بسام سفر - مجلة رمان الثقافية https://rommanmag.com/archives/author/54rommanmag-com مجلة ثقافية فلسطينية مستقلة Sat, 02 Nov 2024 08:40:38 +0000 ar hourly 1 https://wordpress.org/?v=6.6.2 https://rommanmag.com/wp-content/uploads/2024/10/cropped-romman_logo-pink-32x32.png بسام سفر - مجلة رمان الثقافية https://rommanmag.com/archives/author/54rommanmag-com 32 32 حكايتي مع  الصحافة الثقافية الفلسطينية: الحرية والكفاح… https://rommanmag.com/archives/18903 Sat, 16 Sep 2017 07:45:05 +0000 https://romman.b5digital.dk/%d8%ad%d9%83%d8%a7%d9%8a%d8%aa%d9%8a-%d9%85%d8%b9-%d8%a7%d9%84%d8%b5%d8%ad%d8%a7%d9%81%d8%a9-%d8%a7%d9%84%d8%ab%d9%82%d8%a7%d9%81%d9%8a%d8%a9-%d8%a7%d9%84%d9%81%d9%84%d8%b3%d8%b7%d9%8a%d9%86/ منذ عهد الشباب في معهد الكهرباء والميكانيك بعدرا في بداية ثمانينيات القرن الفائت، عندما كنت أشتري الصحف والمجلات من البائع الشيخ الوقور الذي يضع كرسيه على زاوية مقهى الهافانا الدمشقي، قال لي العبارة التالية، التي بقيت محفورة في الذاكرة إلى الآن: “لكي تصل إلى ”الهدف“ يجب أن تنال ”الحرية““. هذه المقولة التي رددها أمامي منذ […]

The post حكايتي مع  الصحافة الثقافية الفلسطينية: الحرية والكفاح… appeared first on مجلة رمان الثقافية.

]]>
منذ عهد الشباب في معهد الكهرباء والميكانيك بعدرا في بداية ثمانينيات القرن الفائت، عندما كنت أشتري الصحف والمجلات من البائع الشيخ الوقور الذي يضع كرسيه على زاوية مقهى الهافانا الدمشقي، قال لي العبارة التالية، التي بقيت محفورة في الذاكرة إلى الآن: “لكي تصل إلى ”الهدف“ يجب أن تنال ”الحرية““.

هذه المقولة التي رددها أمامي منذ احتلال الكيان الصهيوني للعاصمة العربية الثانية “بيروت” في صيف العام 1982، دفعني لشراء كل الصحف والمجلات الفلسطينية الورقية التي كنت من محبيها ومتابعيها قبل أن أصبح أحد المساهمين فيها.

رحل الكثير من الأصدقاء العاملين في حقل الصحافة الفلسطينية في سوريا، منهم جميل حتمل وعلي الرفاعي وجمال ربيع وسمير صالح وبشار إبراهيم وصالح موسى وزياد أبو خولة، وعز الدين إبراهيم… وأمد الله بعمر فرج بيرقدار وأنور بدر وفيصل علوش ومعتصم حمادة وعلي الكردي وأحمد جابر ووليد عبد الرحيم ومحمد السهلي وعامر راشد…”

حكاية العشق للصحافة الفلسطينية تعود إلى صديقي الراحل إحسان عزو ومجلة «القاعدة» التي كانت تصدر عن انشقاق جبهة التحرير الفلسطينية جناح عبد الفتاح غانم، عن تنظيم أبو العباس وطلعت يعقوب، في أواسط الثمانينات حيث زرنا الكاتب والناقد مصطفى الولي في مكتب الجبهة في مخيم اليرموك وتعرفت عليه، ودعاني إلى المساهمة في المجلة، وبدأ عملي في مكتبة الجبهة في مخيم جرمانا.

لكن الزمن لعب لعبته، واعتُقلت في شتاء 1986، وكان لمرحلة سجن صيدنايا المركزي دوراً كبيراً في إعادة صقل الصحفي والناقد والقاص الذي في داخلي، إلى أن خرجت مع موجات الباحثين عن الحرية في ربيع العام 1991، والعودة إلى مقاعد الدراسة في المعهد العالي للفنون المسرحية في قسم الدراسات والآداب المسرحية. هذا الشغف في الصحافة الفلسطينية عاد ليشغلني أثناء الدراسة بوجود صديقي المسرحي محمد عمر الذي كان يكتب لمجلة “فتح الانتفاضة – أبو موسى”، بعض المقالات مقابل مخصص شهري، وكذلك الصديق الأستاذ مازن ربيع الذي يعمل الآن أستاذاً في إحدى جامعات إسطنبول بتدريس اللغة العربية للأجانب، وكان قد نشر أكثر من مادة بحثية عن الفلسفة في أكثر من مجلة.

«الهدف» ورحلة البدايات

أثناء دراستي في السنة الأولى أصدر الراحل يوسف قندلفت مجموعته القصصية الوحيدة «حبيبتي الميتة لا تشرب القهوة صباحاً»، وكان صديقي الروائي والكاتب علي الكردي مسؤول القسم الثقافي في مجلة «الهدف» التي تصدر عن الجبهة الشعبية لتحرير فلسطين، كتبت قراءة في المجموعة ونشرتها فيها، ومع نشرها فتحت آفاق التعاون مع المجلة، لمتابعة سلسة وذلك بنشر مواد نقدية مسرحية عن عروض قدمت على منصات المسارح الدمشقية ومجموعة حوارات ثقافية فلسطينية سورية.

لكن أهم المواد التي كانت تغريني في بذل جهد كبير لها هي مادة ”الهدف السنوي“ في ذكرى إصدار العدد الأول من المجلة، ومن أهم تلك المواد قراءة في مسرح الشهيد المبدع غسان كنفاني، التي انتشرت في المجلة وفي أكثر من مجلة وموقع إلكتروني فلسطيني، بالإضافة إلى حوار كنت أجريته مع كاتب التغريبة الفلسطينية الدكتور وليد سيف، ومادة تتحدث عن فهم الراحل كنفاني للحركة الصهيوينة، وكذلك قراءة في روايته «من قتل ليلى الحايك»، وأيضاً تغطية لمهرجان أيام عمان المسرحي الذي دعيت إليه، وكذلك الحوار الذي أجريته مع المخرجة الفلسطينية سوسن دروزة بعد عرض مجموعة من أفلامها خلال أسبوعها في النادي الفلسطيني للسينما في المركز الثقافي الفلسطيني من في 2005 في قاعة خالد نزال للثقافة الوطنية في مخيم اليرموك، وكانت قد قدمت 14 مسرحية على المسرح الملكي في مدينة الحسين في عمان، وعرضت مسرحية «مصابة بالوضوح»، ومن أفلامها الوثائقية القصيرة «المربع، الحرب أصعب، الحرب أسهل، نقطة تحول، حكايات من غزة، جلسة فطور طويلة جداً جداً، بلادك حرة، ملاجئ وقلوب».

مدرسة مجلة «الحرية»

بدأت علاقتي المهنية بمجلة «الحرية» عند عرض مسرحية «دائماً وأبداً» للمخرج الراحل هادي المهدي، حيث حضر العرض الصديقان الراحلان عز الدين إبراهيم وزياد أبو خولة، وطلبا مادة عن العرض ولقاء مع المخرج، وأنجزت لهما ما طلبا (صيف 1996)، رغم أنهما أكدا أن هذه المواد غير مأجورة، واستمرت علاقتي مع الحرية على هذا المنوال بكتابة مادة عن عرض مسرحي، ولقاء مع مخرج أو قراءة في مجموعة قصصية إلى آذار 1998، إذ سألني زياد حول رغبتي في العمل بمجلة ”الحرية“، فكان جوابي بنعم، وحجز لي موعداً مع رئيس التحرير معتصم حمادة الذي أكد في هذا اللقاء أن العمل لن يكون في القسم الثقافي في المجلة، وإنما في قسم الأخبار والإسرائيليات لوجود الصديقين زياد وعز الدين، عندها أبديت استغرابي من ذلك، لكن أمام سوق العمل السوري وتقلبات مزاج مسؤولي الصفحات الثقافية التي أكتب لها، كان لا بد من الموافقة، وأكد الصديق معتصم أن الأشهر الثلاثة الأولى هي فترة تجريبية تحت الاختبار، ويحق للإدارة فك العقد الشفهي بين المجلة والمحرر.

وفي الشهر الأول من عملي في المجلة كانت وفاة الشاعر الكبير نزار قباني وتواجدنا (زياد وأنا) في مقبرة باب الصغير حيث مدفن أهل الشاعر، وحضرنا الدفن وزرنا بيت أهل الشاعر حيث عاش طفولته ومراهقته وشبابه. واستمريت في كتابة وإجراء الحوارات للقسم الثقافي في المجلة، إلى جانب عملي في الأخبار والإسرائيليات، ومن أهم الحوارات التي أجريناها للمجلة، كان حوارنا مع الروائي المصري بهاء الطاهر.

وأثناء اجتماعاتنا كهيئة تحرير، قمنا بهيكلة القسم الثقافي حيث أعدنا افتتاحية القسم الثقافي بعنوان “حبر” كعامود مستقل، وإلى جانبه بذات الصفحة حوار أسبوعي مع شخصية ثقافية فلسطينية أو عربية ذات حضور خاص، ومواد النقد والقراءات في صفحة خاصة، والكتابات الإبداعية في الصفحة ما قبل الأخيرة في المجلة، وبقي العمل على هذه الهيكلة لسنوات طوال، حتى غادر العديد من الزملاء المجلة بعد الثورة السورية وتحولها إلى الحرب الدائرة على الأرض السورية، ومن المفيد التذكير أن تحرير مجلة «الحرية» يتم في دمشق رغم كل الظروف التي تعيشها سوريا إلى الآن. وكان الراحل زياد يكتب افتتاحية القسم الثقافي إلى أن غادر المجلة في العام 2000. 

ومن آليات العمل في القسم الثقافي هي تقديم كل مواد العدد  إلى رئاسة التحرير نهار الخميس، حيث ترسل إلى التنضيد والصف على الكمبيوتر إلا الافتتاحية التي تكتب وتسلم نهار السبت، ليتسنى للقسم الثقافي متابعة التدقيق الطباعي وإخراج صفحات المجلة، حيث كانت هذه المهمة موكلة إلى القسم الثقافي مع سكرتيرة التحرير، ومتابعة إخراج الصفحات وتدقيقها إخراجياً مع المخرج “زيكوف”، وأثناء اجتماعات هيئة تحرير المجلة نهار الخميس يكلف القسم الثقافي بالمواد المطلوبة بعد اقتراحات الهيئة، وتتم جدولة هذه الاقتراحات كمهام للعاملين في القسم (عز الدين وزياد وأنا) لكي نعمل على إنجازها ومتابعة بقية المهام، وغالباً ما كانت تنجز هذه المهام خارج أوقات الدوام الرسمي، لكن في بداية العام 2000، كان قد غادرنا عز الدين وزياد، وأصبحت وحيداً في القسم الثقافي إلى أن حضر زميلنا عبد الناصر حسو، وحافظنا على آلية العمل ذاتها، إلى أن غادرت القسم في العام 2004، للمكتب الصحفي للجبهة الديمقراطية لتحرير فلسطين في المركز الرئيسي (شارع بغداد – الأزبكية) مع الصديق الكاتب عامر راشد حيث تولى رئاسة القسم الصديق عبد الناصر وبقيت أحد المساهمين به عن بعد.

وأثناء عملي في رئاسة القسم كنت المكلف في قراءة جميع المواد المرسلة إليه، وإقرار المناسب منها بالتشاور مع رئيس التحرير، وكتابة افتتاحية القسم “حبر”، وإجراء الحوارات المباشرة مع الشخصيات الثقافية الموجودة في سوريا، وأذكر أن من أهم الحوارات التي أجريناها كانت مع الروائي الراحل هاني الراهب وممدوح عزام والمخرج التونسي منصف سويسي والشاعر نزار بريك هنيدي والشاعر والروائي إبراهيم نصر الله والروائي رشاد أبو شاور والروائية مي جليلة والمخرج أياد داود والمخرجة مي مصري والفنان التشكيلي سليمان العلي. إضافة إلى العديد من الأبحاث والمواد النقدية أذكر منها ”السينما العربية والفلسطينية تعبر من قرن إلى قرن“، والعديد من المتابعات الفلسطينية والسورية، وكذلك كنا نستغل مشاركة الأصدقاء في مهرجانات مسرحية وسينمائية، ليجروا للمجلة حوارات مع شخصيات فلسطينية مثلما قامت بذلك المخرجة المسرحية الراحلة سحر مرقدة، والناقد السينمائي الشاعر محمد عبيدو. 

مجلة «الكفاح» والليالي الطويلة

بعد مغادرتي مجلة ”الحرية“ في صيف العام 2006،  عملت بمجلة ”الكفاح“ التي تصدر عن منظمة الشبيبة التقدمية الفلسطينية كسكرتير ومدير تحرير ومسؤول القسم الثقافي حتى نهاية العام 2011. 

أثناء عملنا لإعادة مجلة ”الكفاح“ إلى الإصدار كنا نواجه مشكلة عدم وجود كادر صحفي مدرب ومختص، واعتمدنا غالباً على الزملاء الجدد في المجلة (محمد أبو شريفة، موسى جرادات، علاء العالم، وسيم السلطي، منى طالب، سماح أبو بكر، يزن الصالح، محمود الشهابي) بالإضافة إلى وجود الزملاء: الراحل سمير صالح وجهاد أبو غياضة وشريف الشريف. كل ذلك كان يجري بإشراف الصديق والزميل أيمن أبو هاشم رئيس المنظمة، ورئيس التحرير الذي يكتب افتتاحية العدد.

