Vincent van Gogh, Peasant Burning Weeds, Oil on panel, 30.5 × 39.5 cm, Private collection, Painted October 1883, Nieuw-Amsterdam, Drenthe
ثلاثة أصوات لرأسٍ واحد:
..
رأيت رجلًا يحترق،
أنا رأيتُ رجلًا يحترق.
*
أنا رأيت رجلًا يحترق، يمشي ويحترق، يركض ويحترق،
يتوقّف، ينظر تجاهي ويحترق،
يصرخ؛ حنجرته تحترق، يصلُ من صراخه الشديد هسيس بعيد،
كأنه وصراخه، قطعة بلاستيك صغيرة؛ تذوب وتحترق،
والناس، من رائحة احتراقه، تشيح بوجوهها؛ لا يصلها حتى النشيج.
*
هذا الليل يأكلنا فرادى.
*
زرعَتنا الحدائق، الأشجار، النباتات أعطتنا الهواء والرطوبة، ثمّ روّضتنا لتقتلنا، نحن السماد.
*
أنا كلّ ما ليسَ فيَّ، كلّ ما لستُ فيه.
أنا أنت.
*
أنا كلّ ما لم أكنه وكلّ ما لن أكونه، كلّ ما لم أعشه وكلّ ما لن أعيشه، كلّ ما لم أصره وكلّ ما لن أصيره، كلّ ما لم أصبُ إليه وكلّ ما لن أصبو إليه، كلّ ما لا يشبهني وكلّ ما لن يشبهني، كلّ ما لم أختبره وكلّ ما لن أختبره، كلّ ما لم أحلم به وكلّ ما لن أحلم به، كلّ ما لم أفكّر به وكلّ ما لن أفكّر به، كلّ ما لم أخَفهُ، كلّ ما لن أخافه.
*
الزهرة انفجارٌ بطيء، النبت كواكب ببطء تظهرُ وتنفجر وتحترق.
*
أنا كلّ ما كنته وما سأكونه، كلّ ما عشته وما سأعيشه، كل ما صرته وما سأصيره، كلّ ما يشبهني وما سيشبهني، كلّ ما اختبرته وما سأختبره، كلّ ما حلمت به وما سأحلم به، كلّ ما فكّرت به وما سأفكّر به، كلّ ما خفته، وكلّ ما سأخافه.
*
الماء والطّاعون قرب ريف الدّار،
لا الطّفل شرِب ولا مات غرقًا،
عاشَ يتيمًا تنهشه فكرةٌ واحدة،
عمّا يُصيّره سفك النّار بوجه النّار.
*
أنجبتنا الأرض لنصير سمادها، كي تستمرّ، وللمؤقّت المحاصر بوباء الموت، نستمرّ.
*
أنا، أنا رأيت رجلًا يحترق،
يدور، يرقص، ويحترق،
يرخي جسده سقطةً واحدة، كمن فجأةً اصطاده النّوم، ويحترق،
يرفع كلتا يديه، يلوّح، آتيًا وراحلًا، كراقصٍ يدور ويحترق،
رأيت شفتيه، من شدّة اللهيب، تذوب، تصنع ابتسامةً تحترق،
أنا رأيتُ ابتسامةً تحترق.
*
للأشجار تعاريف أخرى للوقت.
*
أنا ما أشعره، ما أعرفه لأنّي أشعره.
*
فجوة الأحلام في كلّ ما كنّاه وما لم نكنه، كلّ ما نحنُ عليه وما لم نصره، أحلامنا التي تحقّقت وتلك الّتي لم تتحقّق.
ما نحبّه يشبهنا أكثر ممّا نعيشه، من نحبّهم يشبهون ما نتخيّله عنهم أكثّر ممّا هم عليه.
*
هذا الليل يقتلنا فرادى.
