ملف ممتد، في نصف قرن على اغتياله

كنفاني… عن الطفولة والأدب والماركسية والجبهة والهدف

رمان الثقافية

مجلة ثقافية فلسطينية

ولكن من الصعب جداً أن يعبر المرء عن أفكار سياسية ونظرية عميقة بأسلوب بسيط. وقليل من الناس يملكون هذه المقدرة. في الجبهة الشعبية لدينا شخصين باستطاعتهما التعبير عن أفكار عميقة بأسلوب سهل بحيث يستوعبها جميع من يقرأها. أحدهما جورج حبش. أما الآخر فهو أحد القادة العسكريين الذي كتب كتابات بديعة.

للكاتب/ة

اشتراكك بنشرتنا البريدية سيحمل جديدنا إليك كل أسبوع

الأكثر قراءة

عشرة أفلام عظيمة عن المافيا (ترجمة)
10 أفلام تشويق إيروتيكية رائعة (ترجمة)
10 أفلام عظيمة عن الوحدة (ترجمة)
عن السيرورة والصيرورة

من أجل صحافة ثقافية فلسطينية متخصصة ومستقلة

09/04/2022

تصوير: اسماء الغول

رمان الثقافية

مجلة ثقافية فلسطينية

رمان الثقافية

بهذه المادة الأرشيفية، المقابلة غير المنشورة من بعد نشرها في “شؤون فلسطينية” (العدد ٣٦، تموز يوليو ١٩٧٤)، نستهل ملفّنا الممتد على طول العام، بمناسبة نصف قرن على اغتيال كنفاني.

حديث ينشر لأول مرة: مع الشهيد غسان كنفاني

حصلت “شؤون فلسطينية” على النص الكامل لحديث خاص غير منشور، أجراه كاتب سويسري، يتخصص في أدب غسان كنفاني، مع شهيد المقاومة الفلسطينية قبل استشهاده بأسابيع قليلة، ونحن ننشر الترجمة الحرفية لهذا الحديث غير المنشور، في الذكرى الثانية لاستشهاد غسان، وسوف يكون الحديث جزءاً أساسياً من دراسة علمية يعدها الكاتب عن أدب غسان كنفاني.

غسان، هل لك أن تخبرني شيئاً عن خلفيتك الشخصية؟

أظن أن قصتي تعكس خلفية فلسطينية تقليدية للغاية. فقد غادرت فلسطين عندما كنت في الحادية عشرة من العمر وكنت أنتمي إلى عائلة من الطبقة الوسطى. كان والدي محامياً، وكنت أدرس في مدرسة فرنسية تبشيرية. وفجأة، انهارت هذه العائلة المتوسطة وأصبحنا لاجئين فتوقف والدي فوراً عن العمل بسبب جذوره الطبقية المتأصلة. فالاستمرار بالعمل بعد مغادرتنا فلسطين لم يعد أمراً منطقياً بالنسبة له. إذ أن ذلك كان سيفرض عليه التخلي عن طبقته والانتقال إلى طبقة أدنى. وهذا ليس بالأمر السهل. أما نحن، فقد باشرنا بالعمل كصبية ومراهقين كي نعيل العائلة. وقد استطعت أن أتابع تحصيلي العلمي بنفسي من خلال عملي كمعلم في إحدى المدارس الابتدائية في القرية، الأمر الذي لا يتطلب كفاءة علمية عالية. وكانت تلك بداية منطقية ساعدتني على متابعة المرحلة الثانوية التي أنهيتها في تلك الأثناء. وبعد ذلك انتميت إلى الجامعة [جامعة دمشق]، قسم الأدب العربي، لمدة ثلاث سنوات، فصلت بعدها لأسباب سياسية. عندها سافرت إلى الكويت حيث مكثت طوال ست سنوات. وقد باشرت القراءة والتأليف هناك.

ابتدأت حياتي السياسية عام 1952 عندما كنت في الرابعة عشرة أو الخامسة عشرة من العمر. وفي العام نفسه، أو في عام 1953 قابلت الدكتور جورج حبش في دمشق صدفة، لأول مرة، كنت أعمل يومها مصححاً في مطبعة. ولست أذكر من الذي عرفني على الدكتور، غير أن معرفتي به ابتدأت آنذاك. وعلى الفور انخرطت في صفوف حركة القوميين العرب وهكذا ابتدأت حياتي السياسية. وخلال إقامتي في الكويت، مارست نشاطات سياسية ضمن حركة القوميين العرب التي تتمثل الآن بأقلية لا بأس بها في الحكومة الكويتية. وفي عام 1960 طُلب مني أن أنتقل إلى لبنان لأعمل في صحيفة الحزب. وفي عام 1967 طُلب مني أن أعمل مع الجبهة الشعبية لتحرير فلسطين، وهي عبارة عن فرع فلسطين لحركة القوميين العرب. وفي عام 1969 باشرت عملي في صحيفة “الهدف” وما زلت.

