من الفيلم
سوريا لا تستحق كل هذا، لا تستحق سلاحاً آخر يصوب نحوها على شكل فيلم، القصة لم تنته بعد، كي يتم الحديث عنها درامياً، القصة ما زالت مستمرة، وما زال الصراع قائماً، عندما بدأت تظهر أفلام عن النازيين كانت الحرب العالمية الثانية قد انتهت، ولا أعتقد أن أي إنسان يمكن أن يحتمل فكرة أن يظهر النازي كصاحب قضية، وهذا ما يجب أن يكون عند الحديث عن دور الجيش السوري، جيش الدفاع عن نظام الأسد
شكراً جود سعيد… لأنك من غير قصد نقلت الحقيقة الكاملة، منذ أول مشهد في فيلمك «مطر حمص» لمدينة حمص ودمارها، لكنك لم تتنبه على ما يبدو أن الدمار الكامل هذا لن تقوى عليه رصاصة قناص أو مدفعية هاون، أنه دمار من فوق، من براميل الجيش السوري، خجلت أن تحكيها، ومن طائرات روسية لم تمر حتى على ذكرها.
تبدأ أحداث الفيلم بنص مكتوب يؤكد على أن الأحداث تعود إلى عام 2014، في مدينة حمص القديمة، ويحكي أنه ليس بصدد توثيق الحكايات لكنه سيروي حكاية متخيلة بشخوص افتراضية، تستند على أحداث واقعية أكثر قسوة من الخيال، لينتقل المشهد إلى صورة كاملة لمدينة حمص المدمرة، ويخرج صوت البطل يوسف الذي أدى دوره محمد الأحمد وهو يلقن الشخصية الثانية الرئيسية، لارا، والتي أدت دورها لمى الحكيم، ما حدث فعلاً في حمص حسب ما رآه وعايشه، يتحدث فيه عن زهور الأم والبلكونة، والجدة، والأب.
لتعيش بعدها مشاهد متتالية لسكان حمص وهم يحملون ما يقدرون حمله في محاولة منهم مغادرة المدينة بعد سيطرة التكفيريين على المدينة حسب رواية الفيلم ، لتتعرف على الشخصيات العابرة فيه، أظرفهم كان رجل الساعة الذي احتمى بها بعد أن غدر التكفيريون بقرار الهدنة وقتلوا كل من يتحرك على الأرض، حتى رجل الساعة، وظل في حمص يوسف ويارا والخوري وطفلان، كشخصيات رئيسية تتصادف مع شخصيات تظهر لاحقاً في محاولة منهم جميعاً لمواجهة الصعاب والبقاء على قيد الحياة.
لم يدرك جود سعيد أن فيلمه موجع أكثر من وجع الموت، موجع لأن الأحياء سيشاهدونه وستعيد لهم الذكرى لما تجاهله هو، حتى لو ادعى أن الشخصيات من نسج الخيال، فالسينما إذا لم تكن منحازة إلى مشاعر البشر فهي لن تكون سوى سلاح آخر يصوب نحوهم.
ثمة جمال حاضر في شخصيات جود سعيد عذبة حتى لو ظهر غالبيتهم وقد مسهم الجنون. حاول على ما يبدو أن ينقل خطابين بين موال ومعارض، بين يوسف ويارا. لذلك شكراً جود سعيد مرة أخرى على فيلم أراد أن يثبت وجهة نظر النظام المجرمة فقط واستطعت تكريسها بحرفية صدقاً من خلال المشهد الذي جمع الأضداد سابقاً قبل أن يصبحا عاشقين في حد فاصل بين غرفتين، هو خطاب انتصر لبسطار الجيش السوري على حساب صوت حمل جثته بين يديه ونادى للكرامة.
