المتنافسون على جائزة "طائر الشمس الفلسطيني" للإنتاج يحكون عن مشاريعهم

2022-11-03 10:00:00

المتنافسون على جائزة

تسعة مشاريع أفلام روائية قصيرة لصنّاع أفلام فلسطينيين أو أفلام يتعلق موضوعها بفلسطين، وهي: «شادر» من إخراج عايدة قعدان، «دائماً جاهز للفحص» من إخراج اسماعيل الهباش، «قرار» من إخراج أحمد صالح، «دي جي المناطق» من إخراج محمد أبو غيث، «مش ماتش» من إخراج فاطمة رشا شحادة، «سينما مونامور» من إخراج إبراهيم حنضل، «العلم» من إخراج مشعل قواسمي، «كنتاكي غزة» من إخراج عمر رمال، و«عيون برية» من إخراج سعيد زاغة. 

تنطلق في فلسطين، في الفترة ما بين الأول والسابع من شهر تشرين الثاني/ نوفمبر المُقبل، فعاليات الدورة التاسعة من مهرجان "أيام فلسطين السينمائية الدولي"، الذي تنظمه مؤسسة "فيلم لاب: فلسطين" كمهرجان سينمائي سنوي يستمر لمدة أسبوع. ومن ضمن فعاليات المهرجان مسابقة "طائر الشمس الفلسطيني" في نسختها السادسة، بفئاتها الثلاث: الوثائقية الطويلة، والأفلام القصيرة، والمشاريع قيد الإنتاج، ويتنافس ضمن الفئة الأخيرة (المشاريع قيد الإنتاج) تسعة مشاريع أفلام روائية قصيرة لصنّاع أفلام فلسطينيين أو أفلام يتعلق موضوعها بفلسطين، وهي: «شادر» من إخراج عايدة قعدان، «دائماً جاهز للفحص» من إخراج اسماعيل الهباش، «قرار» من إخراج أحمد صالح، «دي جي المناطق» من إخراج محمد أبو غيث، «مش ماتش» من إخراج فاطمة رشا شحادة، «سينما مونامور» من إخراج إبراهيم حنضل، «العلم» من إخراج مشعل قواسمي، «كنتاكي غزة» من إخراج عمر رمال، و«عيون برية» من إخراج سعيد زاغة. 

"رمان الثقافية" التقت عدداً من المخرجات والمخرجين الشباب الذين تتنافس مشاريعهم في هذه الفئة من مسابقات المهرجان الثلاث، للحديث عن الخطوة الأولى برحلتهم مع هذا الفيلم، وعن موضوعه وسبب اختيارهم لهذا الموضوع؟
 

البداية، كانت مع المخرجة وكاتبة السيناريو عايدة قعدان صاحبة فيلم «شادر»، فأجابتنا: "عندما استقبلت خبر اختيار الفيلم ضمن القائمة القصيرة، أبقيت الموضوع سراً عن أغلب المحيطين بي، لكن بعد أن تلقيت خبر التأهل للمسابقة النهائية سمحت لنفسي بالفرح، وتصديق الأمر بالكامل. هذا الفيلم يأتي بعد خمسة أعوام من بعد إنتاج فيلمي القصير الأول «فراولة»، أعترف أنني خلال هذه الخمسة أعوام بحثت مطولاً عن فكرة لفيلم؛ فكرة أشعرها تكونني وأكونها حتى ينتج فيلم صادق يمسّ الجميع. لكن جميع محاولاتي بائت بالفشل، ببساطة لأني حاولت، وبحثت! فالأفكار الأقرب لنا، تأتي من حيث لا ندري، ونحن بأقل جهوزية. وهكذا حصل، جاءتني الفكرة بطريقة عفوية ومفاجئة، بينما تواجدت في عرس قريب لي.