هل باشرت الكتابة نتيجة لدراستك الأدب العربي؟

كلا، أعتقد أن اهتمامي بالأدب العربي ابتدأ قبل دراستي. وأظن أن اهتمامي هذا كان نتيجة لعقدة، إن لم تخني الذاكرة. فلقد كنت أدرس في مدرسة فرنسية تبشيرية، كما سبق أن ذكرت، قبل أن نغادر فلسطين. لذلك، لم أكن متملكاً من اللغة العربية كعربي. وقد سبب لي ذلك كثيراً من المتاعب. فطالما هزأ بي أصدقائي لأنني لم أكن أجيد العربية. ولم يكن ذلك التصور واضحاً عندما كنا في فلسطين بسبب طبقتي الاجتماعية. ولكن عندما خرجنا من فلسطين أصبح أصدقائي من طبقة مختلفة ولاحظوا فوراً بأن لغتي العربية ركيكة وبأنني الجأ إلى التعابير الأجنبية في أحاديثي، وبالتالي، انصب اهتمامي على اللغة العربية كي أداري مشكلتي هذه. وكان ذلك في عام 1954 على الأغلب. أظن أنني كسرت ساقي في ذلك العام في حادثة. وكان عليّ أن ألازم الفراش طوال ستة شهور. عندها ابتدأت المطالعة بالعربية بصورة جدية.

أظن أن باستطاعتنا أن نورد أمثلة عديدة عبر التاريخ عن أناس “ضيعوا” لغتهم وهم بالتالي يحاولون استردادها. هل تظن أن هذه العملية تطور الإنسان سياسياً؟

لا أدري. قد يكون الأمر كذلك. أما بالنسبة لي شخصياً فقد تم “تسييسي” بطريقة مختلفة. اتجهت نحو السياسة في مرحلة مبكرة لأننا كنا نعيش في المخيم. ولذا، كنت على اتصال مباشر مع الفلسطينيين ومشاكلهم من خلال ذلك الجو المحزن والعاطفي الذي عشته كطفل. ولم يكن من الصعب عليّ اكتشاف الجذور السياسية للجو الذي عشته.

وعندما باشرت بالتدريس، واجهت مصاعب جمة مع الأطفال الذين درستهم في المخيم. فقد كنت أغضب دائماً لدى مشاهدتي طفلاً نائماً أثناء الصف. وببساطة اكتشفت السبب: لقد كان هؤلاء الأولاد يعملون في الليل، يبيعون الحلوى أو العلكة أو ما شابه في دور السينما والطرقات. وبالطبع، كانوا يأتون إلى الصف وهم في غاية التعب. إن حالة كهذه، تقود الإنسان فوراً إلى جذور المشكلة. فقد تبين لي أن نوم الطفل ليس ناجماً عن استخفافه بي أو عن كرهه للعلم، كما لم يكن للأمر علاقة بكرامتي كمعلم بل كان مجرد انعكاس لمشكلة سياسية.

إذن ساهمت تجربتك هذه في تطوير وعيك الاجتماعي والسياسي.

نعم، وأذكر بأن ذلك حدث ذات يوم بصورة مباشرة. كما تعلم، يتولى معلمو التلاميذ الصغار تعليمهم كافة المواد بما فيها الرسم والحساب والإنكليزية والعربية وغيره. وذات يوم، كنت أحاول تعليم الأولاد أن يرسموا تفاحة وموزة تمشياً مع البرنامج الذي أقرته الحكومة السورية، إذ أنني كنت أمارس التعليم هناك. وكان عليّ أن أتقيد بالكتاب. وفي تلك اللحظة، عندما كنت أحاول أن أرسم هذين الرسمين على اللوح بأكمل وجه ممكن، انتابني شعور بالغربة والغرابة وعدم الانتماء وأذكر جيداً بأنني شعرت في تلك اللحظة بأن عليّ أن أقوم بعمل ما إذ أنني أدركت بوضوح، قبل أن استطلع وجوه الأطفال الجالسين ورائي، بأنه لم يسبق لهم أن شاهدوا تفاحة أو موزة. وبالتالي كانت هذه الأشياء آخر ما يثير اهتمامهم. لم يكن هناك ارتباط بينهم وبين هذين الرسمين. وفي الواقع، كانت العلاقة بين أحاسيسهم وهذه الرسوم علاقة متوترة لا علاقة جيدة. كانت تلك نقطة تحول حاسمة، إذ أنني أتذكر بوضوح تلك اللحظة بالذات من بين جميع الأحداث التي مرت بحياتي. ونتيجة لذلك، محوت الرسوم من اللوح وطلبت من الأطفال أن يرسموا المخيم. وبعد بضعة أيام، عندما جاء المفتش إلى المدرسة، قال بأنني حدت عن البرنامج الحكومي المقرر ما يبرهن على أنني معلم فاشل. وقد حملني اضطراري للدفاع عن نفسي إلى [خضم] القضية الفلسطينية مباشرة. إن تراكم خطوات صغيرة كهذه يدفع الناس إلى اتخاذ قرارات من شأنها أن تترك طابعها على حياتهم بأكملها.