في المجلة بقي القسم الثقافي وافتتاحيته من مسؤوليتي طيلة فترة الإصدار إلى جانب الحوار الرئيسي في القسم الثقافي مع الشخصيات الثقافية الفلسطينية، وغيرها حيث استضفنا الراحل يوسف سامي اليوسف والمسرحية خزامى رشيد والشاعر وليد عبد الرحيم وملفي المسرح والرقص الفلسطيني من خلال ناصر الناصر ومحمد عودة واعتمدنا أسلوب التحقيقات الثقافية وكان ملف الفن التشكيلي الفلسطيني في سوريا والقصة الفلسطينية، وملف إدوارد السعيد كعلم من أعلام الثقافة الفلسطينية، بالإضافة إلى ذلك دراسات في السينما الفلسطينية والأمريكية والضربات الاستباقية ومجموعة من المقالات النقدية لبعض الظواهر الفلسطينية مثل القدس العاصمة الثقافية الفلسطينية، وأحدثنا باب أعلام يجري التعريف به بشخصية ثقافية فلسطينية.

 لكن الميزة الأساسية لمجلة ”الكفاح“ هي أن أغلب عملها كان يجري ليلاً، خصيصاً إخراج صفحات المجلة مع المخرج إبراهيم مؤمنة، ونادراً ما كنت أغادر المخيم قبل الساعة الثانية ليلاً وعلى هامش عملي في مجلة ”الكفاح“ نشرت أكثر من مادة ثقافية في مجلة ”إلى الأمام“ الفلسطينية التي تصدر عن الجبهة الشعبية-القيادة العامة.

إن الصحافة الفلسطينية شكلت مدرسة نضالية بكل معنى الكلمة لكل من ساهموا بها عبر تاريخ طويل، وخرّجت قامات صحفية في شتى صنوف الصحافة وفي مقدمتهم العديد من أساتذتي منهم ممدوح عدوان وفيصل دراج ويوسف سامي اليوسف ومعتصم حمادة.

The post حكايتي مع  الصحافة الثقافية الفلسطينية: الحرية والكفاح… appeared first on مجلة رمان الثقافية.

]]>
مخيم اليرموك والهوية في «تذكرتان إلى صفورية» https://rommanmag.com/archives/18675 Thu, 04 May 2017 04:00:00 +0000 https://romman.b5digital.dk/%d9%85%d8%ae%d9%8a%d9%85-%d8%a7%d9%84%d9%8a%d8%b1%d9%85%d9%88%d9%83-%d9%88%d8%a7%d9%84%d9%87%d9%88%d9%8a%d8%a9-%d9%81%d9%8a-%d8%aa%d8%b0%d9%83%d8%b1%d8%aa%d8%a7%d9%86-%d8%a5%d9%84%d9%89-%d8%b5/ لا يكفي الإحساس بالمكان حتى يعطي الإنسان هويته وانتماءه إلى مكان ما في الحياة، فالمكان هو حكاية الحكاية بالنسبة للإنسان الفرد حيث الذاكرة المشكلة منذ الخطوات الأولى، والصور المكونة لذاكرة الطفولة التي تترك في الأرواح  خطوطاً لا تُمحى. لكن في رواية “تذكرتان إلى صفورية” للروائي سليم البيك الصادرة عن دار الساقي وآفاق بالعام 2017 في […]

The post مخيم اليرموك والهوية في «تذكرتان إلى صفورية» appeared first on مجلة رمان الثقافية.

]]>

لا يكفي الإحساس بالمكان حتى يعطي الإنسان هويته وانتماءه إلى مكان ما في الحياة، فالمكان هو حكاية الحكاية بالنسبة للإنسان الفرد حيث الذاكرة المشكلة منذ الخطوات الأولى، والصور المكونة لذاكرة الطفولة التي تترك في الأرواح  خطوطاً لا تُمحى. لكن في رواية “تذكرتان إلى صفورية” للروائي سليم البيك الصادرة عن دار الساقي وآفاق بالعام 2017 في بيروت، لدينا ذاكرة متخيلة من حكايا “الجد والجدة”، عن المكان المتخيل، صفورية، وهو الحلم المشتهى، فلسطين، لأي لاجئ فلسطيني في الشتات الفلسطيني المغرّب عنها. وإلى جانب هذا الحلم المشتهى هناك الواقع الحياتي الذي يرسم الأحاسيس الحياتية المُروضة بعيداً عن التأملات الشاعرية أو الروائية، كالوحدة التي يعيشها الإنسان والتي تمدد تعاساته، وهذا ما نجده في شخصية يوسف في الرواية حيث يقول:”كل ما يلوم نفسه عليه الآن هو الغناء والرقص كالمهرج قبل الخروج من البيت، التصرف الأحمق الغريب عنه، أو هذا ما يعتقده، وكل ما يشغل ذهنه الآن، جالساً على سريره في ظهيرة باردة ليوم شتوي كئيب ما زال في أوله” (ص ١٣،١٤).

أجواء الخيبة التي يعيشها يوسف والتي تسبق مغادرة فرنسا إلى فلسطين وبلدته صفورية تمدد تعاسته، وتدفعه إلى محاكاة حياته منذ إدراكها في مدينة دبي حيث الأهل والعمل، وكل ما يمتد إلى تحقيق الحضور، والذات كإنسان فعال في المجتمع، ويعود ليسرد الحكاية الأساسية لحياة كل فلسطيني حيث التشرد والنكبة وحصته فيها كإنسان وعائلة وقرية ومدينة وصولاً إلى السردية الفلسطينية للنكبة، وما يميز سردية يوسف أنها تأتي بطعم العلقم والمرار الإنساني في ملعب لا يتمتع بالإنسانية.

اليرموك… مكان لا هوية

مثلما العرف الشائع عند فلسطينيي الشتات الذي يمركز مخيم اليرموك عاصمة الشتات الفلسطيني مركزاً للثورة الفلسطينية في زمن ما، فإن الروائي سليم البيك لا يحمّل شخصية يوسف هذا الموقف في العمق الثوري لمخيم اليرموك كما حمله عمه وأبوه، خصيصاً مع تعرفه على المخيم ما بعد اتفاقية أوسلو بين السلطة الفلسطينية وحكومة الكيان الصهيوني التي عاصرت ذلك الاتفاق. لكن قبل الدخول إلى أجواء مخيم اليرموك في تلك المرحلة لا بد من العودة إلى سردية النكبة من منظار شخصية يوسف وجده كشخصيات في الرواية: “منذ وصوله إلى المخيم. كان البيت في اليوم الأول خيمة ثم صار مع الزمان بجدران طينية ثم بأسقف من الزنك ثم صار كله مبنياً من الباطون، وصارت غرف الباطون تتوسع، وتُعمّر طوابق على أسقفها، صار بيتاً بطابق أرضي وطابقين فوقه وسطح عليه غرفتان…” (ص ٨٩).

كان المكان لدى الشخصية منفتحاً وأليفاً مؤنساً، فهو يشير إلى الأهمية الجغرافية والتاريخية والرمزية الدلالية لهذا المكان من ناحية تطوره مع الزمن، وما يمثله في الوعي والذاكرة الجمعية للعائلة من ناحية ثانية، وإلى ارتباط الشخصيات والأحداث به من ناحية ثالثة على الأقل لثلاث شخصيات (الجد والعم والأب)، وإلى أهميته لدى الكاتب من ناحية رابعة.

يصف يوسف حالة القلق الإنساني لدى العائلة الفلسطينية: “لم يمر أسبوع لم تستخدم فيه عائلة يوسف كلمة شنططة مراراً. الكلمة الآتية من الشنطة لم تكن تعني بالضرورة حمل الحقائب والسفر أو الانتقال بها من مكان لآخر عدة مرات في السنة” (ص106).

فالحالة التي تعيشها العائلة ترتبط بتكرار المفردة الدالة على عدم الاستقرار النابع من النكبة وآثارها النفسية العميقة في ذات الإنسان الفلسطيني، فهي الغربة الإجبارية أو النفي الفاعل الفارض للكآبة والوحشة في الشتات الإجباري، وهذا ما يستدعي وجود الحقائب والاستعداد الدائم لمغادرة المكان إلى مكان جديد، حيث التعود على اللا مكان خارج البلاد، فكل الأمكنة توحي بفعل “الشنططة”، وهنا يبرز سؤال هو كذلك لدى كل الشخصيات في الرواية؟! ويجيب البيك عن هذا التساؤل في تقسيم “شنططة” الإنسان الفلسطيني إلى أجيال، الأول فيها “كان في أواخر أربعينيات القرن الفائت حين لجأ جده من الجليل شمال فلسطين إلى سوريا، واستقر كمئات آلاف آخرين من الفلسطينيين في المخيمات في البلدان المجاورة لبلده”(ص ١٠٨). 

والثاني “كان في أوائل ثمانينيات القرن ذاته حين صار أبناء جده شباباً هاجر معظمهم إلى دول الخليج، هم وآلاف آخرون من الفلسطينيين في المخيمات، وهو لجوء ثانٍ كان من ناحية لغاية العمل في دول اكتشفت النفط حديثاً وبحاجة لموظفين، ومن ناحية، وهذا السبب المباشر لتفادي الموت في المخيمات وحروب الأنظمة والميليشيات العربية في الأردن ولبنان وسوريا على المخيمات الفلسطينية”(ص ١٠٨).

والثالث “هو الآن مع الثورة السورية ولجوء الآلاف من فلسطيني سوريا كما السوريين، إلى أوروبا بعدما صارت المخيمات، وخاصة اليرموك، كمعظم المناطق في سوريا، مأزومة إنسانياً، أو غير صالحة أساساُ للعيش الآدمي، ولا الحيواني، بفعل الحصار والقصف” (ص ١٠٨).

ويوضح البيك كيفية تشكل شخصية يوسف إذ يقول: “يوسف الذي ولد وكبر في دبي لم يتعرف على مخيم اليرموك إلا من خلال الزيارات الصيفية لأهله. تجتمع في المخيم كل صيف العائلات المهاجرة عنه في بيت العائلة الكبير، بيت الجد. وكانت إجازة الشهر كافية له لتكوين صورة عن المخيم، اكتشف لاحقاً حين ذهب للإقامة فيه والدراسة في جامعة دمشق أنه مختلف تماماً، اكتشف أن المخيم الذي نعيش فيه ليس كالذي نزوره في إجازات، والمكان بالنسبة إلى المقيم ليس هو ذاته بالنسبة إلى الزائر. لذلك لم يشعر بأنه منتم للمخيم، لم يكن ابن مخيم، والحياة التي عاشها فيه خلال دراسته الجامعية ولاحقاً إثر خروجه من دبي، حيث أمضى فيه سنتين قبل خروجه إلى فرنسا، لم تكن كافيه ليشعر في نفسه أنه ابن هذا المكان” (ص ١١٤).

لم يشكل المخيم لشخصية يوسف الفضاء الرحب للحلم والذاكرة، وإنما مكان العيش في الواقع الحياتي في برنامج سردي روائي، فلا شخصيات أو أحداث تخصه فيه سوى فضاء أسروي، لا يستطيع تشكيل جماليات مكانيه له فيه في مسار استعراض فضاءات المخيم المفتوحة على ناسه وسكانه مثل الساحات والحدائق والمكاتب والتنظيمات والأحزاب التي ينتمي إليها سكان المخيم، وبقيت فضاءات المخيم مغلقة على بيت الجد وحده المثير للشجن الأسروي.

ويؤكد البيك أن شخصية يوسف تدرك أنها لم تعش في هذه الأمكنة ولم تقم فيها بل وجد فيها وعبر بينها، وبين بعضها إلى أن وجد نفسه في فرنسا، فهو سيفكر بها كمعبر آخر أو أخير كما يتمناه، لبلد/معبر آخر ينفذ منه إلى الناصرة.

إن المكان الفرنسي بالنسبة ليوسف شكّل محطة لإحياء الجسد نحو فضاء فلسطين حتى لو كان في الحلم الذي يسير إليه عبر الجنسية الفرنسية، لأول مرة في حياة هذه الشخصية تجد مكاناً تسمع فيه صليل الجسد والروح في في أمواج القلب والضمير الحي الذي يرمز إلى طهارة فكرة العودة عبر الذات الإنسانية للنبع الأساسي لهذه الشخصية، وهو فلسطين/صفورية، لاكتشاف البراءة والفطرة في أيقونة فلسطين وصفورية في شخصية يوسف الجد في قداسة المكان الفلسطيني في تلافيف دماغ اللاجئ الفلسطيني. 

إن حالة الاستقرار النسبي الذي وجدته شخصية يوسف في فرنسا، إذ أنه بدأ يسير نحو إنهاء تشتت الهوية على أكثر من مستوى حيث يظهر ذلك أنه لم يقتصر تشتت الهوية لدى يوسف على الانتماء الوطني، بل تعداه إلى أوراقه الإدارية تائهاً بين الإمارات التي ولد وكبر فيها وسوريا التي حمل بطاقتها ووثيقة سفرها، وفلسطين التي لا يرجع شعوره بالانتماء إلا إليها، وإن لم يجد هذا الشعور مكاناً يطمئن إليه. ثم فرنسا التي سيصبح أحد مواطنيها بكامل حقوقه المدنية، لكن ليلة الوداع التي عاشها يوسف في بيت جده في مخيم اليرموك لم ولن تمحى من ذاكرته، فيصفها: “غرفة بجدران بيضاء، مدهونة بمادة زيتية يلمع عليها ضوء النيون كأنه فلاش كاميرا، جدران مكشوفة دون صور تعلق عليها، فقط تطريز بارز لآية الكرسي بخرز له لون الذهب على خلفية سوداء، وإطار مزخرف بالأحمر، ولا خزائن عالية تغطي الجدران” (ص ٩٠).

