محمود حسني - مجلة رمان الثقافية https://rommanmag.com/archives/author/57rommanmag-com مجلة ثقافية فلسطينية مستقلة Sat, 02 Nov 2024 08:40:32 +0000 ar hourly 1 https://wordpress.org/?v=6.6.2 https://rommanmag.com/wp-content/uploads/2024/10/cropped-romman_logo-pink-32x32.png محمود حسني - مجلة رمان الثقافية https://rommanmag.com/archives/author/57rommanmag-com 32 32 «آخر أيام المدينة».. الإمساك بلحظة تداعي المدينة https://rommanmag.com/archives/18818 Tue, 25 Jul 2017 14:25:22 +0000 https://romman.b5digital.dk/%d8%a2%d8%ae%d8%b1-%d8%a3%d9%8a%d8%a7%d9%85-%d8%a7%d9%84%d9%85%d8%af%d9%8a%d9%86%d8%a9-%d8%a7%d9%84%d8%a5%d9%85%d8%b3%d8%a7%d9%83-%d8%a8%d9%84%d8%ad%d8%b8%d8%a9-%d8%aa%d8%af%d8%a7%d8%b9/ منذ انطلاق فيلم «آخر أيّام المدينة» (2016 ـــ 118 دقيقة) للمصري تامر السعيد (1972) في “البرليناله” 2016، لم يتوقف الفيلم عن التجوال بين المهرجانات، أو عن الحصول على الجوائز. ليصبح حاضرًا بشكل دائم خارج بلده، ممنوعًا داخلها. منذ المشهد الأول الواقعة أحداثه في ديسمبر/ كانون الأول 2009، يفرض الفيلم روحه ومتنه على حواس المتلقي. شريط […]

The post «آخر أيام المدينة».. الإمساك بلحظة تداعي المدينة appeared first on مجلة رمان الثقافية.

]]>

منذ انطلاق فيلم «آخر أيّام المدينة» (2016 ـــ 118 دقيقة) للمصري تامر السعيد (1972) في “البرليناله” 2016، لم يتوقف الفيلم عن التجوال بين المهرجانات، أو عن الحصول على الجوائز. ليصبح حاضرًا بشكل دائم خارج بلده، ممنوعًا داخلها.

منذ المشهد الأول الواقعة أحداثه في ديسمبر/ كانون الأول 2009، يفرض الفيلم روحه ومتنه على حواس المتلقي. شريط حميمي، يرصد بحزن الانهيارات المتتالية والتآكل الجمعي للشخصية المصرية.

خالد عبدالله، الشخصية الرئيسة، تنشغل في هذه اللحظة التي يبدأ منها الفيلم بالبحث عن شقّة. تمسك به أسئلة ماضيه وماضي مدينته في تيههما معًا. أصدقاؤه الثلاثة، اللبناني باسم (باسم فياض) والعراقيان حسان (حيدر حلو) وطارق (باسم حجار)، يأتون القاهرة ويغادرونها إلى بيروت وبغداد وبرلين، وهم في نقاش دائم محتدم عن البقاء في المدينة أو الاغترابٍ عنها. تقاطعات لمصائر معلّقة في مشهدية كثيفة وبسرد متشظ يظهر ارتباك الجميع وقلقهم. هذا كله يظهر في صورة ملوّنة بالغبار الأصفر بما يحمله من دلالات أبوكاليبسية، وانعدام وضوح الرؤية في هذه اللحظة من مسار بلد كان على وشك تقلبات عنيفة.

تظهر طبائع المكان والناس في نهاية عصر حسني مبارك: عشوائية العمران، واقع الاضمحلال، وتغوّل التخلّف والتطرّف والجهل والقمع والاستبداد. الصفات التي تدمغ الواقع الحالي. الصفات التي لربما جعلت كل مسؤولي المهرجانات المصرية يرفعون الفيلم من قوائم العرض في اللحظات الأخيرة على خلفيات تحسس مسؤولي السلطة.

توغّل في صميم اللحظة الآنية لبلد كهلٍ يكاد يحتضر طوال الأعوام القليلة الفائتة، ولا يزال، بمآزقه واختناقه في كل وجه من وجوه الحياة فيه من سياسة واقتصاد إلى سلوك فردي أو جمعي. 

يطرح الفيلم أسئلة عن معنى العلاقة بالمدينة، في لحظتها الآنية وماضيها. تساؤلات عن معنى الصداقة، وفكرة التشبّث بالمدينة في لحظة تتالي انهياراتها في مساحاتها ومناخها وفضائها، وناسها أيضاً. 

ثم نخرج من كون القاهرة هي المدينة المقصودة، لنرى استفحال القبح في المدينة أيضًا ولكن هذه المرة تكون بيروت وبغداد. كأن المُصاب هو نفسه. واللون الأصفر الغابر الذي يطغى على حياة القاهرة هو حاضر أيضًا في مدننا الأخرى، وإن اختلف لونه، وإن اختلفت طبيعته. لكنه حاضر في مدن تتشارك الانهيار، والمأساة الفردية والجمعية. نتلمس هذا كله في الحوار بين الأصدقاء الأربعة المنتمين للمدن الثلاث، وانفعالاتهم ناحية الجدوى والمعنى من البقاء.

في هذا كلّه، نرى لغة سينمائية تتكشف معها متاهة المدينة والناس. المآزق، والأرواح المنهكة، والجسور المتشققة بين الأرواح المنهكة، بين أجزاء جسد المدينة. كل شيء يبدو عالقًا في تداعيه. لا هو ثابت مستقر ولا هو ركام. حتى الأحلامٍ تبدو على بساطتها يستحيل تحقيقها، بل يواجهها الواقع بمأسوية أكثر غلظة، ليس من السهل الوصول لسواد جذورها.

والصمت، في «آخر أيام المدينة»، يبدو وكأنه محاولة لأخذ موقف بعينه من ضجيج القاهرة. فوسط كل هذا الغليان العنيف المعتمل في ذات كل شخصية في الفيلم، يحاول خالد (خالد عبد الله، الشخصية الرئيسة) العمل على إنجاز فيلمه عن المدينة والماضي والذاكرة. لكنه حائر، عاجزٌ ومرتبكٌ في بحثه، في محاولة فهمه للأشياء من حوله ليمسك بمعنى لالتقاطه صورة المكان لحظة انهياره، لحظة يحاول فيها بالوقت نفسه استعادة ماضٍ يبدو ضبابيًا الآن.

وسؤال آخر لا مفر منه حول إن كان قد استطاع تامر السعيد أن يجعل بطله يستمع، ونحن متماهين معه، إلى هذا الصمت في ضجيج القاهرة المستنفِد لأية طاقة. هنا تظهر لغة المخرج السينمائية، (كاتب السيناريو، بالتعاون مع رشا سلطي) أو صوته السردي في إمساكه بثنائية الوثائقي/الروائي. ومن خلال سينماتوغرافيا تحيلنا متأرجين بين الغروب والأفول حيناً، والاختناق حيناً آخر. وحركة الكاميرا داخل جغرافيا، محتشدة بالصور والكوادر، يُشيّد السعيد عالمَه البصري وسط الأشياء وهي تتداعى.

حصل الفيلم على عدة جوائز أهمها: الجائزة الكبرى، وجائزة لجنة تحكيم الشباب في “مهرجان نانت للقارات الثلاث” 2016، الجائزة الكبرى في “مهرجان نيوهورايزن السينمائي الدولي” 2016 في بولندا، أفضل مخرج في “مهرجان بوينس آيرس السينمائي الدولي” 2016، أفضل فيلم في “مهرجان سان فرانسيسكو للفيلم العربي” 2016.

 

The post «آخر أيام المدينة».. الإمساك بلحظة تداعي المدينة appeared first on مجلة رمان الثقافية.

]]>
«الديوان 2».. ألف صفحة من شِعر سليم بركات https://rommanmag.com/archives/18758 Thu, 22 Jun 2017 04:00:00 +0000 https://romman.b5digital.dk/%d8%a7%d9%84%d8%af%d9%8a%d9%88%d8%a7%d9%86-2-%d8%a3%d9%84%d9%81-%d8%b5%d9%81%d8%ad%d8%a9-%d9%85%d9%86-%d8%b4%d9%90%d8%b9%d8%b1-%d8%b3%d9%84%d9%8a%d9%85-%d8%a8%d8%b1%d9%83%d8%a7%d8%aa/ “سليم بركات هو أكثر من حالم، هو صانع أحلام، وأكثر من لغوي، هو صانع لغات”. بول شاؤول هذه هي أول الاقتباسات التي سوف تجدها على ظهر غلاف «الديوان 2» المجلد الثاني من الأعمال الشعرية  للأديب السوري الكردي سليم بركات، الصادر عن دار المدى في 1058 صفحة.  تسعة أعمال شعرية هي ما يتضمنها مجلد «الديوان 2»، […]

The post «الديوان 2».. ألف صفحة من شِعر سليم بركات appeared first on مجلة رمان الثقافية.

]]>
“سليم بركات هو أكثر من حالم، هو صانع أحلام، وأكثر من لغوي، هو صانع لغات”. بول شاؤول

هذه هي أول الاقتباسات التي سوف تجدها على ظهر غلاف «الديوان 2» المجلد الثاني من الأعمال الشعرية  للأديب السوري الكردي سليم بركات، الصادر عن دار المدى في 1058 صفحة. 

تسعة أعمال شعرية هي ما يتضمنها مجلد «الديوان 2»، كانت قد صدرت بين عام 2008 وحتى 2017، هي:

شعب الثالثة فجراً من الخميس الثالث – ترجمة البازلت – السيل (بلغتن أخيراً عمر الأربعاء) – عجرفة المتجانس – آلهة – شمال القلوب أو غربها (عشاق لم يحسموا أمرهم) – سوريا – الغزلية الكبرى – الأبواب كلها (ترديد الصدى في التلاعب بأخلاق الليل).

وهي الأعمال التي كتبها الشاعر بعد أن أصدرت المؤسسة العربية للدراسات والنشر المجلد الأول من الأعمال الشعرية، 2007 والذي شمل 11 عنوانًا، تبدأ مع أول أعماله «كل داخل سهتلف لأجلي وكل خارج أيضًا»، 1973، وحتى «المعجم»، 2005.

