إبراهيم حسو - مجلة رمان الثقافية https://rommanmag.com/archives/author/100rommanmag-com مجلة ثقافية فلسطينية مستقلة Sat, 02 Nov 2024 08:41:05 +0000 ar hourly 1 https://wordpress.org/?v=6.6.2 https://rommanmag.com/wp-content/uploads/2024/10/cropped-romman_logo-pink-32x32.png إبراهيم حسو - مجلة رمان الثقافية https://rommanmag.com/archives/author/100rommanmag-com 32 32 ما يعنيه أدب حنا مينه اليوم https://rommanmag.com/archives/19305 Wed, 06 Jun 2018 08:16:18 +0000 https://romman.b5digital.dk/%d9%85%d8%a7-%d9%8a%d8%b9%d9%86%d9%8a%d9%87-%d8%a3%d8%af%d8%a8-%d8%ad%d9%86%d8%a7-%d9%85%d9%8a%d9%86%d9%87-%d8%a7%d9%84%d9%8a%d9%88%d9%85/ إلى حين قريب كنت أقول أن الرواية في سورية بألف خير ما دام يعيش بين عصرنا روائيون عمالقة و مرموقون في المشهدية الروائية العربية برمتها وهما حنا مينه وحيدر حيدر، مع أنني اعتبر هذا الأخير من جيل السبعينات المتأخرين عن ملاحقة الكبار اسماً و ليس إبداعاً، و قد ترددت كثيراً في كتابة ”السبعينات“، هذه التسمية […]

The post ما يعنيه أدب حنا مينه اليوم appeared first on مجلة رمان الثقافية.

]]>
إلى حين قريب كنت أقول أن الرواية في سورية بألف خير ما دام يعيش بين عصرنا روائيون عمالقة و مرموقون في المشهدية الروائية العربية برمتها وهما حنا مينه وحيدر حيدر، مع أنني اعتبر هذا الأخير من جيل السبعينات المتأخرين عن ملاحقة الكبار اسماً و ليس إبداعاً، و قد ترددت كثيراً في كتابة ”السبعينات“، هذه التسمية المرحلية التي أتمنى أن تكون تسمية خاطئة وحسب لسبب واحد هو أن رواية السبعينات في سورية لم تتمكن بنوع ما من لملمة شكلها الإبداعي النهائي المتكامل وتطورها التاريخي العادي المتسلسل إلا عبر أسماء قليلة جداً نتيجة نتوء اتجاهات نقدية صارخة في الرواية العربية  قدمت إلينا عبر أوروبا وقسم من المغرب العربي بوساطة نقاد فرنسيين كبار.

أودت الاتجاهات بهذه الرواية أن تتوارى قليلاً وتضمحل على مهل بشكل يدعو للاستغراب والتوقف فيما بعد  لفترة طويلة عن ملاحقة المشهد الروائي العربي برمته، ليبقى الميدان  للقصة القصيرة التي كانت تبدو في حالة وهن ملحوظة وترهل يشوبه الانزلاق والضياع ومسحوبة من تجاذبات الرواية وإطلالتها المتخبطة فيما بعد على أيد روائيين جدد  ظهروا في دور سوبرماني مثير، إلا إن القصة الحديثة التي خرجت من ضلع الرواية لم تستطع أن تستولي على عرش الرواية رغم تخبط هذا الجنس وتقوقعه ضمن اسم واحد أو بضعة أسماء مغامرة حاولت اقتحام بوابة التجريب والحداثة، ومع هذا حاولت القصة الحديثة أن تسمّن المشهد الثقافي بنتاجات قصصية متباينة ومتفاوتة الفنيات بين ”الواقعية الاشتراكية“ و”الواقعية الساخرة“ وترممه بأسماء كبيرة براقة مع سعيد حورانية وجميل حتمل وزكريا تامر وفواز حداد فيما بعد كأحد ملتحقي الرواية الشابة الذين ظهروا إثر توقف جيل كامل من الروائيين السوريين عن كتابة الرواية وتوجههم في كتابة زوايا صحفية هزيلة، كمقالات متفرقة للراحل عبد السلام العجيلي في الصحف السورية ونشر بضع مقاطع روائية متفرقة لحنا مينه في جريدة الثورة.

ولعل الحديث هنا يطيب عن الروائي الأول في سورية حنا مينه وأسباب عزوف العديد من محبي الرواية عن قراءته وقد ملوا من التبعية ”الاسمية“ وجهالة تعلقهم برواية «الياطر» التي من وجهة نظر الكثير من النقاد السوريين لا ترقى إلى ذلك التوق والمتعة والخلق الحقيقي للكتابة الروائية كما كنا نجدها في قراءة روائيين عرب أمثال إبراهيم أصلان وإدوار الخراط من مصر وهدى بركات من لبنان وإميل حبيبي وجبرا إبراهيم جبرا من فلسطين.

أقول أن الرواية بخير لأن جل الروائيين من جيل التسعينات باتوا يشعرون بعزوف القراء عن قراءة الرواية المكتوبة ليتفرغوا للرواية البصرية كالمسلسلات التلفزيونية: المرحوم ممدوح عدوان وحنا مينه وحتى المرحوم محمد الماغوط وحالياً كالروائيين الجدد أمثال خالد خليفة وخطيب بدلة وحسن صقر ونيروز مالك ووليد معماري وحسن م يوسف، حتى بعض كبار الشعراء ممن وجدوا ضالتهم في الكتابة التلفزيونية وباتوا يقتسمون الغنائم هنا وهناك مسكرين الطريق أمام كتاب الرواية والسيناريو وكل من يعيش وراء الكتابة في الأعمال الفنية مثل علي سفر ولقمان ديركي.

أقول ومع قليل من الأسف، إن كاتباً بحجم حنا مينه توقف عن كتابة الرواية وانزوى في صومعته، يراقب الحياة ويتحسسها من خلال ذكرياته ولم يعد له ما كان له من سلطة وهيمنة امتدت لربع قرن جالساً على عرش الرواية السورية غير متزحزح. واليوم ورغم تسجيلاته ”المتقطعة“ العادية والمتجزأة على شكل كليشات وأوراق من حياته ”المرهفة“ ينشرها  في الصحف اللبنانية وغيرها من الصحف الغربية والإذاعة السورية، وإنه (رغم إحساسه الصادق) لم يعد سلطان الرواية  كما جاء في الاستفتاء الأخير عن الروائيين الأكثر قراءة في العالم العربي، إذ لم يأت اسمه في اللائحة لا من بعيد ولا قريب، ولم يعد هذا الروائي مالكاً جمهوره كما كان يملكه في الثمانينيات وأصبح باستطاعة كاتبة مغمورة مثل أحلام مستغانمي أن تزيح أكبر روائي عن طريقها (الطويل) على حسب كلام نزار القباني وأن  ُتطبع لها أكثر من طبعة خلال عام كامل وبلغات معروفة وغير معروفة في كل بلدان المشرق والمغرب، بينما لم ُيطبع لعجوز بحرنا حنا مينه منذ بداية التسعينات وحتى نهايتها أي كتاب روائي أو قصصي أو حتى مذكراته التي يلخّص فيها نهاية مسيرته الإبداعية ولم تترجم أعماله الأخيرة، كما كانت تترجم في الثمانينات، ولم يُجرَ معه أي حوار يمكن التعرف من خلاله على جديده أو يكتب عنه مقال نقدي يتناول الهم الروائي السوري، اللهم بعض متفرقات هنا وهناك وبعض من نرفزات  تكاد تكون خرفة ومهووسة عن حبه وجنونه للبحر في اللاذقية، ومن يعود إلى أرشيف الروائي خلال مدة ممتدة لأكثر من 15 سنة سيلحظ الكسل كعنوان بارز لمجمل مسيرته الكتابية مع اعتبار أن ما كان يكتبه في ملحق الثورة وزاوية الأفاق في جريدة تشرين لا يمثل إبداعاً حقيقياً قد عرفنا عنه سابقاً.

أقول أن التجارب التي لحقت أو ألُحقت بالرواية السورية لم تكن هي الأخرى قادرة على تجميل ساحة الرواية السورية رغم نهوض أسماء هنا وخفوت أسماء هناك في عملية مد وجزر بقيت بعض أسماء ومحيت أسماء أخرى، كانت الصحافة الثقافية الرصينة لها دور مميز في هذا المحو والإقصاء، وربما كان أيضاً لاتحاد الكتاب العرب ضلع في  تقويض أسماء روائية مبدعة شاركت وهي خارج سورية في رفد المشهد الروائي العربي بروايات ونتاجات قصصية عظيمة مازلت سارية المفعول رغم فوات أكثر من 20 سنة على صدورها أمثال زكريا تامر وسعيد حورانية وجميل حتمل…

لكن، لا بد من الاستغراب إن كان هنالك من يقرأ اليوم حنا مينه، فأدبه يرزح تحت ثنائية الخير والشر والإقطاعي الشرير والعامل الطيب الثوري الخ الخ. حنا مينه ومحفوظ وكتاب الجيل الماضي يجب النظر إليهم من منظار عصرهم وليس عصرنا الآن الذي تغيرت فيه المعايير. حنا مينه الآن أنهى مهمته الأدبية، أطال الله في عمره، ويبقى الفضل له بأنه من أوائل الروائيين السوريين الذين رفعوا الرواية ومنحوها القوة.

يجب أن نتخلص من ميولنا ونزعاتنا، وبالتالي نخضعها لمقياس موضوعي. مسألة التجييل، يجب إبعادها عن طريق طرح أسئلة منهجية، هكذا ينبغي التعامل مع حنا مينه، هاني الراهب، نجيب محفوظ، وآخرين بعدهم. القيمة الفنية للأعمال الأدبية هي التي تفرض اسم هذا المبدع أو ذاك في الساحة الأدبية، وإلا انفكت سلسة الأحكام المسبقة المنعقدة إلى لاشيء.

