من هنا، بدأ التعاطي الإعلامي مع القضية يأخذ مواقف متباينة، وترجم ذلك في حراك الشوارع رغم سياسات التهديد وإجراءات القمع. وكان هذا نتيجة الوعي بالمواقف الرسمية للدول العربية والغربية، والكشف عن ازدواجية المعايير وتبدد الكثير من المفاهيم.
بين ظلّ وسبابة ولثام
مع انطلاق عملية "طوفان الأقصى" في الساحة الميدانيّة للقتال، شكلت المقاومة الفلسطينية ساحة إعلامية موازيّة للأولى لإدارة حربها مع الاحتلال، ترشق فيها جبهته الداخلية تارةً والخارجية تارةً أخرى، وتجهز في كلتيهما على الرواية الصهيوغربيّة بسلاح خطابها السياسي وبيانها العسكري؛ بدءًا من الكلمة التي أعلن فيها القائد العام لكتائب القسام (محمد الضيف) انطلاقة المعركة، مرورًا بالخطابات المتتالية للفصائل، سواءً كانت على لسان "أبو عبيدة" الناطق باسم كتائب القسام-الجناح العسكري لحماس (وهي الغالبة)، أو على لسان "أبو حمزة" المتحدث باسم سرايا القدس-الجناح العسكري لحركة الجهاد الإسلامي.
يطرح هذا المقال الأدوار المركزيّة لخطابات القادة والناطقين العسكريين، الذين لم ترى الجماهير منهم إلّا ظلّ وسبابة ولثام! ورغم ذلك حظيت عالميًا ببعد تداولي وتفاعلي؛ وهذا ما سيحيل تباعًا إلى السؤال عن العوامل التي ميّزت هذه الخطابات لتكون فاعلة في تكثيف التفاعل مع المقاومة الفلسطينية وعملها الثوري المشروع.
البعد الوظيفي في البيان الخطابي
يستخدم هذا المقال مفهوم الخطاب بمعنى "التفاعل بين المتكلم والسامع"(١)، وهو ما توجهه المقاومة في كلّ مرةٍ عبر إعلامها العسكري والحربي للاحتلال الصهيوني، ولكلّ الشعوب الحرّة، ولأهل غزّة الصابرين المرابطين. وهو خطاب يمكن أن نلاحظ أن أبعاده الوظيفية تتجلى في ثلاثة أدوارٍ مركزيّة، هي:
-
التعبئة وإنتاج حاضنة شعبية عالمية
ركزت المقاومة في خطاباتها الإعلامية على أهمية التأسيس لفعل التحشيد الشعبي مقابل ما تشهده من تحشيد دبلوماسي غربي يدعم إسرائيل في عدوانها عليها، لا سيما أنّ للبعد التعبويّ الإعلامي دورًا في إنتاج فعل المؤازرة الشعبية وتوجيه الجماهير لفعل الالتفاف نحو المقاومة، الذي يُجسَّد عادةً في الشارع الذي من الممكن أن يسهم مع تكرار التظاهر وتوسعته في الضغط على الحكومات ورفع سقف تأثير الشعوب على المواقف الرسمية. أضف إلى ذلك أنّ عملية التعبئة التي تمثل (استثمار انفعالي) تضفي على الخطاب فعالية رمزية ممتدة من خلال انعكاس ذلك على الأحداث والذاكرة؛ بمعنى إبقاء الصلة بين الماضي والحاضر للحفاظ على جدوى أي عمل مقاوم كان وسيكون.
