المقابلة الأخيرة مع الروائي الأميركي الذي رحل قبل يومين، في 22 من هذا الشهر. نُشرت في نيويورك تايمز في 16 يناير 2018. أجراها: تشارلز ماكغراث
مع وفاة ريتشارد ويلبور في أكتوبر، أصبح فيليب روث أكثر الأعضاء المعمرين خدمة في قسم الأدب للأكاديمية الأمريكية للفنون والآداب، حيث إن قاعة المشاهير الجليلة في أودوبون تراس الواقعة في شمال مانهاتن، هي بالنسبة للفنون مثل كوبرستاون بالنسبة للبيسبول. لقد كان عضوًا معمرًا يُمكنه أن يسترجع الأوقات عندما ضمت الأكاديمية الآن الشخصيات المنسية تمامًا مثل مالكوم كولي وجلينواي ويسكوت – وهما شخصيتان لامعتان بشعر أبيض من عصر آخر. مؤخرًا أنضم روث مع ويليام فوكنر، وهنري جميس وجاك لندن كواحد من الأمريكيين المعدودين جدًا الذين تضمنتهم طبعات ”بلياد“ الفرنسية (قدوة لمكتبتنا الأمريكية)، وأيضًا إلى الناشر الإيطالي موندادوري حيث أُخرِجت أعماله في سلسلة من سلاسل ”ميريدياني“ للمؤلفين الكلاسيكيين.
يبدو أن كل هذه السمعة المتأخرة في الحياة – والتي تتضمن جائزة الأمير الأسباني أستورياس عام 2012 و تعيينه كقائد لوِسام جوقة الشرف الفرنسي عام 2013 – عملت على إرضائه وتسليته. قال لي في الشهر الماضي “فقط ألقِ نظرة على هذا”، وهو يحمل مجلد موندادوري المزخرف، حيث يقرب في سُمكه من الكتاب المقدس، ويشمل عناوين مثل “شكوى بورتنوي” و “زوكرمان المنشق” . [قال لي] “من يقرأ مثل هذه الكُتب؟.”
عام 2012، عندما اقترب من عامه الثمانين، صرح روث علانية بأنّه تقاعد عن الكِتابة. (في الحقيقة لقد توقف قبل ذلك الوقت بعامين) وفي السنوات التالية ومنذ ذلك الحين، أمضى بعض الوقت يضبط الأمور في نصابها السليم. فعلى سبيل المثال، كتب رسالة طويلة وحماسية إلى ويكيبديا، مُتحديًا هذه الموسوعة الإلكترونية السخيفة، خاضعًا لنزاع معهم في أنّه لم يكن شاهدًا موثوقًا فيه على حياته الخاصة. (في النهاية، تراجعت ويكيبديا وأعادت ترتيب التدوين عن حياة روث بشكل كامل)، روث كذلك على اتصال منتظم مع بليك بيلي، والذي عينه ككاتب رسمي لسيرته الذاتية، حيث جمع بيلي بالفعل 1900 صفحة من الملاحظات لكِتاب يتوقع أن يصل إلى نصف هذا الحجم.
ومؤخرًا، أشرف روث على نشر “لماذا أكتب؟” وهو المجلد العاشر والأخير في طبعة مكتبة أمريكا لأعماله. المجلد عبارة عن نوع من التجميع النهائي، وتشذيب التراث، فإنّه يحتوي على مجموعة مختارة من المقالات الأدبية المكتوبة في الستينات والسبعينات؛ النص الكامل لـ”دكان الحديث”، مجموعة من حواراته ومقابلاته التي أجراها في عام 2001 مع كُتاب آخرين، العديد منهم من الأوروبيين؛ وقسم من المقالات والعناوين الوداعية، حيث يُنشر العديد منها هنا (أي في المجلد) لأول مرة. ليست مصادفة، أن ينتهي الكِتاب بعبارة من ثلاث كلمات “ها أنا هنا” – وهذا ما هو موجود بين صفحتَي الغلاف.
