10 أفلام عظيمة عن الوحدة (ترجمة)

من فيلم Taxi Driver لمارتن سكورسيزي

عماد الأحمد

شاعر ومترجم سوري

ففي فيلم يعالج أساساً مسألة الوحدة، يتم إبراز انفصال ترافيس (روبرت دي نيرو) عن المجتمع، وعدم قدرته على التواصل مع الآخرين، من خلال التكوين التالي -إحدى لقطات الفيلم الأكثر شهرة حيث نرى ترافيس يخرج تماماً من الكادر ببطء شديد، ثم تتابع الكاميرا حركتها إلى اليمين ثم تبتعد لتحدق إلى الأسفل في مدخل مكشوف فارغ. علق سكورسيزي على هذه اللقطة قائلاً: "أحب هذه اللقطة للغاية لأنني شعرت حينها أنها أضافت الكثير لموضوع الوحدة التامة في الفيلم". 

...للكاتب/ة

اشتراكك بنشرتنا البريدية سيحمل جديدنا إليك كل أسبوع

الأكثر قراءة

الصحافة الثقافية وما نناضل من أجله
أين نحن في السير قدما...
عشرة أفلام عظيمة عن المافيا (ترجمة)
10 أفلام تشويق إيروتيكية رائعة (ترجمة)

من أجل صحافة ثقافية فلسطينية متخصصة ومستقلة

05/09/2017

تصوير: اسماء الغول

عماد الأحمد

شاعر ومترجم سوري

عماد الأحمد

مقيم في مالطا

كتبها ديفيد موريسون لموقع BFI، وهذه ترجمتنا لها…

ربما كان الشعور بالوحدة موضوعاً غير اعتيادي حقاً لفيلم سينمائي، إذ لا يبدو موضوعاً دراماتيكياً أو بالأحرى مغرياً للغاية في هذا المجال. وبما أن الشعور بالوحدة يعد جزءاً أساسياً من تكويننا كبشر، لذلك نجده مرتبطاً برغبتنا في الحب أو الصحبة أو ببساطة الحاجة إلى التفاهم والتواصل. تعد الوحدة التي تمثل موضوعاً عالمياً أمراً بالغ الأهمية بالنسبة للمشاعر في العديد من الأفلام، اعتباراً من أفلام الآرت هاوس الوجودية الفنية (إنغمار بيرغمان، مايكلأنجلو أنطونيوني وآخرون) إلى أكثر الأفلام التجارية الرومانسية أو الكوميدية ​​(مثل فيلم Sleepless in Seattle). يأخذ هذا الشعور مداه عند الأشخاص الذهانيين المنعزلين، والأرامل المسنين، والمراهقين المرتبكين وأي شخص آخر من حولهم. وكما قال ديفيد لين، في مناقشته لفيلم (1955) Summer Madness: “أعتقد أن الشعور بالوحدة ينتاب كل واحد منا، إنه شعور شائع أكثر من الحب، ولكننا لا نتكلم عنه بنفس القدر، لأننا نخجل منه. ربما نعتقد أنه يظهر نقصاً ما في أنفسنا”. 

ولعله من المدهش أن السينمائيين غالباً ما يستخدمون استراتيجيات مماثلة لتصوير المشاعر: الأشخاص الذين يأكلون أو يشربون لوحدهم، وتقنيات تصوير تدل على العزلة (تمثل الشخصيات التي تحدق من النوافذ موتيفاً متكرراً دائماً)، واستخدام اللقطات الواسعة والمساحات الفارغة، وتمديد زمن السرد. يستخدم فيلم Taxi Driver لمارتن سكورسيزي (1976) عدداً من هذه الأساليب. ففي فيلم يعالج أساساً مسألة الوحدة، يتم إبراز انفصال ترافيس (روبرت دي نيرو) عن المجتمع، وعدم قدرته على التواصل مع الآخرين، من خلال التكوين التالي -إحدى لقطات الفيلم الأكثر شهرة حيث نرى ترافيس يخرج تماماً من الكادر ببطء شديد، ثم تتابع الكاميرا حركتها إلى اليمين ثم تبتعد لتحدق إلى الأسفل في مدخل مكشوف فارغ. علق سكورسيزي على هذه اللقطة قائلاً: “أحب هذه اللقطة للغاية لأنني شعرت حينها أنها أضافت الكثير لموضوع الوحدة التامة في الفيلم”. 

سنتحدث هنا عن 10 أفلام عظيمة أخرى استوعبت ذلك الإغراء الكامن وتبنته في تصوير الشعور بالوحدة.
 