تعليقاً على هذه النقطة، أظن أنها تهمك أنت بالذات [فأنت]، عندما تتناول الفن، كاشتراكي على أي حال، فإنك تربط الفن مباشرة بالبيئة الاجتماعية والسياسية والاقتصادية. لقد لمست أنت ذلك من خلال رسم تفاحة وموزة. ولكن بالنسبة لمؤلفاتك، هل لهذه المؤلفات علاقة بالواقع وبالزمن الحاضر أو هل هي مستقاة من التراث [الأدبي]؟

– لقد نشرت قصتي الأولى عام 1956 وكان عنوانها “شمس جديدة”. وتدور [حوادثها] حول طفل من غزة. عندما آستعرض مجمل القصص التي كتبتها عن فلسطين حتى الآن، يتبين لي أن كل قصة ترتبط بطريقة مباشرة أو غير مباشرة وبخيط دقيق أو متين بتجاربي الشخصية في الحياة. غير أن أسلوبي الكتابي تطور خلال الفترة الواقعة بين عامي 1956 و1960 أو، على وجه التحديد، عام 1962. في البداية، كنت أكتب عن فلسطين كقضية قائمة بحد ذاتها، وعن الأطفال الفلسطينيين، عن الإنسان الفلسطيني، عن آمال الفلسطينيين بحد ذاتها، كأشياء منفصلة عن عالمنا هذا، مستقلة وقائمة بذاتها كوقائع فلسطينية محتمة. ثم تبين لي أنى أصبحت أرى في فلسطين رمزاً إنسانياً متكاملاً. فأنا عندما أكتب عن عائلة فلسطينية، فإنما أكتب في الواقع عن تجربة إنسانية. ولا توجد حادثة في العالم غير متمثلة في المأساة الفلسطينية. وعندما أصور بؤس الفلسطينيين، فأنا في الحقيقة استعرض الفلسطيني كرمز للبؤس في العالم أجمع. وبإمكانك القول بأن فلسطين تمثل العالم برمته في قصصي. ففي وسع الناقد [الأدبي] الآن أن يلاحظ بأن قصصي لا تتناول [الفرد] الفلسطيني ومشاكله فحسب، بل تتناول حالة إنسانية لإنسان يقاسي من المشاكل إياها. ولكن ربما كانت تلك المشاكل أكثر تبلوراً في حياة الفلسطينيين.

هل رافق تطورك الأدبي تطورك السياسي؟

نعم، في الواقع، لا أدري ما الذي سبق الآخر. قبل البارحة، كنت أشاهد إحدى قصصي التي أنتجت كفيلم سينمائي. كنت قد كتبت هذه القصة عام 1961. وقد شاهدت الفيلم بمنظور جديد إذ اكتشفت فجأة بأن الحوار بين الأبطال وخط تفكيرهم وطبقتهم [الاجتماعية] وطموحاتهم وجذورهم في ذلك الحين كانت تعبر عن مفاهيم متقدمة من أفكاري السياسية. [إذن] باستطاعتي القول بأن شخصيتي كروائي كانت متطورة أكثر من شخصيتي كسياسي، وليس العكس، وينعكس ذلك في تحليلي للمجتمع وفهمي له.

هل تعكس كتاباتك تحليلاً لمجتمعك، أم هل تتلون تحليلاتك بصيغة عاطفية أيضاً؟

أظن أن قصصي القصيرة كانت تستند إلى موقف عاطفي في بادئ الأمر. ولكن يمكنك القول بأن كتاباتي ابتدأت تعكس الواقع منذ أوائل الستينات. إن مراقبتي لهذا الواقع وكتابتي عنه قاداني إلى التحليل السليم. إن قصصي نفسها تفتقر إلى التحليل. ولكن هناك الأسلوب الذي يتصرف به أبطال القصة والقرارات التي يتخذونها والأسباب التي تدفعهم لاتخاذ هذه القرارات وإمكانية بلورة تلك القرارات إلخ… إني أعبر في رواياتي عن الواقع، كما أفهمه، دون تحليل. أما ما عنيته بقولي بأن قصصي كانت أكثر تطوراً [من آرائي السياسية] فهو عائد إلى دهشتي الصادقة لدى متابعتي تطور الأبطال في القصة التي كنت أشاهدها كفيلم، والتي لم أكن قد قرأتها خلال السنين الماضية. لقد دهشت عندما سمعت [مجدداً] حوار أبطالي حول مشاكلهم واستطعت أن أقارن حوراهم بالمقالات السياسية التي كنت قد كتبتها في الفترة الزمنية ذاتها فرأيت بأن أبطال القصة كانوا يحللون الأمور بطريقة أعمق وأقرب إلى الصواب من مقالاتي السياسية.

ذكرت بأنك بدأت العمل السياسي بانضمامك إلى حركة القوميين العرب يوم قابلت حبش عام 1953. متى اعتنقت المبادئ الاشتراكية [إذن]؟ إن حركة القوميين العرب لم تكن حركة اشتراكية في بادئ الأمر.