ولكن الآن، وفي الغالب يبدأ روث حياة تقاعدية هادئة في الجانب الغربي الشمالي لمنهاتن. (منزله في كونيتيكت حيث أعتاد أن يعزل نفسه لنوبات طويلة من الكِتابة، الآن يستخدمه فقط في الصيف) يرى أصدقاءه، يذهب إلى الحفلات الموسيقية، يتحقق من بريده الإلكتروني، يشاهد الأفلام القديمة لـ فيلم سترك. ومنذ فترة ليست ببعيدة كان عنده زيارة من ديفيد سايمون، مبتكر مسلسل “ذا وير”، حيث يصنع مسلسلاً صغيراً من ستة أجزاء مأخوذ من رواية “مؤامرة ضد أمريكا”، وفيما بعد قال روث بأنّ روايته في أيدي أمينة. صحة روث جيدة، على الرغم من أنّه حظي بجراحات متعددة بسبب مشاكله المتكررة في الظهر، ويبدو أنّه مُبتهج ومرح. روث شخص وقور، ولكنّه لا يزال مضحكًا جدًا، عندما يُريد أن يكون كذلك.
أجريت مقابلات مع روث في عِدة مناسبات على مر السنين، وفي الشهر الماضي سألته إذا كان في استطاعنا أن نتحدث مجددًا. فأنا مثل الكثير من قُرائه، تساءلت عمّا يفعله مؤلف “السذاجة الأمريكية“ و” تزوجت شيوعيًا” و” المؤامرة ضد أمريكا” في هذه الفترة العجيبة التي نعيشها هذه الأيام. وكنت أشعر بالفضول حول الطريقة التي يقضي فيها وقته. هل في السودوكو؟ أم يشاهد التلفاز في النهار؟ وافق على أن يُجرى الحوار معه ولكن فقط إذا كان من الممكن إجراءه عبر البريد الإلكتروني. قال، أنّه يحتاج إلى أخذ بعض الوقت، ليفكر فيم يُريد أن يقول.
في غضون أشهر قليلة ستصل إلى سن الخامسة والثمانين. هل تشعر بأنَك صرت شيخًا؟ كيف يبدو كِبر السن؟
نعم، في خلال عِدة شهور سأنتقل إلى منطقة أعمق في كبر السن مُتحركًا تدريجيًا وبشكل أكثر عمقًا كل يوم نحو وادي الظلام الرهيب. الآن، من المثير للدهشة أن أجد نفسي في نهاية كُل يوم، أني ما زلت هنا. أدخل إلى السرير في الليل، أبتسم وأفكر “عشت يوماً آخر”. وبعدها أندهش مُجددًا لأنني استيقظت بعد ثماني ساعات ورأيت أن هذا صباح اليوم التالي وهذا يعني أنني مستمر في الوجود هنا.
“نجوت ليلة أخرى” وهذا ما يسبب لي الابتسام مرة أخرى. أخلد للنوم مُبتسمًا، وأصحو مبتسمًا. وأنا ممتن للغاية لأنني لا أزال على قيد الحياة. علاوة على ذلك، عندما يحدث ذلك، كما حدث، أسبوع وراء أسبوع وشهر يتبعه شهر، منذ اليوم الذي بدأت فيه استخلاص رسوم الضمان الاجتماعي، أصبح ذلك ينتج الوهم بأنّ هذا الشيء لن يصل أبدًا إلى نهاية، على الرغم بالطبع، من معرفتي بأنّه من الممكن أن يتوقف كل ذلك في لحظة . أمر يشبه أن تلعب لعبة، يوماً بعد يوم، وهي لعبة محفوفة بالمخاطر وحتى الآن، حتى في ظل الصعاب، أنا فقط مستمر في الفوز. سنرى إلى أي مدى يمكن لحَظِي الصمود.
والآن بعدما تقاعدت كروائي، هل تفتقد الكِتابة، أو هل تُفكر حول التراجع عن التقاعد؟
لا أفكر في هذا. وذلك بسبب أن الظروف التي دفعتني منذ سبع سنوات للتوقف عن كِتابة الرواية، لم تتغير. وكما قُلت في “لماذا أكتب؟” حيث بحلول عام 2010، كان عندي شك قوي بأنني كتبت العمل الأفضل وأي شيء تلاه سيكون وضيعًا وقليل القيمة. في ذلك الوقت لم يعد في جُعبتي الحيوية العقلية أو الطاقة اللفظية أو اللياقة البدينة المحتاجة لأزيد وأتحمل الهجوم الطاغي من أي مبدع كبير في أي مدة على هذا البناء المعقد كما هو مطلوب في الرواية.. كل موهبة لديها شروطها، طبيعتها، هدفها، قوتها؛ وبالطبع فترتها، فترة ولايتها، التي يمكن أن تمتد مدى الحياة… لا يُمكن لأي فرد أن يكون خصبًا في إنتاجه مدى الحياة.
