أحمد أبو الخير - مجلة رمان الثقافية https://rommanmag.com/archives/author/128rommanmag-com مجلة ثقافية فلسطينية مستقلة Sat, 02 Nov 2024 08:41:04 +0000 ar hourly 1 https://wordpress.org/?v=6.6.2 https://rommanmag.com/wp-content/uploads/2024/10/cropped-romman_logo-pink-32x32.png أحمد أبو الخير - مجلة رمان الثقافية https://rommanmag.com/archives/author/128rommanmag-com 32 32 المقابلة: فيليب روث لا يزال لديه الكثير ليقوله (ترجمة) https://rommanmag.com/archives/19287 Thu, 24 May 2018 07:16:47 +0000 https://romman.b5digital.dk/%d8%a7%d9%84%d9%85%d9%82%d8%a7%d8%a8%d9%84%d8%a9-%d9%81%d9%8a%d9%84%d9%8a%d8%a8-%d8%b1%d9%88%d8%ab-%d9%84%d8%a7-%d9%8a%d8%b2%d8%a7%d9%84-%d9%84%d8%af%d9%8a%d9%87-%d8%a7%d9%84%d9%83%d8%ab%d9%8a%d8%b1/ المقابلة الأخيرة مع الروائي الأميركي الذي رحل قبل يومين، في 22 من هذا الشهر. نُشرت في نيويورك تايمز في 16 يناير 2018. أجراها: تشارلز ماكغراث مع وفاة ريتشارد ويلبور في أكتوبر، أصبح فيليب روث أكثر الأعضاء المعمرين خدمة في قسم الأدب للأكاديمية الأمريكية للفنون والآداب، حيث إن قاعة المشاهير الجليلة في أودوبون تراس الواقعة في شمال مانهاتن، هي بالنسبة […]

The post المقابلة: فيليب روث لا يزال لديه الكثير ليقوله (ترجمة) appeared first on مجلة رمان الثقافية.

]]>

المقابلة الأخيرة مع الروائي الأميركي الذي رحل قبل يومين، في 22 من هذا الشهر. نُشرت في نيويورك تايمز في 16 يناير 2018. أجراها: تشارلز ماكغراث

مع وفاة ريتشارد ويلبور في أكتوبر، أصبح فيليب روث أكثر الأعضاء المعمرين خدمة في قسم الأدب للأكاديمية الأمريكية للفنون والآداب، حيث إن قاعة المشاهير الجليلة في أودوبون تراس الواقعة في شمال مانهاتن، هي بالنسبة للفنون مثل كوبرستاون بالنسبة للبيسبول. لقد كان عضوًا معمرًا يُمكنه أن يسترجع الأوقات عندما ضمت الأكاديمية الآن الشخصيات المنسية تمامًا مثل مالكوم كولي وجلينواي ويسكوت – وهما شخصيتان لامعتان بشعر أبيض من عصر آخر. مؤخرًا أنضم روث مع ويليام فوكنر، وهنري جميس وجاك لندن كواحد من الأمريكيين المعدودين جدًا الذين تضمنتهم طبعات ”بلياد“ الفرنسية (قدوة لمكتبتنا الأمريكية)، وأيضًا إلى الناشر الإيطالي موندادوري  حيث أُخرِجت أعماله في سلسلة من سلاسل ”ميريدياني“ للمؤلفين الكلاسيكيين.

يبدو أن كل هذه السمعة المتأخرة في الحياة – والتي تتضمن جائزة الأمير الأسباني أستورياس عام 2012 و تعيينه كقائد لوِسام جوقة الشرف الفرنسي عام 2013 – عملت على إرضائه وتسليته. قال لي في الشهر الماضي “فقط ألقِ نظرة على هذا”، وهو يحمل مجلد موندادوري المزخرف، حيث يقرب في سُمكه من الكتاب المقدس، ويشمل عناوين مثل “شكوى بورتنوي” و “زوكرمان المنشق” . [قال لي] “من يقرأ مثل هذه الكُتب؟.”

عام 2012، عندما اقترب من عامه الثمانين، صرح روث علانية بأنّه تقاعد عن الكِتابة. (في الحقيقة لقد توقف قبل ذلك الوقت بعامين) وفي السنوات التالية ومنذ ذلك الحين، أمضى بعض الوقت يضبط الأمور في نصابها السليم. فعلى سبيل المثال، كتب رسالة طويلة وحماسية إلى ويكيبديا، مُتحديًا هذه الموسوعة الإلكترونية السخيفة، خاضعًا لنزاع معهم في أنّه لم يكن شاهدًا موثوقًا فيه على حياته الخاصة. (في النهاية، تراجعت ويكيبديا وأعادت ترتيب التدوين عن حياة روث بشكل كامل)، روث كذلك على اتصال منتظم مع بليك بيلي، والذي عينه ككاتب رسمي لسيرته الذاتية، حيث جمع بيلي بالفعل 1900 صفحة من الملاحظات لكِتاب يتوقع أن يصل إلى نصف هذا الحجم.

ومؤخرًا، أشرف روث على نشر “لماذا أكتب؟” وهو المجلد العاشر والأخير في طبعة مكتبة أمريكا لأعماله. المجلد عبارة عن نوع من التجميع النهائي، وتشذيب التراث، فإنّه يحتوي على مجموعة مختارة من المقالات الأدبية المكتوبة في الستينات والسبعينات؛ النص الكامل لـ”دكان الحديث”، مجموعة من حواراته ومقابلاته التي أجراها في عام 2001 مع كُتاب آخرين، العديد منهم من الأوروبيين؛ وقسم من المقالات والعناوين الوداعية، حيث يُنشر العديد منها هنا (أي في المجلد) لأول مرة. ليست مصادفة، أن ينتهي الكِتاب  بعبارة من ثلاث كلمات “ها أنا هنا” – وهذا ما هو موجود بين صفحتَي الغلاف.

ولكن الآن، وفي الغالب يبدأ روث حياة  تقاعدية هادئة في الجانب الغربي الشمالي لمنهاتن. (منزله في كونيتيكت حيث  أعتاد أن يعزل نفسه لنوبات طويلة من الكِتابة، الآن يستخدمه فقط في الصيف) يرى أصدقاءه، يذهب إلى الحفلات الموسيقية، يتحقق من بريده الإلكتروني، يشاهد الأفلام القديمة لـ فيلم سترك. ومنذ فترة ليست ببعيدة كان عنده زيارة من ديفيد سايمون، مبتكر مسلسل “ذا وير”، حيث يصنع مسلسلاً صغيراً من ستة أجزاء مأخوذ من رواية “مؤامرة ضد أمريكا”، وفيما بعد قال روث بأنّ روايته في أيدي أمينة. صحة روث جيدة، على الرغم من أنّه حظي بجراحات متعددة بسبب مشاكله المتكررة في الظهر، ويبدو أنّه مُبتهج ومرح. روث شخص وقور، ولكنّه لا يزال مضحكًا جدًا، عندما يُريد أن يكون كذلك.

أجريت مقابلات مع روث في عِدة مناسبات على مر السنين، وفي الشهر الماضي سألته إذا كان في استطاعنا أن نتحدث مجددًا.  فأنا مثل الكثير من قُرائه، تساءلت عمّا يفعله  مؤلف “السذاجة الأمريكية“ و” تزوجت شيوعيًا” و” المؤامرة ضد أمريكا” في هذه الفترة العجيبة التي نعيشها هذه الأيام. وكنت أشعر بالفضول حول الطريقة التي يقضي فيها وقته. هل في السودوكو؟ أم يشاهد التلفاز في النهار؟ وافق على أن يُجرى الحوار معه ولكن فقط إذا كان من الممكن إجراءه عبر البريد الإلكتروني. قال، أنّه يحتاج إلى أخذ بعض الوقت، ليفكر فيم يُريد أن يقول.

في غضون أشهر قليلة ستصل إلى سن الخامسة والثمانين. هل تشعر بأنَك صرت شيخًا؟ كيف يبدو كِبر السن؟

نعم، في خلال عِدة شهور سأنتقل إلى منطقة أعمق في كبر السن مُتحركًا تدريجيًا وبشكل أكثر عمقًا كل يوم نحو وادي الظلام الرهيب. الآن، من المثير للدهشة أن أجد نفسي في نهاية كُل يوم، أني ما زلت هنا. أدخل إلى السرير في الليل، أبتسم وأفكر “عشت يوماً آخر”. وبعدها أندهش مُجددًا لأنني استيقظت بعد ثماني ساعات ورأيت أن هذا صباح اليوم التالي وهذا يعني أنني مستمر في الوجود هنا.

“نجوت ليلة أخرى” وهذا ما يسبب لي الابتسام مرة أخرى. أخلد للنوم مُبتسمًا، وأصحو مبتسمًا. وأنا ممتن للغاية لأنني لا أزال على قيد الحياة. علاوة على ذلك، عندما يحدث ذلك، كما حدث، أسبوع وراء أسبوع وشهر يتبعه شهر، منذ اليوم الذي بدأت فيه استخلاص رسوم الضمان الاجتماعي، أصبح ذلك ينتج الوهم بأنّ هذا الشيء لن يصل أبدًا إلى نهاية، على الرغم بالطبع، من معرفتي بأنّه من الممكن أن يتوقف كل ذلك في لحظة . أمر يشبه أن تلعب لعبة، يوماً بعد يوم، وهي لعبة محفوفة بالمخاطر وحتى الآن، حتى في ظل الصعاب، أنا فقط مستمر في الفوز.  سنرى إلى أي مدى يمكن لحَظِي الصمود.

