ثلاث قصائد إلى فلسطين... الشاعر الأنغولي جواو ميلو (ترجمة)

2023-11-07 09:00:00

ثلاث قصائد إلى فلسطين... الشاعر الأنغولي جواو ميلو (ترجمة)
António Ole, The Maculusso Mural. Luanda, 2014. Mixed media and collage on plastic 152 × 281 cm. Collection ACCA. Photograph: JG.photography

João Melo
مرثيّة إلى فلسطين

تسقط الصواريخ الطائرة فوق فلسطين القديمة،

ولكن عيونها المضيئة

لا ترى سوى ظلّ شاسع من الدّم والأسى،

حيث ترتفع،

مثل صرخات فولاذ جريح،

أغان يائسة لم يعد يستمع إليها أحد.

فلسطين القديمة،

أرض الشعوب جميعها

والعقائد كلّها،

لم تعد موجودة.

لقد اغتصبها الورثة المزعومون

لعقدة التفوق الأخلاقي الغربي الهائل،

مستغلّة ذهبنا وأرواحنا.

الصليبيون الجدد

يسحقون ببرود الرؤوس المضرّجة بالدماء

التي تحاول النهوض

من هوّة التاريخ الحائرة،

دون أن يدركوا أين هم

أو على الأقل،

أين بإمكانهم الموت بسلام.

بعض الشعوب تموت هكذا: ببساطة.

دون خبر.

 موت، أكثر منه أبديّ،

هو موت حتميّ.



حديث مع محمود درويش

لا، أيّها الشاعر، أرض البشر

ليست لجميع البشر،

بل تنتمي للمختارين، والذين يعرفون

إبهار أعواد الثقاب واستخدامها

ليطحنوا بها من الداخل، وببطء، رؤوس الأطفال الصغار

الذين لن يكونوا أبداً موضوعاً

لخطبهم الطيّبة التي

تصدح فيها حناجرهم الجريحة بالحرية والديمقراطية

أمام الملايين من قتلاكم المجهولين،

بينما أنتم تجبرون على المشي مثل الأموات الأحياء

نحو العدم.

أيّها الشاعر،

منذ أن دخل التاريخ من بابكم

مثل لصّ جريء، 

حُكمَ عليكم بالسقوط في هاوية تليها أخرى. 

وأولئك الذين اغتصبوا أشجار زيتونكم،

يقولون: لا يوجد غد لكم؛ 

وسوف تحاكمون

لو حاولتم إخراج الماء من آبارنا

أو أطلقتم قذائف.

لقد وعدوا ووفوا:

طار مستقبلكم من النوافذ المحطّمة،

وظلّ حبيس سياج حيث يجمّعونكم

مثل قطيع ماعز يعرف مصيره،

ينتظركم، بمكر غادرِ،

في الحفر المحجوبة عن نور النهار.

حلمكَ الصلب، أيَها الشاعر،

ابتلعه فم ملطَخ بدماء مغتصبي

اسم الربّ

وأولئك الذين يعبدونه ويعظّمونه.

لن تعودوا أبداً إلى بيوتكم،

وإلى دجاجاتكم وخيول طفولتكم.

لقد يئسوا من انتظار عودتكم المفاجئة،

ومن السير كثيرا بلا وجهة،

ولكن ببهجة.

لا توجد أيّة جنّة سماوية

يمكن لك، أيّها الشاعر، أن تحتفل فيها رفقة حبّكَ المحتمل

بظهور خريف جديد

في الصحراء حيث تستمرّ أجسادكم

في التكدّس متفحّمة.

ولكن، لا يزال لديك الحقّ

في أن تموت كما تشتهي.

 

البيان الأخير

لا نريد عبارت تعازِ،

ولا رسائل سياسية صائبة،

مثل تجمّعات،

ممرّات إنسانية،

ماء دافئ، حليب حامض،

أو علب مصبّرات

تسقط من السماء الرمادية ( إنّه دخان المدافع!)،

من الرّحم الحميد

للمروحيات الودودة.

لا نريد وقفات احتجاجية، ولا صلوات،

لا مظاهرات،

لا رسائل مفتوحة،

أو وعود بحوار صمِّ،

وعهود بحبّ مسموم.

لا نريد معاهدات، ولا اتفاقيات،

ولا وثائق توقّعونها بملل بطوليّ.

ـ آه، كم هو مثير للشفقة وضعكم! ـ،

وأنتم تستعجلون الرجوع

إلى منازلكم الريفية

وإلى طاولات البوكر.

نريد فقط أن نموت.

هنا بالذات، بجانب هذه الأحجار

عديمة الفائدة والجافة،

تحت أشجار الزيتون الأخيرة.