حنا مينه يبقى قامة باسقة وكاتب رائع تكلم عن الفقراء والجوع والتشرد، تكلم عن الحب والأمل، تكلم بأسلوب عصره وزمانه هو.

The post ما يعنيه أدب حنا مينه اليوم appeared first on مجلة رمان الثقافية.

]]>
صبا قاسم في «رأسي مقبرة جماعية»: الصدى حينما يكون صوتاً https://rommanmag.com/archives/19205 Wed, 04 Apr 2018 18:31:01 +0000 https://romman.b5digital.dk/%d8%b5%d8%a8%d8%a7-%d9%82%d8%a7%d8%b3%d9%85-%d9%81%d9%8a-%d8%b1%d8%a3%d8%b3%d9%8a-%d9%85%d9%82%d8%a8%d8%b1%d8%a9-%d8%ac%d9%85%d8%a7%d8%b9%d9%8a%d8%a9-%d8%a7%d9%84%d8%b5%d8%af%d9%89-%d8%ad/ قرابة المئة وعشر صفحات بين نصوص قصيرة وطويلة الحجم، توصلت فيها الشاعرة والمترجمة السورية صبا قاسم، 1977، عبر كتابها الشعري الثاني «رأسي مقبرة جماعية» إلى ما يمكن تسميته تفجير الطاقة في المفردة الواحدة، وهذه الميزة التي استوقفتني كثيراً عندها، فهي تعتبر إحدى التقنيات اللغوية التي تعتمد على توليد المفردة وضخ دلالات مرادفة، تكون بمثابة رئات […]

The post صبا قاسم في «رأسي مقبرة جماعية»: الصدى حينما يكون صوتاً appeared first on مجلة رمان الثقافية.

]]>
قرابة المئة وعشر صفحات بين نصوص قصيرة وطويلة الحجم، توصلت فيها الشاعرة والمترجمة السورية صبا قاسم، 1977، عبر كتابها الشعري الثاني «رأسي مقبرة جماعية» إلى ما يمكن تسميته تفجير الطاقة في المفردة الواحدة، وهذه الميزة التي استوقفتني كثيراً عندها، فهي تعتبر إحدى التقنيات اللغوية التي تعتمد على توليد المفردة وضخ دلالات مرادفة، تكون بمثابة رئات تعبيرية تصل بالشاعرة إلى أن تتجاوز القصيدة النثرية، بل تحاول أن تقفز عليها بمظلات لغوية متشابكة وملغزة، دون اللجوء إلى ذلك الفرز في تنقية الكلمات وطحنها، فكل كلمة هي بقعة مشهدية كونية شاملة غير قابلة إلى التجذر والتشظي.

في المقابل تقاتل المفردات كي لا تستجمع في بوتقات دلالية ضيقة تحيل اللغة لاستعمالات أخرى تبعد الشعرية وتفسد جماليتها، كون الاقتطاع المتقصد للمفردة وجزّها من معناها أو الأصح من شكلها اللغوي تودي بالجملة الطويلة إلى أن تتقلص وتتملص من فحواها ومرماها، لأن هذه المفردات ينبغي أن تتلاءم مع لحظتها وآنيتها ، فالتململ اللغوي الحاصل اليوم في الشعرية السورية نتيجته هذا الانفجار البنيوي الذي يخلخل غالباً قوام النص وواجهته الداخلية، ولدرء هذه الخلخلة لجأت الشاعرة إلى بحث جديد عن ما هو لحظوي وراهن في الدقيق من الحياة الاعتيادية، العودة إلى العلاقات الثنائية بين الكائنات، وإجراء مصالحة مع موجوداتها وأشيائها الحياتية، مبتعدة عن داخلها قليلاً ومتوغلة في التناقضات والتضادات وكل شيء متحرك حولها، كأنها هنا ترجع إلى الشعريات الأجنبية التي استفادت كثيراً من ترجماتها، الشعرية التي تبدو لنا كأنها عدوة الفكر والفكرة، غير مهتمة بخصوصيتنا التخييلية والعقلية في إدارة هذا الكائن اللغوي، إنه العقل المدمر المدهش الذي يبني الشعر في أرض أخرى، والذي بدوره ينظم العالم والناس في ذاكرة أخرى، ذاكرة المفردات التي تريد الانفكاك من تبعية معناها لتغدو في أشكال تعبيرية تستعيد ذاكرتها الحقيقية الواضحة:

لأنّ الزمنَ

عجوزٌ يُمثِّلُ الموتَ فيُغمِضُ عيناً

ويَفتَحُ الأخرى

واضرِبي قوسَ الريحِ على كمانٍ عتيق

ليخرجَ الصوتُ على مقاسِ جَسَدِكِ

بدراً مُكتمِلاً

هَدْهِدِي جناحَ الظُّنُون

سوف تتنشَّقينَ الهواءَ النّقي

بجوارِ

سُحُبٍ

لا يَعنيهَا

المَطَر !!

من جانب آخر وفي النصوص القصيرة تواجه صبا قاسم مشكلة صغيرة في المقدمات والاستهلالات لبناء المقطع، فأغلب النصوص تستهل بالضمائر وأدوات الوصل والأفعال المتداولة البسيطة التي تشرع إلى فتح النص بسلك وليس بمفتاح، ومرده أن المواجهة مع الأفعال القوية تكلف الشاعرة جهداً لغوياً مبالغاً وطاقة بلاغية عالية، قلما يهرب إليها الشعراء الذين لهم أنفاس قصيرة ورؤية قريبة، ولأن هكذا النوع من الكتابة لا تتطلب هذا التوغل والتعمق والكشف عن ظلال أخرى للكلمات والأفعال والبدايات القوية، ويبدو أن أسهل وسيلة لمواجهة اللغة هي النأي من المواجهة والاكتفاء بالايحاءات والرموز والتصورات الأولية، فقصيدة النثر هذه لا تتطلب سوى التصريح والإبلاغ والمغامرة ضمن مساحة مفتوحة على مصراعيها:

عندما كنتُ أظنُّ القصيدة

تسريحةً جميلة

لا بدّ من يَدِ كوافيرٍ ماهر

كي تخرجَ على هيئةِ مُودِل

كنتُ أبحثُ

عن مساميرِ كلماتٍ

أُثبتُ خَصَلَ أفكارٍ مَنكُوشة

أو دبابيسَ ملوّنة

أٌشكِّلُ فيها نهاياتِ الجدائل

وعندما، غرقتُ مرّةً في ساقيةٍ عَكِرة

وسمعتُ نقيقَ الضفدع

وهو يقفزُ بين أوراقٍ تُغطّي سطحَ الماء

أدركتُ أنّ الشِّعْرَ المجنونَ الذي يدورُ على حَلِّ شَعْره

بين البراري

يصبحُ أجملَ قصيدة

عندما يتعثّرُ بغُصنِ خرنوبٍ تعبثُ بقُشُورِه

يدٌ عاشقةٌ تُمشِّطُ شَعْرَهَا

ولا تهتمّ بما تساقطَ منه.

تذهب صاحبة «يشتد بي الأزرق»، 2013، بلغتها إلى صياغة أخرى للتعبير عن مشاهداتها عبر التشكيل البصري والتخييلي اللذان يصطدمان بالعين مباشرة ، العين التشيكلية والعين القرائية، تشكيلان يصنعان قدر ومصير النصوص بل يطلقان النصوص نحو فضاءات مدهشة ومثيرة تجعلان من المعاني والدلالات ذوات تحولات وتبدلات في المقطع الشعري الواحد، كأنها سلسلة عوالم وطقوس تخييلية تشبه أحلام اليقظة، أفكار طوباوية غزيرة، الحلم في أوجهه، يمارس واجباته الوجودية والعبثية، حيث اللبس اللغوي من جديد ولكن دون ثرثرة وظلال، دون متاهات متوقعة، ليتيح للشعر أن يمارس غواياته وينجذب كما هو سمته إلى التفسخ المؤلم الذي يعيشه الانسان السوري:

كلّما كَثُرَتِ النّوافذ

ضاقَ الحُلم

يقيني نافذةٌ مفتوحة

يقيني

حَبْلٌ مليءٌ بمَلاقِطِ الغسيل

الكلمةُ التي لم تقلْها

جعلتْني راعيةَ الحَرْف

أقولُ لكَ!

الكأسُ التي لم تشربْها

أَسْكَرَتْني

أقولُ لكَ!

عندما تسيلُ حُرُوفي

كمُكعّب ثَلْج

أمامَ كرةِ نارِكَ

.سأقولُ لك

الحربُ؛

حفلةٌ تنكّريّة

يرتدي الأحياءُ فيها زيّ الأموات

ويخرجُ الأمواتُ فيها على هيئةِ آلهة.

لا أعرف إن كانت الشاعرة تعيش في اللغة أم خارجها، إذ ثمة كتابة صدامية، أن تقود اللغة أم اللغة تقودك، ولكن هي ككل بداية تحاول الشاعرة رسم طريق أو طريقة نحو اللغة المكان ومن اللغة الأشياء، والحضور والغياب، فاللغة هنا في نص ”حكايات“ و ”شيطنات“ تنقلب على نفسها، تعلن وبشكل ما إعلان مناوشة مع الكلمات، مع البلاغة الرصينة، تشارك في محو الصور، الصور الخادعة للعين القرائية التي كنا بصددها، هي مواجهة عنيفة وعميقة بين اللغة واللغة، تصادم المفاهيم والغوايات والأهداف، من يصل قبل من؟

The post صبا قاسم في «رأسي مقبرة جماعية»: الصدى حينما يكون صوتاً appeared first on مجلة رمان الثقافية.

