سيتم افتتاح معرض «كارتون على الإسفلت» للفنان الفلسطيني السوري هاني عبّاس في ١١ نوفمبر، ليستمر إلى ١٢ فبراير ٢٠١٧، بتنظيم من مؤسسة APCd في مدينة فريبورغ السويسرية، وهو المعرض الأول من نوعه عالمياً حيث يكون الإسفلت قماشاً للرّسم. ننشر هنا التقديم الذي كتبه هاني عباس للمعرض، إضافة إلى صور، وڤيدو يوضّح طريقة الشغل، على أن ننشر خلال أيام مقابلة معه حول المعرض والأعمال.
التقاط الفكرة من الطريق… كارتون على الإسفلت…
قبل ثلاثة أعوام… كانت الصدفة التي قادتني للمشي في إحدى قرى مدينة فريبورغ السويسرية…
هذه الطرق الفرعية المكملة لطريق اللجوء الطويل… حين انتبهت في اللحظة الأخيرة أنني كنت سأدوس على شخص أصفر اللون مستلق بهدوء على الرصيف ويمسك ابنه الصغير بيده…
ابتعدت قليلاً وتابعت سيري…
إلا أن السؤال الذي ظل يتردد في رأسي هو سبب اتخاذي لهذا القرار السريع بعدم الدوس على هذا الشخص الأصفر… الجماد… الصورة.
ما الذي دفعني لأعتقد للحظة أنني قد أسبب أذية له إن دست عليه! هل له روح مثلنا؟
هنا بدأت تراودني فكرة استخدام هذه الأيقونات الصفراء في تصميم فني…
وككل الأوقات التي مررنا بها خلال الخمس سنوات الماضية… كان مشهد القتل والقصف اليومي في سوريا ملازماً لنا… فرسمت وقتها هذا الشخص الأصفر وهو يحمل ابنته الصغيرة المدماة ويركض هرباً من قصف الطائرات… وأصبح هذا التصميم بوستراً لمعرض لاحق لي بعد فترة من ذلك الوقت…
غاب هذا الموضوع عن ذهني لفترة… إلا أنه عاد من جديد على شكل فكرة جديدة… ماذا لو أعدت طباعة الفكرة على إسفلت طبيعي!
هذه الفكرة… الهاجس ظلت تلازمني منذ سنة ونصف… أسير على الطرقات مهووساً بالألوان الصفراء المطبوعة على الإسفلت… أقترب من الأرض وأتلمس الإسفلت…
أذهب إلى أحد مصانع الإسفلت لمحاولة استخلاص طريقة يمكننا فيها صب قوالب إسفلتية ضمن إطارات… وتتبلور الفكرة التي مفادها أنني أريد نقل هذه الأيقونات الصفراء من الأرض وأعلقها على الجدار… لم يكن الأمر سهلاً نظراً لطبيعة الخامة وصعوبة تصنيعها في محترف أو معمل صغير… هنا بدأت أبحث عن الحلول… تلوين الحصى باللون الأسود ودمجها بأنواع من الغراء وصبها في قوالب وتطبيق لوني بألوان الأكريليك شبيه بشكل الإسفلت الطبيعي… إلا أن هذه المحاولات جميعها قد فشلت… وكان لا بد من استخدام المادة نفسها… الإسفلت الطبيعي المصنع بنفس طريقة تعبيد الشوارع… مر بعدها وقت طويل من التجارب والإحباطات… إلا أن هنالك شيئاً ما في داخلي دفعني للاستمرار في البحث… لأجد أخيراً الإسفلت الطبيعي الذي أستطيع من خلاله تنفيذ فكرتي التي تحولت إلى مشروع كامل يحتاج فقط إلى استديو كبير لتنفيذه… ولأنني لا أملك حتى مكتب أرسم به فقد تواصلت مع صديق يعمل في مؤسسة فنية في فريبورغ وهي مؤسسة APCd وعرضت عليه المشروع… وكانت الموافقة فورية بتقديم مكان للعمل والتنفيذ ومكان لإقامة المعرض…
الفكرة الأعمق في هذا العمل الفني هي أننا نرفع هؤلاء الأشخاص ذوي اللون الأصفر من على الطريق أو الأرض… نرفعهم إلى الجدار ويتحولون إلى عمل فني له قيمته الدلالية أيضاً…
إنهم أشخاص يشبهوننا….
الشبه الكبير بين حياتنا بتفاصيلها و”حياة” الأيقونات البشرية الصفراء على الطرقات… يمكن أن يكونوا “مدعوسين” مثلنا أو أننا مدعوسون مثلهم… لا فرق…! وأيضاً ربما تجد منهم من تشبه الموناليزا… أو شخص يشبه تمثال الرجل المفكر… أحدهم كان يعترض دبابة صفراء أيضاً!
ستكون هنالك طرق لمراكب اللاجئين… ومدمني الآيفون…!
لصياغة فكرة الشبه الكبير بيننا وبينهم قمت باستخدام مرآة مستديرة ووضعتها مكان وجه أحد الأيقونات الصفراء… بحيث سيشاهد الشخص الذي يقف أمام هذه اللوحة صورته في المرآة ولكن سيكون جسمه هو جسم الأيقونة الصفراء… نعم… نحن نشبههم… أو هم يشبهوننا لا فرق…
صورتان من الافتتاح الخاص بالصحافة والإعلام صباح اليوم الثلاثاء، الافتتاح للجمهور سيكون في ١١ من هذا الشهر