كلا، لم تكن كذلك. كانت حركة القوميين العرب [موجهة] ضد الكولونيالية والإمبريالية والرجعية. ولم يكن لها خط إيديولوجي [معين] في ذلك الحين. غير أن هذه الحركة تبنت خطاً اشتراكياً خاصاً بها خلال السنوات التي عاشتها. فمناهضة الإمبريالية تعطي دفعة نحو الاشتراكية ذلك إن لم يتخل المرء عن القتال في وسط المعركة وإن لم يتوصل إلى تسوية مع الإمبريالية. ففي هذه الحالة لن يتسنى لهذه الحركة أن تتطور إلى حركة اشتراكية. ولكن إذا استمر المرء في القتال [فمن الطبيعي] أن تتطور الحركة [لمناهضة للإمبريالية] إلى موقف اشتراكي. ولقد أدرك القوميون العرب هذه الحقيقة في أواخر الخمسينيات. أدركوا بأنه ليس في وسعهم أن يكسبوا الحرب ضد الإمبريالية ما لم يستندوا إلى طبقات [اجتماعية] معينة: تلك الطبقات التي تحارب الإمبريالية لا من أجل كرامتها فحسب: بل من أجل رزقها ومعيشتها. وكان هذا [الطريق] هو الذي سيؤدي مباشرة إلى الاشتراكية. ولكنا كنا في مجتمعنا وحركتنا [أي حركة القوميين العرب] حساسين جداً فيما يتعلق [بالمبادئ] الماركسية – اللينينية، ولم يكن موقفنا هذا ناجماً عن عدائنا للاشتراكية بل كان نتيجة للأخطاء التي ارتكبتها الأحزاب الشيوعية في العالم العربي. لهذا كان من الصعب جداً على حركة القوميين العرب أن تتبنى الماركسية – اللينينية قبل عام 1964. ولكن في عام 1967، في شهر تموز على وجه التحديد، اعتنقت الجبهة الشعبية [مبادئ] الماركسية – اللينينية فكانت بذلك [الجبهة] الوحيدة ضمن حركة القوميين العرب التي اتخذت خطوة كهذه. أما حركة القوميين العرب فقد غيرت اسمها إلى “حزب العمل الاشتراكي”. أما الفرع الفلسطيني لها فقد دعي “الجبهة الشعبية”. طبعاً، هذا تبسيط للمشكلة. فقد كنا نحن قد تطورنا ضمن حركة القوميين العرب. كان هنالك صراع دائم داخل الحركة بين ما يدعى باليمين واليسار. وفي كل جولة، كان اليسار الجهة الرابحة لأن موقفنا فيما يتعلق بمناهضة الإمبريالية والرجعية كان أفضل [من موقف اليمين]. وقد نتج عن ذلك اعتناق الماركسية – اللينينية. أما أنا فلست أذكر الآن ما إذا كان موقفي من الصراعات التي دارت داخل الجبهة مائلاً إلى اليمين أو إلى اليسار إذ أن الحد بين اليمين واليسار لم يكن فاصلاً آنذاك كما هو الآن، مثلاً، في الأحزاب السياسية المتطورة. ولكن يمكنني القول بأن حركة القوميين العرب كانت تشمل بعض العناصر الشابة، وكنت من ضمنها، التي كانت تسخر من حساسية الكبار في السن تجاه الشيوعية. وبالطبع، لم نكن يومها شيوعيين، ولم نكن نحبذ الشيوعية. غير أن حساسيتنا ضد الشيوعية كانت أقل نسبة من حساسية المتقدمين في السن. وبالتالي، لعب الجيل الجديد دوراً بارزاً في تطوير حركة القوميين العرب إلى حركة ماركسية – لينينية. وكان العامل الأساسي في ذلك كون غالبية أعضاء حركة القوميين العرب من الطبقة الفقيرة. أما الأعضاء المنتمون إلى البرجوازية الصغيرة أو البرجوازية الكبيرة فقد كان عددهم محدوداً. كما أنهم لم يستمروا في هذه الحركة إنهم كانوا يتركونها بعد مرور سنتين من انضمامهم إليها. كما انضم إليها أعضاء جدد [من هذه الطبقات] تركوها بدورهم [بعد فترة وجيزة]. أما الطبقات الفقيرة فقد كانت تستمر وتستمر ولم تلبث أن شكلت قوة ضاغطة داخل حركة القوميين العرب.