فرادة اللغة والخيال 

فمنذ البداية أحدثتْ لُغة ذلك الفتى الكردي الذي كان لايزال في الثانية والعشرين من عمره، الفتى ذو الدهشة الطفولية في عينيه، والبراءة التي لم تستطع إخفاء بريق ذكائه وعلو موهبته، أثرًا عنيفًا في الوجه الراكد للمشهد الشّعري العربي.

أتى سليم حاملًا معه لغة شِعرية شديدة الخصوصية، لغة طاغية وآسرة وصارخة، متمرّدة، مُهندَسة ومركّبة على نحوٍ غير معهودٍ. فأظهرت قصائده موضوعات كردية غير مألوفة للقارئ العربي. تناول فيها بغرائبية خياله موضوعات يشتبك فيها التاريخ والجغرافيا، الحكاية والأسطورة. ثم أخذت تتأثر بكل الأمكنة التي حل فيها، من بيروت، إلى نيقوسيا بقبرص، وصولا إلى غابة سكوغوس – ستوكهولم، بالسويد، التي يقيم فيها الآن. أخذ ينثر على أعماله من تراث كل مكان حل فيه، بحكاياته الشعبية وأساطيره، الكردية والعربية والإغريقية والإسكندنافية.

قصائد سليم ليستْ غير مألوفة في موضوعاتها وحسب، ولكنها كذلك في بنيتها ورؤيتها للغة العربية؛ قصائد تتشكّل وتُخلق مِن جُمَلٍ عصبية مشدودة متوترة مُتشظّية على نحو غير معتاد. وبالإيغال في دفقه الشعري منذ أول أعماله وحتى آخرها «الأبواب كلّها»، تشعر وكأنك أمام نهر لا يتوقف عن الجريان. 

وبدلاً من أن يحمل كل ديوان عدة قصائد، أخذ يميل نحو المزج بين الشعر والنثر حد اختفاء أثر لطغيان نوع على آخر كما في «الكراكي». وحين نصل إلى أعماله الشعرية المتأخرة، والتي يجمعها «الديوان 2» ستجد حضورًا قويًا لمعمار القصيدة ذات الموضوع الذي يحتل كل أوراق العمل. قصيدة واحدة تبدأ مع الصفحة الأولى للعمل وتنتهي بنهايته، يأخذنا معها سليم بتفريعاتها وتشظيها، وتشعباتها وهذياناتها غير سامحة لأي موضوع غيرها أن يزحزح اسبتدادها بأوراق العمل. 

ثمّة دفق يأخذك في التيار القوي، العنيف، المهندس لقصيدة سليم. دفق يجعلك ذاهلًا أمام كل هذا الخيال المستنبت من كل شيء، من كل كلمة، وجملة، وفقرة، حتى أن طريقة استخدامه لعلامات الترقيم تؤثر بوضوح في هندسة النص.

ذهول وإعجاب أعظم الشعراء

لم يكن اقتباس بول شاؤول هو الوحيد على ظهر غلاف «الديوان 2». فأهم الشعراء والكتاب العرب في الخمسين سنة الماضية أُخِذوا بخصوصية وفرادة تجربة سليم الشعرية. فلم يبالغ الطاهر بن جلّون في اقتباسه المذكور على ظهر الغلاف أيضًا أن كتابة سليم أعجوبة نقية، وجنونة وخطرة.

ولم يكن محمود درويش الصديق المقرّب من سليم، يغدق عليه ثناءً غير مستحق لما قال: “بذلت جهدًا حتى لا أتأثر بسليم بركات”، ولا أدونيس في وصفه سليم حين كان ابن العشرين من العمر: “اللغة العربية في جيب هذا الشاعر الكردي”. وشيركو بيكه س في قوله، “سليم لا يشبه إلا سليم”. 

إعجاب وذهول طال نخبة الشعراء والنقاد العرب: سعدي يوسف الذي قال عن سليم إنه “أعظم كردي بعد صلاح الدين”، وقاسم حداد، وشوقي بزيع، وأمجد ناصر، في وصفه لعوالم سليم بالفريدة.

حتى نزار قباني كتب له ذات مرة في رسالة: “مولانا.. إرفع يدك عن الشِعر!”.

The post «الديوان 2».. ألف صفحة من شِعر سليم بركات appeared first on مجلة رمان الثقافية.

]]>
القلق الجنسي.. عند هيمنجواي وفيتزجيرالد (ترجمة) https://rommanmag.com/archives/18730 Fri, 02 Jun 2017 04:00:00 +0000 https://romman.b5digital.dk/%d8%a7%d9%84%d9%82%d9%84%d9%82-%d8%a7%d9%84%d8%ac%d9%86%d8%b3%d9%8a-%d8%b9%d9%86%d8%af-%d9%87%d9%8a%d9%85%d9%86%d8%ac%d9%88%d8%a7%d9%8a-%d9%88%d9%81%d9%8a%d8%aa%d8%b2%d8%ac%d9%8a%d8%b1%d8%a7%d9%84/ يميل التاريخ إلى المقارنة بين إرنست هيمنجواي وسكوت فيتزجيرال، ولم لا؟ كمعاصرين لبعضهما ومتنافسين، كان طبيعيًا أن يحدث ذلك. يجسد هيمنجواي نموذج الذكورة المثالي؛ فهو يقدم نفسه كصياد، ملاكم، محارب قديم، ورجل تحبه النساء؛ وظهر هذا في أسلوب كتابته المتقشف المقتصد، وفي موضوعاته التي كان أغلبها عن الحرب والعزلة والمغامرة.  على الناحية الأخرى كان فيتزجيرالد […]

The post القلق الجنسي.. عند هيمنجواي وفيتزجيرالد (ترجمة) appeared first on مجلة رمان الثقافية.

]]>
يميل التاريخ إلى المقارنة بين إرنست هيمنجواي وسكوت فيتزجيرال، ولم لا؟ كمعاصرين لبعضهما ومتنافسين، كان طبيعيًا أن يحدث ذلك. يجسد هيمنجواي نموذج الذكورة المثالي؛ فهو يقدم نفسه كصياد، ملاكم، محارب قديم، ورجل تحبه النساء؛ وظهر هذا في أسلوب كتابته المتقشف المقتصد، وفي موضوعاته التي كان أغلبها عن الحرب والعزلة والمغامرة. 

على الناحية الأخرى كان فيتزجيرالد مناضلًا اجتماعيًا. شخص يفخر بنخبويته وبتعليمه (غير المكتمل) في جامعة برينستون، هو الذي عُرف بمحفظته المربعة التي لا تغادر يده، وشعره المسدل على الجانبين بفرق من النصف. كتب عن الحالة الاقتصادية الاجتماعية في نثر لا يقل عن جودة كتابة هيمنجواي، حتى أنه أحيانا يكون غنائياً على نحو أجمل. وأغلب المهتمين يتفقون على أنه كان الأكثر إيحاءً بالأنوثة بين كليهما. لكن الهوية الجنسية لكلا الرجلين، تشكّلت عبر طفولة غريبة، وجيل ضائع من الفنانين أحاطوا بهم، لم يكونوا كما يتخيل القراء الحاليين.

ثمّة حكاية كلاسيكية عن انجذاب جنسي مثليّ ظهر على السطح بين هيمنجواي وفيتزجيرالد. حدث الأمر في غرفة الرجال، بمطعم ميشو، في حي باسيري الراقي بباريس. كما ادعى هيمنجواي في كتابه “وليمة متنقلة”، ادعى هي كلمة مهمة، لأن قلاقل هيمنجواي الجنسية كانت تميل لإظهار فيتزجيرالد كضعيف جنسيًا على نحو غير عادل.

قال فيتزجيرالد: “زيلدا قالت إن الطريقة التي أبني بها علاقتي بها لا يمكن أن تجعل أي امرأة سعيدة، وهي بالتأكيد محبطة. لم أشعر بالأمر نفسه إلا حين أخبرتني وعلي أن أعرف الحقيقة.”

“تعال إلى المكتب،” قلت.

“أين المكتب؟”

“لو ووتر،” قلت.

عدنا إلى الغرفة وجلسنا إلى الطاولة.

“أنت بالتأكيد بخير،” قلت. “ليس هناك شيء خطأ بك. أنت فقط تنظر لنفسك من أعلى، فتبدو ضئيلًا. اذهب إلى اللوفر وانظر إلى التماثيل، ثم عد إلى المنزل وانظر لنفسك في المرآة.

“هذه التماثيل ربما لا تكون دقيقة.”

“هي جيدة جدًا. وأغلب الناس ستكون سعيدة بها.”

بتنحية حس الفكاهة المضمر في استخدام تماثيل اللوفر ليقيس المرء رجولته، يدّعي هيمنجواي أنه نظر لعضو فيتزجيرالد في “لو ووتر”، بغرفة الرجال، وهو الأمر الذي يبدو غريبًا نظرًا لحميمية الفعل. كما أن الحكاية تُحدِث شرخًا في صورة هيمنجواي المعتادة، كما لو أنها نوع من إفشاء لحدث خاص مخالف لصورته التي دأب على تكريسها.

تبعًا لهؤلاء الذين يعرفونه، فإن ممارسات هيمنجواي من مصارعة الثيران، والملاكمة وسلسلة زوجاته تخبرنا عن كيف كان يريد أن يخلق صورة لنفسه عند الآخرين. السيرة التي كتبها كينيث س. لين عن مقتطفات من حياة السيدة إيمرالد كونراد، أمريكية المولد، وعضو بارز في المجتمع، قضت أغلب حياتها في لندن؛ عندما قابلت هيمنجواي للمرة الأولى، أخبرت الناقد الأدبي سيريل كونولي، “كنت مندهشة… لم يكن يشبه بأي حال ما توقعته. قد تظن أن هذا غريب مني، لكنه ضربني بطريقة أنثوية، واضحة للغاية.”

زيلدا فيتزجيرالد، التي بالتأكيد في بعض الأحيان كانت عرضة لحالات من المبالغة في تقدير الأمور، أخبرت سكوت في مساء ما أن هيمنجواي أكثر قليلًا من أن يكون مجرد “مثلي ذو شعر صدر”، في السيرة  التي كتبتها نانسي ميلفورد عن زيلدا. تبعا لـ و. ج. روجرز في كتابه “عندما تذكّرني ما رأيته”، قال هيمنجواي عن جيرتيرد شتين شخصيًا، “اعتادت أن تتحدث معي عن المثلية الجنسية وكم هو أمر لطيف للنساء وليس جيدًا للرجال. اعتدت أن أنصت. أردت دائمًا أن أنام معها، وهي علمت ذلك وقد كان شعورًا صحيًا، ويبدو الأمر في رأيي أفضل من مجرد الجلوس والنقاش.”