جود سعيد صنع فيلماً سينمائياً متكامل العناصر، والتخبط بين المشاهد من الممكن عدم ملاحظته مع خلفية دمار مدينة كل تهمتها أنها أرادت أن تعيش، مدينة لم يدمرها أبو عبد الله فقط، الذي جسد دوره جود سعيد بطريقة مضحكة فعلاً -نصيحة بأن تظل خلف الكاميرا وليس أمامها- هي مدينة دمرها تعنت النظام الذي جعل وجوده مبنياً على الطائفية، وعلى ذكر الطائفية، فقد لعبها سعيد بذكاء، بالرغم من ادعائه بمدنيته، لكنه أظهر رجل ديني يحمل الصليب وهو المسالم في كل المعادلة وكانت شخصيته رئيسية ومحركة، ليس لشيء بل ليزغزغ مشاعر الغرب على ما يبدو إذا ما كانوا من المشاهدين، وبالنسبة للوجوه الغريبة التي اجتاحت المدينة -غريبة الشكل- فهل ملامح عناصر الجيش الإيراني والجيش الروسي تشبه الإنسان السوري بحيث لا يُعتبروا غرباء؟ أين هم من الفيلم؟
كان عليك، جود سعيد، كمخرج وككاتب سيناريو أن تراجع الفيديوهات التي أنتجها أهالي حمص وقت الحصار، حمص التي لم تتوقف لحظة عن بث النكات ورسم الضحك على وجوهنا بالرغم من القهر والجوع والحصار، فيديوهات السخرية من الأسد وبراميله ورجاله وكل ما يمت إليه بصلة، تلك الشاهدة على كل ما حدث، ولست أنت من جاء إليها محملاً بمعداته ليصور نسجاً من الخيال، صورتها وهي على هذا الشكل لتقول للعالم أن من دمرها هم التكفيريون، هذه الذريعة التي باتت مضحكة في ظل كل ما يتم نشره من حقائق، إذا ما أصبحت حمص في يد التكفريين فهي هدية من نظام الأسد له كي يستمر ويساهم في بقائه أكثر.
وفي مشاهد اقناع يوسف ليارا بأن خيارها في التظاهر ضد الدولة كان خاطئاً، ويأتي بأمثلة ما فعله التكفيريون بالسوريين، يجب شكره مره أخرى لأنه ذكر عدم قدرة يوسف على فعل اي شيء وهو يرى امرأة يبقر بطنها التكفيريون، وهو عاجز عن الحراك، شكراً لأنه أعاد إلى أذهاننا صورة الطفل حمزة الخطيب وأعضائه التي قطعها جيش النظام، وأعدت أيضاً صورة حنجرة القاشوش وهي منتزعة من عناصر تابعة للنظام أيضاً، من حلقه، وكل جريمته أنه كان يغني حرية وبس.
سوريا لا تستحق كل هذا، لا تستحق سلاحاً آخر يصوب نحوها على شكل فيلم، القصة لم تنته بعد، كي يتم الحديث عنها درامياً، القصة ما زالت مستمرة، وما زال الصراع قائماً، عندما بدأت تظهر أفلام عن النازيين كانت الحرب العالمية الثانية قد انتهت، ولا أعتقد أن أي إنسان يمكن أن يحتمل فكرة أن يظهر النازي كصاحب قضية، وهذا ما يجب أن يكون عند الحديث عن دور الجيش السوري، جيش الدفاع عن نظام الأسد
تبدأ أحداث الفيلم بنص مكتوب يؤكد على أن الأحداث تعود إلى عام 2014، في مدينة حمص القديمة، ويحكي أنه ليس بصدد توثيق الحكايات لكنه سيروي حكاية متخيلة بشخوص افتراضية، تستند على أحداث واقعية أكثر قسوة من الخيال، لينتقل المشهد إلى صورة كاملة لمدينة حمص المدمرة، ويخرج صوت البطل يوسف الذي أدى دوره محمد الأحمد وهو يلقن الشخصية الثانية الرئيسية، لارا، والتي أدت دورها لمى الحكيم، ما حدث فعلاً في حمص حسب ما رآه وعايشه، يتحدث فيه عن زهور الأم والبلكونة، والجدة، والأب.
لتعيش بعدها مشاهد متتالية لسكان حمص وهم يحملون ما يقدرون حمله في محاولة منهم مغادرة المدينة بعد سيطرة التكفيريين على المدينة حسب رواية الفيلم ، لتتعرف على الشخصيات العابرة فيه، أظرفهم كان رجل الساعة الذي احتمى بها بعد أن غدر التكفيريون بقرار الهدنة وقتلوا كل من يتحرك على الأرض، حتى رجل الساعة، وظل في حمص يوسف ويارا والخوري وطفلان، كشخصيات رئيسية تتصادف مع شخصيات تظهر لاحقاً في محاولة منهم جميعاً لمواجهة الصعاب والبقاء على قيد الحياة.