رغم الانقسام السياسي والجغرافي بين غزة ومختلف الأراضي الفلسطينية، تُبين خطابات حركتي حماس والجهاد الإسلامي مدى فشل التشظية المكانية والتنظيم الفصائلي المتعدد في استهداف وحدة الشعب الفلسطيني في رفضه للعدوان؛ فلا تنفصل معاركهم في كلّ مرة عن سياق الردّ عما تتعرضا له القدس والضفة مثلًا، وهذا ما شكّل إحدى بواعث "طوفان الأقصى"، وهو ما يسهم بلا شك في وجود حاضنة شعبية في الضفة الغربية، نلحظ وجودها أولًا في المسيرات التي خرجت داعمة ومؤيدة لها رغم ردّات فعل السلطة التي حاولت في كلّ مرة تحجيمها واحتواءها والسيطرة على امتدادها واستمرارها. ثانيًا، في كلّ الاقتحامات اليومية التي يستهدف فيها الاحتلال أماكن وجود الكتائب والمجموعات المسلّحة؛ لأنه مدرك أن ما تقوم به الفصائل في غزّة من شأنه أن يحرّض الحاضنة الشعبية في الضفة الغربية ضدّ الاحتلال أكثر؛ لا سيما أن قِوام هذه الحاضنة هم الأفراد المؤمنون بجدوى المقاومة ولو قدموا قوافلاً من الشهداء.
أما على المستوى الدولي، فإنّ العدد الغير مسبوق من التظاهرات التضامنية، عَكَسَ قدرة الخطاب على التعبئة وتشكيل حاضنة اجتماعية دولية على مستويي الفكرة والفعل. نقصد بها "مجموعة الفعاليات والمواقف الشعبية المساندة لقضية ما، وتأتي انعكاسًا لموقف أيديولوجي أو سياسي، كما تتأثر بالانتماء إلى ثقافة مشتركة"(٢)، والتي من شأنها أن توسّع النمو الجماهيري الداعم لحركات المقاومة بما يضمن تصدير القضية الفلسطينية للمشهد العالمي. وعليه دعت المقاومة في خطاباتها الشعوب الحرّة إلى النفير العام والخروج إلى الشوارع تنديدًا بجرائم العدوان، وهو ما ساهم بحشد الجماهير لمعارضة اتفاقيات السلام والتطبيع ورفض الدعم الأمريكي وازدواجية المعايير، مع المطالبة بموقف رسمي لوقف النار.
-
تفنيد الروايات الغيريّة
انطلاقًا من أول خطاب إعلامي للمقاومة ومرورًا بكافة الخطابات المتتابعة، حرصت القسّام على موضعة عملية "طوفان الأقصى" في سياقها بالحديث عن دوافعها وأهدافها، وذلك بالتزامن مع كلّ الجهود الإعلامية الغربية والإسرائيلية في نزع حدث السابع من أكتوبر عن سياقه المتمثل في وجود احتلال إسرائيلي متواصل منذ أكثر 75 عام، يرافقه أبشع سياسات التنكيل والتطهير والإحلال. فعرفت المقاومة كيف تشتبك مع الادعاءات عبر نشر روايتها المضادة التي تقدم أدلة تثبت عمليات التضليل والتزييف التي يبثها الاحتلال للرأي العام، وبرز ذلك في الرد المباشر على البروباغندا التي صدّرها للغرب الذي تبناها وكثفها دون تمحيص، كتلك التي اتهمت المقاومة بالإرهاب وفق إشاعات عن تعاملهم مع النساء والأطفال الإسرائيليين. وهو ما ساهم إلى جانب هشاشة الرواية الإسرائيلية في ظلّ غياب الأدلة إلى إنتاج الوعي الاجتماعي بالمقاومة، والوعي السياسي على أصعدة محددة .
من هنا، بدأ التعاطي الإعلامي مع القضية يأخذ مواقف متباينة، وترجم ذلك في حراك الشوارع رغم سياسات التهديد وإجراءات القمع. وكان هذا نتيجة الوعي بالمواقف الرسمية للدول العربية والغربية، والكشف عن ازدواجية المعايير وتبدد الكثير من المفاهيم.