لكن المثال الأكثر إثارة بخصوص الميول الجنسية المائعة لهيمنجواي جاء في في روايته “حديقة عدن”، والتي كان قد عمل عليها عام 1946، لكن لم تر النشر حتى عام 1986، أي بعد 25 سنة من قتله لنفسه. تُسرد الرواية على لسان رجل يدعى جيمس ميلو، وتعالج أفكارًا تدور بشكل رئيس حول “التحول الجنسي”. تتبع الرواية حياة زوجين حديثين، ديفيد وكاثرين بورن، في شهر العسل خاصتهم في الريفيرا الفرنسية، حيث يقابلان امرأة تدعى ماريتا ويقع كلاهما في حبها. 

تقنع كاثرين زوجها بأن يصبغ شعره بنفس لون شعرها، وكما يكتب ميلو، “كانا توأمين، بشرتهما لوّحتها شمس الصيف، وبدا كلاهما ثنائي الجنس.”تعرض الرواية الميل الخفي  للمثلية، والميل الأوضح للرجل ذو الملامح الأنثوية ودور التحول الجنسي. وكما كتب جيمس تيتليتون في “ذا نيو كريتريون”، “الميول الجنسية التي أظهرتها حديقة عدن دمّرت ما تبقى من أسطورة هيمنجواي كرجل حرب مخضرم، وملاكم وصياد وزير نساء.”

لكن السيرة التي كتبتها لين تقول أن هذا التأرجح في الميول الجنسية في موضوعات هيمنجواي لم يكن جديدًا. فالتحول الجنسي وزنا المحارم مواضيع حاضرة في أعمال سابقة له، وأتت من علاقة مضطربة مع والدته، جريس، التي وصفتها لينبأنها “الملكة الشريرة في عالم هيمنجواي.” ألبست جريس ابنها في الكثير من الأحيان ملابس أخته الأكبر مارسيلين، كأنهما من نفس الجنس. في صورة هيمنجواي وهو عمره سنتان فقط، يبدو وكأنه طفلة. في الوقت نفسه، شجعت أمه على ألا يكون ذا حضور قوي كرجل، وهو ما جعله يميل لاتجاه عكسي. واقعًا بين رغبة الأم في إخفاء ذكورته، وميله للمناقض لهذا الأمر. تكتب لين، “هل هناك الآن أي اندهاش حول قلقه وافتقاده للأمان الجنسي؟”

على الناحية الأخرى، لم يستخدم فيتزجيرالد كتاباته ليخفي قلقه الجنسي مثلما فعل هيمنجواي. لكنه افتقد التحكم في علاقته الزوجية مع زيلدا، وكتابته، ومشاعره على اضطراباتها، فلم يقف الأمر عند قلقه من التعبير في كتابته عن الميول الأنثوية والمثلية. لكن القلق حول ما كان يراه كهوية عاطفية يتردد صداها داخله.

وكشخص ينتمي للطبقة المتوسطة البرجوازية، ولد ونشأ في ضاحية سانت بول الثرية، كان لدى فيتزجيرالد توق دائم للثروة والجمال، لكن كما أدرك بعد ذلك، فقد كان كلاهما السبب في تدميره. كان فيتزجيرالد مصرًا على البحث عن حياة باذخة الثراء: أغدق المجوهرات على زيلدا، أقام لأوقات طويلة في فنادق بلازا وريتز. رغم إدراكه في بعض الأوقات أن المال والجمال يمكن لها أن يكونا مدخلًا لكل ما هو سيّء، لم يستطع أن يتخلى عن شخصية الفتى الذي تعلم في برينستون!

كان لدى فيتزجيرالد صديقين مقربين هما جيرالد وسارة ميرفي. تزوجا وعاشا معًا، وكانا مثالًا للثروة والجمال. وما جذب فيتزجيرالد إليهما أكثر هو معرفته أن جيرالد مثلي. في عام 1931 كتب ميرفي خطاباً لصديق له أخبره فيه أن حياته في مرحلة ما بعد الطفولة كانت محاولة دائمة لإخفاء هويته الجنسية الحقيقية، كما ذكر مؤرخ الفن جون ريتشاردسون.

استخدم فيتزجيرالد بعد ذلك شخصية جيرالد في روايته “Tender Is the Night”، مازجًا إياها بشخصيته هو ذاته، راسمًا له ملامح ديك ديفر، بطل عمله، الطبيب صاحب الكاريزما الذي تعلم في أوكسفورد ويجذب النساء أينما حل. وهو -كما في كل أعمال فيتزجيرالد- يبدو بأنه يحاول أن يجمع بين الشباب والثروة والمرأة الجميلة. 

لكن واحدة من أكبر النقاط التي تناولها النقد بخصوص الرواية هي -وعكس هيمنجواي- أن شخصية ديك ديفر كانت مفككة، وكان هذا نتيجة المزيج الذي خلقه بين شخصيته هو -فيتزجيرالد- وميرفي. لكن بالرجوع لظروف كتابة العمل، فقد عمل فيتزجيرالد على الرواية في وقت كان يعاني عاطفيًا بشدة، ويشرب كميات هائلة من الكحول، ويحاول أن يساعد زيلدا على تخطي سلسلة متاعبها ومرضها العقلي.

ومع هذا كله، ربما سيطر كل من هيمنجواي وفيتزجيرالد على الصورة التي أرادا أن تكون لهما في أوقاتهما. لكن الأكيد أن الأمر في هذه اللحظة أصبح خارج سيطرتهما.

المقالة لكودي س. دليستراتي: كاتب ومؤرخ مقيم في باريس. النص الأصلي نُشر في مجلة باريس ريفيو

The post القلق الجنسي.. عند هيمنجواي وفيتزجيرالد (ترجمة) appeared first on مجلة رمان الثقافية.

]]>
«أورويل في الضاحية الجنوبية».. سياق تجريبي لصخب أيديولوجي https://rommanmag.com/archives/18686 Thu, 11 May 2017 00:00:00 +0000 https://romman.b5digital.dk/%d8%a3%d9%88%d8%b1%d9%88%d9%8a%d9%84-%d9%81%d9%8a-%d8%a7%d9%84%d8%b6%d8%a7%d8%ad%d9%8a%d8%a9-%d8%a7%d9%84%d8%ac%d9%86%d9%88%d8%a8%d9%8a%d8%a9-%d8%b3%d9%8a%d8%a7%d9%82-%d8%aa%d8%ac%d8%b1/ تستعيد مخيلة الكاتب اللبناني فوزي ذبيان في روايته “أورويل في الضاحية الجنوبية” (دار الآداب، 2017) رواية “1984” لجورج أورويل، حيث يجد نفسه أمام مشهد الناس في مقاهي الضاحية الجنوبية لبيروت، وهم يحدقون في أمين عام حزب الله حسن نصرالله أثناء ظهوره على شاشات التلفزيون. وهي التي دائماً ما أشعر بعلاقة بينها وبين مفهوم الأخ الكبير […]

The post «أورويل في الضاحية الجنوبية».. سياق تجريبي لصخب أيديولوجي appeared first on مجلة رمان الثقافية.

]]>

تستعيد مخيلة الكاتب اللبناني فوزي ذبيان في روايته “أورويل في الضاحية الجنوبية” (دار الآداب، 2017) رواية “1984” لجورج أورويل، حيث يجد نفسه أمام مشهد الناس في مقاهي الضاحية الجنوبية لبيروت، وهم يحدقون في أمين عام حزب الله حسن نصرالله أثناء ظهوره على شاشات التلفزيون. وهي التي دائماً ما أشعر بعلاقة بينها وبين مفهوم الأخ الكبير الذي تدور حوله رواية أورويل الشهيرة.

يلتقط ذبيان في روايته تفاصيل من حياة شرائح المهمّشين في الضاحية الجنوبية. بحيث نرى مجموعة من المشاهد لفقراء يعملون في مهن بسيطة مثل بيع المياه الصالحة للشـرب، أو تأجير الأراكيل وتوصيلها إلى البيوت والدكاكين، أو بيع البيرة الحلال، ومن يديرون هذه الأعمال. يختار الكاتب لحظات زمنية من حياة هؤلاء وما يتخلله من هروب بعضهم إلى الحشيش والمخدرات. أيضًا يظهر الملل الذي يصيبهم من خطابات حسن نصرالله وصور الشهداء التي تحتل كل زوايا الضاحية. 

لا يحاول الكاتب رسم تاريخاً لشخصياته سواء من ناحية التطور النفسي أو السياق الاجتماعي مكتفيًا بالتقاطاته من الحياة اليومية. وبعد إيغال في النص، يظهر الخيط المشترك بين الشخصيات كلها، فهم بلا طموح أو أمل في شيء حتى عند “حمّودي”، الشخصية الأساسية في العمل. تظهر اللهجة المحكية بشكل لافت في لغة الكاتب. لغة المنطقة والشارع بلا أي تغييرات كبيرة. اختار ذبيان أن يكتب بلغة تُلام دائمًا من قبل النقّاد. ربما من خلال استخدامه هذا أراد أن يعطي عمله بعدًا أكثر التصاقًا بالواقع الذي يحكي عنه.

ملفت أيضًا كون الرواية لا تـقوم على حِبكة تقطع النص أثناء عملية قراءته. وإنـما هي بـنية مـفـتوحة ترغب في هذه الإطلالة السريعة على الشرائح التي تقصّدتها. وهذه الفـئـة من الشباب المهمشين، لا توفـر لهم وظائفهم أي ضمان اجتماعي أو دخل ثابت. 

الشخصية الرئيسية في النص “حمودي” يعيش مع أمه العجوز بعد أن ماتت أخته التي كانت تمثل له الكثير. يسعى حمودي لأن يجد عملاً يخرجه من حالة الحزن هذه، لكن وبسبب بعض الأشخاص ذوي النفوذ، أرغم على تـرك عمله في توزيع المياه الصالحة للشرب، فاضطرّ حينها إلى الالتحاق بالعمل عند الحاجّ رضا صاحب مقهى تُـؤجّـر الأراكيل وتقدم خدمات أخرى سرية.