]]>
نماذج من الشعر الكردي الأنثوي: ملامسة الشعر من حوافه https://rommanmag.com/archives/19081 Tue, 23 Jan 2018 13:42:55 +0000 https://romman.b5digital.dk/%d9%86%d9%85%d8%a7%d8%b0%d8%ac-%d9%85%d9%86-%d8%a7%d9%84%d8%b4%d8%b9%d8%b1-%d8%a7%d9%84%d9%83%d8%b1%d8%af%d9%8a-%d8%a7%d9%84%d8%a3%d9%86%d8%ab%d9%88%d9%8a-%d9%85%d9%84%d8%a7%d9%85%d8%b3%d8%a9-%d8%a7/ لا يعرف القارئ العربي عن الشعر الكردي إلا ما يقع في يديه من ترجمات هزيلة منشورة في بعض الصحف العربية التي توزع في الخارج من الوطن العربي، لكنه عرف ومنذ  بداية تشكل الشعرية العربية في أواسط الأربعينات أسماء شعرية كبيرة زودت الشعرية العربية بنصوص وكتابات خالدة، كإبداعات أمير الشعراء أحمد شوقي وشيركو بيكس وسليم بركات […]

The post نماذج من الشعر الكردي الأنثوي: ملامسة الشعر من حوافه appeared first on مجلة رمان الثقافية.

]]>
لا يعرف القارئ العربي عن الشعر الكردي إلا ما يقع في يديه من ترجمات هزيلة منشورة في بعض الصحف العربية التي توزع في الخارج من الوطن العربي، لكنه عرف ومنذ  بداية تشكل الشعرية العربية في أواسط الأربعينات أسماء شعرية كبيرة زودت الشعرية العربية بنصوص وكتابات خالدة، كإبداعات أمير الشعراء أحمد شوقي وشيركو بيكس وسليم بركات كما أن هناك أسماء شعرية  شابة سورية تحاول اللحاق بتلك الأسماء وتتطلع إلى مستقبل شعري بعيون واثقة  كلقمان ديركي وحسين بن حمزة وطه خليل وإبراهيم اليوسف وهوشنك أوسي وحسين حبش ومروان علي وعبد الرحمن عفيف ومحمد عفيف حسيني. هؤلاء الذين يكتبون بالعربية والكردية معاً. ومصيبة الشعر الكردي أنه لم يتمكن من تقديم نفسه إلى بقية لغات العالم بما فيها العربية، وإن ترجمت نصوص هنا ونصوص هناك لكن دون أن تكون لهذه النصوص قيمة تاريخية أو شعرية ”خاصة“ يمكن وصفها بنماذج حقيقية ورائدة للشعر الكردي، وكل ذلك لظروف يمكن وصفها بالإقحامية كالظروف السياسية والثقافية الصعبة (كمشكلة اللغة والنشر والفضاء الثقافي المفتوح والحاضن الاجتماعي) ومع هذا ثمة أسماء شعرية ملفتة تظهر في العتمة وتحاول العثور على الطريق الصحيح، لكن بخوف وترقب من هذه الموجة الطارئة التي يسمونها ”الحداثة الجديدة“ دون أن تتمكن هذه الأسماء الوافدة من رفد المشهدية الشعرية بالجديد والجدير بالاحتفال به.

هنا في هذا العرض، بعض من نماذج لأصوات شعرية أنثوية لها حضور خجول  في الصحافة العربية وتكتب هذه الأصوات القصيدة النثرية وخاصة القصيدة اليومية الشفوية، وربما نشر نماذج من هذه الشريحة تكون فرصة أخرى للفت أنظار القارئ العربي على ثقافة مهدورة تعيش في التخوم المظلمة من الثقافات العالمية، تريد أن تبشّر هذا العالم، ولو من خلال الشعر، بوجود ثقافة وشعرية كردية تنهض من بين أنقاض الحروب الأهلية من جهة ومن حروب طارئة تلفها من الشمال إلى الجنوب:              

عن شعرية آخين ولات 
        
إلى وقت قريب كنت أجهل مسألة جد هامة تتعلق بكتابة قصيدة النثر، وربما متابعتي الدقيقة والمتواصلة لما ينشر هنا وهناك من نصوص نثرية سواء في الصحافة الورقية أو الإلكترونية، دلتني على جذع المسألة ألا وهي وجود ما يمكن تسميته بـ ”فوضى النمطية أو النسقية“، ولعل الشاعر النثري اليوم مهتم وبقدر عال بالنمطية والشكل الواحد للنسق الشعري، غافل أو متغافل بتعدد الأنساق والأنماط وبتشكيل الشكل الواحد  للبناء عليه  الاشتغال على موارده ”النصية“، فمعظم الذين يسترسلون في قصيدة النثر تعلموا من نمطية رياض صالح الحسين مع أن رياض لم يكن نمطياً إلا في ديوانه الأول ثم تحول ”بذكاء“ إلى التشكيل الشعري في مجموعتيه الأخيرتين. ولو أعاد القارئ الذكي قراءة رياض من جديد سيلحظ كم كان رياض يتعذب في إضافة تنوعات جديدة إلى نصه وكم كان يعاني أزمة الكلمة والمعنى وكيفية السيطرة على روح النص طيلة ارتباطه بقيمة ”الموضوع“، لكن كأن هذا الأمر سيان عند شاعر قصيدة النثر الحديث فهو شاعر سريع في كل شيء ابتداء من ”الكتابة الشعرية“ نفسها وانتهاء بالنشر الغزير. 

آخين ولات، امرأة شاعرية إلى درجة ليست معقولة وهي تستغل هذه الشاعرية في كتابة الشعر وتلك هي مصيبة الشعر: أن تتحول المشاعر ”العظيمة“ إلى نمط كتابي فيتحول المعنى إلى اللامعنى ويتغير الدال والمدلول في أدوار متناقضة ومتنافرة وتتفكك الأفكار لتصبح هذيانا مهدوراً. أهم ما يهدم النص الحديث هو الشاعرية التي تقوّض البناء الشعري نفسه وتنفيه في بعض الأحيان ، ولو كتب معظم الشعر الحديث بتلك المشاعر فلن يبقى للشعر سوى اسمه، وهذا ما يقودنا إلى الاسترخاء أمام نصوص عالية المشاعر ومنخفضة الشعر. 

آخين ولات تكتب الشعر بسرعة ولا تلتفت وراءها، تبني جملها الشعرية من كلمة وتخرب كذلك جملتها بكلمة. هي غير منصاعة لما تجري في داخلها من ”انكسارات“ بقدر ما هي منصاعة إلى ”مشاعرها“ ولا تكف عن مناداة روحها واشتعالاتها، سريعة في لملمة الأفكار هنا وهناك دون ترتيب ودون ملاحظة، كأنها تهم في بناء مخالف لكل شيء. تريد أن يكون لنصها أكثر من نافذة وأكثر من باب، ولو تمهلت قليلاً في صياغة أو بالأصح ترويض مشاعرها، لكتبت نصاً مغايراً وملفتاً بكل معنى الكلمة، واشتغلت على ”المخيلة“ المبدعة كإحدى منجزات ”العقل“ الشعري لقصيدة النثر.

آخين ولات في نصها ”تفاحةٌ فقط، سقطت من الشجرة، فأحدثت فيّ، كل هذا الضجيج“ تقصدت ”النمط“ الواحد والشكل الواحد والنسق الواحد  والمعنى الواحد والكلمة الواحدة، تقصدت أن نبقى نقرأ شعراً ”عاقلاً“ طالما أن الشعر لا يحتمل الأفكار الكبيرة والمواضيع ”العظيمة“ ولا أدري إن كانت آخين تدرك معنى أن يكون الشعر معقلنا وتهطل منه هذه المشاعر الجرارة: 

 ما جدوى كل هذا الحبر،
 أن يسيل طرياً،
 من ثقبٍ في الجدار؟

شعرية آخين ولات تنبع من كونها تكتب الشعر لتتمتع به وترّفه عن نفسها في أوقات تشعر أنها تهرب منها، تمل بسرعة من تكوين جملة فيها ”صورة شعرية“ فتلتجئ إلى المفردة لتنقذها من ركاكة محتملة بين الكلمة والكلمة، وهذا ينطبق على معظم الشاعرات الكرديات اللواتي يعشن في الخارج، وأظن أن متعة الشعر الذي تكتبه آخين يأتي من تنوعاتها وجمالية صورها وربما أنها في أكثر من نص كانت حريصة على ”البناء الصوري“. وهي غير الشاعرات الأخريات، تحرص على بناء الجملة التي تتألف أكثر من صورة، مثابرة في التحكم بها  وجعل نص مفتوحاً على الجمال:

أزِح عني كل هذا الليل.. 

في كل قراءاتي للشعر الكردي المكتوب بالعربية (النسائي بالتحديد)، أحتفظ بالبريق الذي يغلف بهذه القصائد، وآخين من الشاعرات اللواتي أحتفظ بنصوصهن ضمن حملة تطهير الشعر وتنقيته من كارثة النمطية ”المهيمنة“.

مع تجربة افين شكاكي

انطلاقة افين شكاكي الشعرية لم تبدأ على ما يبدو من كتابها الشعري الأول، فثمة الكثير من العمل الكتابي أنجزته افين في مشوارها الإبداعي، وثمة الكثير من قصائد كانت تلح في الظهور لولا موانع وشؤون حياتية كانت تحول دون أن تنشرها مستقلة على الصفحات البيضاء، وعلى رغم قلة اطلاعي على المنجز الشعري  الكردي النسوي تظل هناك بعض أسماء توجب حضورها وتهيّج بعض الزوابع في مربعات المشهد الشعري الكردي، ومن هذه الأسماء التي لا أبتعد عن قراءتها : خلات أحمد وأسيا خليل ودلشا يوسف وجانا سيدا وبعض أسماء تقترب من الشعر وتبتعد عنه كأوركيش إبراهيم ودارين عمر ونسرين تيلو.
 