لم يدرك جود سعيد أن فيلمه موجع أكثر من وجع الموت، موجع لأن الأحياء سيشاهدونه وستعيد لهم الذكرى لما تجاهله هو، حتى لو ادعى أن الشخصيات من نسج الخيال، فالسينما إذا لم تكن منحازة إلى مشاعر البشر فهي لن تكون سوى سلاح آخر يصوب نحوهم.
ثمة جمال حاضر في شخصيات جود سعيد عذبة حتى لو ظهر غالبيتهم وقد مسهم الجنون. حاول على ما يبدو أن ينقل خطابين بين موال ومعارض، بين يوسف ويارا. لذلك شكراً جود سعيد مرة أخرى على فيلم أراد أن يثبت وجهة نظر النظام المجرمة فقط واستطعت تكريسها بحرفية صدقاً من خلال المشهد الذي جمع الأضداد سابقاً قبل أن يصبحا عاشقين في حد فاصل بين غرفتين، هو خطاب انتصر لبسطار الجيش السوري على حساب صوت حمل جثته بين يديه ونادى للكرامة.
جود سعيد صنع فيلماً سينمائياً متكامل العناصر، والتخبط بين المشاهد من الممكن عدم ملاحظته مع خلفية دمار مدينة كل تهمتها أنها أرادت أن تعيش، مدينة لم يدمرها أبو عبد الله فقط، الذي جسد دوره جود سعيد بطريقة مضحكة فعلاً -نصيحة بأن تظل خلف الكاميرا وليس أمامها- هي مدينة دمرها تعنت النظام الذي جعل وجوده مبنياً على الطائفية، وعلى ذكر الطائفية، فقد لعبها سعيد بذكاء، بالرغم من ادعائه بمدنيته، لكنه أظهر رجل ديني يحمل الصليب وهو المسالم في كل المعادلة وكانت شخصيته رئيسية ومحركة، ليس لشيء بل ليزغزغ مشاعر الغرب على ما يبدو إذا ما كانوا من المشاهدين، وبالنسبة للوجوه الغريبة التي اجتاحت المدينة -غريبة الشكل- فهل ملامح عناصر الجيش الإيراني والجيش الروسي تشبه الإنسان السوري بحيث لا يُعتبروا غرباء؟ أين هم من الفيلم؟
كان عليك، جود سعيد، كمخرج وككاتب سيناريو أن تراجع الفيديوهات التي أنتجها أهالي حمص وقت الحصار، حمص التي لم تتوقف لحظة عن بث النكات ورسم الضحك على وجوهنا بالرغم من القهر والجوع والحصار، فيديوهات السخرية من الأسد وبراميله ورجاله وكل ما يمت إليه بصلة، تلك الشاهدة على كل ما حدث، ولست أنت من جاء إليها محملاً بمعداته ليصور نسجاً من الخيال، صورتها وهي على هذا الشكل لتقول للعالم أن من دمرها هم التكفيريون، هذه الذريعة التي باتت مضحكة في ظل كل ما يتم نشره من حقائق، إذا ما أصبحت حمص في يد التكفريين فهي هدية من نظام الأسد له كي يستمر ويساهم في بقائه أكثر.
وفي مشاهد اقناع يوسف ليارا بأن خيارها في التظاهر ضد الدولة كان خاطئاً، ويأتي بأمثلة ما فعله التكفيريون بالسوريين، يجب شكره مره أخرى لأنه ذكر عدم قدرة يوسف على فعل اي شيء وهو يرى امرأة يبقر بطنها التكفيريون، وهو عاجز عن الحراك، شكراً لأنه أعاد إلى أذهاننا صورة الطفل حمزة الخطيب وأعضائه التي قطعها جيش النظام، وأعدت أيضاً صورة حنجرة القاشوش وهي منتزعة من عناصر تابعة للنظام أيضاً، من حلقه، وكل جريمته أنه كان يغني حرية وبس.
سوريا لا تستحق كل هذا، لا تستحق سلاحاً آخر يصوب نحوها على شكل فيلم، القصة لم تنته بعد، كي يتم الحديث عنها درامياً، القصة ما زالت مستمرة، وما زال الصراع قائماً، عندما بدأت تظهر أفلام عن النازيين كانت الحرب العالمية الثانية قد انتهت، ولا أعتقد أن أي إنسان يمكن أن يحتمل فكرة أن يظهر النازي كصاحب قضية، وهذا ما يجب أن يكون عند الحديث عن دور الجيش السوري، جيش الدفاع عن نظام الأسد