بالعودة للوراء، كيف تسترجع أكثر من خمسين سنة قضيتها ككاتب؟
أتذكرها بابتهاج وامتعاض. بخيبة وحرية. بإلهام وعدم يقين وشك. بالغزارة والخواء. بالقوة المتوهجة والتخبط، بالمخزون اليومي من الازدواج القلق الذي تتحمله أية موهبة، وأيضًا الشعور بعزلة هائلة. والصمت: خمسون سنة في غرفة ساكنة كما هو الحال في قاع بِركة، وعندما يسير كل شيء على ما يُرام، أنتج بصبر ومشقة الحد الأدنى من النثر الصالح للاستخدام.
في”لماذا أكتب؟” أعدت طباعة مقالتك الشهيرة “كتابة الرواية الأمريكية” والتي تُناقش فيها أن الواقع الأمريكي مجنون جدًا لدرجة أنّه غالبًا ما يتجاوز خيال الكاتب. كان ذلك في 1960 عندما صرّحت به. ولكن ماذا عن الآن؟ هل سبق أن توقعت أن أمريكا ستكون مثلما هي أمريكا التي نعيشها اليوم؟
لا أعرف أحداً توقع أن تكون أمريكا مثلما نعيشها هذه الأيام. لا أحد (ربما باستثناء صاحب النظر الثاقب هنري لويس منكن، الذي وصف بشكل شهير الديمقراطية الأمريكية كما لو أنّها “عبادة الحمير للثعالب”) لذا فلا أحد كان يمكنه أن يتخيل نكبات القرن الواحد والعشرين أن تُلِم بالولايات المتحدة الأمريكية، وأكثر الكوارث إذلالاً لن تظهر ولكن، لنقل، قد تظهر إنّما ليس بهذا الشكل المُخيف مثل شخصية الأخ الأكبر الأورويلية، ولكن في شكل كوميديا مرتجلة سخيفة ومشؤومة لمهرج مُتبجح. كم كُنت ساذجًا في 1960 لأعتقد أنني أمريكي أعيش في أوقات عبثية، منافية للعقل! يا له من أمر غريب! ولكن فيما بعد، ما الذي يمكن معرفته في 1960 عن 1963 أو 1968 أو 1974 أو 2001 أو 2016 ؟
روايتك التي نشرت في 2004 “مؤامرة ضد أمريكا” يبدو أنها تنبؤية عن هذه الأيام بشكل مخيف. عندما ظهرت هذه الرواية، رأي بعض الناس أنّها معاصرة لفترة حكم جورج دبليو بوش، ولكنّها كانت مفتقرة لوجود منطقة قريبة الشبه بينها، وما يبدو عليه الواقع الآن.
على الرغم مما قد يبدو بالنسبة لك من استبصار رواية “مؤامرة ضد أمريكا”، فبكُل تأكيد يوجد فارق واحد ضخم بين الظروف السياسية التي أخترعها [داخل النص الروائي] للولايات الأمريكية في 1940 وبين الكوارث السياسية التي تُرعبنا هذه الأيام.