وإذا كانت أفين شكاكي قد أخبرت منذ كتابها الأول «قوافل المطر» الذي أنا في صدده، بتكريس قصيدة النثر للإعراب عن كتابتها للشعر فإنها آثرت الأسلوب الخطر الذي لا خاتمة واضحة له، أسلوب قد يمنح سالكيه إلى المساءلة الفنية الدائمة والمساءلة النقدية الجزلة المهلكة، وقد تكون افين من اللواتي لم تحبب البساطة الشعرية في كتابتها، فتكتب كأنها تزّين حياتها بالكلمات مثلما تنظم غرفتها وحوائجها الخاصة، وكأنها على معاهدة سرية مع الصور الشعرية التي تتزاحم وتتكاتف بشكل تؤلب قراءة أخرى ثانية وثالثة لنصوصها وتحفل هذه الصور بحركات وإيماءات لا مناص لمشاهدتها، وهي تتضح هنا وتتشابك هناك.

مقاطع لأفين شكاكي:

في طريق عودتها
من عيد الحبّ

أفرغوا الرصاص في قلب

قصيدتي.

فتمزقت حروفها

نقاطها
وفواصلها
بدأت مدينتي ديرك

في تلك اللحظة كأنها تحتضر
في تلك اللحظة

كانت أسراب من الفراشات 
تحلق في الأفق

تحمل على أكتافها

نعش قصيدة.
سيعلن قلبي

هطول المطر

وتعلن أمسياتي 
نهاية الضجر. 

 مع تجربة جانا سيدا

تتجاوز الشاعر الكردية جانا سيدا لغتها اليومية الطويلة عبر تركيبات حكائية متينة تخفي دائماً معان مفاجئة وانزياحات تأخذ الصفات والنعوت والأفعال وتظهر معان مرادفة عبر الإشارات والضمائر التي تدل على فعل واحد، وهي تعمل على نصها كما يعمل نشّار الخشب في استئصال الشجرة من جذوعها، ليرمي بقية الإطراف والفروع التالفة، لا تجهد جانا في إبراز مفاتن قصيدتها، فتراها دائماً متوقدة في كل مقطع من مقاطعها، تجمّل مفرداتها الشعرية وتحفزّها على الاضطلاع بأكثر من وظيفتها التركيبية لتتسلم وظائف بديلة كأن تلعب على إطعام النص دلالات مغايرة للمفردة  نفسها أو تفسيرات أخرى للكلمة. 

استدلالي على نصوص جانا كان من خلال كتاباتها المتفرقة والمتناثرة المنشورة في الإنترنت ولا أعرف إن نشرت شيئاً من نصوصها ضمن كتاب شعري، و قياساً على ما نشرتها جانا تظل هي الجرس الأفرط  ثقافة والأكثر التحامًا مع ما تكتبه، وهي الشاعرة الكردية الناضجة شعرياً وفكرياً، التي تفتح الحياة على مصراعيها وتنهل منها مادتها الشعرية، وتقبض منها المواضيع الحميمية الأكثر ولوجاً واستدراكاً: 

ستأتي السنين بحنينكَ،

وأصابعك التي من غيم…

ستنبئ بالجفاف،

مثل زورقٍ ورقي،

سيأتي صوتك…

سيصلُ متأخراً!

”عندما نكتب، لا نضع أنوثتنا على رف من رفوف المكتبة…“ بهذه الجملة تخرم جانا سيدا ما هو الأليف والوديع والسمج من حياة الأنثى، هي لا تريد أن تكون الشاعرة ”الأنثى“ وحسب، وتكون هي المقام أو مثوى كتابة جريانية سيلانية لا ضفاف لها ولا مصب، تكتب وتشرع أنوثتها على الضفة المقابلة لقصيدتها، قد تبرز أنوثتها هنا وقد تضمرها هناك، في لعبة شعرية تتخللها الجمال والحياة بكل أوجها: 

سوف لن يرَ أحدٌ، أثرَ السنين على يديك

ولا قامتك التي انحنت يوماً لها.
..
سوف لن يرَ أحدٌ، الحبرَ المسطّر في عينيك

ولا حروف اسمها،

وآثار أسفارها في عروقكَ.

سوف لن يعرف أحدٌ أنها قد عبرتْ قلبك

وأنتَ

سوف لن تنسَ.

مرحى لهذا الصوت الهادئ والسحيق والمخفي والطويل كصوت الشجرة عندما تمرّغها زوبعة ما.. معتوهة …….
1
ذهبتْ،

ظلتْ عيناك متمددتين فوق الوسادة،

أصابعك تهدهد بعضها بين شعري

وقلبك، كان ينبض في يدي.

2

صباحاً، كانت عيناك تبكيان على صدري،

وقلبك حجرٌ في يدي،

حجرٌ صامتُ،

لا يفيق.
3
بعد بستانٍ من الأرق،

استيقظتْ وردةٌ في يدكَ.

4

متعبةٌ مثل يديك

كم أنت رحيمُ في قتلي!!
لون جثةٍ في كفيكَ.

5

ما من زهرةٍ، إلاّ وقطفتها من قامتي.

صحراءٌ أنا اليوم.

وكذا لم تُبقِ لحظةً في عينيّ 

نارين عمر

الشاعرة الكردية نارين عمر في كل كتابة لها سواء تلك المنشورة في الإنترنت أو في الصحافة الورقية، تجهز على أهم عنصر من عناصر البناء في تشكيل النص الشعري وهو التوارد التخيلي وكل ذلك من أجل أن تبسّط  في طرح أفكارها ومشاغلها النفسية. نارين لا تعرف كيف تبدأ وتنتهي بالشعر لهذا فتراها تترك الشعر يسيل دون ضوابط  فنية معرفية، ودون أن تسيطر على الشلالات الجارفة لعواطفها ”الشعرية“ التي تجرف العادي والمتداول والبسيط والهذر والجاهز إلى وديان المجانية والتلقائية المبسّطة التي لا قعر لها. كتابة نارين مغلفة بالمشاهد الإنسانية التي تفيض بأحاسيسها في شكلها القشوري ومغطى بفكر وفلسفة في شكلها الجواني وتلك مقتل إبداعها الشعري : 

..
تسللتُ إلى

مذكراتِ روحكَ

لأجدك…

لحناً أبديا يعزفُ
على أوتارِ روحي بعدما

تسللتْ إليه

همساتُ موسيقى قصيدتي

مشكلة نارين عمر أنها تنقل مشاعرها بأمانة ونجاة لا محدودين، حريصة أن تكتب أفكارها وأساها وأفراحها بصدق لا مثيل له، تخاف من القارئ أن يتهمها بالكاذبة والمخادعة، تخاف من ذاتها أن تسيطر على نصها فتغدو أسيرة نوازعها وهوسها وحرية متناثرة هنا وهناك في الطابق العلوي من مخيلتها، تخاف من أن تصيبها لوثة الشاعرة الثائرة والفوضوية وتكون في خبر كان من خضمها وذاتها: 


في وديان  شعوري

أبكي أشلائي المبعثرةِ

في ترهاتِ الغيب 
قابلتكَ…

سطعَ نجمُ قصيدتي

تناقلتها

مشاعر الشعراء 
شرقاً وغرباً.

المفرح لدى نارين إنها تستعمل مفرداتها وتديرها وفق منظومة لغوية متجددة بحيث تنقل هذه المفردات من حيز إلى حيز لتكون جاهزة ومحفّزة لاستعمالات أخرى جديدة و منشّطة، وهكذا تظهر اللغة بفخامتها وصنوها وتألقها:
 
 أبـكي
تتجمّعُ كلّ حبّاتِ النّدى
في مآقي الشــــــــــجرْ
تعلنُ تضامنها
تسكبُ قطراتٍ تفيضُ نهراً أو نبعاً
ترسمُ الأفئدةُ حلقاتها في شغافِ الألباب
كلها تحسّ بي حتى المنحوتة من حجرْ
المآقي…تعلنُ حدادها
النّفوسُ تصارعُ شغب الضّجر …..

أوركيش إبراهيم
  
تشبه كتابة أوركيش إبراهيم بذلك الطير الذي يبني أعشاشه في أعلى غصن من الشجرة، هذه الكتابة التي تتعرض دائماً للرياح الشمالية الباردة وغبار السنوات العجاف الذي يلفي بحياتنا الإبداعية، كتابة مهيأة  للنسيان السريع ومشنّعة  للتلف الدائم لأنها مقامة على أرض لدنة وجدران من القش أو البلاستيك لا فرق، وخواء يغلقه الكلام العادي والمفردة العادية والصور السريعة الراكضة المرتجعة والتكوين المرتجل الذي لا أس له ولا تربة متينة. 

كتابة أوركيش للشعر هي رد الاعتبار للاستئثار بالمجانية والتلقائية والاستسهالية، وهي مقبرة حقيقية لكل ما هو فاتن في حياتنا الشعرية.

وظللت في مرآتي

وميضا ونبضاً

وزهر الرمان في يديك يتكور

ونبضت بك سماء وأرضاً
حتى غفيا على شريط ذكريات الصور.

وعشقتك ألفاً وقبلتك ألفاً

وناجيتك بكل زهر الرمان

أن تعود لتحيي ياقوت أزهار الرمان. 