ويضيف إلى ذلك أنه جلس “بجانب الصوبيا وسمع صوت النار فيها، شعر بالحرارة لا الدفء. هذا مكانه لا أحد غيره يجلس بجانب الصوبيا التي اعتاد أن يسخن عليها رغيف الخبز إن كان مثلجاً وغير طازج، يستلذ بالخبز كما بالدفء والصوت الصادرين عنها. في تلك الليلة، لم يشعر بذلك ولم تكن لديه رغبة في تسخين رغيف خبز بارد عليها” (ص ٩٠).

كان التحول في المكان الأثير لدى يوسف في بيت جده ليلة المغادرة للاحتفاظ بأكثر صور مخيم اليرموك بهاءً في ذاته، فالطقس اليومي يهرب بعيداً في خوف ذاتي من لحظات الوداع ومفاعيلها داخل الشخصية راصداً سيرة المكان وحكايته المحببة في شوق البعد عن الهزيمة الجديدة في سوريا من بوابة مخيم اليرموك، فالخيبة في حالة صراعها مع ذات الشخصية الداخلي يقلب مفهوم الاستغراق إلى الفرار عبر تقليص لحظات الوداع والاحتفاظ بصورة المكان. 

أخيراً، يرسم سليم البيك شخصية يوسف في بوح ذاتي في مضمار روائي يعتمد الوقائع ليبني عليها عالمه الروائي في مسار اللامكان الباحث عن هوية الذات المشتتة المعذبة بعيداً عن فلسطين/صفورية، الحلم المشتهى المتوارث عن الجد والأب. والكتابة تعوض عن الخيبة نحو استعادة الحلم في السفر إلى فلسطين من جديد، ليصبح الحلم حالة انتصار على واقع مهزوم.

The post مخيم اليرموك والهوية في «تذكرتان إلى صفورية» appeared first on مجلة رمان الثقافية.

]]>
بشار إبراهيم، ناقداً للسينما الفلسطينية والسورية https://rommanmag.com/archives/18640 Tue, 11 Apr 2017 05:00:00 +0000 https://romman.b5digital.dk/%d8%a8%d8%b4%d8%a7%d8%b1-%d8%a5%d8%a8%d8%b1%d8%a7%d9%87%d9%8a%d9%85%d8%8c-%d9%86%d8%a7%d9%82%d8%af%d8%a7%d9%8b-%d9%84%d9%84%d8%b3%d9%8a%d9%86%d9%85%d8%a7-%d8%a7%d9%84%d9%81%d9%84%d8%b3%d8%b7%d9%8a/ يصعب على مخيمات سوريا الفلسطينية بعد ما جرى فيها تخريج مثقفين من طراز مثقفي الثمانينات والتسعينات وما يليهما، لاختلاف الشروط الموضوعية والذاتية، وتشكّل شروط الشتات الثاني في حياتهم، وقد رحل عدد منهم وهم بعيدون عن مخيماتهم وأرضهم الثانية، سوريا، مثل  المترجم والناقد يوسف سامي اليوسف، والناقد السينمائي بشار إبراهيم الذي رحل قبل أيام، والعديد من […]

The post بشار إبراهيم، ناقداً للسينما الفلسطينية والسورية appeared first on مجلة رمان الثقافية.

]]>
يصعب على مخيمات سوريا الفلسطينية بعد ما جرى فيها تخريج مثقفين من طراز مثقفي الثمانينات والتسعينات وما يليهما، لاختلاف الشروط الموضوعية والذاتية، وتشكّل شروط الشتات الثاني في حياتهم، وقد رحل عدد منهم وهم بعيدون عن مخيماتهم وأرضهم الثانية، سوريا، مثل  المترجم والناقد يوسف سامي اليوسف، والناقد السينمائي بشار إبراهيم الذي رحل قبل أيام، والعديد من المبدعين والمثقفين والسياسيين الفلسطينيين. 

البدايات: 

شتات اللاجئين الفلسطينيين في سوريا موزع على عدد من المخيمات منها، مخيم خان دنون الذي عاش ونشأ فيه الراحل بشار إبراهيم، وعمل الصديق الراحل في مجلة “الكفاح” الصادرة عن منظمة الشبيبة التقدمية الفلسطينية، حيث شغل موقع أمين ومدير تحرير لسنوات عديدة، وعمل أيضاً بدار الشجرة مع الراحل غسان شهابي في أكثر من مجال كمستشار تحرير لمجلة إبداع.

جرى في إحدى دورات مهرجان دمشق السينمائي حوار كنت قد أجريته مع المخرج الراحل رضوان الكاشف عن فيلمه “عرق البلح” الذي عرض في ذلك المهرجان، وحضر ذاك الحوار الروائية حسيبة عبد الرحمن في مطعم ومقهى القنديل الدمشقي، حيث امتد الحوار لساعات طويلة وكانت سعادة الكاشف بحوارنا ظاهر حين طلبنا منه أن نعرض فيلمه عرق البلح في النادي الفلسطيني للسينما في مخيم اليرموك، وتعذر ذلك لأسباب فنية لأن شريط الفيلم كان على بكرات كبيرة وعدم وجود جهاز عرض، كما في دور السينما الكبيرة. ومجهود الراحل بشار بيّن على عديد من الاسطوانات السينمائية  في أكثر من مقر حيث ساعدنا على جمع جزء من أرشيف السينما الفلسطينية في النادي، وشارك النادي في استقبال المخرج المبدع إياد الدود أثناء عرضنا فيلم “أعراس الزهور”، بمشاركة الناقد علي العقباني في أسبوع الفيلم الفلسطيني الأول من 27/7/2002 حتى 12/8/2002.

وكان قد أصدر الراحل كتابه السينمائي “نظرة على السينما الفلسطينية في القرن العشرين” (دار الطارق للثقافة دمشق، 2000)، وكذلك الكتيبات الصغيرة التي صدرت عن دار السوسن بإشراف أيمن بهلول، وهي عدة كتيبات أذكر منها “النظام الشرق أوسطي” و”ريح العصر، العولمة ثقافياً”، بالإضافة إلى مشاركته لي في جلسة مونتاج أثناء العمل على فيلم “انتفاضة الاستقلال” في العام 2004.

السينما الفلسطينية، شغفه: 

شكلت فلسطين هاجساً حقيقاً للراحل بشار إبراهيم، فهي بالنسبة له الجرح النازف في الوجدان والضمير والأحلام، في سبيلها قدمت التضحيات الكثيرة، من شهداء وجرحى ومعتقلين وأسرى ومن تدمير ومجازر ونكبات ونكسات وخسائر مادية ومعنوية، وإعاقة تاريخية للتطور الحضاري المنشود، والكثير من الأحلام المؤجلة في الوحدة والحرية والتحرر والتقدم والتطور والتنمية والعدالة الاجتماعية.

ويؤكد إبراهيم أن “قضية فلسطين ليست مجرد أرض محتلة، فقط، على أهمية حضور الأرض وجوهريتها في الصراع العربي الصهيوني، وليست مجرد موضوع شعب مشرد، فقط، رغم فاجعة المآسي التي عاشها الشعب العربي الفلسطيني، والألم الذي خلقته هذه لأوساط واسعة من الشعب العربي الفلسطيني، الذي مازال يكتوي بنار التشرد والغربة  والمنافي.. بل إن قضية فلسطين هي قضية وجود عربي شامل، في أن يكون أو لا يكون.. وهي سؤال أحلام مغتصبة وكرامة مجروحة، ووعد كبرياء، ونهوض تاريخي ودور حضاري.”

وهو يميز بين نسقين في السينما حيث يقول: “ما بين نسقي السينما الفلسطينية وسينما القضية الفلسطينية، ثمة نقاط تواصل وتفاصل، لابد من ملاحظها، لإدراك المسافة ما بين هذين النسقين من السينما، رغم أن موضوعهما واحد، أو متشابه في غالب الأحيان.”

ونحن إن كنا نمايز بينهما، فإنما ذلك يتم على أساس الجهة المنتجة، إي بين أن يكون هذه الفيلم منتجاً بأموال فلسطينية، أو ثمة مشاركة لأموال وجهات فلسطينية في إنتاجه، وبين أن يكون الفيلم منتجاً بأموال وإمكانيات غير فلسطينية، سواء أكانت هذه الجهات عربية أو أجنبية، حتى لو كان المخرج في هذه السينما فلسطينياً. 

ويوثق إبراهيم للجهود السينمائية الفلسطينية قبل عام النكبة 1948، في كتابه “السينما الفلسطينية في القرن العشرين” من إصدار المؤسسة العامة للسينما في دمشق، ويرصد فيه الشتات السينمائي الفلسطيني بعد عام 1948، والسينما الفلسطينية بالأرض المحتلة، والسينما الفلسطينية في تسعينيات القرن الفائت، ويضع ثبتاً للأفلام الفلسطينية المنجزة منذ العام 1935 حتى العام 2000. 

أما في كتابه “فلسطين في السينما العربية” الصادر عن وزارة الثقافة السورية، وعن المؤسسة العامة للسينما في العام 2005، يؤكد على قول الراحل حسين العودات:” إن أهمية السينما للقضية الفلسطينية أنها وإن كانت لا تصنع ثورة، فإنما هي دوماً وسيلة تعليم، وتحريض، ودفع، ونهوض، وإن كانت لا تخلق ثورة من فراغ، لكنها تضبط خطواتها مع خطوات الثورة.”

ويقرأ فيه الراحل الموضوعات التالية: السينما العربية في فلسطين، وفلسطين والصراع العربي الصهيوني في السينما المصرية، وفي السينما السورية، واللبنانية، والعراقية، وفي سينمات الدول الأخرى، و”صورة اليهودي الطيب في السينما العربية ؟!”، وسينمائيون عرب في السينما الفلسطينية…

وكان قد صدر له كتاب “نظرة على السينما الفلسطينية في القرن العشرين” في العام 2000، و”ثلاث علامات في السينما الفلسطينية الجديدة (ميشيل خليفي، رشيد مشهراوي، إيليا سليمان)”.

السينما السورية، اهتمامه: 

لم ينحصر اهتمام بشار إبراهيم بالسينما الفلسطينية، ومكانة القضية الفلسطينية  في السينما العربية، وإنما قرأ السينما السورية من أكثر من زاوية واتجاه، وتجلى في كتابه “ألوان السينما السورية” الصادر عن المؤسسة العامة للسينما في العام 2005، حيث أوضح كيف أن السينما السورية ذهبت من المغامرة الفردية إلى سينما القطاع العام من خلال المؤسسة العامة للسينما، وبرز فيها مخرجون واتجاهات ما قبل العام 1970، ومخرجو السبعينات، ومخرجو الثمانيات والتسعينات، لينتقل بعدها إلى سينما المؤلف المخرج، وليرصد أفول النجم وانكسار البطل، ويعرض للأنثروبولجية ولإثنوغرافية، والبيئة والمكان والبنية والعلاقات الاجتماعية وفيلموغرافيا السينما السورية.

وفي كتابه “سينما القطاع الخاص في سوريا” الصادر في العام 2006، يرصد موت سينما القطاع الخاص في سوريا، والتاريخ السينمائي السوري، وثنائية الأخلاقي وللأخلاقي، وصناعة النجوم، والشخصيات السينمائية السورية، ويعرض بعدها لسينما القطاع الخاص بكل أفلامها من “عقد اللولو” للمخرج يوسف معلوف في العام 1964، إلى” وكان مساء” من أخراج غنام غنام في العام 1996.

بالإضافة إلى ذلك هناك كتاب عن الفنانين دريد ونهاد يوثق فيه تجربة الراحل نهاد قلعي مع دريد لحام، صادر عن المؤسسة العامة للسينما في العام 2007، وكان قد صدر له كتاب “رؤى ومواقف في السينما السورية” في العام 1997.

همومه السينمائية العربية: 

لم تقف تجربة بشار إبراهيم في سماء فلسطين وسوريا، وإنما طارت لتغطي سماء الوطن العربي، من دمشق إلى بيروت ومصر ومهرجاناتها، ووهران الجزائرية، والمغرب إلى مقر إقامته ما بعد دمشق في الإمارات العربية المتحدة، ومن أهم أعماله الورقية كتاب “عبد الناصر والسينما (إشكالية الرؤيا بين سينما السيرة وسينما المعتقل)”، مع الدكتور جمعة قاجة في العام 2001. 

وفي دبي عمل في مهرجانها السينمائي رئيس تحرير النشرة اليومية التي أصدرها مهرجان دبي السينمائي، واختير مع خمسة وعشرين ناقداً شكلوا لجنة تحكيم مبادرة دعم السينما العربية والترويج لها على المستوى العالمي، التي تمثلت في جوائز النقاد السنوية. 

أخيراً، لا يمكن الإحاطة بكل ما قام به وقدمه بشار إبراهيم سواء كان في مجال توثيق السينما الفلسطينية، والسورية، والعربية، أو في كتابته زاويته الأسبوعية في جريدة الحياة اللندنية على مدار سنوات مديدة حيث تابع فيها نقده للميديا والسينما والدراما التلفزيونية، أو متابعته المونتاجية والإنتاجية للعديد من الأعمال السينمائية الروائية أو التسجيلية أو التوثيقية.

The post بشار إبراهيم، ناقداً للسينما الفلسطينية والسورية appeared first on مجلة رمان الثقافية.