Late Spring – 1949

المخرج: ياسوجيرو أوزو

يبدو أسلوب ياسوجيرو أوزو في صناعة الأفلام، مع تركيزه لفترة طويلة على الفراغات، واستخدامه لقطات “pillow-shots” والتأمل الهادئ للسيناريوهات اليومية، مناسباً تماماً لنقل العاطفة المؤثرة والحادة للغاية. تعد أفضل أفلامه عبارة عن تأملات شعرية حول العلاقات الأسرية، والفجوة بين الأجيال وخيبات الأمل المختلفة في الحياة. ويركز فيلم Late Spring على نوريكو (سيتسوكو هارا) البالغة من العمر 27 عاماً، والتي تعيش مع والدها شوكيتشي (تشيشو ريو). نوريكو فتاة قانعة بما لديها، ولكن شوكيتشي يشعر أن ابنته ينبغي أن تتزوج حتى لا تبقى في الحياة لوحدها فيما لو حدث له أي مكروه. 

تثقل أفعال الأب الفيلم بشعور عميق بالوحدة والحزن، حيث يضطر كل منهما إلى التأمل في حياة الآخر على حدة. الكاميرا ثابتة على الرواق الفارغ، وانحناءة رأس نوريكو احتراماً تخفي مشاعرها الحقيقية في يوم زفافها ولكنها تنقلها لنا أيضاً، الصورة قبل الأخيرة لشوكيتشي يقشر تفاحة بينما يجلس على كرسي نوريكو الغائبة، كلها عبارة عن لحظات صغيرة تضيف الكثير من التأثير العميق لتشكل واحداً من الأفلام الأكثر إثارة للمشاعر حول الفقدان العاطفي.

Summer Madness – 1955

المخرج: ديفيد لين

هل هناك أي مكان في العالم أفضل من مدينة البندقية الرومانسية لإبراز الشعور بالوحدة؟ كما ستكتشف قريباً السائحة الأميركية في منتصف العمر جين هدسون (كاثرين هيبورن)، فإن الرومانسية التي تتميز بها المدينة يمكنها أن تتحول بسرعة إلى شعور قاس للغاية. تمثل جين، التي لم تحظ بتجربة الحب الرومانسي الجارف، عجلة الاحتياط المهملة في مدينة تعج بالعشاق الذين يتغازلون ليل نهار. يسلط المخرج ديفيد لين في الفيلم المفضل لديه من بين الكثير من أفلامه كما يقول، على فرحة الآخرين -لقطات متكررة لعشاق يتأبطون أذرع بعضهم البعض بينما يمشون في شوارع المدينة، وصوت الضحكات يجلل في الهواء- بينما يصور أداء هيبورن المذهل، المليء بالاعتداد بالنفس والفخر الدفاعي والدموع الساخنة التي على وشك أن تنفجر في أي لحظة، فؤادها المجروح وقلبها المفطور. 

عندما تلتقي جين تاجر التحف الإيطالي ريناتو دي روسي (روسانو برازي) في لقاء عابر سريع، يتألق نهر الأمل الأزلي، وتلتمع ألوان المدينة لتعود إليها الحياة بعدسة مدير التصوير جاك هيلديارد، حيث نشاهد ألعاباً نارية حقيقية. ولكن هل يمكن لعلاقة كهذه أن تستمر أم أن جين ستكتشف أنه من الأفضل قبول الواقع كما هو بدلاً من التمسك بسراب رغبات وهمية قصيرة الأجل؟ 

The Apartment – 1960

المخرج: بيلي وايلدر

يمثل هذا الفيلم الكوميدي لبيلي وايلدر والحائز على عدة جوائز أوسكار جرعة من السخرية من الشركات الأمريكية، وجرعة أخرى من الرومانسية الساخرة حيث البطلة الرومانسية عشيقة بميول انتحارية لرئيس فاسد -كان من المستغرب في حقيقة الأمر أن يحظى هذا الفيلم باستقبال حسن. ولكن المفتاح الحقيقي لفهم فيلم The Apartment هو الوحدة، كما يشير مارك كازنس، وتحديداً الوحدة التي يشعر بها بود باكستر (جاك ليمون)، الرجل المحترم الذي أفسده النظام. 