والآن بعدما تقاعدت كروائي، هل تفتقد الكِتابة، أو هل تُفكر حول التراجع عن التقاعد؟

لا أفكر في هذا. وذلك بسبب أن الظروف التي دفعتني منذ سبع سنوات للتوقف عن كِتابة الرواية، لم تتغير. وكما قُلت في “لماذا أكتب؟” حيث بحلول عام 2010، كان عندي شك قوي بأنني كتبت العمل الأفضل وأي شيء تلاه سيكون وضيعًا وقليل القيمة. في ذلك الوقت لم يعد في جُعبتي الحيوية العقلية أو الطاقة اللفظية أو اللياقة البدينة المحتاجة لأزيد وأتحمل الهجوم الطاغي من أي مبدع كبير في أي مدة على هذا البناء المعقد كما هو مطلوب في الرواية.. كل موهبة لديها شروطها، طبيعتها، هدفها، قوتها؛ وبالطبع فترتها، فترة ولايتها، التي يمكن أن تمتد مدى الحياة… لا يُمكن لأي فرد أن يكون خصبًا في إنتاجه مدى الحياة.

بالعودة للوراء، كيف تسترجع أكثر من خمسين سنة  قضيتها ككاتب؟

أتذكرها بابتهاج وامتعاض. بخيبة وحرية. بإلهام وعدم يقين وشك. بالغزارة والخواء. بالقوة المتوهجة والتخبط، بالمخزون اليومي من الازدواج القلق الذي تتحمله أية موهبة، وأيضًا الشعور بعزلة هائلة. والصمت: خمسون سنة في غرفة ساكنة كما هو الحال في قاع بِركة، وعندما يسير كل شيء على ما يُرام، أنتج بصبر ومشقة الحد الأدنى من النثر الصالح للاستخدام.

في”لماذا أكتب؟” أعدت طباعة مقالتك الشهيرة “كتابة الرواية الأمريكية” والتي تُناقش فيها أن الواقع الأمريكي مجنون جدًا لدرجة أنّه غالبًا ما يتجاوز خيال الكاتب. كان ذلك في 1960 عندما صرّحت به. ولكن ماذا عن الآن؟ هل سبق أن توقعت أن أمريكا ستكون مثلما هي أمريكا التي نعيشها اليوم؟

لا أعرف أحداً توقع أن تكون أمريكا مثلما نعيشها هذه الأيام. لا أحد (ربما باستثناء صاحب النظر الثاقب هنري لويس منكن، الذي وصف بشكل شهير الديمقراطية الأمريكية كما لو أنّها “عبادة الحمير للثعالب”) لذا فلا أحد كان يمكنه أن يتخيل نكبات القرن الواحد والعشرين أن تُلِم بالولايات المتحدة الأمريكية، وأكثر الكوارث إذلالاً لن تظهر ولكن، لنقل، قد تظهر إنّما ليس بهذا الشكل المُخيف مثل شخصية الأخ الأكبر الأورويلية، ولكن في شكل كوميديا مرتجلة سخيفة ومشؤومة لمهرج مُتبجح. كم كُنت ساذجًا في 1960 لأعتقد أنني أمريكي أعيش في أوقات عبثية، منافية للعقل! يا له من أمر غريب! ولكن فيما بعد، ما الذي يمكن معرفته في 1960 عن 1963 أو 1968 أو 1974 أو 2001 أو 2016 ؟

Philip Roth at home in New York City in January 2018.CreditPhilip Montgomery for The New York Times

روايتك التي نشرت في 2004 “مؤامرة ضد أمريكا” يبدو أنها تنبؤية عن هذه الأيام بشكل مخيف. عندما ظهرت هذه الرواية، رأي بعض الناس أنّها معاصرة لفترة حكم جورج دبليو بوش، ولكنّها كانت مفتقرة لوجود منطقة قريبة الشبه بينها، وما يبدو عليه الواقع الآن.

على الرغم مما قد يبدو  بالنسبة لك من استبصار رواية “مؤامرة ضد أمريكا”، فبكُل تأكيد يوجد فارق واحد ضخم بين الظروف السياسية التي أخترعها [داخل النص الروائي] للولايات الأمريكية في 1940 وبين الكوارث السياسية التي تُرعبنا هذه الأيام.

فهناك اختلاف في المكانة بين الرئيس ليندبيرج وبين الرئيس ترامب. تشارلز ليندبيرج، في حياته كما هو في روايتي، من الممكن أن يكون عنصريًا حقيقًا ومعاد السامية ومتعصباً لتفوق البيض على الملونين، ومتعاطفاً مع الفاشية، ولكنّه كان أيضًا – بسبب الفرادنية في إنجازه الاستثنائي حيث الرحلة عبر المحيط الأطلسي عندما كان في الخامسة والعشرين – كان بطلاً أمريكياً واقعياً قبل 13 سنة من جَعلي إياه يفوز برئاسة الجمهورية، تاريخيًا، كان لندبرج الطيار الشجاع الصغير الذي في عام 1927، وللمرة الأولى، طار دون توقف فوق الأطلنطي، من لونج آيلند (بنيويورك) حتى باريس. فعلها في 33 ساعة ونصف في مقعد وحيد، داخل طائرة أحادية المحرك، مما جعله نوعًا ما، من طراز ليف إريكسون القرن العشرين، أو الملاح ماجلان، واحداً من أقدم المرشدين في عصر الملاحة.

بالمقارنة، يعد ترامب محتال كبير، هو مجموع الشر الناتج عن عيوبه، خاليًا من أي شيء إلا الأيديولوجية الضحلة لهذا المصاب بجنون العظمة.

واحدة من ثيماتك المُكررة هي الحديث عن الرغبة الجنسية الذكورية – الرغبة المكبوتة في كثير من الأحيان–   وأشكالها المتعددة . ماذا تعتقد في اللحظة التي يبدو أننا فيها الآن، حيث خروج العديد من النساء اللائي يتهمن عدداً كبير جدًا من الرجال بالتحرش الجنسي وسوء المعاملة؟

أنا، كما تشير، لست غريبًا كروائي عن هذا الغضب المثير. الرجال المُحاطون بالإغراء الجنسي وهذا أحد جوانب حياة الرجال والتي كتبتها في بعض كتبي. يستجيب الرجال إلى النداء المُلِح للمتعة الجنسية، تُطاردهم الرغبات المُشينة والإقدام على الشهوات المستحوذة عليهم، حيث السحر حتى من قبل الإغراء المُحرم، على مدى عقود، تخيلت شلة صغيرة من الرجال المشوشين الذين تتملكهم قوة تحريضية للتشاور والتصارع. حاولت أن أكون غير متهاون في وصف كل هؤلاء الرجال كما هم، كما يتصرفون، ثائرين، منفعلين، متوحشين وفي قبضة الحماسة الجسدية، ومواجهين مجموعة من المآزق النفسية والأخلاقية حيث متطلبات الرغبة  الحالية.

لم أتجنب هذه الحقائق المؤلمة في إبداعي، حيث الكيفية ولماذا ومتى هؤلاء الرجال المتوحشون يفعلون ما يفعلونه، حتى عندما لم يكن هناك هذا الانسجام. لقد تغلغلت، ليس فقط إلى داخل عقل الرجال، ولكن في صميم هذه الرغبات التي يُمكن لضغطها المُتعنت أن يُهدد عقلانية المرء. وفي بعض الأحيان، يكون هذا الإلحاح مكثفًا، لدرجة تكون التجربة هي شكل من أشكال الجنون. وبناء عليه، لم يكن أي من السلوكيات الأكثر تطرفًا والتي قرأت عنها مؤخرًا في الصحف قد أثارت دهشتي.

قبل تعاقدك، كُنت مشهورًا بأنّك تعمل لوقت طويل، ولأيام طويلة. الآن بعدما توقفت عن الكِتابة، ما الذي تفعله في كُل هذا الوقت من فراغك؟

أقرأ، وإنّ بدا هذا غريبًا أو لا، ولكنني أقرأ القليل جدًا من الأدب. قضيت حياتي العملية كُلها أقرأ أدب، أدرس أدب وأكتب الأدب والرواية. وقبل سبع سنوات فكرت في شيء آخر. منذ ذلك الوقت أقضي جزءًا كبيرًا من كل يوم في قراءة التاريخ، خصوصًا التاريخ الأمريكي ولكن أيضًا تاريخ أوروبا الحديثة. القراءة حلت محل الكِتابة، وتشكل الجزء الرئيسي، والمحفز، لحياتي الفكرية.

ماذا كُنت تقرأ  في الآونة الأخيرة؟

يبدو أنني مؤخرًا انحرفت عن المسار وأخذت قراءة مجموعة غير متجانسة من الكُتب. قرأت ثلاث كتب لتا-نيهيسي كواتس، حيث الأكثر معرفة من وجهة النظر الأدبية، “الكفاح الجميل”، وفيه يتحدث عن ذكريات طفولته الصعبة مع والده. من القراءة لكواتس أطلعت على نيل إيرفين بينتر حيث كِتابه الذي يحمل عنوانًا استفزازيًا مختصرًا “تاريخ الشعب الأبيض” بينتر أعادني إلى التاريخ الأمريكي، إلى إدموند مورجان “العبودية الأمريكية، الحرية الأمريكية” حيث هو تاريخ علمي ضخم عما يُنادي به مورجان من “الزواج بين العبودية والحرية” كما كانت موجودة في البداية داخل ولاية فرجينيا. قادتني القراءة لمورجان وبشكل فضوليّ إلى قراءة مقالات تيجو كول، مع ذلك قبل أن أقوم بانحراف كبير بقراءة  كتاب ستيفن جرينبلات “الانحراف” عن ظروف الاكتشاف في القرن الخامس عشر لمخطوطة لوكريتيوس المُدمرة “عن طبيعة الأشياء” وهذا قادني إلى البدء في قراءة بعض قصائد لوكريتيوس الطويلة، والتي كتبها في وقت ما من القرن الأول قبل الميلاد، في شعر مُترجم من قبل أليشا إليزابيث ستولينجز. من هنا سرت في قراءة كِتاب جرينبلات عن “الإرادة في العلم :كيف أصبح شكسبير شكسبير”، ثم  كيف في خضم كُل هذا أتيت وقرأت واستمتعت بالسيرة الذاتية لبروس سبرينجستين “وُلدتِ لأجري”. لا أستطيع تفسير أي شيء آخر، إنّ هناك الكثير من الوقت تحت تصرفي لقراءة كل ما يأتي في طريقي، والذي يدفعني إلى مفاجآت غير مسبوقة.  تصلني بإنتظام من خلال الإيميل نسخ للكُتب قبل نشرها، وبهذه الطريقة اكتشفت ستيفن زيبرستين ” المذبحة: كيشينيف” يبرز زيبرستين اللحظة في بداية القرن العشرين عندما تحول المأزق اليهودي في أوروبا بشكل مميت إلى طريقة حيث تنبأت بنهاية كُل شيء. قادني كِتاب”المذبحة” إلى إيجاد كِتاب حديث عن التاريخ التفسيري، يوري سليزكين “القرن اليهودي” والذي يُناقش فيه أن “العصر الحديث هو العصر اليهودي، والقرن العشرين خصوصًا، هو القرن اليهودي”. قرأت “انطباعات شخصية” لأشعيا برلين، حيث لوحاته المقالية لمجموعة من الشخصيات الأكثر تأثيرًا في القرن العشرين كان قد عرفهم أو لاحظهم. هنالك حكاية عن فرجينيا وولف بكل عبقريتها المخيفة، وهناك صفحات خاصة تتحدث عن الاجتماع المسائي الأول في لينينجراد التي تم قصفها بشكل سيء عام 1945 حيث الشاعرة الروسية الرائعة آنا أخماتوفا، كانت في الخمسينيات من عمرها، وكانت معزولة، وحيدة، مُهانة، مضطهدة من قبل الاتحاد السوفيتي.