فهناك اختلاف في المكانة بين الرئيس ليندبيرج وبين الرئيس ترامب. تشارلز ليندبيرج، في حياته كما هو في روايتي، من الممكن أن يكون عنصريًا حقيقًا ومعاد السامية ومتعصباً لتفوق البيض على الملونين، ومتعاطفاً مع الفاشية، ولكنّه كان أيضًا – بسبب الفرادنية في إنجازه الاستثنائي حيث الرحلة عبر المحيط الأطلسي عندما كان في الخامسة والعشرين – كان بطلاً أمريكياً واقعياً قبل 13 سنة من جَعلي إياه يفوز برئاسة الجمهورية، تاريخيًا، كان لندبرج الطيار الشجاع الصغير الذي في عام 1927، وللمرة الأولى، طار دون توقف فوق الأطلنطي، من لونج آيلند (بنيويورك) حتى باريس. فعلها في 33 ساعة ونصف في مقعد وحيد، داخل طائرة أحادية المحرك، مما جعله نوعًا ما، من طراز ليف إريكسون القرن العشرين، أو الملاح ماجلان، واحداً من أقدم المرشدين في عصر الملاحة.
بالمقارنة، يعد ترامب محتال كبير، هو مجموع الشر الناتج عن عيوبه، خاليًا من أي شيء إلا الأيديولوجية الضحلة لهذا المصاب بجنون العظمة.
واحدة من ثيماتك المُكررة هي الحديث عن الرغبة الجنسية الذكورية – الرغبة المكبوتة في كثير من الأحيان– وأشكالها المتعددة . ماذا تعتقد في اللحظة التي يبدو أننا فيها الآن، حيث خروج العديد من النساء اللائي يتهمن عدداً كبير جدًا من الرجال بالتحرش الجنسي وسوء المعاملة؟
أنا، كما تشير، لست غريبًا كروائي عن هذا الغضب المثير. الرجال المُحاطون بالإغراء الجنسي وهذا أحد جوانب حياة الرجال والتي كتبتها في بعض كتبي. يستجيب الرجال إلى النداء المُلِح للمتعة الجنسية، تُطاردهم الرغبات المُشينة والإقدام على الشهوات المستحوذة عليهم، حيث السحر حتى من قبل الإغراء المُحرم، على مدى عقود، تخيلت شلة صغيرة من الرجال المشوشين الذين تتملكهم قوة تحريضية للتشاور والتصارع. حاولت أن أكون غير متهاون في وصف كل هؤلاء الرجال كما هم، كما يتصرفون، ثائرين، منفعلين، متوحشين وفي قبضة الحماسة الجسدية، ومواجهين مجموعة من المآزق النفسية والأخلاقية حيث متطلبات الرغبة الحالية.
لم أتجنب هذه الحقائق المؤلمة في إبداعي، حيث الكيفية ولماذا ومتى هؤلاء الرجال المتوحشون يفعلون ما يفعلونه، حتى عندما لم يكن هناك هذا الانسجام. لقد تغلغلت، ليس فقط إلى داخل عقل الرجال، ولكن في صميم هذه الرغبات التي يُمكن لضغطها المُتعنت أن يُهدد عقلانية المرء. وفي بعض الأحيان، يكون هذا الإلحاح مكثفًا، لدرجة تكون التجربة هي شكل من أشكال الجنون. وبناء عليه، لم يكن أي من السلوكيات الأكثر تطرفًا والتي قرأت عنها مؤخرًا في الصحف قد أثارت دهشتي.
قبل تعاقدك، كُنت مشهورًا بأنّك تعمل لوقت طويل، ولأيام طويلة. الآن بعدما توقفت عن الكِتابة، ما الذي تفعله في كُل هذا الوقت من فراغك؟
أقرأ، وإنّ بدا هذا غريبًا أو لا، ولكنني أقرأ القليل جدًا من الأدب. قضيت حياتي العملية كُلها أقرأ أدب، أدرس أدب وأكتب الأدب والرواية. وقبل سبع سنوات فكرت في شيء آخر. منذ ذلك الوقت أقضي جزءًا كبيرًا من كل يوم في قراءة التاريخ، خصوصًا التاريخ الأمريكي ولكن أيضًا تاريخ أوروبا الحديثة. القراءة حلت محل الكِتابة، وتشكل الجزء الرئيسي، والمحفز، لحياتي الفكرية.