]]>
مخيم اليرموك قلب الثورة https://rommanmag.com/archives/18554 Wed, 22 Feb 2017 05:00:00 +0000 https://romman.b5digital.dk/%d9%85%d8%ae%d9%8a%d9%85-%d8%a7%d9%84%d9%8a%d8%b1%d9%85%d9%88%d9%83-%d9%82%d9%84%d8%a8-%d8%a7%d9%84%d8%ab%d9%88%d8%b1%d8%a9/ يحاول الكثيرون قراءة تجارب الشعوب من أجل مراكمة الخبرة الشعبية في التعامل مع الحالة المستقبلية، من خلال تقديم توصيف دقيق لما كان قائماً في العام 2012 في مخيم اليرموك، لكن هذه المحاولة لا تستقيم إلا عند دراستها من كافة الجوانب، وذلك ما يفعله الكاتب متولي أبو ناصر في بحثه “اليرموك في قلب الثورة ” في […]

The post مخيم اليرموك قلب الثورة appeared first on مجلة رمان الثقافية.

]]>

يحاول الكثيرون قراءة تجارب الشعوب من أجل مراكمة الخبرة الشعبية في التعامل مع الحالة المستقبلية، من خلال تقديم توصيف دقيق لما كان قائماً في العام 2012 في مخيم اليرموك، لكن هذه المحاولة لا تستقيم إلا عند دراستها من كافة الجوانب، وذلك ما يفعله الكاتب متولي أبو ناصر في بحثه “اليرموك في قلب الثورة ” في كتاب «سورية تجربة المدن المحررة»، وهو من إعداد صبر درويش وصدر في 2015 عن مركز شرارة آذار للدراسات، برعاية دار رياض الريس للكتب والنشر. يقدم الكتاب لمحة تاريخية عن مخيم اليرموك الذي يقع جنوبي مدينة دمشق، والذي، نتيجة لدوره النضالي الكبير، لقّب بعاصمة الشتات الفلسطيني, ويذكر الباحث أنه في عهد الرئيس شكري القوتلي في العام 1949 شكلت “الهيئة العامة للاجئين الفلسطينيين العرب”، بموجب القانون رقم (450) الذي عُدل بموجب القرار رقم (260) لعام 1956، فمنح الفلسطيني جميع الحقوق عدا حق الترشح للمجلس النيابي والرئاسة والوزارة، وأصبحت جميع قرارات الدولة المتعلقة بالأحكام أو الوظائف تعمم دائماً تحت عنوان: السوريون ومن في حكمهم.

المقصود بذلك هم الفلسطينيون الذين لجؤوا إلى سورية بعد نكبة 1948. وعن طبيعة العلاقة بين اليرموك ومحيطه يوضح الكتاب بأن: علاقة الفلسطيني بالنسيج السوري لم تكن علاقة عادية شبيهة بتلك التي كانت في باقي الدول العربية، فطبيعة السوريين الطيبة وحسهم الوطني والقومي، ساعد اللاجئين الفلسطينيين على الانخراط في المجتمع السوري في جميع النواحي الاقتصادية والاجتماعية والثقافية، فلم يعد الفلسطيني جزءاً أساسياً من النسيج الاجتماعي والاقتصادي فحسب، بل أصبح جزءاً من النسيج الوطني الثقافي، وخصوصاً إذا أخذنا في الاعتبار أن ثلاثة أجيال من اللاجئين ولدت على الأرض السورية وخضعت للعادات والتقاليد السورية.

ويتابع متولي أبو ناصر قراءته لوضع فلسطيني سورية بعد اتفاق أوسلو وعزوف الشباب الفلسطيني عن العمل السياسي إثر ذلك، ويعرض واقع المؤسسات الفلسطينية في ظل نظام حزب البعث الحاكم في سورية، منذ حصار بيروت عام 1982 إلى إنهاء الحياة الديمقراطية داخل الاتحادات والنقابات الفلسطينية إلى جانب محاربته الفصائل المنضوية في إطار منظمة التحرير الفلسطينية، فحدّ من فاعليتها في الشارع الفلسطيني، ولاحق كوادر بعضها، باعتقاله جزءاً منها، وفي حالات كثيرة قام بتصفية هذه الكوادر، وأصبحت الطريقة المتبعة هي قيام الفروع الأمنية بتعيين الهيئات الإدارية للاتحادات  بتزكية من البعث الفلسطيني ووضع رئيس بعثي على رأس كل نقابة أو اتحاد، من دون أن يستطيع أي فصيل من مراجعته أو محاسبته، فمارس هؤلاء الرؤساء شتى أنواع السرقة والقمع والتفرد في القرارات وتعطيل الحياة الديمقراطية داخل هذه المؤسسات.

وأكد أبو ناصر أن اتحاد العمال توقف عن العمل وغاب معه وجود نقابة تدافع عن العمال الذين يمثلون غالبية ساحقة في التجمعات الفلسطينية السورية، وسطت على اتحاد الكتاب والصحافيين مجموعة من البعثيين، وعناصر الجبهة الشعبية-القيادة العامة، وفتح الانتفاضة، واستمر الوضع على هذا الحال حتى بعد إعادة توحيد الاتحاد في العام 1987، بعدما انشق فرع سورية عن الاتحاد العام للكتاب عام 1984، ليستمر التحكم بالقلم الفلسطيني مدة طويلة، وتم منع كل من لا يتفق مع النظام البعثي في سورية من الانتساب إلى الاتحاد فترة طويلة من الزمن. وبعدما كان المشهد الثقافي الفلسطيني موضع استقطاب للمثقف السوري، أصبح المثقف الفلسطيني محصوراً بتوجهات أيديولوجية محددة ومرتبطة بوفائه لحزب البعث أو للفصائل الفلسطينية الموالية له.

وحول اتحاد الطلبة يوضح أبو ناصر أن الاتحاد أصبح فرعاً أمنياً يتابع شؤون الطلبة في الجامعات، وميزانية الاتحاد التي تتجاوز المليون ليرة والمفروض على الطلبة الفلسطينيين دفعها، تذهب إلى جيوب أعضاء حزب البعث، زد على ذلك أن الطالب الفلسطيني القادم من الأراضي المحتلة عوضاً من أن يدفع له يتم “تشليحه” مبلغاً يتراوح بين 200 و500 دولار، ليذهب هذا المبلغ إلى جيوب بعض العاملين في القيادة القطرية الفلسطينية، بالرغم من أن مقاعدهم الدراسية مجانية. وما مورس من إفساد في هاتين النقابتين يعمم على جميع الاتحادات الأخرى: الأطباء، المعلمين، الفنانين. 

وأضاف أبو ناصر أن هذا الوضع استمر بعد أن سمح لفصائل منظمة التحرير، باستثناء “فتح-أبوعمار” لأن تعود للعمل بعد التسعينيات.

اليرموك والربيع السوري: 

جاء الربيع العربي والسوري في زمن تفشي البطالة في المخيمات الفلسطينية، حيث شملت العمال وخريجي الجامعات وسط انتشار الفقر والمخدرات وتراجع سوية التعليم وتفاقم فساد المؤسسات والنقابات الفلسطينية، وانعدام شبه كامل للدور النضالي إلى جانب فشل المشروع السياسي الوطني، جميع هذه الأسباب ولدت حالة احتقان  لدى أبناء الشتات الفلسطيني عموماً وأبناء مخيم اليرموك خصوصاً بعدما كان لليرموك الدور الطليعي في الثورة في السبعينيات والثمانينيات من القرن العشرين.

وهنا يتسائل  متولي أبو ناصر عمّن يتحمل المسؤولية في ما آلت إليه حال المخيمات الفلسطينية في سورية؟ هل النظام السوري هو المسؤول أم الفصائل الفلسطينية المرتمية في أحضانه؟

يصنّف البحث الموقف الفلسطيني ضمن ثلاثة أطر: مع النظام، مع الثورة، محايد. ويضيف إلى ذلك موقف السلطة الفلسطينية ومنظمة التحرير، لكن هذا التصنيف يبقى قبل ذكرى نكسة حزيران في 2011 وانقلاب المزاج الفلسطيني في مخيمات دمشق الذي ذهب ضحيتها أكثر من 30 شاباً من أبناء مخيم اليرموك وخمسة شباب آخرين من مخيم خان الشيح، وذلك عندما سمح لهم النظام في 5 و6 حزيران بالذهاب إلى الجولان ومواجهة العدو الاسرائيلي الذي بدأ بقنص المتظاهرين بمجدل شمس أمام عيون قوى الأمن السوري وقيادات فصائل كالقيادة العامة والصاعقة، من دون أن يحاولوا حماية المتظاهرين.

ويعرض أبو ناصر إلى كيفية تشييع الشهداء في مخيم اليرموك، وأنه كان حدثاً فاصلاً في المزاج العام للأهالي، ليس في اليرموك فحسب بل في كل مخيمات دمشق وريفها، وأصبح الخطاب العقلاني الذي ينادي بضرورة حياد المخيم ضعيفاً، وما زاد الأمر سوءاً أنه أثناء تشييع شهداء الجولان هاجم عناصر مقر الخالصة التابع للجبهة الشعبية-القيادة العامة المشييعين وأطلقوا النار عليهم مما أدى إلى مقتل خمسة أشخاص وجرح الكثيرين، بعد هذه الحادثة ازدادت هجمات النظام على المخيم، وبدأت قذائف الهاون بالسقوط يومياً عليه مخلفة قتلى وجرحى.

ويوضح أبو ناصر أنه بعد الشهر التاسع من أيلول 2011 لم يعد أحد يستطيع ضبط المخيم، ولا سيما مع ازدياد هجمات النظام إذ أن هناك فئة من المعارضة المسلحة كانت تقصف على المخيم، وهي مجموعة جند الله التي يقودها المدعو بيان مزعل، والذي ستتكشف في ما بعد تبعيته للنظام والتنسيق معه.

وبعد قصف النظام للمخيم ومقتل العشرات وجرح المئات من أبنائه، انتهى الأمر بدخول الجيش الحر إلى أطراف المخيم الجنوبية، في شارع العروبة وشارع فلسطين، في 13/ 12/ 2012، وفي 16/ 12/ 2012 شنت طائرات النظام الحربية غارات على المخيم انتهت بسيطرة وحدات الجيش الحر على جميع محاور المخيم، لينزح بعد ذلك اليوم أكثر من 300 ألف شخص هائمين لا يعلمون أين يتجهون، كل ذلك طرح سؤال هل أخطأ الجيش الحر في دخوله إلى مخيم اليرموك.

ويجيب على هذا السؤال الشهيد أبو عبيدة قائد ما كان يسمى لواء الفاتحين في لقاء حصل في الشهر التاسع (أيلول) في 2012: بصراحة أنا أعلم أن غالبية شباب اللجان معنا، وأعلم كم يحمل المخيم عنا مشكلات تشغل بالنا.

وبعد أبو عبيدة تغيرت ملامح التشكيلات العسكرية في الحجر الأسود، وتفكك لواء الفاتحين إلى مجموعات ليرأسها بيان مزعل الملقب بأبو عمر الجولاني، أكبر تشكيل خرج من اللواء كان باسم كتيبة جند الله التي كانت غالبيتها من منشقين عن فروع المخابرات.

ويضيف أبو ناصر إلى ذلك عرضه للتشكيلات المسلحة في المخيم، وأداء الكتائب المسلحة والمؤسسات العاملة، ويقدم مجموعة من الحلول للصعوبات التي تواجه المخيم، وأولها التدريس في المدارس البديلة تحت القصف، ودور وكالة غوث اللاجئين (الأونروا).

ويقف الباحث أبو ناصر طويلاً أمام الهدن والتسويات المتعثرة مع النظام الذي يقبل من حيث المبدأ التفاوض وطرح صيغ للهدن والتسويات، لكن إلى نهاية العام 2014 لم تتحقق أية تسوية، ونحن الآن في بداية العام 2017 ولم تتحقق هذه التسوية بين الفصائل والنظام لأن شعار “الجوع أو الركوع” هو الذي يعمل عليه النظام مع المناطق المحاصرة في سورية، لكن احتلال داعش للمخيم هو ما يساهم بدفع الأهالي إلى الرجوع لحضن النظام، والخروج بشكل فردي ويومي ليبقى تحت كنف داعشي من لا يستطيع الخروج، وتصبح حالة المخيم أمام خيار داعش أو النظام!

The post مخيم اليرموك قلب الثورة appeared first on مجلة رمان الثقافية.

]]>
الإعلام السوري: سوء في الأداء وفوضى إعادة الترتيب https://rommanmag.com/archives/18513 Mon, 30 Jan 2017 07:12:10 +0000 https://romman.b5digital.dk/%d8%a7%d9%84%d8%a5%d8%b9%d9%84%d8%a7%d9%85-%d8%a7%d9%84%d8%b3%d9%88%d8%b1%d9%8a-%d8%b3%d9%88%d8%a1-%d9%81%d9%8a-%d8%a7%d9%84%d8%a3%d8%af%d8%a7%d8%a1-%d9%88%d9%81%d9%88%d8%b6%d9%89-%d8%a5%d8%b9%d8%a7/ يلعب الإعلام المرئي والمسموع والمقروء دوراً كبيراً في حشد الرأي العام المحلي في أي اتجاه محدد، لكن في بلدان العالم الثالث التي يكون فيها الإعلام موجهاً ومؤدلجاً بشكل كبير، خصيصاً تلك البلاد التي تعد حكوماتها ذات مرجعية سياسية/أقتصادية تستند إلى مفهوم الحزب الواحد في إدارة البلاد.  وهي على نقيض البلدان ذات المرجعية الحرة، والتي تعتمد […]

The post الإعلام السوري: سوء في الأداء وفوضى إعادة الترتيب appeared first on مجلة رمان الثقافية.