يكتب برلين “لم تكن لينينجراد بعد الحرب إلا مقبرة واسعة، مدفناً لأصدقائها.. إن رواية مأساة حياتها غير المرغوبة تتجاوز مقدرة أي شخص على الوصف” لقد تحدثوا حتى الثالثة أو الرابعة في الصباح. قراءة هذا المشهد كان مؤثرًا كأي شيئاً قرأته لتولستوي. فقط في الأسبوع الماضي، قرأت كتابين لاثنين من الأصدقاء، السيرة الذاتية الصغيرة التي كتبتها إدنا أوبراين عن جيمس جويس، والسيرة الذاتية غريبة الأطوار ولكنها جذابة “اعترافات رسام يهودي عجوز” لواحد من أعز أصدقائي المُتوفين، الرسام الأمريكي العظيم رونالد بروكس كيتاج. لدي العديد من الأصدقاء الأعزاء المتوفين. عدد منهم روائيين. أفتقد إيجاد كُتبهم الجديدة في الإيميل.

Philip Roth, photographed at his home on the Upper West Side of Manhattan in January 2018.CreditPhilip Montgomery for The New York Times

The post المقابلة: فيليب روث لا يزال لديه الكثير ليقوله (ترجمة) appeared first on مجلة رمان الثقافية.

]]>
حوار من كتاب « فلاديمير نابوكوف… آراء مُحكمة» (ترجمة) https://rommanmag.com/archives/19170 Sat, 17 Mar 2018 13:42:31 +0000 https://romman.b5digital.dk/%d8%ad%d9%88%d8%a7%d8%b1-%d9%85%d9%86-%d9%83%d8%aa%d8%a7%d8%a8-%d9%81%d9%84%d8%a7%d8%af%d9%8a%d9%85%d9%8a%d8%b1-%d9%86%d8%a7%d8%a8%d9%88%d9%83%d9%88%d9%81-%d8%a2%d8%b1%d8%a7%d8%a1-%d9%85/ صباح الخامس من يونيو عام 1962، استدعتني الملكة إليزابيث أنا وزوجتي من شيربورج إلى نيويورك لحضور العرض الأول لفيلم «لوليتا». يوم وصولنا أجرى معي ثلاثة أو أربعة صحفيين مقابلات في فندق سانت ريجيس. داخل المفكرة التي أصطحبها معي في جيبي جمّعت فيها على عجل أسماءهم. تمت كِتابة الأسئلة والإجابات من خلال مُلاحظاتي بعد المقابلة مُباشرة. […]

The post حوار من كتاب « فلاديمير نابوكوف… آراء مُحكمة» (ترجمة) appeared first on مجلة رمان الثقافية.

]]>
صباح الخامس من يونيو عام 1962، استدعتني الملكة إليزابيث أنا وزوجتي من شيربورج إلى نيويورك لحضور العرض الأول لفيلم «لوليتا». يوم وصولنا أجرى معي ثلاثة أو أربعة صحفيين مقابلات في فندق سانت ريجيس. داخل المفكرة التي أصطحبها معي في جيبي جمّعت فيها على عجل أسماءهم. تمت كِتابة الأسئلة والإجابات من خلال مُلاحظاتي بعد المقابلة مُباشرة.


بصفة خاصة لا يجدك المحاورون شخصية تحفز على الحوار، فلماذا؟

أفتخر بنفسي فأنا شخص ليس لديه قبول لدى العامة. حيث أنني لم أسكر أبدا طيلة حياتي. لا أستخدم أبدًا كلمات الطُلاب المكونة من أربعة أحرف. لم أعمل قط في مكتب أو منجم للفحمِ. لم أنضم أبدًا لأي ناد أو مجموعة. لم يقع تأثير عليّ من قِبل عقيدة أو مذهب أيا كان. لا شيء يُزعجني أكثر من الروايات السياسية والأدب المتشتمل على النوايا الاجتماعية.

ومع ذلك، لا بد أن هناك أشياء تؤثر فيك سواء كانت أشياء تحبها أو تكرهها.


الأمور التي أشمئز منها بسيطة: الغباء، الاضطهاد، الجريمة، الوحشية، الموسيقى الناعمة. الأشياء التي أُحبها هى أكثر ما هواها الإنسان عبر الزمن: الكِتابة واصطياد الفراشات.


تكتب كُل شيء بيدك، أليس كذلك؟


بلي. لا يُمكنني الكِتابة على الآلة الكاتبة.

هل توافق أن تعرض علينا عِينة من مسوداتك المضطربة تلك؟

أخشى أنني لا بد أن أرفض. فقط التفهاء الطموحون وذووا الموهبة المتوسطة يعرضون مسوداتهم غير المكتملة. فالأمر أشبه ما يكون بأن تحوم حول عينات من بُصاق أحدهم.


هل تقرأ العديد من الروايات الحديثة؟ لماذا تضحك؟


أضحك؛ لأنّ الناشِرين ذوي النوايا الحسنة يستمرون في إرسال رسائل من نوعية ” نأمل أن يُعجبك هذا بقدر ما أثار إعجابنا كثيرًا” وما يرسلوه هو نوع واحد من الأدب: روايات محشوة بالبذاءة، كلمات سطحية، مصادفات مريبة. ويبدو على هذه الروايات أنّها  كلها مكتوبة من خلال شخص واحد ونفس الكاتب الذي لا يمكن أن يكون، على الأقل، ظلا لظلي.  

ما رأيك فيما يُسمى بـ “الراوية المضادة” (التي ظهرت) في فرنسا؟


لست مُهتمًا بالمجموعات، الحركات، والمدراس الكِتابية وما إلى ذلك. أنا مهتم فقط بالفنان الفرد. فكرة “الرواية المضادة” ليست حقًا موجودة؛ ولكن يوجد كاتب فرنسي عظيم، روبي جريليت؛ الذي يتم تقليد أعماله بشكل غريب عبر مجموعة من الكُتاب الذين مُنتهاهم الخربشة والمشهورين تجارياً طبقاً لتصنيف مزيف.

ألاحظ أن حديثك متقطع ومليء بالـ امممم و الـ إررر. هل هذه علامة الاقتراب من الشيخوخة؟


على الإطلاق. أنا مُتحدث بائس. مفرداتي تسكن في دهاليز عميقة داخل عقلي وتحتاج إلى ورق لتتملص داخل المنطقة المادية. تبدو البلاغة العفوية بالنسبة لي معجزة. في كثير من الأحيان أعدت كِتابة كُل كلمة قبل نشرها. حيث عمل قلمي الرصاص على الصمود في مواجهة المحايّات.

ماذا عن الظهور على الشاشة؟


حسنًا (دائمًا تبدأ بقول “حسنًا” أمام الشاشة)، بعد الظهور منذ سنتين على الشاشة في لندن، اتهمت من قبل ناقد ساذج بأننى أرتبك وأتجنب الكاميرا. وبالطبع، كُنت قد تدربت على المقابلة بكُل حرص. كتبت بعناية فائقة كُل إجاباتي (ومعظم الأسئلة)، وهذا لأنني مُتحدث بائس، كانت ملاحظاتى (فقدتها في إحدى المرات) مكتوبة على بطاقات فهرسة وقد رُتبت أمامي، في وضع ترقب، بواسطة دعامات بسيطة؛ وبالتالي لا يمكن أن أحدق في الكاميرا أو النظر شزرًا إلى السائل.


ومع ذلك، فأنت ألقيت مُحاضرات كثيرة وعلى نِطاق واسع 


في عام 1940، قبل الشروع في مسيرتي الأكاديمية داخل الولايات المُتحدة، لحسن الحظ حملت عبء كِتابة مائة محاضرة مكونة من حوالي ألفي صفحة عن الأدب الروسي، وبعد ذلك مئة محاضرة عن روائيين عِظام بداية من جين أوستن حتى جميس جويس. وهذا ما أبقاني سعيدًا في وليزلي وكورنيل لمدة العشرين سنة الأكاديمية. على الرغم من أنني (أثناء إلقاء المحاضرات) على منضدة القراءة، كُنت أختلس النظر وطورت وسيلة تسمح لعيني أن تتحرك بخفة لأعلى وأسفل، ولم يكن هناك أي شك داخل عقول الطُلاب اليقظين في أنني كُنت أقرأ لا أتحدث من تلقاء عقلي.