وفي الفضاء المكاني لعمله الجديد، يلتقي حمودي بزملاء لهم ملامح مختلفة، وممارسات تتوخى نسيان الوضع الصعب الذي يعيشون فيه. وإلى جانب الحاجّ رضا، هناك الريّس البنزاكسول المشـرف على المقهى وتوزيع الشغل على الشبان، وتلقّي طلبات الزبائن. ومن حين لآخـر، يتجمع الشباب العاملون في سهرة يستهلكون فيها الحكي عن أسرار جنسية، ويبلعون الأقراص المخدرة التي اخترعها حسن النووي

وفي فضاء يطل عليه سماحة السيد وخُطبه الحماسية، وصور شهداء المقاومة: “بالإضافة إلى الصورة الضخمة لسماحة السيّد، والممتدة على طول أربعة طوابق في أحد الأبنية المتاخمة لمبنى حمودي، شدّت نظره أرتال صور الشهداء المعلقة على أعمـدة الكهرباء. فهو حفِظ تقاسيمَ هذه الوجوه الجميلة وملامحها أكثر من وجهه هو، حتى أنه لطالما شاهد أصحاب هذه الوجوه في مناماته”.

هذا العنصر في تكوين النص الروائي من ناحية الفضاء الذي يشير إلى أجواء إيديولوجية بعينها في لبنان، هو ما يعطي للعمل أبعاداً ذات دلالات قائمة على المفارقة والتناقض، من ناحية تناول بيروت المدينة من جانب تم تجاهله في أغلب الأحيان.

كما أن طريقة السرد السينمائي والمشهدية والشـخوص بحالتها الاجتماعية وانتمائها الأيديولوجي، وتناقض سلوكِها مع الأخلاقيات العامة لهذه الأيديولوجية هو ما يجعلنا نفهم على نحو أكثر جلاءً رمزية العنوان من حيث فكرة المجتمع ذو الشكل الواحد، الذي يخل بنسيجه هؤلاء الشوارد.

استطاع الكاتب أن يظهر حيواتِ مهمشين منغمسين حد الدوار في تناقضات الواقع والأيديولوجيا، في شكل روائي ينشغل تجريبيًا من ناحية اللغة والبنية. فقدم النص بجمالياته على اختلافاتها ما يقرّب من شهادة أو عدسة أظهرت فئات ليست بقلية في المجتمع اللبناني. وهي فئات ليس لها صوت ولا حقوق. ومن خلال لغة هؤلاء، وقاموسهم الذي يمزج بين المحكية والفصحى والانجليزية والفرنسية أراد ذبيان صقل الأبعاد الفكرية والشعورية لشخوصه، كجزء من نسيج واقعهم المصبوغ بالعنف والصخب الأيديولوجي، في حين أنهم كأفراد يكاد أحدهم يكون منسيًا.

The post «أورويل في الضاحية الجنوبية».. سياق تجريبي لصخب أيديولوجي appeared first on مجلة رمان الثقافية.

]]>
«موت صغير».. خيبة أمل جديدة https://rommanmag.com/archives/18667 Sat, 29 Apr 2017 05:00:00 +0000 https://romman.b5digital.dk/%d9%85%d9%88%d8%aa-%d8%b5%d8%ba%d9%8a%d8%b1-%d8%ae%d9%8a%d8%a8%d8%a9-%d8%a3%d9%85%d9%84-%d8%ac%d8%af%d9%8a%d8%af%d8%a9/ “الكثير من الأعمال خيبت أملي. ويجب على الناشرين تعيين محرِّرين محترفين.” لم يكن تعليق الروائية سحر خليفة، رئيسة لجنة تحكيم الجائزة العالمية للرواية العربية (البوكر) هذا العام، يوم إعلان فوز رواية «موت صغير» للسعودي محمد حسن علوان بالجائزة قاصرًا على هذا. الأمر بدا وكأن ما يحدد كون النص الروائي يعبّر عن شخصية كاتب أصيلة أو […]

The post «موت صغير».. خيبة أمل جديدة appeared first on مجلة رمان الثقافية.

]]>
“الكثير من الأعمال خيبت أملي. ويجب على الناشرين تعيين محرِّرين محترفين.”

لم يكن تعليق الروائية سحر خليفة، رئيسة لجنة تحكيم الجائزة العالمية للرواية العربية (البوكر) هذا العام، يوم إعلان فوز رواية «موت صغير» للسعودي محمد حسن علوان بالجائزة قاصرًا على هذا. الأمر بدا وكأن ما يحدد كون النص الروائي يعبّر عن شخصية كاتب أصيلة أو باهتة هو وجود محرر محترف في الدار. وكأن الرواية كشكل من أشكال الكتابة يدور كلّه حول تحرير النص. وكأن المحرر يمكن أن يحرِّر نصاً فيأخذه من الرداءة إلى الأصالة من حيث تمايز الصوت والبنية والأفكار!

كان حديث سحر خليفة على منصة إعلان الفائز تخفيفًا لبوحًا أكثر هجومًا على الكتاب والناشرين، في صفحتها على فيس بوك يوم إعلان القائمة القصيرة للجائزة: “186 رواية تقدمت لجائزة بوكر كان على لجنتنا أن تقرأها وتقيمها وتختار ما تراه الأجمل والأعمق. لم تكن المهمة سهلة ولا ممتعة، فالكثير من الروايات، أغلبها، من وجهة نظرنا، لا يستحق حتى الورق الذي نشرت عليه. وفي هذه الحالة، أنا ألوم الناشرين الذين يتخذون من النشر عملية تجارية ولا يولون أي اهتمام للمستوى الفني والإنساني، ولا يولون أيضاً أي اهتمام للفائدة التي يجنيها القارئ ولا خسارته المادية حين يشتري رواية لا يستطيع إكمال قراءتها لركاكتها وفجاجتها وسطحيتها. والغريب أننا تلقينا تهجمات كثيرة ممن لم يفوزوا، واتهمنا البعض بالفساد، وآخرون اتهمونا بالعمالة لجهات مجهولة غامضة، ومعظم المتقدمين، وأغلبهم من المبتدئين والمستسهلين كانوا يتوقعون الفوز وهم ما زالو في أول الطريق أو لا يملكون الموهبة اللازمة لهذا الفن الصعب على الإطلاق. ولم يدر في ذهنهم وذهن ناشريهم أن اللجنة، أية اللجنة، لا يمكن أن تغض النظر عن الركاكة والفجاجة، ولا أن تفّوز الـ 186 رواية. لكن، ورغم كل ما واجهناه من صعوبات، فقد خرجنا بحصيلة مجدية، بل رائعة، وبعضها نعتبره تحفاً فنية ستظل مميزة في أدبنا العربي المعاصر. أنصح الجميع بقراءتها”.

لا أعرف كيف يمكن الرد على سحر خليفة حول الكتّاب المتبدئين الذين لا يزالون في بداية الطريق، إلا بتذكيرها أن كامو كتب رواية «الغريب» وهو في منتصف العشرين من العمر. وهو ليس الوحيد في ذلك.

“موت صغير”.. وترهل وانطفاء النص

نص روائي من 600 صفحة يتتفكك بشكل شبه كامل في ثلثه الأول. ابن عربي، شخصيتها الرئيسة تُرسم بفقر شديد، في حين أنها شخصية مفصلية في تاريخ التصوف، وطابع السيرة الغالب في الرواية حولّها لـ “مجرد” (بما تحمله من اختزال) سرد زمني دون تركيب ما ملفت على مستوى تقاطع مسارات النص. 

دون نسيان تقليدية الأسلوب الذي كُتِب به النص. ليحوِّل لغة عمل روائي عن صاحب «الفتوحات المكية» إلى لغة تُشبِه سيناريوهات أفلام سينمائية تحكي عن الجاهلية وفجر الإسلام.

الأمر ليس فقط حول اللغة أو رسم الشخصيات. بل يصل لخيار جعل الراوي الرئيس هو ابن عربي. الخيار الذي أضعف من ملامح الشخصيات المحيطة من حوله والتي قابلها في مسار حياته الممتلئ بالسفر والترحال. كيف يمكن أن يُبنى عملًا بهذا العدد من الصفحات بصوت رئيسي للشخصية المركزية دون تعدد الأصوات أو دون إحالة إلى صوت الراوي العليم؟ الأمر الذي لم يحدث؛ فكان تفكك بنية النص حتمية.

الحديث عن ابن عربي الطفل والمراهق والزوج والشيخ التقي دون الحديث عن ابن عربي الإشكالي كشخصية ذات حضور تاريخي ليس بهيّن بكل ما حملته معها من جدالات حول نظرته الصوفية إلى الله والكون والأشياء من حوله. الخوف من طرق هذا الباب، وكأنه جعل العمل بلا روح، وكأنه أفقده حيوية وحرارة الجدل الذهني والتأملي الذي يمكن أن تعيشه وأنت تقرأ «الفتوحات المكية». 

هل قرأ كاتب «موت صغير» الفتوحات المكية؟

ربما لو حدث هذا، ما كنا لنرى ابن عربي في «موت صغير» يدمع في الكثير من المواقف لا تبدو وكأنها باعثة على البكاء. ربما لظهر هل الجانب الروحاني على نحو أكثر تخييلًا، ليمزج بين رؤى الشخصية والكاتب. أم أن الكاتب أرادنا بالأساس أن نقرأ ما بذله من جهد في تشكيل تصوره الشخصي عن ابن عربي؟

محاكاة النص الصوفي

ثمة هوس صوفي تحرّك بالأساس بعد رواج رواية «قواعد العشق الأربعون» للتركية إليف شافاق. أقصد ثمة هوس عربي بهذا الأمر، ليس من السهل تجاهله. والإشكالية المركزية هو أن كل محاكاة روائية للنص الصوفي بلغته تقودنا لنص منسلخ عن لحظته من أجل لحظة ليس من السهل إدراكها إلا بلغة اللحظة التي يُكتب بها النص.

ثمة هذا الهوس التأملي أيضًا حول كون الصوفية هي وسيلة لمحاربة التشدد والتطرف. بما تتيحه من تأويلات ورؤى للأشياء تأخذ بعدًا أكثر رحابة من التفسير الحرفي للنص المقدس. ربما هنا نحن في حاجة للعودة إلى كلمة لجورج أورويل: “لا رواية يمكن أن تغير العالم”.

The post «موت صغير».. خيبة أمل جديدة appeared first on مجلة رمان الثقافية.

