان عندنا لبن، فقررتُ تناول السمك مع اللبن غير عابئ بالتحذيرات التي أطلقها الرفاق. في الحقيقة استمتعت بوجبة شهية وأنا مرتاح البال والضمير، في حين أن نظرات الرفاق رجمتني بالعتب والتأنيب والاحتجاج والقلق والإدانة. 

 

وحين تبيّن بعد ساعات أن أموري تسير كساعة سويسرية، بدأت التساؤلات ثم الأسئلة تتناوشني عن يمين وعن شمال مستغربةً كيف يحذِّر فقهاء اللغة من تناولهما معاً ثم أتناولهما وأنا خرّيج لغة عربية، ما يعني أن خطئي عن طاقين لا طاق واحد. 
قلت: 

 

– ينبغي أن تعرفوا يا رفاق أني لم أتناول السمك واللبن، ثم توقفت عن الكلام ورحت أجيل بصري في العيون واختلاف نظراتها.

 

= أخشى أن تقول إنك أكلت سُمَّاناً لا سمكاً!

 

– بل أكلت سمكاً، وإلى جانبه خائراً يا رفيق.. خائراً وليس لبناً. ويجب أن تعرفوا أن الفرق بينهما كبير، فاللبن في لغة أجدادنا هو الحليب، وليس عندي رأي قاطع إن كان اجتماع السمك والحليب خطِر على الجميع، أم على بعض الأجسام دون غيرها، فأنا أعرف أن وجبات بعض الأوروبيين تجمع ما بين السمك والحليب. 

The post لا تأكل السمك وتشرب اللبن appeared first on مجلة رمان الثقافية.

]]>
الحب والحرب جناس ناقص https://rommanmag.com/archives/21619 Thu, 08 Aug 2024 10:34:37 +0000 https://romman.b5digital.dk/%d8%a7%d9%84%d8%ad%d8%a8-%d9%88%d8%a7%d9%84%d8%ad%d8%b1%d8%a8-%d8%ac%d9%86%d8%a7%d8%b3-%d9%86%d8%a7%d9%82%d8%b5/ كثيرون يرددون ببغائياً ما سمعوه أو حفظوه أو قرؤوه عن أن اللغة العربية تتضمن 12.3 مليون كلمة. قليلون هم من يعرفون أن من أعطى هذا الرقم هو الخليل بن أحمد الفراهيدي، وفقاً لمنطق رياضي نظري، يعتمد على مبدأ تقليبات حروف الكلمات، أو ما يسمى بالاشتقاق الكبير، أي تقليب حروف الكلمة على كافة وجوهها، فإن كانت […]

The post الحب والحرب جناس ناقص appeared first on مجلة رمان الثقافية.

]]>
كثيرون يرددون ببغائياً ما سمعوه أو حفظوه أو قرؤوه عن أن اللغة العربية تتضمن 12.3 مليون كلمة.

قليلون هم من يعرفون أن من أعطى هذا الرقم هو الخليل بن أحمد الفراهيدي، وفقاً لمنطق رياضي نظري، يعتمد على مبدأ تقليبات حروف الكلمات، أو ما يسمى بالاشتقاق الكبير، أي تقليب حروف الكلمة على كافة وجوهها، فإن كانت من ثلاثة حروف نتج عنها ستة تقليبات كفعل صَهَل على سبيل المثال (صهَل، صلَهَ، هلص، هصَلَ، لصَهَ، لهَصَ) أو (جبر، جرب، برج، بجر، ربج، رجب)، وإن كانت من أربعة أحرف تُضرَب في الوجوه الستة للثلاثي الصحيح، فينتج عنها أربعة وعشرون تقليباً، وإذا كانت من خمسة أحرف تعطي مئة وعشرين تقليباً، ومن البديهي أن أغلب تلك التقليبات بدون معنى ولا تستعمله العرب.