متى ابتدأت بدراسة الماركسية – اللينينية؟ هل تذكر ذلك؟

لا أعتقد أن تجربتي الخاصة في هذا الخصوص تجربة تقليدية. أولاً، لقد كنت ولم أزل معجباً بالأدباء السوفيات. غير أن إعجابي بهم كان مطلقاً آنذاك. وقد ساعدني ذلك في إذابة الجليد بيني وبين الماركسية. وقد أطلعت على الماركسية في مرحلة مبكرة من خلال قراءاتي وإعجابي بالكتاب السوفيات. ثانياً، كان زوج شقيقتي قائداً شيوعياً بارزاً. وكانت شقيقتي قد تزوجت عام 1952. وقد أثر زوج شقيقتي على حياتي في تلك المرحلة المبكرة. وأيضاً، عندما ذهبت إلى الكويت أقمت مع شبان آخرين في بيت واحد وكان مجموعنا سبعة أشخاص. وبعد بضعة أسابيع من وصولي اكتشفت بأن الستة الآخرين كانوا يشكلون خلية شيوعية. إذن باستطاعتي القول بأن اتصالاتي كانت ممتازة. وبالتالي باشرت بالقراءة عن الماركسية في مرحلة مبكرة جداً. ولا أدري كم استوعبت في ذلك الحين وفي تلك المرحلة، تحت تأثير تلك الانفعالات في ظل حركة القوميين العرب. ليس في وسعي أن أقيس مدى فهمي أو استيعابي للمادة التي كنت أقرأها. غير أن المضمون لم يكن غريباً عليّ.

قد تكون هذه التأثيرات المبكرة هي التي جعلت قصصك [الأولى] متقدمة [بالنسبة لأفكارك السياسية في حينها]. فإطلاعك على الأدب السوفياتي واتصالاتك بالماركسيين انعكست على كتاباتك على ما أعتقد.

لا أظن أن لهذه العوامل أسبقية. أظن أن التأثير الأكبر على كتاباتي يرجع إلى الواقع نفسه: ما أشاهده، تجارب أصدقائي وعائلتي وأخواني وتلامذتي، تعايشي في المخيمات مع الفقر والبؤس. هذه هي العوامل التي أثرت فيّ. ربما كان ولعي بالأدب السوفيتي عائداً إلى أن ذلك الأدب يعبر عما كنت أشاهده في الواقع، ويحلله ويعالجه ويصفه. إن إعجابي ما يزال مستمراً، بالطبع. غير أني لا أعرف ما إذا كان للأدب السوفياتي تأثير على كتاباتي. لا أعرف حجم هذا التأثير. غير أني أفضل أن أقول بأن التأثير الأول لا يعود له، بل يعود إلى الواقع نفسه. لقد استوحيت كافة أبطال رواياتي من الواقع الذي كان يمدني بقوة وليس من الخيال. كما أنني لم أختر أبطالي لأسباب فنية [أدبية]. لقد كان جميعهم من المخيم وليس من خارجه. أما الشخصيات الفنية في قصصي الأولى فقد كانت دائماً شريرة. وذلك عائد إلى [تجربتي مع] مرؤوسي من العمل. إذن كان للحياة نفسها التأثير الأكبر [على كتاباتي].

كنت تنتمي إلى الطبقة المتوسطة ولكنك انضممت إلى البروليتاريا عندما كنت ولداً صغيراً.

نعم، طبعاً، خلفيتي مرتبطة بالطبقة الوسطى إذ أن والدي كان ينتمي إليها قبل أن نذهب إلى سوريا كلاجئين. وكان التصاق عائلتي بجذورها [الطبقية] بعيداً عن الواقع الذي لم تكن بينه وبين تلك الجذور أية صلة. وكان علينا، نحن الأولاد، أن ندفع ثمن هذا التناقض [بين الماضي والواقع]. وبالتالي، أصبحت علاقتي [مع أفراد طبقتي] علاقة عدوانية بدلاً من أن تكون علاقة ودية. ولن أدعي بأني انضممت إلى البروليتاريا. لم أكن بروليتارياً حقيقياً، بل انضممت إلى ما نسميه في لغتنا بـ “البروليتاريا الرثة” التي لا يشكل أفرادها جزءاً من الجهاز المنتج فهم [يعيشون] على هامش البروليتاريا. غير أن ذلك ساعدني بعدها، بالطبع، على تفهم إيديولوجية البروليتاريا، ولكن ليس بإمكاني القول بأني كنت أشكل جزءاً من البروليتاريا في ذلك الحين.

إلا أنك استطعت، منذ البداية، أن ترى الواقع في منظور المغلوبين على أمرهم.

نعم، بوسعك أن تقول ذلك. غير أن مفهومي هذا لم يكن متبلوراً بطريقة تحليلية علمية بل كان [مجرد تعبير عن] حالة عاطفية.

لننتقل الآن إلى عام 1967 عندما ولدت “الجبهة الشعبية لتحرير فلسطين”. ماذا كانت معتقدات هذه المنظمة وما هي الأسباب التي دعت إلى خلق منظمة جديدة؟

كما تعلم، لم تكن الجبهة الشعبية منظمة جديدة. فهي تشكل أساساً الفرع الفلسطيني لحركة القوميين العرب التي كنت عضواً فيها. وقد تطورت في البدء من خلال الحركة كما تطورت الحركة مع جميع أعضائها في عام 1967 لقد أنشأنا “الجبهة الشعبية” لأن العالم العربي [أخذ] يحتل مركز الصدارة [في المعترك السياسي]. كما أن حجم الفرع الفلسطيني لحركة القوميين العرب توسع جداً وطرأت تغييرات على قيادته وعقلية أعضائه. لذا انضممنا إلى الجبهة الشعبية. وبالطبع، انضممت أنا شخصياً إلى الجبهة لأنني أعتقد بأن الجبهة كحزب تمثل مرحلة متقدمة نسبياً عن التنظيمات [السياسية] الأخرى في مجال العمل الفلسطيني. وأعتقد أن بإمكاني تحقيق تصوراتي المستقبلية من خلال هذا التنظيم. هذا هو السبب الرئيسي الذي دفعني إلى الانضمام للجبهة الشعبية.