]]>
«الفصول في كوينسي».. عزلة جون بيرجر في جبال الألب https://rommanmag.com/archives/18652 Wed, 19 Apr 2017 03:00:00 +0000 https://romman.b5digital.dk/%d8%a7%d9%84%d9%81%d8%b5%d9%88%d9%84-%d9%81%d9%8a-%d9%83%d9%88%d9%8a%d9%86%d8%b3%d9%8a-%d8%b9%d8%b2%d9%84%d8%a9-%d8%ac%d9%88%d9%86-%d8%a8%d9%8a%d8%b1%d8%ac%d8%b1-%d9%81%d9%8a-%d8%ac/ «الفصول في كوينسي: أربعة بورتريهات لجون بيرجر» (2016) هو نتيجة مشروع امتد لخمس سنوات لتيلدا سوينتون وكولين ماكبي وكريستوفر روث لإنتاج بورتريه عن المفكر والكاتب جون بيرجر. العمل من إنتاج ديريك جارمان لاب، والموسيقى التصويرية لسيمون فيشر تيرنر. جون بيرجر (1926-2017) الشاعر والروائي والمسرحي والفيلسوف والإعلامي والسياسي الماركسي، وناقد الفنون التشكيلية، والذي يرى الكثيرين أنه […]

The post «الفصول في كوينسي».. عزلة جون بيرجر في جبال الألب appeared first on مجلة رمان الثقافية.

]]>

«الفصول في كوينسي: أربعة بورتريهات لجون بيرجر» (2016) هو نتيجة مشروع امتد لخمس سنوات لتيلدا سوينتون وكولين ماكبي وكريستوفر روث لإنتاج بورتريه عن المفكر والكاتب جون بيرجر. العمل من إنتاج ديريك جارمان لاب، والموسيقى التصويرية لسيمون فيشر تيرنر.

جون بيرجر (1926-2017) الشاعر والروائي والمسرحي والفيلسوف والإعلامي والسياسي الماركسي، وناقد الفنون التشكيلية، والذي يرى الكثيرين أنه أهم مفكر بريطاني في الخمسين سنة الماضية. هو الوحيد الذي حاول دمج بين التحليل الاقتصادي وعلم الأخلاق والسياسة والجماليات، وهو الأمر الذي كنا في حاجة شديدة  له، ولا نزال. تخلى بيرجر عام 1973 عن العيش في المدينة، وذهب للحياة في قرية صغير بجبال الألب هي “كوينسي”. أدرك بيرجر أن عملية الزراعة التي يقوم بها فلاحون في حياة متقشفة هي ما كانت دوماً تحرِّك مسارات التاريخ. قرر بيرجر أن يقضي بقية حياته يتأمل ويشاهد هذه الحياة التي قاربت على الاختفاء، بل ويشارك فيها.

وفي ثلاثيته الفذّة “على تعبهم”، ينقل لنا بيرجر الحياة الرعوية، وكيفية لجوء الفلاحين إلى السرد، ورواية الحكايات والأقاصيص، كواحدة من ستراتيجيات تمثيل الحياة واستدامة ثرائها.

الفيلم الذي يحمل الكثير من ملامح العمل الوثائقي في ثيماته، صُوّر كلّه في كوينسي، بإيقاعها خلال فصول السنة الأربعة فيها. حين كان الهدف الأساسي من جمع الأجزاء الأربعة (طرق في الإنصات، الربيع، أغنية للسياسة، الحصاد) هو تصوير أبعاد حياة بيرجر، والأجواء التي يعيش ويكتب ويعمل فيها.

تنفيذ مُحبِط لفكرة واعدة

نجد في كل جزء أسلوب ومخرج، وفريق عمل مختلف. لكن الممثلة البريطانية تيلدا سوينتون كانت الشخص الحاضر دائماً وراء الكواليس وأمامها أحياناً. هي صديقة لجون بيرجر منذ وقت طويل. ظهرت في الفصل الأول، وأخرجت الفصل الأخير.

يغلب على الفصل الأول (طرق في الإنصات)، حديث وديّ بين سوينتون التي ولدت في اليوم نفسه الذي ولد فيه بيرجر، ووالدا كليهما قد خدما في الحرب العالمية الثانية. يظهر شتاء كوينسي، بينما سوينتون تحكي عن طفولتها وهي جالسة إلى طاولة المطبخ في بيت بيرجر، وفي الوقت نفسه تعمل على تجهيز كعكة التفاح.

تبرز، أكثر من مرة، في الفصل الأول من الفيلم، صورة محمود درويش معلقة على جدار بيت بيرجر من الخارج. لم يكن خفيًا أن بيرجر صديقًا للقضية الفلسطينية، وله كتابات كثيرة في نقد إسرائيل، وتناول مظاهر مختلفة من حياة الفلسطينيين اليومية، وترصّد الوجود الفلسطيني وأشكال الثقافة المختلفة عنده تحت الاحتلال، أو في ظلّ الحصار. وكثيرًا ما كان يعود بيرجر إلى محمود درويش، وكتب عنه مرارًا، متسائلًا بنظرة ناقد ومثقف، عمّ يجعل الملايين يحبون شعر درويش. 

حتى أن بيرجر ترجم قصيدة “جدارية” لدرويش، بالتعاون مع الأكاديمية الفلسطينية ريما حمامي. ويظهر في إحدى أحاديثه الإذاعية، يقرأ مقاطع من قصيدة “لاعب النرد” للتدليل والإجابة على سؤاله الذي طرحه حول هذا الحب الذي حظى به درويش من قبل قرّائه الكثيرين.

في الفصل الثاني (الربيع) نجد الكثير من الحيوانات الرعوية، ومعها أجزاء من مقال لبيرجر بعنوان “لماذا ننظر إلى الحيوانات؟”، حيث نبدأ في فهم الطريقة التي يرى بها بيرجر الحيوانات. لكن روث (مخرج هذا الجزء) يجعلنا نعرف أثناء السرد أنه شخص نباتي! بالإضافة لبعض مقاطع الفيديوهات التي يظهر فيها دريدا، واقتباسات من هيدجر، وهو ما بدا محاولة لإبراز وجهات نظر حول الموضوع بدا أغلبها مقحمًا في النسيج السردي للفصل.

في الفصل الثالث (أغنية للسياسة)، هو الأقل جودة، حيث يحاول إظهار الميول الأيديولوجية الماركسية، وتوجهات بيرجر السياسية، بالإضافة لمقاطع من برامج قدمها خلال مساره المهني كإعلامي بريطاني في التليفزيون خلال فترة الستينات.

في الفصل الرابع والأخير (الحصاد)، والذي يظهر واضحًا أنه يدور في الصيف، نقضي وقتًا أطول مع إيفز، ابن بيرجر، وزائرين، إلى كوينسي، لايزالا في مرحلة المراهقة. ويظهراستخدام سوينتون لـ “الدرونز” (الطائرات الصغيرة دون طيارة) لتصوير منطقة الجبال المحيطة بكوينسي.

ينتهي العمل بمشهد لبيرجر وهو يقود دراجة نارية ويرتسم عليه ملامح البهجة رغم أنه في الـ 89 من عمره. لكن الفصول الأربعة لم تقدم صورة متماسكة أو متناغمة أو منسجة للمفكر الكبير سواء من الناحية الإنسانية أو الفكرية على اهتماماته شديدة التشعّب. كما أنها افتقدت بشدّة التعريف ببيرجر ولو بشكل بسيط، من أجل مشاهد ربما يكون لا يعرف شيئًا عن هذا الرجل.
 

The post «الفصول في كوينسي».. عزلة جون بيرجر في جبال الألب appeared first on مجلة رمان الثقافية.

]]>
«رقصة القبور»… التخييل التاريخي كإطار أكثر رحابة https://rommanmag.com/archives/18619 Thu, 30 Mar 2017 23:00:00 +0000 https://romman.b5digital.dk/%d8%b1%d9%82%d8%b5%d8%a9-%d8%a7%d9%84%d9%82%d8%a8%d9%88%d8%b1-%d8%a7%d9%84%d8%aa%d8%ae%d9%8a%d9%8a%d9%84-%d8%a7%d9%84%d8%aa%d8%a7%d8%b1%d9%8a%d8%ae%d9%8a-%d9%83%d8%a5%d8%b7%d8%a7%d8%b1/ لا يتخلى الكاتب السوري مصطفى خليفة، في روايته “رقصة القبور” (دار الآداب، 2016) عن فضاء السجن الذي يحضر في مستهلها وجزئها الأخير. كتب خليفة الفصل الأول من الرواية في السجن الذي قضى فيه فيه وقتاً طويلاً، وخرج منه في العام 1988، لكنّ السجان صادره. ثم أعاد خليفة كتابة الفصل الضائع ليكون منطلق روايته الجديدة. يكتب […]

The post «رقصة القبور»… التخييل التاريخي كإطار أكثر رحابة appeared first on مجلة رمان الثقافية.

]]>

لا يتخلى الكاتب السوري مصطفى خليفة، في روايته “رقصة القبور” (دار الآداب، 2016) عن فضاء السجن الذي يحضر في مستهلها وجزئها الأخير.

كتب خليفة الفصل الأول من الرواية في السجن الذي قضى فيه فيه وقتاً طويلاً، وخرج منه في العام 1988، لكنّ السجان صادره. ثم أعاد خليفة كتابة الفصل الضائع ليكون منطلق روايته الجديدة. يكتب خليفة رواية ذات ملامح تاريخية، لكنه يرى أن التاريخ ليس فقط كما حدث أو كما كُتب، بل كما كان يمكن أن يحدث أيضاً وأن يُكتب.

يحاول النص الروائي هنا العمل على خلق تاريخ جديد لسوريا، أساسه عائلة الشيخ التي سكنت قرية الخالدية، ونُسبت بتاريخها لعائلة خالد بن الوليد التي أُبيدت على عدة مراحل، فلم يخرج منها سوى أحد أحفاد خالد الذي أسس قرية للعائلة قرب مدينة حلب، حملت اسمها وكانت سيدتها بوصية تاريخية في محاولة للإفلات من عمليات الإبادة المتكررة. 

الحكي يكون بلسان الراوي الذي التقى بعبد السلام، وهو ما يمكن أن نصفه بأنه ولي عهد العائلة، داخل سجن المزة العسكري نتيجة نشاطهما السياسي في أحد الأحزاب المعارضة، وبعد أن تتوطد علاقتهما، يبدأ في التعرّف على تاريخ العائلة الممتد بين عدة أمكنة ومئات الأحفاد الذين ينتمون إلى الخالدية ويعيشون خارجها خشية لأي إبادة محتملة، مؤسسين عدة مراكز خاصة بعائلة الشيخ التي تمتلك سراديب من الذهب مخبأة تحت قصر الشيخ، تعود لزمن العائلة الغابر، حيث تحتفظ بإرثها الذي يستخدم فيما لدعم كل من ينتمي إليها.