متى بدأت الكِتابة بالإنكليزية؟


كُنت ثنائي اللغة وأنا طفل رضيع (أتحدث الروسية والإنكليزية) وأضفت الفرنسية في سن الخامسة. في فترات الطفولة المُبكرة جميع المُلاحظات التي كَتبتها عن الفراشات، جمعتها ودونتها بالإنكليزية، مع الكثير من المصطلحات المُستعارة من أكثر المجلات المُبهجة، مجلة عالم الحشرات – The Entomologist. حيث نَشرت لي المجلة أول أوراقي عن “فراشات القرم“ عام 1920. في نفس العام ساهمت بقصيدة مكتوبة بالإنكليزية إلى مجلة ترينيتي – Trinity Magazine، في كامبريدج، حيث في هذه الأثناء كُنت لا أزال طالبًا هناك (1919 – 1922). بعد ذلك في كُل من برلين وباريس كتبت قصائدي الروسية، القصص، وثماني روايات. قُرأت هذه الأعمال عبر نسبة معقولة من الثلاثة ملايين من المُهاجرين الروس، وبالطبع كانت أعمالي محظورة نهائيًا ومُحرّمة في روسيا السوفيتية.


في منتصف الثلاثينات ترجمت للنشر بالإنكليزية اثنتين من رواياتي الروسية، اليأس Despair والحجرة المظلمة Camera Obscura (أُعيد تسميتها داخل أمريكا ضحك في الظلام)
الرواية الأولى التي كتبتها مُباشرة بالإنكليزية الحياة الحقيقية لسبستايان نايت The Real Life of Sebastian Knight، في باريس عام 1939. بعدما انتقلت إلى أمريكا عام 1940، ساهمت في كل من مجلة أطلانتك ونيويوركور بقصائد وقصص وهناك كتبت أربع روايات Bend Sinister (1947)، لوليتا  Lolita (1955)، بينين Pnin (1957)، و Pale Fire (1962). وأيضًا نشرت سيرتي الذاتية، حديث الذاكرة (1951)، والعديد من الأوراق العلمية عن علم تصنيف الفراشات.

هل تود الحديث عن لوليتا؟


حسنًا، لا. قُلت كُل ما أردته قوله عن الكِتاب في الخاتمة المَضافة لكُل من النسخ البريطانية والأمريكية.

هل وجدت صعوبة في كِتابة سيناريو فيلم «لوليتا»؟


الجزء الأصعب كان اتخاذ القرار للإضطلاع بهذه المهمة. في عام 1959 دُعيت إلى هوليود من قِبل كُل من جيمس هاريس وكوبريك، ولكن بعد عِدة مشاورات معهم قررت بأنني لا أريد القيام بذلك. بعدها بسنة، في لوغانو، تلقيت برقية منهم يحثوني فيها على إعادة النظر في قراري. وفي هذه الأثناء أخذ يتبلور بطريقة ما داخل المخيلة نوع من السيناريو، لذلك في الحقيقةِ كُنت سعيدًا بأنّهم كرروا عرضهم مرة أخرى. سافرت مُجددًا إلى هُوليوود وهناك، تحت نباتات الجاكاراندا، عملت لمدة ستة أشهر على هذا الشيء. فتحويل رواية أحدهم إلى نص سينمائي يُشبه إلى حد ما إعداد سلسلة من الرسومات لرسم أو إعادة رسم لوحات انقضى عليها عمر طويل وتم تأطيرها. قمت بتأليف مشاهد وحوارات جديدة في محاولة لضمان أن تكون «لوليتا» مقبولة بالنسبة لي. عرفت بأنني إن لم أعمل على كتابة السيناريو، فإن أحدهم سيعمل عليه، وعلمت بأنني أيضًا وفي أفضل الأحوال أن المُنتج النهائي في مثل هذه الحالات لن يكون مزيجاً منسجماً من التأويلات بل متضارب.


لم أر الفيلم بعد. ربما يتحول إلى أن يكون الفيلم مجرد صباح ضبابي جميل كما يُرى من خلال شبكة صيد البعوض، أو قد يتحول ليكون انحرافات لقيادة تصويرية كما يستشعرها الراكب الجالس بشكل أفقي داخل سيارة الإسعاف

من الجلسة السابعة أو الثامنة مع كوبريك أثناء العمل على كتابة السيناريو، تولد لدي انطباع بأنّه فنان، ووفقًا لهذا الانطباع، بنيت عليه آمالي لأري فيلم «لوليتا» فيلماً منطقياً معقولاً في الثالث عشر من يونيو في نيويورك.

ما الذي تعمل عليه الآن؟


أعمل على قراءة المسودات النهائية لترجمتي لرواية بوشكين إيفينجن أونيجين، رواية شعرية مُكونة من أبيات، مع تعقيب وتعليق طويل، سترى النور عبر مؤسسة بولنجين Bollingen، من خلال أربع مُجلدات ضخمة قيمة تضم أكثر من خمسمائة صفحة لكُل منهم.

هل يُمكنك وصف هذا العمل؟


أثناء سنوات تدريس الأدب في كورنيل وفي الأماكن الأخرى، كُنت أطلب من طلابي أن يستقوا الشغف من العلم والصبر من الشعر. وبالنسبة لي كفنان وباحث أفضّل التفاصيل المحددة على التعميمات، الصور على الأفكار، الحقائق الغامضة على الرموز الواضحة، واكتشاف الفاكهة البرية على المربى الإصطناعية المُعلبة.

وبناء على هذا، هل حافظت على الفاكهة البرية؟


بالطبع. فكُل من توجهاتي وكراهيتي لأشياء معينة صارت أغنى طوال فترة السنوات العشرة من العمل على إيفيجن أونيجين. عند العمل على ترجمة الـ 5500 سطر إلى الإنكليزية، اضطررت أن أقرر بين القافية والصواب (المُؤدي للمعني) واخترت الصواب. طموحي الوحيد كان تزويد الكِتاب بالترجمة الحرفية، وبالطبع الترجمة الأدبية الجادة لهذا الشيء، وكذلك إمدادها بملاحظات غزيرة ودقيقة والتي تجاوز مجموعها بكثير نص القصيدة. فقط إعادة صياغة عبارة “تقرأ جيدًا”؛ ترجمتي لم تُكن كذلك؛ كانت ترجمة أمينة، لاذعة، ثقيلة، ومُخلصة بشكل وضيع. لديّ ملاحظات عديدة على كُل مقطع شعري (حيث وصلت لأكثر من أربعمائة، آخذًا في الاعتبار عد التهجئة المُختلفة). يحتوى هذا التعليق على مناقشة للنغم الأصلي وإيضاح كامل للنص.

هل تُحب أن تُجرى معك حوارات؟


حسنًا، رفاهية أن يتحدث المرء عن موضوع واحد -عن نفسه- هو شعور لا أكرهه ولكن النتيجة أحيانًا مُحيرة. مؤخرًا جريدة كنديدي Candide الباريسية، جعلتني أتفوّه، في سياق أحمق، بكلام فارغ لم أقله ولكنني أيضًا غالبًا ما ألتقي بقدر معقول من التعامل النزيه. وهكذا طبعت Esquire كافة التنقيحات التي قمت بها على حساب إجراء المقابلة التي وجدتها مليئة بالأخطاء. من العسير رصد كُتاب القيل والقال، وهم عُرضة للإهمال الشديد. جعلني ليونارد ليونس أشرح لماذا أترك لزوجتي التعاملات التلفزيونية بعد ملاحظته السخيفة أن ” أي شخص يستطيع التعامل مع جزار يُمكنه التعامل مع المنتج”.
 

The post حوار من كتاب « فلاديمير نابوكوف… آراء مُحكمة» (ترجمة) appeared first on مجلة رمان الثقافية.

]]>
سيمون دي بوفوار، المقابلة مع «ذا باريس ريفيو» (ترجمة) https://rommanmag.com/archives/19017 Thu, 07 Dec 2017 10:36:13 +0000 https://romman.b5digital.dk/%d8%b3%d9%8a%d9%85%d9%88%d9%86-%d8%af%d9%8a-%d8%a8%d9%88%d9%81%d9%88%d8%a7%d8%b1%d8%8c-%d8%a7%d9%84%d9%85%d9%82%d8%a7%d8%a8%d9%84%d8%a9-%d9%85%d8%b9-%d8%b0%d8%a7-%d8%a8%d8%a7%d8%b1%d9%8a%d8%b3/ ترجمة للمقابلة عن مجلة «ذا باريس ريفيو» عام 1965، أجرتها مادلين غوبيل ضمن سلسلة “ذي آرت أوف فيكشن” 


 قدمتني سيمون دي بوفوار إلى جان جينيت وجان بول سارتر، وأجريت حوارًا مع كل منها، ولكنها ترددت في إجراء حوار معي بدعوى” لماذا يجب أن نتحدث عني؟ ألا تظنين بأنني فعلت ما يكفي في الكُتب الثلاثة من […]

The post سيمون دي بوفوار، المقابلة مع «ذا باريس ريفيو» (ترجمة) appeared first on مجلة رمان الثقافية.

]]>
ترجمة للمقابلة عن مجلة «ذا باريس ريفيو» عام 1965، أجرتها مادلين غوبيل ضمن سلسلة “ذي آرت أوف فيكشن”





قدمتني سيمون دي بوفوار إلى جان جينيت وجان بول سارتر، وأجريت حوارًا مع كل منها، ولكنها ترددت في إجراء حوار معي بدعوى” لماذا يجب أن نتحدث عني؟ ألا تظنين بأنني فعلت ما يكفي في الكُتب الثلاثة من المذكرات؟”. استغرق الأمر العديد من الرسائل والمحادثات لإقناعها بالقبول، وبعد ذلك وافقت وكان الشرط الوحيد ” ألا يكون طويلاً جدًا“.


أجريت الحوار في استديو الآنسة سيمون في شارع شويلشر في مونبارناس، على بعد خمس دقائق سيرًا على الأقدام من شقة سارتر. عملنا في غرفة مشمسة و كبيرة، حيث كانت تتخذها كغرفة للإطلاع والمذاكرة وحجرة جلوس.

 
الأرفف مُكدسة بكتب مملة، وكان هذا مفاجئًا بالنسبة لي. ” الأفضل في أيدي أصدقائي، ولم يعودوا بهم أبدًا ” هذا ما قالته.