كيف تنظر إلى دورك كرئيس تحرير صحيفة “الهدف” في هذا التنظيم؟ هل لك أن تخبرني شيئاً عن الطريقة التي تتبعونها لتعبئة الجماهير؟

أنا عضو في هذا التنظيم الذي يشكل في الواقع حزباً له نظامه الداخلي واستراتيجيته السياسية. كما أن له استراتيجية تنظيمية وقيادة تستند إلى مبادئ ديمقراطية مركزية. لهذا، عندما تسند لي القيادة هذا المركز بالذات، فإن عليّ أن أنجز برنامجاً معيناً. فأنا عضو في اللجنة المركزية للإعلام في الجبهة الشعبية. “والهدف” تشكل جزءاً من البنية الإعلامية للجبهة حسب مفهومنا للإعلام الذي لا يقتصر على الدعاية فقط بل يتعداها إلى التثقيف والتعليم إلخ… وأنا لست مسؤولاً عن “الهدف”، فهذه المهمة مناطة باللجنة المركزية للإعلام، وأنا أمثل هذه اللجنة في الصحيفة. عملياً، يتوجب عليّ أن أعنى بالوجه التنظيمي لهذه المؤسسة (الهدف). ولكن لدينا لجنة تقرأ “الهدف” وتقيمها وتكتب المقالات وتناقش الافتتاحيات. ويوجد داخل الجبهة عشر مؤسسات ودوائر مشابهة. وقد تكون مؤسستنا أصغر من المؤسسات الباقية. ولكن هناك دوائر ضمن الجبهة الشعبية تمارس نشاطات اجتماعية وسياسية داخل المخيمات. كما أن لدينا من يعمل في المجال العسكري وغيره. ويشكل كل منا جزءاً مكملاً للآخر. وبالطبع يستفيد العاملون في المجال التنظيمي، أي في ترتيب المحاضرات والبرنامج التعليمي واللقاءات والاتصالات مع الجماهير من صحيفتنا للتعبير عن وجهة نظر الجبهة الشعبية. كما أنهم يستشيروننا فيما يتعلق بالجماهير. إذن، تقوم كافة الدوائر سوية، نتيجة لهذه العلاقات الديناميكية بينها، بحملة التعبئة الجماهيرية.

هل بإمكانك أن تخبرني شيئاً عن الصحيفة نفسها؟

إن العمل [في الصحيفة] مرهق جداً. هذا هو شعوري الآن وقد أتممت عدد هذا الأسبوع. إنني أشعر بالإرهاق وأنه لأمر مروع لأي كان أن يعمل في صحيفة كهذه. ففي اللحظة التي تنهي بها آخر جملة من العدد الآخر تجد نفسك فجأة تجاه عشرين صفحة فارغة عليك أن تملأها. كما أن كل سطر وعنوان وصورة في الصحيفة تناقش من قبل [أعضاء] الجبهة ويرصد أقل خطأ كان. فالصحيفة إذن عرضة للنقد والعمل بها لا يشبه العمل في صحيفة عادية. ففي الصحيفة العادية عليك فقط أن تنجز عملك أما في صحيفتنا فإن أدق التفاصيل توضع موضع النقاش من قبل الدوائر [المختلفة داخل الجبهة] إذ أنها تقرأ بإمعان. وبالتالي من الصعب جداً على الإنسان أن يقوم بعمل متكامل أمام هذه المحكمة الكبيرة التي تتألف من [سائر] أعضاء الجبهة. وبالتالي يشعر الإنسان بأن عليه أن يبذل جهداً أكثر.

علاوة على ذلك، نحن نعيش الآن في بلد من البلدان النامية. وفي حركة المقاومة، وفي تنظيم كتنظيمنا، تحاول كافة الدوائر أن تستقطب “ذوي” المواهب والكفاءات، مهما كانت ضئيلة، كي تنجز الأعمال التي تترتب عليها إذ أن إنجاز الأعمال وتطبيق البرامج التي يكلف بها الإنسان هي أشياء أساسية بالنسبة للفرد. ونحن، في “الهدف”، لدينا عدد ضئيل من الموظفين. وعندما نطلب من الجبهة أن تفرز لنا عدداً أكثر من العاملين فإن الجواب الذي نسمعه هو: “أعطونا اثنين أو ثلاثة من موظفيكم ليعلموا في القواعد لأن العمل في القواعد أهم من العمل في الصحيفة”. وبالتالي نخلد إلى الصمت، لئلا يسحبوا الموظفين منا. وإنه لمن الصعب أن يصدق الآخرون بأن ثلاثة أشخاص فقط يقومون بتحرير الهدف. وهذه الحالة قائمة منذ ثلاث سنوات. ونحن نحصل على مساعدة [إضافية] من شخص رابع أحياناً. غير أنه يُسحب منا ثم نحصل على غيره وتعاد الكرة من جديد. وبالتالي نحن لم نحصل في أحسن الحالات على أكثر من أربعة أشخاص كان عليهم أن يملأوا عشرين صفحة.