تتحرك القصة إلى مزيد من التشابك القائم على التخييل بدءاً من زمن النبي محمد وصولاً إلى مذابح الأرمن والتاريخ السوري الذي مرت عائلة الشيخ بمراحله مع توالي الحكومات العائلية، من الأمويين وانتقالًا إلى العباسيين والدول التي قامت في عهدهم، كالدولة الحمدانية التي كانت سبباً في إبادة عائلة الشيخ الأولى، على يد أحد أمرائها الذي تعاطف مع العلويين، لتظهر سيرة العائلة بهيئة ملحمية ذات طابع أسطوري يبني علاقة تلك الأسرة بالسلطة التي حاولت في كل مرة إبادتها، لما كانت عليه من القوة والغنى منذ جدهم الوليد الذي كان من أغنياء قريش. وهي الحكاية في الحكاية التي يرويها الشيخ عبد الهادي لأبناء عشيرة الخوالد الذين يتجمعون سنويا. 

يستند العمل كلّه إلى سؤال: “ماذا لو؟، حيث يحاول خليفة أن يبني أطروحته على افتراض تلك الأشياء التي لم تحصل ومنحها مجالاً تاريخياً ممزوجاً بالواقعية لافتراض وقوعها، ليخبرنا أن التاريخ ما هو إلا افتراضات تحتمل الصواب والخطأ في الوقت نفسه، ولتصبح الحقائق التاريخية هي الأخرى فرضيات لم يعد من الممكن الوثوق بها.

ينشغل النص برسم مأساة شخوصه التي بدأت بوشاية أصلان اللقيط، بأخيه عبد السلام لدى المخابرات، وانتحاره لأن ذلك كان رغماً عنه، ووفاة ولاد مارال زوجة عبد السلام، وجنون أمها، وتحول مارال إلى عاهرة متنقلة بين تجمعات المقاتلين الشيوعيين، ثم إلى مثليتها الجنسية التي اكتشفتها في سجن النساء بعد الحكم عليها بعشرين عاماً، وأخيراً في الحزب الاشتراكي الذي كان مصيره الخراب والتفكك. ومن ناحية أخرى فعبد السلام ابن الشيخ عبد الهادي يسكر في إحدى المرات، ويمارس الجنس مع ابنة عمه القادمة من سراييفو. 

يظهر اشتغال خايفة على تفاصيل المشاهد الجنسية على نحو واضح، فهناك العديد من القصص الجنسية التي حدثت للراوي، وشخصيات أخرى مثل الطبيب الألماني وبائعة الهوى العربية، ليكون “الجنس هو الشيء الحقيقي في هذه الحياة” كما قالت مارال الأرمنية.

الطائفية هي إحدى ركائز الحكاية، وأساساً للحقد الكامن بين شخوص الرواية، فالسلطة الجديدة بمارشالها ابن الطائفة العلوية، يكره الرفيق عبد السلام، ليس بسبب ما كان يصله من أحاديث الأخير الرافضة والساخرة منه، بل لكره تاريخي قديم، يتعلق بما كان من أحد أفراد أسرة الشيخ القدماء الذين حاربوا العلويين وأذلوهم جاعلين من رجالهم عبيداً، ومن نسائهم سبايا وعاهرات كما تذكر الرواية.

نص روائي منهك في تفاصيله وفاضاءاته المتعددة والمتعرجة وطبقاتها السردية، في شخصياتها النابتة في أرض الماضي المتخيّل بما يملكه من عوالم سرية وغامضة.

تظهر الرواية الواقع السوري على نحو أكثر تمعقيداً، إذ قد يتطلّب الأمر إحاطةً أوسع، ورؤيةً تتجاوز الرّكون لثنائيّات المعارضة والسّلطة، أو أن الماضي يتكرّر في الحاضر.

The post «رقصة القبور»… التخييل التاريخي كإطار أكثر رحابة appeared first on مجلة رمان الثقافية.

]]>
رسائل كوتزي وأوستر.. ما بين تأمّل العالم وبوح الأصدقاء https://rommanmag.com/archives/18599 Wed, 15 Mar 2017 05:00:00 +0000 https://romman.b5digital.dk/%d8%b1%d8%b3%d8%a7%d8%a6%d9%84-%d9%83%d9%88%d8%aa%d8%b2%d9%8a-%d9%88%d8%a3%d9%88%d8%b3%d8%aa%d8%b1-%d9%85%d8%a7-%d8%a8%d9%8a%d9%86-%d8%aa%d8%a3%d9%85%d9%91%d9%84-%d8%a7%d9%84%d8%b9%d8%a7%d9%84%d9%85/ في كتاب “هنا والآن: رسائل 2008-2011” وهو رسائل ما بين بول أوستر وج. م. كوتزي من ترجمة أحمد شافعي، صدر عن “الكتب خان”، 2016، نتلمس أفكار رجلين من أهم الأدباء، ممن هم على قيد الحياة، حول الكثير من الأمور التي تدور في العالم في اللحظة الحالية. برغم أن كوتزي وأوستر ظلا يقرآن أعمال بعضهما لسنوات، […]

The post رسائل كوتزي وأوستر.. ما بين تأمّل العالم وبوح الأصدقاء appeared first on مجلة رمان الثقافية.

]]>

في كتاب “هنا والآن: رسائل 2008-2011” وهو رسائل ما بين بول أوستر وج. م. كوتزي من ترجمة أحمد شافعي، صدر عن “الكتب خان”، 2016، نتلمس أفكار رجلين من أهم الأدباء، ممن هم على قيد الحياة، حول الكثير من الأمور التي تدور في العالم في اللحظة الحالية.

برغم أن كوتزي وأوستر ظلا يقرآن أعمال بعضهما لسنوات، فإنهما لم يلتقيا إلا في فبراير 2008 خلال مهرجان أدبي بأستراليا. ولم يمر وقت طويل حتى تسلم أوستر خطاباً من كوتزي، يقترح فيه أن يبدأ الاثنان تبادل الرسائل بشكل منتظم.

وعبر ثلاث سنوات، تناولت رسائلهما موضوعات مثل الرياضة، الصداقة، الأبوة ومهرجانات السينما والقضية الفلسطينية والفلسفة والسياسة والكارثة الاقتصادية والثورات العربية والفن والزواج والعائلة والحب.

قد تكون الزاوية الأكثر إثارة للحماس حين نقرأ هذه الرسائل هي زاوية التلصص. فمن خلال حديثهما نبدأ شيئًا فشيئًا بتكوين صورة عن الرجلين، أفكارهما واهتماماتهما. فالطريقة التي يتناولان بها الأدب والسينما عموماً، ومفهوم الصداقة تحديدًا تبدو لافتة على نحو مربك.

يكتب كوتزي لبول عن كيف تنشأ الصداقات، “كيف يدوم بعضها لفترات طوال، تتجاوز حتى علاقات الارتباط الغرامي التي أحيانًا ما نفترض -مخطئين- أن الصداقات نسخ باهتة منها.” يندهش كوتزي من كون موضوع كهذا لم يكتب فيه إلا القليل. “إذ تبقى الصداقة لغزًا في ما يبدو؛ صحيح أننا نعرف أن الصداقة مهمة، لكن لماذا يصبح الناس أصدقاء ويبقون كذلك؟ هذا ما لا نملك إزاءه إلا التخمين”.

يقارن بين الحب والصداقة من حيث السلوك اللغوي، “الأصدقاء، الذكور منهم في الغرب على الأقل، لا يتكلمون عن إحساسهم تجاه بعضهم بعضًا. قارن ذلك بثرثرة المحبين. لكن عندما يموت الصديق، ينصبّ الحزن: “أواه، فات الأوان”. سؤال: هل الحب ثرثار لأن الرغبة بطبيعتها تنطوي على مشاعر متضاربة، بينما الصداقة قليلة الكلام لأنها خالية من المشاعر المتضاربة؟”

يظهر في جزء كبير من الرسائل اهتمام كليهما بالرياضة تحديدًا. النصف الأول على الأقل من الرسائل يبتدآنه بالحديث عن الرياضة، مشاهدة مباراة ما وتعليق أحدهما على الآخر. أسفار كليهما تأتي أيضًا بشكل ملحوظ في الرسائل، فكثيرًا ما كتبا لبعضهما وكلاهما في مكان بعيد عن بيته لحضور مؤتمر أو مهرجان أدبي. يبدو أوستر وكوتزي كعجوزين يتابعان نهاية العالم في هدوء، “العالم ذاهب إلى الجحيم في سلة بأذنين” كما يقول كوتزي، والواضح أنه لا سبيل لإيقاف ذلك حتى الآن، “ولكن ما بديل التذمر؟ أن يغلق الواحد منا فمه ويحتمل القرف؟”

يتحدث كوتزي لأوستر في إحدى المرات عن قراءته لكتاب الأسلوب المتأخر لإدوارد سعيد، وأن سعيد كان مشرفًا عليه أثناء تحضيره للدكتوراة، فيأتي رد أوستر ليخبره أن الأجزاء الخاصة بأدورنو لم يفهمها على نحو واضح. 

ثمّة بوح آخر عن فيليب روث، أحد أهم الأدباء ممن هم على قيد الحياة حين يتحدث كوتزي لأوستر عن أنه قرأ رواية “شبح الخروج” لروث، ويشعر أن هناك شيء ما مشترك بين أوستر وروث. 

لكن أوستر يخبره أنه فقط قابل روث مرة أو مرتين “روث هو الإله الذي تمتدح أعماله منذ أول عمل. أما أنا فتراكلت الأرجل أعمالي لوقت طويل.. هو له حضور أدبي هائل، أما أنا فأفضل الاعتناء بحديقتي الصغيرة في بروكلن”.

يتناولان الوضع الحالي بين الإسرائيليين والفلسطينيين. يرى كوتزي أن شعور الفلسطينيين بالهزيمة يبدو جليًا، وكونهم تحملوا ما حدث لليهود في أوروبا وهم لا ذنب لهم فيه يزيد الأمر ظلماً، فيما يرى أوستر أن السياق الحالي لا ينبئ بأي حل سياسي مطروح في الأفق.