]]>
يلعب الإعلام المرئي والمسموع والمقروء دوراً كبيراً في حشد الرأي العام المحلي في أي اتجاه محدد، لكن في بلدان العالم الثالث التي يكون فيها الإعلام موجهاً ومؤدلجاً بشكل كبير، خصيصاً تلك البلاد التي تعد حكوماتها ذات مرجعية سياسية/أقتصادية تستند إلى مفهوم الحزب الواحد في إدارة البلاد. 

وهي على نقيض البلدان ذات المرجعية الحرة، والتي تعتمد الديمقراطية وحرية الإعلام والرأي حيث يتوجه الإعلام فيها إلى المتلقّي بدون إيديولوجيا فظة ومباشرة وخطابية، وبذلك تبقى صناعة الرأي العام المحلي قضية يخوضها هذا الإعلام من بوابة حرية المتلقي، وخصيصاً أن الإعلام في عصر الميديا من السهل الانتقال به من قناة تلفزيونية إلى أخرى بكبسة زر، يصعب ضبط المشاهد على قناة واحدة كما كان في أواسط القرن الفائت.

من هنا نجد دراسات جديدة في الإعلام حول كيفية جذب المتلقي، عبر الدراسات الميدانية والبحثية لمعرفة ذائقة هذا المتلقي في كل بلد على حدة، ومحاولة إرضاء أذواق المتلقين في هذه البلدان لبقائهم أمام شاشاتهم الوطنية ولغتهم القومية.

رغم كل الانتشار والكثافة الإعلامية بعد ثورة المعلوماتية الحديثة في نهاية القرن العشرين والعشرية الأولى والثانية من القرن الجاري، فإن هناك من يخالف التوجه العالمي في مزيد من انتشار القنوات التلفزيونية والإذاعية.

وهذا ما نجده في بلد مثل سورية، إذ أنه في بداية الثورة السورية، قامت الحكومة السورية بتوجيه الإعلام المحلي نحو الأخذ بخطاب النظام السوري، على كافة المستويات، والبدء بتوجيه خطابه وفهمه لكل ما يجري في البلاد على أنه مؤامرة كونية ضد النظام، وظهر ذلك جلياً في تعميمه لكل الإذاعات المحلية في اعتماد خطابه لتحشيد الرأي العام المحلي السوري، خصيصاً في مناطق سيطرة النظام، على أن ما يجري مؤامرة كونية من الشعب السوري ضد نظامه، ووصف كل ما جرى ويجري في البلاد بأنه إرهاب منذ تظاهرات الأشهر الأولى السلمية إلى استحضار “النصرة” و”داعش”، كأدوات عالمية للإرهاب الجهادي حسب المفهوم القاعدي. وعالج النظام ذلك على المستوى الإعلامي بمزيد من القنوات الفضائية التلفزيونية والإذاعية مثل “تلاقي” و”سوريانا”، ولاحقاً نشرات إخبارية تلفزيونية، وقناة “زنوبيا” الفضائية. لكن مع التدخل الروسي في الحرب السورية إلى جانب النظام، والاطمئنان إلى استقرار الحالة العسكرية على الأرض ميدانياً، وانكشاف النظام والحكومة السورية على مستوى القدرة على البذخ المالي في الجانب الإعلامي لتغطية مشاريعه في الاستمرار في قمة السلطة السياسية، عهد النظام إلى حكومة المهندس عماد خميس في ضبط النفاقات المالية الإعلامية من خلال وزير الإعلام محمد رامز ترجمان، إذ أغلق ترجمان قناة “تلاقي” في شهر أيلول/سبتمبر من العام الماضي، وإلى جانب ذلك قام المدير العام للهيئة العامة للإذاعة والتلفزيون عماد سارة بمحاولة إلزام الموظفين بالدوام لمدة 7 ساعات يومياً، وهو ما استدعى لقاء مع رئيس الوزراء في أكثر من مؤسسة إعلامية منها الموظفين المعتصمين ضد الدوام الإلزامي اليومي.

 لكن ذلك الخيار لم يأت أُكله في نهاية العام الفائت، وهذا ما استدعى قراراً جديداً من وزارة الإعلام السورية حيث قامت بأصدار قرار إغلاق القناة الأولى من التلفزيون السوري بعد 56 عاماً من البث، وذكرت مصادر وزارة الإعلام أن السبب يعود إلى رغبة وزارة الاعلام في ضبط النفقات في الوزارة في المرحلة المقبلة، ويذكر أن القناة الأولى تعد من أوائل القنوات التلفزيونية في الشرق الأوسط من حيث تاريخ الافتتاح، إذ بدأ إرسالها في العام 1960، وترافق اغلاقها مع إغلاق إذاعة “صوت الشباب” الحكومية التي انطلق بثها في العام 1979، قبل 37 عاماً، كإذاعة محلية تهتم بأخبار المحافظات السورية.

ضبط نفقات أو هيمنة مطلقة:

كل ما يقدم إلى المتلقي السوري من خلال وسائل إعلامه وما يجري في هذه المؤسسة كمحاولة ضبط نفقات ومكافحة هدر جاء نتيجة ما يسميه النظام بالأزمة، لكن الهدر والفساد في الهيئة العامة للإذاعة والتلفزيون ممتد منذ زمن بعيد، وعدد العاملين في التلفزيون يزيد عن 5000 موظف أغلبهم يعمل بنظام “البون”، وهم من غير المهنيين، ومن المقربين من النظام والشبيحة، وغالبيتهم يقدمون برامج غير مفيدة للمتلفي السوري سواء الموالي أو المعارض، مثل “حماة الديار، أرضنا الخضراء، الأيد الماهرة”، وينالون منها أجراً مماثلاً لما لدى البرامج الأكثر مشاهدة في المحطات الفضائية، وهذا ما اعتاد عليه المتلقي السوري منذ سنوات ما قبل عصر الميديا.

وكان الوزير ترجمان قد أزاح نضال يوسف، الملقب بحوت التلفزيون، من زاوية الفساد، لكن بعض العارفين في بواطن الأمور كالأستاذ في كلية الإعلام غازي عبد الغفور الملحم أوضح عبر صفحته الشخصية على الفيسبوك أن مسؤولي الإعلام يقولون بأن ليس لهم علاقة بالقرارات، وأنّ الأخيرة تخرج من المستشارة الإعلامية في القصر الجمهوري، ورئيسة المكتب الإعلامي لونا الشبل، وهو ما أكّده الإعلامي شحادة الحمود عبر صفحته أيضا قائلاً أن أي قرار يصدر من وزارة الإعلام لا يمكن تغييره، فالسيدة لونا الشبل هي الآمر الناهي في أدق تفاصيل العمل الأعلامي. يتضح مما تقدم أن  وراء الأكمة ما وراءها، وقضية ضبط النفقات واجهة لقضايا أخرى غير واضحة حتى الأن.

الأداء الإعلامي السيء:

يجمع العاملون في الهيئة العامة للإذاعة والتلفزيون، وغيرهم من الإعلاميين السوريين أن الأداء الإعلامي السوري خلال السنوات الخمس الأخيرة زاد سوءاً على سوء، وهو غير قادر على مخاطبة المتلقي المهموم بشؤونه الداخلية وأزمته مثل المازوت والغاز والكهرباء والمواصلات والخبز ورفع الدعم عن السكر والرز والزيت… وغيره.

لذلك يعتمد المتلقي السوري الموالي على قناة “الميادين” وغيرها من القنوات الداعمة مثل “المنار” في تظهير سياسي يغطي على أزمة المواطن السوري مع حكومته، وظهر ذلك جلياً مع لقاء رئيس الوزراء مع العاملين في الوحدة السورية التي تصدر جريدتي”الثورة” و”تشرين” اليوميتين، ووفق العديد من المصادر المقربة من دوائر صنع القرار السياسي فإن المرحلة المقبلة في الإعلام السوري لن تكون فيه السطوة للمؤسسات الإعلامية الحكومية، وإنما للقطاع الخاص الإعلامي، وخصيصاً مع اقتراب بدء المفاوضات الجدية للدخول في الحل السياسي، حيث يفترض إعادة هيكلية قطاع الإعلام الحكومي ليكون قادراً على استيعاب الخطوط السياسية المعارضة التي تقبل بالحل السياسي، والتي سيكون لها دوراً كبيراً في إعادة صياغة خطاب إعلامي سوري جامع بعيداً عن العصوبية السياسية والطائفية والقومية.

وما يزيد الطين بلة أن بقية القنوات التلفزيونية السورية مازالت على ذات النهج الإعلامي، فلا تغير في طبيعة الأداء رغم أن الإشاعات تدور عن قرب دمج المركز الإخباري مع الإخبارية السورية أو إغلاق إحداهما.

إن كل ذلك يجري تحت شعار مكافحة الفساد، ولم يُقدم إلى محكمة سورية إعلامي فساد واحد، وهذا نهج النظام السوري في إبعاد الأشخاص وإعادة استخدامهم وفق رؤيته وحاجته لهم.

The post الإعلام السوري: سوء في الأداء وفوضى إعادة الترتيب appeared first on مجلة رمان الثقافية.

]]>
معرض يوسف عبدلكي في دمشق: ثقافة الموت.. ثقافة الحياة https://rommanmag.com/archives/18473 Tue, 10 Jan 2017 05:21:19 +0000 https://romman.b5digital.dk/%d9%85%d8%b9%d8%b1%d8%b6-%d9%8a%d9%88%d8%b3%d9%81-%d8%b9%d8%a8%d8%af%d9%84%d9%83%d9%8a-%d9%81%d9%8a-%d8%af%d9%85%d8%b4%d9%82-%d8%ab%d9%82%d8%a7%d9%81%d8%a9-%d8%a7%d9%84%d9%85%d9%88%d8%aa-%d8%ab/  منذ آذار 2011 حتى الآن يعزز نظام القتل ثقافة الموت في الحياة السورية وحياة الإنسان السوري، ومع استمرار الحياة في العاصمة السورية دمشق رغم كل ثقافة الموت التي تشيعها آلة حرب النظام على الحياة السورية ذاتها قبل قتل الإنسان السوري ذاته، ينبغي العمل على إثبات أن الحياة مستمرة بكل صنوفها، مع الموت والدمار المحيق بالأرض […]

The post معرض يوسف عبدلكي في دمشق: ثقافة الموت.. ثقافة الحياة appeared first on مجلة رمان الثقافية.

]]>

 منذ آذار 2011 حتى الآن يعزز نظام القتل ثقافة الموت في الحياة السورية وحياة الإنسان السوري، ومع استمرار الحياة في العاصمة السورية دمشق رغم كل ثقافة الموت التي تشيعها آلة حرب النظام على الحياة السورية ذاتها قبل قتل الإنسان السوري ذاته، ينبغي العمل على إثبات أن الحياة مستمرة بكل صنوفها، مع الموت والدمار المحيق بالأرض والإنسان السوري من مبدأ مواجهة ثقافة الموت بثقافة الحياة التي تدعو إلى الجمال الإنساني المستمر في دمشق وغيرها من المدن السورية، جاء معرض الفنان التشكيلي السوري يوسف عبدلكي في صالة كامل في حي المزة، يدعو إلى الحياة والجمال وتمجيد الإنسان رغم الموت والدمار. وإذا كانت وظيفة الديكتاتورية والنظام وماكينته الإعلامية، تمجيد الحرب والموت من أجل استمراره، فإن وظيفة الفن في مناطق سيطرة الديكتاتورية هي الدعوة للحياة والجمال، ولنا مثال حي في لوحة “الغرنيكا” للإسباني بيكاسو في ظل الحرب والجنرال فرانكو، فإذا كانت لوحات مَعارض عبدلكي السابقة قد غطت قضايا الشهيد والشهيدة وأم الشهيد والشهيدة، فالآن من دمشق المحاطة بعسكر الديكتاتورية تنطلق الدعوة لمقاومة القبح واللاجمال بالفن والحياة.

خرق النمط (رؤية من الداخل):

اعتاد الفنان عبدلكي العمل على لوحته من خلال الفحم والظل والنور وأشكاله الخاصة الكلاسيكية، ويحتل اللون الأسود في لوحته المساحة الأكبر، وذلك عبر لمعان داخلي يؤكده حضوره، ويظهر الظل ودرجاته برؤية داخلية وصبر وعناد خاصين به، ومن تابع مسيرة عبدلكي الفنية يعرف آليات عمله على مفرداته بدقة عالية “وروده، أحذيته، أسماكه، جماجمه، عظامه، جلسات الشاي، أوانيه، أعضائه، صدفه، وكؤوسه”.

إن أعمال عبدلكي السابقة قبل ثورة الشعب السوري أظهرت شخصياته العسكرية، لكن ثورة الشعب السوري. خصوصاً في بداياتها، ظهرت في لوحاته عبر تجسيد معاناة الشعب من خلال لوحات “الشهيد، أم الشهيد، أخت الشهيد، والشهداء..الخ”.