يعير باكستر (ليمون) شقته للآخرين لإقامة علاقات غير شرعية فيها ليتمكن من تسلق السلم الوظيفي في عالم الشركات، ولكنه يعيش دائماً في ذلك البرد القارس للوحدة (ينتظر في أحد المشاهد لوحده، وهو يكاد يتجمد من البرد، في لقطة تذكرنا بلوحة إدوارد هوبر Night in the Park). ودائماً عندما يعود إلى منزله يتناول وجبة العشاء لشخص واحد أمام التلفاز. ولكن فيلم The Apartment عبارة عن فيلم يستخدم الوحدة ليتحدث عن ضرورة الحب، وعندما يقع باكستر في غرام فران كوبيليك (شيرلي ماكلين) تصلنا رسالة الفيلم في نهاية المطاف. هناك دائماً أمل في حصول “شيء رائع – عشاء لشخصين مثلاً”.

Fear Eats the Soul – 1974

المخرج: رينر فيرنر فاسبيندر

يعد فيلم Fear Eats the Soul، أحد الأفلام الكلاسيكية في السينما الألمانية الجديدة، واحداً من أكثر أعمال راينر فيرنر فاسبيندر انتشاراً. توجد رقة هنا تنبع جزئياً من سلفه السينمائي، فيلم All That Heaven Allows (1955) لدوجلاس سيرك، حيث أعاد فاسبيندر الحكاية كقصة رومانسية بين الأعراق المتداخلة في ألمانيا في فترة السبعينيات. تقابل الأرملة الوحيدة في منتصف العمر إيمي (بريجيت ميرا) الشاب الغريب علي (الهادي بن سالم)، المهاجر المغربي الشاب، وسرعان ما يجد كل منهما العزاء في الآخر. ولكن المجتمع ينقلب ضدهم، ويظهر التعصب والعنصرية المدفونين تحت الرماد. 

يعد فاسبيندر أستاذاً حقيقياً في تقديم عزلة شخصياته في الفيلم الذي يشتمل على كل من الميلودراما الرهيبة والنقد الفكري غير المتحيز. علي وإيمي محشورين في الكادر، نراهما بكل برودة الأعصاب من خلال المداخل أو المساحات المتقلصة الفارغة، حيث يجلسان في حديقة وسط بحر من الكراسي الصفراء الفارغة. وفي الوقت الذي يكشف فيه فيلم Fear Eats the Soul سريرياً الأسباب المدفوعة اجتماعياً للوحدة، يبقى تجربة عاطفية ملموسة واقعية. 

The Green Ray – 1986

المخرج: إريك رومر
 

يركز فيلم The Green Ray لإريك رومر، الفيلم الخامس في سلسلة “Comedies and Proverbs “، على الشابة الباريسية، دلفين (ماري ريفيير)، والتي لا زالت تتعافى من آثار الانفصال وتقرر كيفية قضاء عطلتها الصيفية. تزور الأصدقاء، وتسافر وحدها إلى المنتجعات، ولكنها أينما ذهبت تجد الآخرين يتمتعون بالحميمية التي تمنحهم إياها المجموعات التي ينتمون إليها بينما تحاول دلفين جاهدة الانضمام إلى جوقات الفرح هذه. وكمثل جين في فيلم Summer Madness، فإن دلفين شخصية دفاعية وغاضبة فيما يتعلق بالتنازلات اللازمة للانخراط في لعبة الفتاة التي تقابل شاباً. 

يصل الفيلم إلى أجمل مشاهده على البحر. حيث تتناسب مشاعر دلفين المليئة بالشوق والانتظار الحاجة الشديدة مع تقليد طويل – في الرسم والأدب كما هو في عالم الأفلام – من الشخصيات التي تحدق متأملة المحيط. تحمل بداخلها مثالاً رومانسياً حول شخص سيظهر من بين الأمواج. يمنحنا رومر في نهاية المطاف مكافأة عاطفية مذهلة تتعلق برواية جول فيرن التي تحمل عنوان الفيلم نفسه – ولا يذهب انتظار دلفين في النهاية هباء منثوراً. 

Chungking Express – 1994

المخرج: وونغ كار واي
 

أكد فيلم Chungking Express، للمخرج وونغ كار واي من هونغ كونغ، حقيقة أن الفيلم حتى لو كان يتحدث عن فقدان التواصل والعلاقات، فإنه قادر على أن يمثل تجربة سينمائية صاخبة حقاً، وذلك من خلال جعل الشعور بالوحدة والحزن يبدو رومانسياً موجعاً. تتكشف أمامنا حكايتان منفصلتان أساساً عن الشرطيين اللذين هجرتهما حبيبتيهما مؤخراً #223 (تاكيشي كانيشيرو) والشرطي  #633 (توني ليونغ) والمرأتين اللتين وقعتا في حبهما في حالتهما الحرجة الضعيفة هذه. 