فيلم «شادر» كما ذكرت أعلاه مستوحى من أحداث واقعية حدثت أمامي في حفل حناء عريس في باقة الغربية صيف عام ٢٠٢٢. لقد ترعرعت في المثلث الشمالي لفلسطين، في قرية تحوّلت فيما بعد لمدينة، يغلب عليها الطابع الفلاحي. مع الوقت تحوّلت قريتي لمدينة تجارية كبيرة، إلّا أنها ما زالت تتسّم بنبرتها المحافظة، بالرغم من رياح العولمة والحضارة التي أتى بها الجيل الجديد. هذا الصراع، بين المحافظة والتقدّم يبرز بكثرة خلال حفلات الزفاف التي ما زالت تحافظ على طابعها الفلاحي. 

لطالما كان الفصل بين النساء والرجال في الأعراس لدينا أمراً شائعاً، ولكن ليس إلى هذا الحد الذي شهدناه في حفل قريبي، خاصة وأننا نتحدث عن حفل حناء، المعدّ أساساً لنساء العائلة. عند وصولنا إلى المكان، شعرنا بالصدمة والإذلال الشديد من وجود حاجز على شكل شادر أخضر، وشعرنا وكأنه حقيقة جدار فصل عنصري، الموسيقى كانت صاخبة جداً، لكن لم يكن هناك شيئاً لنراه! وكأنه قيل لنا إنه مُتوقْع منا أن نجلس ونحدّق في الشادر أو الجدار، وأن نكون سعيدات حيال ذلك. 

الأمر الأساسي الذي دفعني لصنع هذا الفيلم هو تجسيد دوامة الأحاسيس والأفكار التي سادت قسم النساء وراء الشادر الأخضر، بالوقت الذي رقص وقفز وفرح فيه الرجال. أودّ أن أصنع هذا الفيلم، حتى يشاهده الجميع بنبرة كوميدية خفيفة قريبة من الناس، الهدف منه هو عكس ما يدور بأذهان النساء اللواتي تجهّزن لساعات طويلة، إلى أن يتضّح بالنهاية أنه لا مكان لهنّ في الفرح. لماذا يُتوقع منا ارتداء ملابس جميلة باهظة الثمن في حفل زفاف حيث نجلس ونحدق ببعضنا البعض، أو أسوأ في شاشات هواتفنا؟ كيف لهذا أن يكون هو تعريف الاحتفال؟ الفرح؟"
 


فيما أجابنا المخرج أحمد صالح صاحب فيلم «قرار»، قائلاً: "في البداية، أنا سعيد جداً باختيار فيلمي ليكون ضمن الأفلام المتنافسة على جائزة "طائر الشمس للإنتاج"، ضمن مهرجان "أيام فلسطين السينمائية"، الذي ينظمه "فيلم لاب: فلسطين" في نسخته التاسعة، كون المهرجان هو من أهم الأحداث السينمائية التي تحدث في فلسطين، وهو بمثابة محاولة لخلق دافع إبداعي لدى صنّاع الأفلام خصوصاً في ظل شُح الجهات المانحة المحلية.

بالنسبة لي من خلال تحقيق الأفلام أحاول عكس الواقع الذي نعايشه في المخيم دونما تجميل أو تزوير، وإبراز المشاكل التي نعاني منها بشكل عام، والتي واجهتني بشكل خاص ومباشر، محاولاً إظهار هذه المشاكل في قالب قصصي إنساني يهتم بأدق التفاصيل، في انسياب مكاني وزماني كفيل بجعل المُشاهد يرى المَشاهد والقصص التي أمر بها، ويعيش أحداثها بالصورة التي يتم بناؤها في الأفلام التي أقوم بتنفيذها. من هنا بدأت رحلتي مع «قرار» وهو فيلم مقتبس من عدة قصص تلخص بكل تفاصيلها الضاغطة والمؤسفة والقاسية معنى أن يعيش الإنسان بلا هوية خاصة في فلسطين، وأن يبقى مهدداً طوال الوقت بوجوده وتحركه وفي الكثير من التفاصيل التي روتها لي عدد من النساء اللواتي قابلتهنّ ومن ضمنهنّ والدتي، حول هذا التحدي الذي يعايشونه بشكل يومي، وتأثيراته على التفكك الأسري والاجتماعي الذي قد يولده مع مرور الوقت دونما الوصول إلى حل، خاصة أنّ الاحتلال لا ينثر لنا الورد في طريق تحصيل حقوقنا المسلوبة من دون وجه حق.
 