إلى جانب هذه الاستسهالية في كتابة نص شعري يتفوق حبٌ ما لكتابة الشعر قابل للعيش والحياة، وصنع ما هو بديع في حياتنا السريعة اللامبالية، ولعل أوركيش رغم تعاملها ”الحانق“ مع نصوصها وعدم مراجعتها أو حتى تنقيحها ”الفائضة“ بالأخطاء اللغوية، تظل هي الشاعرة الكردية الأوفر موهبة والوحيدة التي تنّوع في مواضيعها الشعرية ولديها أفكار وزوايا شعرية مخبوءة، لا تعرف كيف تبديها وبأية منظومة لغوية مناسبة، وهي الأكثر انبساطاً على إدراج معان جديدة ذات مضامين حسّية إنسانية تفوق أحياناً حواسنا التخيلية: 

وردة ذابلة 
من طعن خنجر الزمن الراحل

من خداع الأحبة 
من كذب الأصوليين

من جرح الزمن المبكي

من رياح الأشواق الرافضة

من أحاسيسي الماطرة

من أيامي الحزينة الفياضة

في قلب حبيبي الذي يحتضن كل هذا الويل

الطافي في صفحات أجلي
أيا زهر الرمان

الذي تدلى فوق الجبين

أياقوت أم عقيق يرصع التاج

أم أنه مرآة سعير العين.


ولو أدركت أوركيش إبراهيم أدواتها وحسنت من تعاملها مع اللغة، فإنها تستطيع أن تبني عمارة شعرية شاهقة، وهي قادرة فعلا أن تكون الأكثر تميزاً بين قريناتها في الشعر الكردي إلا أنها تقاسي سوء التجاوب في طرح تلك المواضيع المخبوءة وتتردد في أن تكون هي المبادرة لطرق ذلك الباب الذي حتماً لا يحتاج إلى كلمة السر أو ”افتح يا الشعر“. أبواب الشعر مفتوحة دائماً وعلى كل التجارب الجديدة. 
   
آسيا خليل
  
أعتبر الشاعرة الكردية آسيا خليل الوحيدة التي تستمتع بكتابتها للشعر، هناك ابتهاج عام بين جملها ومفرداتها وبين الفواصل والزوايا اللغوية، تقرأها فتحس بسعادتها تنضح هنا وهناك، تتسرب بين صدوع الكلمات وتصب في الصور الشعرية التي تتدفق بتثاقل ولامبالاة، ثمة حرية مخبوءة ومجبولة بالغبطة تمتلكها آسيا خليل دون أن تعرف، حرية بين أن تكون شاعرة طافحة بالاطمئنان وشاعرة تغرق في أناها وأنينها المتعاليين، لدى آسيا ما هو أكبر من الشعر وأكبر من حبها لكتابة الشعر، أقصد الإحساس بالحرية في قول الشعر والعيش فيه، الحرية في أن تزاول الشعر كما أنها تزاول رياضة المشي العادية اليومية: 

لاهبٌ صلصالُ سديمكَ

ولا جناحَ يَردّ عنكَ القيظَ

لا جناحَ عليك

لا ماء يكفي لتسردَ الأرضَ اليبابْ
لا غرابَ

يُصدِقُكَ البشرى

بعد طولِ النعيبِ
لا ظلّ لموتاكَ سواك

لا وردَ يكفي أضرحتكْ

ولا الغبارُ خفيفاً وَطِئ الرئاتِ التي انفلقتْ.

مديدٌ احتراقي
ولا جناحَ يردّ عنّي الضّيمَ
لا ظلّ لي سواك

إليّ…

لننفخْ على الغبارِ الراقدِ
لي وجهٌ في خيالِ الحجرِ
ليَ الأقراطُ سادرةً في البعدِ

والحليّ الذي طمرتْه الجدةُ

فتناهبتْه يدُ الخطيئةِ

لي سماءٌ أطلّ الرّبّ منها

وأودعني الوصايا
لي بين حنايا النهرينِ آيةٌ تتلى

لا الماءُ ردّ الطعنةَ عن خاصرتي
ولا الآلهةُ ردّتْ عليّ صكّ نشيدي.


تظل آسيا رغم انبهارها بكتابة سليم بركات الشعرية، من الأنماط الشعرية الكردية التي تصوغ الشعر وهي تتقلد قاموساً لغوياً ضخماً ومسلحة بثقافة شعرية مرتفعة تبديها في القصائد الطويلة التي تعول على التوضيح والتبيين في رسم كتابة الأشياء والعناصر الشعرية: 

مُفعمةً بالأسى أعيدُ اجتياحَ الأساطيرِ

لي ابتهالاتٌ جفّتْ على بابِ إنانا

وهوىً في أورْ
وخاتمٌ في يدِ السومريّ

لي في الأعالي زهرةٌ 

يصعدُ لها البابليّ أدراجَ الهيامْ

لي صولجانُ المادِ والكمنجاتُ التي

تتلوني كلّما افتتحَ الجلنارُ خابيةَ الحنينِ

لي رعشةُ التّيهِ في شفتيكَ

كلما شَهقَ كحلٌ في اللواحظِ

 نماذج من الشعر الكردي الأنثوي: 

عصفور ٌ ينقر قدمي
خلات أحمد

دعوتني للمدائح

ولمّا ا لسُكر عالقٌ بأهدابي

ولهفتي تخفق في بياض الفجر

كفاي الصغيرتان

تنقصان من حناء العيد

الأرجوحة تطير فارغة مني

وشجرة الرمان

ستحتفي بحباتها حتى التفتق
**********
صارخٌ هو الصمت

وعصفورٌ ينقر قدمي المستندة لحافة النافذة

وليس من نهب أنتشر فيه

ولا رهافةٍ أنهض منها

إذ يصل الفجر دائماً
خالياً منك ..

تعالَ
ديلان شوقي

نشقّ الدّكنة
ونبادل البعد بالقربِ
نذهب إلى صيد
حلم”مموزين”
لينكسر نوم ذلك الصّمت
تعالَ
كي لا تتساقط أزهارُ الرمّان
كي لا تتهاوى عروس الوردِ
تعالَ
قبل أنْ تزعل النّجوم
ونشيد السماء من حجر أحلامنا
**********
إنْ أتيتَ اللحظةَ
لجعلتُك شاهاً في قلعة” دمدم”
لدفعت عن نظراتك 
البواريد والحبائل
لصرنا غصني لبلاب أزرق وطريّ
مضفورين في بعضهما
قامتي نشوانة وسكرة
شفتاي داليةٍ عالية
شامخة
لو أنّك أتيتَ اللّحظة
لأصبحت موجةً من موجاتِ البحرِ
وأنت ريحه الوهمية .

أحدّثكَ عنها
جانا سيدا

ثانيةً عيناك تتلامعان
ولا يبترُ السّيف شاربَك
أحدّثكَ عنها
الأضواء كلّها في أحشائي
كمثل مصابيح بلدٍ متناعس
ضوءاً تلو ضوءٍ
تنطفئ .
**************
حينَ قبّلتَها
الرّيح كانت أجمل
وأنا صرتُ
خيمةً يتيمةً 
في العراء

في الليلة الأخيرة 
اخين ولات

في تلك الليالي الأخيرةِ
تئنّ جدّاً
تقهقه أكثر 
وتتجرّد من جميع الألوان
تنام قليلاً
ترى الجمّ من الأحلام
كلمات مبتلّة 
تجري من العيون
يبدو درب قافلة
والليل لا ينسلخ عن النّهار
لا أعرف كم من الورودِ
نبتتْ من دمي
وكم من النرجس ذبلت
فقط أعرف
أنّك لم تعد
وفراشات تمضي
من أملي حمراء.

جمر الفصول 
دلشا يوسف

صامتا 
يغلي قلبي في سكون 
مثل القهوة في الركوة 
أتكاثف أكثر فأكثر 
فوق جمر عشقك . 
في أي الفصول 
سوف تترجل من قطار مراميك 
و تكون ضيقا 
على عليائك.

في يدي أفق ماطرة
افين شكاكي 


لجرحي مداخل كثيرة …
تدخل إليها بشفافية دموعي
وتنتظرني على ضفاف جرح
يتوضأ من بوحي المتواصل 
لعينيك زمان أخر
حينما الغيوم تزرع في يدي أفقاً ماطرة
وترسم على جبهتي عشرة أقمار لا تغيب
هناك
على مشارف مدينتك
تتساقط أمطاري المبللة بحنين الحبق
نشوة أناشيدك
تقود قصائدي التي أسرجت على متنها حلمي
للولادة
ملايين من الشجر
تخضر على راحة حرف من قصائدي
لعينيك صوت الفلاسفة
حينما الفجر ينام على جفوني
وتستيقظ بين أصابع دمي
فراشات الحقول 
فراشة واحدة تكفي لأن تصنع ربيعاً
أمواجك تجرح سفوح كلماتي
فاترك لي رعشة القلم
كي تغمد ريحاً بخاصرتي
ويبوح ما تبقى منك

The post نماذج من الشعر الكردي الأنثوي: ملامسة الشعر من حوافه appeared first on مجلة رمان الثقافية.

]]>
الفنان والشاعر السوري دلدار فلمز: اللون واللغة وجهاً لوجه   https://rommanmag.com/archives/18998 Wed, 22 Nov 2017 13:33:40 +0000 https://romman.b5digital.dk/%d8%a7%d9%84%d9%81%d9%86%d8%a7%d9%86-%d9%88%d8%a7%d9%84%d8%b4%d8%a7%d8%b9%d8%b1-%d8%a7%d9%84%d8%b3%d9%88%d8%b1%d9%8a-%d8%af%d9%84%d8%af%d8%a7%d8%b1-%d9%81%d9%84%d9%85%d8%b2-%d8%a7%d9%84%d9%84%d9%88/  
هناك قصور معرفي وجمالي حول علاقة الشعر باللوحة، والتشكيل بالصورة واللون بالمفردة، فالقارئ والمشاهد يريان أن بإمكان الشاعر أن يرسم لوحة فنية طالما لديه تلك المخيلة المبدعة ويمتلك الأدوات التعبيرية المناسبة التي يمكن أن يبني بها اللوحة، وأن بإمكان الفنان التشكيلي المبدع الوصول إلى غايته التعبيرية عبر الكتابة الشعرية دون عوائق وحواجز، لكن في أعمال […]

The post الفنان والشاعر السوري دلدار فلمز: اللون واللغة وجهاً لوجه   appeared first on مجلة رمان الثقافية.