وفي الرسالة الأخيرة بينهما، يتحدثان عن ما حدث في البلدان العربية من حراكات شعبية، الخوف من أن تتحول البهجة في شوارع القاهرة وطرابلس وغيرها إلى واقع “لا تدفع فيه الرواتب، ولا تجمع فيه القمامة”. وأنه حتى ربما النظام الذي قد يحل مكان القذافي قد يكون مرتشيًا وديكتاتوريًا “لكن على الأقل سيكون لدى هؤلاء الشباب الذي يجوبون الشوارع ما يتذكرونه لما بقى من حياتهم. أيام مجيدة. ربما ذلك أقصى ما في الثورات”.

بول أوستر، كاتبٌ وروائي أميركي، من مواليد 1947، تمزج كتابته بين الوجودية، وأدب الجرائم، والبحث عن الهوية في أعمالٍ مثل “ثلاثية نيويورك” و”كتاب الأوهام” و”حماقات بروكلِن”. تُرجِمَت كتبُه إلى حوالي أربعين لغة.

جيه. إم. كوتزي، من مواليد 1940، كاتبٌ وروائي، ومترجم، من جنوب إفريقيا، حصل على جائزة نوبل في الآداب لعام 2003. من أعماله، “في انتظار البرابرة”، “العار”، “الرجل البطيء”.

The post رسائل كوتزي وأوستر.. ما بين تأمّل العالم وبوح الأصدقاء appeared first on مجلة رمان الثقافية.

]]>
10 أفلام أساسية للفرنسي جان-لوك غودار https://rommanmag.com/archives/18575 Fri, 03 Mar 2017 05:00:00 +0000 https://romman.b5digital.dk/10-%d8%a3%d9%81%d9%84%d8%a7%d9%85-%d8%a3%d8%b3%d8%a7%d8%b3%d9%8a%d8%a9-%d9%84%d9%84%d9%81%d8%b1%d9%86%d8%b3%d9%8a-%d8%ac%d8%a7%d9%86-%d9%84%d9%88%d9%83-%d8%ba%d9%88%d8%af%d8%a7%d8%b1/ جان-لوك غودار (1930)، أحد أبرز مخرجي “الموجة الجديدة” السينمائية. وهو كاتب سيناريو وناقد سينمائي وأحد أهم المخرجين في تاريخ السينما في فرنسا والعالم. ولد غودار في باريس لأبوين سويسريين/فرنسيين، درس في جامعة السوربون في باريس. أثناء دراسته انضم إلى مجموعة هواة سينما فرنسيين ضمت فرانسوا تروفو وجاك ريڤيت وإريك رومير وكلود شابرول وآخرين. وحين أسس […]

The post 10 أفلام أساسية للفرنسي جان-لوك غودار appeared first on مجلة رمان الثقافية.

]]>

جان-لوك غودار (1930)، أحد أبرز مخرجي “الموجة الجديدة” السينمائية. وهو كاتب سيناريو وناقد سينمائي وأحد أهم المخرجين في تاريخ السينما في فرنسا والعالم.

ولد غودار في باريس لأبوين سويسريين/فرنسيين، درس في جامعة السوربون في باريس. أثناء دراسته انضم إلى مجموعة هواة سينما فرنسيين ضمت فرانسوا تروفو وجاك ريڤيت وإريك رومير وكلود شابرول وآخرين. وحين أسس أندريه بازان مجلته السينمائية الطليعية “دفاتر السينما” كان غودار من كتّابها الأوائل قبل أن ينتقل إلى الإخراج.

تكوينه النقدي أثّر في أسلوبه على مدى مشواره السينمائي. غودار هو أحد أكثر المخرجين الذين أعادوا اختراع أنفسهم بشكل دائم، مشتغلًا على التجريب في السرد السينمائي، وبناء الفيلم، متحديًا التقاليد السينمائية المعتادة.

هنا أفلام قد تكون أفضل عشرة لغودار:

1- اللاهث – Breathless – 1960 

هو أول أعمال غودار وأكثرها تجارية. بطولة جان-بول بيلموندو، والذي أصبح بعد ذلك أحد أشهر الممثلين في حركة “الموجة الجديدة” الفرنسية، وجان سبيرغ، التي راجت قصّة شعرها المميزة في الفيلم.

يبدأ “اللاهث” كفيلم عصابات، ثم يصبح رومانسيًا بتطور الحبكة. كسر قواعد الحكي التي اعتاد عليها المشاهد من قبل. كسر أيضًا تابو “الحائط الرابع”، والموسيقى التصويرية لم تعد محصورة في نوع معين، والسرد يقفز من صوت لآخر دون تقديم معلومات كثيرة عن القصة كما اعتاد المشاهد في ذلك الوقت.

رغم أن الفيلم يبدأ بجريمة، لكن تركيزه الأساسي هو على العلاقة بين الشخصيات الرئيسية ورغباتهما الحميمية. متتبعًا عواطفهما. يبدأ العمل بنمط سيظل حاضرًا في مسيرة غودار –عشّاق تتنازعهم أهداف الحياة ورؤيتهم للعالم.

2- عش حياتك – Vivre sa vie – 1962

هو ثاني أعمال غودار. من بطولة ملهمته في فترة الستينات وزوجته آنّا كارينا. يتوزع العمل على 12 شخصية، مع عناوين داخلية وهو الأمر الذي سيصبح لافتًا في أسلوب غودار البصري. يتتبع الفيلم قصة فتاة صغيرة ستصبح بائعة هوى، وهو ما سيجعلها تعرف حقائق مؤلمة عن العالم. 

المشهد الأكثر بروزًا في الفيلم هو مشهد السينما، حيث تبكي نانا (كارينا) أثناء مشاهدتها لفيلم “The passion of Joan of Arc”، إذ تخلق المراوحة بين ماريا فالكونيتي في الفيلم المعروض و”نانا” موازاة بينهما، بشكل يرمز للقصة كلّها.

3- ازدراء – Contempt – 1963

بطولة بريجيت باردو، فاتنة السينما الفرنسية في الستينات، مع ظهور رمزي للمخرج فريتز لانغ في دور ثانوي. العمل يدور حول الصراع بين الفني والتجاري في صناعة السينما. يعمل زوج كاميل (باردو) في إنتاج فيلم مقتبس من ملحمة الأوديسة لهوميروس، في فيلم يعبِّر فنيًا كأولوية على كونه عملًا تجارياً، لكن التصادم يظهر ويعاني الفيلم من تغييرات كي يكون أكثر نجاحًا من الناحية التجارية.

لانج، المخرج الأيقوني للسينما الصامتة، والمعروف بأعماله التعبيرية، والذي يكن له غودار احترامًا كبيرًا، يظهر دوره في الفيلم بشكل يرمز للمعنى الكلي للقصة.

أحيانا، يصنع غودار أفلام تركِّز على أفكار ذهنية ومبادئ وراء القصة أكثر من القصة نفسها، و”ازدراء” هو نموذج مثالي على ذلك، من حيث السرد، والمونولوج البصري حول صناعة السينما وطموحاتنا الفنية وسط كل هذه الصراعات.

4- عصابة من الغرباء – Bande à part – 1964

يمكن القول أنه أكثر أعمال غودار شهرة في فترة الستينات. آنا كارينا في البطولة من جديد بين رجلين يظهران كشريكين لها.

يتتبع العمل قصة أوديل (كارينا)، التي تُدعى من قبل فرانز (سامي فراي)، وآرثر (كلود براسور) ليقوموا بسرقة يكسرون بها روتين الحياة. أوديل، فتاة وحيدة مغرمة بالسينما، تفقد تمييزها للفعل الذي ستقوم به وكأنها تشعر أنها في فيلم وليست سرقة حقيقية، لكن إدراكها للحقيقة يأتي متأخرًا.

5- ألفاڤيل – Alphaville – 1965

 أحد الأفلام الرائدة في نوعه، قبل فيلم مثل Equilibrium (2002)، “ألفاڤيل” هو ديستوبيا خيال علمي عن مجتمع يقع في كوكب آخر، حيث المشاعر محرّمة. يقدم غودار نقدًا عبقريًا في عمله لوظائف اللغة: حين تكون المشاعر محرّمة في “ألفاڤيل”، فالكلمات التي تصف هذه المشاعر تُحذف من القاموس بشكل دوري.

الفيلم يتتبع قصة امرأة شابة من ألفاڤيل (مدينة ألفا) تكسر القانون وتقع في حب محقق أمريكي يأتي ليستكشف كوكبها. تؤدي البطولة أنا كارينا مجدداً، ويقوم إيدي كونستانتين بدور المحقق. الفيلم هو مثال آخر من غودار حول الفن، هذه المرة الفن هو الكلمات وقوتها التي تدعم الواقع.

6- بييرو المجنون – Pierrot le fou – 1965

بعد ألفاڤيل، جاء “بييرو المجنون” كانفجار في سينما الألوان. جان-بول بيلموندو من جديد يلعب دور رجل يقع في الحب بجنون. هذه المرة تكون آنا كارينا، الفتاة التي يحبها هي التي تلعب دور عضو في عصابة. كسر الفيلم كل التوقعات فيما يخص السرد السينمائي، حيث يتتبع الأبطال وهم في طريق تدميرهم لأنفسهم بشكل حرفي ومشهدي.

7- مذكّر مؤنث – Masculin feminine – 1966

هو أول أفلام غودار التي يظهر فيها اتجاهه السياسي بوضوح. في العمل، ينهي بول (ليود) خدمته العسكرية الإلزامية، وعبر تفاعلاته مع الآخرين من حوله، خاصة صديقته الحسّاسة، وهي مغنية بوب، يرسم غودار ملاحظاته ونقده لثقافة الشباب في فرنسا في تلك اللحظة. 

التناقض بين أفكار البطل والشباب من حوله وصفت في عنوان داخلي شديد الذكاء “أبناء ماركس وكوكاكولا”.

8- تاريخ السينما – Histoire(s) du cinema – 1988-1998

هي سلسلة مكونة من ثمانية أفلام متوسطة الطول عن تاريخ السينما وعلاقتها بالقرن العشرين. حيث تتكون من صور، محاولات تصوير، مقاطع من أفلام، حوارات للمخرجين، أصوات من داخل وخارج الأفلام التي تعرضها السلسلة.