من جهته، حدثنا المخرج محمد أبو غيث المقيم في العاصمة الألمانية برلين، عن أنه يشارك في هذا المهرجان بفيلمين هما «دي جي المناطق»، ضمن فئة الإنتاج للمسابقة، وكذلك بفيلمه الوثائقي الطويل الأول «سائقو الشيطان»، الذي اختير مع أربعة أفلام أخرى من فلسطين، من ضمن 11 فيلماً قدمت طلباتها لفئة "الأفلام الوثائقية الطويلة" هذا العام.

صاحب «دي جي المناطق»، والذي آثر أن يكون حديثه مع "رمان الثقافية" حوله، فقال: "سررت جداً لأنّ فيلم «سائقو الشيطان» سيعرض في فلسطين، لأنه عرض العام الماضي في شهر أيلول/ سبتمبر في مهرجان تورنتو بكندا كأول عرض للفيلم في العالم، وكتبت عنه -حينها- أشهر الصحف والمجلات المتخصصة بالفن السابع مثل مجلة "هوليوود ريبورتر" وغيرها صحف ومجلات لوس أنجلوس. وبعد ستة أشهر، أي في آذار/ مارس 2022 عرض في الدورة الرابعة والعشرين لمهرجان "تسالونيك الدولي للسينما الوثائقية"، وفاز بجائزة "لجنة التحكيم الخاصة"، وكنت أحب أن يعرض في بلدي، والآن أنا سعيد جداً لأنه سيعرض خلال أيام المهرجان، وهذه المسابقة تشرفني حقيقة وما يهمني بالدرجة الأولى هو أن يراه أهلي وأصدقائي في صالات العرض بفلسطين. وأضاف أبو غيث: هذا الفيلم، هو أول فيلم وثائقي طويل لي، وهو يتحدث عما تعرضت له مثل غيري من الشباب الفلسطينيين في البلاد، ألا وهو أن يبنى جدار يمنعنا من التحرك والذهاب لأي منطقة داخل فلسطين المحتلة، ونظراً لمعايشتي هذا الواقع المأساوي قررت أن أشتغل فيلم عن هذه الحالة (الجدار)، وكان القرار أن أعمل على فيلمين الأول عن الطيور المهاجرة التي صارت تأتي ولم تعد تجد مكاناً لها. والفيلم الثاني «سائقو الشيطان» تناولت فيه موضوع مهربي العمال الذين لا يملكون تصريحاً للعمل داخل إسرائيل، وهذا الفيلم حظي بالتمويل أكثر وحدثت ظروف خاصة به جعلتني أكمل العمل عليه أولاً، فبدأت مرحلة التصوير بداية من عام 2012 وحتى العام 2018 كأول فيلم وثائقي أحققه، وفي برلين من العام 2018 ولغاية عام 2020 قمت بعملية المونتاج، وتم العرض الأول له في الشهر التاسع من العام مهرجان تورنتو.

بدوره، قال المخرج وكاتب السيناريو اسماعيل الهباش صاحب فيلم «دائماً جاهز للفحص» لمجلة "رمان الثقافية": "أكيد استقبلت خبر اختيار مشروعي بسرور لأنّ هذا يعني أنّ هناك من يشاركك الرأي أنّ المشروع يستحق التقدير، وعندما قرأت أسماء بقية المشاركين وعناوين مشاريعهم شعرت أنها جميعاً تستحق الفوز، وتمنيت لو أنّ المهرجان يستطيع أن يدعم عدد أكبر من المشاريع في السنوات القادمة.   