المناضد مُغطاة بأشياء ملونة جلبتها من رحلاتها، ولكن العمل الوحيد القيّم في الغرفة، هو مصباح مصنوع لها من قِبل جياكوميتي، تتناثر في أرجاء الغرفة العشرات من اسطوانات الفونوغراف، واحدة من الكماليات القليلة التي تسمح بها الآنسة سيمون دي بوفوار لنفسها به.


بغض النظر عن وجهها المميز الكلاسيكي، فما يلفت الإنتباه عن الآنسة سيمون، أنها ذات بشرة حيوية ووردية، عيون زرقاء واضحة، مفعمة بالحيوية والشباب.
يتولد لديّ المرء إنطباع بأنّها تعرف كُل شيء، و ترى كُل شيء، وهذا يثير فيك بعض الخجل. 
حديثها سريع، طريقتها مباشرة دون فظاظة، مبتسمة و ودودة.



في السنوات السبع الأخيرة، كتبت مذكراتك الخاصة، وفيها تتساءلين مرارًا وتكرارًا عن موهبتك وماهية عملك. و لديّ انطباع بأن فقدان العقيدة الدينية وجهكِ نحو الكِتابة.


من الصعب إعادة النظر في تاريخ المرء دون قليل من الخِداع. فالرغبة للكتابة قديمة، حيث أنني كتبت القصص في الثامنة من عمري، ولكن معظم الأطفال فعلوا نفس الأمر. وهذا لا يعني بالضرورة أن لديهم موهبة الكِتابة. في حالتي، من المحتمل أن الموهبة ظهرت بسبب فقدان العقيدة الدينية؛ ومما هو مؤكد أنّه عند قراءة الكُتب التي أثرت فيّ بشدة، مثل رواية جورج إليوت «طاحونة على نهر فِلوس»، وقتها أردت وبشكل غير اعتيادي أن أكون مثلها، الكاتبة التي سيتم قراءة كُتبها، الكُتب التي ستُبهر القراء وتؤثر فيهم.



هل تأثرتِ بالأدب الإنجليزي؟



منذ الطفولة ودراسة الأدب الإنجليزي شغف بالنسبة لي، حيث أن أدب الطفل يتواجد بصورة أكثر جاذبية داخل الأدب الإنجليزي، عمّا هو موجود عليه داخل الفرنسي. أحببت قراءة أليس في بلاد العجائب، بيتر بان، جورج إليوت، وحتي روزاموند ليمان.

رواية «دستي آنسر»؟



كان لدي شغف حقيقي تجاه هذا الكِتاب، بالرغم من كونه عاديًا . فالفتيات من جيلي عشقوا الكِتاب. حيث أن المؤلفة كانت صغيرة جدًا، وكل فتاة عرفت ذاتها داخل شخصية جودي. الكتاب بشكل ما كان ذكيًا، ومُتقنًا كذلك. بالنسبة إليّ، أحسد الحياة الجامعية الإنجليزية. فأنا عشت في منزل لم أمتلك فيه غرفة خاصة. في الحقيقة، لم يكن لديّ أي شيء على الإطلاق وعلى الرغم من أن الحياة لم تكن حرة، فلقد سُمِح لي بالخصوصية، وبدا لي أن هذا أمر رائع.


 المؤلفة عرفت كُل الخرافات عن الفتيات المراهقات، والفتيان ذوي الوسامة مع جو الغموض حولهم. بعدها، بالطبع، قرأت الأخوات برونتي وكُتب فيرجينا وولف: «أورلاندو»، «السيدة دالواي». لم أعر إهتمامًا كبيرًا تجاه الأمواج، ولكنني أغرمت جدًا جدًا بكِتابها عن إليزابيث باريت بروانينج .




وماذا عن  دفتر يومياتها؟



اهتميت به ولكن بقدر أقل، فهو أدبي جدًا، ساحر، ولكنها أصبحت قلقة جدًا بخصوص ما إذا كان سيتم النشر لها أم لا، وعمّا سيقوله الناس.


 أحببت كثيرًا «غرفة تخص المرء وحده» والتي تتحدث فيها عن موقف النساء. مقالة صغيرة ولكنها تضرب في الصميم، وفيها تفسر بشكل واضح لماذا لا تكتب النساء.
 فيرجينا وولف واحدة من الكاتبات اللاتي أهتميت بها أكثر من غيرها. هل رأيتِ واحدة من صورها؟ وجه وحيد للغاية.. بطريقة ما، تثير أكثر من كوليت. ففي النهاية كوليت كانت على صلة وثيقة بالعلاقات العاطفية في أدبها، أعمال وأمور المنزل، كالمغسلة والحيوانات الأليفة. فيرجينا وولف كانت أكثر تحررًا منها.



هل قرأتِ كُتبها مُترجمة ؟



لا، قرأتها بالإنجليزية. أقرأ بالإنجليزية أفضل مما أتحدث بها.



كُنتِ طالبة عبقرية في السوربون، والكل توقع لكِ عملاً باهراً وعظيماً كمُعلمة. فما رأيك في التعليم داخل الجامعة بالنسبة للكاتب؟



أكسبتني الدراسات فقط معلومات سطحية جدًا تجاه الفلسفة، ولكنها عملت على تقوية الإهتمام بها. استفدت بشكل عظيم من كوني مُعلمة – حيث، لديّ القدرة على قضاء الكثير من الوقت في القراءة والكتابة والتعلم الذاتي. خلال هذه الأيام، لم يكن لدى المعلمين برنامج ضخم جدًا.


 أعطتني دراساتي أساس متين لأنّه من أجل إجتياز امتحانات الدولة لا بد أن تكتشف مناطق لم تكن تزعجك، والتي لم ولن تلتفت إليها إذا كان فقط الاهتمام منصبًا على الثقافة العامة. فالدراسات أمدّتني الطريقة الأكاديمية والتي كانت مفيدة لي عندما كتبت «الجنس الآخر»، وبشكل عام كانت مفيدة لكل دراساتي.
 أعني طريقة النفاذ داخل الكِتاب بشكل سريع، لرؤية أي الأعمال مهمة، تصنيفها، أن تكون قادرًا على نبذ ما ليس مهمًا، قادرًا على الإيجاز، والاستعراض

.

هل كُنتِ مُعلمة جيدة؟



لا أعتقد ذلك، لأنني أهتممت فقط بالطلاب الأذكياء لا الكل، في حين أن المعلم الجيد لا بد أن يُولي للجميع إهتمامه. ولكنكِ إذا كنتِ تُدرسين الفلسفة، يكون الأمر صعبًا. دائمًا يقوم أربع أو خمس طلاب بكل الكلام، أما البقية فلا تهتم بفعل شيء، لذا لا أزعجهم كثيرًا.



كتبت لمدة عشر سنوات قبل أن يتم النشر  بعدما أصبحتِ في عمر الخامسة والثلاثين. ألم تكوني مُحبطة؟



لا، لأنّه إذا كُنتِ شابة في هذه الأيام، فالنشر كان أمرًا خارجًا عن المألوف. بالطبع، هنالك مثال أو اثنين على سبيل المثال: كان رايموند راديجيه معجزة . سارتر نفسه لم ينشر إلا بعدما وصل لحوالي الخامسة والثلاثين، عندما ظهر كلاً من «الجدار» و«الغثيان». ربما رُفض أول كِتاب أو أكثر، فأصبحت محبطة قليلاً. ولم يكُن أمرًا مبهجًا، وبخاصة عندما رُفِضت النسخة الأولى من المدعوة. بعدها فكرت بأنّه لا بد من التمهل. أعرف العديد من النماذج لكتّاب تبطؤوا في عملية البداية. ودائمًا ما يتحدث الناس في هذا الشأن عن ستندال، الذي لم يبدأ الكتابة إلا بعدما أصبح في الأربعين من عمره.



عندما عملت على رواياتك الأولى، هل تأثرتِ بالكُتاب الأمريكيين؟



بالتأكيد كان ذلك أثناء كتابة «المدعوة»، بأنني تأثرت بهمنجواي الذي عَلمنا بساطة معينة في الحوار، ومدى أهمية صغائر الأمور في الحياة.

عند العمل على رواية، هل تضعين خطة دقيقة للعمل وفقها؟

كما تعلمين، لم أكتب رواية خلال عشر سنوات، وتخلل ذلك أوقات عملت فيها على المذكرات.


 على سبيل المثال، عندما كتبت «الماندرينز»، خلقت الشخصيات والجو المُحيط بتيمة مُحددة، وخطوة بخطوة تشكلت الحبكة. ولكن عامة، أبدأ كِتابة الرواية قبل العمل على الحبكة.


يتحدث الناس عن نظامك الرائع، وأنك لا تدعي يوماً يمر دون عمل، ففي أي وقت تبدئين؟



دائمًا أنا في عُجالة من الأمر من أجل المواظبة على العمل، وبرغم ذلك، فبشكل عام أكره بداية اليوم.

 
في البدء أشرب الشاي، وبعدها في حوالي العاشرة وحتي الواحدة أعمل على قدم وساق. من ثمّ، أجالس أصدقائي، وعندما تأتي الساعة الخامسة مساء، أعاود العمل واستمر حتى التاسعة. ليس لديّ أية صعوبة في معاودة العمل مرة أخرى في المساء.


 مثلاً، عندما تغادرين، سأقرأ الأوراق (الأبحاث)، وربما أذهب للتسوق. حقيقة، في معظم الأحيان، إنّ للعمل متعة

.

متى ترين سارتر؟

كل ليلة وغالبًا عند وقت الغداء. عامة أعمل في مكانه وقت الظهيرة
.


ألم يزعجكِ الذهاب من شقة لأخرى ؟



لا، لا أنزعج. طالما أنني لا أعمل على كُتب علمية، فأخذ كُل أوارقي معي، وأعمل بها في الخارج جيدًا.