يمكن اعتبار الأجزاء الثمانية معًا كقطعة سينمائية واحدة. هذه القطعة خاصة في مشوار غودار السينمائي وهي أكثر ما تظهره كناقد سينمائي من بين كل أعماله الأخرى. حيث تظهر قدراته ككاتب مقال فني، يسمح هذا العمل لغودار بالحفاظ على التجريب، والتطوير المستمر في أسلوبه بعد 1990.

9- فيلم اشتراكية – Film socialism – 2010

هو سيمفونية من ثلاث حركات. الحركة الأولى تقع في سفينة سياحية، تعرض محادثات بعدة لغات بين شخصيات آتية من بلدان عدة بأوروبا، وكأننا أمام “برج بابل” معاصر. الحركة الثانية تدور حول حوار بين طفلين ووالديهما، تظهر من خلال هذا الحوار أسئلة حول الحرية، المساواة، الإخاء، وقيم الأمة الفرنسية. والحركة الثالثة تظهر زيارات لأماكن تاريخية في مصر وفلسطين، أوديسا، نابولي، اليونان وبرشلونة.

الفيلم أقرب لتعليق طويل على هوية الأمة الفرنسية في سياقها الأوروبي، مع تعليق على التفرقة الاجتماعية والثقافية في القارة وكيف تؤثر على البلدان المختلفة بداخلها. هنا نعود إلى حبه للفيلم السياسي، لكن الأمر يأخذ هذه المرة مساراً أكثر شاعرية على نحو لافت بدلًا من الطريقة الراديكالية التي اعتدنا أنا نراها لديه في فترة الستينات.

10- وداعًا للغة – Goodbye to Language – 2014

يتتبع الفيلم نسختين من علاقة عاطفية بين اثنين, حيث تظهر محادثاتهما أفكاراً حول الفن والأدب والقضايا الاجتماعية والسياسية، ويُظهر الفيلم كم هو ملفتًا تشابه أنماط الأزواج في أفلام غودار. 

جانب آخر ملفت للاهتمام في الفيلم يخص علاقة الزوجين بكلبهما. ففي النسخة الأولى من العلاقة يقرران أنهما سيتخليان عن الكلب، وفي النسخة الثانية يقرران تربيته بدلًا من إنجاب أطفال. وفي كلا المسارين نستكشف نوعًا مختلفًا من الاشتباك مع فكرة استخدام اللغة.

يظهر الفيلم علاقتنا باللغة، والاستعارات، والتفاعلات البشرية من خلالها. ورغم استخدام الـ 3D إلا أن الفيلم ذو بناء سردي تجريبي، ممتلئ بالمجازات والعناصر غير التقليدية مما يجعله تجربة شجاعة حقًا.

تُرجمت المادة بتصرّف عن موقع “taste of cinema”

The post 10 أفلام أساسية للفرنسي جان-لوك غودار appeared first on مجلة رمان الثقافية.

]]>
ما بعد إسرائيل.. عن نظام غير قابل للاستمرار https://rommanmag.com/archives/18544 Wed, 15 Feb 2017 07:00:00 +0000 https://romman.b5digital.dk/%d9%85%d8%a7-%d8%a8%d8%b9%d8%af-%d8%a5%d8%b3%d8%b1%d8%a7%d8%a6%d9%8a%d9%84-%d8%b9%d9%86-%d9%86%d8%b8%d8%a7%d9%85-%d8%ba%d9%8a%d8%b1-%d9%82%d8%a7%d8%a8%d9%84-%d9%84%d9%84%d8%a7%d8%b3%d8%aa%d9%85/ “يجب أن يدرك الإسرائيليون اليهود أن إسرائيل تجبرهم على شكل وجود غير محتمل. يجب أن يدركوا أن طرق الحياة الموصوفة كإسرائيلية تحطم حياتهم عبثًا، فى الوقت الذى يدركون أن الأمر انتهى، نكون كلنا قد تحررنا من مشكلة تثبيت النظام المضاد للحياة الذى يُدعى إسرائيل”. جاء هذا الطرح اللافت في كتاب “ما بعد إسرائيل – نحو […]

The post ما بعد إسرائيل.. عن نظام غير قابل للاستمرار appeared first on مجلة رمان الثقافية.

]]>

“يجب أن يدرك الإسرائيليون اليهود أن إسرائيل تجبرهم على شكل وجود غير محتمل. يجب أن يدركوا أن طرق الحياة الموصوفة كإسرائيلية تحطم حياتهم عبثًا، فى الوقت الذى يدركون أن الأمر انتهى، نكون كلنا قد تحررنا من مشكلة تثبيت النظام المضاد للحياة الذى يُدعى إسرائيل”.

جاء هذا الطرح اللافت في كتاب “ما بعد إسرائيل – نحو تحوّل ثقافي” لـ مارسيليو سفيرسكي* الذي نقله إلى العربية هذا العام، المترجم سمير عزت نصار وقام بمراجعته حسام موصللي، والصادر عن “منشورات المتوسط” (2016) بميلانو، تزامنًا مع ذكرى النكبة الفلسطينية. 

كتب “سفيرسكي” في الصفحات الأولى من الكتاب تحت عنوان “بيان” أن إسرائيل “كانت فكرة سيئة منذ بدايتها. في الوقت الذي تجاهل فيه الصهاينة الأوروبيين حياة اليهود المندمجين جيدًا في المجتمعات المسلمة تجاهلًا كاملًا. تحطّمت النوايا الطيبة لتأمين وطن في فلسطين لليهود المضطهدين، بضربة واحدة، في اللحظة التي فرضت الصهيونية طرد الفلسطينيين من وطن أجدادهم. “وطنًا قوميًا يُؤسَّس بدلًا من وطن قومي آخر، يكون -دائمًا- فكرة سيئة”، هكذا يرى سفيرسكي، ومن ثم يأخذنا للحظة الحالية حيث لا حل سياسي مطروح في الأفق.

ينفى سيفرسكى وجود مجتمع إسرائيلى موحد، يرى إن هذا من قبيل الخرافة، ولكن هناك إجراءات يومية لتثبيت هذه الخرافة؛ فحتى اليهود الأثيوبيون الذين يعانون من تفرقة عنصرية مرعبة، يجد قادة إسرائيل الوسائل لإقناعهم بأنهم جزء من هذا المشروع.

وهكذا فالصهيونية ليست مشروعًا تاريخيًا أُنجزت فكرته فى الماضى فحسب، بل هو كذلك تلك الممارسات اليومية، التى تستند إلى تعاليم التوراة (الطاعة الإبراهيمية المطلقة مثلاً) لكى تضع تقاليد الحياة الإسرائيلية.

ومن خلال حديثه عن الحياة اليومية التي تشكل “الروح والمادة”، لممارسة أعمال الاضطهاد اليومية، يبرز لنا ما تعتمده المؤسسات الصهيونية، للحفاظ على المجتمع الإسرائيلي، من نماذج لخصها سڤيرسكي في أربع أوجه: “المنتزِّه، المدرس، الوالد، الناخب”، منطلقًا في دراستهم من سوسيولوجيا عملية الإخضاع، أي “نوع المواطنة التي

كما ينتقد سفيرسكي في كتابه، ذاكرة الهولوكوست التي يستند إليها المجتمع الإسرائيلي، في تبرير العنف الممارس ضد المجتمع الفلسطيني، مدعمًا حديثه بالاستعانة برفض المفكر الفلسطيني إدوارد سعيد فكرة “أن الهولوكوست

ليس هذا وفقط، بل يبدو المجتمع الإسرائيلي يستخدم “الهولوكوست” لممارسة عنصرية جلية ضد اليهود الأثيوبيين والسود بشكل عام. وأيضًا أشكال “الغيتو” التي يعيش عليها اليهود في أوروبا وفي بعض المدن العربية، نجدها تظهر في إسرائيل ذاتها وهو ما يجعله يتسائل عن معنى البحث عن وطن منغلق داخل الوطن. يقول سفيرسكي: “من المعترف به على نطاق واسع بأن الصهاينة البيض أظهروا مواهبهم الاضطهادية، ليس فقط ضد غيرهم الخارجيين، بل ضد غيرهم الداخليين أيضًا، إذ لم تخلق الصهيونية ضحايا خارجيين فقط، بل ضحايا يهود أيضاً، اليهود الشرقيين”.

يقر سفيرسكي بأن المجتمع الإسرائيلي اليهودي قد لقّح نفسه بنجاح ضد التفكير الأخلاقي والسياسي، لذا فإن صناعة المعرفة عن الاضطهاد الإسرائيلي تدور دون أن تثير اهتمامًا أخلاقيًا في المجتمع. مؤكدًا أن هذا اللقاح ضد التفكير القيمي والأخلاقي والإنساني أصبح نموذجًا ذهنيًا كاملًا يطبع الإسرائيليين.”

ما نملكه إذن حسب سفيرسكي هو تجريد المجتمع الإسرائيلي من الهويات الصهيونية، وتكثيف حضور المؤسسات المنشقة عن ممارسة هذه الهويات. هذا إذن ما يمكنه أن يُحدث موقفًا معاكسًا داخل المجتمع نفسه، إضافة إلى أن السياسات الصهيونية التي ترتبط بإعادة إنتاج الذوات الصهيونية، على كافة جوانب الحياة العسكرية والسياسية والاجتماعية وغيرها، عند التغلب عليها يمكن الوصول للمرحلة التي تشكل “ما بعد إسرائيل”.

في الفصل الأخير من الكتاب بعنوان “ألف انتهاك”، يؤكد المفكر سفيرسكي أن “التحوّل الثقافي هو ما نفتقده حين نفكر في المستقبل، المستقبل الذي استُعمر بالفعل، وقُلَّصت فداحته بمفردات مثل “المناطق المحتلة”، بدلًا من الحديث بوضوح عن الهيمنة الكاملة لإسرائيل على الأراضي الفلسطينية. فهكذا يتفادى المجتمع الإسرائيلي اليهودي إلقاء اللوم على نفسه.

* يركّز سفيرسكي (Marcelo Svirsky) في أعماله على ممارسة النشاط السياسي والعمل الثوري والتحوّل الإجتماعي. وهو يحاول في مواضيعه الربط بين الفلسفة الأوروبية وبشكل خاص أعمال جيّل دولوز وفيلكس غواتاري؛ والنظرية السياسية النقدية؛ ونظريات ما بعد الاستعمار. 

 

The post ما بعد إسرائيل.. عن نظام غير قابل للاستمرار appeared first on مجلة رمان الثقافية.

]]>