إذن، عليكم أن تعلموا نهاراً وليلاً.

نعم: لا أظن أن أياً من الرفاق يعمل أقل من 13-14 ساعة في اليوم. وذلك بلا توقف وبلا عطلة وبلا شفقة من الناقدين. فالناس في منظمتنا وفي الحكومة وفي الصحف الأخرى كانوا يوجهون النقد إلينا.

هل تعتبر الهدف صحيفة متقدمة، هل تعتقد بأنها تقرأ كصحيفة متقدمة من زاوية سياسية نظرية؟

نعم، وأعتقد أيضاً بأن ذلك يسبب مشكلة. وأنا لا أحاول أن أثني على الصحيفة. ولكن من الصعب جداً أن يعبر المرء عن أفكار سياسية ونظرية عميقة بأسلوب بسيط. وقليل من الناس يملكون هذه المقدرة. في الجبهة الشعبية لدينا شخصين باستطاعتهما التعبير عن أفكار عميقة بأسلوب سهل بحيث يستوعبها جميع من يقرأها. أحدهما جورج حبش. أما الآخر فهو أحد القادة العسكريين الذي كتب كتابات بديعة. أما بالنسبة للباقين، فالأمر صعب وخصوصاً إذا لم يكونوا قد مارسوا [الكتابة] من قبل. ونحن دوماً نواجه انتقادات من القواعد مفادها أن استيعاب ما تكتبه صحيفتنا صعب جداً وأن علينا أن نبسط الأمور وأن نكتب بطريقة سهلة.

لهذا يتطلب تحضير المقال وقتاً طويلاً إذ أن عليّ أن أراجع المقال وأن أبسط بعض النقاط التي يطرحها بعد أن تتم كتابته. وأظن أن إنشاء صحف أخرى داخلية في الجبهة من شأنه أن يسهل علينا مهمتنا واستمرارنا في هذا الخط. فالصحيفة الداخلية بإمكانها أن تعبر عن أشياء سهلة وأفكار بسيطة. أما بالنسبة لصحيفة مركزية علنية معروفة كصحفيتنا فإنه من الصعب علينا أن نتمثل بالصحف الداخلية لأن علينا أن نتبنى خطاً جدياً. ولكننا نحاول [الآن] أن نحدد من عدد المقالات التي تتناول أفكاراً سياسية معقدة بحيث تحتل هذه المقالات عدداً قليلاً من الصفحات، ونركز على الحملات السياسية المباشرة.

هل تنشرون أعمالاً أدبية: شعر وغيره في صحيفتكم؟

نحن نخصص صفحتين للأدب والنقد السينمائي والفن المسرحي والرسم وغيره. وأظن أن هاتين الصحفيتين هما الأكثر رواجاً لأن الكثيرين من أعضاء الجبهة يتعرفون على خط التفكير اليساري من خلال هذه الصفحات.

هل نشرت أنت شخصياً قصصاً قصيرة؟

لم أجد الوقت الكافي للكتابة منذ مباشرتي العمل في “الهدف”. وفي الواقع، لم أنشر [مؤخراً] سوى قصتين عن امرأة مسنة أكتب عنها دائماً [أم سعد]. لا أملك الوقت لممارسة الكتابة الأدبية وهذا أمر مزعج للغاية.

هل تحب الكتابة لأنك تحبها؟

عادة، عندما أفرغ من عملي في المكتب وأعود إلى البيت ينتابني شعور بالإرهاق مما يمنعني من ممارسة الكتابة. لذلك أفضل القراءة. وطبعاً يتوجب عليّ أن أقرأ مدة ساعتين يومياً إذ أنه ليس بإمكاني الاستمرار دون ذلك. ولكن بعد الانتهاء من القراءة أشعر بأن الإخلاد إلى النوم أو مشاهدة فيلم سخيف أفضل [بالنسبة لي] إذ أنني لا أستطيع أن أكتب [بعد انتهائي من عملي].