لكن المعرض الأخير الذي أقامه الشهر الماضي خرق فيه الأنماط السابقة التي عملها، فهو في هذا المعرض يقدم مشروعاً فنياً متكاملًا للأجساد الأنثوية العارية، في وضعيات مختلفة منها ما يظهر الجسد الأنثوي في جزئه العلوي، من الثديين المشدودين إلى صدر ممشوق في انحناءة خفيفة للظهر، والرقبة ذات العنق الأخاذ، ووجه ذي ملامح جدية، ولوحات أخرى يظهر فيها الجسد الأنثوي من جهة جانبية حيث الأفخاذ المثنية والجذع والظهر مع الجانب ونظرة جانبية للوجه، مع الشعر المرسل إلى الخلف. ولوحة أخرى تظهر كامل الجسد في وضعية الجلوس على صوفا، ولوحة ثانية تظهر الجسد الأنثوي جالساً مع حركة يدين ترتبطان ببعضهما مع ثديين مشرئبين نحو الأمام، وإغماضة من العينين، ولوحة ثالثة تظهر فتاة تخلع بلوزتها، وهي في منتصف ظهور اليدين والرأس بينما الصدر عارياً، وكذلك والفخذين أو وسط الجذع مغطى بالجزء الداخلي من الثياب الداخلية لها، ورابعة تظهر فتاة عارية سوداء، وكذلك لوحة “البوستر” الإعلاني للمعرض…

أثارت عاريات عبدلكي موجة شديدة من الاستياء، عبر السؤال: هل هذا وقت عري أمام تهجير أكثر نصف الشعب السوري خارج البلاد؟

لنقر أولاً أن ما جرى في كل البقاع السورية، لا تتحمل عاريات يوسف عبدلكي مسؤوليته، وإنما النظام السوري، وكذلك القوى المضادة للثورة. فما ذنب المشاريع الفنية لدى السوريين، وخصوصاً أن موقف يوسف عبدلكي من النظام واضح، وهل اعتقال يوسف في العام 2013، جاء نتيجة لوحة فنية؟ لقد جاء نتيجة نشاط سياسي معارض، ومتابعة تنظيمية، وليس نتيجة لوحة رسمها.

نعود للمعرض، لم يقدم عبدلكي أجساده العارية بحالة فرح غامر تحيطها المباخر وأجواء ألف ليلة وليلة، والمتماهية مع الرمان والتفاح والشهوات الأنثوية والذكورية كما يقدمها الفنانون الآخرون، وإنما قدمها عارية يحيط بها السواد، حتى إن بعضها يوازي السواد في اللوحة سواد الحياة واللا أمل، لكن الحياة تستمر حتى في أحلك لحظاتها سواداً.

إن الجسد الأنثوي هو حامل الحياة والخضب الإنساني في كل الظروف، وتمجيد الجسد الأنثوي من دمشق الآن، دليل آخر على استمرار الحياة رغم الديكتاتورية والحرب والموت الذي يحيط بالإنسان السوري في أماكن وجوده، والذي لا يرغب بقراءة سوى الرسالة السياسية من زاوية التوقيت فليقرأ كما يشاء..

قديمه المستمر:

حمل” البروشور” الإعلاني للمعرض مزهرية مليئة بالورود ذات اللون الأبيض وتدرجات الأسود في الفحم، هذه المزهرية محاطة بالمسامير المقيدة على سطح الطاولة الموضوعة عليها، وفي لوحة غصن مجموعة أوراق تنتمي إلى الحياة الخضراء، ولوحة أخرى لجمجمة تضرب فيها المسامير من ثلاث اتجاهات إلا الجهة التي تستند على السطح، وصدفة تستند إلى قطعة قماش في حالة تطابق مع السطح وتتراوح ألوانها ما بين الأسود وتدرجاته إلى لون الصدف الأسود المبيَض. ويضاف إلى هذه اللوحات لوحة تحيّة إلى نذير نبعة.

إن لوحاته ذات الاستمرارية القديمة ما قبل الثورة السورية تعني أن الحياة مستمرة ويجب العودة إلى استمراريتها ومفاتيحها في كل الأرض السورية.

إن الموت الماثل في  لوحة الجمجمة الراقدة على منضدة الموت السوري القائم في كل لحظة من لحظات الحياة السورية سواء في دمشق أو غيرها من المناطق الأخرى، وأيضا في لوحة نذير نبعة نجد الصدفة المعلقة في فضاء اللوحة تعبيراً عن الموت في فضاء إنساني يخالف الموت بأدوات الحرب السورية.

إن من يتابع قراءة لوحات عبدلكي في المعرض الأخير بدمشق يجد أن الدعوة إلى الحياة واستمرارها في الجسد السوري ماثلة رغم الموت المنتشر حول السوريين، وتكون مرافقة للدعوة إلى الحياة والخصب والإنجاب، فمن غير المعقول والمقبول استمرار الموت السوري المجاني القائم في حالة الحرب، ومن هنا جاء تقدّم الشعار السياسي “وقف الحرب” على كل الشعارات السياسية الأخرى، حتى على شعار الحل السياسي.

يوسف عبدلكي

بسام سفر مع يوسف عبدلكي في المعرض

The post معرض يوسف عبدلكي في دمشق: ثقافة الموت.. ثقافة الحياة appeared first on مجلة رمان الثقافية.

]]>
مونودراما “غاندي” لزيناتي قدسية https://rommanmag.com/archives/18455 Fri, 30 Dec 2016 06:52:06 +0000 https://romman.b5digital.dk/%d9%85%d9%88%d9%86%d9%88%d8%af%d8%b1%d8%a7%d9%85%d8%a7-%d8%ba%d8%a7%d9%86%d8%af%d9%8a-%d9%84%d8%b2%d9%8a%d9%86%d8%a7%d8%aa%d9%8a-%d9%82%d8%af%d8%b3%d9%8a%d8%a9/ مواجهة الاحتلال باللاعنف طريقاً للاستقلال والتقسيم

The post مونودراما “غاندي” لزيناتي قدسية appeared first on مجلة رمان الثقافية.

]]>

عاش الفنان المسرحي الفلسطيني زيناتي قدسية حياة مسرحية بلغت تسع وأربعين عاماً حتى الآن،  ولعبت نكسة حزيران للعام 1967 في الحرب مع الكيان دوراً كبيراً في تشكيله على مستويات متعددة، ولم تخرج العروض في السنوات الأربعة الأولى عن آثار تلك الحرب، وكانت البداية في المملكة الأردنية الهاشمية.

في أوائل العام 1971 انتقل إلى سورية، وانضم إلى فرقة المسرح الجامعي المركزي، وعمل أربع سنوات متتالية فيها مع مخرجين أكاديمين، وغادرها بعدها للعمل في “مسرح الهواة، الشباب”، الذي وسع من إطار تجربته ومعرفته المسرحية، وفي العام 1977 ساهم بتأسيس (المسرح التجريبي) الذي كان يشرف عليه الراحلان سعد الله ونوس وفواز الساجر. وفي عام 1980 أبرم عقداً مع وزارة الثقافة السورية بصفة ممثل في “المسرح القومي”، وعمل عشر سنوات من خلاله، أثمرت عن إعادة صياغة العقد القديم بصفة “خبير لشؤون المسرح”، وقد اتسعت مساحة عمله لتشمل الإخراج للمسرح القومي. بالتوازي مع ذلك ساهم منذ العام 1972 في تجربة “المسرح الوطني الفلسطيني” حتى العام 1985، وعمل مديراً فنياً لـ “فرقة مسرح العمال” كاتباً ومخرجاً، وعضواً في “فرقة المختبر المسرحي”، وكان عمله مع المخرج العراقي جواد الأسدي حالة من البحث الدائم والاندهاش والامتلاء الروحي.

بعدها انطلقت تجربته المونودرامية، وتأسيس “مسرح أحوال” مع شريك رحلته الطويلة الشاعر والكاتب الراحل ممدوح عدوان، ثم أصدر أول مجموعة مسرحية له بعنوان “الحصار” الذي شاركه في صياغة نصين منها الفنان والمخرج المعروف حاتم علي. وفي العام 2002 صدر قرار وزاري بتعيينه “مديراً للمسرح التجريبي”.

 ويعد الفنان المسرحي زيناتي قدسية أيقونة مونودرامية مسرحية منذ أواسط ثمانينيات القرن الفائت حيث قدم خلال مسيرته المسرحية أكثر من عشرة عروض مونودرامية كانت بدايتها مع الكاتب المسرحي الراحل ممدوح عدوان في أعمال “في حال الدنيا” (1985) و “القيامة” (1986) و “الزبال” (1987)، كما قدم فيما بعد “شيء من غسان كنفاني” من توليفه مع الدكتور فيصل دراج في العام 1991، و “الطيراوي” عن نصوص لغسان كنفاني ومن إعداده وأخراجه وتمثيله في العام 1992، و”أبو شنار” من تأليفه وأخراجه وتمثيله في العام 2011، وأخيراً “غاندي” من تأليفه وأخراجه وتمثيله، وقدمها على مسرح الحمراء بدمشق في الشهر الأخير من العام 2016.

غاندي “وطنياً هندياً”:

يوصَف غاندي بأبي الدولة والفكر السياسي الهندي الحديث ما بعد استقلال الهند، حيث نادى بالاستقلال منذ احتلال الهند من قبل المستعمر البريطاني، وعبر عن ذلك المسرحي زيناتي قدسية في أكثر من مشهد في مونودراما “غاندي” على مسرح الحمراء بدمشق، إذ أن وعود الإنكليز له وللشعب الهندي كانت كاذبة، كما هي حال وعودهم للشريف حسين القائد العربي الذي كان يمثل طموحات الشعب العربي الآسيوي في الاستقلال عن السلطة العثمانية في بداية القرن العشرين، فالإنكليز لم يفوا في وعودهم بالاستقلال، وإنما عقدوا صفقة مع الفرنسيين من خلال اتفاقية “سايكس-بيكو”، وقسّموا المنطقة العربية الآسيوية إلى مستعمرات تابعة للمحتلين الإنكليز والفرنسيين، كذلك قسّم الإنكليز الهند إلى دولتين: الهند وباكستان، وهذا ما جعل غاندي في نظر الجمهور الهندي وكأنه مسوّق للوجود الإنكليزي. يظهر الجانب الاستعماري هذا في المسرحية عبر شخصية الجنرال الإنكليزي الذي جسده قدسية، وهو يسير على يسار منصة مسرح الحمراء، وكأنه موجود بمؤتمر المائدة المستديرة، وهو يصرخ كجنرال مستعمر:

“اسمعوني جيداً… الاستقلال هدية أمة لأمة”، ويرد عليه غاندي أن الشعب الهندي “يلجأ إلى المقاومة المسلحة، المقاومة الحقة… تحيا الهند”، مثلما كانت الهند قبل تسعين عاماً، المقاومة الحقة لا تتناقض مع اللاعنف، العنف قانون البهائم، كما يدعو السيد المسيح، والرسول الكريم محمد، القوة النابعة من الروح.

إن الصراع الذي خاضه غاندي من أجل الاستقلال، وعدم تقسيم وزرع الفتنة الداخلية، حاول الممثل قدسية إيصاله إلى المتلقي عبر الحركة البطيئة وإيقاع سردي بطيء بعيد كل البعد عن الصراع الحركي الموجود في الحياة بين الهندوس والمسلمين على يسار منصة الحمراء. يركع زيناتي على ركبتيه معلناً فشله في منع الاقتتال والصراع بين مكونات الشعب الهندي، الهندوس والمسلمين، وزرع الطائفية من قبل الإنكليز من خلال ذلك.

فلسطينياً:

قدم الفنان زيناتي قدسية على لسان” غاندي” قضية غدر الإنكليز للفلسطينيين، كما غدروا بالهنود، حينما سلموا المحتل الإنكليزي الأرض الفلسطينية إلى اليهود الصهاينة، قائلاً: إنهم “عصابة من اللصوص” يسلّمون الأرض إلى الصهاينة، لذلك من حق الفلسطيني أن يقاوم إجراءات المحتل الإنكليزي والصهيوني، لأنها كلها تقوم على سلب الحق الأصلي وإعطاء حقه إلى مالك جديد آخر، وعن موقف غاندي عندما سلب الإنكليز الأرض الفلسطينية وقدموها لليهود يقول “لا يحق لكم ذلك، ويحق للفلسطيني أن يقاوم بكل الوسائل بما فيها القوة وحمل السلاح”.

يعترف أيضاً غاندي بأنه فشل في تحقيق الاستقلال دون تقسيم، وهذا ما يذكّر بقرار التقسيم المعروف بقرار الأمم المتحدة 194 لتقسيم فلسطين إلى دولتين “دولة الكيان الصهيوني، إسرائيل”، و “دولة فلسطين في الضفة الغربية وقطاع غزة”.

إن معاناة غاندي تنتهي هنا بعدم قدرته على الحفاظ على وحدة بلاده الهند، كما كان واقع الحال في فلسطين والبلاد العربية المشرقية، وهذه ذروة المأساة الدرامية في شخصية غاندي التي قدمها الفنان زيناتي قدسية.

التمثيل والإخراج:

رغم توظيف الشكل الخارجي عند قدسية ليقارب شخصية غاندي، من زاوية المظهر، خصيصاً عندما تأتي الأضاءة على صلعته اللامعة. إلا أن  أسلوب الأداء التقليدي في العمل على النصوص المونودرامية من قبله يجعل إيصال كل ما يريد إلى المتلقي شبه مستحيل، وإذا كان الأداء البطيء يوضح ما يريد إيصاله، فالسرد الواسع وعدم وجود ديكور يملأ فضاء مسرح الحمراء يجعل الحركة عشوائية غير منتظمة في ممرات الإضاءة الثلاث التي شكلها ورسمها من أجل أداء أكثر فاعلية. ورغم كل بقع الإضاءة الدائرية لم يستطع قدسية إظهار العوامل الذاتية والنفسية للشخصية الدرامية لتشكل فعلاً مسرحياً عريضاً قابلاً للترجمة كأفعال تصل إلى المتلقي، بينما لم تفعل الخُطب المباشرة وأسلوب إلقائها مع التواء الجسد والهبوط على منصة المسرح، وانكماش الجسد في حركته للتعبير عن الوضعية الداخلية المأزومة كشكل خارجي، في حين جاء العكاز والزي ذو اللون الأبيض ليفصح عن حركة لم تبلغ مداها الأوسع للتعبير عن سماح روح وذات غاندي المتسامحة كمناضل سلمي لا عنفي رغم تضمين خطاب زيناتي حق المقاومة العنيفة للاحتلال. من هنا نسأل، هل كانت الكلاسيكية الأدائية في مونودراما “غاندي” جواز مرور للعرض في الوصول إلى المتلقي الذي اعتاد عليه قدسية؟!