-
إدارة المعركة النفسية والاجتماعية
تدير المقاومة حربها الإعلامية بطريقة تسهم في زعزعة وتفكيك الجبهة الداخلية للاحتلال، مع التصدي لسياسته تجاه الحاضنة الشعبية. في الأولى، عرفت المقاومة كيف لها أن تكسر كل روايات العدو وتضرب عمق المجتمع الإسرائيلي وتوجهات شارعه، بعد أنّ كان السابع من أكتوبر ضربة في خاصرته الأمنية والاستخباراتية، مكنتها من تبديل الدفاع بالهجوم وتحقيق عنصري المباغتة والمفاجأة. بالتالي، يلاحظ المتابع أنّ إعلام المقاومة سبق إعلام الاحتلال في الكشف عن عملية "طوفان الأقصى"، وأنّ الناطق العسكري للقسام يتفوق في كل مرة على الناطقين الإسرائيليين. مثلًا؛ قدم"أبو عبيدة" رقمًا تقديرًا لعدد الرهائن والأسرى لدى المقاومة قبل أن يعلن الاحتلال عن العدد الرسمي، ثم خرج وصرّح بأن المقاومة قدمت مقترحًا لصفقة تبادل للأسرى بناءً على رغبتها وعدم حاجتها للرهائن المدنيين إلّا أن المعارضة والتأخير في كلّ مرة يكون من طرف الحكومة الإسرائيلية، كما أنه منذ بداية الحرب البريّة يصدر باستمرار خطابات توصيف لما يجري في الحرب البريّة من استهدافهم للمركبات وإجهازهم على الجنود مع الإعلان بأن عدد القتلى منهم يفوق ما يعلنه الاحتلال لشعبه، ويلحق ذلك بمقاطع مرئية تثبت فشلهم بتحقيق أي هدف عسكري واستمرار قدرة المقاومة على الدفاع والهجوم معًا. كلّه ساهم في انقسام الداخل الإسرائيلي على كيفية إدارة الحرب، وفي احتقان الشارع الإسرائيلي الذي يحاول الضغط على حكومة نتنياهو لتحمل الإخفاق الأمني، ويطالبه بالموافقة على الصفقة.
أمّا عن التصدي للاستهداف الصهيوني للحاضنة الشعبية، فيمكن القول بأنّ ممارسات الاحتلال في عدوانه على غزّة من حصار وإبادة جماعية وتطهير عرقي، وتجويع وتعطيش، وكل الانتهاكات التي تسلب من الشعب الغزّي أبسط مقومات الحياة وتفرض عليه أن يختار التهجير قسرًا، ما هي إلا انعكاس لسياسات هذا الاستعمار الاستيطاني الإحلالي المتبعة منذ أكثر من 75 عام، الساعية إلى ضرب المقاومة بخاصرتها عبر استهداف حاضنتها المدنيّة التي يتأسس عليها منهج المقاومة وفلسفتها، ووجود مجتمع فلسطيني متماسك وله قيمه الوطنية التي ترفض الاحتلال الإسرائيلي وترفد العمل الكفاحي المسلّح بالتأييد والشرعية.
وعليه، تدرك المقاومة بأن الاحتلال يلجأ للبطش بالمدنيين بكل ما يؤتى من عنف وإرهاب؛ غايةً في تحريض أهل غزّة ضدّها ليتمكن من إضعافها والضغط عليها بقبول خططه عن كيفية إنهاء الحرب. من هنا، ركزت المقاومة على أن تستند خطاباتها على ما يحافظ على ثقة حاضنتها ومعنوياتها بوصفها جبهتها الداخلية، بما يعزز حتمية الانتصار ولا يفقدها الشعور بنصر السابع من أكتوبر وبتفوقهم العسكري حدّ اللحظة؛ لذلك اهتمت بكيفية رواية ظروف الاشتباك مع توثيقها بمشاهد تثير النصر في الأذهان، كما عمدت إلى توصيف عملياتها الجهادية النوعية والكشف عن نوع الأسلحة المستخدمة في تدمير آليات العدو ودك تحصيناته، وعن الكمائن المحكمة التي يوقعون بها القوات الإسرائيلية. مع الحرص على الاهتمام بلغة الخطاب ومفرداته، كاستخدام عبارات مثل: "اختراق صفوف العدو"، "خلف خطوط العدو"، "محاور تقدم العدو"، "الاشتباك المباشر"، "أجهرنا على قوة راجلة"، "المسافة صفر"، "عاد مجاهدونا إلى قواعدهم بسلام"، وغيرها مما له وقع في نفوس الفلسطينيين، وتأثير يمنحهم الشعور بالقدرة على التفوق وتحقيق النصر رغم اختلاف موازين القوى في هذه الحرب الغير متناظرة. بالتالي يفشل الاحتلال اليوم باجتثاث المقاومة عن طريق تقويض الثقة والتلاحم بين الحاضنة الشعبية والفصائل.