هل تنغمسين في الأمر سريعًا؟



إلى حد ما، هذا يعتمد على ما أعمل على كِتابته. إذا كان العمل يسير على ما يُرام، أقضي ربع أو نصف ساعة أقرأ ما كتبته في اليوم السابق، وأقوم ببعض التصحيحات. وبعدها أبدأ من مكان توقفي. ولمعاودة العمل مرة أخرى، لا بد أن أقرأ ما كتبته.



هل لأصدقائك الكُتاب نفس العادات التي لديك؟



لا، فالأمر شخصي إلى حد ما. على سبيل المثال، جينيه، يعمل بشكل مختلف.  حيث يكتب حوالي 12 ساعة في اليوم لمدة 6 شهور، وعندما ينتهي، يمكنه أن يدع 6 شهور تمر دون عمل على أي شيء.
 كما قلت، أعمل كل يوم فيم عدا شهرين أو ثلاثة، هم شهور الإجازة، وبشكل عام، عندما أسافر لا أعمل على أي شيء مطلقًا. 
أقرأ قليلاً جدًا خلال السنة، وعندما أسافر خارج البلاد أخذ معي حقيبة كبيرة ممتلئة بالكتب، كتب لم يكُن لديّ الوقت لأقرأها. ولكن إذا كانت الرحلة ستستمر لمدة شهر أو 6 أسابيع، فعندها أشعر بعدم الإرتياح، خاصة إذا كُنت بين كِتابين، حيث أنغمس في الملل، عندما أكون عاطلة عن العمل.



هل مخطوطات الكِتابة الأصلية دائمًا بخط اليد؟ من يعمل على حل شفرات الكِتابة ؟ نيلسون ألجرين يقول أنه واحد من القلائل الذين يستطيعون قراءة خط يدك؟ 


لا أعرف كيف يمكنني الكِتابة على الآلة الكاتبة، ولكن لديّ اثنين من الضاربين عليها، والذين ينجحون في فك شفرات ما أكتبه. عندما أعمل على النسخة الأخيرة للكتاب، أنسخ المخطوط. أنا حريصة جدًا على بذل جهد كبير، لذا كتاباتي تقريبًا واضحة ومقروءة.  

تعاملتِ مع مشكلة الزمن في كُل من «دماء الآخرين» و«كل الرجال خالدون»، هل تأثرت في ذلك، بجيمس جويس أو فوكنر؟



لا، كان ذلك شاغلاً شخصيًا. كُنت دائمًا على علم تام بفكرة الزمن، ودائمًا ما اعتقدت بكبر السن. عندما كُنت في الثانية عشرة، توهمت أنّه لمن المريع أن أصل للثلاثين. شعرت أن شيئًا ما فُقِد. في نفس الوقت، كنت على وعي بما أستطيع حصده، و بالتأكيد هنالك فترات في حياتي تعلمت فيها كيف أقيم صفقة رابحة مع الحياة. ولكن، بالرغم من كل شيء، كنت دائمًا مسكونة بفكرة مرور الزمن، وبالحقيقة القائلة أن الموت قريب منا.


بالنسبة لي، مشكلة الوقت والزمن مرتبطة بفكرة الموت، مع الاعتقاد، بأننا بشكل مؤكد كُل يوم يمر يُقربنا من الموت، وهذا مقترن بالرعب من التحلل أو التعفن، بالرغم من أن المجريات تقول بأن حقيقة الأشياء هي التحلل، كالحب الذي يتلاشى، وهذا الأمر مُرعب أيضًا، ولكن شخصيًا لم تكن لديّ مشكلة مع كُل ذلك. فالإستمرارية قائمة في حياتي، حيث أنني عشت دائمًا في باريس، تقريبًا في نفس الأحياء، علاقتي بسارتر امتدت لفترة طويلة جدًا، أصدقائي القُدامي موجودون وأستمر في رؤيتهم.


ليس لأنني شعرت أن الوقت يهدم الأشياء، ولكن حقيقة أنني دائمًا أنظر أين أنا، أعني حقيقة إمتلاكي العديد من السنوات التي تُشكل ماضيّ، وهنالك الكثير من السنوات أمامي. أنا أعدّها.

 
في الجزء الثاني من المذكرات، رسمتِ صورة لسارتر عندما كان يكتب «الغثيان» في ذلك الوقت. صورتيه بأنّه مهووس بما أطلق عليه “سلطعون” الكرب والغم . بدا كما لو أنّكِ، في ذلك الوقت، الفرد المُبتهج بين العشيقين، ومع ذلك، تظهرين في روايتك إنشغالاً بفكرة الموت لا نجده في أعمال سارتر.



لكن تذكري ما قاله في «الكلمات»، أنه لم يشعر أبدًا بدنو الموت، في حين أن زملائه الطلاب –منهم على سبيل المثال، نيزان، مؤلف عدن، العربية– كان مفتونًا بذلك. بطريقة ما، شعر سارتر أنه خالد، وراهن على كُل شيء في أعماله الأدبية وعلى أمل أن أعماله ستبقى على قيد الحياة.


أما بالنسبة لي، أمتلك حقيقة أن حياتي الشخصية ستختفي ولست قلقة ولو حتى بالنذر القليل بشأن ما إذا كان من المُرجح أن تستمر أعمالي أم لا. بشكل دائم كُنت على وعي تام بأن الأمور العادية في الحياة تختفي، الأنشطة اليومية، إنطباعات الفرد، التجارب الماضية.


اعتقد سارتر أن الحياة يُمكن أن تؤسر في مصيدة من الكلمات، وأشعر دائمًا بأن الكلمات ليست هي الحياة ذاتها، ولكنها إعادة إنتاج لها من شيء ميت، إذا جاز التعبير.


وهذا بالضبط المقصود، حيث يدعي البعض بأنه ليس لديك القدرة على تضمين الحياة داخل الروايات، وأشاروا كذلك إلى أن شخصياتك هم نُسخ مما يحيط بكِ من بشر.



لا أعرف. ففي نهاية المطاف، ما هو الخيال؟ هو نوع من تحقيق درجة معينة من الشمولية للحقيقة حول أمر ما، حول ما يعيشه المرء في الواقع.


لا تثير اهتمامي الأعمال التي لا تعتمد على الواقع إلا إذا كانت خارجة عن التطرف، على سبيل المثال روايات الملاحم لألكسندر دوماس أو فيكتور هوجو. ولكنني لا أطلق عليهم أعمال قصصية “وهمية” للخيال، ولكنها أعمال خادعة. 
وإذا أردت الدافع عن نفسي، فسأشير إلى رواية «الحرب و السلام» لتولستوي، حيث كل الشخصيات قد أخذت من الحياة الحقيقة.



لنعود إلى الشخصيات، كيف تختارين أسمائهم؟



لا أعتبر بأن الأمر مهم جدًا، اخترت اسم زافير في «المدعوة» لأني قابلت واحدة فقط لها هذا الإسم، عندما أبحث عن الأسماء، أستخدم دليل الهاتف أو أحاول تذكر أسماء طلابي السابقين.



أيّ من شخصياتك كُنت الأكثر تعلقًا به؟

لا أعرف. أعتقد بأنني أقل اهتمامًا بالشخصيات نفسها بقدر اهتمامي بعلاقاتهم، سواء أكانت علاقة حب أو صداقة. الناقد كلود روي هو من أشار إلى ذلك.

في كل واحدة من رواياتك، نجد شخصية نسائية قد ضُللت بمفاهيم خاطئة وأيضًا مُهددة بالجنون.



الكثير من نساء العصر على هذه الشاكلة. فالنساء مُلتزمات بأن يلعبن دورًا ليس ملائمًا لهن، على سبيل المثال، كونهن مومسات عظيمات، فهذا ليخدعن شخصياتهم، فهن على شفا الإضطراب العصبي .


أشعر بالتعاطف الشديد تجاه ذلك النوع من النساء. فهن مصدر اهتمامي أكثر من ربة المنزل الجيدة والأم المُربية. بالتأكيد، هنالك نساء يُثرن إهتمامي أكثر مثل الصحيحات، المستقلات بحياتهن، اللائي يعملن و يُنتجن.
  
شخصياتك النسائية كُلها ليست مُحصنة ضد الحب، فأنتِ مُعجبة بالعنصر الرومانسيّ.



الحب شرف عظيم. الحب الحقيقي، وهو شيء نادر جدًا، يُثرى حياة الرجال والنساء الذين يجربونه.



أفكر الآن في فرانسواز في رواية «المدعوة» وآن في «الماندرينز»، فالنساء داخل روايتك يبدو عليهن أنّهم قد جَرِبنّ الحب أكثر.



على الرغم من كُل شيء، فالسبب في ذلك يرجع إلى أن النساء يعطين أكثر ما بداخلهن عند الحب، فمعظمهن لا يملكن أشياء أخرى تستوعب مشاعرهن. ربما لأن لديهن قدر أكبر مما يُعتبر أساس راسخ للحب ألا وهو التعاطف.


أو ربما من الممكن لأنني أوظف نفسي بكل سهولة داخل النساء عكس الرجال، لذا فشخصياتي النسائية أكثر ثراء من الشخصيات الذكورية.

لم يسبق لكِ أبدًا أن ابتكرت شخصية نسائية مستقلة وحرة، والتي قد توضح بطريقة أو بأخرى أطروحتك عن «الجنس الآخر»، فلماذا؟



أظهرت النساء كما هن، كجنس منقسم، وليس كما يحب أن يكنّ عليه.


توقفتِ عن كِتابة الأعمال الأدبية بعد روايتك الطويلة «الماندرينز» و بدأتِ العمل على مذكراتك الخاصة، فأي من الشكلين الأدبيين تُفضلينه عن الآخر؟



أحببت كليهما. فهما يقدمان لي أنواع مختلفة من الإرتياح وخيبة الأمل. في كِتابة المذكرات، من المقبول جدًا أن أكون مستندة إلى الواقع. على الجانب الآخر، الأعماق المعينة التي ينفذ داخلها المرء نتيجة التلاحم مع واقعه، وكذلك الأنماط المُحددة للأساطير والمعاني، تقول بأننا لا بد أن نستخف بها ونتجاهلها.
 ومع ذلك، فداخل الرواية، يُمكن للمرء التعبير عن هذه الآفاق، هذه الإيحاءات اليومية، عن طريق تضمين عنصر التلفيق والإبتداع داخلها، ومع ذلك فهذا مُزعج، فالمرء لا بد له من الاختراع ولكن دون التلفيق والإفتعال.