إن كل ما قدمه زيناتي في هذا العرض لم يستطع مقاربة شخصياته المونودرامية السابقة، ولم تكن قريبة إلى المتلقي الدمشقي مثلما كانت شخصية “أبو شنار” على مسرح القباني في بداية العشرية الثانية من القرن الحادي والعشرين.

The post مونودراما “غاندي” لزيناتي قدسية appeared first on مجلة رمان الثقافية.

]]>
صادق جلال العظم مدرساً في المعهد العالي للفنون المسرحية https://rommanmag.com/archives/18432 Tue, 13 Dec 2016 06:38:10 +0000 https://romman.b5digital.dk/%d8%b5%d8%a7%d8%af%d9%82-%d8%ac%d9%84%d8%a7%d9%84-%d8%a7%d9%84%d8%b9%d8%b8%d9%85-%d9%85%d8%af%d8%b1%d8%b3%d8%a7%d9%8b-%d9%81%d9%8a-%d8%a7%d9%84%d9%85%d8%b9%d9%87%d8%af-%d8%a7%d9%84%d8%b9%d8%a7%d9%84/ لا يستطيع أي كاتب أو ناقد أو صحافي الإحاطة بما قدمه الراحل الدكتور صادق جلال العظم للثقافة العربية والسورية من خلال عين نقدية، فمن أطروحته في”نقد الفكر الديني” إلى العديد من القراءات النقدية التي قدمها للقارئ والمتابع والناقد العربي، وصولاً إلى قراءاته النقدية للنقد الذي وجه إلى رواية سلمان رشدي «آيات شيطانية»، لهذه القراءات وغيرها، […]

The post صادق جلال العظم مدرساً في المعهد العالي للفنون المسرحية appeared first on مجلة رمان الثقافية.

]]>
لا يستطيع أي كاتب أو ناقد أو صحافي الإحاطة بما قدمه الراحل الدكتور صادق جلال العظم للثقافة العربية والسورية من خلال عين نقدية، فمن أطروحته في”نقد الفكر الديني” إلى العديد من القراءات النقدية التي قدمها للقارئ والمتابع والناقد العربي، وصولاً إلى قراءاته النقدية للنقد الذي وجه إلى رواية سلمان رشدي «آيات شيطانية»، لهذه القراءات وغيرها، ولتدريسه لنا في المعهد العالي للفنون المسرحية أكثر من حكاية ثقافية، وفلسفية، ونقدية.

في أوائل العقد الأخير من القرن الفائت عدت إلى مقاعد الدراسة من بوابة المعهد العالي للفنون المسرحية – قسم الآداب والدراسات المسرحية، وفي العام الدراسي الأول حظيت دفعتنا بعناية فائقة إذ درّسنا صادق جلال العظم مادة “تاريخ فكر”، وقبل أن يتعمق معنا في دراسة الفلسفة، بدأنا بتجربة أخرى بعيدة نسبيا عن الفلسفة.

آيات شيطانية… وذهنية التحريم

في تلك الفترة كان نجم النجوم الكاتب سليمان رشدي وقضية حمايته بسبب روايته الجديدة التي تتناول حياة النبي محمد، وبإحدى الحصص الدراسية سأل أستاذنا الراحل السؤال التالي: أفتى آية الله الخميني المرشد الأعلى للجمهورية الاسلامية الإيرانية بقتل الروائي الانكليزي المهاجر من الهند سلمان رشدي بسبب كتابة وإصدار روايته المثيرة للجدل «آيات شيطانية»، هل قرأ أحدكم هذه الرواية؟! فأجبنا في الصف بأن الرواية صدرت باللغة الانكليزية، وهي غير مترجمة إلى اللغة العربية، ونادراً من طلابنا في المعهد من يستطيع قراءة الرواية باللغة الأم؟!

رد علينا الدكتور صادق أن هناك ترجمة مقبولة، اطلعت عليها وقارنتها مع الأصل الأنكليزي، وستكون جزءاً من قراءتنا النقدية هذا الفصل، ليشتري كل منكم نسخة ويقرأها… 

درسنا الرواية من كافة جوانبها خصيصاً شخصياتها التي تثير الأشكاليات في النقد والصحافة العالمية والعربية، ومن هذه الشخصيات، المحامي حنيف جونسون: المتمكن تماماً من الألسن المهمة جميعاً، لسان العلم الاجتماعي والاشتراكي والراديكالي – الأسود والـ ضد – ضد – ضد – عنصري والديماغوجي والخطابي والوعظي، أي مفردات قاموس السلطة كلها*

من خلال متابعة أستاذنا الدكتور صادق جلال العظم، وجدت أنه كان يتعامل مع الوقائع والحقائق كمعطى معلوماتي، ويعمل على النقاش والجدل معها، ويحاول نقل آلية التفكير والعمل هذه إلينا في المعهد العالي للفنون المسرحية.

جون مسلمة: مسيلمة الكذاب الذي يتبجح قائلاً بلكنة الأوكسفوردية المدوزنة جيداً: لقد أعطيت نفسي حقها ونجحت يا سيدي في الواقع، نجحت نجاحاً استثنائياً بالنسبة لرجل أسمر مثلي. وبحركة صغيرة ولكن بليغة من يده السميكة أشار إلى غلاء ملابسه الفاخرة، البذلة المفصلة حسب الطلب، الساعة الذهبية مع حليتها وسلسلتها، الحذاء الايطالي، ربطة العنق الحريرية المشرئبة، الأزرار المرصعة لكميه الأبيضين المكويين بالنشاء، وفوق زي الميلورد الأنكليزي هذا انتصب رأس ذو حجم مروع… الخ*

بيلي بطوطة: البلاي بوي الباكستاني والنصاب المولع بالنساء البيضاوات من ذوات الأثداء الهائلة والأرداف الممتلئة واللواتي كان يعاملهن معاملة سيئة… ويكافئهن بسخاء*

ويسكي سيرزوديا: المنتِج السينمائي الهندي أكثر الناس فصاحة لسان وزلاقة في الكار. وبعد انتقال ويسكي من منازل المال الجاهز في بومباي إلى شقق في لندن ونيويورك أخذ يحتفظ بجوائز الأوسكار في مراحيضه ويحمل في جزدانه صورة لمنتج كونغ فوي في هونغ كونغ رام رام شو، بطله المفترض، والذي لم يكن قادراً تماماً على لفظ اسمه*

ويستعرض استاذنا الدكتور صادق جلال العظم المقالات والدراسات التي تناولت الرواية دون أن يقرأ كتّابها الرواية ومنهم: الدكتور أحمد بروقاوي، هادي العلوي، الدكتور كاظم موسوي، رجاء النقاش، الدكتور عبد الرحمن ياغي، وتبين أحد النقاد الذين قرأوا رواية «آيات شيطانية» أحمد بهاء الدين، لكنه لم يوظف القراءة بشكل جيد في كتابة نقد بعيد عما كان سائداً في تلك اللحظة الزمانية.

بالإضافة إلى نقاش الرواية والنقد الذي كتبه دكتورنا الراحل العظم وجرى اختباره في حصصنا الدراسية، دعانا إلى ندوة نقاش حول الرواية في المنتدى الثقافي الديمقراطي التابع “للجبهة الديمقراطية لتحرير فلسطين” في مخيم اليرموك جنوب العاصمة السورية دمشق، وكان الحضور كبيراً جداً لدرجة امتلاء القاعة بالحضور على الكراسي وكان الوقوف فيها أكثر عدداً من الجالسين على الكراسي. من هذه الوقائع حول رواية «آيات شيطانية»، يمكنني الكتابة أن الراحل العظم ناقش الرواية من منظورين علميين: 

الأول: ما كتب عن الرواية من قبل النقاد والكتاب والصحفيين بشقين أحدهما قرأ الرواية، والآخر لم يقرأ الرواية واكتفى بما تناقلته وسائل الإعلام عنها.

الثاني: من داخل بنية ومعمار السرد والمعلومات والشخصيات الموجودة في الرواية، والتي عمل عليها الكاتب سلمان رشدي، وبذلك نستطيع تثبيت العلمية في أسلوب نقاش وجدل وحوار رواية «آيات شيطانية»، إذ لم ينضم العظم إلى جوقة المطبلين والمزمرين في مهاجمة ومواجهة كل شخصية هاجمت جوانب من الدين الإسلامي الحنيف، أو شخصية النبي الكريم، وبهذا تتأكد علمية وعلمانية الدكتور صادق جلال العظم، في الكتابة النقدية كما هي في الحياة.

الفلسفة “أفكار ورجال”

أثناء تدريس دكتورنا العظم لمادة تاريخ الفكر قدم لنا من كتاب «قصة الفكر الغربي – أفكار ورجال» من تأليف كرين برنتن، الفصل الثامن: صنع العالم الحديث (أولاً)، الإنسانية، حيث بدأ من مفهوم اصطلاح “النهضة” و”الإصلاح الديني”، واختار السرد الحكائي كما هو موجود في الكتاب في الصفحة (326) يقول: حدث ذات مرة أن توأمين من أصحاب الشعر الأحمر: الأول اسمه “النهضة” والثاني “الإصلاح الديني”، نالهما الاضطهاد ولحقتهما الإساءة، فانقلبا على زوجة أبيهما: الكنيسة الكاثوليكية في العصور الوسطى، وهي أم شريرة برغم ضعفها.

ويضيف أستاذنا على ما ذُكر في الكتاب قائلا: إن كتب التاريخ لم تروِ القصة بمثل هذه البساطة وهذه الطريقة. ولم يكن بوسعها البتة أن تبدأ الموضوع كما تبدأ الحكاية الخرافية. غير أن أكثر الأمريكان – إذا استثنينا الرومان الكاثوليك – ممن درسوا شيئاً من تاريخ أوروبا خرجوا بفكرة أن الحركتين اللتين نطلق عليهما “الإصلاح البروتستانتي” و”النهضة” كانتا متحدتين ما في وحيهما والغرض منهما”.

كانت الحركة الأولى تتجه نحو الحرية الدينية، والثانية نحو الحرية الفنية. وكلتاهما تعملان من أجل الحرية الخلقية، ومن أجل ما أصبح الديمقراطية في القرن التاسع عشر بطبيعة الحال. كلتاهما تهدف إلى”تحرير” الفرد العادي من القيود التي ائتلفت العادة والخرافة لكي تفرضهما عليه في العصور الوسطى.

وحول التجريب في الحياة قص علينا أستاذنا العظم حكاية توماس مور، أحد الباحثين الإنسانيين كاثوليكياً، استشهد على يد هنري الثامن، ولم يكن أحد أولئك الإنسانيين ذوي العقول الخصبة الذين نوليهم اليوم اهتماماً خاصاً. وهؤلاء الإنسانيون ذو العقول الخصبة الذين أكسبوا النهضة ذلك اللون الذي يبدو لنا اليوم جذاباً من بعيد هم هؤلاء المغامرون، المتطلعون إلى المعرفة، المنفعلون في صميمهم، على غير ثقة بأنفسهم وبمكانتهم في العالم. لقد حاولوا جاهدين أن يثقوا بأنفسهم، ولكنهم لم يصيبوا نجاحاً يذكر.

إن الأمر الواضح من حكاية توماس وغيره من الإنسانيين أن قضية التجريب في العلوم التطبيقية يمكن ان تكون جزءاً من العلوم الإنسانية والأدبية التي استعملتها الإنسانوية للوصول إلى العديد من المفاهيم الإنسانية التي أصبحت اليوم جزءاً من الحقوق في الحياة العامة والإنسانية والسياسية على عكس ما كان سائداً في العصور الوسطى في الزمن الأوروبي.

من خلال ما تقدم وما قدمه لنا أستاذنا العظم من آلية تطور الفكر والأفكار الإنسانية والفلسفية عبر رصد تطور المفاهيم الإنسانية والفلسفية في العصور الوسطى وصولاً إلى نهايات القرن العشرين منذ “النهضة” والإصلاح الديني إلى مرحلة فصل الدين عن الدولة في أوروبا، وتطور الديمقراطية الأوروبية عبر منظور العالمية في نظرة كونية جديدة ومتقدمة.

حلقات بحث، وانطباعات

اثناء الفصل الدراسي الأول والثاني طلب الدكتور صادق منا حلقات بحث لمادة تاريخ الفكر، وذهب بعض الطلاب باتجاه الفلسفة بينما فضلت الكتابة عن مفاهيم الميكيافيلية، خصيصاً أننا درسنا بعض المفاهيم عند ماكيافيللي من خلال كتابه «الأمير»، عندما وجدت نص مسرحية «ماندرا جولا» لصاحب الأمير من ترجمة محمد الظاهر. كتبت حلقة بحث بعنوان “بعض تطبيقات الميكافيلية في نص ماندرا جولا”. وبعد قراءتها من قبل أستاذنا العظم كتب عليها التالي: اختزال الميكيافيلية إلى (الغاية تبرر الوسيلة) تبسيط للمسألة وخطأ شائع، الفكرة وراء حلقة البحث جيدة جداً ويمكن تطويرها بفهم أدق لمعنى الميكيافيلية، ومن ثم دراسة تجلياتها في مسرحيات ماكيافيلي نفسه.