عوامل ميزت الخطابات
تتعدد مظاهر احتفاء الناس بخطابات الناطقين العسكريين لفصائل المقاومة، ويتجلى ذلك في الساحتين الميدانية والإلكترونية بصورةٍ تمجد فعل المقاومة وتعزز مشروعيته. مثلًا؛ هنالك الكثير من الجماعات الغربية بدت تتبنى ما في الخطابات وصار رأيهم بالاحتلال كما المقاومة، ويستمرون بالحشد والتظاهر تلبيةً لندائها. وبهذا يلاحظ أنّ الخطابات، من حيث الظرفيّة، ترتكز على أساسي التعبئة والتضاد في كلّ مرة.
يقصد في وصفها بالتعبوية، أولًا؛ أنّها خطابات نجحت في تشكيل دعم عواصم العالم الغربي بمشهد فاق مؤخرًا الشوارع العربيّة؛ وهو ما يؤكد على أنّ المقاومة استطاعت أنّ تؤثر بالرأي العام الذي انحاز بدايةً للرواية الإسرائيلية وجنّد لها كافة وسائل الإعلام. ثانيًّا، قدرتها على نفي جدوى تشرذم الجغرافيا الفلسطينية بالاستعمار عن وحدة الشعب الفلسطيني إزاء المقاومة بوصفها فعلهم الأصيل، فها هي الضفة تشتبك وتقاوم وتقدم أسرى وشهداء رغم ضيق الخناق. ولعل بلورة هذا في الخطابات بدأت من الخطاب الأول لكلٍّ من؛ محمد الضيف، أبو عبيدة، وأبو حمزة. إذ أشار الضيف في حديثه عن بواعث العملية إلى ما يحدث في كافة الضفة الغربية من انتهاكاتٍ وتنكيل، ثم دعا أهلها للانضمام واتبع ذلك قائلًا: "بدءًا من اليوم ينتهي التنسيق الأمني وأجهزته لتثبتوا أن وطنيتكم وانتمائكم للأقصى والقدس وفلسطين أكبر من كل أوهام الاحتلال". أمّا "أبو عبيدة"، فقد صرّح أنّهم اضطروا متألمون للتغاضي عما يحدث في الضفة مؤخرًا في سبيل نجاح العملية لتكون الردّ الأقوى والشامل. كما أكد "أبو حمزة" في خطابه على ذات المنطلقات ودعا لوحدة الساحات، ووجه التحية لكتيبتي جنين وطولكرم ومجموعة عرين الأسود لجهادهم في الضفة ودعاهم للمزيد.
أما من حيث أنّها مضادة، هذه الخطابات حرصت على بلورة هويّة المقاومة وهوية العدو (النحن مقابل الهم)، وهو ما تغلب على كثيرٍ من خطابات التفوق لإسرائيل وأمريكا، التي عمدت إلى "دعشنة" الفعل المقاوم واستهداف المقاومة بما يهدم قيمها التي تتبناها، ويصدّرها للعالم على أنها "إرهاب" باتهامات عرفت المقاومة كيف تفنّدها وتعكس الحقيقة، وهنا نلاحظ أن ناطق الخطاب حرص على أن "يراعي المناسبة لإنتاج خطابه؛ بوصفها محدّدا سياقيّا"(٣)".