موضوع الفيلم عن الوضع القانوني الخاص بالفلسطينيين في القدس، والذي تم تصميمه للدفع بهم خارج المدينة، الستة والستين ألف فلسطيني الذين يعيشون في مدينة القدس تم منحهم إقامة مؤقتة، وعليهم أن يثبتوا دائماً أنّ القدس هي مركز حياتهم، وهذا يعني أنهم يمتلكون أو مستأجرين لبيت وعليهم أن يثبتوا أنهم دفعوا ضرائبهم لدولة إسرائيل، وأنهم يعيشون جسدياً في المدينة، وقد يكون عدم وجود خبز أو حليب في الثلاجة دليل على أنّ القدس ليست مركز حياتهم ويتم سحب هويتهم وطردهم، شعرت بالصدمة من هذا القانون العنصري عندما استمعت لمحاضرة على "اليوتيوب" عن الموضوع، وأجريت عدة لقاءات مع بعض الذين تم فحص بيوتهم من قبل موظفين في الداخلية الإسرائيلية الذين يحاولون إثبات أنّ سكان البيت لا يعيشون فيه  رغم وجودهم وفتحهم الباب لموظفي وزارة الداخلية، الذين يحضرون دون سابق إنذار! بعد ذلك قمت بكتابة المعالجة والسيناريو، حالياً المشروع في مرحلة ما قبل الإنتاج، ومؤسسة "فيلم لاب: فلسطين" أول عنوان أتقدّم له في رحلة البحث عن تمويل، والتي أتمنى أن لا تكون طويلة.     
 


أما المخرجة الفلسطينية فاطمة رشا شحادة صاحبة فيلم «مش ماتش»، فبينت لنا أنها تلقت خبر اختيار مشروع فيلمها «مش ماتش» هي ومنتجيه بكل حماس، وأضافت: خصوصاً أنّ المشروع دخل بآخر مراحل التطوير وصار جاهز للتصوير. أما شخصياً، يفرحني كثيراً أنّ الفيلم ممكن يحصل على أولى منح الإنتاج من فلسطين.

الفيلم يحكي قصة شاب فلسطيني يعيش في مخيم ضبيه للاجئين الفلسطينيين في بيروت؛ سئم الضغط الاجتماعي الذي يمارس عليه من قبل مجتمعه، أسرته، أصدقاءه ورجال الدين، فيتسلّل ذات يوم إلى موعد غرامي، حصل عليه عبر موقع "تيندر" للتعارف، في مار مخايل. فيواجه في طريقه عقبات كثيرة ومواقف محرجة فقط لكونه فلسطينياً.

الفيلم كوميديا سوداء، مستوحى من عدة تجارب ومواقف حصلت معي ومع أصدقاء فلسطينيين، ولدوا ويعيشون في لبنان، ويتعرضون يوميا إلى الكثير من الأحكام المسبقة بسبب تاريخ الوجود الفلسطيني في لبنان. فكان لا بد من هذا الفيلم الذي لا ينتقد، بل يعرض مشاهد من رحلة هذا الشاب عندما قرر يذهب للقاء الفتاة التي واعدها عبر موقع "تيندر"، ونعيش معه تفاصيل ما يحدث معه في الطريق أثناء ذهابه لموعده، تاركين للمشاهد الحكم وفهم ما يجري من تصرفات مبنية على ماضي الحرب اللبنانية والواقع الفلسطيني المعاش هنا.

جدير بالذكر؛ أنّ قيمة الجائزة للمشروع الفائز بمسابقة "طائر الشمس الفلسطيني" للإنتاج، تبلغ عشرة آلاف دولار، بالإضافة إلى دعم عيني بقيمة ستة آلاف دولار يشمل أجهزة التصوير والصوت وخدمات ما بعد الإنتاج. وستعلن النتائج في الحفل الختامي للمهرجان يوم الإثنين الموافق 7 تشرين الثاني/ نوفمبر، في قصر رام الله الثقافي.