*
الوعي، الصّحو والضّوء، زنّار خوفٍ في زيّ نحلةٍ هائلة،
الماء في مقلة الطّفل صندوق وقتٍ يسيلُ،
هو لا يعرف كيف هكذا في كلّ يوم؛ يهجم العتم،
هو فقط يخاف، يخاف ويكبر ويحترق.
*
أنا رأيتُ رجلًا يحترق،
رأيتُ ذكريات تحترق،
رأيتُ طفلًا يسكن رجلًا يحترق،
رأيتُ أمًّا ابنها يحترق،
رأيتُ حبيبةً حبيبها يحترق،
رأيتُ صديقًا صديقه يحترق،
رأيتُ أحلامًا تحترق،
رأيتُ آلامًا تحترق،
رأيتُ أسرارًا تحترق،
رأيتُ رجلًا يصيرُ حريقًا، رأيتُ حريقًا في رجلٍ يحترق.
*
أنا الآخر، هو أنا وهو أنت.
*
أنا رأيتُ رجلًا يحترق،
رأيت رجلًا يصحو من النّوم ويحترق،
رأيتُ رجلًا يعتني بأزهاره ويحترق،
يغسل ثيابه بأبرد الماء ويحترق،
يكتبُ رسائل طويلةً ويحترق،
رأيتُ رجلًا، يكتب عن السّعادة، ويحترق.
*
يهجم الليل ونحن وحدنا، أنا وأنت.
*
أنا،
رأيتُ،
رجلًا،
يحترق،
أنا،
رأيتُ،
كيف،
أنا،
أحترق،
أنا رأيتك تحترق،
أنا رأيتك، أنت، تحيا، وتحترق.
*
أنا رأيتك وحدتك، وكنت وحدي.
أنا رأيتُ، كيف هذا الليل، يأكلنا فرادى،
هذا الليل يقتلنا فرادى.
*
حرًا من الذكريات ومن انتظار ما سيأتي،
من الخوف، من الحبّ ومن سطوة الرّغبات،
حرًا، ممّا أحببت لو أصيره، ممّا صرته، ممّا لم أصره.
حرًا من اللغات والكلمات.
*
لا تسكت الأصوات.
*
..
..
رأيت رجلًا يحترق،
أنا رأيتُ رجلًا يحترق.
*
أنا رأيت رجلًا يحترق، يمشي ويحترق، يركض ويحترق،
يتوقّف، ينظر تجاهي ويحترق،
يصرخ؛ حنجرته تحترق، يصلُ من صراخه الشديد هسيس بعيد،
كأنه وصراخه، قطعة بلاستيك صغيرة؛ تذوب وتحترق،
والناس، من رائحة احتراقه، تشيح بوجوهها؛ لا يصلها حتى النشيج.
*
هذا الليل يأكلنا فرادى.
*
زرعَتنا الحدائق، الأشجار، النباتات أعطتنا الهواء والرطوبة، ثمّ روّضتنا لتقتلنا، نحن السماد.
*
أنا كلّ ما ليسَ فيَّ، كلّ ما لستُ فيه.
أنا أنت.
*
أنا كلّ ما لم أكنه وكلّ ما لن أكونه، كلّ ما لم أعشه وكلّ ما لن أعيشه، كلّ ما لم أصره وكلّ ما لن أصيره، كلّ ما لم أصبُ إليه وكلّ ما لن أصبو إليه، كلّ ما لا يشبهني وكلّ ما لن يشبهني، كلّ ما لم أختبره وكلّ ما لن أختبره، كلّ ما لم أحلم به وكلّ ما لن أحلم به، كلّ ما لم أفكّر به وكلّ ما لن أفكّر به، كلّ ما لم أخَفهُ، كلّ ما لن أخافه.
*
الزهرة انفجارٌ بطيء، النبت كواكب ببطء تظهرُ وتنفجر وتحترق.