ماذا كُنت تقرأ في الآونة الأخيرة؟
يبدو أنني مؤخرًا انحرفت عن المسار وأخذت قراءة مجموعة غير متجانسة من الكُتب. قرأت ثلاث كتب لتا-نيهيسي كواتس، حيث الأكثر معرفة من وجهة النظر الأدبية، “الكفاح الجميل”، وفيه يتحدث عن ذكريات طفولته الصعبة مع والده. من القراءة لكواتس أطلعت على نيل إيرفين بينتر حيث كِتابه الذي يحمل عنوانًا استفزازيًا مختصرًا “تاريخ الشعب الأبيض” بينتر أعادني إلى التاريخ الأمريكي، إلى إدموند مورجان “العبودية الأمريكية، الحرية الأمريكية” حيث هو تاريخ علمي ضخم عما يُنادي به مورجان من “الزواج بين العبودية والحرية” كما كانت موجودة في البداية داخل ولاية فرجينيا. قادتني القراءة لمورجان وبشكل فضوليّ إلى قراءة مقالات تيجو كول، مع ذلك قبل أن أقوم بانحراف كبير بقراءة كتاب ستيفن جرينبلات “الانحراف” عن ظروف الاكتشاف في القرن الخامس عشر لمخطوطة لوكريتيوس المُدمرة “عن طبيعة الأشياء” وهذا قادني إلى البدء في قراءة بعض قصائد لوكريتيوس الطويلة، والتي كتبها في وقت ما من القرن الأول قبل الميلاد، في شعر مُترجم من قبل أليشا إليزابيث ستولينجز. من هنا سرت في قراءة كِتاب جرينبلات عن “الإرادة في العلم :كيف أصبح شكسبير شكسبير”، ثم كيف في خضم كُل هذا أتيت وقرأت واستمتعت بالسيرة الذاتية لبروس سبرينجستين “وُلدتِ لأجري”. لا أستطيع تفسير أي شيء آخر، إنّ هناك الكثير من الوقت تحت تصرفي لقراءة كل ما يأتي في طريقي، والذي يدفعني إلى مفاجآت غير مسبوقة. تصلني بإنتظام من خلال الإيميل نسخ للكُتب قبل نشرها، وبهذه الطريقة اكتشفت ستيفن زيبرستين ” المذبحة: كيشينيف” يبرز زيبرستين اللحظة في بداية القرن العشرين عندما تحول المأزق اليهودي في أوروبا بشكل مميت إلى طريقة حيث تنبأت بنهاية كُل شيء. قادني كِتاب”المذبحة” إلى إيجاد كِتاب حديث عن التاريخ التفسيري، يوري سليزكين “القرن اليهودي” والذي يُناقش فيه أن “العصر الحديث هو العصر اليهودي، والقرن العشرين خصوصًا، هو القرن اليهودي”. قرأت “انطباعات شخصية” لأشعيا برلين، حيث لوحاته المقالية لمجموعة من الشخصيات الأكثر تأثيرًا في القرن العشرين كان قد عرفهم أو لاحظهم. هنالك حكاية عن فرجينيا وولف بكل عبقريتها المخيفة، وهناك صفحات خاصة تتحدث عن الاجتماع المسائي الأول في لينينجراد التي تم قصفها بشكل سيء عام 1945 حيث الشاعرة الروسية الرائعة آنا أخماتوفا، كانت في الخمسينيات من عمرها، وكانت معزولة، وحيدة، مُهانة، مضطهدة من قبل الاتحاد السوفيتي.
يكتب برلين “لم تكن لينينجراد بعد الحرب إلا مقبرة واسعة، مدفناً لأصدقائها.. إن رواية مأساة حياتها غير المرغوبة تتجاوز مقدرة أي شخص على الوصف” لقد تحدثوا حتى الثالثة أو الرابعة في الصباح. قراءة هذا المشهد كان مؤثرًا كأي شيئاً قرأته لتولستوي. فقط في الأسبوع الماضي، قرأت كتابين لاثنين من الأصدقاء، السيرة الذاتية الصغيرة التي كتبتها إدنا أوبراين عن جيمس جويس، والسيرة الذاتية غريبة الأطوار ولكنها جذابة “اعترافات رسام يهودي عجوز” لواحد من أعز أصدقائي المُتوفين، الرسام الأمريكي العظيم رونالد بروكس كيتاج. لدي العديد من الأصدقاء الأعزاء المتوفين. عدد منهم روائيين. أفتقد إيجاد كُتبهم الجديدة في الإيميل.