 كُنت أرغب في الحديث عن طفولتي وفترة الشباب لمدة طويلة، لأنني حافظت على علاقة عميقة جدًا معهم، ولكن لم تُكن هنالك أية إشارة إليهم في أي من كُتبي. حتى قبل كتابة الرواية الأولى، كانت عندي الرغبة لفعل ذلك، كما لو كان حديثاً من القلب للقلب. فالأمر كان عاطفيًا، رغبة شخصية للغاية.

 
بعد «مذكرات فتاة رصينة» كُنت غير راضية، وبعدها فكرت في القيام بشيء آخر، ولكنني لم أتمكن من ذلك، قلت لنفسي ” قاتلتِ لتكوني حرة، فماذا فعلتِ بالحرية، أين أصبحتِ منها؟“

 
كتبت التكملة والتي عبّرت عني من عمر الواحدة والعشرين إلى الوقت الراهن، من «أنا وسارتر والحياة» إلى «قوة الأشياء».



قبل بضع سنوات أثناء اجتماع الكُتاب في فورمينتور، وصف كارلو ليفي أن «أنا و سارتر والحياة» “أعظم قصة حب في القرن“، حيث ظهر سارتر للمرة الأولى كإنسان. أظهرتِ سارتر الذي لم يُفهم جيدًا، رجلاً مختلف جدًا عن سارتر الأسطوري.



قمت بذلك عن قصد. لم يكن يريدني أن أكتب عنه. وفي النهاية، عندما رأى أنني تحدثت عنه بالطريقة التي فعلتها، أعطاني مطلق الحرية.


على الرغم من السمعة التي لساتر منذ عشرين عامًا، فلقد ظل الكاتب الذي يُساء فهمه، ولا يزال، يتعرض لهجوم عنيف من النقاد، ففي رأيك لماذا يحدث له ذلك؟


لأسباب سياسية. فسارتر هو الرجل المعارض بعنف للطبقة التي وُلِد فيها، ومن بعدها اعتبرته خائناً. هذه الطبقة التي لديها المال وتشتري الكُتب، لذا فموقف سارتر مُتناقض حيالها.


 هو كاتب مُعاد للبرجوازية، مقروء من قبل البرجوازيين ويُعجب به كواحد من منتجاتهم. لدى البرجوزايين احتكار للثقافة، ويعتقدون أنهم قد أعطوا الميلاد لسارتر وفي نفس الوقت، يكرهونه لأنّه هاجم البرجوازية.



قال هيمنجواي في حوار له مع «باريس ريفيو» “كل ما يمُكنك التأكد منه، داخل دهاليز العقل السياسي للكاتب، أنّه إذا كان لا بد لعمله من الإستمرارية، فعليك طمس السياسية عند قراءة أعماله” بالطبع، أنتِ تعارضين ذلك، هل لا زلتِ تعتقدين في “الالتزام “؟

تحديدًا، هيمنجواي كان كاتبًا لا يريد على الإطلاق أن يُلزم نفسه. أعرف أنّه اشترك في الحرب الأهلية الإسبانية، ولكن بصفته الصحفية. لم يكن هيمنجواي مُلزَمًا أبدًا، لذلك أعتقد أن الخالد في الأدب، هو البعيد عن التأريخ، أي ليس مُلزمًا.


أما أنا فلا أوافق على ذلك، لأنّه عند العديد من الكُتاب، موقفهم السياسي إزاء الأمور هو ما يجعلني أعجب بهم أو أكرههم.

 
فالسابقون الأوائل لم تكن أعمالهم مُلزمِة، وعلى الرغم من ذلك، وعلى الرغم من أن المرء يقرأ «العقد الاحتماعي» لجان جاك روسو بشغف مثلما يقرأ «الاعترافات»، لم يعد أحد يقرأ «هلويز الجديدة».



يبدو أن ذروة الوجودية كانت في الفترة من نهاية الحرب إلى عام 1952. حاليًا، أصبحت “الرواية الفرنسية الجديدة“ موضة؛ مثلما يفعل دريو لاروشيل وروجر نيمير.



في فرنسا، هنالك بالتأكيد اتجاه للعودة إلى اليمين. فالرواية الفرنسية الجديدة ليست في حد ذاتها رجعية ولا حتي مؤلفيها. حيث يمكن للمتعاطف القول بأنهم يريدون التخلص من بعض الاتفاقيات البرجوزاية، فهؤلاء الكُتاب ليسوا مُزعجين.
 على المدى البعيد، الديغولية* ستعدينا إلى البينتانيزم**، ومن المتوقع أن ناشطًا مثل لاروشيل، والرجعي المتطرف بيمير أن يحظوا بتقدير كبير مرة أخرى. أظهرت البرجوازية نفسها مجددًا في ألوانها الحقيقة – أي كطبقة رجعية. أنظري إلى نجاح «الكلمات» لسارتر. هنالك العديد من الأمور التي نلاحظها. ربما لم أقل أن «الكلمات» أفضل كُتبه، ولكنه واحد من أفضل ما لديه. على أي حال، هو كِتاب ممتاز، فيه عرض مثير للفضول، عمل مكتوب بشكل مثير للدهشة.

   
في نفس الوقت، كان السبب الذي جعله ناجحًا أنه كِتاب غير مُلزم. عندما قال النقاد أنه أفضل كُتبه، جوار «الغثيان»، فلا بد للمرء أن يضع في الاعتبار أن «الغثيان» هو العمل المُبكر له، عمل لم يكن ملزمًا، وكان أكثر الأعمال قبولاً من قبل اليسار واليمين على حد سواء، من مسرحياته.

 
حدث لي نفس الأمر عندما كُنت أعمل على «مذكرات فتاة رصينة». كانت النساء البرجوزايات مُبتهجات لمعرفة شبابهم فيه. بدأت الإحتجاجات مع «أنا وسارتر والحياة» واستمرت مع «قوة الأشياء». تكسير العظام كان صريحًا جدًا، وحاداً للغاية.



الديغولية*: هي مبادئ وقواعد شارل ديجول، التي تتميز بالمحافظة، القومية، و الدعوة إلى الحكومة المركزية.
البينتانيزم**: السياسة التي أتبعها فيليب بيتان، بالتعاون مع قوات الإحتلال الألمانية في فرنسا. 

خُصص الجُزء الأخير من قوة الأشياء للحديث عن الحرب الجزائرية، حيث يبدو أن ردة فعلك عليها  شخصية جدًا.



فكرت ووازنت الأمور بطريقة سياسية، ولكنني لم أشارك أبدًا في العمل السياسي. الجزء الأخير بأكمله في «قوة الأشياء» تعامل مع الحرب. ويبدو كما لو أن ذلك من العجائب والمفارقات في فرنسا التي لم يعد أحد يهتم بهذه الحرب.

ألم تُدركي أن الناس مُلزمون بأن ينسوا ذلك؟


حذفت العديد من الصفحات داخل هذا الجُزء. ولذلك أدركت أنها ستكون مفارقة تاريخية. بالتأكيد، من ناحية أخرى، أردت التحدث عن ذلك، وأنا مُندهشة أن الناس قد نسوها إلى هذه الدرجة.

 
هل رأيتِ فيلم «الحياة الجميلة»، للمخرج الشارب روبرت إنريكو؟ شعر الجهور  بالذهول لأن الفيلم أظهر لهم الحرب الجزائرية. ثمّ كتب كلود مورياك في مجلة «لو فيغارو الأدبية»: “لماذا يظهر جنود المظلات في الساحات العامة؟ هذا ليس صحيحًا في الحياة “. ولكنه صحيح وحقيقي في الحياة. حيث أعتدت أن أراهم كل يوم من نافذة سارتر في سانت جيرمان دي باري.

 
 نسي الناس، أو أرادوا النسيان. أرادوا أن ينسوا هذه الذكريات. وهذا هو السبب، وكان عكس ما توقعته، لم أهاجم على ما قلته حول الحرب الجزائرية، ولكن عمّا ما قلته حول الشيخوخة والموت. وفيما يتعلق بالحرب الجزائرية، فإن كل الرجال الفرنسيين مقتنعون بأنها لم تحدث أبدًا، ولم يحدث أن تعرض أي شخص للتعذيب،  وأنّه إذا كان هنالك تعذيب فإنهم كانوا دائمًا ضده.



تقولين في نهاية «قوة الأشياء»: ”عندما ألقي نظرة على ما مر من أيام، فأنظر بكثير من الشك على فترة المراهقة الساذجة، لأندهش حينما أرى كم كُنت مخدوعة”، ويبدو أن هذه الملاحظة أدت إلى  كافة أنواع سوء الفهم عنكِ .


حاول الناس -وبخاصة الأعداء- تفسير ذلك على هواهم، من أن حياتي كانت فاشلة، إما لأنني أدركت حقيقة كوني مُخطئة على الصعيد السياسي، أو لأنني عَلمت، أنّه لا بد أن يكون لكل النساء أطفالاً، وما إلى ذلك.


أي شخص إذا أمكنه قراءة كتبي بعناية فسيعرف أنني أقول العكس تمامًا، وأنني لم أحسد أي أحد، ومقتنعة تمامًا بما سارت عليه حياتي، حيث الحفاظ على كل الوعود، وبالتالي، إذا كان لي أن أعيش الحياة مرة أخرى، فلن أحياها مُختلفة عمّا كانت عليه. لم أندم يومًا على أنني لم أرزق بأطفال، لأن ما أردت القيام به هو الكِتابة.


ثم لماذا “مخدوعة”؟ المرء فينا عندما يكون لديه نظرة وجودية تجاه العالم، فالمفارقة الحادثة داخل الحياة البشرية، هي بالضبط وعلى المدى البعيد، كمحاولة المرء أن يكون ويستطيع البقاء في الحياة.