]]>
 
هناك قصور معرفي وجمالي حول علاقة الشعر باللوحة، والتشكيل بالصورة واللون بالمفردة، فالقارئ والمشاهد يريان أن بإمكان الشاعر أن يرسم لوحة فنية طالما لديه تلك المخيلة المبدعة ويمتلك الأدوات التعبيرية المناسبة التي يمكن أن يبني بها اللوحة، وأن بإمكان الفنان التشكيلي المبدع الوصول إلى غايته التعبيرية عبر الكتابة الشعرية دون عوائق وحواجز، لكن في أعمال الفنان والشاعر دلدار فلمز، حاولنا أن نجد تلك العلاقة الحميمية بين شعره ولوحاته وذلك عبر مشاهدة بصرية مكثفة والرؤية التشكيلية النقدية ومقاربة الجمالي مع التخييلي فوجدنا أن لا علاقة لنصوصه الشعرية التي نحن بصددها هنا بما في اللوحة من ”المساحات اللونية، الشكل وأفكار الشكل، المواضيع واختزالاته، شكل الشخصيات المفترضة، الألوان بكل غطرستها“، ولهذه المسميات بما في النص الشعري من ”اللغة و علاقاتها الجمالية، البناء الهرمي لقصيدة النثر، التواترات الصوتية و الصورية للكلمة، العلاقة بين السرد الشعري والسرد النثري والدهشة المفروضة وإيحاءاتها الدلالية والحسية“.

إن من ”يقرأ“ لوحة دلدار لن يجد دلدار الشاعر، بل يجد فناناً مبدعاً يقوم بدور معلم النجارة في جزّ الألوان وبعثرتها هنا وهناك، بعثرة تكاد تكون فوضوية في سطحها وفلسفية في عمقها، فاللون الأحمر مثلا نُشر بمنشار وليس بفرشاة وجُرد من احمراره، واللون الأخضر من اخضراره وحتى اللون الأبيض لم يسلم من منشاره فُجرد من بياضه، وكأن مهمة الفنان هي الدفع بكل ما يملك من الألوان في الزوايا والبقع ”اللالونية“ وخلق ثغرات بين الأجساد الوهمية التي تظهر فجأة في تلك البقع لتخلف ضوضاء وزحمة بين الألوان نفسها. تلك الشخصيات ليست لها شخصية وإن بدت للجميع أنها من روح و دم. شخصيات لا تتكلم إلا من جسدها ولا تتحرك إلا من تفاصيل الجسد المموهة إلى درجة التماهي والضياع. دلدار لا يحب عجقة الألوان والشخصيات والصور، ومع ذلك فهو يبعثرها ضمن مساحات هي أشبه بلون واحد هو الرمادي، فلو نظرت إلى اللوحة من بعد خمس أمتار لن ترى إلا اللون الرمادي، وإن اقتربت من اللوحة على مقربة سنتمترات فسترى جميع الألوان إلا اللون الرمادي وتلك هي خاصة الفن الحقيقي.

دلدار فنان ممتع بمواضيعه ”الخرافية“ التي لا تشبه أبداً شعره فهو رقيق وموجع إلى درجة اليأس وسيكون فتحاً جديداً لتجربته التشكيلية التي تتجه يوماً بعد آخر نحو التطور والتمايز، ولعلّ هذه التجربة ستكون فرصة مشجعة كي يتشخصن وهمُ الشاعر مع حقيقة الفنان و يصير له وجهاً واحداً، قصيدةً ولوناً، وما بين يدينا الآن كتابه التشكيلي الشعري «امرأة بمظلة وشاعر بقبعة» الصادر مؤخراً عن  ”الرائدية“ السعودية، وهو كتابه الشعري الثاني بعد أن أصدر ألبومه الشعري الأول «عاش باكراً»، 2009.

ما يهم هنا وما نحن بصدده هو تجربته الشعرية منذ انطلاقته والتناقضات المثيرة في البنية التركيبية بين الإصدارين والأفكار التي يطرحها عبر اللون والكلمة التي تجعلنا نعيد التفكير في النزاع الأبدي بين روحانية الشعر وعقلانية التشكيل وإن للشعر معنى واحد، يظل يجمع الألم الإنساني في صورة وتوقنا للحب في كلمة، كأن من مهمات الشعر وجوهره هي احتواء تناقضات الجمال وتكثيفها ضمن لحظات تشبه لحظة تحول الإنسان في تقلباته ورغباته: ”مسكون أنا بطيفك / كنت نبتة يابسة في صحراء أو حبة رمل / كم أنتظرتك بين حبات المطر الناعمة / بين نسمات الريح التي تهب عليّ / لكن كان ذلك واكتشفت كم كنت غافلاً / غافلاً لأني ما كنت أدري أنك تسكنين شمس الصحراء الطاهرة / وأن جميع النباتات ليست سوى أنفاسك / والقمر سوى مرآة ابتسامتك / ونجوم كلماتك المتناثرة في السماء“.

بحث نص «الريح الزرقاء» عن الحب في كل حالاته كموضوع، و هو ما افتتح به الكتاب وأغلقه موزعاً الأفكار واللوحات والصور البادية كالمرايا لنافذة واحدة تشرف على حياة بسيطة وممددة على طول وعرض القصيدة، فلمز لا يفصح كثيراً عن جوهر نصوصه ولا يعلن عن نيتها، لتبدو كأنها نصوص صامتة ساكتة، بعيدة عن المعرفة وثقلها، بل ما يشوه هذه النصوص هي المعرفة والأفكار العظيمة والعناوين الجدالية، نصوص قابعة في داخلها، تطارد معناها وتلحق بسياقاتها المدهشة الرتيبة، لا تسأل كثيراً، فالأجوبة متناثرة ومرمية، يتعثر بها القارئ أيما مكان: ”الورقة  البيضاء على الطاولة / المتروكة بعناية بجانب المزهرية / لا تخص أحداً / وكذلك لا تخصني / ولكن ربما تخص الرياح القادمة مع فستانها / أو الطيور الصادرة عن زغب بطنها أو ربما تخص بستان الورد في شعرها الاسود الطويل / حتى وجع واضح في عين الشمس“.

تشيد عوالمها الشعرية من البلاغة البسيطة جداً، البلاغة التي تعيد للصورة تشكيلها وبريقها ودهشتها، هذه البلاغة التي تبني على الذاكرة والتأمل ومناجاة الأنثى، ويقظة الأنا، والتي تصاحب القارئ في تجلياته وإرهاصاته وهواجسه، عوالم دلدار متنوعة ومحيرة، تفصيلية إلى أبعد احتمال ومتناثرة ألى درجة الفوضى الذهنية، حينما يتعلق الأمر في فضح المعنى على آخره، وفضح المفردة وتشخيصها دون مراعاة التغييرات التي يمكن أن تحال إليها، باعتبار أن اللغة هنا على قدر بساطتها فهي رهينة الدلالات، لا تستطيع الفكاك منها و التخلص من عبوديتها: “وفي وردة الصيف الطويل / كنت شاهدة قبر روحي / نسيت أم تناسيت / ما طاف مني من اللذة والحنان / 
لا بأس يا اخضراري / هل نسيت أيضاً / ما وضعته أناملي / من تواصل فوق زغب نهديكِ / وكل قبلة من شفتيكِ / كانت أسراباً من حجل / تحط على كهوف صدري / أراهن بأعشاب البياض / التي سقطت من مناقير / الطيور على جسدينا / أنك ما زلت وحيدة مثلي / تذوبين كأوراق سرخس
في فلتات الأوزون“

يؤسس صاحب «امرأة بمظلة رجل بقبعة» مخيلة متجانسة، عناصرها الحكاية والسرد الشعريين، مخيلة دلالية معجمية يأخذ بالقارئ إلى فضاءات تتوهج على متواليات القول الشعري وتنطفئ في اللحظة ذاتها عندما يضل الشاعر فانوسه  يرتطم في العمق ويمكث فيه، وهي حتماً مخيلة مجبولة من قلب التجربة الإنسانية المعاشة، والتفاصيل الحميمية التي ينتمي إليها الشاعر كمعادل رمزي لمفردات أخرى وسلوكيات شعرية تريد ترميم صدع اللغة وإعادة الحياة إلى نصابها.
 

The post الفنان والشاعر السوري دلدار فلمز: اللون واللغة وجهاً لوجه   appeared first on مجلة رمان الثقافية.

]]>
«موت كما لو كان خردة» لوداد نبي: الموت عن بُعد  https://rommanmag.com/archives/18943 Thu, 12 Oct 2017 12:49:29 +0000 https://romman.b5digital.dk/%d9%85%d9%88%d8%aa-%d9%83%d9%85%d8%a7-%d9%84%d9%88-%d9%83%d8%a7%d9%86-%d8%ae%d8%b1%d8%af%d8%a9-%d9%84%d9%88%d8%af%d8%a7%d8%af-%d9%86%d8%a8%d9%8a-%d8%a7%d9%84%d9%85%d9%88%d8%aa-%d8%b9/ لا تخضع كتابة وداد نبي عفرين، 1985، «الموت كما لو كان خردة» لضغط جمالي، لأنها بكل وضوح تعتمد على معنى واحد، بل الكلمة عندها لا تحتمل على تأويل وتحوير وتدوير، الكلمة التي لا اشتقاق لها ولا التباس لغوي وقاموسي، الكلمة التي بلا تشكيل ولا تلميح بصري، هي الكتابة التي تجرحنا بشفافيتها وراحتها وهدوئها رغم صخب […]

The post «موت كما لو كان خردة» لوداد نبي: الموت عن بُعد  appeared first on مجلة رمان الثقافية.