يعد فيلم Chungking Express المستوحى جزئياً من أفلام الموجة الفرنسية الجديدة، فيلماً مبتكراً ومبهجاً، وفي الوقت نفسه فيلماً تأملياً وفلسفياً. يستخدم وونغ تقنيات السينما المذهلة للتعليق على عزلة شخصياته، وأبرزها استخدام تقنية “stretch” أو “step-printing”(أي طباعة نسخ متعددة من الكوادر لإحداث تغيير في زمن عرضها)، كما في المشهد حيث يظهر كل من ليونغ و فاي وونغ يتحركان بالحركة البطيئة بينما تتجاوزهم الحشود بسرعة. تتحرك الحياة ببطء بالنسبة للأشخاص الوحيدين والواقعين في الحب. ويُستثمر أي تفصيل من التفاصيل اليومية ليكتسب أهمية كبيرة بمساعدة التعليقات الصوتية الحزينة -يمكن لعلب الأناناس منتهية الصلاحية أو حتى جلاية الصحون المهترئة أن تثير الكثير والكثير من الحزن الغامر. لا شيء يدوم إلى الأبد: ربما يشبه الناس “الأناناس اليوم شيء وغداً شيء آخر”.

Uzak – 2002

المخرج: نوري بيلجي جيلان
 

يقدم فيلم Uzak الذي كتبه وأخرجه وصوره ببراعة شديدة المخرج التركي نوري بيلجي جيلان، سرداً بسيطاً متقشفاً. يستأجر محمود (مظفر أوزدمير)، المصور الناجح في اسطنبول والذي تعرض لخيبة أمل مؤخراً وتحرر من الوهم، رغماً عنه غرفة عمه يوسف (إيمين توبراك)، بينما يبحث عن عمل كبحار. ربما في فيلم آخر قد يعاني هذا الشخصان الغريبان في البداية لكي يتقبلا بعضهما البعض ولكنهما في نهاية المطاف يقدمان لبعضهما البعض ملجأ من العزلة  -ولكن هذا لا يحدث على الإطلاق في فيلم Uzak. العادات اليومية المختلفة لكلا الشخصين في الفيلم تهيج كل منهما إلى أقصى درجات الهزلية والغضب. 

يتحدث فيلم Uzak عن الأنشطة والأشياء اليومية: مشاهدة التلفاز، التجول من شارع لآخر، والتدخين، والإطلالة من النوافذ. كما يعد فيلماً عن التحديق. يحدق كل من يوسف ومحمود -في أداء مضبوط ولكن متميز- إلى البحر أو إلى المناظر الطبيعية الثلجية الشاحبة، أو يختبئان ليحدقا إلى النساء اللواتي لا يمكنهما التواصل معهن. ولكن كل هذه الأفعال المتقشفة تضيف الكثير والكثير إلى هذا الفيلم الذي يعد من أكثر الأفلام المؤثرة والمصنوعة بجمال أخاذ في الآونة الأخيرة ليغدو تحفة حقيقية عن الكآبة والسوداوية. وكما قال جيلان: “ليس هناك شيء آخر على ما يبدو يستحق أن نتحدث عنه في فيلم”. 

Tony Takitani – 2004

المخرج: جون إيشيكاوا

إذا كان لفيلم أن يدعي أنه فيلم “حول” الوحدة حقاً، فلا بد أن هذا يكون هذا الفيلم بلا شك Tony Takitani. يتتبع فيلم جون إيشيكاوا، المقتبس عن قصة قصيرة لهاروكي موراكامي، حياة صبي صغير توفيت والدته أثناء ولادته، يحظى بالقليل من الاهتمام الأبوي، ويتعرض للازدراء في المدرسة، ويحظى لاحقاً بطعم القليل من السعادة فقط مع زوجته التي تموت في عز شبابها، وتبقى غرفة ملابسها الواسعة الشيء الوحيد الذي يذكره بها. 

مع نظام الألوان الصامتة، والمشاهد الطويلة الثابتة، والوضع المنخفض غير العادي للشخصيات داخل الإطار والمشاهد الطويلة لأفعال العزلة، يعد فيلم Tony Takitani تجربة سينمائية حادة متطرفة خضعت لرقابة صارمة لتعكس موضوع “الوحدة القدرية القاتلة”. يرغب توني (إيسي أوغاتا) في تجنب العواطف، والتخلص من الذكريات المؤلمة عن طريق إفراغ حياته وبيته، ليبقى لوحده تشاركه عزلته غرفته الفارغة. الفيلم عبارة عن فيلم مليء بالحاضر الغائب، ظلال الأحباء الذين رحلوا اليوم، ويصور بروعة شديدة تلك العزلة العاطفية الرهيبة.