هل تعتقد بأن آخر التطورات داخل الجبهة تنعكس في أنها أصبحت تجمعاً تكثر فيه المناظرات أكثر منها تجمعاً يقوم بنشاطات عسكرية؟

كلا، لا أوافقك الرأي. والواقع أننا في الجبهة كنا نصر دائماً على خط استراتيجي معين شعاره أن كل سياسي هو أيضاً مقاتل وكل مقاتل هو سياسي. أما الظاهرة التي تشاهدها الآن فهي ليست مقصورة علينا [على الجبهة]. فهذه الظاهرة مردها أن حركة المقاومة الفلسطينية تعيش الآن حالة انحسار بسبب ظروف موضوعية تعمل على تحطيمنا في هذه الفترة من الزمن. ونحن نعيش حالة الانحسار هذه منذ أيلول (سبتمبر) 1970 مما يمنعنا من تصعيد نشاطاتنا العسكرية. ولكن ذلك لا يعني أننا سنتوقف عن العمل العسكري. هذا بالنسبة لحركة المقاومة عامة. أما بالنسبة للجبهة الشعبية بوجه التحديد، فإن عملياتنا العسكرية في غزة والضفة الغربية وإسرائيل نفسها تصاعدت خلال السنتين الأخيرتين. ولكن إسرائيل تحاول طمس هذه العمليات. ولكننا نشيطون. كما أن لنا قواعد في جنوب لبنان ونحن نعد لحرب شعبية سرية ضد الرجعيين في الأردن. غير أن حالة الانحسار التي نعيشها والجو القمعي العام الذي تفرضه الحكومات العربية يؤثران على الرأي العام فيحسب الناس أننا توقفنا عن ممارسة النشاطات العسكرية. ولكن هذه النتيجة هي نتيجة خاطئة.

كيف أثرت حالة الانحسار، في رأيك، على الفرد الفلسطيني دون الإشارة إلى خط سياسي معين؟

الحركات السياسية شبيهة بالإنسان. فعندما يكون الإنسان معافى ومشهوراً وغنياً يلتف حوله الأصدقاء ويسانده الجميع. ولكن عندما يشيخ ويمرض ويخسر أمواله ينفض الأصدقاء من حوله. ونحن الآن [كحركة مقاومة] نمر في هذه المرحلة – مرحلة الفتور – إن صح التعبير. فالفرد الفلسطيني يشعر بأن الأحلام التي بناها في السنين القليلة الماضية قد تقوضت. وهذا شعور مؤلم، كما تعلم، وأنا أعتقد، وأظن أن الكثيرين من الرفاق يشاطرونني الرأي، بأن هذه المرحلة مؤقتة. فعندما يكتشف الفرد الفلسطيني بأننا نحارب عدواً كبيراً ليس بإمكاننا أن نهزمه في بضع سنوات، وبأن حربنا طويلة الأمد، وبأننا سنهزم مراراً، عندها لن يكون ولاء الفرد الفلسطيني للثورة الفلسطينية هشاً وعاطفياً كما هو الأمر الآن. أظن أنه بوسعنا أن نعبئ الجماهير ثانية عندما نحقق أول نصر جديد لنا. وأنا واثق بأن هذا النصر قادم. ونحن لا نخشى “فترة الفتور” هذا كما يحلو لي أن أسميها. فهذا أمر طبيعي إذ أن القادة العرب ورجال الإعلام العربي قطعوا وعوداً كثيرة للجماهير ومنوها بنصر سهل المنال. أما الآن فقد اكتشف الكثيرون من العرب بأن هذه الوعود كانت خداعة. وبالتالي، لا أظن أن هذه الظاهرة [أي الفتور لدى الفرد الفلسطيني] ظاهرة متأصلة مستمرة. فنحن نعلم بأننا سنجتاز هذه المرحلة في المستقبل وبأن ولاء الجماهير للثورة سيكون أقوى مما كان عليه.

هل كنت أنت أو هل كانت قيادة الجبهة متفائلة أكثر من اللزوم في عام 1967 أو 1968 أو 1969؟ هل أعطيتم أنتم وعوداً أكبر من اللازم؟ هل كنتم تنظرون إلى هذا الصراع كصراع سهل؟

كلا، في الواقع كانت الجبهة الشعبية تحذر الجماهير من خلال وثائقها المكتوبة بأن المشكلة ليست مشكلة سهلة. كما أنها كانت تنبههم إلى أنهم سيهزمون مراراً وسيواجهون حمامات الدم وكثيراً من المآسي والمذابح. طالما ذكرنا ذلك. ولكن عامةً، كانت قيادة الثورة الفلسطينية تلوح للجماهير بنصر سهل. أما فيما يتعلق بالتفاؤل، نحن متفائلون جداً وأستطيع القول بأن وضعنا الآن، بالرغم من كوننا في الحضيض بالنسبة لنضالنا الصعب الآن، هو أفضل مما كان عليه عام 1967 أو 1968 أو 1969 وذلك من زاوية علمية وكحركة مقاومة تقيم من خلالها حركتها التاريخية وليس من خلال ظواهرها الاستعراضية السطحية. 

هوامش

الأكثر قراءة

عشرة أفلام عظيمة عن المافيا (ترجمة)
10 أفلام تشويق إيروتيكية رائعة (ترجمة)
عن السيرورة والصيرورة
10 أفلام عظيمة عن الوحدة (ترجمة)

GOOGLE AD

نكـتـب لفلسطين

اشتراكك بنشرتنا البريدية سيحمل جديدنا إليك كل أسبوع

اختيارات المحرر

من أجل صحافة ثقافية فلسطينية متخصصة ومستقلة

اشتراكك بنشرتنا البريدية سيحمل جديدنا إليك كل أسبوع