وبسبب هذا التناقض، عندما تصبح أمام حقيقة وضع مصلحتك أمام وجودك، تفعل ذلك، ولكن بعدما تضع الخطط، حتى إذًا كُنت على دراية تامة بأنّك قد فشلت في السعي ناحية النجاح في هذا الكون، عندما تستدير وتنظر للوراء، على حياتك، فترى بأنّك وبكل بساطة كُنت موجودًا وقتها. بعبارة أخرى، الحياة ليست وراءك كشيء صلب، كحياة الإله (كما هي مُتخيلة، وأنّها شيء مستحيل حدوثه)، حياتك هي مجرد حياة إنسانية.

 
قد يزعم المرء، كما فعل آلان، وأنا مغرمة جدًا بملاحظته “لا شيء واعد لنا” عند البعض هذا صحيح، وعند آخرين فهذا خطأ؛ لأنّ الفتى والفتاة البرجوازيان اللذان يأخذان ثقافة مُحددة، فهي في الواقع ثقافة عن أمور واعدة.


أعتقد أن أي شخص عندما كان صغيرًا، وعاش حياة قاسية، فلن يقول في سنواته المقبلة من حياته أنّه “خُدِع” ولكنني عندما أقول بخداعي، فأنا أشير إلى الفتاة التي كان عمرها 17 عامًا، والتي عاشت أحلام يقظة في الريف قرب شجيرات البندق. تحلم في ما ستفعله لاحقًا.


فعلت كل أردت فعله، كِتابة الكُتب، تعلم الأشياء، ولكنني كنت مخدوعة في كُل شيء أكثر من أي وقت مضى. يتحدث مالارميه (شاعر فرنسي) في أبيات له عن “رائحة الحزن التي تظل في القلب”، نسيت بالضبط كيف ذهبوا، كان لديّ ما أردته، و عندما يكون كل شيء قد قِيل وفُعل، فما يريده المرء هو دائمًا شيء آخر.


كتبت لي محللة نفسية رسالة عبقرية جدًا، تقول فيها “في التحليلات الأخيرة، الرغبات دائمًا تذهب إلى ما هو أبعد ومتواري خلف هدف الرغبة”، والحقيقة أنني أمتلك كل شيء رغبت فيه. ولكن ” الأبعد” والذي يتضمن الرغبة نفسها، لم أتحصل عليه بعدما تم التحقيق بالرغبة .


عندما كُنت صغيرة، كان لي آمال ووجهات نظر حول الحياة، حيث يشجعك كل المثقفين والبرجوازيين المتفائلين أن تملكها، والتي اتهمني القراء بعدم تشجيعهم على إمتلاكها. وهذا ما أعنيه، أنني لست نادمة على أي شيء قمت به أو فعلته.   

يعتقد البعض أن الرغبة الجارفة إلى الله تشكل ركيزة أساسية في أعمالك.  


لا. نقول دائمًا أنا وسارتر بأنّه ليس بسبب تواجد الرغبة في الوجود، فإن هذه الرغبة لا بد أن تتطابق مع الواقع. وهذا بالضبط ما قاله كانط على المستوى العقلاني، حيث الحقيقة التي تقول أن الفرد يعتقد بأنّه لا يوجد سبب للإيمان لتواجد سبب أعلى. فالحقيقة القائلة بأنّه إذا كان المرء لديه الرغبة في فعل شيء، فهذا لا يعني بالضرورة أنّه يدرك وجوده، أو حتى أن تكون كينونته خاطرة مُحتملة. على أي حال الكينونة هي إنعكاس، وفي الوقت نفسه هي وجود، فهنالك توليفة من الوجود والكينونة مستحيلة، ودائمًا ما نرفضها أنا وسارتر، وهذا الاعتراض والرفض يشكل الأساس الراسخ لتفكيرنا. فالإنسان لديه هذا الفراغ الذي يتجذر داخل إنجازاته، وهذا كُل شيء.


لا يعني هذا أنني لم أحقق ما أردت تحقيقه، ولكن الإنجاز الشخصي لا يكون أبدًا ما يتصوره الناس، وعلاوة على ذلك، هنالك لدى الناس جانب من التكبر والسذاجة، لأنّهم يتصورون بأنّه إذا كان الشخص ناجحًا على المستوى الإجتماعي، فلا بد أن يكون راضيًا بحالته الإنسانية بشكل عام.


” أنا مخدوعة” يعني كذلك شيئاً آخر، ألا وهو أن الحياة جعلتني أكتشف أن العالم كما هو، عالم من المعاناة والاضطهاد، ويعاني من نقص التغذية لغالبية السكان، وأشياء لم أعرفها عندما كُنت صغيرة، وقتما تخيلت أن اكتشاف العالم، سيكون بالضرورة اكتشاف شيء جميل. 


أيضًا، في هذا الشأن، كُنت مخدوعة بالثقافة البرجوازية، وهذا هو السبب في أنني لم أرد أن أساهم في خداع الآخرين، ولماذا أنادي دائمًا بأنني كُنت مخدوعة؟ بإختصار، حتى لا يتم خداع الآخرين، فالأمر حقًا مشكلة اجتماعية.


وفي شيء من الإيجاز، اكتشفت تعاسة العالم خطوة وراء أخرى، ثم تقدمت أكثر، وبعدها وقبل كُل شيء، وعلاوة على الأمور كُلها، شعرت بمدى التواصل مع الحرب الجزائرية، عندما سافرت للخارج.

شعر بعض النقاد والقراء، أنك تحدثتِ عن الشيخوخة بطريقة بشعة.

لا يُحب الكثير من الناس ما أقوله، لأنّهم يريدون أن يؤمنوا بأن كل فترات الحياة مُبهجة، وأن الأطفال أبرياء، والمتزوجين حديثًا سعداء، وكبار السن في هدوء واطمئنان.


تمردت على مثل هذه المفاهيم طوال حياتي، ومما لا شك فيه بأن هذه هي الحقيقة في الوقت الراهن، بالنسبة لي ليست الشيخوخة وكِبر السن، ولكن بداية الشيخوخة تمثل –حتى إذا كان الفرد لديه كل الموارد التي يحتاجها، المشاعر، العمل الذي يتعين عليه القيام به– تغييراً في وجود الفرد، تغييراً يتجلى بفقدان أرقام مهولة من الأشياء. 

وإذا لم يكن المرء آسفًا لخسارتهم، فهذا لأنه لم يكُن يُحبهم.  


أعتقد أن الناس التي تُقدس الشيخوخة أو الموت السريع، فهم أناس حقًا لا يحبون الحياة.


بطبيعة الحال، في هذه الأيام بفرنسا يمكنكِ أن تقولين أن كُل شيء على ما يُرام، كُل شيء جميل، بما في ذلك الموت.


شعر بيكيت بحذر بالغ تجاه الطبيعة البشرية. هل أثار اهتمامك أكثر من ” الروائيين الجُدد” الآخرين؟


من المُؤكد أن كُل اللعب بالزمن والذي يجده المرء في ” الرواية الفرنسية الجديدة” يمكنك العثور عليه عند فوكنر، فهو الذي علّم الجميع كيفية فعل ذلك، وفي رأيي أنّه الوحيد الذي فعل ذلك ببراعة.


بالنسبة لبيكيت، طريقته في تأكيد الجانب السوداوي للحياة جميل جدًا. ومع ذلك، فهو مقتنع بأن الحياة مظلمة ولا شيء غير ذلك. أنا أيضًا مقتنعة بأن الحياة سوداوية، وفي النفس الوقت أحب الحياة، ولكن هذه القناعة يبدو أنها قد أفسدت عليه كُل شيء.


عندما يكون هذا كل ما تستطيع قوله، فلا توجد خمسون طريقة لقول ذلك، وأنا وجدت أن العديد من أعماله هي بكل بساطة تكرار لما قاله في وقت سابق. نهاية اللعبة تكرر في انتظار جودو ولكن بصورة أضعف.

هل هُنالك العديد من الكُتاب الفرنسيين المعاصرين الذين تهتمين بهم؟


ليس الكثير منهم. أتلقى العديد من المخطوطات، والشيء المُزعج أنها دائمًا مخطوطات سيئة.


في الوقت الحالي، أنا متحمسة جدًا تجاه فيوليت ليدوك. نشرت لأول مرة عام 1946 في «إسبوير» حيث كان كامو من المحررين فيها. أشاد النقاد بها حتى عنان السماء. سارتر، وجينيت، وجوهانديو أحبوها كثيرًا جدًا، وقالت أنها لم تُكن تُباع أبدًا.


 نشرت مؤخرًا سيرة ذاتية عظيمة اسمها «الوغد». 


 نُشرت بدايتها في «العصر الحديث»، حيث كان سارتر هو رئيس التحرير. كتبت مقدمة الكتاب لأنني أعتقد أنها كانت واحدة من الكاتبات الفرنسيات الغير مُقدّرات بعد الحرب. في فرنسا، وفي الوقت الحالي فإنها تحقق نجاحًا كبيرًا.


وأين أنتِ بين الكُتاب المعاصرين؟

لا أعرف كيف يستطيع المرء أن يُقيّم نفسه؟ هل بالضوضاء المُحيطة به؟ أم السكون؟ هل بالأجيال القادمة أم بعدد القُراء؟ هل لغيابِ القارئ دخلٌ في ذلك أم أن الأهمية ستخرج في وقت معين؟


أعتقد أن الناس ستقرأ لي لبعض الوقت. على الأقل، هذا ما يخبرني به القراء. أحيانًا كُنت أشارك في نقاشات حول مشاكل المرأة، وعرفت ذلك مما تلقيته من خطابات. أما بالنسبة للمعنى الدقيق لفكرة الجودة الأدبية في عملي، فليس لديّ أدني فكرة. 

 

The post سيمون دي بوفوار، المقابلة مع «ذا باريس ريفيو» (ترجمة) appeared first on مجلة رمان الثقافية.

]]>