*
أنا كلّ ما كنته وما سأكونه، كلّ ما عشته وما سأعيشه، كل ما صرته وما سأصيره، كلّ ما يشبهني وما سيشبهني، كلّ ما اختبرته وما سأختبره، كلّ ما حلمت به وما سأحلم به، كلّ ما فكّرت به وما سأفكّر به، كلّ ما خفته، وكلّ ما سأخافه.
*
الماء والطّاعون قرب ريف الدّار،
لا الطّفل شرِب ولا مات غرقًا،
عاشَ يتيمًا تنهشه فكرةٌ واحدة،
عمّا يُصيّره سفك النّار بوجه النّار.
*
أنجبتنا الأرض لنصير سمادها، كي تستمرّ، وللمؤقّت المحاصر بوباء الموت، نستمرّ.
*
أنا، أنا رأيت رجلًا يحترق،
يدور، يرقص، ويحترق،
يرخي جسده سقطةً واحدة، كمن فجأةً اصطاده النّوم، ويحترق،
يرفع كلتا يديه، يلوّح، آتيًا وراحلًا، كراقصٍ يدور ويحترق،
رأيت شفتيه، من شدّة اللهيب، تذوب، تصنع ابتسامةً تحترق،
أنا رأيتُ ابتسامةً تحترق.
*
للأشجار تعاريف أخرى للوقت.
*
أنا ما أشعره، ما أعرفه لأنّي أشعره.
*
فجوة الأحلام في كلّ ما كنّاه وما لم نكنه، كلّ ما نحنُ عليه وما لم نصره، أحلامنا التي تحقّقت وتلك الّتي لم تتحقّق.
ما نحبّه يشبهنا أكثر ممّا نعيشه، من نحبّهم يشبهون ما نتخيّله عنهم أكثّر ممّا هم عليه.
*
هذا الليل يقتلنا فرادى.
*
الوعي، الصّحو والضّوء، زنّار خوفٍ في زيّ نحلةٍ هائلة،
الماء في مقلة الطّفل صندوق وقتٍ يسيلُ،
هو لا يعرف كيف هكذا في كلّ يوم؛ يهجم العتم،
هو فقط يخاف، يخاف ويكبر ويحترق.
*
أنا رأيتُ رجلًا يحترق،
رأيتُ ذكريات تحترق،
رأيتُ طفلًا يسكن رجلًا يحترق،
رأيتُ أمًّا ابنها يحترق،
رأيتُ حبيبةً حبيبها يحترق،
رأيتُ صديقًا صديقه يحترق،
رأيتُ أحلامًا تحترق،
رأيتُ آلامًا تحترق،
رأيتُ أسرارًا تحترق،
رأيتُ رجلًا يصيرُ حريقًا، رأيتُ حريقًا في رجلٍ يحترق.
*
أنا الآخر، هو أنا وهو أنت.
*
أنا رأيتُ رجلًا يحترق،
رأيت رجلًا يصحو من النّوم ويحترق،
رأيتُ رجلًا يعتني بأزهاره ويحترق،
يغسل ثيابه بأبرد الماء ويحترق،
يكتبُ رسائل طويلةً ويحترق،
رأيتُ رجلًا، يكتب عن السّعادة، ويحترق.
*
يهجم الليل ونحن وحدنا، أنا وأنت.
*
أنا،
رأيتُ،
رجلًا،
يحترق،
أنا،
رأيتُ،
كيف،
أنا،
أحترق،
أنا رأيتك تحترق،
أنا رأيتك، أنت، تحيا، وتحترق.
*
أنا رأيتك وحدتك، وكنت وحدي.
أنا رأيتُ، كيف هذا الليل، يأكلنا فرادى،
هذا الليل يقتلنا فرادى.
*
حرًا من الذكريات ومن انتظار ما سيأتي،
من الخوف، من الحبّ ومن سطوة الرّغبات،
حرًا، ممّا أحببت لو أصيره، ممّا صرته، ممّا لم أصره.
حرًا من اللغات والكلمات.
*
لا تسكت الأصوات.
*
..