وعليه، يمكن القول أنّ خطابات المقاومة امتازت بالقوة على مستوى الصياغة والتوقيت والمضمون، ولعل أبرز ما يكسبها البعدين التداولي والتفاعلي يتمثل في:
-
مفردات الخطاب ومرجعياته
تكمن جدوى الخطابات الإعلامية للمقاومة في أنّها خطابات "تدفع الجماهير إلى تغييرات حاسمة وتطورات ملحوظة من خلال اللغة المستخدمة والألفاظ القوية التي تدعوهم للثورة ...، كما تدفعهم اللغة السياسية للشعور بالانتماء أو الوحدة أو بالغضب أو بالحماسة"(٤). بالتالي، تمتاز الخطابات باستخدامها للكلمات البسيطة والشعارات المتكررة التي من شأنها أن تنتشر وتترسخ في عقلية المتلقي؛ وبهذا حققت جملة "وإنه لجهاد نصر أو استشهاد" التي اعتمدها "أبو عبيدة" لتوقيع ختام خطاباته، انتشارًا واسعًا وشعارًا لكثيرين آمنوا بها كعقيدة ثابتة. أضف إليه أنّ هناك كلمات حققت رواجًا واسعاً في الفضاء الإلكتروني وفي ميادين التظاهر، فاستخدمت كشعاراتٍ صدحت بها حناجر المتضامنون في العواصم وعلى أبواب السفارات. كان أشهرها كلمة "لا سمح الله" التي استخدمها "أبو عبيدة" للتهكم على ضعف الأنظمة العربية في القدرة على فرض دخول مساعداتهم للقطاع بلا قيد وشرط.
من جانبٍ آخر، إنّ مما ساهم في الحفاظ على الحاضنة الشعبية الفلسطينية لخطابات المقاومة وتوسيعها هو أنّها خطابات وطنية تعتمد في مرجعيتها ومنطلقاتها على المنظومة القيمية للشعب الفلسطيني الداعمة للفعل المقاوم والمحددة لشكل علاقة الفلسطيني بالآخر المحتل، والتي تعتبر الأرض والبندقية قيمًا وجودية، كما أنها ترتكز على الثورية وأفعال النضال والفداء وتؤكد على الخط الجهادي للحركة بما ينسجم مع مفهوم الكفاح المسلّح المتجذّر في الثقافة الفلسطينية. بالإضافة إلى أنّها خطابات أشخاصٍ مقاومين جهاديين حاضرين في الميدان، يشتبكون مع العدو من خلف خطوطه ومن المسافة صفر؛ وهذا ما يمنحهم مكانة رفيعة ومقدسة في الذهنية الفلسطينية.
-
وحدة النظرية والممارسة
تدرك المقاومة أهمية التلاحم بين إرادة الشعب وخياراتها الميدانية، وأن لا جدوى لخطاب ثوري بلا ممارسة نضالية تطبيقية تحافظ على ثقة الحاضنة الشعبية بها. ويتجلى ذلك في رؤيتها السياسية، التي ترتكز على خطاب وطني تحرّريّ تعبوي قائم على الوعي الثوري والكفاح المسلّح. وهو ما بلورته أكثر في عملية "طوفان الأقصى"، التي بينت أنّ لهذه المقاومة وأنشطتها العملياتية العسكرية أهدافٌ وخططٌ سياسية، تسعى لإحداث التغيير وفرض واقع فلسطيني جديد، وليست ردود فعل تعسفية وعشوائية أو لحظية. وعليه جاء خطابها ملبيًّا لتطلعات الشعب الفلسطيني لمستقبل التحرير وطريقه، وقائمًا على تمسك المقاومة بنهج التوظيف السياسي لانتصارها العسكري؛ فلن يعود الحال لما كان قبل السابع من أكتوبر، كما لن ينفع أي ضغط في تحريف المسار الواضح لقضية الأسرى بوصفها ملفًا استراتيجيّ.
أضف إليه أن خطابات الإعلام العسكري لحركة حماس والإعلام الحربي للجهاد الإسلامي تُعرَض بصورة "تقويل الفعل" للمشاهد إن صحّ التعبير. أي أنّ ما جعل لها جمهورًا عريضًا يرتقبها ويصدقها هو أنّ الناطقين يخرجون له لقول ما تم فعله، وليس ما ينوى فعله؛ بمعنى أنّ الفعل كممارسة يسبق في كلّ مرة الخطاب كفكر. وهو ما رفع من كفاءة وجدوى الخطاب ومعنويات الشعوب.
الهوامش