وعندها عمقت القراءة من خلال دراسة بعض سمات الملحمة في ذات النص، وعملت في الفصل الثاني على حلقة بحث أخرى كانت عن الحركة السفسطائية، أعظم حركة ثورية قامت على أشرس تشكيلة اجتماعية عرفها التاريخ (التشكيلة العبودية) في اليونان القديمة أثناء ظهور هذه الحركة المظلومة.

من خلال متابعة أستاذنا الدكتور صادق جلال العظم، وجدت أنه كان يتعامل مع الوقائع والحقائق كمعطى معلوماتي، ويعمل على النقاش والجدل معها، ويحاول نقل آلية التفكير والعمل هذه إلينا في المعهد العالي للفنون المسرحية.

أخيراً، يشكل الدكتور العظم ظاهرة بحد ذاتها في جيل رواد الفكر الفلسفي والسياسي السوري منذ منتصف تسعينات القرن الفائت إلى وفاته في المنفى الألماني بعيداً عن دمشق التي أحبها.

*مجلة الناقد، عدد (54)، كانون الاول (ديسمبر) 1992، ص(22)

The post صادق جلال العظم مدرساً في المعهد العالي للفنون المسرحية appeared first on مجلة رمان الثقافية.

]]>
اللاجىء الفلسطيني–السوري وهمومه في الشتات الأوروبي https://rommanmag.com/archives/18425 Mon, 05 Dec 2016 03:42:51 +0000 https://romman.b5digital.dk/%d8%a7%d9%84%d9%84%d8%a7%d8%ac%d9%89%d8%a1-%d8%a7%d9%84%d9%81%d9%84%d8%b3%d8%b7%d9%8a%d9%86%d9%8a-%d8%a7%d9%84%d8%b3%d9%88%d8%b1%d9%8a-%d9%88%d9%87%d9%85%d9%88%d9%85%d9%87-%d9%81%d9%8a-%d8%a7/ فرض الربيع العربي إيقاعه على بلدانه التي حاولت الوصول بالتغير السياسي إلى مراحل متقدمة عبر القواعد الديمقراطية للبرجوازية الغربية، لكن مع تعثر هذا التغيير السياسي في العديد من بلدان الربيع العربي في مقدمتها سورية حيث لعب الحل الأمني العسكري دور الفصل في عدم نجاح الثورة السلمية، وتحويلها الى العسكرة التي لعبت بها الفصائل الإسلامية بعد […]

The post اللاجىء الفلسطيني–السوري وهمومه في الشتات الأوروبي appeared first on مجلة رمان الثقافية.

]]>
فرض الربيع العربي إيقاعه على بلدانه التي حاولت الوصول بالتغير السياسي إلى مراحل متقدمة عبر القواعد الديمقراطية للبرجوازية الغربية، لكن مع تعثر هذا التغيير السياسي في العديد من بلدان الربيع العربي في مقدمتها سورية حيث لعب الحل الأمني العسكري دور الفصل في عدم نجاح الثورة السلمية، وتحويلها الى العسكرة التي لعبت بها الفصائل الإسلامية بعد اندحار الجيش الحر أمامها في المواقع التي سيطر عليها، دورا كبيرا في إطلاق ما يسمى”الحل الإسلامي” باتجاه إسلامية الثورية وعسكرتها والدفع بالنصرة ( تنظيم القاعدة)، وفيما بعد ما سمّي جيش الفتح إلى واجهة العمل العسكري ضد الجيش السوري والنظام وحلفائه من حزب الله والحرس الثوري الإيراني، والكتائب الشيعية العراقية.

بالإضافة إلى الدور الكبير الذي قامت به “داعش” في دحر واحتلال المناطق التي كان يسيطر عليها الجيش الحر والعمل على أسلمتها السياسية.

في ظل هذه المعطيات بعد الخروج الكبير لأهالي مخيم اليرموك جنوبي العاصمة السورية دمشق في نهاية العام 2012، وهو الذي كان يعد عاصمة الشتات الفلسطيني في البلدان العربية الذي يحتوي فلسطين كلها في مخيم، ويحتوي المقاومة الفلسطينية بكامل تنوعها الفصائلي في مخيم، وهو الذي درب وربى أجيالاً من المقاومين الفلسطينيين ضحوا بحياتهم في الشتات الفلسطيني المقاوم في صفوف الثورة الفلسطينية التي استطاعت العودة الى أرض الوطن في مرحلة سياسية قائمة على إنجاز تسوية سياسية مع كيان الاغتصاب الصهيوني جوهرها إرضاء الطبقة السياسية بمشروع دويلة تعتمد على تقطيع الأرض الفلسطينية وعدم تواصلها في ظل استمرار السيطرة الأمنية والعسكرية لجيش الاحتلال الصهيوني في الضفة والقطاع، وسلطة فلسطينية غير قابلة للحياة إلا بهذه المشروعية الصهيونية.

عاد مخيم اليرموك يلعب دوراً كبيراُ في مركزة الجهد المقاوم الفلسطيني في شكل جديد يعتمد على الإنسان الفلسطيني المولود في الشتات الفلسطيني، إذ قام المخيم في مسيرتي العودة في العام 2011، انطلقت من الجولان السوري المحتل. حطم المخيم مفهوم العودة الذي تقوده التسويات السياسية لـ( م.ت.ف) وقيادتها، وعاد إلى الوطن المحتل من البوابة الجولانية، ودفع المقاوم السلمي الفلسطيني ثمن لعب النظام السوري مع المنظومة الدولية والكيان الصهيوني إلى مقولة حارس مفتاح الشتات الفلسطيني من البوابة السورية.

فالمخيم الفلسطيني- السوري في الأرض السورية هو فلسطين الجديدة التي هجرَ منها تحت ظروف تشابه الظروف التي هُجّر منها اَباؤه وأجداده إلى سورية ولبنان والبلدان العربية الأخرى في نكبة العام 1948، ويجتاح الفلسطيني اللاجىء في أوروبا الحنين إلى بيته ومخيمه وعمله ودراسته في الوطن السوري، كما الحنين إلى فلسطين أرض الاَباء والأجداد، ومن هنا يتابع كل ما يخص هذا الوطن المعنوي الحقيقي بعيداً عن رغبات الطبقة السياسية السلطوية الفلسطينية أو السورية.

ومع تدمير ومحاصرة المخيمات الفلسطينية – السورية، وتشتيت أهلها في شتات فلسطيني سوري جديد دفع هذا الواقع الإنساني الفلسطيني إلى شتات أوروبي جديد يدخلها من بوابة تحسين وضع الإنسان الفلسطيني الذي خسر كل شيء في سورية ( بيته، إنسانيته، حقوقه، وجوده الإنساني، وحتى في كثير من الأحيان حياته).

وكشفت مجلة الحرية الفلسطينية الناطقة باسم الجبهة الديمقراطية لتحرير فلسطين في عددها” 1598(2672)” الصادر بتاريخ/9-15/10/2016، عن تقرير حقوقي أن( 80) ألف لاجىء فلسطيني أجبرهم القصف العنيف والحصار الخانق لمخيماتهم على الهجرة من سورية الى أوروبا. وأضاف التقرير أن هذا القصف قتل”3247″ضحية، وأكثر من (1100) معتقل في سجون النظام السوري، ونحو”220″ ألف مهاجر، وصل إلى أوروبا منهم”80″ألف.

وأكد التقرير أنه لايزال سكان بعض المخيمات الفلسطينية في سورية مهجرين بالكامل مثل سكان مخيم سبينة وحندرات ومخيمات أخرى هجر نصف سكانه أو معظمهم مثل مخيم اليرموك الذي بقي من سكانه أقل من ثلاثة آلاف من أصل(220) ألفا قبل بداية الثورة السورية في العام 2011، ومخيم خان الشيح الذي هجر أكثر من نصف سكانه، ولم يبقَ فيه إلا (12) ألف.

الفلسطيني – السوري وهمومه:

 أمام التحولات الجديدة التي تعيشها المنطقة خصوصاً في المشرق العربي” سورية، لبنان” تعود قضية اللاجئين في الشتات العربي” سورية ، لبنان” إلى واجهة النضال الوطني الفلسطيني، وهذا الهم الذي لم تلتقطه فصائل” م.ت.ف” كقضية سياسية في ظل تراجع قضية التسوية السياسية بين الكيان الصهيوني والسلطة الفلسطينية إلى درجات غير مسبوقة على أجندة السياسة الدولية الإقليمية، وصمت السلطة الفلسطينية وفصائل المقاومة الفلسطينية عن ما يجري للاجىء الفلسطيني في سورية، يجد اللاجىء الفلسطيني في الشتات السوري أمام حلول فردية ذاتية في مقدمتها الهجرة إلى الشمال الأوروبي المتقدم للحفاظ على حياته التي هي الحق الأساسي في الشرعية الدولية لحقوق الإنسان.

وهكذا يغرق ويستغرق اللاجىء الفلسطيني ــ خصيصاً الأجيال اللاحقة لجيل النكبة ــ في الحنين إلى الأرض التي ولد عليها” سورية، لبنان”، وبما أن الشتات الجديد لهذا الإنسان في سورية يستغرق في الحنين إلى أرضه السورية في بلاد الشام كما حنينه إلى أرض الاٌباء والأجداد فلسطين.

فالمخيم الفلسطيني- السوري في الأرض السورية هو فلسطين الجديدة التي هجرَ منها تحت ظروف تشابه الظروف التي هُجّر منها اَباؤه وأجداده إلى سورية ولبنان والبلدان العربية الأخرى في نكبة العام 1948، ويجتاح الفلسطيني اللاجىء في أوروبا الحنين إلى بيته ومخيمه وعمله ودراسته في الوطن السوري، كما الحنين إلى فلسطين أرض الاَباء والأجداد، ومن هنا يتابع كل ما يخص هذا الوطن المعنوي الحقيقي بعيداً عن رغبات الطبقة السياسية السلطوية الفلسطينية أو السورية.

وأمام تعقد شروط الإقامة والاندماج في بلدان الشتات الأوروبي نجد الهم الجديد للإنسان الفلسطيني مقارنة مع حياته السابقة في الوطن السوري. فمن الحياة في السنة الأولى في مخيم (كامب، هايم) إلى تعلم لغة البلاد الجديدة التي هجر إليها للتواصل والتعلم في هذه البلاد، ومحاولة الحصول على الإقامة، ومثول اللاجىء أمام محاكم الهجرة في هذه البلدان الأوربية لشرح وضعه، ووقوع البعض منهم في قبضة المهربين والمضاربين في قضايا الهجرة، وللحصول على هذه الإقامة تحتاج الى آليات التفكير الجديدة في هذه البلدان من أوراق عدم التجنيس في بلدان الشتات العربية، وتوصيف اللاجىء الفلسطيني” إنسان بلا وطن”، والحصول على أطول فترة إقامة فيها، قد يصل بعضها في بلدان مثل فرنسا إلى عشر سنوات، وفي المانيا إلى ثلاث سنوات.

اللغة الجديدة التي يحاول بها شرح قضيته الخاصة كفلسطيني وسوري للتهجير والاضطهاد والمركب يصل بعض الحالات الإنسانية النسوية إلى “الاغتصاب”، الذي لم يتجرأ أحدٌ إلى الاٌن دفع دعاوي أمام محاكم البلدان الأوروبية في بلدان الإقامة الجديدة، وإذ علمنا أن قضية الحصول على جنسية البلدان الجديدة يحتاج إلى اللغة الجديدة وإتقانها، بالإضافة إلى إدراك قوانين البلدان الجديدة في كافة مناحيها الحقوقية والإنسانية والواجبات التي تترتب على اللاجىء الفلسطيني.

كل هذه الوقائع تفرض على اللاجىء الفلسطيني التفكير والحنين القصووي إلى حالة” الهناءة” والهدوء الذي كان يعيشه “رغم الحرمان من الحقوق السياسية في بلدان الشتات  العربي”، والبعض منها الحقوق المدنية، فيعيش الهم السوري- الفلسطيني الجديد وكأنه هم النكبة في العام 1948. لذلك نجده يتابع كل جديد في ساحة الحرب والصراع السوري على أمل العودة الى مخيمات اللجوء المرغوبة كلحظة حلم العودة إلى فلسطين المغتصبة والمحتلة.

وهذا يعود لإدراكه أن دول الطوق العربية تشكل المحيط الطبيعي في قضية عودة اللاجئين إلى بلادهم التي هجروا منها قسرا وعنوة في نكبة 1948، والدور المركزي الذي تلعبه القاعدة السورية للجوء الفلسطيني في قضية العودة.

أخيراً إن حالة الاستغراق التي يعيشها الفلسطيني اللاجىء السوري في أوروبا بالهم السوري كجزء أساسي من قضية الشتات والعودة إلى فلسطين الأم أرض الآباء والأجداد، وبهذا لا يمكن فصل قضية العودة عنده بين العودة إلى بلد المهجر السوري الشتاتي، وبين أرض الآباء والأجداد، وقضية العمل الوطني السياسي الفلسطيني التي تقترب لديه من خلال القرب الجغرافي والديمغرافي العربي والسوري تحديداً.

The post اللاجىء الفلسطيني–السوري وهمومه في الشتات الأوروبي appeared first on مجلة رمان الثقافية.

]]>