]]>
لا تخضع كتابة وداد نبي عفرين، 1985، «الموت كما لو كان خردة» لضغط جمالي، لأنها بكل وضوح تعتمد على معنى واحد، بل الكلمة عندها لا تحتمل على تأويل وتحوير وتدوير، الكلمة التي لا اشتقاق لها ولا التباس لغوي وقاموسي، الكلمة التي بلا تشكيل ولا تلميح بصري، هي الكتابة التي تجرحنا بشفافيتها وراحتها وهدوئها رغم صخب القتل والموت والدمار المحيطة بكل جملة ومفردة.

وداد لا تنحت في اللغة مثل الكثير من شعراء جيلها، بل هي تحفر في اللغة و تعمق فيها إلى درجة تغمي القارئ وتعميه، هي تخلق مساحات في العمق من مشاعرنا، تمسك بيدنا وتدلنا على جرحنا، تأشّر نحو السرطان الذي يفتت مخيلتنا ونحن لا نحرك شعراً. لدى وداد الكثير من المآسي القادرة على أن تفجعنا بها في كل سطر وفي كل نقطة وفاصلة، هي كلها معان غير واقعة تحت مجاز بلاغي وامتحان إيقاعي ملتبس، بل لا تقبل شروحات لفظية متقطعة ومتسارعة، تبدو كأنها امتزاج شفيف بين الدال والمدلول وبين الرؤيا والرؤية، ليأتي النص موصولاً أو متصلاً بداخله، وببنيته التركيبة الواحدة، و المقاطع الوهمية التي اجتزأت النصوص بكاملها لترسم حدوداً وفواصل تكمل نصوصها السابقة، «ظهيرة حب.. ظهيرة حرب»، 2013، فاللغة مازلت متقدة ومشعة وأيضاً محفّزة كما كانت في نصها «سأحبك أكثر بعد أن تنتهي الحرب»، والايحاء والصمت والهوامش والرتوش واللواحق اللغوية هي نفسها كما في «أزهار برية».

كأن وداد تحاول أن تأسس أو تعيد كتابة قصيدة طويلة جداً عبر ثلاث مجموعات، تريد من جديد إشعال السؤال القديم الجديد وهو متى يفترق الحب عن الحرب وينفصل الموت عن رئتنا؟ سؤال تظل تسأله الشعرية السورية قبل وبعد الثورات العربية الفاشلة التي أحدثت شروخاً جيو-شعرية في البنية الدلالية والشكلية للقصيدة العربية بشكل عام والقصيدة النثرية بشكل خاص، والمتابع القريب من المشهد النقدي سيلحظ حقيقة واضحة للخلخلة التي أعادت صناعة الخيبات والهزائم من جديد عبر توافد مدارس وأنماط تعبيرية صبغت النص الشعري ببياض من نوع آخر وما عادت قصيدة «البياض» تضفي البياض على روح القهر والهزيمة التي عشعشت في خلايانا:
 
“لم أحلم بحياة طويلة/ يكفيني تسعة وعشرون عاماً/ بصحبة قلبي المتسخ كسجادة ممدودة امام باب جامع ضخم/ قلبي المتسخ/ الذي سيتحول إلى تراب ستمشي عليه بقدميك/ في يوم ماطر/ وستستنشق رائحتي ممتزجة بالتراب/ وتقول: أهٍ طويلة كنهر أمازون/ فيما الهواء الذي يعبر رئتي يتجول كعازف ساكسفون في رئات الرجال الغرباء”

نص «الموت كما لو كان خردة» يحكمه السرد الحكائي حيناً والنثر الشعري في أحيانٍ أكثر، السرد والوقائع والتشكيلات البصرية، أزمنة مبعثرة بأمكنة تائهة، تظهرها الشاعرة على شكل لوحات تأملية: ”حلب“ المدينة الجغرافية وحلب المكان الشعري بزمنيته وحكاياته، “الذاكرة والذكريات“ وأسرارها، ”الحياة والصخب والشغف“، هو إذاً نص حكائي حاشد بالتفاصيل التي تنفجر في القارئ وترميه خارج النص، في إطار اللوحة وحاشتيتها، ما بعد خلفية الصورة:
 
”حلب.. رئةٌ ثالثة تتسكعُ/ بشوارعها الخراب/ بأزقتها المفروشةِ بالأنقاضِ/ وفوارغِ الرصاص والأحلام/ جسارةُ آلهة/ تتجولُ كمغنٍ بلا صوت/ حول أحيائها المزكومةِ/ برائحة TNT/ ونفايات الخردة القاتلة“ 

إلى جانب آخر ملاصق بالنصوص الطويلة تستمر الشفافية والرقة والطهارة اللفظية في أبهى تخيل لها، طهارة المفردة الواحدة وطهارة المفردة ذات المعنى المتوالد، طهارة الأشياء، طهارة الأسئلة، أسئلة الموت وما يناقضه، الموت وتقلباته وشهواته، الأمكنة التي تتشكل بشغف لا حد له، وبرقة جريحة تشعر كأنها فضاء في كتاب:

”لا تعانق جلنارا هشا/ وصبية بعينين بنيتين/ قاتل هو القلب/ قرن غزال يجرح عشب الطريق/ والجلنار مقصلة الشعر/ لذائبات الحنين/ يا حب/ الصبية ذات الشعر الطويل/ ضمها لغدك/ استحوذها شمسا ترقص/ كخنجر فضة على مياه الغريب/ وخذ رائحتها تميمة/ لغد البلاد بأنقاض الحروب/  وليكن اسمها/ نقشاً صوفياً معلقاً/ بلا مبالاة الحنين.“

تقول وداد عن كتابها الشعري في مكان ما: «الموت كما لو كان خُردة» ”يلخص فكرة الموت عندما يصبح خردةً، وذلك عندما تتحوّل صور الحياة من حولنا فتنمو أزهار الصبار في أحواض المدن المهجورة. وتسقط “طرود البؤس على رأس هذا العالم”، وينمو “العشب في قفل الباب“
 

The post «موت كما لو كان خردة» لوداد نبي: الموت عن بُعد  appeared first on مجلة رمان الثقافية.

]]>
هالة محمد… البساطة الهادئة في سردها https://rommanmag.com/archives/18857 Fri, 18 Aug 2017 06:55:08 +0000 https://romman.b5digital.dk/%d9%87%d8%a7%d9%84%d8%a9-%d9%85%d8%ad%d9%85%d8%af-%d8%a7%d9%84%d8%a8%d8%b3%d8%a7%d8%b7%d8%a9-%d8%a7%d9%84%d9%87%d8%a7%d8%af%d8%a6%d8%a9-%d9%81%d9%8a-%d8%b3%d8%b1%d8%af%d9%87%d8%a7/ الوصف في قصيدة النثر هو بلاغة يتأسس على إبقاء المعنى طاهراً، المعنى الذي يظل ناعماً بكراً في أحلى هذره وحيله، ما هو المخفي وسارح في ضبابه لهو هسهسة المكان والجهات والأفق. كل شيء في كتابة هالة محمد هو استعارة من الألوان والأصوات والحركات في نشأتها الأولى، إلى طينتها الراكضة، حتى ظلال الكلمات وضلالها تتحول إلى […]

The post هالة محمد… البساطة الهادئة في سردها appeared first on مجلة رمان الثقافية.

]]>
الوصف في قصيدة النثر هو بلاغة يتأسس على إبقاء المعنى طاهراً، المعنى الذي يظل ناعماً بكراً في أحلى هذره وحيله، ما هو المخفي وسارح في ضبابه لهو هسهسة المكان والجهات والأفق. كل شيء في كتابة هالة محمد هو استعارة من الألوان والأصوات والحركات في نشأتها الأولى، إلى طينتها الراكضة، حتى ظلال الكلمات وضلالها تتحول إلى كثافة لغوية مختمرة، تشرع على قيامة البداهات والبساطة “الملغزة”، كل شيء يتحول شعراً أو مشهدًا شعرياً لكائنات متحركة (الأشياء الغامضة الواضحة، جماليات الكلام العادي المشاع والمستتر، ظواهر الجمادات وما تتبعها من نوافل وهوامش تمس الحياة والموت، شخوص يحكون بلسان الشاعرة ويجلسون في النص كمتفرجين عميان، نزوع متفق عليه لسرد السيرة المدهشة لحياة امرأة مدهشة)، إذاً كائنات تعتصر في النص كدلالات حسّية رقيقة ككف طفل يبعد الغمام عن سطح المرآة:

كم أنا طرية
سعيدة 
طفلة ..
في هذه العتمة.

هذه الشاعرة وفي كل كتابة لها تقلّب خيال القارئ وتولّد فيه الرغبة في أن يبقى أكثر في النص، مشرفاً أو شريكاً لا فرق طالما أن اللغة تعصف الجميع بمفردات مشاعة مشتركة، ومعان مفتوحة ومتاحة للكل، نص هالة مساحة فسيحة لأشكال الحياة واليأس معاً، للوجود الحي والفناء الخالد:

الابتسامة
التي لم تعرف طريقها إلى فمي أيام السعادة
كريح صامتة
كشاهدة على قبر
تشق وجهي
في أحزاني.

تكتب هذه الشاعرة بامتنان لا مثيل له دون أقنعة أو مزالق تجرفها إلى تدوين خيباتها وجسارتها، كتلة أحاسيس لا تستريح أو تكل من إشهار اشتعالاتها وجموح خيالها الذي طالما عذّب القارئ وانتهك مواثيقه ونكص بمهادنته. كتابتها تصلح لإبرام صفقات مع الحواس، حواسها الشعرية المستنفرة كعاصفة قابعة في أعماق المحيط، هدنة خفية مع الخوف الذي يبقى ولا يزول، مع الألم والبرد واللغة وأشياء أخرى تشبه فناء الكون.

