وقد صور الفيديو طاقم محلي من الفنانين والفنانات، ومنهم الفنان المقدسي بشار مراد والذي أخرج الفيديو بلمسته الفنية المميزة ويعطي أبعاداً إضافية للعلاقة بين الصوت والصورة، والأحداث والوقائع التاريخية التي نمر بها.
علاقتنا المركبة كفلسطينيين/ات مع بلدنا تتأرجح ما بين الوجود، والبقاء، الغياب والترحال، فتخلق حالة آنية تجمع بين المكان وتجلياته في ذكرياتنا، وهذا هو الأثر الذي تركته أغنية "أمرات" التي أطلقتها الفنانة والمغنية وعازفة الجيثار الفلسطينية رشا نحاس ضمن سلسلة من الأعمال التي تسبق إطلاق ألبومها الجديد "أمرات" والذي سيأتي إلى هذا العالم مع بدايات عام 2023.
يبدأ الفيديو في ما تبقى من وادي الصليب، أحد أقدم أحياء حيفا الذي تم تهجير سكانه الفلسطينيين بشكل منهجي منه، والذي سكنته مئات العائلات الفلسطينية والشامية بداية القرن العشرين بسبب قربه من سكة الحديد في حيفا ومينائها، ليتنقل في شوارع المدينة ويعكس التغيرات العمرانية التي فرضت على المدينة لتغيير ملامحها وقصص سكانها. نواصل في الفيديو عبر شوارع حيفا وأسطح المنازل والأماكن المفضلة التي ترتادها الفنانة، مثل مقهى وبار "فتوش" وهو من أوائل المساحات الثقافية التي تطغى فيها اللغة العربية في حيفا ويمتلكه ويديره فلسطينيون، لتطل علينا رسمة للمغنية اللبنانية فيروز وتذكرنا بالعلاقات المترابطة مع محيطنا الجغرافي والثقافي. ينتهي الفيديو عند أمواج البحر الأبيض المتوسط التي يثير تراقصها مع أشعة الشمس روح الطمأنينة في نحّاس حتى في الأوقات المضطربة والانقلابات المعنوية والسياسية، بالرغم من كل التشويش والألم والخوف والأسئلة التي قد لا نجد لها إجابات. وتقول رشا بأن "اختيار التصوير بهذا الشكل في المدينة هو بالنسبة لي تمسك بما كانت عليه المدينة قبل أن تتحول إلى شيء آخر، فتصبح في اعتقادي حالة من الـ "ما بين"".
وقد صور الفيديو طاقم محلي من الفنانين والفنانات، ومنهم الفنان المقدسي بشار مراد والذي أخرج الفيديو بلمسته الفنية المميزة ويعطي أبعاداً إضافية للعلاقة بين الصوت والصورة، والأحداث والوقائع التاريخية التي نمر بها.
وتشكل هذه الأغنية واحدة من 12 قطعة غيرها ستكون ضمن ألبوم رشا نحاس القادم، بذات العنوان، والذي ينفصل إلى قسمين، ليتبدلا ما بين منظر المدينة المشبع بالموسيقى الإلكترونية المعاصرة إلى الريف الرومانسي مع نهج المغنية الصوتي الخاص الأقرب إلى نمط أغاني الـ ballad.
يجمع الفصل الأول بين مشاعر الاغتراب والكآبة، التي كُتبت أثناء الوباء بينما كانت نحاس تتعافى من إصابة في اليد أجبرتها على ترك الغيتار جانبًا والارتجال لخلق طريقة أداء فريدة من نوعها سمحت لها بالعزف على الموسيقى من دون ألم، وبالتالي يتسع هذا القسم من الألبوم للأصوات الإلكترونية والمركبة. بينما يكون الفصل الثاني عبارة عن مجموعة من ست أغنيات مستوحاة من الشوق إلى الوطن. فحيث تعيش رشا نحاس في برلين بعيدًا عن عائلتها، كانت تتوق إلى المناظر الطبيعية الريفية والعودة إلى الطبيعة التي ربيت بين أحضانها. مع وجود القيثارات الكلاسيكية والكهربائية في جوهرها، فإن أسلوب كتابة الأغاني الذي تتميز به نحاس يرافقه غناء رقيق ومجموعة واسعة من الإيقاعات التي تتدحرج وتتدفق عبر الأراضي الأوروبية المتوسطية لتعكس تنوعا وتشابها من خلال الطبيعة والأصوات.
وتقول رشا حول الألبوم: "يجتاز الألبوم الحدود بين الشرق والغرب، ولكن هنالك أيضًا مسافات بينهما. هذه "المساحات الثالثة" توفر عنصرا من الحرية وتتدفق جميعًا عبر ألحان وروايات ألبوم "أمرات"".
بعد كتابة الألبوم في برلين، قامت رشا نحاس بتسجيله مع المنتج المشارك شادن نهرا في استوديو 67 الذي تم إنشاؤه حديثًا في الجولان السوري المحتل، وضمنته تعاونات فنية مع نخبة من الموسيقيين/ات الرائدين/ات في المشهد الموسيقي المستقل في فلسطين، بما في ذلك عازف الإيقاع رامي نخلة (من توت أرض) والملحن وعازف الآلات المتعددة ريمون حداد والمغنية وكاتبة الأغاني تيريز سليمان. كما يعرض الألبوم تعاونًا مع الفنانة المصرية دينا الوديدي، ليجمع الألبوم أصواتاً وأنغاماً من الجولان والقاهرة وبرلين، حيث تلتقي مختلف موضوعات الانفصال والبعد.
سيرافق إصدار الألبوم جولة حية عبر مدن متعددة إبتدأت في المملكة المتحدة لتكمل طريقها إلى فلسطين والأردن ومن ثم أوروبا وتستمر حتى بدايات عام 2023.