ثم لو أخذنا على سبيل المثال قاموس لسان العرب، وهو من أشمل وأوسع القواميس، لوجدنا أن عدد كلماته لا يتجاوز في أعلى الإحصاءات 160 ألف كلمة، إذن أين نجد الـ 12 مليون و140 ألف كلمة الباقية ما دامت غير موجودة في قاموس لسان العرب؟

هذه الحقيقة ستكركب كثيرين من المتنفّجين قومياً أو دينياً، بل سيحاربون الفكرة من حيث المبدأ حتى لو لم يكن لديهم مثقال ذرة من المنطق في مواجهتها، وقد يفقد كثيرون صوابهم ويخرجون عن طورهم لو قلتَ لهم إن اللغة الإنكليزية تتفوَّق على العربية في عدد الكلمات على الأقل، فالنسخة الثانية من قاموس أوكسفورد بمجلداته العشرين تحتوي على ما يزيد عن 171 مئة وواحد وسبعين ألف كلمة في الاستخدام الحالي، وأكثر من 47 سبع وأربعين ألف كلمة قديمة، إضافة إلي 9500 كلمة مشتقة ومضافة ككلمات فرعية.

*   *   *

البغي والباغي والبغاء في العربية من جذر لغوي واحد، وتفسيرات متعددة. وكذلك هو الأمر مع القائد والقَوَّاد، فهما من نفس الجذر، إلا أن القائد اسم فاعل، والقَوَّادٌ صيغة مبالغة من اسم الفاعل، وتعني قَوِيُّ القِيَادَة، لكن مع الزمن رسا المجتمع على وصف سِمْسار الفاحِشة أو البِغاء بالقَوَّاد، وعلى وصف المسؤول والزعيم والرمز الاجتماعي بالقائد. وقد أعطانا الواقع أمثلة لا تحصى على عدم الفرق بين القائد والقوّاد.

*   *   *

“مُكرَهٌ أخاك لا بطل”، حقّها إعرابياً أن تكون “مكره أخوك”، ولكننا هنا لا نتبع قواعد اللغة بل ما قاله القدماء. كأنه حلال أن يخطئ أجدادنا القدامى بلغتهم، وحرام أن لا نتبعهم حتى في أخطائهم. 

مساكين أولئك الذين يريدون الحافر على الحافر، والخُفَّ على الخفّ، والعقل على العقل.

*   *   *

الحُبُّ والحرب جناسٌ ناقص، لا يكتمل إلا إذا ألحق أحدهما الهزيمة بالآخر.

والقمع ثلثا القمح، والعكس صحيح أيضاً، غير أن الأول سلبٌ واعتداء، والثاني إيجابٌ وعطاء. الحروف ليست هي المسؤولة عن المعاني، بل هو الكلام.

*   *   *

الأمثال والتعبيرات المجازية في ثقافتنا، لها قبول وأحياناً تسليم واحترام خاص، حتى لو خالفت العقل والمنطق. كثيراً ما نسمع مثلاً  أنَّ فلاناً “حربوق” أو “مقطَّع موصَّل”، يأخذك إلى البحر ويعيدك عطشان. 

لقد انتبه أصحاب المَثَل إلى البحر كمجمَّع مائي ضخم، وغفلوا عن ملوحة مياهه، التي لا بد أن تعود عطشان إذا لم تشربها، فإن شربتها فستعود أكثر عطشاً. 

لو قالوا الساقية أو النهر بدل البحر لاستقام كل شيء، ولكنه داء المبالغة.

*   *   *

تقول المراجع وبعض القواميس أن أصل تسمية الآلة الموسيقية “الناي”، يعود إلى اللّغة الفارسية، وترجمتها “القصب أو القصبة”. لكن هل هو/هي مذكر أم مؤنث، فتلك مسألة لا طائل من البحث عنها، إذ رغم حرص القواميس العربية على تحديد المذكر والمؤنث، إلا أن الناي بقيت بدون تحديد. ولهذا نجد عدداً كبيراً من الضليعين في اللغة يستخدمونها بوصفها اسماً مذكَّراً. أمّا منطقي، وإن شئتم ذائقتي أو سليقتي، فلا تقبلها إلا مؤنثة، أي لا يصحّ فيها الوجهان، وعلى من لا يتفق معي أن يخترع للناي جمعاً آخر غير نايات.

في منطقتنا يقولون “فلان يدقّ على القصبة”، أي على الناي، ولا ضير لو قالوا على الناية، ذلك لأن كلّ ما يقبل التأنيث خير من التذكير. ولهذا  أجدني أميل إلى استخدام لفظة النافذة بدلاً من الشباّك، والليلة بدلاً من الليل، والفرشة بدلاً من الفِراش، والرقبة بدلاً من العنق، والسنة بدلاً من العام، والخمرة بدلاً من الخمر.. إلخ. 

The post الحب والحرب جناس ناقص appeared first on مجلة رمان الثقافية.

]]>