هذا الخوفُ 
الماضي …
صارَ منَ الماضي. 
مجرّدَ ماض ٍ
بعيد ٍفي نفسي 
كأنين ٍ خافت ٍ في مأتم ٍ 
في بيتٍ
مجاورْ.
رَطب ٍ 
كجسدٍ 
في مقبرة ْ.
قريب ٍ من جلدي
كالَنفَسْ.

في شعرية هالة محمد الخفّة، الغواية المغلوبة على أمرها، الخيال الدائخ الذي يتبعه رائحة ما تتفكك وتتشظى وتصير غيمة على أرض مصنوعة من الفولاذ والإسمنت، شعرية هائجة تقوم على لغة مدرّبة عاصفة، بمخيلة تتبعثر أو تنقطع كحبات المطر، وسرعان ما ترعد وتبرق في لحظات ولا تهدأ. هي شهوات مختنقة مشتعلة تقبض على القلب وتمتحنه كفرخ طائر يتعلم الطيران في يوم ممطر، هي كتابة إصغاء إلى العمق الإنساني “الغريق” في وحدته وهدأته في المقام الأخير، أو ربما إصغاء مسروق إلى عزيف الكلمات التي لا يمكن ترويضها، وربما إلى عظام اللغة وهي تتكسر تحت عجلات البلاغة “الرقيقة” الطرية وتذوب في أرتعاشة اللقطة “البصرية” الجامحة، شعرية هالة محمد لغة مستعادة لفكرة مفقودة أو هي مختبئة في اليد وعلى مرمى بصر الجميع، نصوص حكائية بلا ثمرة أو تدوين، ترجمة صلبة لمذاهب القول الشعري و”المرارات” المتخيلة أو الأصح هي فضائل الوقت والحلم المنهوب، أو المنهوك لا فرق. يبقى الشعر ثمرة الجميع، وهالة شجرتنا المصنوعة من فلزات اللون.
 

The post هالة محمد… البساطة الهادئة في سردها appeared first on مجلة رمان الثقافية.

]]>
عطالة الشعر الكردي https://rommanmag.com/archives/18821 Wed, 26 Jul 2017 09:50:55 +0000 https://romman.b5digital.dk/%d8%b9%d8%b7%d8%a7%d9%84%d8%a9-%d8%a7%d9%84%d8%b4%d8%b9%d8%b1-%d8%a7%d9%84%d9%83%d8%b1%d8%af%d9%8a/ رؤية في الشعرية الكردية

The post عطالة الشعر الكردي appeared first on مجلة رمان الثقافية.

]]>
نمت الشعرية الكردية في أرض قاحلة، لا أرض تثمر ولا سماء تعطي، شعرية ولدت من الصخر وكبرت دون أن تكون لها أخوة أو أصدقاء أو أقارب، لم تعرف طعم الكلمات واللغة والبلاغة كما ذاقتها الشعريات المجايلة لها كالعربية والفارسية والتركية، ظلت حبيسة تراث مغبّر، محيّر، مضطهد هنا ومقتلع هناك، كل الثقافات التي قاربت الثقافة الكردية لم تحاول أن تصافحها يوماً أو تشاطرها كمبادلة معرفية أو كتجربة دخيلة لاحول لها ولا شأن، شعرية دون إرث يفتخر به إلا بعض أشعار وصلت مبتورة وحكايات تلوّنت شفاهياً بألوان رواتها وإن نقصت عدد صفحاتها أو زادت بعد التدوين المّر، فأصبحت كتابة مشّوهة مغطسة بمزاجية أو جهل مدونيها، لم يرحم المدونون هذه الثقافة أو تلك الشعرية بل أحرقوا بعض النصوص التي قالوا أنّها نصوص محرمة تؤذي حياء الدين وتزهق سمعة الله، ما وصلَنا لا يُحتفى به، حتى تلك النصوص الصوفية لملا جزري وسيدا فقه تيران وأخيراً أنشودات جكرخوين في الثمانينات، كتابات في الشعر الكلاسيكي الصعب، مجموعة تحت الحداثة الأولى التي ما حاولت تطوير إراداتها وأدواتها الفنية، فظلت نصوصاً متحجرة لا تقوى على الترجمة أو التدوين الإلكتروني لكي تصبح متداولة الأيدي لأجيال قادمة.

شعراء آخرون خرجوا من النسق الكلاسيكي لكن بروح الكلاسيكيين أنفسهم، تشبّعوا من هوائهم وتغذوا من بلاغتهم، فلم يعرفوا قصيدة النثر أو القصيدة الحديثة، ولا أظن أنهم سيولدون من جديد، لكن مع ذلك بقيت هذه الشعرية تناوب على تجديد نفسها خاصة في شمال العراق أو كردستان العراق، إذ ثمة ما يفرح هناك، أسماء وأسماء تعلن حضورها، وأسماء تغيب وتختفي تحت أسماء أخرى، ميدان كبير للشعراء الشباب الذين يفتشون عن صبغتهم هم، يقفزون هنا ويقعون هناك، ربما أيضاً الفضاء الإلكتروني والصحف وحرية النشر والصحافة الورقية الخاصة جعلتهم ينتبهون إلى أن يتغيروا، أن يغيروا جلودهم لحين عودتهم فيما بعد إلى نص التفعيلة العربية وأوزان الخليل، المسابقات الأدبية والفوز بها أو حتى المشاركة في المهرجانات الدولية ليس دليل العافية أو صحوة شعرية معينة بحد ذاتها، إنما الركض المستمر، وشروط الكتابة المفتوحة والمتاحة هي أسباب ونتائج لشعرية تريد أن تنهض وتستفيق وفي أوروبا (الشتات) بالتحديد، نصوص بالجملة إلى اللغات الحية، مجلات تختمر على نار المختبرات الأوربية، تكون مساطر جديدة لشعرية قادمة، إنما هيهات مادام العقل الكردي المكتوب ليس ألا لوحات قاذفة في بهوات الكتابة الحديثة.

هناك أسماء كبار الشعراء الأكراد والمعروفين فيجلس اسم جكرخوين على قائمة الشعر الكلاسيكي، يليه أسماء كثيرة نسجت على منوال جكرخوين باختلاف طرقهم وحيلهم الفنية، لكن المواضيع نفسها، هو حلم كردستان، حلم بناء دولة تقبع على مفترق سورية والعراق وتركيا وإيران. المربع المرعب بالنسبة لأحلام الكرد. يليه شعراء آخرون بأسلحة بيضاء لا تقاوم لذة الكشف عن اتجاهات جديدة أو منابع أخرى خفية تظهر بين تجارب شعرية شابة مغامرة وخجولة وراكضة.. عبدا لله بيشو في العراق وتركيا وشيركو بيكس كذلك وفيما بعد عبدا لله كوران، وجيل تأخر كثيراً لإرواء ظمأ رمى الآخرون أحجارهم فيه.. شعراء الألفية الثانية المبتورين الذين يرقبون الجديد بعيون نصف غامضة .

هذا نموذج من قصيدة للشاعرة الكردية باران ميلان (ترجمة حميد كشكولي)
 

أنا قحبة

شرف بعلي يُحتضَر بين فخذيّ.

أتحول يومياً أكثر عهراً مما كنت اليوم الذي سبق.

كل يوم تموت فيّ أنوثة ما.

يتم طعن امرأة من ذريّتي بخنجر الشرف.

فاقتلوني بدلاً عن نساء العالم!

اقتلوني!

لقد ضاجعت كل ما هو موجود في هذه الدنيا.

منذ سنين أضاجع هموم الخبز.

أضاجع الغربة،

بندقيتَك، خندقَك، تشردَك،

أضاجع جراحك،

أوساخَ ثيابك،

والمطبخَ.

أضاجع القلم،

أحلاماً أكتبها ومجموعتي الشعرية،

بعيدة عن أنظارك.

أضاجعك أنت الذي لا أحبّه.

فلن تجد أبداً عاهرة أكثر عهراً منّي!

أضاجع ورد الياس، وأريج البستان،

والوحدةَ، والمكنسةَ، والموقد، والسماورَ، واستكانَ الشاي.

فضع توقيعك!

تكرّم، وقّع هنا!

عفوا! وقّع هناك!

25 نوفمبر،

اليوم الأكثر هزلاً من أي يوم آخر.

فوقّع باسم شيخ الطريقة!

باسم النبي!!

لقد رجمني الدين

وخزنتني المقدسات في كيسها،

ولكنهم يقتلونني رغم ذلك قبل فوات الأوان.

ثمة خنجر مصوب دوماً على عنقي… ومطرقة تهوي يومياً على أم رأسي.

يقتلني الشرف كل يوم.

يجلدني الناموس يومياً.

فأنا أكبر عاهرة اليوم.

فلم يبق لك من كرامتك شيء ، لطول بقائي في السرير لوحدي.

لكثرة مضاجعاتي لهاجس حب انتزعتُه منك،

فلم تعد شريفاً حتى لو قتلتني كل يوم.

ولكثرة ما أحمل أحمالاً على الحدود فلم يعد حضني ينفرد لك.

لكثرة تحجبي وتدثري، لم أعد أرى الجمال حتى في الحلم.

أنا أصبح أكثر عهراً في كل يوم.

أنا قحبة كل يوم.

لقد ضاجعت هموم الرضيع، وقنينة حليبه ،

ضاجعت أخمص بندقيتك.

مستقبلنا الأسود،

وغربتنا.

ضاجعت محفظة تلميذي الخالية،

ضاجعت الآلام، والجراح،

والآهات،

ضاجعت الحلم بالأفراح والمسرات.

فاقتلني!

فلا ثمة أعهر منّي،

لن تجد عاهرة أكثر عهراً من الكردية.

انظر إلى عيوني المنهكة!

شاهد نظراتي!

لتكشف بنفسك مدى هزال شرفك الزائف،

فإنني ضجرة من شرفك المستعار،

ضجرة،

ضجرة،

The post عطالة الشعر الكردي appeared first on مجلة رمان الثقافية.

]]>