أسوَة بأيّوبِ
رَبّي، رَبّي،
مُنذُ القِدَمِ إِلَيكَ صَرَختُ
في لَظى الشَّمسِ،
وَبُرودَةِ القَمَرِ،
بَحَثَت عَنكَ صَرَخاتي في أَرجاءِ السَّمَواتِ.
يا إِلهي
ما كان دِثاري سِوى قَطَراتِ نَدىً،
وَالخُرَقُ والعِظامُ
كانَت كُلَّ مَؤونَتي.
عِندَها هَتَفتُ باسمِكَ
أسوَةً بِأَيّوبِ.
أَيُّها الآبُ، أَيُّها الآبُ،
بِكُلِّ الفَرَحِ أَهَبُكَ حَياتي
أَنهارٌ جارِيَةٌ تَتَقَدَّمُني
جِبالٌ شاهِقَةٌ تَعلوا فَوقي
وإلى غَيرِ حُبِّكَ لا تَشتاقُ روحي
احتَشَدَت حَولِيَ مَخاوِفي كَذِئابٍ في الظُّلمَةِ
أَتُراكَ نَسَيتَ اسمي؟
تَعالَ يا رَبُّ إِلى طِفلَتِكَ.
وَلا تَنسَني يا رَبّ.
قُلتَ عَلى ذِراعِيَ اتَّكِئوا
وَها أَنَذا اتَّكَأتُ
قُلتَ بِمَحَبَّتي ثِقوا
وَها أَنَذا وَثَقتُ
قُلتَ ادعونِيَ بِاسمي
وَها أَنَذا دَعَوتُ
وَعَلى كَلِمَتِكَ اتَّكَلتُ.
قُلتَ أَنَّكَ سَتَذوذُ عَنّي،
يا مُخَلِّصِيَ المَجيدَ الوَحيد
سَوسَنَتي الجَميلَةِ في الأَودَيَةِ،
وَعَلى كَلِمَتِكَ اتَّكَلتُ
فَرَحٌ، فَرَحٌ
كَلِمَتُكَ.
فَرَحٌ، فَرَحٌ
كَلِمَتُكَ العَجيبةُ يا ابنَ الله.
قُلتَ إِلى الأَمجادِ أَنتَ آخِذُني
وَعَلى مائِدَةِ التِّرحابِ تُجلِسُني
في السَّماءِ مَعَ أُمّي أَبتَهِجُ
وَعَلى كَلِمَتِكَ اتَّكَلتُ.
في الأَزِقَّةِ
في الحارات الضَّيِّقَةِ
في الشَّوارِعِ
في الطُّرُقاتِ
وَعَلى الطُّرُقِ السَّريعَةِ
أجتازُعَن دُعاةِ الفِتنَةِ
وَمُتَسَكِّعي اللَّيالي،
وَمِن دُعاةِ الكَذِبِ وَالغِشِّ وَالقِمارِ
عَلى كَلِمَتِكَ
عَلى كَلِمَتِكَ.
كَلِمَتُكَ العَجيبةُ يا ابنَ الله
عَلى كَلِمَتِكَ اتَّكَلتُ.
شكرا لكَ، ياربُّ
أراكَ
بشرةً داكنةً،
شعراً إفريقيّاً مجعّداً،
شفاهً غليظةً،
ولحيةً صغيرةً،
مِثلَ مالكولم،
أو مارتن،
أو دو بويز.
خِدمةُ يومِ الأحدِ تكونُ أجملَ إذا كنتَ أسوداً،
ولستُ مضطراً أن أشرحَ لماذا
كنتُ أتسكَّعُ وسطَ المدينةِ،
ليلةَ السبتِ.
شكراً لكَ يا ربُّ.
أريدُ أن أشكرَكَ يا ربُّ
من أجلِ الحياة، وكلِّ ما فيها.
أشكركَ من أجلِ اليومِ
ومن أجلِ الساعةِ وكلّ دقيقةٍ.
أعلمُ أنَّ الكثيرينَ قد رحلوا،
لكنّني ما زلتُ على قيدِ الحياةِ،
أريدُ أن أشكركَ.
اللّيلة الماضية ذهبتُ للنّومِ
ونهضتُ عندَ الفجرِ،
وأعلمُ أنَّ هناكَ آخرونَ
ما زالوا راقدين،
وقد ذهبوا بعيداً،
لكنّكَ سمحتَ لي بالبقاءِ.
أريدُ أن أشكركَ.
بعضُهم يفكِّرُ لأنهم رأوا شروقَ الشمسِ
سيرونها تشرقُ مجدداً.
لكنَ الموتَ تسلّلَ إلى أسِرّة نومِهم
وانقضَّ عليهم بيدهِ.
بسببِ رحمتكَ،
لدي يومٌ آخر أعيشهُ.
دعني أقولُ بتواضعٍ،
شكرا لهذا اليوم
أريدُ أن أشكركَ.
ذات مرّة كنتُ أمرأ خاطئاً،
أعيشُ شرساً وغيرَ مُخَلّصٍ،
أقتنصُ فُرَصي في عالمٍ خطيرٍ،
مخضعاً روحي للتجاربِ.
لكن بسببِ رحمتِك،
المنهمرةِ عليّ كالمطر،
بسبب رحمتكَ،
عندما أموتُ سأحيا مجدداً،
دعني أقولُ بتواضعٍ
شكراً لهذا اليوم.
أريدُ أن أشكركَ.