Lights in the Dusk – 2006

المخرج: آكي كوريسماكي

يتمتع أكي كوريسماكي بأسلوب سينمائي متميز: الحد الأدنى من الحوار، والتكوينات الثابتة، والشخصيات الرواقية جامدة الملامح والإحساس الفنلندي بامتياز بالكوميديا السوداء. يعرض كوريسماكي في الجزء الأخير من ثلاثيته “Finland” (أو “loser”)، بعد فيلم Drifting Clouds (1996) وفيلم The Man without a Past (2002)، قصة حارس أمن بدون أصدقاء، حيث يتم خداع كويستينن (جاين هيتينينن) من قبل مومس جميلة تعمل مع عصابة لتنفيذ عملية سرقة. اعتاد كويستينن الذي يضحك عليه زملاؤه ويستبعدونه أو يتجاهلونه على التعرض الشديد للإذلال والتسليم بذلك أيضاً كنوع من أنواع الاحتجاج. 

تحيلنا اللقطات الغنية لهلسنكي بعدسة تيمو سالمينن إلى إدوارد هوبر كملهم أساسي لهذا الفيلم، وكما هو الحال مع فيلم The Apartment، فإن هذا التأثير يضاعف مزاج الوحدة السائد في الفيلم. في أحد المشاهد تتم الإحالة إلى لوحة هوبر “Nighthawks” من خلال لقطة مذهلة حيث تؤطر نافذة للطعام السريع بشكل مثير للإعجاب أيلا (ماريا هيسكانن)الوحيدة، امرأة متعاطفة تحمل الشعلة لكويستينن. وتشمل التأثيرات الأخرى روبرت بريسون، الذي تظهر لمسته في اللقاء الأخير بين الاثنين، مما يشكل صورة قوية مفاجئة من التعاطف.

Christine – 2016

المخرج: أنطونيو كامبوس

كانت كريستين تشوباك صحفية إخبارية تعيش في فلوريدا أطلقت النار على نفسها لتموت على الهواء مباشرة في عام 1974. وظهرت قصتها مؤخراً كموضوع لفيلمين- فيلم Kate Plays Christine لروبرت غرين، والفيلم صاحب العنوان الأقصر لأنطونيو كامبوس. ولكن الفيلم الثاني هو الذي حاول في الحقيقة إظهار كريستين كشخص حقيقي. 

يشير كامبوس والكاتب كريغ شيلويتش إلى أن الشعور بالوحدة والاكتئاب كانا محوريين بالنسبة لمشاكل كريستين، مع الاعتراف أيضاً بالإحباط من مكان العمل الأكثر إثارة على الصعيد الجنسي في فترة السبعينيات والطبيعة المثيرة لوسائل الإعلام التي عملت فيها. تتفوق ريبيكا هول في تشكيل شخصية امرأة يمكنها أن تكون دفاعية سريعة الغضب مندفعة وفظة، ولكنها ضعيفة أيضاً، محرجة اجتماعياً وحساسة للغاية. أضعف كل من اكتشاف حالة المبيض التي قد تمنع كريستين من الحمل، إلى جانب وقوعها في غرام زميلها، احترامها لذاتها الهش أصلاً، مما حول الشعور بالوحدة إلى شيء أكثر ضرراً على الصعيد النفسي. مهما كانت الدوافع الأخلاقية في افتراض دوافع فرد ما من حولنا، تمثل كريستين صورة متعاطفة تعترف بقوة الوحدة وقدرتها على تحديد حياة الناس.

الكاتب: عماد الأحمد

هوامش

موضوعات

الأكثر قراءة

عشرة أفلام عظيمة عن المافيا (ترجمة)
10 أفلام تشويق إيروتيكية رائعة (ترجمة)
أين نحن في السير قدما...
الصحافة الثقافية وما نناضل من أجله

GOOGLE AD

نكـتـب لفلسطين

اشتراكك بنشرتنا البريدية سيحمل جديدنا إليك كل أسبوع

اختيارات المحرر

من أجل صحافة ثقافية فلسطينية متخصصة ومستقلة

اشتراكك بنشرتنا البريدية سيحمل جديدنا إليك كل أسبوع