ودّعتُ ميّ أمام مدخل المغادِرين في محطة أوسترليتز، على مبعدة خطوات من أشجار البتولا التسع التي ترفرف أوراقها على ضفة السين كفراشات فضيةِ الأجنحة يطعنها النسيم بإبرٍ لا نراها، فلا تستطيع التحليق عن الغصون مهما علا الألم، إلا إذا حانت ساعتها وحملتها الريح، ولا كلمات عندها سوى الصمت والحفيف الهادئ كتمتماتٍ في الظلّ، بعدما تبدّدت أطنان الغيم فوق باريس لتصفو السماء في ذروة الصيف نقيةً كاليُتْم زرقاءَ كالفقدان.